
الأمراض التي يعانيها ترامب
أروى محمد الشاعر
في مشهدٍ يعيد نفسه في كل قمة من قمم حلف الناتو، يجتمع زعماء أوروبا كأنهم تلاميذ يتلقون التعليمات من واشنطن، ويخضعون لإملاءات دونالد ترامب، الحديث يدور مجددًا عن ضرورة رفع النفقات الدفاعية، عن خطر روسي متوهم، عن ضرورة الاستعداد للمواجهة، لكن من قرر أصلًا أن روسيا هي العدو؟ ومن قال إن من مصلحة أوروبا أن تُستنزف في سباق تسلّح عبثي مع جارتها التاريخية؟ وهل نسيتم أو تعمدتم أن تنسوا أن روسيا دولة أوروبية في المقام الأول؟ ومن المستفيد من دفع أوروبا إلى هذا الجنون الاستراتيجي؟ روسيا ليست عدوة أوروبا بل هي جزء منها، جزء من نسيجها الثقافي والحضاري والتاريخي، روسيا دولة أوروبية بامتياز، ولها امتداد حضاري وفكري عميق في قلب القارة، فمتى تحولت هذه الجارة التي شاركت في صياغة وجه أوروبا إلى خطر وجودي؟
إذا عدنا إلى التاريخ، سنجد أن روسيا لم تكن فقط طرفًا في التوازن الأوروبي، بل كانت الضامن الأكبر لانتصار الحرية على الفاشية. ولولا روسيا، لولا صمود الجيش الأحمر في وجه هتلر، هل كانت أوروبا ستبقى حرة؟ هل كانت ستنهض بعد الحرب العالمية الثانية؟ أكثر من سبعة وعشرين مليون روسي دفعوا أرواحهم ثمنًا لتحرير القارة، بينما كانت القوات الأمريكية تهبط على شواطئ النورماندي في اللحظات الأخيرة وتحتفل بالنصر الذي صنعه غيرها. ما هو المبرر لقادة أوروبا أن يسمحوا لأنفسهم بشيطنة روسيا بعد كل هذا التاريخ؟
أما في أوكرانيا، فالكارثة أكبر. من الذي أشعل النار؟ من الذي أطاح بالحكومة المنتخبة في عام 2014 وجاء بنظام موالٍ للغرب؟ من الذي ضخّ المال والسلاح والإعلام لخلق دولة تقف على حدود روسيا كتهديد وكشوكة في خاصرتها؟ من الذي أتى بالممثل الكوميدي الصهيوني زيلينسكي ليحكم بلدًا محاصرًا بالمصالح الأمريكية والبريطانية؟ من الذي مزّق اتفاقيات مينسك وألغى كل فرص الحوار واندفع في مواجهة مسلحة لم يكن شعبه مستعدًا لها ولا راغبًا بها؟ لقد حذرت روسيا مرارًا وتكرارًا، وقالتها بوضوح: اقتربوا من حدودنا وسنرد لكن الغرب لا يسمع إلا صوته، ولا يرى إلا مصالحه.
ثم نأتي إلى أوروبا، هذا الكيان الذي يتظاهر بالقوة بينما يفتقر إلى الاستقلال، كيف لدول مثل ألمانيا وفرنسا وغيرها أن تقبل بأن تتحول إلى أدوات في يد البيت الأبيض؟ كيف تُرفع الميزانيات العسكرية بينما تتقلص ميزانيات التعليم والصحة والرعاية الاجتماعية؟ لماذا تُهدر الأموال على التسلّح في وقت يعاني فيه الأوروبي العادي من أزمة سكن وغلاء معيشة وتراجع في جودة الحياة؟ هل هذه هي الحرية التي وُعدتم بها؟ أم أنكم صرتم رهائن لفكرة أمريكية عن الأمن مفصلة على مقاس المجمع الصناعي العسكري في واشنطن؟
روسيا ليست هي التهديد الحقيقي لأوروبا، بل ضحية لحصار سياسي واقتصادي وإعلامي مستمر، والعدو الحقيقي لأوروبا ليس روسيا، بل فقدانها لاستقلال القرار وخضوعها التام للنفوذ الأمريكي. حلف الناتو لم يكن يومًا حلفًا دفاعيًا نقيًا، بل أداة توسع ونفوذ وإملاء، واليوم يجر أوروبا إلى حروب لا ناقة لها فيها ولا جمل، ويزرع في أرضها صواريخ أمريكية بدلًا من أن يزرع السلام، منذ سقوط الاتحاد السوفيتي صار أداة توسع وهيمنة أمريكية على القرار الأوروبي، حلفًا يُدار من البنتاغون وليس من بروكسل.
