
غزة واليمن؛ يضع الله سره وقوته بأشرف خلقه!ميخائيل عوض
غزة واليمن؛ يضع الله سره وقوته بأشرف خلقه!
نصر مبين؛ ونهاية إسرائيل جارية.
ميخائيل عوض
١
من أساطير الزمن الجاري التي تَبُز ما سبقها من أساطير للشعوب ومقاوماتها والحروب وفروعها، تكتب غزة صفحات مجد في كتاب تاريخ الإنسانية، وحروب المقاومات والتحرير، في وجه أعنف وأخطر حرب تتعرض لها كتلة بشرية.
فلم يسبق أن جَندَّت إسرائيل كل عزيمتها وقوتها، وجندَّت إلى جانبها كل قدرات أمريكا، والنظام الانجلو ساكسوني، وهو مهيمن وسائد عالمياً حاكماً، والأقوى عبر التاريخ.
غزة بمساحة٣٦٠ كلم، وبعدد سكان ٢,٢ مليون، مكشوفة ومسطحة ومستطيلة على البحر، محاصرة منذ عشرين سنة ونَيف، ومحرومة من كل فرص الحياة الطبيعية، وتحت السيطرة الالكترونية والتجسسيَّة الإسرائيلية، بمساندة أمريكا وبريطانيا، وأجهزة الأمن والسيطرة العربية والإسلامية!
٢
هذه الغزة، وعلى ما هي عليه أنتجت عملية طوفان الأقصى العجائبية.
عجائبية في مكانها وزمانها، وتخطيطها وتنفيذها، وبرجالها وأهلها، وبمَن استَهدَفت، وبما حققت، وما كشفته من هزال إسرائيل وجيشها وأمنها وتفوقها السيبراني والناري.
ذاتها إسرائيل التي هَزَمت، وطَوَّعت، وابتزَت، وفرضَت تطبيعها على دول بمقاييس غزة؛ 'هرقلية' وعظمى لمساحاتها ولعدد سكانها وقدراتها، وتعداد وسلاح جيوشها، ولإنفاقها على شراء الأسلحة والمرتزقة، وبناء الجيوش وقواعدها وأنواع سلاحها.
أسطورية، وعجائبية غزة في زمن 'اللاأساطير، واللاعجائب'.
٣
ثم اتمَّت روايتها، الأسطورة المعاشة في قدراتها على التحمل والصبر وتقديم التضحيات والعيش في ظروف قاسية لم يسبق أن عاشتها كتلة بشرية قط.
حصار وتجويع وتدمير وقتل بدم بارد، وطائرات الـ F35، وأمهات القنابل زِنة الواحدة منها ٢٠٠٠ رطل، هي أعظم ما أنتجته مصانع الحرب العالمية، تقصف خيم لنازحين، وأبنية مهدمة ومقصوفة، وعائلات جائعة في العراء، لا تملك ما يقيها حر النهار ولا برد الليل.
وقد تخلى عنها أهلها وعربها ومسلميها، ووقف العالم بحكوماته ومنظماته ومحاكمه متفرجاً عاجزاً، لم يفعل شيئاً مما كان يزعمه ويباهي فيه. إلا شباب وطلاب في أمريكا وأوروبا، تفاعلوا وحفزتهم عقولهم ومعارفهم، وما أجادوه من استخدام وسائط التواصل، لكشف وإسقاط سردية إسرائيل، التي نفخت الرؤوس كذباً وفبركات لقرن ونيَّف.
٤
يا للهول! سنة وسبعة أشهر، بساعاتها، بلياليها، ونهاراتها. لم تغادر سمائها الطائرات، ولا توقف القصف والقتل، وبرغم الجحيم المعاش حقيقة لا المتخيل، وقدمت لأهلها عروض مغرية؛ نقل عبر البحر و/أو بالطائرات الفارهة، واستعمار جزيرة، وتهجير إلى دول العالم معززين مكرمين. فقد اجترح ترمب حلاً عقارياً، لأشرف وأوضح قضية وطنية قومية دينية وإنسانية، وبذل جهداً، وجنَّد دولاً وقادة ومنظمات، ولم يجد فرداً واحداً من غزة يقبل الرحيل والتهجير.
