حاجة الأمة إلى رجل الدولة
اتحاد المغاربة يحتاج إلى رجال مثل الأمير عبد القادر والمجاهد عبد الكريم الخطابي وعمر المختار
ليولد مكتملا قويا، ولا أظن بأن الأقدار ستجري اتحادا عظيما كهذا على أيدي الحكام الحاليين. وشر البلية ما يضحك حقا، فإن القادة المغاربة أعطوا حاديهم، أعني "الأمم المتحدة" التسمية المهذبة للاستعمار، مكنة تقرير الحل النهائي لمشكلة الصحراء. ولقد أبانت الدول الفاعلة في مجلس الأمن عن نواياها وقلبت للأمة الأمور. لذلك، يحسن بالبرلمان الجزائري إضافة بنود تتعلق بالتعبئة المعنوية للشعب وللجيش، تعبئة تسبق الدخول في هذه المرحلة وفي المرحلة التي تليها وهي إعلان الحرب وتترافق معهما، كما فعل الرئيس الراحل صدام حسين ذلك في "الحملة الإيمانية" ببنودها المعروفة، ولكن إقراره لها في ذلك الحين كان متأخرا جدا فلم تؤت أكلها كما يجب، ووقع للعراق العزيز ما وقع. إن التنافر الموجود بين رام الله وغزة عميق وجوهري ومرجعه إلى البنية الفكرية للطرفين، لذلك فالحديث عن الالتحام والوحدة من دون انقلاب للسلطة ورجالاتها في القناعات لا فائدة منه. إنه يكفي الأحرار والشرفاء أن يثبتوا ويكفيهم أن يلتحق بهم التائبون العابدون من كتائب الأقصى، والمضي بصبر وثبات جمعا، لنيل إحدى الحسنيين قدما، فلكل جيل رجاله وتضحياته، والنصر مكتوب لأحدهم لا محالة. أخلاق السياسي رجال الدولة الحقيقيون لا يدخلون في مثل هذه الزواريب الضيقة حيث تضيع المروءة. ومن يكيد لغيره يكاد له حتما. لكن، إلى متى يظل العراق العزيز يتقلب من مكايدة إلى أخرى باسم القومية تارة وباسم الدين تارة أخرى؟ إنه لا يرتقي الفاعلون السياسيون مهما تنوعت مشاربهم إلا حينما يفقهون بأنهم مكلفون بأداء أمانة العدل بين الناس، وإن تضييع هذه الأمانة خيانة عظمى جزاؤها وبيل عند الله في الدنيا وفي الآخرة. السلم الذي يصعد عليه أمثال هؤلاء الرؤساء هو الأولى بالمراجعة، والحاجة ملحة إلى هيئة "حل وعقد" محصنة من أن تطولها أيدي هؤلاء الطغاة، وقبل ذلك كله ومعه ضرورة أن نبالي بالمرجعية الأخلاقية في السياسة، التي تشترط في الحاكم العلم والصلاح والكفاية والقدرة، والتي لا يلتفت إليها إلا القليل، فلذلك أصبحت دولنا، بتلكم القيم، مفلسة وفريسة هينة لمستبد تسلق "ديموقراطيا" إلى رأس الولاية العامة. الولاء للأمة ما كانت المدن التاريخية كدمشق وبغداد وقرطبة لتكون حواضر حقيقية لو أنها انكفأت عن أعمال الحياة بكل تشعباتها والإحسان فيها وانشغلت بفك متلازمة "السلطة والحرية والديمقراطية"، كما نفعل اليوم. أمام الحكم في سورية تجارة رابحة لن تبور إذا ما هو وسع بعدله الناس أجمعين. الدروز ليسوا قبيل شر، وعليهم أن يأمروا بالمعروف وينهوا عن المنكر في مضاربهم وفي كل سورية، وليس عليهم أن يخضعوا لفئات خاصة من ذويهم تتولى أمنهم بالسلاح في جرمانا وغيرها، ما دامت هنالك جهات رسمية تتولى ذلك، وإلا أصبحنا دولة داخل دولة، وهذا مفض للمنازعة