
مرحى.. (بعيل ظوفول)
مرحى أهل ظفار، مرحى أهل المروءات، مرحى أهل المواجيب، إن شهادتي فيكم مجروحة كما يُقال، ولكن لا بد أن تُقال. فعلى مدى أكثر من أربعين عامًا، وبعد أن نعمت عُماننا الحبيبة بنعمة الأمن والأمان، واكتشف الآخرون جنتها على الأرض.. ظفار، في موسم خريفها الاستثنائي وهبة الله عليها في كل عام، وتنامي أعداد زوارها عامًا بعد عام، حتى أصبحت ممن يُشدّ إليها الرحال كوجهة سياحية، وملء سمع وبصر العالم.
يطلّ علينا -للأسف الشديد- من يدّعي أنه محبّ لعُمان، ويُسفّه ويُقلّل من كل ما بُني وتراكم مع السنين من سمعة طيبة، لسياحة عائلية رزينة مرموقة، بتغريدات مرئية ومسموعة، وبدون أي حياء أو خجل، لينشرها على الملأ، متناسيًا كل ما بذله وقدمّه ولا يزال، من يُفترض أنهم إخوته من أبناء هذا الجزء الغالي العزيز من عُمان، للسياحة وسمعتها في عُمان عمومًا على مدى سنين. ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ أن يُعرض أبناؤها أنفسهم للمخاطر الكبيرة في سبيل انتشال غريق تجرّأ على السباحة في بحرها المزمجر خريفًا، أو للبحث الدؤوب والمتواصل -على شكل جماعات لأيام متواصلة وسط الوديان السحيقة والقمم العالية الخطرة ووسط الضباب الكثيف والأمطار- عن طفل أو مريض نفسي تاه، أو عن ضائع وسطها ليُعيدوه إلى أهله، وقِس على ذلك الكثير، ثم يُتَّهَمون بعد ذلك بخصال هم أبعد ما يكونون عنها.
مرحى (بعيل ظوفال)، لم تلِنْ لكم عزيمة في كرم ضيوفكم، وكنتم ولا زلتم تستبشرون بقدومهم، رغم مشاركتهم ومنافستهم لكم في كل مناحي حياتكم المتواضعة أصلًا، من طرق وخدمات صحية وغيرها من الخدمات، وحتى رغيف الخبز الذي قد تعذر عليكم الحصول عليه في كثير من المواسم السياحية السابقة.
مرحى، يا من أنزلتم ضيوفكم في مواسم عديدة سابقة في مجالس بيوتكم حتى يجدوا مكانًا يستأجرونه، إكرامًا لعجوز معهم في السيارة أو طفل، لعدم كفاية المعروض من الغرف الفندقية والشقق آنذاك. يا من لو أردنا أن نتحدث أكثر من ذلك عن مناقبكم في هذا الجانب، لضاقت بنا صفحة المقال.
لقد جندتم أنفسكم لتصيروا حتى مرشدين سياحيين أيام كانت المنطقة ومسالكها غريبة على الزائرين، في وقت لم يكن لـ(جوجل ماب وأخواتها) وجود، وبرغم شدة الازدحام في الموسم، ولم تكونوا مطالبين بذلك، إنما هي طبيعتكم وسليقتكم التي جُبلتم عليها، حتى مع ما كان يُكلّفكم ذلك من جهد ووقت ومال، وكل ذلك وأنتم مستبشرون بقدوم زواركم، ويشهد على ذلك كل من زاركم من الرعيل الأول من إخوتكم من الإمارات بالذات ودول الخليج الأخرى، الذين أحبوكم مثلما أحبوا طبيعتكم وخريفكم وحُسن استقبالكم (رحم الله من مات، وأطال في عمر من بقي منهم).
أصوات نشاز غريبة على أسماع العُمانيين الشرفاء تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وللأسف الشديد من عُمانيين، تمادى البعض منها في وصف غلاء الأسعار، وتمادى في وصف أبناء جزء عزيز غالٍ من وطنه بالطمع والجشع، وذلك على مرأى ومسمع العالم. إلا أن ذلك قُوبل -والحمد والمنّة لله- بردود فعل غاضبة من أصوات غرّدت من خارج الوطن تقول عكس ما يقولون، وعرّت ذلك من الصحة، وعرّتهم من المصداقية.
