
جريمة صامتة بحق المواطن اللبناني... والحرق أسهل الطرق
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب
اكتسبت أزمة النفايات في لبنان اهتماما عالميا في عام 2015، حين غرقت شوارع بيروت بالقمامة، لكن سوء معالجة لبنان لنفاياته، بما في ذلك حرقها في المكبات، يعود إلى عقود مضت. ومع بلوغ مرحلة اليأس من الحلول المستدامة، انتقلت البلدات إلى الحلول السريعة، حيث تنتشر حرائق النفايات في كل مكان.
ففي بلدة بكفتين – الكورة علت أصوات سكان المنطقة، التي اختنقت بسبب الدخان السام والروائح المنبعثة من مكب، في أحد سهول الزيتون في القرية، والذي يتم حرق النفيات فيه يوميا دون حسيب أو رقيب، حيث وصلت شكوى المواطنين إلى "جمعية الأرض لبنان" شكوى أهالي المنطقة.
وقد أكد مؤسس ورئيس "جمعية الأرض- لبنان" والمنسق والمدرب في مجال التربية البيئية بول أبي راشد لـ "الديار"، "ان حرق النفايات هو اسواء ما يحدث، وبحسب الدراسات فإن الانبعاثات الناتجة من حرق البلاستك خصوصا، تنبعث مادة تسمى الديوكسين، وهي مادة تؤدي إلى العقم عند الإنسان ، وهي واحدة من المواد التي تبعث نتيجة الحرق غضافة، إلى مواد أخرى تؤدي الى امراض مختلف كالسرطان والحساسية وغيرها من الأمراض". وأضاف إلى "ان الحرق المنظم مضر بالصحة، فمابلك بالحرق العشوائي"، ودعا الدولة اللبنانية الى التعامل مع الذين يقومون بحرق النفايات كالمجرم، فهو يقتل الناس بطريقة جماعية وغير مباشرة".
الجدير بالذكر أن "جمعية الأرض لبنان"، هي جمعية تسعى مع الجهات المختصة للعمل من أجل بيئة أفضل، و التوعية على تحسين سلوك الإنسان تجاه بيئته لحماية الموارد الطبيعية، ونشر مبادىء التنمية المستدامة للمحافظة على المواقع الأثرية وإحياء التراث.
إن تلوث الهواء لا يعرف الحدود ولا يتركز في مكان واحد، بل ينتشر مع الرياح ودرجات الحرارة والرطوبة، فقد تلحق المواد الخطرة المنبعثة في الهواء خلال حرق النفايات في الحيز العام، وبدون التصريح والشروط المتشددة الضرر على الإنسان، بما فيه الأمراض المزمنة والتعرض لأمراض السرطان. فحرق النفايات في المكب الذي أنشئ بشكل عشوائي في بلدة بكفتين، تصل انبعاثات دخانه السام إلى ضهر العين، حارة الخالصة، كفرحورا، كفرزينا، وغيرها من قرى قضائي الكورة وزغرتا، وتخنق سكان هذه المناطق بصمت.
تعتبر أزمة النفايات متجذرة في لبنان، ففي التسعينات نظمت الحكومة تجميع النفايات والتخلص منها في بيروت وجبل لبنان، بينما تركت باقي البلديات تتدبر أمورها بدون مراقبة أو دعم مادي أو خبرات تقنية، فكثرت المكبات المكشوفة، وازداد الحرق في الهواء الطلق عبر البلاد، وبحسب باحثين في "الجامعة الأميركية في بيروت"، ان 77 % من النفايات إما ترمى في مكبات مكشوفة أو تطمَر، مع أنهم يقدرون أن 10 إلى 12 % فقط من نفايات لبنان لا يمكن إعادة تدويرها أو تحويلها إلى سماد عضوي.
"هيومن رايتس ووتش" وجدت في تقرير نشرته في 2017 أن حرق النفايات في أكثر من 150 مكبا في الهواء الطلق ، يعرض صحة السكان الذين يقطنون قريبا من المكبات للخطر، حيث ينطوي أسلوب الحرق على مخاطر عديدة، من أهمها تلويث الهواء بنواتج حرق خامات متعددة، قد يكون منها المواد البلاستيكية؛ مما ينشر غازات وأبخرة سامة في الجو، كما أنه ينتج من حريق النفايات سائل سام ملوث للبيئة، فضلاً عن إهدار القيمة الاقتصادية لعناصر ومكونات صالحة لإعادة الاستخدام داخل القمامة.