وإراقة الدماء هدرا. جمال عبدالناصر، إن أحسنا الظن به، نقول بأنه كان يقرأ في ما قال للقذافي سرا موازين القوة المادية فحسب، وكان يبيع للشعوب الوهم علنا حتى لا تنهزم. وبما أنه ذكر في التسجيل الاستسلام والنأي بمصر عن المواجهة وترك ذلك لمن يريد، وكان هو يريد المساومة والتقسيم، فعلى الرجل إذن ما يقال، وليس هو كما نعرف ويعرف من يتخذه صنما يلهمه. ومن السابق لأوانه الحكم الأخير على هذا الزعيم الذي أثر في الأمة دهرا، حتى تخرج أسرته للناس كل إرثه المستور. السنية ليست عصبية، والشرع ليس وحده من يحكم سورية. الكيان المحتل لا يريد دولة قوية تجاوره تؤمن بالله وتحمل مشروعا ثقافيا يمتد وصله إلى أعماق التاريخ؛ لذلك فهو يحتاج إلى بيادق وشماعة لوأد الجنين، فوجد ضالته في الدروز حاليا، إلى حين تتبدل الموازين والحسابات. والحديث مغزاه يعود إلى أهلنا الأحرار من الدروز في حوران، أن الأمة بحاجة إلى كل قطرة دم وإلى كل رصاصة وحبة قمح، فلا تردينكم الأوهام بدعم الكيان المسموم المهالك، لأن التشقق باد على الطائفة، وأنتم من سيتولى دفع الثمن لا الصهاينة، في معركة لا ريب أنها خاسرة. ما أكثر الوثائق لدى الإخوة الأكراد وما أوسع تشكيلاتهم! حتى إن العقول المتابعة لشؤونهم لتنوء بحفظها والتمييز بينها. وعبثا يحاول من يدعي تمثيل قومه أن يتجاوز حقيقة البنية الثقافية والاجتماعية لأهالي المنطقة، والتي أشار إليها عبدالله أوجلان بشجاعة في بيانه الأخير، وإن كان ما قاله تحصيل حاصل تأخر التصريح به طويلا. على أن البكائية من بعض الساسة على حقوق المكونات الصغيرة كان ولا يزال مدعاة للمطالبة بنظام حكم يلغي حق الأغلبية المسلمة، التي ينضوي فيها كل من آمن بالله وبرسوله بغض الطرف عن أصوله وثقافته. بل ويجعل من تجزيء القضايا، ومنها قضية المكون الكردي المسلم، مبررا ليتحالف مع القوى الإمبريالية من دون أن يشعر بجسامة ما يصنع، وينكر على غيره فعلها. وتلكم مفارقات تعيب الأطروحات النابية عن نسيج المنطقة المتناسق عبر التاريخ. موازين الرجولة عندما تدلهم عليك الخطوب كما هي اليوم على النظام المصري برمته، لا الرئيس السيسي فحسب، على المؤمن أن يراجع حساباته ويتوب إلى الله لعل العواصف تنجلي، لا أن يجترح النظام مناورات قد تودي به وهو يخاصم أعتى قوتين تحالف معهما دهرا. أعني بالتوبة رد المظالم إلى أهلها وطلب الصفح من الضحايا، وما أكثرهم في مصر المحروسة! مصر اعترفت بالصين الشعبية ابتداء، فما الذي أخرها عن الصعود إلى الريادة كما فعل التنين؟ لا يزال بعضنا يمجد العسكرية، ولما تجف دماء الأبرياء في رابعة والنهضة بعد. وعلى كل حال، فإن من فشل في النهوض بمصر، وحملها ديونا يئن تحت وطأتها أهلنا المصريون، ويعجز عن فتح بوابة من حديد تفصله عن إخوانه المنكوبين في غزة، لا يمكنه أن يواجه عدوا كإسرائيل يبيد الفلسطينيين على مرمى بصر منه، مهما بالغ في الإنفاق على التسلح من أقوات المصريين الفقراء. إن التنافر الموجود بين رام الله وغزة عميق وجوهري ومرجعه إلى البنية الفكرية للطرفين، لذلك فالحديث عن الالتحام والوحدة من دون انقلاب للسلطة ورجالاتها في القناعات لا فائدة منه. إنه يكفي الأحرار والشرفاء أن يثبتوا ويكفيهم أن يلتحق بهم التائبون العابدون من كتائب الأقصى، والمضي بصبر وثبات جمعا، لنيل إحدى الحسنيين قدما، فلكل جيل رجاله وتضحياته، والنصر مكتوب لأحدهم لا محالة. من حق الشعوب أن تعرف كل شيء عن قادتها، لتضعهم في المكانة اللائقة بهم. التكتم على التسجيل المسرب للرئيس جمال عبد الناصر حتى ظهر للعلن فجأة تتحمل الجهات الرسمية شبهة التعمية عنه وكذا عائلته الوصية على إرثه. كما أن إظهاره الآن يطعن في نوايا الجهات المستفيدة من ذلك، وهي جهات تسعى لبث الوهن في الأمة وقودها إلى التركيع، وهي كثيرة من جلدتنا ومن غيرنا، خاصة في هذه الأيام المشهودة التي تسجل ملاحم الصمود والتصدي وخزايا الخنوع والتردي. جمال عبدالناصر، إن أحسنا الظن به، نقول بأنه كان يقرأ في ما قال للقذافي سرا موازين القوة المادية فحسب، وكان يبيع للشعوب الوهم علنا حتى لا تنهزم. وبما أنه ذكر في التسجيل الاستسلام والنأي بمصر عن المواجهة وترك ذلك لمن يريد، وكان هو يريد المساومة والتقسيم، فعلى الرجل إذن ما يقال، وليس هو كما نعرف ويعرف من يتخذه صنما يلهمه. ومن السابق لأوانه الحكم الأخير على هذا الزعيم الذي أثر في الأمة دهرا، حتى تخرج أسرته للناس كل إرثه المستور. كيما يتبين السياق المجتزأ من النص الذي يطعن في مصداقية الرجل، يحسن بالقائمين على تاريخه ونضالاته وبأسرته كذلك نشر النص كاملا على منصات التواصل وكشف الجهة التي تعمدت تشويه سمعته على الملأ. الرئيس جمال له وعليه، ونزع الزعامة عنه تجن، وخلع القداسة عنه تعصب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


رصين
منذ 26 دقائق
- رصين
نتنياهو.. الجوع في غزة هو مشكلة إعلام
الغد-هآرتس قرار رئيس الوزراء الاستئناف الاضطراري للمساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة أجبره هو وشركاؤه على أن يخرجوا إلى هجوم "إعلامي" يرمي إلى مصالحة الجمهور الانتخابي ذاك الذي وعد بعقاب جماعي في شكل تجويع. بعد أن شرح لوزراء الحكومة أنه "توجد حملة في العالم عن "جوع في غزة"، كما توجد ضغوط من أصدقائنا في أوروبا وفي الولايات المتحدة"، اضطر نتنياهو إلى أن ينشر شريطا مسجلا في الشبكات الاجتماعية كي يشرح للجمهور الانتخابي خائب الأمل أيضا أنه لم يتبق بديل. وشرح قائلا: "ثارت مشكلة لأننا نقترب من الخط الأحمر". لمن ما يزال يعتقد أن الخط الأحمر يشكل حافة أخلاقية محظور على الدولة أن تتجاوزها – يجمل به أن يصحو. فإسرائيل ليست هناك منذ زمن بعيد. الخط الأحمر الذي جرى الحديث عنه هو خط الإعلام. "أصدقاؤنا الأفضل في العالم، السناتورات الأكثر ودا لإسرائيل يقولون لنا إنهم يعطون كل المساعدات، السلاح، الدعم، الحماية في مجلس الأمن – لكنهم لا يمكنهم أن يدعموا صور جوع جماعي"، قال نتنياهو لنا. هكذا يسمع زعيم دولة تبنت التجويع الجماعي كسلاح ضد السكان المدنيين. لكن ليس زعيما كنتنياهو هو من يخيب أمل جمهوره الانتخابي من دون أن يضمن له مقابلا هجوميا. ففور الإعلان عن إدخال المساعدات شرح أن "خطة الحرب والنصر" هي عمليا "للسيطرة على كل غزة". بعده جاء بتسلئيل سموتريتش كي يوضح أن إدخال المساعدات لا يشهد على أنه هو وأعضاء حكومته تبنوا لا سمح الله عمودا فقريا أخلاقيا. "انا أفهم الغضب وآلام البطن"، اعترف وشرح أنه ببساطة إذا ما واصلنا التجويع "العالم سيفرض علينا وقف الحرب وسنخسر". وفي سياق حديثه هدأ الروع بالوعد بإبادة شاملة: "الجيش الإسرائيلي يعمل في غزة مع خمسة فرق، بقوة لم يشهد لها مثيل منذ بداية الحرب. فلا لمزيد من الاجتياحات والدخول والخروج بل نحتل، نطهر ونبقى حتى إبادة حماس". لأجل التأكد من أن الرسالة وصلت، قدم لنا عقبى تتمثل في أنه "في الطريق إلى إبادة حماس نبيد كل ما يزال باقيا من القطاع". نتنياهو وسموتريتش لا يحاولان إخفاء الجرائم التي يرتكبانها وما هو مخطط للمستقبل القريب: تخريب القطاع، احتلاله وقيادة ترحيل جماعي. من ناحيتهم الكارثة الإنسانية هي مشكلة إعلام فقط. في الواقع نفسه، ذاك الذي يرفض إسرائيليون كثيرون أن يروه لكن العالم ينظر إليه بدهشة، فإن ما تفعله إسرائيل في غزة ليس مشكلة إعلام – هذه جريمة حرب جماعية. الصور التي تأتي من غزة هي وصمة لا تمحى على الصورة الأخلاقية لإسرائيل. بدلا من مواصلة هذه الكارثة، فإن الحكومة ملزمة بأن تسمح بإدخال مساعدات إنسانية ذات مغزى كي توقف فورا الجوع الجماعي وتنهي الحرب في إطار صفقة لإعادة كل المخطوفين.

مصرس
منذ 2 ساعات
- مصرس
آداب وأخلاق إسلامية تحكم العمل الصحفى والإعلامى (2)
ما زلنا نتحدث عن الآداب والأخلاقيات التى لا بد أن تحكم العمل الصحفي والإعلامي فى ظل الإسلام وأخلاقياته ونتوقف اليوم عن خطورة الشائعات ونشرها. فالشائعات هي تدويرٌ لخبرٍ مختَلَقٍ لا أساس له من الواقع، يحتوي على معلومات مضلِّلة، باعتماد المبالغة والتهويل في سرده، وهذا الخبر في الغالب يكون ذا طابعٍ يُثير الفتنة ويُحْدِث البلبلة بين الناس؛ وذلك بهدف التأثير النفسي في الرأي العامّ تحقيقًا لأهداف معينة، على نطاق دولةٍ واحدةٍ أو عدة دول، أو النطاق العالمي أجمعه.وقد حرَّم الإسلام نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19]، وهذا الوعيد الشديد فيمن أَحَبَّ وأراد أن تشيع الفاحشة بين المسلمين، فكيف الحال بمن يعمل على نشر الشائعات بالفعل! كما أشارت النصوص الشرعية إلى أن نشر الشائعات من شأن المنافقين وضعاف النفوس، وداخلٌ في نطاق الكذب، وهو محرَّم شرعًا.ولا ينبغي إغفال دور وسائل الاتصال الحديثة؛ فإنها تساهم بدورٍ كبيرٍ في سرعة انتشار الشائعة ووصولها لقطاعٍ عريضٍ من الناس.