رغم أن هؤلاء -وإن كانوا عُمانيين للأسف- فهم لا يمثلون إلا أنفسهم، وهم أولى بالشفقة لا بردة الفعل. إلا أن ما دفعني مكرهًا للرد هو أن العالم أصبح اليوم قرية، مع سيل وتطور وسائل التواصل الاجتماعي. ونحن في عُمان، كانت مقولة "السياحة تُثري" شعارًا لنا، ونسعى لجعل السياحة أحد مصادر الدخل الرئيسية لبلادنا.
ثم إن المستفيدين من هذا الموسم هم شباب باحثون من كل جزء ورفعة من عُماننا الحبيبة، يشدّون الرحال إليها قبل الموسم، طلبًا للعمل والترزّق خلال مدة لا تتجاوز ذروتها 45 يومًا، وأصبحت مصدر رزق للكثير من الأفراد والمؤسسات.
لكل ذلك، ومنعًا لتغوّل مثل هؤلاء في المواسم القادمة، لا بد من سنّ قوانين تُجرّم الإساءة إلى سياحتنا في عُمان عمومًا في أي وسيلة تواصل اجتماعي، وذلك لردع ووقف طلاب الشهرة هؤلاء، ولو على حساب الوطن وأرزاق الناس وخطط التنمية في بلادنا، فلن يردعهم إلا ذلك -فمن أمن العقوبة أساء الأدب- وإلا سيسلك آخرون من نفس عينة أنفسهم الدنيئة هذا المسلك.
باب الشكاوى على أي تجاوز مفتوح لمن أراد التبليغ، ولا يحتاج ولا يتطلب الأمر التشهير. وما أكثر الجهات الرسمية المتخصصة في بلادنا، والحمد لله، لكل فرع منها. وحماية المستهلك قائمة بدورها على أكمل وجه، وتضاعف نشاطها في موسم الخريف، وتُقيم حتى مكاتب متنقلة في هذا الموسم، ومكتبهم المتنقل بــ "أتين" خير دليل، للتسهيل على الناس في الوصول إليها، وأرقامها معروفة، وهناك مكاتب لوزارة التجارة والسياحة وبلدية ظفار.
أما من أراد مجرد التشهير، فلا مكان له في عُماننا العزيزة، ولا بد من ردعه بقانون، ونتمنى أن نراه عاجلًا، فعُمان بلد مؤسسات وقانون.
وفقنا الله جميعًا في سبيل رفعة ورخاء وعزة هذا الوطن العزيز.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عمان اليومية
منذ 12 ساعات
- عمان اليومية
ختام برنامج الانضباط العسكري بمحافظة ظفار
ختام برنامج الانضباط العسكري بمحافظة ظفار إعداد كوادر وطنية فاعلة ومؤهلة لخدمة الوطن -المعشني: البرنامج يرسخ الهوية والمسؤولية ويعكس عزيمة الشباب العماني. اختتم اليوم برنامج الانضباط العسكري لعام ٢٠٢٥م بمحافظة ظفار، الذي أشرفت على تنفيذه وزارة الثقافة والرياضة والشباب وعدد من الأجهزة العسكرية والأمنية والمؤسسات الحكومية الأخرى ذات الصلة، وذلك تحت رعاية معالي الشيخ سالم بن مستهيل المعشني المستشار بديوان البلاط السلطاني. بدأ حفل الختام الذي أقيم بقاعدة صلالة الجوية بأداء التحية العسكرية لراعي المناسبة الذي فتّش الصف الأمامي من طابور المشاركين، ثم قدّم الخريجون عرضًا عسكريًّا بالمسير العادي بمصاحبة فرقة موسيقى سلاح الجو السلطاني العُماني، كما قدموا عددًا من الفقرات المتنوعة. عقب ذلك ردد الخريجون نشيد "فلتسلمي عُمان"، وأدّوا نداء التأييد، وهتفوا ثلاثًا بحياة حضرة صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق المعظم القائد الأعلى حفظه الله ورعاه، ثم تقدم قائد الطابور مستأذنًا راعي المناسبة بالانصراف. وبهذه المناسبة قال معالي الشيخ سالم بن مستهيل المعشني المستشار بديوان البلاط السلطاني: "سعدنا برعاية حفل تخريج الدفعة الثانية من دورة الانضباط العسكري العسكري لعام ٢٠٢٥م الذي تشرف عليه وزارة الثقافة والرياضة والشباب بالتعاون مع الأجهزة العسكرية والمؤسسات