
عائشة حسن: كل خيط صيد أحمله يشدني إلى هويّتي
بابتسامة يملؤها الرضا، وملامح حفر فيها الزمن ملامح الحكمة، جلست الإماراتية عائشة حسن على ضفاف البحر تمارس هوايتها الأثيرة: الحداق. لم يكن الخيط الذي تمسك به وسيلة لصيد الأسماك فحسب، بل كان خيطاً يربطها بجذور الماضي، وبذكريات والدها الذي علمها أول دروس الصبر والاتزان وفنون التعامل مع الموج والريح وهي لا تزال في الثامنة من عمرها. عبر سنوات من الشغف المتجدد، عادت عائشة إلى البحر بعد انشغالها بتربية الأبناء، لتصبح اليوم صوتاً يحمل رسالة توعوية وثقافية بأهمية الحفاظ على التراث البحري. في هذا الحوار مع «زهرة الخليج»، تنقل إلينا «أم أحمد» قصة عشقها الأصيل مع البحر، والخيط و«الميدار»، وتنقل رسالة توعوية وثقافية عن أهمية الحفاظ على التراث البحري.
عائشة حسن: كل خيط صيد أحمله يشدني إلى هويّتي
حدثينا عن علاقتك بوالدك، وكيف بدأت رحلتك مع الصيد؟
كانت علاقتي بوالدي مميزة جداً. كان هادئ الطباع، لكن يحمل من العلم والحكمة ما يفوق عمره، وكان يحب أن يشاركنا هذا الحب للبحر. لم يعاملني كطفلة، بل كصيادة متدربة، علّمني كيف أربط الخيط، أختار الطُعم المناسب، وأقرأ حركة السمكة من اهتزاز الخيط فقط. لكن الأهم، أنه علّمني أن الصيد ليس مجرد رزق، بل هو فن وتأمل وصبر، وهذه القيم ما زالت ترافقني في كل رحلة بحرية أقوم بها. الصبر الجميل هو الدرس الأثمن الذي تركه لي والدي، وأحمله معي في البحر والحياة.
تربية.. وعطاء
لماذا توقفت عن ممارسة الحداق بعد الزواج؟
الزواج والأمومة مسؤولية كبيرة. عندما رزقني الله بأطفالي، وجدت نفسي في رحلة أخرى تماماً، وهي رحلة التربية والعطاء غير المحدود. كان علي أن أكون موجودة دائماً في كل تفاصيل حياتهم. بعد أن كبر أولادي، أصبح لدي متسع من الوقت، وعدت لهوايتي بقلب مليء. والأجمل أنني لم أعد وحدي، فقد عادت معي ابنتي الكبيرة مريم، وصارت تشاركني هذا الشغف. وبعد أن علمت أولادي الصيد، أصبحوا يطلبون مني تعليم أحفادي أيضاً، وهذا يزيد من سعادتي.
ما أسرار اختيار الطُعم الجيد؟
الطُعم هو مفتاح الصيد، لكن الأهم أن تفهم سلوك السمك. أفضل طُعم هو الربيان والأخطبوط، لأن معظم أنواع السمك تفضلهما. ومع ذلك، يجب أن تعرف متى تصعد السمكة للسطح ومتى تنزل إلى الأعماق. الصيد ليس مسألة أدوات فقط، بل هو فن وخبرة مكتسبة.
حدثينا عن أدواتك الخاصة، هل تفضلين استخدام أدوات تقليدية أم تقنيات حديثة؟
أنا أعشق الأدوات التقليدية، لأنها تحمل روح الصياد الأصيل. «الخيط، والبلد، والميدار»، هذه أدوات تربطني بها ذكريات لا تُنسى مع والدي. لكنني كذلك تعلمت بعض التقنيات الحديثة، التي تساعدك على الصيد بكفاءة، خاصة في عرض البحر.
هل مررتِ بمواقف صعبة أو مفاجآت في عرض البحر؟
نعم، كثيرة. أذكر مرة كنا في رحلة مع ابنتي وصديقاتي، وكان كل شيء مرتب، وتوقعات الطقس كانت مطمئنة واستخدمنا برنامج «Windy» من قبل للتأكد من الطقس. ولكن فجأة، تغير الجو، وواجهنا أمواجاً مرتفعة. شعرت في تلك اللحظة بمسؤولية كبيرة، وبدأت أطبق كل ما تعلمته عن السلامة والهدوء. ونشكر خفر السواحل الذين أنقذونا في الوقت المناسب. وهذا ما يجعلني دائماً أحرص على توعية من حولي بأهمية معرفة أدوات السلامة، والإسعافات الأولية، وأهمية الاستعداد دائماً.
