
البسام وتوثيق الأزياء السعودية
لم يكن لقائي بـ«الدكتورة ليلى البسام» مجرد حديث عن الموضة أو التراث، بل أشبه بجلسة مع الزمن ذاته. تتكلم عن الثياب كما لو كانت تحكي عن أشخاص، عن ذوق، وعن ذاكرةٍ مخبوءة في طيّات الأقمشة. صحيح لم أقرأ كتابها «الأزياء التقليدية السعودية - المنطقة الوسطى» كاملًا، لكنه كان بين يديّ، قلّبته وتصفّحته، وسمعت منها مباشرة عن رحلته الطويلة، ورأيت كيف تحوّلت أطروحة الدكتوراه إلى عمل توثيقي ثقافي رفيع، يُعدّ اليوم من المراجع الأساسية في هذا الحقل المهم من تراثنا.
الكتاب، الذي صدر عن دارة الملك عبدالعزيز، جاء في مجلد فاخر الطباعة والإخراج، مدعومًا بتوثيق بصري فني للملابس التراثية في قلب نجد. وعملت البسام على جمع المادة بأسلوب ميداني علمي، مع المصور المبدع «عبدالله المشرف» استطاعت من خلاله أن ترصد تفاصيل الأزياء الرجالية والنسائية في المنطقة الوسطى، من القصيم والرياض إلى حائل، من الخامات والأقمشة، إلى الزخارف والغرز، إلى أغطية الرأس ومكملات الزي.
ما لفتني في حديثها أنها لم تكن تنظر إلى الزي التقليدي باعتباره شيئا «من الماضي»، بل تراه جزءًا حيًا من الهوية، قابلًا للتجدد، ويستحق أن يُستدعى بروح العصر. وترى أن الماضي لا يعود بكامله، لكن جذوره تبقى حيّة، نستلهم منها ما يُشكّل خصوصيتنا الثقافية وسط تحولات الحاضر.
في حديثها، بدا واضحًا أن الزي ليس فقط قطعة تُرتدى، بل هو سجل حي لعلاقة الإنسان ببيئته ومجتمعه ومعتقده. فالزي النجدي مثلًا، يعكس بيئة صحراوية حارة، لذا كان فضفاضًا، خفيف اللون، يساعد على التهوية، ويحمل في الوقت نفسه دلالات رجولة وهيبة، من خلال الأحزمة والسيوف والزينة المرتبطة بالمقام الاجتماعي.
اللافت أيضًا أن أكثر من ثلثي الكتاب خُصص لأزياء الرجال والنساء، ليس فقط بوصفها عناصر مرئية، بل لكونها مرتبطة بطبقات المجتمع، بمناسباته، بثقافته، بعلاقته بالمكان والدين والبيئة. ولمست من حديثها أن المشروع ليس توثيقيًا فحسب، بل يحمل طابعًا إنسانيًا؛ يوثّق الذاكرة الجمعية التي كانت تُروى شفاهة، ويحولها إلى مادة علمية مصورة، دقيقة، تحفظها الأجيال القادمة.
وتتضح أهمية الكتاب أيضًا من كونه لا يكتفي بسرد الأنماط والأنواع، بل يسعى لتفسيرها وربطها بجذور ثقافية ممتدة. فالبسام تُبرز التأثيرات الإسلامية في الزخارف، وتشرح كيف أن البيئة والمعتقد والدور الاجتماعي للمرأة أو الرجل، كلها عوامل انعكست على الشكل والتطريز واللون.
وسلّطت البسام الضوء، في أكثر من موضع، على تأثير البيئة الجغرافية في تشكيل الأزياء؛ فالمناخ، والموارد، والعادات الاجتماعية، والدين، كلها تضافرت لتكوّن هذا الذوق المحلي الذي تميزت به كل منطقة سعودية. وضمن ذلك، تقارن بين أزياء نجد، وأزياء الجنوب، والشمال، والحجاز، والشرق، وتوضح كيف صبغت كل بيئة ملابسها بلونها، وحرارتها، وظروفها.