الحكومية، حيث تتجسد الشراكة والتكامل بين المؤسسات من خلال هذا البرنامج الوطني المهم. إن مشاهدة أبنائنا في هذا الحفل البهيج وهم يرتدون الزي العسكري ويستعرضون بعض المهارات التي اكتسبوها تؤكد نجاح هذا البرنامج ونجاح الأهداف التي سعت وزارة الثقافة والرياضة والشباب إلى تحقيقها في الهوية والانضباطية والمسؤولية،وهو بذلك يمثل تجربة شاملة تترك أثرًا في حياة المشاركين في هذا البرنامج، وتُسهم في إعداد كوادر وطنية فاعلة ومؤهلة لخدمة وطنهم في مختلف المجالات والميادين، ويمثل هذا الحفل تتويجا للطلبة المشاركين بعد شهر من البرامج التي تنوعت بين الجانب العسكري والرياضي والثقافي والتطوعي. وإننا نفخر بما شهدناه من استعرض عسكري يؤكد شموخ وعزيمة الشباب العماني .. متمنين لهولاء الخريجين التوفيق في حياتهم العلمية والعملية". هذا، وكان صاحب السمو السيد ذي يزن بن هيثم بن طارق آل سعيد وزير الثقافة والرياضة والشباب قد أطلق شارة البدء لبرنامج الانضباط العسكري في نسخته الثانية والتي بدأت فعالياته في الثالث عشر من يوليو الماضي، حيث اشتمل على عدد من المجالات التدريبية العسكرية وفق خطة تدريبية أعدها وأشرف عليها سلاح الجو السلطاني العُماني، شملت المشاة العسكرية، واللياقة البدنية، والإسعافات الأولية، والرماية، والمسابقات الرياضية، والزيارات الميدانية، والأعمال التطوعية، كما قدّم سلاح الجو السلطاني العُماني النقل الجوي للطلبة المشاركين، إلى جانب إسهام عددٌ من الجهات العسكرية والأمنية والمدنية في الجوانب التوعوية والتربويّة وبرنامج المحاضرات الشامل الذي غطى كافة المجالات التدريبية ذات العلاقة. حضر حفل الختام عدد من أصحاب السعادة، وعدد من كبار الضباط بقوات السلطان المسلحة والأجهزة العسكرية والأمنية الأخرى، وعدد من مسؤولي المؤسسات الحكومية الأخرى بمحافظة ظفار، وعدد من أولياء أمور الطلبة منتسبي برنامج الانضباط العسكري لعام ٢٠٢٥م.


جريدة الرؤية
منذ 14 ساعات
- جريدة الرؤية
القمم لا تُمنح.. بل تُنتزع
بلقيس الشريقية قبل أيام قرأت مقالا بديعا للدكتور محمد الخالدي، مدرب ومستشار في تطوير المهارات، بعنوان "عظمة القمم وثقل الوصول"، تناول فيه بحكمة عميقة كيف أن بلوغ القمم ليس هو التحدي الأعظم، بل الحفاظ على مكانك فيها، وسط رياح التقلبات ومزالق الغفلة. كان المقال أشبه بمرآة صادقة، عكست لي الكثير من التجارب التي مررت بها، لأدرك أن النجاح الحقيقي لا يقاس بلحظة الوصول، وإنما بالقدرة على الاستمرار، والثبات في وجه العواصف، والبقاء واقفا حين يتهاوى من حولك الكثير. فكم من شخص أخذه الحماس للصعود بسرعة، لكنه لم يمكث في البقاء هناك طويلًا لفقدانه السيطرة، وكم من آخر سعى لبناء نفسه بهدوء واتخذ خطوات تناسبه، ووصل متأخرًا، لكنه حين بلغ القمة، رسّخ جذوره فيها. لذلك القمم لا تحتمل المترددين والمتخاذلين، ولا تكافئ المتراخي، وهي ليست محطة استراحة، بل هي نقطة انطلاقة لبداية أفضل بمسؤوليات أعظم ومواقف تحتاج منك لبذل المزيد والتحلي بالصبر، والاتزان والثبات. إن النجاح -كما تعلّمت- لا يأتي دفعة واحدة؛ بل هو ثمرة لمجموعة قرارات صغيرة اتخذت لتُبنى على مدار أيام طويلة. وهو نتاج محاولات عدة، وساعات من التعب، ولحظات من الانكسار والتراجع، ثم الرجوع مجددًا بروح أقوى وأيضا يتطلب مثابرة