
اعتداء على زعيم المعارضة في تركيا خلال تشييع جنازة نائب كردي
تعرّض زعيم المعارضة التركية، رئيس حزب «الشعب الجمهوري» أوزغور أوزيل لاعتداء جسدي، أثناء مغادرته مراسم تشييع جنازة نائب رئيس البرلمان، ونائب إسطنبول عن حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب» المؤيد للأكراد، سري ثريا أوندر.
وأثناء مغادرته مركز أتاتورك الثقافي بميدان تقسيم في إسطنبول؛ حيث أقيمت المراسم الرئيسية لتأبين أوندر، وسط حضور كثيف، فُوجئ أوزيل برجل يوجه إليه ضربة قوية في جبهته، وهو يهتف «أنا ابن الإمبراطورية العثمانية».
وأسرع الحُرّاس الشخصيون ونواب حزب «الشعب الجمهوري» والمحيطون بأوزيل إلى إبعاده بسرعة إلى سيارته، بينما أمسك بعض الحضور المهاجمَ وأوسعوه ضرباً، ثم جرى تسليمه إلى الشرطة التي قامت بنقله إلى المستشفى، ومنها إلى مديرية الأمن.
وقالت وزارة الداخلية إن المهاجم، ويُدعى سلجوق تينجي أوغلو (66 عاماً)، سبق أن أُدين بقتل اثنين من أبنائه، وإصابة اثنين آخرين، عام 2004، وحصل على حكم بالسجن المؤبد، وأُفرج عنه عام 2020.
مشاركون في تشييع جنازة أوندر أحاطوا بأوزيل بعد الهجوم عليه لحمايته (من البث التلفزيوني المباشر)
وأدان وزير الداخلية، علي يرلي كايا، الاعتداء على أوزيل متمنياً له السلامة، بينما أعلن وزير العدل، يلماظ تونتش، أن المدّعي العام في إسطنبول فتح تحقيقاً في الهجوم على أوزيل، مستنكراً الاعتداء عليه. وأجرى الرئيس رجب طيب إردوغان اتصالاً هاتفياً مع أوزيل للاطمئنان عليه، مُعرباً عن استنكاره الهجوم الذي تعرَّض له.
وقال المهاجم، في إفادته الأولية، إنه هاجم أوزيل لأنه سبق أن تقدَّم بطلب إلى حزب «الشعب الجمهوري» للحصول على بطاقة طعام مجاني، لكنهم لم يُعطوه إياها، وظلّ غاضباً لفترةٍ طويلةٍ لهذا السبب.
وأضاف: «بسبب دعوة حزب الشعب الجمهوري الشبابَ للنزول إلى الشوارع (عقب اعتقال رئيس بلدية إسطنبول أكرم إمام أوغلو)، زاد غضبي أكثر، وعندما علمت ببرنامج التأبين في مركز أتاتورك، غادرتُ الفندق الذي كنتُ أقيم فيه في (تقسيم)، وذهبتُ إلى هناك. لم أكن أنوي الهجوم على أوزيل، لكن عندما رأيتُه، لم أستطع السيطرة على غضبي».
وفي تصريحٍ له عقب الاعتداء عليه، والذي لم يؤدّ إلى إصابته، قال أوزيل إن «حالة الاستقطاب التي تعيشها البلاد لن تفيد أحداً. البعض لا يريد الحديث عن السلام، أَعدُّ هذا هجوماً على المؤسسة السياسية في تركيا، ليس لديّ غضب أو استياء من أحد».
حراس أمن ومرافقون لزعيم المعارضة التركية أوزغور أوزيل يقتادونه إلى سيارته عقب الاعتداء عليه (من البث التلفزيوني المباشر)
وأضاف: «دبّر أحدهم هذا الهجوم رغبةً منه في عدم مناقشة عملية السلام في تركيا. نتلقى تهديدات منذ فترة، اتصلتُ بزوجتي وأمي وابنتي، وأخبرتهم بأنني سأواصل برنامجي اليومي كالمعتاد. كانت هناك محاولة اغتيال حتى لزعيم حزبنا ومؤسسِه مصطفى كمال أتاتورك، وجَرَت محاولات اغتيال لقياداته مثل عصمت إينونو، وبولنت أجاويد، وكمال كليتشدار أوغلو. عندما تتقدم لهذا المنصب، فإنك تُخاطر».