وبحسب المديرية العامة للدفاع المدني، ان حرق النفايات بات يشكل ما نسبته 12 % من مجموع الحرائق، التي تعمل فرق الإطفاء على معالجتها بصورة يومية، وتوضح "تترافق هذه الحرائق مع ارتفاع كبير بالمكبات العشوائية، التي أنشأتها البلديات لرمي النفايات من دون معالجة"، وترجح المديرية أن أكثرية الحرائق التي تقع في مكبات النفايات متعمدة، لأن عملية الاختمار تحتاج إلى مدة طويلة، وأحياناً سنوات لتصبح عرضة للاشتعال.
ينظر خبراء البيئة والصحة بقلق كبير لما يحدث في لبنان، لأن آثار حرق النفايات طويلة الأجل، ولا يمكن التعافي منها بسهولة.
ويؤكد الخبير البيئي ناجي قديح خطورة حرق النفايات، بسبب تداعياته الصحية والبيئية، فهي وسيلة تلجأ إليها عادةً البلدان المتخلفة، لافتاً إلى أن "الغاية من حرق النفايات تخفيف الحجم والكمية المراد التخلص منها، إذ يعتبر "ان الذين يقدمون على حرقها أنها وسيلة ملائمة ومقبولة، في وقت يرتكبون فيه خطأ كبيراً، أكلافه مرتفعة بيئياً وعلى الصحة العامة"، مضيفاً " إن حرق النفايات بطريقة غير تقنية تلقائياً وفي الهواء الطلق، ليس ملائماً من الناحيتين التقنية أو البيئية، إذ لن يكون كافياً لتحقيق التفكيك الكامل والآمن للمواد المكوّنة منها النفايات".
يضيف قديح " تترافق عملية الحرق مع انبعاث عدد كبير من الغازات الضارة، بما فيها غازات عالية السمية تؤدي إلى تلويث خطر للهواء، وبالتالي تهدد الصحة العامة للمواطنين". واشار الى "ان العديد من هذه الملوثات والمواد السامة تسبّب أمراضاً خطرة ومزمنة ومستعصية وسرطانية"، موضحاً أن "الملوثات التي تنتشر في الهواء ستعاود النزول إلى الأرض من جديد بعد فترةٍ زمنية، ما سيؤدي إلى تلوث التربة والمنتجات الزراعية والمياه السطحية، وإن كانت المواد قادرة على الثبات، أي عدم التفكك بسهولة. وبالتالي العيش فترة طويلة في البيئة وتحمل الشمس والبرد وما إلى ذلك، تكون عالية السمية، وقادرة على تلويث أكثر من وسط بيئي والانتقال من وسط إلى آخر، أي من الهواء إلى التربة والمنتجات الزراعية والمياه وتسرب للمياه الجوفية بشكلٍ خطرٍ".
يذكر أن لبنان دولة عضو في "المعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية،" ما يتطلب منه اتخاذ خطوات لتحقيق حق الانسان في التمتع بأعلى مستوى من الصحة الجسمية والعقلية.
وحرق النفايات ينتهك قوانين حماية البيئة اللبنانية بموجب المادة 24 من القانون رقم 444/2002. وتنص الأخيرة على أن "على كل شخص طبيعي أو معنوي، عام أو خاص، في معرض ممارسة نشاطه أن يلتزم بعدم انبعاث أو تسرب ملوثات الهواء بما فيها الروائح المزعجة أو الضارة"، ويرصد القانون عقوبات للمخالفين وبعد إنذار المخالف من قبل السلطات المحلية، يكون لوزارة البيئة أن تتخذ كل التدابير القانونية الهادفة الى وقف النشاط الملوث للبيئة ، ويحظر القانون 64/1988 حول النفايات السامة والملوثات الضارة إنتاج النفايات السامة من دون التخلص السليم منها، ويرصد عقوبات تتراوح من الغرامات الى السجن بين 3 أشهر و3 سنوات.