هذا الجهد التوثيقي لم يكن ليكتمل لولا الدعم الذي حظي به المشروع من دارة الملك عبدالعزيز، التي آمنت بأهمية حفظ هذا الجانب الثقافي المهم. ومن الأهمية بمكان أن نشير إلى الدكتور فهد بن عبدالله السماري، الأمين العام لدارة الملك عبدالعزيز، الذي قدّم لهذا العمل، واحتضن المشروع ضمن خطة شاملة لتوثيق الأزياء في مختلف مناطق المملكة، إدراكًا منه أن الهوية الوطنية لا تُصنع فقط بالكلمات، بل بالصور والأنسجة والقصص الصغيرة المخبأة في خزانة كل بيت سعودي.
كتاب الدكتورة ليلى البسام ليس فقط مرجعًا في الأزياء، بل مرآة لذاكرة ثقافية تراثية تستحق أن تُكتب بهذا الجمال،هذا العمق، وهذا الإخلاص.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرجل
منذ 33 دقائق
- الرجل
الفرص تُصنع لا تُمنح.. بطل التنس ورائد البادل فهد السعد يتصدر غلاف "الرجل"
صدر العدد الجديد من مجلة الرجل، يتصدره حوار حصري مع فهد السعد، بطل التنس ورائد البادل في السعودية، الذي يروي قصة تحوّله من الملاعب إلى ريادة الأعمال، ويكشف عن رؤيته لمستقبل الرياضة في المملكة. فهد السعد، أول سعودي يدخل التصنيف الدولي لرياضة البادل، وأول من أنشأ أكاديمية تنس مرخصة في المملكة، يعتبر أحد أبرز وجوه التحول الرياضي السعودي. انتقل من ساحات اللعب إلى عالم التحليل الرياضي وريادة المشاريع، مُجسّدًا برؤيته الاستثمارية المبكرة روح المبادرة، وكان سبّاقًا إلى إطلاق ملاعب البادل في المملكة قبل أن تتحول إلى ظاهرة شبابية واسعة. في هذا الحوار، يكشف السعد عن محطات ملهمة في مسيرته، ويتأمل التحولات الكبرى في المشهد الرياضي، مؤمنًا بأن "الفرص تُصنع، لا تُمنح"، وأن الشغف والانضباط هما عماد كل إنجاز حقيقي. "الرجل" اختارت السعد الذي جمع بين الشغف والدقة، وبين التجربة العميقة والرؤية المتطلعة، ليحدثنا عن قصته، عن الرياضة التي صاغت ملامح مستقبله، وعن الإيمان الذي لم يفارقه بأن النجاح السعودي في الرياضة لم يعد حلمًا بل صار واقعًا يتشكل بصوت الشباب وجرأة التجربة. تطالعون أيضًا في هذا العدد... قصص نجاح تبدأ ولا تنتهي، حيث نحاور رواد ورائدات أعمال شقوا طريقهم بإصرار، نستلهم من قصص الاستثمار في الطب، ونعرج على الشغف وقصص النجاح بالفن والتمثيل. نأخذكم إلى عالم تصاميم الساعات الهيكلية أو الـSkeleton، حيث تتألق بقلوبها المتطورة وتقنياتها الحديثة، ونحتفي معكم بساعة Captain Cook من Rado، المرصعة بالأحجار الكريمة. في الأزياء نتتبع خطى عودة الأبيض لأناقة بسيطة وكاملة، ونفرد مساحة لإكسسوارات تضفي لمسة من الحداثة والرقي لإطلالات الصيف، أما عطور هذا العدد فتضم باقة يجمعها عبير الأخشاب. وفي المحركات تصعد أحلامكم إلى القمة مع سيارة Kimera K39، ونروي قصة رحلة يابانية للفنان السعودي محمد التركي في شراكة ملهمة مع INFINITI. وفي الطائرات نحلق مع Gulfstream G280 من لندن إلى الرياض دون توقف. وفي السياحة اخترنا لكم إقامات فاخرة وقصصًا متنوعة، مع مقالات رأي بفسحة من الموسيقى، بينما تستمر رحلة فوق الرفوف، لتطالعوا فيها كتبًا تحرركم من الضغوط، مع موضوعات أخرى متنوعة، فتابعوا رواياتنا الشائقة على صفحات الرجل.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
ميسي: أنا وكريستيانو لسنا صديقَين!