وندّدت الأحزاب التركية بالاعتداء على أوزيل، مستنكرة أسلوب العنف والهجوم على الشخصيات السياسية المعارِضة. وقال حزب «الديمقراطية والمساواة للشعوب»، في بيان، إن هذا الهجوم هو في جوهره استفزازٌ للسعي نحو السلام والمجتمع الديمقراطي في شخص الراحل سري ثريا أوندر؛ إنه يتعارض مع موكب الجنازة وسياسات حزبنا السلمية ومع الأخوّة. ندعو الجهات المعنية إلى فضح هذا الاستفزاز فوراً، ونتقدم بأطيب تمنياتنا للسيد أوزغور أوزيل، الذي دأب على دعم السعي نحو السلام والمجتمع الديمقراطي».
جثمان النائب سري ثريا أوندر مسجّى بعَلم تركيا خلال مراسم تأبينه في مركز أتاتورك الثقافي بإسطنبول (حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب-إكس)
كان سري ثريا أوندر أحد المفاوضين الرئيسيين مع زعيم منظمة حزب «العمال الكردستاني» السجين عبد الله أوجلان، وعضو «وفد إيمرالي» الأول في 2013، والثاني الذي بدأ الاتصالات مع أوجلان والدولة والأحزاب، منذ أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي أسفرت عن دعوته لحل الحزب وإلقاء أسلحته، من خلال نداء وجّهه أوجلان في 27 فبراير (شباط) الماضي.
ومن خلال هذا النداء، دعا أوجلان حزب العمال الكردستاني إلى عقد مؤتمره العام، وإعلان حلّ نفسه وإلقاء أسلحته، إلا أن الحزب اشترط أن يُشرِف أوجلان بنفسه على المؤتمر.
وفي ظلّ وجود تقديرات مختلفة حول موعد عقد حزب «العمال الكردستاني» مؤتمره العام، توقّعت أوساط حزب «العدالة والتنمية» الحاكم أن يشهد الأسبوعُ الحالي إعلان الحزب، المصنّف «منظمة إرهابية»، حلَّ نفسِه، بما يتماشى مع دعوة أوجلان.
وفسّر مراقبون حديث نائب حزب «العدالة والتنمية» والمتحدث باسمه، عمر تشيليك، بأن «العملية الجارية لحلّ حزب (العمال الكردستاني) وإعلان تركيا خالية من الإرهاب، أصبحت سياسة دولة، وأن كل خطوة إيجابية قد تتطور، في الأيام المقبلة، ستدعو إلى الخطوة الإيجابية التالية»، على أنها رسالة إلى عقد المؤتمر، وإعلان حلّ «الحزب» خلال أيام.
أوجلان خلال قراءة ندائه لحل حزب «العمال الكردستاني» في سجن إيمرالي 27 فبراير الماضي (إ.ب.أ)
ولا تتوقع مصادر حزب «العدالة والتنمية» أن يصدر حزب «العمال الكردستاني» بياناً علنياً بشأن موعد ومكان المؤتمر؛ لأسباب أمنية، لكنها تؤكد أن العملية تسارعت، بعد لقاء الرئيس إردوغان ووفد إيمرالي في 10 أبريل (نيسان) الماضي، وأن مراحل عدة تتعلق بمؤتمر حل «العمال الكردستاني» قد اكتملت، وكل ما تبقَّى هو إعلان القرار للرأي العام.
في الوقت نفسه، تتصاعد التساؤلات حول ما إذا كان حزب «العدالة والتنمية» سيُدرج مناقشة «الدستور الجديد» على جدول الأعمال في إطار هذه العملية؛ لأن المعارضة ترى أن خطوات عملية الحلّ الجديدة جزء من هدف التعديلات الدستورية لفتح الطريق أمام إردوغان للترشح للرئاسة مجدّداً.
