logo
حرب الأجيال الهجينة بين عض الأصابع والمواجهة التماثلية

حرب الأجيال الهجينة بين عض الأصابع والمواجهة التماثلية

الخبرمنذ 5 ساعات

تشهد المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني تطورا لافتا يجسد تحولا في طبيعة الصراعات الحديثة، حيث تتداخل فيها استراتيجيات "عض الأصابع" مع الحرب التماثلية والهجينة، ما يخلق معادلة أمنية معقدة تختلف عن الحروب التقليدية، فضلا عن توظيف حرب المعلومات.
تعد هذه الحرب انعكاسا لفائض القوة الذي يعيشه الكيان بعد طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، حيث أضحى الكيان يعتقد أن لديه فائض قوة يجعله يستطيع الذهاب بعيدا في اعتداءاته ومنطقه التوسعي دون رادع، لاسيما أنه يحظى بدعم غربي وغطاء أمريكي، وسط ترتيبات لإعادة هندسة ورسم خارطة المنطقة بما يتواءم ومشروع الشرق الأوسط الجديد بصيغته الجديدة.
وهنالك إدراك بأن ما يجري ليس مجرد ضربات عسكرية أو حرب محدودة، وإنما حرب وجودية شاملة هدفها الاستراتيجي إسقاط النظام الإيراني كحد أعلى وكسره وإضعافه كحدّ أدنى للإذعان والقبول بالهيمنة الأمريكية والصهيونية على المنطقة. نجاح الكيان في تدمير القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، وكذلك اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وتوجيه ضربات مركّزة في الداخل الإيراني أدت إلى اغتيال إسماعيل هنية وعدد من العلماء في مجال الطاقة النووية، التوغلات الصهيونية المتكررة في الداخل السوري وتدمير كامل مقدّرات الجيش السوري بعد سقوط النظام في دمشق، واحتلال مناطق بسوريا، تلك الأسباب وغيرها جعلت نتنياهو يشعر بأن الطريق أمامه ممهدة لتحقيق حلمه في تسيّد الشرق الأوسط الجديد الذي سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى رسم خرائطه بالقوة.
تمثل هذه الاستراتيجية النهج الصهيوني المفضل في التعامل مع التهديدات الإيرانية، حيث تعتمد على ضربات محدودة ومتقطعة، وفق مبدأ "الصدمة والترويع" الذي يهدف إلى إضعاف الخصم دون الدخول في مواجهة شاملة، مع استهداف منظومة القيادة والسيطرة وتجنب التكاليف السياسية والعسكرية الباهظة والتركيز على الاغتيالات والعمليات السرية وخلق انكشاف أمني عبر الاختراقات وشبكات داخلية وتوظيف عناصر معارضة، وقد ظهر ذلك جليا في اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين والهجمات السيبرانية على المنشآت النووية وتخريب المنشآت الصناعية الحساسة. إلا أن امتصاص إيران الضربة الأولى وإعادة التنظيم الداخلي وإحداث توازن في الردع حول المواجهة إلى نمط أو نموذج الحرب التماثلية والمواجهة المباشرة، فمع تصاعد التصعيد شهدنا تحولا نحو الحرب التماثلية التي تتميز باستخدام الأسلحة التقليدية بشكل مباشر واستهداف البنى التحتية العسكرية والحيوية والاعتماد على الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة.
وكرس ذلك مواجهة مفتوحة بين جيشين نظاميين على عكس مواجهات الكيان السابقة بنمط الحروب اللامتوازية وتجلى ذلك في الضربات الصاروخية المتبادلة واستهداف المنشآت النووية والعسكرية والتهديدات المباشرة بين القيادتين.
وتمثل المواجهة الحالية بين إيران والكيان نموذجا مثاليا للحرب الهجينة، من خلال الدمج بين الوسائل العسكرية والسياسية والاقتصادية والحرب السيبرانية كأداة استراتيجية والحرب النفسية والإعلامية المكثفة.
ويتجلى ذلك في الهجمات الإلكترونية المتبادلة وحرب الإعلام والدعاية، فيما تبرز استراتيجية "عض الأصابع" لتجنب المواجهة الشاملة من قبل الكيان، التي تعتمد على التفوق التكنولوجي والأمني مع استخدام الحرب الهجينة عبر الضربات السيبرانية والاغتيالات، فيما تلجأ إيران إلى الحرب التماثلية لفرض الردع، بعد أن كانت تعتمد على الحرب الهجينة عبر حلفائها الإقليميين وتستخدم الصواريخ الباليستية كأداة ضغط رئيسية، علما أن هذه هي أول حرب مباشرة تخوضها إيران على أراضيها منذ أكثر من ثلاثين عاما، وهي حرب غير تقليدية على المستويات الجيوسياسة والعسكرية والاستخباراتية كافة.
وتتجه الحرب إلى إعادة تعريف مفاهيم الردع في المنطقة وتغيير موازين القوى الإقليمية واختبار نماذج الحرب الحديثة.
طهران تضرب عمق الكيان الحساس
وفي تصعيد نوعي للحرب الدائرة، نفذت إيران سلسلة ضربات دقيقة استهدفت مراكز حيوية في العمق الصهيوني، بما في ذلك البنية التحتية التكنولوجية والعسكرية، في تطور يعكس تحولا استراتيجيا في طبيعة المواجهة.
وقد ركزت الضربات الإيرانية على منطقة "CyberSpark" في بئر السبع، التي تضم مجمع "Gav-Yam 4" المتخصص في الأمن السيبراني ومنشأة أمنية بيولوجية مجاورة لمستشفى سوروكا وحديقة "غاف يام نيجيف" التكنولوجية. وقد استخدمت إيران في هذه الضربات صواريخ باليستية مزودة برؤوس حربية تزن أكثر من 300 كيلوغرام، ما تسبب في أضرار جسيمة بالمنشآت المستهدفة.
وشملت الهجمات الإيرانية في اليوم الثامن من الحرب 23 صاروخا أطلقت في الموجة الأخيرة، استهداف مناطق حيوية في حيفا وغوش دان والقدس وإصابة مجمع الوزارات الحكومية في القدس، مع وقوع إصابات في عدة مناطق.
وتمثل الضربات الإيرانية تحولا نوعيا في المواجهة، من خلال استهداف البنية التحتية التكنولوجية والعسكرية وضرب مراكز الأبحاث والمنشآت الحيوية وإرسال رسالة واضحة عن القدرة على الوصول إلى أهداف حساسة.
وقد أعلن الحرس الثوري الإيراني أن الموجة 17 من "الوعد الصادق 3" شملت قصفا مركبا بالصواريخ بعيدة المدى، بينما تتزايد الضغوط الدولية لاحتواء التصعيد، فيما تشير التقارير إلى أن إيران تحتفظ بقدرات صاروخية كبيرة (2000-3000 صاروخ)، والقدرة الإنتاجية تصل إلى 10 صواريخ يوميا، في وقت يمثل استهداف البنية التحتية التكنولوجية ضربة للقدرات الدفاعية الصهيونية. ويطرح التصعيد الحالي عدة سيناريوهات مع احتمال توسع نطاق المواجهة أو تدخل دولي لاحتواء الأزمة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