أيها الأوربيون!
إذا استمريتم في تسليح أوكرانيا، واستفزاز موسكو، فإن القادم سيكون أسوأ، أوروبا ليست بحاجة لحرب باردة جديدة، بل إلى التفاهم، روسيا شريك لا غنى عنه إن أردتم قارة متزنة مستقرة. تذكروا أن عدوكم الحقيقي ليس من يقاسمكم القارة، بل من يزرع الفتن بينكم. تذكروا أن الحروب تُدار من واشنطن وأنتم بين مطرقة التبعية وسندان الانهيار.
أيها الأوروبيون!
ما زال أمامكم وقت لتعودوا إلى رشدكم، روسيا ليست غريبة عنكم، ليست عدوكم، بل كانت دومًا الحائط الذي حمى حضارتكم من الانهيار، واستمرار هذا العداء المفتعل سيدمّر ما تبقى من وحدتكم وسيادتكم.
حان الوقت لتفيقوا وتُعيدوا حساباتكم، اسحبوا أنفسكم من جنون التبعية العمياء قبل أن تجدوا أنفسكم وقودًا لحرب ليست حربكم.
وبينما كنت أتهيأ لاختتام المقال، جاءني نبأ لا يُحتمل: الرئيس الأميركي دونالد ترامب يدعو علنًا إلى إلغاء محاكمة بنيامين نتنياهو في قضايا الفساد. وكأن جرائم الحرب تُكافأ، وكأن القتلة يُمنحون الحصانة بمجرد أن يتقنوا فن القتل الجماعي وإبادة أصحاب الأرض.
أي خللٍ أخلاقي يعانيه هذا الرجل؟ بل أي انحدار إنساني وصل إليه رأس أكبر دولة في العالم؟ هل باتت دماء عشرات الآلاف من الشهداء الفلسطينيين من نساء وأطفال وشيوخ بطولة ؟ إن العدد الحقيقي للشهداء لا يزال مجهولًا، إذ إن الآلاف ما زالوا تحت الركام، أو في المقابر الجماعية التي حفرتها طائرات الاحتلال في جنح الليل. هذا بالإضافة إلى عشرات الآلاف من الجرحى والمصابين بإعاقات دائمة، والناجين بأجساد وأرواح مكلومة باليُتم والفقد. وهل يُمكِن تبرير استمرار المجازر اليومية التي تحصد أرواح مئات إنسان فقط لأنهم وقفوا في طابور انتظار رغيف أو كيس طحين؟
وما زال نتنياهو بدعم من ترامب يمارس القتل اليومي باسم 'الدفاع عن النفس' فمنذ متى كان المحتلّ الغازي يدّعي الدفاع عن النفس في وجه أصحاب الأرض؟ متى أصبح قتل الأطفال وتفجير العائلات داخل خيام النزوح دفاعًا عن النفس؟ أي قانون في العالم يشرّع للمجرم أن يُكمم فم العدالة بيدٍ ملوثة بالدم؟
إن دعوة ترامب هذه هي شهادة مرضية على انعدام الضمير. هي تجلٍّ صارخ لأخطر أنواع الفصام القيمي وإعلان إفلاس أخلاقي مدوٍّ وسقوط صارخ لقيم العدالة، وتجسيد فجّ لتحالف الدم والفساد حيث يصبح القاتل بطلاً وتُلغى المحاكمات تحت راية النفاق الدولي .