لكن مسؤولي الحزب الحاكم يقولون إن الدستور الجديد مُدرَج على جدول أعمالهم منذ فترة طويلة، لكنهم لا يُجرون أي استعدادات لتسريعه كجزء من العملية الجديدة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
زيلينسكي: روسيا تحاول كسب الوقت للمماطلة في محادثات السلام
اتّهم فولوديمير زيلينسكي موسكو، مساء الثلاثاء، بالعمل على "كسب الوقت" لمواصلة الحرب ضد كييف، غداة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الطرفين سيجريان مفاوضات مباشرة عقب تواصله هاتفيا مع نظيريه الروسي والأوكراني. وقال زيلينسكي إن "روسيا تحاول العمل على كسب الوقت بغرض المماطلة في محادثات السلام مع أوكرانيا"، بحسب ما نقلت عنه وسائل الإعلام الأوكرانية. يذكر أن ترامب تحدث هاتفيا أول أمس الاثنين إلى كل من زيلينسكي والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد لقاء بين مسؤولين روس وأوكرانيين في اسطنبول الجمعة، في أول محادثات مباشرة بين الطرفين منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ثلاث سنوات. لكن روسيا لم تقدّم أي تنازلات سواء بعد محادثات اسطنبول أو في الاتصال الهاتفي مع ترامب، مع مواصلة بوتين رفض مقترح هدنة لمدة ثلاثين يوما تقدّمت به كييف وحلفاؤها الغربيون. وأمس الثلاثاء، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، أن ترامب أيضا لم يقدّم أي تنازلات. وقال ترامب إن اتصاله الذي استمر ساعتين مع بوتين، وهو الثالث حتى الآن هذا العام، حقق اختراقا. وأكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، أن الرئيس دونالد ترامب لم يقدّم "أي تنازلات" للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، رافضا الانتقادات الموجهة إليه بشأن سياسة إدارته تجاه أوكرانيا. ويسعى الرئيس الجمهوري للتوصل إلى اتفاق صعب المنال لإنهاء الحرب، تنفيذا لوعده الانتخابي بوضع حد لها في غضون 24 ساعة. لكن بوتين رفض مرة أخرى الدعوة إلى وقف إطلاق نار دائم وفوري وغير مشروط، وقال في المقابل إنه مستعد للعمل مع أوكرانيا على "مذكرة" تحدد خريطة طريق محتملة ومواقف مختلفة بشأن إنهاء الحرب. تقدم روسي على الأرض وتشعر موسكو بالثقة مع تقدم قواتها في ساحة المعركة واستئناف ترامب الحوار مع بوتين بعد قرابة ثلاث سنوات من تجاهل الغرب لزعيم الكرملين. وصرّح زيلينسكي، الاثنين، أنه ليس لديه تفاصيل بشأن هذه "المذكرة"، لكنه مستعد للنظر في أفكار روسيا. واندلعت الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022، ودمرت منذ ذلك الحين مساحات شاسعة من شرق البلاد، وباتت تسيطر على حوالي خُمس أراضيها. وتحاول أوكرانيا وأوروبا الضغط على ترامب كي يفرض على موسكو حزمة جديدة ضخمة من العقوبات بعد امتناع بوتين عن التوجه إلى تركيا لمحادثات مباشرة مع زيلينسكي. واتهمت كييف مفاوضي موسكو بتقديم مطالب غير واقعية في محادثات إسطنبول، بما في ذلك المطالبة بالاحتفاظ بمساحات واسعة من الأراضي، وهو ما ترفضه أوكرانيا. حزمة جديدة من العقوبات على روسيا وأقر الاتحاد الأوروبي رسميا، أمس الثلاثاء، الحزمة السابعة عشرة من العقوبات على موسكو والتي تستهدف 200 سفينة مما يُسمى "أسطول الظل" الروسي، ما أثار غضب روسيا. ورحب زيلينسكي، الثلاثاء، بالعقوبات الجديدة التي فرضتها بريطانيا والاتحاد الأوروبي على روسيا، وقال إنه "سيكون من الجيد" أن تشارك الولايات المتحدة في هذا المسعى الرامي إلى تشديد الضغط على موسكو. وكتب زيلينسكي على تطبيق "تيليغرام"، بعد تحدثه هاتفيا إلى رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر "اليوم، لدينا قرار عقوبات من بريطانيا، وكذلك قرار من الاتحاد الأوروبي، وسيكون من الجيد أن تساعد الولايات المتحدة أيضا". وأضاف "يستعد شركاؤنا الأوروبيون بالفعل للخطوات التالية في هذا الضغط المهم للغاية على روسيا لإنهاء الحرب". يذكر أن روسيا صمدت في وجه العقوبات وأعادت توجيه إمداداتها الحيوية من النفط والغاز إلى الهند والصين. وألمح ترامب إلى إمكان المضي قدما بانفتاح تجاري كبير على روسيا بعد انتهاء الحرب، إلا أن روبيو شدّد، الثلاثاء، على أن الرئيس الأميركي لم يقدّم أي تنازلات. وفي إشارة إلى بوتين، قال روبيو "لم يحصل على أي تنازل".