في تصريح صريح ونادر، تحدث النجم الأرجنتيني ليونيل ميسي عن علاقته مع غريمه التاريخي كريستيانو رونالدو، مؤكداً أن الثنائي، رغم كل ما جمعهما داخل المستطيل الأخضر، «ليس بينهما صداقة». ما الذي حدث؟ ميسي شدد على أن غياب الصداقة لا يعود إلى أي خلاف أو خصومة بين الطرفين، بل ببساطة لأن طريقَيهما نادراً ما تَقاطعا خارج الملعب. حتى في أوج تنافسهما في إسبانيا، عندما كان ميسي يقود برشلونة ورونالدو يتألق مع ريال مدريد، ظلا على طرفي نقيض من صراع «الكلاسيكو» المشتعل. واليوم، رونالدو موجود في الدوري السعودي مع النصر، بينما يلعب ميسي في الدوري الأميركي بقميص إنتر ميامي. ورغم الدعوات المتكررة من الجماهير حول العالم لرؤيتهما معاً في فريق واحد قبل الاعتزال، فإن هذا السيناريو لا يزال مجرد حلم بعيد المنال. وفي حديثه لقناة «دي سبورتس»، قال ميسي: «لدي الكثير من الاحترام والإعجاب بكريستيانو رونالدو، وبالمسيرة التي خاضها ولا يزال يخوضها، لأنه لا يزال ينافس على أعلى مستوى». وأضاف: «التنافس بيننا كان داخل الملعب فقط. كلٌّ منا كان يسعى لتقديم الأفضل لفريقه، وكل شيء كان يبقى في حدود الملعب. خارج الملعب، نحن شخصان عاديان. لسنا صديقين؛ لأننا لا نمضي وقتاً معاً، لكننا دائماً ما تبادلنا الاحترام». ولا يزال النجم البرتغالي البالغ من العمر 40 عاماً يسابق الزمن لتحقيق حلمه بالوصول إلى 1000 هدف في مسيرته، فيما يحتفل ميسي هذا الأسبوع بعيد ميلاده الـ38. وقد حصد الاثنان معاً 13 كرة ذهبية، وكتبا فصلاً خالداً في تاريخ كرة القدم لن يُمحى. الجدير بالذكر أن ميسي يشارك هذا الصيف في كأس العالم للأندية مع إنتر ميامي، بينما غاب رونالدو عن البطولة رغم وجود عروض للانضمام إلى أحد الأندية المشاركة، ما فوّت على العالم فرصة جديدة لرؤيتهما معاً على مسرح عالمي.


مجلة هي
منذ 2 ساعات
- مجلة هي
تركي آل الشيخ يكشف من نيويورك: نزال كانيلو وكروفورد أغلى عقد في تاريخ الملاكمة
واصلت جولة الترويج العالمية لنزال القرن بين كانيلو ألفاريز وتيرينس كروفورد محطاتها، حيث أقيم المؤتمر الصحفي الثاني في مدينة نيويورك، بحضور كبار الشخصيات الرياضية والإعلامية، ونجمي المواجهة المنتظرة. وافتتح معالي المستشار تركي بن عبدالمحسن آل الشيخ، رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة للترفيه (GEA) ورئيس الاتحاد السعودي للملاكمة، المؤتمر بكلمة أكد فيها دعم المملكة المستمر لرياضة الملاكمة، مجدداً امتنانه لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، على دعمه الكبير للاتحاد السعودي للملاكمة وموسم الرياض، مضيفًا: "أود أن أشكر شريكي الدكتور راكان الحارثي من صلة، كما أشكر الأسطورتين كروفورد وكانيلو. أخيرًا يتحقق هذا الحدث، ونحن سعداء لأنكم سعداء". وفي إشارة إلى اختيار منصة "نتفليكس" لنقل النزال حصريًا، قال آل الشيخ: "هذا القرار تم