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ 6 ساعات
- شفق نيوز
"سلاح الفصائل" نحو التفاوض.. ارتياح حذر في العراق وقلق من الغد
شفق نيوز - بغداد/ ترجمة خاصة هناك مشاعر ارتياح حذر في العراق ومختلط بقلق دائم مما قد يجري لاحقا، بحسب توصيف صحيفة "ذا ناشيونال" الصادرة بالانجليزية، متحدثة عن صوت المدافع التي صمتت، لكن الارتياح الحقيقي ليس موجودا في ظل الهدوء الهش الذي خيم على المنطقة، بعدما توصلت إيران وإسرائيل إلى وقف لإطلاق النار بوساطة أمريكية، لإنهاء دوامة خطيرة دفعت الشرق الأوسط إلى شفا حرب شاملة. وذكرت "ذا ناشيونال" في تقرير لها من أبوظبي، ترجمته وكالة شفق نيوز، أنه برغم نجاة العراق من الضربات المباشرة، إلا أنه وجد نفسه مجدداً في قلب العاصفة، وقد أحس بارتداداتها بشكل كبير، بعدما حلقت الصواريخ والطائرات المسيرة والمقاتلات التابعة للطرفين المتحاربين فوق البلد، في وقت هددت الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران، بالانضمام إلى الحرب واحتمال استهداف القوات الأمريكية أو الإسرائيلية. ونقل التقرير عن دبلوماسي عراقي رفيع المستوى قوله، إنها كانت "أصعب الأيام بالنسبة إلينا.. الأزمة كانت خارج نطاق سيطرتنا وتأثيرنا، وكنا على وشك الانجرار إلى حرب واسعة النطاق فيما لو أن الفصائل المسلحة تدخلت، ونحن نتنفس الصعداء الآن، إلا إننا لم نخرج من دائرة الخطر بعد". وبحسب الدبلوماسي العراقي نفسه، فإن "الجمر لا يزال تحت الرماد"، بانتظار المفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، التي أشار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الى احتمال انعقادها قريبا. وبعدما ذكر التقرير بشن إسرائيل غارة مفاجئة على إيران في 13 يونيو/حزيران، وبأن الحرب انتهت بعد 12 يوما من الهجمات المتبادلة وإطلاق إيران رشقة صاروخية انتقامية استهدفت قاعدة عسكرية أمريكية في قطر، ردا على استهداف الولايات المتحدة لمنشآت نووية إيرانية. وأشار التقرير إلى أن رئيس الحكومة محمد شياع السوداني رحّب بوقف إطلاق النار، بينما نقل التقرير عن مستشاره للشؤون السياسية حسين علاوي قوله إن العراق "ملتزم بدعم السلام والاستقرار في المنطقة، ويتطلع الى مرحلة جديدة تعزز الأمن والتنمية". وقال التقرير إن العراقيين شهدوا مؤخرا استقرارا سياسيا وأمنيا لا سابق له، شجع الحكومة على إطلاق سلسلة من مشاريع البنية التحتية والقيام بإصلاحات لتطوير بيئة الأعمال والخدمات العامة، وجرى توقيع عدة صفقات كبرى مع شركات ودول عالمية، خصوصا في مجال الطاقة، في وقت يستعد العراق لإجراء انتخابات عامة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر المقبل. ونقل التقرير عن احسان الشمري، رئيس مركز التفكير السياسي العراقي إحسان الشمري ترجيحاته بأن تدفع الحرب إيران إلى "التراجع وإعادة تقييم حساباتها، ما سيؤدي إلى تغيير كبير في سلوكها، على الأقل خلال السنوات الأربع المقبلة في ظل وجود ترامب في البيت الأبيض"، مضيفا أن "تراجع نفوذ إيران سيكون له تأثير متسلسل على وكلائها في العراق، مما "سيؤدي إلى أضعاف حلفائها، وبالتالي خلق واقع سياسي مغاير تماما". وبحسب الشمري، فإن عدم تدخل الميليشيات، هو جزء من استراتيجية إيرانية، حيث أنها "لا تزال تعتمد على الاحتفاظ بهؤلاء الوكلاء، ولهذا حاولت حماية العراق من أي تداعيات قد تفتح الباب أمام معادلة جديدة". ونقل التقرير عن الشمري قوله إن قضية وجود هذه الجماعات قد يتم طرحها على طاولة المفاوضات المقبلة بهدف "نزع سلاحها وتقليص نفوذها السياسي". واعتبر التقرير أنه رغم وجود الهدنة الحالية، فإن العديد من العراقيين قلقون من التوتر القائم بين إيران وإسرائيل، وبين الميليشيات والدولة، وبين المصالح الدولية المتنافسة. ونقل التقرير عن سائق التاكسي خالد جابر (56 عاما) قوله إن "وقف إطلاق النار منحنا استراحة، وليس حلا". وبالنسبة إلى سائق التاكسي هذا من بغداد، فإن المواجهات الأخيرة هي بمثابة تذكير بأن استقرار العراق معرض دائما للخطر بسبب صراعات لا سيطرة له عليها. ونقل التقرير عنه قوله "ربما لم يتعرض العراق للقصف، لكنه محاصر بكل معنى الكلمة، سياسيا، وعاطفيا، واقتصاديا.. إننا بانتظار الصدمة التالية ونتساءل ما إذا كنا سنتمكن من تجنب العاصفة مجددا".


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 6 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
المحكمة العليا الأمريكية تحظر أوامر قضائية لمنع خطة دونالد ترامب لألغاء منح الجنسية بالولادة
المستقلة/- سيُسمح لإدارة دونالد ترامب باتخاذ خطوات لتنفيذ مقترحها بإنهاء حق المواطنة التلقائي بالولادة في الولايات المتحدة، وذلك بعد قرار من المحكمة العليا. بموجب القواعد الحالية، يتمتع تقريبًا أي شخص يولد على الأراضي الأمريكية بحقوق المواطنة التلقائية – المعروفة باسم 'حق المواطنة بالولادة'. ولكن في يناير، وفي أول يوم له في البيت الأبيض، وقّع ترامب أمرًا تنفيذيًا يهدف إلى إنهاء هذا الحق. تبع ذلك سلسلة من الدعاوى القضائية، حيث أصدرت المحاكم الجزئية أوامر قضائية على مستوى البلاد بهدف منع سريان الأمر. صوّتت المحكمة العليا يوم الجمعة بأغلبية 6-3 للسماح لإدارة ترامب بتضييق نطاق الأوامر القضائية الوطنية التي يفرضها القضاة بحيث تنطبق فقط على الولايات والجماعات والأفراد الذين رفعوا دعاوى قضائية. هذا يعني أن مقترح حق المواطنة بالولادة من المرجح أن يتقدم، جزئيًا على الأقل، في الولايات التي طعنت فيه، وكذلك في الولايات التي لم تفعل. ردّ الرئيس الأمريكي بمنشور على موقع 'تروث سوشيال' مُرحّبًا بالحكم ووصفه بأنه 'نصرٌ كبير'. في مؤتمر صحفي عُقد في البيت الأبيض، قال ترامب: 'في الأشهر الأخيرة، رأينا حفنة من قضاة اليسار المتطرف يحاولون جاهدين إلغاء الصلاحيات الشرعية للرئيس… لإملاء القانون على الأمة بأكملها… كان هذا إساءة استخدام فادحة للسلطة'. وأضاف أن حق الولادة الحالي يُساء استخدامه، وأنه صُمم في الأصل لعصر مختلف، لمنح أحفاد العبيد حق الجنسية. وقال: 'لم يكن مخصصًا لمن يحاولون الاحتيال على النظام والقدوم إلى البلاد لقضاء عطلة. بل كان مخصصًا لأطفال العبيد. مئات الآلاف