الشرق السعودية
منذ 5 ساعات
- الشرق السعودية
مصر والغاز الإسرائيلي.. هل يدفع التوتر السياسي القاهرة للبحث عن بدائل؟
شرعت القاهرة خلال الفترة الأخيرة في إبرام اتفاقات طويلة الأجل لاستيراد الغاز من أكثر من دولة، وأجرى وزير البترول المصري كريم بدوي، سلسلة من الزيارات إلى تركيا وقطر، بالتزامن مع إعلان وسائل إعلام روسية أن مصر وروسيا تدرسان إنشاء محطات للغاز الطبيعي المسال. وتستورد مصر بشكل أساسي الغاز الطبيعي من تل أبيب منذ عام 2020، إذ تقدر الكمية بنحو مليار قدم مكعب يومياً، وهي الكمية التي ستتقلص إلى 800 مليون قدم مكعب بحسب مسؤول حكومي تحدث لـ"الشرق" شريطة عدم الإفصاح عن هويته. وتأتي التحركات المصرية والإسرائيلية وسط توتر سياسي يصفه مراقبون بـ"الأعنف" منذ توقيع اتفاقية السلام، وترفض تل أبيب الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، فيما تحاول القاهرة إلزامها به. وزار وزير البترول المصري كريم بدوي، قطر مؤخراً؛ سعياً لتأمين الاحتياجات المحلية المتزايدة، لا سيما في فصل الصيف، مما دفع البلاد لتدبير شحنات من الخارج لضمان كفاية الطاقة اللازمة لمحطات الكهرباء والقطاع الصناعي. ووفقاً لبيان صادر عن وزارة البترول المصرية، فإن النقاش المصري القطري دار حول حصول القاهرة على الغاز القطري، فيما لم يتطرق البيان إلى تفاصيل بشأن عدد الشحنات أو إطارها الزمني، إلا أن الذي تم توضيحه يتعلق بإبرام اتفاقيات طويلة الأمد، في وقت تعد قطر من بين أكبر مصدري الغاز المسال في العالم. كما زار الوزير المصري العاصمة التركية حيث وقع اتفاقية للاستعانة بالسفينة التركية "بوتاش" خلال يونيو المقبل، لتزويد السوق بإمدادات تصل إلى 500 مليون قدم مكعب يومياً من الغاز؛ سعياً لتعزيز قدرات توليد الكهرباء خلال الصيف المقبل. وأفادت وسائل إعلام روسية بأن مصر وروسيا تدرسان إنشاء محطات للغاز الطبيعي المسال في مصر، وصرح وزير الصناعة والتجارة الروسي أنطون عليخانوف، بأن اللجنة الروسية المصرية المعنية بالتعاون التجاري والاقتصادي والعلمي والتقني ناقشت خلال اجتماع سبل التعاون المشترك في قطاع النفط والغاز، بما في ذلك إنشاء محطات للغاز الطبيعي المسال في مصر. أزمة طاقة في مصر تحولت مصر، التي كانت مصدّراً للغاز الطبيعي المسال، إلى دولة مستوردة في ظل تزايد الطلب الناتج عن نمو سكاني سريع وارتفاع درجات الحرارة، إلى جانب تراجع إنتاج الحقول المحلية، وتُعد هذه الخطوة مؤشراً على تحوّل مصر إلى مركز استهلاكي رئيسي للغاز، وهو ما قد يُسهم في تشديد أسواق الغاز العالمية. ومع التراجع الملحوظ في إنتاج مصر من الغاز الطبيعي، تحولت البلاد مجدداً إلى استيراد الغاز المسال في العام الماضي، بعد توقفها منذ 2018 بدعم من اكتشافات جديدة للغاز وقتها، يتقدمها "حقل ظهر". وتعاني مصر في الوقت الحالي من نقص في الإمدادات وارتفاع في الطلب، مما أدى إلى أزمات طاقة وانقطاعات في التيار الكهربائي خلال الصيف الماضي، في الوقت الذي كشف مسؤول