ولهذا كله، وفي سبيل التصدي لنشر الشائعات جفَّف الإسلام منابعَها؛ فألزم المسلمين بالتَّثَبُّت من الأخبار قبل بناء الأحكام عليها، وأمرنا بِرَدِّ الأمور إلى أولي الأمر والعِلم قبل إذاعتها والتكلم فيها، كما نهى الشرع عن سماع الشائعة ونشرها، وذمَّ سبحانه وتعالى الذين يسَّمَّعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن.وبيَّن الشرعُ الشريفُ سِمَات المعالجة الحكيمة عند وصول خبرٍ غير موثوقٍ منه؛ فأمَرَنا بحسن الظن بالغير، والتحقق من الخبر، ومطالبة مروجي الشائعة بأدلتهم عليها والسؤال عمّن شهدها، وعدم تلقي الشائعة بالألسن وتناقلها، وعدم الخوض فيما لا عِلم للإنسان به ولم يقم عليه دليلٌ صحيح، وعدم التهاون والتساهل في أمر الشائعة، بل اعتبارها أمرًا عظيمًا، وتنزيه السمع عن مجرد الاستماع إلى ما يسيء إلى الغير، واستنكار التلفظ به.وقد حرَّم الإسلام نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم في الدنيا والآخرة؛ فقال تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفَاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾ [النور: 19].وسببُ نزول هذه الآية حادثةُ الإفك، وهي التي قذف فيها المنافقون أمَّ المؤمنين عائشةَ رضي الله عنها بالسوء كذبًا منهم وبهتانًا؛ قال الإمام البيضاوي في "أنوار التنزيل وأسرار التأويل" (4/ 102، ط. دار إحياء التراث العربي): [﴿إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ﴾ يريدون، ﴿أَنْ تَشِيعَ﴾ أن تنشر، ﴿الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ﴾ بالحد والسعير إلى غير ذلك، ﴿وَاللهُ يَعْلَمُ﴾ مَا في الضمائر، ﴿وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾، فعاقبوا في الدنيا على ما دل عليه الظاهر، والله سبحانه يعاقب على ما في القلوب من حب الإِشاعة].وسمّى اللهُ تعالى "ترويج الإشاعات" ب"الإرجاف"، ومنه ترويج الكذب والباطل بما يوقع الفزع والخوف في المجتمع؛ فقال تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا﴾ [الأحزاب: 60-61].وأصل الإرجاف من الرجف وهو الحركة، فإذا وقع خبر الكذب فإنه يوقع الحركة بالناس فسُمِّيَ إرجافًا.قال الإمام ابن فورك في "تفسيره" (1/ 394، 2/ 121، ط. جامعة أم القرى): [الرجفة: زعزعة الأرض تحت القدم، ورجف السطح من تحت أهله يرجف رجفًا، ومنه الإرجاف، وهو الإخبار بما يضطرب الناس لأجله من غير تحقق به.. والإرجاف: إشاعة الباطل للاغتمام به] اه.وأخرج ابن أبي الدُّنْيَا في "الصمت" موقوفًا على أبي الدَّرْدَاء رضي الله عنه قال: "أَيُّمَا رَجُلٍ أَشَاعَ عَلَى رَجُلٍ كَلِمَةً وَهُوَ مِنْهَا بَرِيءٌ لِيُشِينَهُ بِهَا فِي الدُّنْيَا؛ كَانَ حَقًّا عَلَى اللهِ أَنْ يُدِنيَهُ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي النَّارِ".كما أن نشر الشائعات –والتي هي في أصلها خبرٌ غير صحيح- داخلٌ في نطاق الكذب، وهو محرَّم شرعًا، وقد أشار القرآن الكريم إلى أن نشر الشائعات من شأن المنافقين أو ضعاف النفوس؛ فقال تعالى في شأنهم: ﴿وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا﴾ [النساء: 83].