بدافع قناعة رجل واحد أقنعني بخوض هذه الخطوة، وهو موجود بيننا اليوم… أرجو أن ترحبوا معي بالسيد نِك خان من مجموعة TKO (WWE)". وأضاف: "أشكر بيلّا باغاريا (الرئيسة التنفيذي لنتفليكس). أعلم أنني سببت لها الكثير من الضغط، لكن يجب أن تفهم أنني معها وأدعمها. وأعتذر عن تأجيل المؤتمر من 16 مايو حتى اليوم بسبب أمور تقنية، لكن يجب أن تعلم أنني عقدت هذه الصفقة من أجل نِك خان". وكشف آل الشيخ أن المفاوضات شملت أكثر من منصة كبرى، موضحًا: "كانت لدينا على الطاولة منصتان كبيرتان بعقود ضخمة، لكننا اخترنا نتفليكس لأنها المنصة الأكبر في العالم. أنا واثق أن هذه مجرد بداية لعلاقة استراتيجية كبرى". وفي إشارة إلى حجم الصفقة التي تم إبرامها، قال: "أريد منكم أن تفهموا أننا الآن أمام أغلى عقد في تاريخ الملاكمة. لن أصرّح بالأرقام، وسأترك الحديث للأساطير في الحلبة". وشهد المؤتمر الصحفي مداخلة قوية من الملاكم المكسيكي كانيلو ألفاريز، الذي تحدث بثقة عن أهمية النزال المرتقب، واحترامه لمنافسه كروفورد، قائلاً: "هو واحد من أعظم المقاتلين في السنوات الأخيرة، ولا شك في ذلك. إنه بطل، وهذا لأنه مقاتل عظيم بالفعل. وأخي تركي آل الشيخ طلب مني هذا النزال كثيرًا، ولهذا نحن هنا اليوم.' وفي رده قال كروفورد :"أعتقد أن هذا نزال رائع للجماهير. وسأتحدث بصراحة أنا في حالة مطاردة. كل ما لدينا على الطاولة، أنا سآخذه. في 13 سبتمبر، سأنتزع كل شيء". كما تحدث النجم الأمريكي تيرينس كروفورد بثقة كبيرة، مؤكداً أن هذا النزال جاء في التوقيت المثالي بالنسبة له، حيث قال: "أريد من جميع من في المدرجات أن يصدقوني سيبكون عندما يعودون إلى منازلهم". وفي رده على ما يُثار حول تكتيكات الهروب في النزالات، قال كانيلو ممازحًا تركي آل الشيخ: "نحتاج إلى وضع حلبة صغيرة… صغيرة جدًا". وسرعان مارد عليه كروفورد :"صدقوني، الجري الوحيد الذي سأقوم به هو الجري نحو رأسه – وأؤكد لكم ذلك. ثم إنه يملك رأسًا كبيرًا أيضًا"! وفي ختام المؤتمر الصحفي، شارك دانا وايت، الرئيس التنفيذي لـ UFC، في لحظة الـFace Off الرمزية بين الملاكمين، والتي سرعان ما تحولت إلى لحظة توتر وتدافع نتيجة التلاسن الذي حدث خلال المؤتمر، إذ قام كانيلو بدفع كروفورد وسط تصاعد التوتر بين الطرفين، مما استدعى تدخلاً مباشراً من وايت لفض الاشتباك وتهدئة الأجواء. وكان موسم الرياض دشّن مساء (الجمعة) من مسرح بكر الشدي في منطقة بوليفارد سيتي، الجولة الإعلامية العالمية لـ"نزال القرن" على لقب الوزن المتوسط الفائق، وسط حضور إعلامي كبير من مختلف دول العالم. يُذكر أن المحطة الأخيرة للجولة الترويجية ستقام يوم الجمعة المقبل في مدينة لاس فيغاس الأميركية، ومن المتوقع أن تحظى بحضور إعلامي واسع، نظراً للزخم الكبير الذي رافق المحطات السابقة، واهتمام وسائل الإعلام العالمية بالنزال المرتقب بين كانيلو وكروفورد.