حكومي لـ"الشرق" أواخر العام الماضي أن مصر تسعى لاستيراد ما يتراوح بين 155 و160 شحنة غاز مسال خلال 2025. وتعتزم مصر مواصلة استيراد الغاز المسال حتى العام المالي 2029-2030 لتوفير احتياجات البلاد من الغاز لتشغيل محطات الكهرباء، في ظل التناقص الطبيعي لإنتاج الحقول، والذي هوى بإنتاج البلاد إلى 4.1 مليار قدم مكعب يومياً، في حين تبلغ الاحتياجات اليومية حوالي 6 مليارات قدم مكعب، وتزيد في فصل الصيف إلى 7 مليارات قدم مكعب يومياً. المباحثات المصرية القطرية والصفقة التركية وكذلك المباحثات مع موسكو، والحديث عن عقود طويلة الأمد، والتي تأتي وسط زيادة التوتر مع تل أبيب، تفتح الباب للتساؤل عن بحث القاهرة عن بدائل لتقليل الاعتماد على الغاز الإسرائيلي، وكيف يمكن تنفيذ ذلك؟ كما تطرح تساؤلاً حول كيف يمكن للقاهرة تدبير احتياجاتها من الغاز للحيلولة دون وقوع أزمة انقطاع الكهرباء مرة أخرى الصيف الجاري، وهل البدائل التي تبحثها ستمكنها من تقليل الاعتماد على غاز تل أبيب؟ حرب غزة التحركات المصرية تأتي وسط حالة احتقان تسيطر على العلاقة مع تل أبيب على خلفية استمرار حرب غزة، إذ أفادت تقارير إسرائيلية بحسب ما نقله موقع "يديعوت أحرونوت" العبري، بأن القاهرة قررت عدم تعيين سفير جديد لدى إسرائيل، وذلك بعد إعلان الحكومة الإسرائيلية نيتها تكثيف العمليات العسكرية ضد حركة "حماس" داخل قطاع غزة، بالإضافة إلى أن مصر قررت عدم منح الموافقة الدبلوماسية للسفير الإسرائيلي أوري روثمان، الذي تم تعيينه منذ عدة أشهر، لكنه لم يغادر إسرائيل بعد. ويرى وزير البترول المصري الأسبق، أسامة كمال، أن القاهرة تتحرك بشكل "جيد" لتدبير احتياجاتها عبر عقود طويلة الأمد، إلا أن التحدي الأهم يبقى في تدبير السيولة الدولارية لتأمين هذه العقود، في ضوء الأوضاع الاقتصادية "الصعبة" التي تمر بها البلاد، ووعود الحكومة في أكثر من مناسبة بعدم العودة من جديد لـ "تخفيف الأحمال" فترة فصل الصيف، محذراً من أضرار انتهاج الحكومة لهذا المسار من جديد؛ لما له من تأثير بالغ من الناحية الاقتصادية، والسياسية. وأضاف الوزير السابق خلال حديثه لـ"الشرق"، أن القاهرة تحركت باتجاه قطر لإبرام عقود طويلة الأمد لتوريد الغاز عبر شحنات مسالة؛ كونها من أكبر موردي الغاز بالعالم، وبلد عربي سبق أن منحت مصر مرونة على مستوى سداد مستحقات توريد الغاز العام الماضي، على غرار الجزائر. وفيما ربط البعض التحركات المصرية الأخيرة في ملف الغاز، بزيادة التوتر بين القاهرة وتل أبيب، كون الأخيرة مورداً رئيسياً لمصر، أكد "كمال" أن إسرائيل تستخدم ملف الغاز كإحدى أوراق الضغط، في ظل حالة الاحتقان التي تسيطر على علاقتها مع مصر، لرفض الأخيرة ملف التهجير واستمرار حرب غزة، مشيراً في الوقت ذاته لوجود رغبة واضحة لدى إسرائيل في زيادة أسعار الغاز المُورد لمصر. كما أكد الوزير السابق، أن الأمر يرتبط بأبعاد سياسية بين تل أبيب والقاهرة، وأشار إلى أن إسرائيل لا تنوي وقف التوريد لمصر، إلا أنها