قال الإمام النسفي في "مدارك التنزيل" (1/ 378، ط. دار الكلم الطيب): [﴿وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمن أَوِ الخوف﴾ هم ناسٌ من ضعفة المسلمين الذين لم يكن فيهم خبرةٌ بالأحوال، أو المنافقون؛ كانوا إذا بلغهم خبر من سرايا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أمنٍ وسلامةٍ أو خوفٍ وخللٍ ﴿أَذَاعُواْ بِهِ﴾ أفشوه وكانت إذاعتهم مفسدة، يقال أذاع السر وأذاع به، والضمير يعود إلى الأمر أو إلى الأمن أو الخوف؛ لأن ﴿أو﴾ تقتضي أحدهما ﴿وَلَوْ رَدُّوهُ﴾ أي ذلك الخبر ﴿إِلَى الرسول﴾ أي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ﴿وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ﴾ يعني كبراء الصحابة البصراء بالأنور أو الذين كانوا يؤمّرون منهم ﴿لَعَلِمَهُ﴾ لَعَلِمَ تدبير ما أخبروا به ﴿الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ﴾ يستخرجون تدبيره بفطنهم وتجاربهم ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها].وقد أخرج البخاري ومسلم في "صحيحيهما" عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلَاثًا: قِيلَ وَقَالَ، وَإِضَاعَةَ الْمَالِ، وَكَثْرَةَ السُّؤَالِ»، والخوض في أخبار الناس وأحوالهم -فضلًا عن الترويج للأكاذيب والأضاليل وما يثير الفتن- داخلٌ في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «قِيلَ وَقَالَ».وفي سبيل ذلك أيضًا نهى الشرع عن سماع الشائعة كما نهى عن نشرها؛ فقال تعالى: ﴿وَمِنَ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ﴾ [المائدة: 41].كما ذمَّ سبحانه الذين يسَّمَّعون للمرجفين والمروجين للشائعات والفتن؛ فقال تعالى: ﴿لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلَّا خَبَالًا وَلَأَوْضَعُوا خِلَالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ﴾ [التوبة: 47].قال الإمام النسفي في "مدارك التنزيل" (1/ 684): [﴿ولأَوْضَعُواْ خِلَالَكُم﴾ ولَسَعَوْا بينكم بالتضريب والنمائم وإفساد ذات البين..


المشهد العربي
منذ 3 ساعات
- المشهد العربي
سماع دوي انفجارات في السويداء السورية
الأربعاء 21 مايو 2025 05:04:12 Page 2 الأربعاء 21 مايو 2025 05:04:12 الأربعاء 21 مايو 2025 04:22:41 الأربعاء 21 مايو 2025 03:35:24 الأربعاء 21 مايو 2025 03:26:00 الأربعاء 21 مايو 2025 02:21:39 الأربعاء 21 مايو 2025 00:21:09 الثلاثاء 20 مايو 2025 23:10:22 الثلاثاء 20 مايو 2025 22:59:00 الثلاثاء 20 مايو 2025 22:42:30 الثلاثاء 20 مايو 2025 22:15:23 الثلاثاء 20 مايو 2025 21:55:22 الثلاثاء 20 مايو 2025 20:43:49 الثلاثاء 20 مايو 2025 19:47:47 الثلاثاء 20 مايو 2025 19:25:12 الثلاثاء 20 مايو 2025 19:17:59 الثلاثاء 20 مايو 2025 18:57:57 الثلاثاء 20 