
الخبيرة في الاقتصاد الاجتماعي والتضامني الأستاذة حكيمة خالص تكتب لصوت العدالة …المسؤولية تبدأ من سؤال: ما دوري؟ وتنتهي بقرار: لن أبقى متفرجا.
ضعف ثقافة تحمل المسؤولية.
هي ظاهرة لا تَصرخ، بل تتسلل . لا تثير العناوين، لكنها تعيق المبادرات. ومن تمثلاتها اليومية، نسمع عبارات مثل:
'ماشي شغلي'، 'أنا غير كنخدم باش ندي الصالير'، 'علاش نْصلّح وأنا ما كنستافدش؟'…
فهل نحن إزاء أزمة أخلاقية؟ أم نتيجة بنية سوسيو-ثقافية لا تشجع على المبادرة الفردية والجماعية؟
جذور الظاهرة: حين تهمش المسؤولية في التنشئة
ضعف الإحساس بالمسؤولية لا يولد فجأة، بل هو نتاج لتراكمات تربوية واجتماعية:
في الأسرة: يربى الطفل على الطاعة لا على اتخاذ القرار، وعلى الاتكال بدل الاستقلالية. يُملى عليه كل شيء، فيفقد تدريجيا شعور 'الملكية' لما يفعله.
في المدرسة:النجاح لا يُربط احيانا بالاستحقاق، بل بالمجاملات أو القرارات الإدارية. التلميذ يتجاوز المستويات دون مساءلة حقيقية عن مجهوده أو نتائجه.
في الفضاء العمومي: نعاين مشاهد يومية لغياب المسؤولية، من رمي الأزبال إلى إتلاف الممتلكات العامة، مرورًا بعدم احترام الدور أو القانون.
في الإدارات والمؤسسات: بعض الموظفين يكتفون بالحضور الشكلي، دون مبادرة أو التزام حقيقي. والأدهى أن المبادرة الفردية قد تُقابل بالتهميش أو الاتهام بـ'التسرّع'.
قراءة اجتماعية:
هذه الظاهرة لا تنفصل عن بنية ثقافية عميقة، تكرّس نوعًاغ من 'اللاعِقاب المقنع 'وتُنتج ما يُشبه 'التحصين الاجتماعي ضد المسؤولية'. فالفاعل الجمعوي لا يتحرك إلا بتعليمات، والمنتخب يحمّل الحكومة، والموظف يلوم القوانين، والمواطن يتذرع بـ'الفساد من فوق'، وهكذا تتشكل 'حلقة مفرغة من التملص الجماعي'
سؤال محوري:
هل نربّي أبناءنا على تحمل المسؤولية أم على الخضوع؟
هل نُنمّي فيهم حس 'أنا فاعل' أم نُرسّخ لديهم 'أنا منفذ'؟
وهل تعلُّم المبادرة بات ضرورة ملحّة أكثر من مجرد 'ميزة' شخصية؟
أمثلة واقعية من مغرب اليوم:
موظف يمتنع عن صيانة جهاز معطّل بحجة أنه ليس من اختصاصه، تاركًا المواطنين ينتظرون لساعات.
مجلس جماعي يتهرّب من مهامه بحجة أن الصلاحيات محدودة، فيما يستمر المواطنون في معاناة يومية.
شباب متطوعون بمبادرات محلية ناجحة، لكنهم يفتقرون للدعم، فقط لأنهم 'خارج الهياكل الرسمية'.
آباء يلومون المدرسة على فشل أبنائهم، دون مساءلة لدورهم في المرافقة اليومية.
التأثير على التنمية:
حين تغيب المسؤولية تُشلّ المبادرة، ويختفي الإبداع، ويهيمن الانتظار. ويُصبح التغيير مؤجَّلاً، رهين 'قرارات مركزية' قد لا تأتي.
ولا يمكن لأي نموذج تنموي، مهما كانت جدّيته، أن ينجح دون مواطن مسؤول يعتبر نفسه طرفًا في المعادلة، لا مجرد متلقي سلبي أو ناقد دائم.
ما العمل؟ توصيات واقعية وممكنة التنفيذ
في الأسرة: -إشراك الأطفال في قرارات يومية: ماذا نأكل؟ كيف نرتّب البيت؟ ما هو برنامج العطلة؟
-ربط السلوك بالنتيجة: 'قررتَ ألا تُراجع دروسك؟ إذًا عليك تحمّل النتيجة.' في المدرسة: الانتقال من التلقين إلى المشروع: تعلُّم عبر العمل الجماعي، توزيع الأدوار داخل القسم، وربط التقييم بتحمل المهام.
-إدماج التربية على المواطنة الفعلية في الأنشطة وليس فقط في المقررات. في الإدارة: -خلق مناخ يشجع على المبادرة دون خوف من العقاب.
-تعزيز التحفيز الداخلي: الاعتراف، التكوين، إشراك الموظف في صنع القرار. في المجتمع المدني : -دعم الجمعيات والتعاونيات كمختبرات للمواطنة النشطة، وليس فقط كمستفيدين من الدعم.
-تثمين قصص النجاح المحلية، وتعميمها كنماذج قابلة للاقتداء. في الإعلام: -تسليط الضوء على 'القدوات الخفية': سائق حافلة ملتزم، أستاذ في قرية نائية، شابة تطلق مشروعًا من لا شيء…
-إنتاج محتوى توعوي يُبرز أثر المبادرة الفردية في التغيير الجماعي
في النهاية، المسؤولية ليست شعارًا يُعلّق، ولا درسًا يُلقَّن، بل وعيٌ داخلي يتشكل بالتدرج والممارسة اليومية.