تسعى لزيادة الأسعار، مضيفاً أنه حال عدم التوصل لتفاهمات، فإنها قد تلجأ لخفض الكميات المُوردة و"إعادة تسييلها" في صورة شحنات لموردين جُدد بأسعار أفضل. ويتفق عضو اللجنة الاقتصادية بمجلس النواب المصري سابقاً محمد فؤاد، مع وزير البترول السابق في الرغبة الإسرائيلية بزيادة الأسعار وخفض كميات الغاز المُورد لمصر، إلا أنه يؤكد أن مصر لا تملك رفاهية التخلي عن الغاز الإسرائيلي خاصة مع ارتفاع الطلب المحلي. واستشهد "فؤاد" خلال حديثه لـ"الشرق"، بأزمة وقعت بين الحكومة الإسرائيلية، وشركة "شيفرون" الأميركية التي تمتلك حصة، وتدير حقلي "تمار، وليفياثان" الإسرائيليين، إذ ورد في تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية أن الشركة الأميركية "تستسهل" البيع لمصر بأسعار أقل من مثيلتها، إضافة لأن مصر والأردن باتتا تشكلان خطراً كونهما تحصلا على أكثر من 30% من إنتاج الغاز الإسرائيلي، وهو ما اعتبرته تل أبيب "مخاطرة تمركز" مرتفعة للغاية. واستبعد "فؤاد" أن تكون التحركات المصرية الأخيرة باتجاه قطر أو تركيا أو روسيا بهدف البحث عن بديل للغاز الإسرائيلي أو تقليل الاعتماد عليه في الوقت الحالي، مرجحاً أن تكون لتأمين شحنات الغاز المسال لفترة طويلة الأمد. ويرى فؤاد أن عجز الغاز (الفارق بين الإنتاج والاستهلاك) في مصر يصل إلى 3.5 مليار متر مكعب يومياً، وتساهم إسرائيل بمليار، لذا لا تمتلك مصر رفاهية تقليل الاعتماد عليها. وتسد القاهرة باقي العجز البالغ نحو 2.5 مليار متر مكعب عبر شحنات الغاز المسال من الخارج؛ إلا أنها تحتاج لـ 4 "سفن تغويز" على الأقل لتحويلها وضخها في أنابيب الغاز المصرية، من هنا ربما تأتي أهمية الاتفاق التركي. وقال "فؤاد": "60% من شحنات الغاز المسال التي حصلت عليها مصر مؤخراً، كانت عبر سوق الشحن الفوري"، مضيفاً أن الدوحة هي الوجهة الأقرب، والأفضل للقاهرة من أجل إبرام عقود توريد شحنات طويلة الأمد. ويرى أستاذ هندسة البترول والطاقة، ثروت راغب، أن تحركات القاهرة بملف الغاز، والتوجه بشكل رئيسي نحو قطر وروسيا، تُعد محاولة من مصر لتأمين احتياجاتها وإيجاد بديل بعيداً عن الغاز الإسرائيلي، خاصة مع التوترات التي تشهدها العلاقة المصرية الإسرائيلية في الأشهر الأخيرة. وقال "راغب" لـ"الشرق"، إن الحكومة المصرية لديها خطة بديلة لسد العجز الذي سينجم عن توقف وصول الغاز الإسرائيلي، حال تفاقمت علاقة البلدين، ولذلك فإنها تسعى لاتفاقيات طويلة الأمد وليست وقتية. وأضاف أن "العجز الذي تواجهه مصر على مستوى موازنة تغطية احتياجاتها من الغاز، يبلغ نحو ملياري متر مكعب من الغاز، والحل الأمثل يتمثل في شقين: الأول: زيادة الإنتاج من الحقول الموجودة بالفعل، عبر حفر آبار جديدة، وتعميق الآبار الموجودة مسبقاً مع توسيع الرقعة الاستكشافية عبر طرح مناقصات جديدة أمام الشركات العالمية، مع البحث عن مصادر جديدة لتوليد الكهرباء على غرار الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، خاصة أن مصر