حرب الأجيال الهجينة بين عض الأصابع والمواجهة التماثلية
حرب الأجيال الهجينة بين عض الأصابع والمواجهة التماثلية

الخبر

timeمنذ 5 ساعات

  • الخبر

حرب الأجيال الهجينة بين عض الأصابع والمواجهة التماثلية

تشهد المواجهة بين إيران والكيان الصهيوني تطورا لافتا يجسد تحولا في طبيعة الصراعات الحديثة، حيث تتداخل فيها استراتيجيات "عض الأصابع" مع الحرب التماثلية والهجينة، ما يخلق معادلة أمنية معقدة تختلف عن الحروب التقليدية، فضلا عن توظيف حرب المعلومات. تعد هذه الحرب انعكاسا لفائض القوة الذي يعيشه الكيان بعد طوفان الأقصى في أكتوبر 2023، حيث أضحى الكيان يعتقد أن لديه فائض قوة يجعله يستطيع الذهاب بعيدا في اعتداءاته ومنطقه التوسعي دون رادع، لاسيما أنه يحظى بدعم غربي وغطاء أمريكي، وسط ترتيبات لإعادة هندسة ورسم خارطة المنطقة بما يتواءم ومشروع الشرق الأوسط الجديد بصيغته الجديدة. وهنالك إدراك بأن ما يجري ليس مجرد ضربات عسكرية أو حرب محدودة، وإنما حرب وجودية شاملة هدفها الاستراتيجي إسقاط النظام الإيراني كحد أعلى وكسره وإضعافه كحدّ أدنى للإذعان والقبول بالهيمنة الأمريكية والصهيونية على المنطقة. نجاح الكيان في تدمير القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي ووزير خارجيته حسين أمير عبد اللهيان، وكذلك اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وتوجيه ضربات مركّزة في الداخل الإيراني أدت إلى اغتيال إسماعيل هنية وعدد من العلماء في مجال الطاقة النووية، التوغلات الصهيونية المتكررة في الداخل السوري وتدمير كامل مقدّرات الجيش السوري بعد سقوط النظام في دمشق، واحتلال مناطق بسوريا، تلك الأسباب وغيرها جعلت نتنياهو يشعر بأن الطريق أمامه ممهدة لتحقيق حلمه في تسيّد الشرق الأوسط الجديد الذي سعت الإدارات الأمريكية المتعاقبة إلى رسم خرائطه بالقوة. تمثل هذه الاستراتيجية النهج الصهيوني المفضل في التعامل مع التهديدات الإيرانية، حيث تعتمد على ضربات محدودة ومتقطعة، وفق مبدأ "الصدمة والترويع" الذي يهدف إلى إضعاف الخصم دون الدخول في مواجهة شاملة، مع استهداف منظومة القيادة والسيطرة وتجنب التكاليف السياسية والعسكرية الباهظة والتركيز على الاغتيالات والعمليات السرية وخلق انكشاف أمني عبر الاختراقات وشبكات داخلية وتوظيف عناصر معارضة، وقد ظهر ذلك جليا في اغتيال العلماء النوويين الإيرانيين والهجمات السيبرانية على المنشآت النووية وتخريب المنشآت الصناعية الحساسة. إلا أن امتصاص إيران الضربة الأولى وإعادة التنظيم الداخلي وإحداث توازن في الردع حول المواجهة إلى نمط أو نموذج الحرب التماثلية والمواجهة المباشرة، فمع تصاعد التصعيد شهدنا تحولا نحو الحرب التماثلية التي تتميز باستخدام الأسلحة التقليدية بشكل مباشر واستهداف البنى التحتية العسكرية والحيوية والاعتماد على الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة. وكرس ذلك مواجهة مفتوحة بين جيشين نظاميين على عكس مواجهات الكيان السابقة بنمط الحروب اللامتوازية وتجلى ذلك في الضربات الصاروخية المتبادلة واستهداف المنشآت النووية والعسكرية والتهديدات المباشرة بين القيادتين. وتمثل المواجهة الحالية بين إيران والكيان نموذجا مثاليا للحرب الهجينة، من خلال الدمج بين الوسائل العسكرية والسياسية والاقتصادية والحرب السيبرانية كأداة استراتيجية والحرب النفسية والإعلامية المكثفة. ويتجلى ذلك في الهجمات الإلكترونية المتبادلة وحرب الإعلام والدعاية، فيما تبرز استراتيجية "عض الأصابع" لتجنب المواجهة الشاملة من قبل الكيان، التي تعتمد على التفوق التكنولوجي والأمني مع استخدام الحرب الهجينة عبر الضربات السيبرانية والاغتيالات، فيما تلجأ إيران إلى الحرب التماثلية لفرض الردع، بعد أن كانت تعتمد على الحرب الهجينة عبر حلفائها الإقليميين وتستخدم الصواريخ الباليستية كأداة ضغط رئيسية، علما أن هذه هي أول حرب مباشرة تخوضها إيران على أراضيها منذ أكثر من ثلاثين عاما، وهي حرب غير تقليدية على المستويات الجيوسياسة والعسكرية والاستخباراتية كافة. وتتجه الحرب إلى إعادة تعريف مفاهيم الردع في المنطقة وتغيير موازين القوى الإقليمية واختبار نماذج الحرب الحديثة. طهران تضرب عمق الكيان الحساس وفي تصعيد نوعي للحرب الدائرة، نفذت إيران سلسلة ضربات دقيقة استهدفت مراكز حيوية في العمق الصهيوني، بما في ذلك البنية التحتية التكنولوجية والعسكرية، في تطور يعكس تحولا استراتيجيا في طبيعة المواجهة. وقد ركزت الضربات الإيرانية على منطقة "CyberSpark" في بئر السبع، التي تضم مجمع "Gav-Yam 4" المتخصص في الأمن السيبراني ومنشأة أمنية بيولوجية مجاورة لمستشفى سوروكا وحديقة "غاف يام نيجيف" التكنولوجية. وقد استخدمت إيران في هذه الضربات صواريخ باليستية مزودة برؤوس حربية تزن أكثر من 300 كيلوغرام، ما تسبب في أضرار جسيمة بالمنشآت المستهدفة. وشملت الهجمات الإيرانية في اليوم الثامن من الحرب 23 صاروخا أطلقت في الموجة الأخيرة، استهداف مناطق حيوية في حيفا وغوش دان والقدس وإصابة مجمع الوزارات الحكومية في القدس، مع وقوع إصابات في عدة مناطق. وتمثل الضربات الإيرانية تحولا نوعيا في المواجهة، من خلال استهداف البنية التحتية التكنولوجية والعسكرية وضرب مراكز الأبحاث والمنشآت الحيوية وإرسال رسالة واضحة عن القدرة على الوصول إلى أهداف حساسة. وقد أعلن الحرس الثوري الإيراني أن الموجة 17 من "الوعد الصادق 3" شملت قصفا مركبا بالصواريخ بعيدة المدى، بينما تتزايد الضغوط الدولية لاحتواء التصعيد، فيما تشير التقارير إلى أن إيران تحتفظ بقدرات صاروخية كبيرة (2000-3000 صاروخ)، والقدرة الإنتاجية تصل إلى 10 صواريخ يوميا، في وقت يمثل استهداف البنية التحتية التكنولوجية ضربة للقدرات الدفاعية الصهيونية. ويطرح التصعيد الحالي عدة سيناريوهات مع احتمال توسع نطاق المواجهة أو تدخل دولي لاحتواء الأزمة.

التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات
التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات

جزايرس

timeمنذ 3 أيام

  • جزايرس

التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات

سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص. مراصدإعداد: جمال بوزيانما يزال طوفان الأقصى كاشفا..التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات تَرصُدُ أخبار اليوم مَقالات فِي مختلف المَجالاتِ وتَنشُرها تَكريمًا لِأصحابِها وبِهدفِ مُتابَعةِ النُّقَّادِ لها وقراءتِها بِأدواتِهم ولاطِّلاعِ القرَّاءِ الكِرامِ علَى ما تَجودُ به العقولُ مِن فِكر ذِي مُتعة ومَنفعة ... وما يُنْشَرُ علَى مَسؤوليَّةِ الأساتذةِ والنُّقَّادِ والكُتَّابِ وضُيوفِ أيِّ حِوار واستكتاب وذَوِي المَقالاتِ والإبداعاتِ الأدبيَّةِ مِن حيثُ المِلكيَّةِ والرَّأيِ./////بلا مواربةأ.د.هاشم غرايبةعلى مستوى أمتنا وبعد مرور عشرين شهرا على معركة طوفان الأقصى المجيدة باتت الأمور مكشوفة فمن كان قلبه عليها وغاية مراده انتصارها واستعادتها مجدها الغابر ارتفعت روحه المعنوية لشحنة الأمل الهائلة التي زودته بها حركة المقاومة الإسلامية لتثبت أن الإيمان الصادق يصنع المعجزات فيعوض التباين الهائل في القدرات العسكرية والتقنية.أما من كان في قلوبهم مرض فقد تلقوا ضربة قاسية فسكتوا بداية فلم يجرؤوا على إظهار مشاعرهم الحقيقية بل تظاهروا بتأييد المقاومين مع محاولة إنكار البعد الإسلامي الذي صنع هذه البسالة مؤملين أنفسهم أن يتم القضاء عليهم سريعا لكنهم مع مرور الأيام ومع فشل العدوان على شراسته بدت خيبة أملهم فلم يتمكنوا من كتمان ما تكنه صدورهم من حقد على متبعي منهج الله فبدت ألسنتهم تكشف ما في نفوسهم من البغضاء.هذه الفئة التي كانت تمثل معسكر المنافقين التاريخي كانت متخفية وراء شعارات زاهية فظل تمييزها عن المخلصين الحقيقيين للأمة صعبا على الكثيرين كونها تدعي أنها وباتخاذها منهجا بديلا لمنهج الله فإنها بذلك تسعى لمصلحة الأمة وتهدف لتحقيق تقدمها بمنهج حداثي أكثر نفعا وجدوى.لكنها بعد هذه المعركة الفاصلة بات من السهل تحديدها بل أصبح تمييز مكونات هذا المعسكر واضحا بيّنا.الفئة الأولى الأهم هي أنظمة سايكس-بيكو الحاكمة ورهطها وأدواتها الترويجية من مشايخ طاعة ولي الأمر وهؤلاء هم الأسطع وضوحا منذ تأسيسها قبل قرن إذ أنها ملتزمة على الدوام بإملاءات من أوجدها المستدمر الغربي والتي مهما حاولت الادعاء بأن قراراتها استجابة للمصلحة الوطنية والقومية فإنها كانت تفشل في اقناع المواطنين بأنها نابعة من قناعاتها وليست مفروضة عليها من أولى أمرها.لقد كان لعملية طوفان الأقصى وقوعا مزلزلا على هذه الفئة وربما لا تقل هولا عن الصدمة التي تلقاها المعسكر الصهيو- صليبي فقد أسقطت كل مقولاتهم عن عدم قدرة الأمة على مواجهة العدو وأنه لا مناص أمامها غير الإذعان لشروطه وتقبل هيمنته ب التطبيع كما دحضت كل حججهم للبطش بالإسلاميين بادعاء أنهم يتاجرون بالدين.أما الفئة الأخرى من المنافقين فهم خليط متنوع من المسيسين الذين يتبعون منهجا فكريا منافسا للمعارضين الإسلاميين وكانت حجتهم أن الإسلاميين عملاء ل الغرب فكانت عملية طوفان الأقصى ورد الغرب العنيف عليها قاصمة لادعائهم ذاك وكاشفة للسبب الحقيقي لعدائهم لهم وهو أنهم لافتقارهم للشعبية في مجتمع يعادون منهجه الإسلامي فهم يعتقدون أن فرصهم ستتعزز بالقضاء على جماعة الإخوان المسلمين أو بقمعهم على الأقل لذلك فهم يفرحون بكل ما يصب في ذلك الاتجاه ويكرهون أن ينسب فضل الى أي فئة تنتهج الإسلام.يضاف لهؤلاء المسيسين فئة غير مسيسة من الذين يستطيبون القعود ولا يحبون بذل الجهد ولا الجهاد لذلك يكرهون أن يقوم نظام سياسي يتبع منهج الله ويطبق الإسلام.ومعهم فئة أخرى من المواطنين غير المسلمين فهؤلاء لا يريدون أن تقوم للإسلام دولة حسدا من عند أنفسهم أو تخوفا منهم أنها ستغمطهم حقوقهم.