مرت عقود من الزمن على أزمة النفايات في لبنان، ولم تنجح الحكومات المتعاقبة في وضع المشكلة على سكة الحل، بسبب الفساد والمناكفات السياسية، ولكن ما يثير الاستغراب والقلق معا التكيف مع مشهد حرائق النفايات. فإلى متى ستبقى هذه المجتمعات رهينة المكبات غير القانونية والحرق العشوائي؟ وأين هي خطط الإدارة اللامركزيّة المستدامة للنفايات التي نص عليها القانون اللبناني؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


MTV
منذ 3 ساعات
- MTV
22 May 2025 12:02 PM اختبار طبي يكشف مفاجأة بشأن العمر البيولوجي لرونالدو
أظهر فحص طبي خضع له النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو، قائد نادي النصر السعودي لكرة القدم، مفاجأة كبيرة بشأن عمره البيولوجي. وجاءت نتيجة الفحص الطبي الذي يقدّر العمر البيولوجي حسب الحالة الصحية لجسم الإنسان من الداخل بالإضافة إلى لياقته البدنية ويعتمد على أسلوب حياة الشخص، مفاجأة فقد أظهرت أن رونالدو أصغر من عمره الحقيقي الحالي بـ11 عاما تقريبا، وفق صحيفة "ريكورد" البرتغالية. ونشرت الصحيفة تفاصيل الفحص الذي خضع له كريستيانو باستخدام أداة "ووب - WHOOP" وهو تطبيق صحي رياضي ذكي يراقب جسم الإنسان بدقة على مدار الساعة باستخدام سوار ذكي. وقاس الجهاز المذكور مؤشرات حيوية مختلفة لرونالدو مثل معدل ضربات القلب، وجودة النوم، والتعافي البدني بعد الجهد المبذول، فكانت النتائج مذهلة للغاية لدرجة أنها فاجأت اللاعب نفسه. وقال رونالدو في مقابلة نشرت عبر حساب "WHOOP" على "يوتيوب": "لا أصدق أنني بهذه الحالة، عمري البيولوجي 28 عاما و9 أشهر". وأضاف مازحا: "هذا يعني أنني سألعب كرة القدم 10 سنوات أخرى".


IM Lebanon
منذ 9 ساعات
- IM Lebanon
هل دخل لبنان عصر الإدمان الرقمي؟
كتب شربل صفير في 'نداء الوطن:' في وطن يُصنَّف من بين أعلى الدول من حيث نسب الاكتئاب والانهيار النفسي في المنطقة، تتكشّف كارثة جديدة، غير مرئية، لا تحتاج إلى مروّجين أو زواريب مظلمة، بل إلى هاتف ذكي وسماعات أذن فقط: «المخدرات الرقمية».ظاهرة رقمية – نفسية تتسلّل بهدوء إلى أذهان الشباب اللبناني، خصوصاً طلاب المدارس والجامعات، بعيداً من أعين الأهل، ومن دون أي تدخل رسمي أو تربوي أو إعلامي جاد. ما هي المخدرات الرقمية؟ خدعة «التركيز» أم بوابة اللاعودة؟ تُعرف علمياً باسم الذبذبات الثنائية (Binaural Beats)، وهي مقاطع صوتية تُبث بترددين مختلفين لكل أذن، ما يُحدث تفاعلًا في الدماغ يُنتج موجة ثالثة قد تُغيّر الحالة العصبية والنفسية للمستمع. هذه المقاطع تُسوَّق على الإنترنت – وخصوصاً عبر منصات مثل يوتيوب وتيك توك – بأنها بدائل رقمية لمخدرات كالكوكايين، LSD، الحشيش، والإكستازي. «رحلة ذهنية آمنة» هكذا تُقدَّم، لكن الواقع مختلف تماماً. في بعض الدول الأوروبية والخليجية، أُثيرت هذه الظاهرة في أروقة وزارات الصحة والتعليم، فيما لا يزال لبنان غائباً تماماً، وكأن شيئاً لا يحدث. الانتشار في المدارس كشف تحقيق ميداني عن تنامي استخدام هذه الملفات بين طلاب المدارس والثانويات، تحديداً في بيروت وضواحيها، البقاع، والجنوب. لا يتحدث عنها التلامذة علناً، لكنها متداولة بكثافة في مجموعات واتساب وتيليغرام على أنها «تجربة ممنوعة تستحق المحاولة»، وفي هذا السياق، يقول أحد الأساتذة (فضّل عدم الكشف عن هويته) لـ «نداء الوطن»: «فوجئت بطالبَين في الحمام المدرسي يضعان سماعات ويستمعان إلى أصوات غريبة… تبيّن لاحقاً أنها ملفات مخدرات رقمية تُستخدم لتغيير الحالة الذهنية. لم أكن أعلم أصلاً بوجودها».