تستهلك 60% من إجمالي الغاز المُنتج والمستورد لتوليد الكهرباء. الثاني: إبرام اتفاقيات توريد خارجية، سواء على مستوى شحنات غاز مسألة، أو استئجار سفن تغويز لفترات طويلة، وليس مجرد مواسم فقط، وهو ما يجري حاليا بالفعل. العلاقات المصرية الإسرائيلية سياسياً، تشهد العلاقات المصرية الإسرائيلية توتراً غير مسبوق، إذ عكست بيانات إدانة مصرية متكررة لتصرفات إسرائيل "توتراً مكتوماً متصاعداً"، بحسب مراقبين. ويرى الباحث المتخصص في الشؤون الإسرائيلية، محمد عبود، في حديثه لـ"الشرق"، أن تل أبيب مارست ضغوطاً كبيرة على القاهرة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة، بعضها في الغرف المُغلقة وآخر مُعلن، وفي مقدمة هذه الضغوط تأتي ورقة الغاز الإسرائيلي. وقال "عبود": "هناك خلافات داخل تل أبيب بين من يرى ضرورة الحفاظ على السلام مع مصر، والتوقف عن ممارسة الضغوط؛ منعاً لتفجر الأوضاع وانهيار السلام، ومن يرى ضرورة ممارسة ضغوط شديدة على القاهرة لتمرير مخطط التهجير؛ والأزمة أن التيار الأخير هو المسيطر على حكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. واعتبر عبود أن تزايد الحديث مؤخراً عن رغبة إسرائيل في زيادة أسعار الغاز المُورد إلى مصر، يُعد "بالونة اختبار" لمعرفة مدى استجابة القاهرة، وإمكانياتها في إيجاد بديل حال تفاقم الأمر، مؤكداً أن مصر لديها عدة بدائل في مقدمتها الظهير العربي، بالإضافة إلى اليونان وقبرص.


العربية
منذ 8 ساعات
- العربية
ترامب: لست قلقا من تقارير عن حشد عسكري روسي على حدود فنلندا
أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، الثلاثاء، أنه لا يشعر بالقلق إزاء التقارير التي تتحدث عن حشد عسكري روسي على طول حدود فنلندا. وأجاب ترامب في البيت الأبيض عندما سُئل عن هذا الأمر: "لا، أنا لست... قلقا بشأن ذلك على الإطلاق"، نقلا عن "رويترز". وأضاف "ستكونان آمنتين للغاية"، في إشارة إلى فنلندا والنرويج. وفي ملف العلاقات الأميركية الروسية ، أكد وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو، الثلاثاء، أن الرئيس ترامب لم يُقدّم أي تنازلات لروسيا، رافضاً الانتقادات الموجهة إليه بشأن سياسة إدارته تجاه أوكرانيا. وخلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ، قال روبيو متحدثا عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين: "لم يحصل على أي تنازل". إلى ذلك اتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، موسكو، الثلاثاء، بالعمل على "كسب الوقت" لمواصلة الحرب ضد كييف، غداة إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن الطرفين سيجريان مفاوضات مباشرة عقب تواصله هاتفيا مع نظيريه الروسي والأوكراني. وتحدث ترامب هاتفيا الاثنين إلى كل من زيلينسكي والرئيس الروسي بوتين بعد لقاء بين مسؤولين روس وأوكرانيين في اسطنبول، الجمعة، في أول محادثات مباشرة بين الطرفين منذ اندلاع النزاع قبل أكثر من ثلاث سنوات. لكن المحادثات أخفقت