لوجاهة ما سبق ذكره يلزم الوعي لأساليبهم الخبيثة التي تصب بلا شك في القضاء على الروح الجهادية التي أحيتها عملية طوفان الأقصى وإشاعة الانهزامية في الأمة وتقبلها التطبيع مع العدو وبث الإحباط في نفوس المقاومين وقاعدتهم الشعبية الحاضنة في القطاع لكسر شوكتهم والقضاء على فكرة المقاومة.في هذه الحالة يحسن بنا الاستنارة بالتجربة الأفغانية. كثيرون منا انساقوا وراء الإعلام الغربي المضلل وأذنابه بيننا فتكونت لديهم فكرة مزورة وهي أن حركة طالبان الأفغانية تتكون من أفراد متشددين جاهلين رافضين للعلم والتحضر ويمنعون تعلم الفتيات.والحقيقة عكس ذلك تماما فالحركة الأفغانية أُسِّستْ أصلا بين طلاب الجامعات وليس بين الأميين كما يزعم معادو الاسلام لذلك فقياداتهم يحملون الشهادات العلمية وليست تخصصاتهم مقتصرة على العلوم الدينية بل على العلوم التقنية والتطبيقية أيضا.بعد احتلال بلادهم حاول الغرب تحويلها الى العلمانية على يد عملائهم من الأنظمة العميلة ففشلوا بسبب صمود المقاومة الإسلامية طالبان وبعد زمن يئس المستدمر وانسحب فزال الزبد وهرب أذنابه المحليون في ساعة واحدة وتسلم المقاومون السلطة بلا قتال وبدؤوا في العمل لنهضة بلادهم.الخلاصة أنه لا يحيي العزائم غير الإيمان ولا يتحقق الصمود إلا بالتلاحم بين القاعدة الشعبية والمقاومة./////فقه التعامل مع قانون الأسباب والمسببات أ.د.غازي عنايةإنّ التعامل مع قانون الأسباب والمسبّبات ينسجمُ مع مِعياريْ الحياتين الدُّنيا والآخرة. وتُحشرُ النفس البشريَّةَ في زاوية حادة مُصطلحها: إنَّ التمايزَ بين الأفرادِ حصريًا يكمنُ في توحيد العبودية لله وليسَ بالمالِ أو الدنيا فقط. فالسعادةُ الدُّنيويةُ لا تكمنُ في ملك المال فقط فقد أعطاهُ الله للمؤمن والكافر مثل: سليمان وذو القرنين من المسلمين. والنمرود وقارون من الكافرين. فصاحبُ المال يستطيعُ أن يشتري جامعةً ولكنَّهُ لا يستطيع أن يشتريَ أستاذًا. وقد يشتري مستشفىً ولكنَّهُ لا يستطيع أن يشتري صحةً. وقد يشتري صاحبُ المال فنًا ولكنه لا يستطيع أن يشتري حُبًا. وقد يستطيع أن يشتري كُتبًا عديدة ولكنه لا يستطيع أن يشتري ثقافةً. وقد يستمتع بضوء القمر ولكنَّهُ لا يستطيع أن يقتنيَهُ. وقد يشتري ماءً ولكنّه لا يستطيع أن يشتري سحابًا. فالمال دينامو الحياة الدُّنيا ويتحكمُ في حركة الحياة ولكنَّهُ ليس هو الحياةُ بحدِّ ذاتها. فالحركةُ ولود باستعمالِ المال والسكينةُ عاقِر بعدم استعمالهِ. وبعبارة أخرى: فالعبرةُ تكمنُ في الأفعال وليس في القول أو الانفعالات كما يدّعي بعض أولاد الذوات. قال تعالى: ((يَٰٓأَيُّهَا 0لَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ 0للَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (3) )). سورة الصف الآيتان 2 – 3. ومن الحكمة القول: إن جزالة وبلاغة اللغة العربية قد تجعلُ الأشياءَ تنطق أحياناً وهي صَوامِتْ وما كلُّ ما صمتَ يَنْطِقْ. وما كلُّ صمت في هذه الحياةِ مذموم. فَصمتُكَ وقت فوزك ثقة. وصمتُك وقت غضبك قوة. وصمتُك وقت عملك إبداع. وصمتُك وقت سُخريتهم تَرَفّع. وصمتُك وقت نصيحة النّاس لك أدب. وصمتُك وقت حزنك صبرٌ واحتساب. وصمتك في صلاتك خشوع.نقولها بكلِّ ثقة: إنَّ الصّمتَ في معرضِ الجمالِ جمال. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ العدالةِ عدالة. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الكِبرياءِ كِبرياء. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الهوانِ هَوان. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الحاجةِ إلى بيان بيان. إنَّ التفاعل بين الفقهِ وبين قانون الأسباب والمسبّبات لا يتعارضُ مع مِعياري الدُّنيا والآخرة. وكِلا المِعياران يُسندانِ بعضهما. ولكن يجبُ أنْ نُذكّر أنّ الله في سُننهِ الحياتية الكونية لم يجعل من الدُّنيا مُشبِعةً كافيةً ومهما أوتيْت من مباهِجها. فالإنسانُ خُلِق في كَبَدْ. ويُحاولُ طيلة حياتهِ الظَّفر بسعادتها ولم يُفلح وفَشِلَ وما يزال ألا وهيَ الرّاحةُ النّفسية. فالمجتمعات غير الإيمانية التوحيدية حللّت كل ما هو حرام وحرمت كل ما هو حلال لِتَسْعدَ في حياتها الدُّنيا ومع ذلك لم تَسْعَدُ. وقد حللّوا جميع المأكولات والمشروبات والمُنكرات بما فيها الخِنزير والضفادع والحلزونات والخفافيش والأفاعي والحشرات والكحول والخمور بأنواعها والمخدرات وأحلّوا الانتحار والقتل الرحيم للنفس والجنس المحرّم والمِثلية وغيرها وحللوا أكل الضفادع والحلزونات والخفافيش والتي سببت لهم الكوارث الصحية كوباء كوفيد 19 وغيرها. ومع ذلك فشلوا ولم يَسْعدوا لأنهم أهملوا الجانب الإيماني التوحيدي الأخروي. ولم يفطنوا إلى أنَّهُ بذكر الله تتطمئن القلوب.إنَّ مِنَ الحماقةِ والغَباء أن يتمنّى الإنسانُ شيْئًا دونَ تعاطي السّبب للحصولِ عليه. وهذا سواء للدُّنيا او الآخرة. فمن الغباءِ أنْ يتمطّى ربُّ الأسرةِ أمام وبيْنَ زوجتهِ وأولادهِ ويتعاطى سُموم النيكوتين مُتمنيًا أن يأتيه الرِّزقُ بدون تعاطي الأسباب وهو يعلم أنَّ السّماءَ لا تمطرُ ذهبًا ولا فِضّة. وقد وصفَ الأديب المِصري مصطفى صادق الرافعي مثل هذا بالغريق الأحمق قائلاً: ((ويحهُ من غريق أحمق يرى الشاطئَ على بُعد منهُ فيمكثُ في اللّجةِ مُرتقبًا أنْ يسبحَ الشاطئُ إليه... ويَثبتُ الشاطئُ ويَدعَ الأحْمَقَ تذوبُ ملحةُ روحهِ في الماء!)).إنَ الإنسانَ مرهونٌ في حياتهِ الدُّنيويةِ والأخرويةِ بتفعيل قانون الأسباب والمُسبّبات. وقد قال التّابعي الجليل خالد بن معدان: ((ما من عبد إلا ولهُ أربعُ أعين: عيْنان في وجههِ يُبصرُ بِهما أمر الدُّنيا وعيْنان في قلبهِ يُبصرُ بِهما أمرَ الآخرة. وإذا أراد الله بعبد غير ذلك تركهُ على ما هوَ عليه ثم قرأ أم على قلوب أقفالها)). سورة محمد الآية 24.وقد أنكرَ التّابعي الجليل عبد الله بن المُبارك على المُسلمِ – وإنِّ ادّعى الإيمان – إغفالهُ عن تعاطي أسباب الرَّفاهيةِ في الدُّنيا: كالرِّزق والصِّحة والحركة.. وكذلك مُنْكِر أسباب الدّعاء لضمان العفو الرَّباني ودخول الجنّة. وبمثل هؤلاء العلماء الأجلاّء يجب أن نقتدي بهم وبعلومهم وصلاحهم وأخلاقهم..فقد كانوا شديدي الخوف والرَّقابة لله تعالى بحيثُ يمكننا القول: إنَّ مثل هذا الخوفْ كان السّكة الرئيسة التي تكوّنت بها أخلاقهم وسارت عليها بحيثُ لم يشهدِ التّاريخُ مِثلَهُم قط../////تجربتي مع مقاطعة المواد الصهيونيةسلاف العنقاء إن مقاطعة البضائع الصهيونية علمتني العديد من الدروس وغيرت في نفسي الكثير.. المقاطعة جعلتني أشعر بالحيرة وتلك الحيرة لذيذة.. المقاطعة جعلتني أفكر كثيرا.. أكسبتني مشقة البحث عن البدائل وكل هذا يولد في نفسي شعور الجهاد نعم المقاطعة جهاد مصغر يطوع النفس ويروضها..!.المقاطعة جعلتني أتحرر.. وأتنفس جيدا.. حرية لم أشعر بها من قبل.. نحطم بها شيئا من هذا الحصار الاستهلاكي الغربي الذي فرضناه على أنفسنا لسنوات..!. المقاطعة تجعلك تشعر بالغربة وأنت ترى الكثيرين ممن حولك لا يمارسونها بل ربما لا يأخذونها على محمل الجد أصلا.. وهذا يجعلك تؤمن بجهادك أكثر ويؤجج روح العزم في داخلك..!. إضافة لكل هذا جعلتني المقاطعة أكتشف بدائل أخرى أفضل وألطف..!. المقاطعة جعلتني أدرك أن الحياة لا تتوقف على شيء.. ولا عند فرد.. ها قد قاطعت الكثير والكثير من المنتجات لسنتين أو أكثر وما أزال أتنفس وأعيش.. وربما أفضل من ذي قبل. أؤمن بقول الله جل وعلا: إن الله لا يضيع أجر المحسنين و ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب و والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا . رغم أني لا أراني مقاطعة بنسبة مئة بالمئة وما يزال مشوار المقاطعة طويلا وشاقا إلا أنه لا يمكنني إلا أن أقول في النهاية: المقاطعة ليست تفضلا منا وإنما هي قطرة ماء في بحر الجهاد.. أتمنى أن يسقينا الله بها زلالا يوم العطش الأكبر..!.

التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة  لا تكسره المؤامرات
التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة  لا تكسره المؤامرات

أخبار اليوم الجزائرية

timeمنذ 3 أيام

  • أخبار اليوم الجزائرية

التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات

مراصد إعداد: جمال بوزيان ما يزال طوفان الأقصى كاشفا.. التلاحم بين الشعب الفلسطيني و المقاومة الباسلة لا تكسره المؤامرات تَرصُدُ أخبار اليوم مَقالات فِي مختلف المَجالاتِ وتَنشُرها تَكريمًا لِأصحابِها وبِهدفِ مُتابَعةِ النُّقَّادِ لها وقراءتِها بِأدواتِهم ولاطِّلاعِ القرَّاءِ الكِرامِ علَى ما تَجودُ به العقولُ مِن فِكر ذِي مُتعة ومَنفعة ... وما يُنْشَرُ علَى مَسؤوليَّةِ الأساتذةِ والنُّقَّادِ والكُتَّابِ وضُيوفِ أيِّ حِوار واستكتاب وذَوِي المَقالاتِ والإبداعاتِ الأدبيَّةِ مِن حيثُ المِلكيَّةِ والرَّأيِ. ///// بلا مواربة أ.د.هاشم غرايبة على مستوى أمتنا وبعد مرور عشرين شهرا على معركة طوفان الأقصى المجيدة باتت الأمور مكشوفة فمن كان قلبه عليها وغاية مراده انتصارها واستعادتها مجدها الغابر ارتفعت روحه المعنوية لشحنة الأمل الهائلة التي زودته بها حركة المقاومة الإسلامية لتثبت أن الإيمان الصادق يصنع المعجزات فيعوض التباين الهائل في القدرات العسكرية والتقنية. أما من كان في قلوبهم مرض فقد تلقوا ضربة قاسية فسكتوا بداية فلم يجرؤوا على إظهار مشاعرهم الحقيقية بل تظاهروا بتأييد المقاومين مع محاولة إنكار البعد الإسلامي الذي صنع هذه البسالة مؤملين أنفسهم أن يتم القضاء عليهم سريعا لكنهم مع مرور الأيام ومع فشل العدوان على شراسته بدت خيبة أملهم فلم يتمكنوا من كتمان ما تكنه صدورهم من حقد على متبعي منهج الله فبدت ألسنتهم تكشف ما في نفوسهم من البغضاء. هذه الفئة التي كانت تمثل معسكر المنافقين التاريخي كانت متخفية وراء شعارات زاهية فظل تمييزها عن المخلصين الحقيقيين للأمة صعبا على الكثيرين كونها تدعي أنها وباتخاذها منهجا بديلا لمنهج الله فإنها بذلك تسعى لمصلحة الأمة وتهدف لتحقيق تقدمها بمنهج حداثي أكثر نفعا وجدوى. لكنها بعد هذه المعركة الفاصلة بات من السهل تحديدها بل أصبح تمييز مكونات هذا المعسكر واضحا بيّنا. الفئة الأولى الأهم هي أنظمة سايكس-بيكو الحاكمة ورهطها وأدواتها الترويجية من مشايخ طاعة ولي الأمر وهؤلاء هم الأسطع وضوحا منذ تأسيسها قبل قرن إذ أنها ملتزمة على الدوام بإملاءات من أوجدها المستدمر الغربي والتي مهما حاولت الادعاء بأن قراراتها استجابة للمصلحة الوطنية والقومية فإنها كانت تفشل في اقناع المواطنين بأنها نابعة من قناعاتها وليست مفروضة عليها من أولى أمرها. لقد كان لعملية طوفان الأقصى وقوعا مزلزلا على هذه الفئة وربما لا تقل هولا عن الصدمة التي تلقاها المعسكر الصهيو- صليبي فقد أسقطت كل مقولاتهم عن عدم قدرة الأمة على مواجهة العدو وأنه لا مناص أمامها غير الإذعان لشروطه وتقبل هيمنته بـ التطبيع كما دحضت كل حججهم للبطش بالإسلاميين بادعاء أنهم يتاجرون بالدين. أما الفئة الأخرى من المنافقين فهم خليط متنوع من المسيسين الذين يتبعون منهجا فكريا منافسا للمعارضين الإسلاميين وكانت حجتهم أن الإسلاميين عملاء لـ الغرب فكانت عملية طوفان الأقصى ورد الغرب العنيف عليها قاصمة لادعائهم ذاك وكاشفة للسبب الحقيقي لعدائهم لهم وهو أنهم لافتقارهم للشعبية في مجتمع يعادون منهجه الإسلامي فهم يعتقدون أن فرصهم ستتعزز بالقضاء على جماعة الإخوان المسلمين أو بقمعهم على الأقل لذلك فهم يفرحون بكل ما يصب في ذلك الاتجاه ويكرهون أن ينسب فضل الى أي فئة تنتهج الإسلام. يضاف لهؤلاء المسيسين فئة غير مسيسة من الذين يستطيبون القعود ولا يحبون بذل الجهد ولا الجهاد لذلك يكرهون أن يقوم نظام سياسي يتبع منهج الله ويطبق الإسلام. ومعهم فئة أخرى من المواطنين غير المسلمين فهؤلاء لا يريدون أن تقوم للإسلام دولة حسدا من عند أنفسهم أو تخوفا منهم أنها