من الناس يتدفقون إلى بلدنا بموجب حق الجنسية بالولادة'. وركز قرار المحكمة العليا الصادر يوم الجمعة على قضايا مرفوعة في ولايات ماريلاند وماساتشوستس وواشنطن. ولا تزال هذه السياسة مُعلّقة في الوقت الحالي في ولاية أخرى، هي نيو هامبشاير، نتيجة دعوى قضائية منفصلة لم تُرفع بعد أمام المحكمة العليا. وتحظى خطة ترامب بدعم 21 ولاية أخرى. صدر قرار يوم الجمعة بأغلبية 6-3، بعد انقسام أيديولوجي، حيث شكّل المحافظون الأغلبية، بينما عارض الليبراليون ذلك. سبق أن ساهم ترامب في تشكيل المحكمة بتعيين ثلاثة قضاة، مما ضمن أغلبية محافظة بنسبة 6-3، على الرغم من أن الأحكام السابقة لم تكن دائمًا في صالحه. يريد ترامب أن يقتصر الحق على من يكون أحد والديه على الأقل مواطنًا أمريكيًا أو مقيمًا دائمًا. لا يبحث حكم يوم الجمعة في الأسس القانونية لهذه السياسة، بل في ما إذا كان للقضاة سلطة تعليقها في جميع أنحاء البلاد. ونتيجةً لهذا الحكم، يُمكن أن يُطبّق الاقتراح على الصعيد الوطني، مع أنه لا يزال بإمكان الأفراد رفع دعاوى قضائية على مستوى الولايات. كما يُمكن لمن يعترضون على السياسة حاليًا إعادة العمل بأوامر قضائية أقل نطاقًا. انتقد الرئيس الأمريكي وحلفاؤه بشدة القضاة الذين عرقلوا جوانب من أجندته، مع أن إصدار المحاكم لأوامر قضائية على الصعيد الوطني ليس بالأمر الجديد. وخاضت إدارته معركة ضد القضاة الذين أصدروا أوامر قضائية على مستوى البلاد ردًا على الاستخدام الجريء والعدواني للسلطة التنفيذية لتنفيذ أجندة مثيرة للجدل، بما في ذلك تكثيف عمليات الترحيل، وتقليص حجم الوكالات الفيدرالية، واستهداف شركات المحاماة والجامعات، وطرد الآلاف من الموظفين الفيدراليين.


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 6 ساعات
- وكالة الصحافة المستقلة
جمهورية الكونغو الديمقراطية ورواندا توقعان اتفاق السلام في واشنطن
المستقلة/- وقّعت رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاق سلام في واشنطن يهدف إلى إنهاء عقود من الصراع المدمر بين الجارتين، وربما منح الولايات المتحدة حق الوصول إلى المعادن. يطالب الاتفاق بـ'فك الارتباط ونزع السلاح والدمج المشروط' للجماعات المسلحة التي تقاتل في شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية. التفاصيل الإضافية شحيحة، وقد فشلت اتفاقيات السلام السابقة في المنطقة – إلا أن ذلك لم يثنِ رئيسي الولايات المتحدة والكونغو عن اعتبار هذا الاتفاق كأنتصار. كتب الرئيس دونالد ترامب على منصته 'تروث سوشيال الأسبوع الماضي عند التوصل إلى اتفاق أولي: 'هذا يوم عظيم لأفريقيا… ويوم عظيم للعالم!' قال مكتب الرئيس الكونغولي قبيل توقيع الاتفاق يوم الجمعة: 'نجاح دبلوماسي آخر للرئيس فيليكس تشيسكيدي، وهو بلا شك الأهم منذ أكثر من 30 عامًا'. ووقع وزيرا خارجية الكونغو والرواندي الاتفاق في وزارة الخارجية الأمريكية. وترددت أنباء عن زيارة تشيسكيدي والرئيس الرواندي بول كاغامي إلى واشنطن للقاء ترامب، على الرغم من عدم تحديد موعد لذلك. وتصاعد الصراع المستمر منذ عقود في