والتزام بالمبدأ. فمن يعتقد أن وصوله للقمة يأتي بالتمني دون تعب فإنه لم يعرف حقيقة أن الدرب الذي يسلكه الناجحون لم يكون مفروشا بالورد، وإنما كان مليئا بالأشواك والعقبات. نعم، الوصول للقمة مجد، لكنه مجدٌ ثقيل. فكلّ خطوة فيها تعني ترك راحة، وتحمّل مسؤولية، وتجاوز فتنة من فتن الدنيا، سواء كانت فتنة شهرة، أو مال، أو غرور، أو حتى فتور داخلي ينتاب الشخص لا يراه أحد. لهذا، فإن الأصعب من الوصول هو البقاء والصمود، فمهمة الوصول تكون سهلة مقابل الحفاظ على المستوى. لأنك حين تصعد، تصبح العيون عليك، ويصبح الزلل أكثر خطرًا عليك. لذلك، من أراد العلياء، عليه أن يُعدّ نفسه نفسيًا وروحيًا وعقليًا. عليه أن يضبط بوصلته يوميًا، ويسأل نفسه باستمرار: لماذا أصعد؟ ولأجل من؟ ما الهدف وما الغاية من صعودي؟ وإلى أين أريد أن أصل؟ هذه الأسئلة ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة وجودية تحفظك من الضياع. وعلينا أن ندرك تماما أن النجاح الحقيقي لا يكمن إلا بتقوى الله والعمل الحسن والإخلاص في السعي. فلا جدوى من منصب عالٍ دون أخلاق، ولا قيمة للمنصب إذا لم يكن فيه نفعا للناس، والقيمة الحقيقية أن تصعد بروح تمتلك النقاء، وتبقى بضمير حي. ختاما، أقول لنفسي أولا ولكل من يسعى ويجاهد نفسه: لا تتعلق بالقمة كمكان، بل تعلّق بها كرحلة تعلمك الصبر، والصدق، والنية الخالصة. وأن تكون على يقين أن الله لا يُضيع سعيًا ما دمت فيه صادقًا، ولا جهدًا نقيًا، ولو تأخّر ظهوره للناس. فلتكن قممنا أخلاقًا، وثباتًا، ونفعًا، لا فقط أرقامًا وإنجازات ظاهرية نسعى لها لتكون هباء. ولنمضِ بثقة، ولنبقَ بوعي، ولنعلم أن القمة هي ليست النهاية، بل هي البداية الحقيقية للمسار.


جريدة الرؤية
منذ 2 أيام
- جريدة الرؤية
مرحى.. (بعيل ظوفول)
خالد بن سعد الشنفري مرحى أهل ظفار، مرحى أهل المروءات، مرحى أهل المواجيب، إن شهادتي فيكم مجروحة كما يُقال، ولكن لا بد أن تُقال. فعلى مدى أكثر من أربعين عامًا، وبعد أن نعمت عُماننا الحبيبة بنعمة الأمن والأمان، واكتشف الآخرون جنتها على الأرض.. ظفار، في موسم خريفها الاستثنائي وهبة الله عليها في كل عام، وتنامي أعداد زوارها عامًا بعد عام، حتى أصبحت ممن يُشدّ إليها الرحال كوجهة سياحية، وملء سمع وبصر العالم. يطلّ علينا -للأسف الشديد- من يدّعي أنه محبّ لعُمان، ويُسفّه ويُقلّل من كل ما بُني وتراكم مع السنين من سمعة طيبة، لسياحة عائلية رزينة مرموقة، بتغريدات مرئية ومسموعة، وبدون أي حياء أو خجل، لينشرها على الملأ، متناسيًا كل ما بذله وقدمّه ولا يزال، من يُفترض أنهم إخوته من أبناء هذا الجزء الغالي العزيز من عُمان، للسياحة وسمعتها في عُمان عمومًا على مدى سنين. ومنها على سبيل المثال لا الحصر؛ أن يُعرض أبناؤها أنفسهم للمخاطر الكبيرة في سبيل انتشال غريق تجرّأ على السباحة في بحرها المزمجر خريفًا، أو للبحث الدؤوب والمتواصل -على شكل جماعات لأيام متواصلة وسط الوديان السحيقة والقمم العالية الخطرة ووسط الضباب الكثيف والأمطار- عن طفل أو مريض نفسي تاه، أو عن ضائع وسطها ليُعيدوه إلى أهله، وقِس على ذلك الكثير، ثم يُتَّهَمون بعد ذلك بخصال هم أبعد ما يكونون عنها. مرحى (بعيل ظوفال)، لم تلِنْ لكم عزيمة في كرم ضيوفكم، وكنتم ولا زلتم تستبشرون بقدومهم، رغم مشاركتهم ومنافستهم