ستغمطهم حقوقهم. لوجاهة ما سبق ذكره يلزم الوعي لأساليبهم الخبيثة التي تصب بلا شك في القضاء على الروح الجهادية التي أحيتها عملية طوفان الأقصى وإشاعة الانهزامية في الأمة وتقبلها التطبيع مع العدو وبث الإحباط في نفوس المقاومين وقاعدتهم الشعبية الحاضنة في القطاع لكسر شوكتهم والقضاء على فكرة المقاومة. في هذه الحالة يحسن بنا الاستنارة بالتجربة الأفغانية. كثيرون منا انساقوا وراء الإعلام الغربي المضلل وأذنابه بيننا فتكونت لديهم فكرة مزورة وهي أن حركة طالبان الأفغانية تتكون من أفراد متشددين جاهلين رافضين للعلم والتحضر ويمنعون تعلم الفتيات. والحقيقة عكس ذلك تماما فالحركة الأفغانية أُسِّستْ أصلا بين طلاب الجامعات وليس بين الأميين كما يزعم معادو الاسلام لذلك فقياداتهم يحملون الشهادات العلمية وليست تخصصاتهم مقتصرة على العلوم الدينية بل على العلوم التقنية والتطبيقية أيضا. بعد احتلال بلادهم حاول الغرب تحويلها الى العلمانية على يد عملائهم من الأنظمة العميلة ففشلوا بسبب صمود المقاومة الإسلامية طالبان وبعد زمن يئس المستدمر وانسحب فزال الزبد وهرب أذنابه المحليون في ساعة واحدة وتسلم المقاومون السلطة بلا قتال وبدؤوا في العمل لنهضة بلادهم. الخلاصة أنه لا يحيي العزائم غير الإيمان ولا يتحقق الصمود إلا بالتلاحم بين القاعدة الشعبية والمقاومة. ///// فقه التعامل مع قانون الأسباب والمسببات أ.د.غازي عناية إنّ التعامل مع قانون الأسباب والمسبّبات ينسجمُ مع مِعياريْ الحياتين الدُّنيا والآخرة. وتُحشرُ النفس البشريَّةَ في زاوية حادة مُصطلحها: إنَّ التمايزَ بين الأفرادِ حصريًا يكمنُ في توحيد العبودية لله وليسَ بالمالِ أو الدنيا فقط. فالسعادةُ الدُّنيويةُ لا تكمنُ في ملك المال فقط فقد أعطاهُ الله للمؤمن والكافر مثل: سليمان وذو القرنين من المسلمين. والنمرود وقارون من الكافرين. فصاحبُ المال يستطيعُ أن يشتري جامعةً ولكنَّهُ لا يستطيع أن يشتريَ أستاذًا. وقد يشتري مستشفىً ولكنَّهُ لا يستطيع أن يشتري صحةً. وقد يشتري صاحبُ المال فنًا ولكنه لا يستطيع أن يشتري حُبًا. وقد يستطيع أن يشتري كُتبًا عديدة ولكنه لا يستطيع أن يشتري ثقافةً. وقد يستمتع بضوء القمر ولكنَّهُ لا يستطيع أن يقتنيَهُ. وقد يشتري ماءً ولكنّه لا يستطيع أن يشتري سحابًا. فالمال دينامو الحياة الدُّنيا ويتحكمُ في حركة الحياة ولكنَّهُ ليس هو الحياةُ بحدِّ ذاتها. فالحركةُ ولود باستعمالِ المال والسكينةُ عاقِر بعدم استعمالهِ. وبعبارة أخرى: فالعبرةُ تكمنُ في الأفعال وليس في القول أو الانفعالات كما يدّعي بعض أولاد الذوات. قال تعالى: ((يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (2) كَبُرَ مَقۡتًا عِندَ ٱللَّهِ أَن تَقُولُواْ مَا لَا تَفۡعَلُونَ (3) )). سورة الصف الآيتان 2 – 3. ومن الحكمة القول: إن جزالة وبلاغة اللغة العربية قد تجعلُ الأشياءَ تنطق أحياناً وهي صَوامِتْ وما كلُّ ما صمتَ يَنْطِقْ. وما كلُّ صمت في هذه الحياةِ مذموم. فَصمتُكَ وقت فوزك ثقة. وصمتُك وقت غضبك قوة. وصمتُك وقت عملك إبداع. وصمتُك وقت سُخريتهم تَرَفّع. وصمتُك وقت نصيحة النّاس لك أدب. وصمتُك وقت حزنك صبرٌ واحتساب. وصمتك في صلاتك خشوع. نقولها بكلِّ ثقة: إنَّ الصّمتَ في معرضِ الجمالِ جمال. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ العدالةِ عدالة. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الكِبرياءِ كِبرياء. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الهوانِ هَوان. وإنَّ الصّمتَ في معرضِ الحاجةِ إلى بيان بيان. إنَّ التفاعل بين الفقهِ وبين قانون الأسباب والمسبّبات لا يتعارضُ مع مِعياري الدُّنيا والآخرة. وكِلا المِعياران يُسندانِ بعضهما. ولكن يجبُ أنْ نُذكّر أنّ الله في سُننهِ الحياتية الكونية لم يجعل من الدُّنيا مُشبِعةً كافيةً ومهما أوتيْت من مباهِجها. فالإنسانُ خُلِق في كَبَدْ. ويُحاولُ طيلة حياتهِ الظَّفر بسعادتها ولم يُفلح وفَشِلَ وما يزال ألا وهيَ الرّاحةُ النّفسية. فالمجتمعات غير الإيمانية التوحيدية حللّت كل ما هو حرام وحرمت كل ما هو حلال لِتَسْعدَ في حياتها الدُّنيا ومع ذلك لم تَسْعَدُ. وقد حللّوا جميع المأكولات والمشروبات والمُنكرات بما فيها الخِنزير والضفادع والحلزونات والخفافيش والأفاعي والحشرات والكحول والخمور بأنواعها والمخدرات وأحلّوا الانتحار والقتل الرحيم للنفس والجنس المحرّم والمِثلية وغيرها وحللوا أكل الضفادع والحلزونات والخفافيش والتي سببت لهم الكوارث الصحية كوباء كوفيد 19 وغيرها. ومع ذلك فشلوا ولم يَسْعدوا لأنهم أهملوا الجانب الإيماني التوحيدي الأخروي. ولم يفطنوا إلى أنَّهُ بذكر الله تتطمئن القلوب. إنَّ مِنَ الحماقةِ والغَباء أن يتمنّى الإنسانُ شيْئًا دونَ تعاطي السّبب للحصولِ عليه. وهذا سواء للدُّنيا او الآخرة. فمن الغباءِ أنْ يتمطّى ربُّ الأسرةِ أمام وبيْنَ زوجتهِ وأولادهِ ويتعاطى سُموم النيكوتين مُتمنيًا أن يأتيه الرِّزقُ بدون تعاطي الأسباب وهو يعلم أنَّ السّماءَ لا تمطرُ ذهبًا ولا فِضّة. وقد وصفَ الأديب المِصري مصطفى صادق الرافعي مثل هذا بالغريق الأحمق قائلاً: ((ويحهُ من غريق أحمق يرى الشاطئَ على بُعد منهُ فيمكثُ في اللّجةِ مُرتقبًا أنْ يسبحَ الشاطئُ إليه... ويَثبتُ الشاطئُ ويَدعَ الأحْمَقَ تذوبُ ملحةُ روحهِ في الماء!)). إنَ الإنسانَ مرهونٌ في حياتهِ الدُّنيويةِ والأخرويةِ بتفعيل قانون الأسباب والمُسبّبات. وقد قال التّابعي الجليل خالد بن معدان: ((ما من عبد إلا ولهُ أربعُ أعين: عيْنان في وجههِ يُبصرُ بِهما أمر الدُّنيا وعيْنان في قلبهِ يُبصرُ بِهما أمرَ الآخرة. وإذا أراد الله بعبد غير ذلك تركهُ على ما هوَ عليه ثم قرأ أم على قلوب أقفالها)). سورة محمد الآية 24. وقد أنكرَ التّابعي الجليل عبد الله بن المُبارك على المُسلمِ – وإنِّ ادّعى الإيمان – إغفالهُ عن تعاطي أسباب الرَّفاهيةِ في الدُّنيا: كالرِّزق والصِّحة والحركة.. وكذلك مُنْكِر أسباب الدّعاء لضمان العفو الرَّباني ودخول الجنّة. وبمثل هؤلاء العلماء الأجلاّء يجب أن نقتدي بهم وبعلومهم وصلاحهم وأخلاقهم.. فقد كانوا شديدي الخوف والرَّقابة لله تعالى بحيثُ يمكننا القول: إنَّ مثل هذا الخوفْ كان السّكة الرئيسة التي تكوّنت بها أخلاقهم وسارت عليها بحيثُ لم يشهدِ التّاريخُ مِثلَهُم قط.. ///// تجربتي مع مقاطعة المواد الصهيونية سلاف العنقاء إن مقاطعة البضائع الصهيونية علمتني العديد من الدروس وغيرت في نفسي الكثير.. المقاطعة جعلتني أشعر بالحيرة وتلك الحيرة لذيذة.. المقاطعة جعلتني أفكر كثيرا.. أكسبتني مشقة البحث عن البدائل وكل هذا يولد في نفسي شعور الجهاد نعم المقاطعة جهاد مصغر يطوع النفس ويروضها..!. المقاطعة جعلتني أتحرر.. وأتنفس جيدا.. حرية لم أشعر بها من قبل.. نحطم بها شيئا من هذا الحصار الاستهلاكي الغربي الذي فرضناه على أنفسنا لسنوات..!. المقاطعة تجعلك تشعر بالغربة وأنت ترى الكثيرين ممن حولك لا يمارسونها بل ربما لا يأخذونها على محمل الجد أصلا.. وهذا يجعلك تؤمن بجهادك أكثر ويؤجج روح العزم في داخلك..!. إضافة لكل هذا جعلتني المقاطعة أكتشف بدائل أخرى أفضل وألطف..!. المقاطعة جعلتني أدرك أن الحياة لا تتوقف على شيء.. ولا عند فرد.. ها قد قاطعت الكثير والكثير من المنتجات لسنتين أو أكثر وما أزال أتنفس وأعيش.. وربما أفضل من ذي قبل. أؤمن بقول الله جل وعلا: إن الله لا يضيع أجر المحسنين و ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب و والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا . رغم أني لا أراني مقاطعة بنسبة مئة بالمئة وما يزال مشوار المقاطعة طويلا وشاقا إلا أنه لا يمكنني إلا أن أقول في النهاية: المقاطعة ليست تفضلا منا وإنما هي قطرة ماء في بحر الجهاد.. أتمنى أن يسقينا الله بها زلالا يوم العطش الأكبر..!. ///// حقوق النشر © 2024 أخبار اليوم الجزائرية . ة

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store