وقت سابق من هذا العام عندما سيطر متمردو حركة إم23 على أجزاء كبيرة من شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية، بما في ذلك العاصمة الإقليمية غوما، ومدينة بوكافو، ومطارين. قُتل آلاف الأشخاص وأُجبر مئات الآلاف من المدنيين على ترك منازلهم في أعقاب الهجوم الأخير للمتمردين. وبعد خسارة الأراضي، لجأت الحكومة في كينشاسا إلى الولايات المتحدة طلبًا للمساعدة، حيث ورد أنها عرضت الوصول إلى معادن أساسية مقابل ضمانات أمنية. يُذكر أن شرق جمهورية الكونغو الديمقراطية غني بالكولتان وموارد أخرى حيوية لصناعات الإلكترونيات العالمية. تنفي رواندا دعمها لحركة إم23. رغم الأدلة، تُصرّ رواندا على أن وجودها العسكري في المنطقة هو إجراء دفاعي ضد التهديدات التي تُشكّلها جماعات مسلحة مثل القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهي ميليشيا متمردة تتألف في معظمها من الهوتو، ومرتبطة بالإبادة الجماعية في رواندا عام 1994. وتتهم رواندا بدورها الحكومة الكونغولية بدعم القوات الديمقراطية لتحرير رواندا، وهو ما تنفيه جمهورية الكونغو الديمقراطية. ويُعدّ وجودهم مصدر قلق بالغ لكيغالي. وعندما نُشرت بعض المعلومات حول الاتفاق الأسبوع الماضي، تحدّث بيان عن 'أحكام تتعلق باحترام السلامة الإقليمية وحظر الأعمال العدائية'، لكن لم تُقدّم أي تفاصيل مُحدّدة. كما تطرّق البيان إلى 'تسهيل عودة اللاجئين والنازحين داخليًا'. ووفقًا لتقرير وكالة رويترز للأنباء، ضغط المفاوضون الكونغوليون من أجل انسحاب فوري للجنود الروانديين، لكن رواندا – التي لديها ما لا يقل عن 7000 جندي على الأراضي الكونغولية – رفضت ذلك. وفي بيان غاضب صدر قبل يوم من توقيع الاتفاق، أدان وزير خارجية رواندا، أوليفييه ندوهونغيريه، 'تسريب… مسودة اتفاق سلام، تنص على أن رواندا 'طالبت الأطراف الأخرى باحترام سرية المناقشات'. تُعدّ الدعوات إلى الانسحاب الكامل للقوات الرواندية من جمهورية الكونغو الديمقراطية نقطة خلاف رئيسية. لكن ندوهونغيريهي قال إن 'كلمات مثل 'قوة الدفاع الرواندية' أو 'القوات الرواندية' أو 'الانسحاب' غير واردة في الوثيقة'. قبل ساعات قليلة من حفل التوقيع، صرّح مكتب تشيسكيدي بأن الاتفاق 'ينص بالفعل على انسحاب القوات الرواندية… [لكنه] فضّل مصطلح 'فك الارتباط' على الانسحاب لمجرد أن 'فك الارتباط' أكثر شمولاً'. قبل توقيع الاتفاق يوم الجمعة، صرحت المتحدثة باسم الحكومة الرواندية، يولاند ماكولو، لوكالة رويترز للأنباء بأن 'رفع الإجراءات الدفاعية في منطقتنا الحدودية' سيكون مشروطًا بـ'تحييد' القوات الديمقراطية لتحرير رواندا. أحد الأطراف الرئيسية في الصراع الدائر اليوم – متمردو حركة 23 مارس – انبثقوا من اتفاق سلام سابق أُبرم قبل 16 عامًا ولم يضمن تسريحهم. في العام الماضي، توصل خبراء روانديون وكونغوليون إلى اتفاقين بوساطة أنغولية بشأن انسحاب القوات الرواندية والعمليات المشتركة ضد القوات الديمقراطية لتحرير رواندا – لكن وزراء من كلا البلدين لم يؤيدوا الاتفاق. وفي نهاية المطاف، تنحت أنغولا كوسيط في مارس.