نقطة التحوّل تبدأ بسؤال صادق: ما دوري؟
وحين نجيب عنه بالفعل لا بالقول، نكون قد خطونا الخطوة الأولى نحو بناء مغرب جديد، مغرب مواطنين لا متفرجين.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
منذ 13 دقائق
- المغرب اليوم
ثلاثة وزراء مغاربة مرشحون لخوض الانتخابات التشريعية لـ2026 في دوائر الشمال
يبدو أن أحزاب التحالف الحكومي الثلاثة شرعت في ترتيب أوراقها بشأن دخول السباق الانتخابي لتشريعيات 2026، حيث أفادت مصادر عليمة بأن كل حزب يتجه على الأقل يتجه إلى ترشيح وزير على الأقل في الانتخابات المنتظر أن تفرز حكومة مونديال 2030. وسجلت المعطيات التي حصلت عليها الجريدة من مصادر حزبية جيدة الاطلاع أن حزب التجمع الوطني للأحرار يتجه نحو الدفع ب أحمد البواري ، وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى المنافسة في الانتخابات التشريعية المقبلة بدائرة وزان. ووفق المعلومات الرائجة حول الموضوع، فإن الوزير، الذي يحظى بثقة كبيرة من لدن رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار عزيز أخنوش ، سينافس في الانتخابات البرلمانية المقبلة في مدينة وزان التي رأى النور فيها وحرص بشكل دائم على التردد عليها وزيارتها بشكل مستمر. أما بشأن حزب الأصالة والمعاصرة القوة السياسية الثانية في التحالف الحكومي المسير للبلاد، والذي يمني نفسه بتصدر المشهد في الانتخابات التشريعية المرتقبة العام المقبل، فأكدت مصادر خاصة لهسبريس أن حزب 'الجرار' يدرس بقوة إمكانية ترشيح يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في انتخابات 2026 بدائرة طنجة أصيلة. وتأتي هذه الأنباء لتؤكد حرص الحزب على الحفاظ على وحدته وتماسكه من خلال ترشيح الوزير وابن عروس الشمال في الانتخابات المقبلة، خصوصا أن القيادة الوطنية للحزب تعي جيدا حقيقة وضعه في المدينة والخلاف القائم بين عدد من الأسماء فيه الراغبة في الترشح للانتخابات المقبلة. وبخصوص حزب الاستقلال الذي يمثل الضلع الثالث في التحالف الحكومي بالبلاد، فإنه عازم على إعادة ترشيح أمينه العام نزار بركة الدائرة الانتخابية العرائش، التي كان قد ترشح فيها خلال انتخابات 2021 وحصل على مقعد برلماني فيها. ووفق مصادر الجريدة، فإن الأمين العام لحزب الاستقلال حسم إعادة ترشيحه للانتخابات التشريعية 2026 منذ مدة؛ بل ودشن تحركاته وأطر أنشطة ولقاءات حزبية عديدة في الأسابيع الماضية بالعرائش أزعجت بعضها الحلفاء قبل الخصوم. يذكر أن الدوائر الانتخابية بالشمال تفيد التوقعات بأن تعرف في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة سباقا محموما للظفر بأكبر عدد من المقاعد، والتي تتميز عادة بترشيح أسماء وازنة للمنافسة عليها؛ ما يجعلها تتميز بتشويق وتنافسية عالية مقارنة ببعض الجهات الأخرى.


المغرب اليوم
منذ 13 دقائق
- المغرب اليوم
الملك محمد السادس يهنئ رئيس المالديف بعيد بلاده الوطني ويؤكد حرصه على تعزيز التعاون الثنائي
الرباط - المغرب اليوم بعث الملك برقية تهنئة إلى رئيس جمهورية المالديف ، محمد مويزو، وذلك بمناسبة احتفال بلاده بعيدها الوطني. وأعرب الملك في هذه البرقية عن أحر تهانئه وأصدق متمنياته للرئيس محمد مويزو بدوام الصحة والهناء، ولشعب المالديف الشقيق باطراد التقدم والرخاء. ومما جاء في برقية الملك 'وأغتنم هذه المناسبة السعيدة، لأعرب لفخامتكم عن اعتزازي العميق بما يربط بلدينا من علاقات أخوية متينة، قائمة على التضامن الفاعل، والتعاون المثمر، والتقدير المتبادل، مؤكدا لكم حرصي على مواصلة العمل سويا معكم من أجل ترسيخها أكثر وتطوير تعاوننا الثنائي في مختلف المجالات بما يستجيب وتطلعات شعبينا الشقيقين'


مراكش الآن
منذ 30 دقائق
- مراكش الآن
وزير الدفاع الإسرائيلي يهدد إيران: نستعد لمفاجأتكم مرة أخرى
صرح وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، اليوم الاثنين، أن تل أبيب تستعد لمفاجأة إيران مرة أخرى في المستقبل. وقال في كلمة بمناسبة إعادة تأهيل المباني المدمرة بسبب الحرب الأخيرة مع إيران: 'على قادة إيران أن يتوقفوا عن تهديدنا'. وأشار إلى أن إسرائيل وجهت «ضربة قاضية» للبرنامج النووي الإيراني. وأمس الأحد، وجّه يسرائيل كاتس، تحذيرا مباشرا إلى المرشد الإيراني، علي خامنئي، قائلاً إنه في حال استمرار طهران بتهديد بلاده، فإن 'أذرع إسرائيل الطويلة ستصل إلى خامنئي شخصيًا'. وقال كاتس، خلال زيارته لقاعدة 'رامون' الجوية، يوم الأحد: 'أريد أن أوجّه رسالة واضحة إلى خامنئي: إذا واصلت تهديد إسرائيل، فإن أيدينا الطويلة ستصل مرة أخرى، وبقوة أكبر، إلى طهران وإليك شخصياً. لا تهددوا، كي لا تتعرضوا للضرر'.