عائشة حسن: كل خيط صيد أحمله يشدني إلى هويّتي
مسؤولية.. وتحدي
ماذا مثّل لكِ فوزك بالمركز الأول في بطولة أبوظبي لصيد الأسماك للسيدات عام 2019، وكيف استعديتِ لهذه البطولة؟
الفوز كان جميلاً، وحافزاً كبيراً لكي أشارك في مسابقات قادمة وأساعد في الحفاظ على هويتنا الإماراتية البحرية. وعن الاستعداد، فلم يكن يختلف كثيراً عن أي رحلة صيد أخطط لها، لكن الفارق كان في الشعور بالمسؤولية والتحدي. جهزت خيوط الصيد الخاصة بي بعناية تامة، واستخدمت خيطاً أقوى بسمك 70 و«بلداً» أثقل و«ميداراً» أعرض يناسب صيد البحر المفتوح. تدربت مع ابنتي وصديقاتي كفريق، وتأكدنا من أننا نفهم جيداً قواعد المسابقة، وأننا نستخدم الأساليب التقليدية المدعومة بتقنيات حديثة.
ففي رأيك، كيف انعكست علاقة الأجداد بالبحر على نمط حياتهم ومصادر رزقهم في الماضي؟
كان البحر مصدر الحياة. قبل أن يكتشف النفط، كانت أرزاق الناس تعتمد على الغوص، وصيد السمك، والتجارة البحرية. الأجداد كانوا يعرفون البحر كما يعرف المزارع أرضه. يعرفون الموج، والمد، والأنواع المناسبة لكل موسم. ولهذا نحن مدينون لهم بأن نحافظ على هذا الإرث، وننقله كما وصل إلينا، بفخر واعتزاز.
كيف تسعين إلى إشراك الأجيال الجديدة في هذه الهواية؟
مشاركة الجيل الجديد أمر ضروري، وأسعى دائماً إلى نقل خبراتي إلى المجتمع النسائي من حولي. «الحداق» ليس فقط صيد سمك، بل هو تواصل مع تراثنا. كما أحرص على إحياء تراثنا البحري في قلوب أحفادي، أحكي لهم عن أجدادنا. وأعلمهم ليس فقط الصيد، بل الكلمات والمفردات التراثية، مثل: «السجي» وهو المد، و«الثبر» وهو الجزر. «التدمينة» وهي طريقة صيد معينة. هذه لغة يجب أن نحافظ عليها، لأنها تربطنا بتاريخنا. أريد المساهمة في استدامة تراثنا البحري وإبقائه حياً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البوابة
منذ 43 دقائق
- البوابة
إليسا تنعي زياد الرحباني: "عبقريته الموسيقية والفنية ما بتتكرر"
نعت الفنانة اللبنانية إليسا الموسيقار الراحل زياد الرحباني الذي ترك عالمنا اليوم السبت عن عمر ناهز الـ69 عاما بعد صراع مع مشاكل في الكلى والكبد، تاركا إرثًا فنيًا استثنائيًا. وقالت إليسا عبر حسابها على موقع "إكس":"زياد الرحباني ما كان فنان عادي والاكيد انو ما كان شخص عادي كمان، عبقريته الموسيقية والفنية ما بتتكرر، واليوم بخسارته خسر لبنان شقفة منو وشقفة كبيرة من ذاكرته الجماعية، فيروز سفيرتنا للدني كلها هي اليوم إم زياد، الله يعطيها الصبر والقوة زياد، العظماء متلك ما بيموتوا". انتظار خروج الجثمان من المستشفى نقلت القناة اللبنانية 'الجديد' من محيط مستشفى خوري في منطقة الحمراء ببيروت، الحزن الذي خيم عقب وفاة الموسيقار والمسرحي اللبناني زياد الرحباني، الذي فارق الحياة بعد صراع مع المرض في الكبد والكلى اليوم السبت عن ناهز الـ69 عامًا. ووفقًا لمراسلة القناة، فإن الطبيب الشرعي أكد أن وفاة زياد الرحباني طبيعية نتيجة لتفاقم حالة الكبد خلال الخمسة عشر يومًا الأخيرة، بعدما كان الرحباني يتابع حالته الصحية بشكل منتظم أسبوعيًا داخل المستشفى. وأكدت المراسلة أن الجثمان لا يزال داخل المستشفى حتى اللحظة، وسط غياب أفراد أسرته أو أقاربه، بينما تواجد عدد من أصدقائه في مقهى مقابل المستشفى، في انتظار انهاء الإجراءات الرسمية وتصاريح تسليم الجثمان. أغنية سألتك حبيبي جاءت بداية قصة إبداع أغنية 'سألتك حبيبي' عندما أصيب عاصي الرحباني زوج الفنانة الكبيرة فيروز بنزيف في المخ وتدهورت صحته بشكل كبير، وكادت ألا تكمل المسرحية التى كانت تؤدى دورًا فيها "المحطة"، ولم يتحمل أخوه منصور الرحباني أن يرى حزن فيروز على أخيه فكتب لها كلمات أغنية لتغنيها في المسرحية تعبر فيها عن خزنها الشديد لغياب حبيبها، وقام زياد الرحباني بتلحينها وكان يبلغ من العمر وقتها 17 عامًا. زياد الرحباني من التمثيل إلى التأليف الموسيقي شارك زياد الرحباني في أول ظهور له على خشبة المسرح في مسرحية "المحطة"، مجسدًا دور الشرطي، وهو الدور ذاته الذي كرره لاحقًا في مسرحية "ميس الريم"، حيث قدّم مشهدًا حواريًا موسيقيًا مع فيروز، سائلًا إياها عن اسمها وبلدتها في قالب ملحّن. مشاركة زياد لم تقتصر على التمثيل، فقد قام أيضًا بتأليف موسيقى مقدمة "ميس الريم"، والتي أثارت إعجاب الجمهور لما حملته من تجديد في الإيقاع والأسلوب، كاشفة عن لمساته الشابة المختلفة عن أعمال والده وعمه.