مايو 2025 18:50:38 الثلاثاء 20 مايو 2025 18:42:20 الثلاثاء 20 مايو 2025 18:23:20 الثلاثاء 20 مايو 2025 18:06:23 الثلاثاء 20 مايو 2025 16:54:12 الثلاثاء 20 مايو 2025 16:29:39 الثلاثاء 20 مايو 2025 16:26:00 الثلاثاء 20 مايو 2025 16:03:31 الثلاثاء 20 مايو 2025 15:41:05 الثلاثاء 20 مايو 2025 15:36:58 الثلاثاء 20 مايو 2025 15:22:00 الثلاثاء 20 مايو 2025 14:33:47 الثلاثاء 20 مايو 2025 14:31:52 الثلاثاء 20 مايو 2025 12:28:33 Page 3 الصمت أمام ما تعانيه عدن ولحج وأبين لم يعد مقبولًا أو مبررًا تحت أي ظرف. ما يجري ليس احتجاجات عابرة، بل انتفاضة شعبية شاملة تعبّر عن وجع حقيقي ومعاناة مستمرة بلغت حدودًا لا تُحتمل. صمت مجلس القي... أنا مؤمن بأن إحدى أبرز مشكلات الجنوب وربما الأخطر من قضية الوحدة نفسها هو ما حدث بعد الاستقلال من طمس الهويات المحلية الجنوبية، التي شكلت عبر مئات السنين خط الدفاع الأول في وجه الغزو الزيدي. إن... بعد تحرير عدن من ميليشيا الحوثي، شهدت المدينة فترة من الفوضى الأمنية التي جعلت الخروج من المنازل مغامرة محفوفة بالمخاطر. أتذكر نهاية 2015 حضوري مع أطفالي فعالية احتفالية بعيد الأضحى في حديقة "فن سيتي"... عقدة "الجنوب" وتخبط القوى الشمالية: سر قوة الحوثي يعود جزء كبير من قوة الحوثي إلى حالة التخبط والانقسام بين القوى والمكونات في الشمال، التي لا تزال أسيرة عقدة "الجنوب". بالنسبة لهؤلاء يظل الحوثي... الإخوان ينكرون أي علاقة لهم بإدخال الحوثيين إلى صنعاء، رغم أن الجميع يعلم أنهم سهلوا وصولهم ورفعوا شعارات "حيّا بهم حيّا بهم" خلال ما سمي بثورة الشباب. بالمقابل، أنصار الرئيس السابق صالح يدّعون أنهم غ... يشهد الريال اليمني تراجعًا حادًا أمام العملات الأجنبية، حيث وصل إلى مستويات غير مسبوقة. فبحسب آخر الأسعار، تجاوز سعر الريال السعودي 510 ريالات يمنية، والدولار اقترب من 1950 ريال، وهو ما أدى إلى تآكل ا... سبب قوة الحوثيين وانقلابهم على السلطة في 21 سبتمبر 2014 يعود بالأساس إلى فشل القوى السياسية التي حكمت اليمن، خاصة بعد الوحدة. المؤامرة التي قادها المؤتمر الشعبي العام وحزب الإصلاح للإطاحة بالحزب... الذين يثيرون الاستياء من زيارة الرئيس عيدروس الزبيدي لحضور جلسات الأمم المتحدة هم في الغالب أصحاب مواقف مسبقة معارضة للمجلس الانتقالي، حيث يحاولون تحويل أي إنجاز يحققه الانتقالي إلى نقاط ضعف. البعض يت... هناك من يستغل حادثة اختطاف العميد علي عشال الجعدني لإثارة الفتنة بين الجنوبيين، وتبييض صفحة الإرهاب في الجنوب، وهؤلاء سيحصدون الفشل كالعادة. الأجهزة الأمنية بمختلف تشكيلاتها بذلت جهود كبيرة في مكافحة... للأسف معين عبدالملك يُعمق الفوضى في الجنوب، وبكل الاتجاهات إجتماعية وإقتصادية وسياسية وحتى أمنية وعسكرية، وهو بذلك يخدم الحوثي وعلى حساب تضحيات أبناء الجنوب. نحن قادمين على مرحلة حرب مع مليشيا ا... Page 4