لكم في كل مناحي حياتكم المتواضعة أصلًا، من طرق وخدمات صحية وغيرها من الخدمات، وحتى رغيف الخبز الذي قد تعذر عليكم الحصول عليه في كثير من المواسم السياحية السابقة. مرحى، يا من أنزلتم ضيوفكم في مواسم عديدة سابقة في مجالس بيوتكم حتى يجدوا مكانًا يستأجرونه، إكرامًا لعجوز معهم في السيارة أو طفل، لعدم كفاية المعروض من الغرف الفندقية والشقق آنذاك. يا من لو أردنا أن نتحدث أكثر من ذلك عن مناقبكم في هذا الجانب، لضاقت بنا صفحة المقال. لقد جندتم أنفسكم لتصيروا حتى مرشدين سياحيين أيام كانت المنطقة ومسالكها غريبة على الزائرين، في وقت لم يكن لـ(جوجل ماب وأخواتها) وجود، وبرغم شدة الازدحام في الموسم، ولم تكونوا مطالبين بذلك، إنما هي طبيعتكم وسليقتكم التي جُبلتم عليها، حتى مع ما كان يُكلّفكم ذلك من جهد ووقت ومال، وكل ذلك وأنتم مستبشرون بقدوم زواركم، ويشهد على ذلك كل من زاركم من الرعيل الأول من إخوتكم من الإمارات بالذات ودول الخليج الأخرى، الذين أحبوكم مثلما أحبوا طبيعتكم وخريفكم وحُسن استقبالكم (رحم الله من مات، وأطال في عمر من بقي منهم). أصوات نشاز غريبة على أسماع العُمانيين الشرفاء تنتشر في وسائل التواصل الاجتماعي، وللأسف الشديد من عُمانيين، تمادى البعض منها في وصف غلاء الأسعار، وتمادى في وصف أبناء جزء عزيز غالٍ من وطنه بالطمع والجشع، وذلك على مرأى ومسمع العالم. إلا أن ذلك قُوبل -والحمد والمنّة لله- بردود فعل غاضبة من أصوات غرّدت من خارج الوطن تقول عكس ما يقولون، وعرّت ذلك من الصحة، وعرّتهم من المصداقية. رغم أن هؤلاء -وإن كانوا عُمانيين للأسف- فهم لا يمثلون إلا أنفسهم، وهم أولى بالشفقة لا بردة الفعل. إلا أن ما دفعني مكرهًا للرد هو أن العالم أصبح اليوم قرية، مع سيل وتطور وسائل التواصل الاجتماعي. ونحن في عُمان، كانت مقولة "السياحة تُثري" شعارًا لنا، ونسعى لجعل السياحة أحد مصادر الدخل الرئيسية لبلادنا. ثم إن المستفيدين من هذا الموسم هم شباب باحثون من كل جزء ورفعة من عُماننا الحبيبة، يشدّون الرحال إليها قبل الموسم، طلبًا للعمل والترزّق خلال مدة لا تتجاوز ذروتها 45 يومًا، وأصبحت مصدر رزق للكثير من الأفراد والمؤسسات. لكل ذلك، ومنعًا لتغوّل مثل هؤلاء في المواسم القادمة، لا بد من سنّ قوانين تُجرّم الإساءة إلى سياحتنا في عُمان عمومًا في أي وسيلة تواصل اجتماعي، وذلك لردع ووقف طلاب الشهرة هؤلاء، ولو على حساب الوطن وأرزاق الناس وخطط التنمية في بلادنا، فلن يردعهم إلا ذلك -فمن أمن العقوبة أساء الأدب- وإلا سيسلك آخرون من نفس عينة أنفسهم الدنيئة هذا المسلك. باب الشكاوى على أي تجاوز مفتوح لمن أراد التبليغ، ولا يحتاج ولا يتطلب الأمر التشهير. وما أكثر الجهات الرسمية المتخصصة في بلادنا، والحمد لله، لكل فرع منها. وحماية المستهلك قائمة بدورها على أكمل وجه، وتضاعف نشاطها في موسم الخريف، وتُقيم حتى مكاتب متنقلة في هذا الموسم، ومكتبهم المتنقل بــ "أتين" خير دليل، للتسهيل على الناس في الوصول إليها، وأرقامها معروفة، وهناك مكاتب لوزارة التجارة والسياحة وبلدية ظفار. أما من أراد مجرد التشهير، فلا مكان له في عُماننا العزيزة، ولا بد من ردعه بقانون، ونتمنى أن نراه عاجلًا، فعُمان بلد مؤسسات وقانون. وفقنا الله جميعًا في سبيل رفعة ورخاء وعزة هذا الوطن العزيز.