صدى مصر
منذ 5 ساعات
- صدى مصر
الفن ليس شماعة… ولكن من يُصدر القبح باسم 'التحرر' هو العيب الحقيقي
الفن ليس شماعة… ولكن من يُصدر القبح باسم 'التحرر' هو العيب الحقيقي حين يتجاوز 'شعب الساحل' كل الخطوط ويفضح مصر كلها بقلم: محمود سعيد برغش لسنا ضد الفن، ولا ضد الفرح والبهجة، بل نُؤمن بدور الفن في تهذيب الذوق ورفع الوعي وبث الأمل. لكن حين يتحول الفن إلى ستارٍ رخيص لتسويق الانحلال، ويُصبح 'الساحل' نموذجًا يتم تصديره للعالم على أنه وجه مصر الحقيقي، فهنا لا بد أن نقف، لا بالصمت، بل بالرفض والمواجهة. ما نراه اليوم من مشاهد فاضحة، وملابس لا تُوصف، وسلوكيات منفلتة، لا تمت للفن ولا لمصر بصلة، بل هي صورة مُشوهة صنعها نفرٌ من المترفين الذين فرضوا قبحهم على الجميع، وكأنهم أوصياء على الذوق العام. وهنا نتأمل قول الله تعالى: 'وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُوا فِيهَا، فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ، فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيرًا' (سورة الإسراء: 16) والمعنى أن الله، حين يريد هلاك قوم، يجعل أمرهم في يد مترفيهم، فيعصون ويفسقون ويتمادون، حتى يُهلكهم بما كسبت أيديهم. فهل نُدرك أن ما يحدث اليوم ينطبق على هذا التحذير الإلهي؟ وهل ندرك أن الغفلة عن هذا الانفلات قد تُغضب الرب، وتُهلك أمة بأكملها؟ يا من تصدرون القبح باسم 'التحرر'… لا تفتحوا علينا 'بكابورت' الانحلال، فمصر 'مش ناقصة قرف'. نحن نعيش أزمات اقتصادية خانقة، وضغوطًا اجتماعية طاحنة، ولا نحتاج فوق هذا أن تُفرض علينا مشاهد تقتل ما تبقى من حياء، وتُضعف ما تبقى من ضمير. نُريد فنًا يُعيد الأخلاق إلى واجهة المشهد، لا فنًا يُغتال فيه الذوق والحياء. نريد مصر الحقيقية… مصر التي علّمت الدنيا الحضارة، لا مصر الساحل المصطنعة.


البوابة
منذ 6 ساعات
- البوابة
وزير الثقافة ناعيًا الفنان اللبناني زياد الرحباني: رحيل قامة فنية أثرت الوجدان العربي
نعى الدكتور أحمد فؤاد هنو، وزير الثقافة، الفنان اللبناني الكبير زياد الرحباني، الذي رحل عن عالمنا اليوم السبت، بعد مسيرة فنية استثنائية، ترك خلالها إرثًا غنيًا من الأعمال المتفردة. زياد رحباني وقال وزير الثقافة: "فقدنا اليوم أحد أبرز مبدعي العالم العربي، واسمًا كبيرًا في عالم الموسيقى والمسرح، امتدّ أثره من بيروت إلى كل بيت عربي، وكان امتدادًا طبيعيًا لقيمة الرحابنة وتاريخهم". وتقدّم وزير الثقافة بخالص العزاء إلى الفنانة الكبيرة فيروز، وأسرة الراحل، وإلى الشعب اللبناني الشقيق، وجمهور الفن الأصيل في مصر والوطن العربي، داعيًا الله أن يتغمده برحمته، وأن يُلهم محبيه الصبر والسلوان