الأخطر أن هذه الملفات تُقدَّم للمراهقين بمصطلحات خادعة مثل: «موسيقى تركيز» أو «علاج توتّر»، في حين أن بعض حسابات تيك توك العربية تسوّقها بعبارات صارخة: «اضغط تشغيل… وسافر لعالم آخر»،»الانتشاء بضغطة زر… بلا مخاطر». ماذا يقول العلم؟ دراسة حديثة أُجريت في جامعة كيرتن الأسترالية عام 2023، شملت أكثر من 3000 شاب بين 15 و25 عاماً، أظهرت أن 12 % منهم استخدموا المخدرات الرقمية لتغيير حالتهم الذهنية، وليس للترفيه فقط. نتائج الدراسة كشفت عن أعراض مقلقة: الإحساس بالانفصال عن الواقع،نوبات دوخة، ارتعاش في الأطراف، شعور بالانتشاء أو ما يُعرف بـ'الهاي الرقمي'. في لبنان، لا توجد حتى اللحظة أي دراسة محلية أو مسح ميداني، لا من وزارة الصحة، ولا من أي جهة أكاديمية أو تربوية. إنها منطقة رمادية يسير فيها الجيل الجديد بلا بوصلة، ولا تحذير، ولا وقاية.الإدمان السلوكي: الخطر الخفيّ الذي لا يُرصد بعكس المخدرات التقليدية، لا تترك هذه الملفات أثراً جسدياً مباشراً. لا روائح، لا احمرار في العينين، ولا آثار يمكن للأهل أو المعلمين ملاحظتها بسهولة لكن الأعراض النفسية تتراكم اضطرابات نوم حادّة، قلق مزمن، نوبات اكتئاب،تشتّت تركيز دراسي وسلوكي، نوبات «ديجافو» وانفصال عن الواقع . والمقلق أكثر، أن بعض الحالات التي راجعت عيادات نفسية في بيروت، وُجِدت تعاني أعراضاً تُشبه الذهان، وبعد التعمّق في تفاصيلها، تبيّن أنها مدمنة على الذبذبات الثنائية. أين الدولة اللبنانية؟ لا أثر لأي مبادرة من وزارة التربية، لا ورش توعية، لا نشرات للطلاب أو الأهل. وزارة الصحة؟ غائبة تماماً، وكأن العقل اللبناني محصّن ضد التلوث الرقمي. أما الإعلام المحلي، فيبدو منشغلًا بـ»الترندات» السطحية والمناكفات السياسية، تاركاً جيلاً كاملاً يتخبط في تجارب عصبية خطيرة، من دون أدنى تغطية معمّقة أو تحذير. ما لا نراه… هو الأخطر الخطر الحقيقي ليس في الأصوات التي يسمعها أبناؤنا، بل في صمتنا المدوّي كمجتمع تجاه هذه الظاهرة الزاحفة. صمت المدرسة، وصمت الأهل، وصمت الإعلام، وصمت الدولة. إذا لم تُطلق حملات توعية وطنية شاملة، وإذا لم يتُم إدخال هذه القضية إلى البرامج التعليمية والصحية، فنحن أمام جيل يُخدّر رقمياً، بلا صوت، بلا صرخة، وبلا علاج. الجيل المقبل قد لا يسقط في الإدمان الكلاسيكي… بل في إدمان رقمي لا تُرى آثاره، حتى يفوت الأوان.


ليبانون 24
منذ 10 ساعات
- ليبانون 24
مفاجأة كبيرة... إليكم عمر رونالدو البيولوجي (فيديو)
أظهر فحص طبي خضع له النجم البرتغالي كريستيانو رونالدو قائد نادي النصر السعودي لكرة القدم ، مفاجأة كبيرة بشأن عمره البيولوجي. وجاءت نتيجة الفحص الطبي الذي يقدر العمر البيولوجي حسب الحالة الصحية لجسم الإنسان من الداخل بالإضافة إلى لياقته البدنية ويعتمد على أسلوب حياة الشخص، مفاجأة فقد أظهرت أن رونالدو أصغر من عمره الحقيقي الحالي بـ11 عاما تقريبا، بحسب صحيفة "ريكورد" البرتغالية. ونشرت الصحيفة تفاصيل الفحص الذي خضع له كريستيانو "صاروخ ماديرا" باستخدام أداة "ووب - WHOOP" وهو تطبيق صحي رياضي ذكي يراقب جسم الإنسان بدقة على مدار الساعة باستخدام سوار ذكي. وقاس الجهاز المذكور مؤشرات حيوية مختلفة لرونالدو مثل معدل ضربات القلب، وجودة النوم، والتعافي البدني بعد الجهد المبذول، فكانت النتائج مذهلة للغاية لدرجة أنها فاجأت اللاعب نفسه. وقال رونالدو في مقابلة نشرت عبر حساب "WHOOP" على منصة " يوتيوب": "لا أصدق أنني بهذه الحالة، عمري البيولوجي 28 عاما و9 أشهر!". وأضاف النجم البرتغالي المخضرم مازحا: "هذا يعني أنني سألعب كرة القدم 10 سنوات أخرى".