في التوصل لهدنة وانتقد زيلينسكي بوتين معتبرا أنه أرسل "رؤوسا فارغة" إلى طاولة المفاوضات. وفي المقابل أبلغ الرئيس الروسيبوتين نظيره الأميركي ترامب خلال الاتصال الهاتفي، الاثنين، بأن "الذين يحتفون بالنازية حاولوا ترهيب الزعماء الذين جاءوا إلى موسكو للاحتفال بذكرى عيد النصر". وكشف ذلك يوري أوشاكوف مساعد الرئيس الروسي، اليوم الثلاثاء، خلال مؤتمر صحافي . وقال: "طبعا لم يكن محض صدفة أن تطرق الرئيس بوتين إلى هذا الموضوع، لأن الأوكرانيين هددوا بشكل مباشر المشاركين الأجانب في الفعاليات الاحتفالية بمناسبة عيد النصر، وحاولوا ترهيب القادة الأجانب ومنعهم من القدوم إلى موسكو". وذكّر أوشاكوف بالهجوم الضخم الذي شنته القوات الأوكرانية بالمسيرات الجوية على موسكو قبيل الاحتفالات بالذكرى الثمانين للنصر. وأشار أوشاكوف إلى أنه "تم التأكيد (من الجانب الروسي) على أن منظمي هذا الترهيب هم الذين يكرمون المجرمين النازيين ويروجون لعسكرة القارة. ووفقا لممثل الكرملين، سرد الرئيس الروسي على نظيره الأميركي تفاصيل تم منع تهديدات الهجمات الإرهابية في محيط الكرملين والساحة الحمراء قبيل حلول عيد النصر. ونوه الرئيس بوتين بأن روسيا أعلنت حينها وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام تكريما ليوم النصر، ولكن نظام كييف استهدف في ليلة 7 مايو الأراضي الروسية، بـ 524 طائرة بدون طيار وصواريخ ستورم شادو. وتم إسقاطها بالكامل. وأضاف أن الرئيسين الروسي والأميركي أوليا اهتماما خاصا لموضوع "الأخوة القتالية" بين الاتحاد السوفييتي والولايات المتحدة، خلال الحرب العالمية الثانية. وأشار أوشاكوف إلى أن الرئيس الأميركي أعرب عن أسفه لأن واشنطن وموسكو بعيدتان بعضهما عن بعض، اليوم، واستذكر بوتين تصرفات أوكرانيا عشية يوم النصر". وقال أوشاكوف: "تحدث الزعيمان كثيرًا وبكل ود عن تحالف بلدينا خلال الحرب العالمية الثانية، حيث قاتلا معا ضد ألمانيا النازية واليابان ذات النزعة العسكرية، وتذكر ترامب هذه "الأخوة القتالية"، وتحدث بأسف عن حقيقة أنه بسبب ظروف غريبة، فإن بلدينا اليوم ليسا فقط منفصلين، بل أيضًا بعيدين جدًا بعضهما عن بعض". ونقل أوشاكوف عن الرئيس الأميركي، قوله: "إنه عندما يتحدث عن هذا، فإن الكثيرين في أميركا ببساطة لا يصدقونه، لكن الحقيقة تبقى، الروس ضحوا بحياتهم أكثر من أي شخص آخر". وخلال عام 2025، أجرى الرئيس الروسي ونظيره الأميركي اتصالين هاتفيين، وبحث الرئيس بوتين، في 12 فبراير الماضي، مع نظيره الأميركي عبر الهاتف القضية الأوكرانية، فضلاً عن المشاكل المتراكمة في العلاقات بين البلدين، واتفق الرئيسان على مواصلة الاتصالات، بما في ذلك تنظيم لقاءات شخصية. وجرى اتصال هاتفي في 18 مارس الماضي، وخلال المحادثة الهاتفية تمت مناقشة قضايا التسوية في أوكرانيا والشرق الأوسط، بالإضافة إلى العلاقات الثنائية. وأعرب حينها الرئيس بوتين عن تأييده لفكرة ترامب بشأن وقف إطلاق النار في أوكرانيا، ولكن مع بعض التحفظات.