استشهد قادتها، ومنظمي مقاومتها وعائلاتهم، وشطبت عائلات بكاملها من السجلات، ولم يقبل أحد منها ومن الفصائل مجرد نقاش في عروض الحماية والترحيل ومغادرة غزة، التي تقلصت مساحتها إلى الثلث باكتظاظٍ بشري غير مسبوق، والأفواه جائعة وعطشى لا تنشد ماء وطعاماً إلا من السماء.
٥
لكم أن تصدقوا عيونكم وآذانكم، وما ترون وتسمعون.
هذه الغزة أبدعت، وتقدم فصولاً مذهلة من أسطورتها العجائبية، فقد ثبتت وثبت أهلها، وصبروا ورفضوا كل الاغراءات، ولم يتخلوا عن المقاومة وخيارها. وقد أوفاها جنود الله في الميدان حقها، وعوضوا صبرها، وتضحياتها الهائلة. ويقاتلون بحكمة ودراية وبسالة ووعي ومعرفة وتنظيم مذهل، لم يسبقهم إلى هكذا أفعال مجيدة شعب أو جيش أو مقاومة على مدى الدهور.
صَدِّقوا بذهول، وانظروا إلى أبطال غزة الاستشهاديين، كيف يقاتلون، وبأية أسلحة وثياب، وأجساد مصقولة لا تُنشد إلا النصر أو الشهادة.
احسبوها وأنتم في حياة النعيم والرغد، من أين وكيف لهم الصبر والجلد، ويجمعون الصور والفيديوهات، والتصوير والبث المباشر، لترون وتسمعون وتعرفون أنها واقعات حقيقية جارية، لا فبركات هوليودية.
٦
هذه غزة 'المعمداني وهاشم'، كُتِب لها أن تكون عصيةً مقاتلة مثابرة، تلقن الغزاة الدروس، وتصنع الواقع لتمهر المستقبل بسماتها وطبائعها. مجددةً في فهم الحياة وقواعدها، وفي تعليم الأمم والشعوب كيف يُنتزع الحق الوطني والقومي، وكيف يُصنع المستقبل، وتُبنى أساساته لبنة لبنة ،وعملية صمود وقتال إثر أخرى.
في غزة كما في اليمن يصح القول؛ يضع الله سره في أعظم وأشرف خلقه، لا في أضعفهم.
فبين غزة واليمن ألف حبل سري، وسر إلهي، وأصول خلقٍ وتأسيسه. وبين ساحل الشام وجنوبه تكتب مرة جديدة، وأخرى بعد الألف قصة الخلق والإبداع، وتروى قصص نهوض وسقوط الامبراطوريات والحضارات.
غزة انتصرت، غزة تصنع نصراً كريماً عزيزاً ثميناً. أولى ثمراته؛ بداية انهيار المشروع الصهيوني، بصفته مشروعاً استعمارياً غربياً، انجلو ساكسونياً غاشماً ومتوحشاً.
في غزة ومنها بدأت علامات فك العلاقة بين أمريكا الترامبية وإسرائيل التلمودية والليكودية، والآتي أعظم.
١٠/٥/٢٠٢٥

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شفق نيوز
منذ ساعة واحدة
- شفق نيوز
معارضة غربية لتوسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة
أعلن قادة المملكة المتحدة وفرنسا وكندا في بيان مشترك الإثنين، معارضتهم "بشدة لتوسع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة". معتبرين أن إعلان إسرائيل "عن سماحها بدخول كمية أساسية من الغذاء إلى غزة غير كافٍ إطلاقاً". وطالبوا أيضاً بإفراج حركة حماس عن الرهائن الإسرائيليين المحتجزين لديها. وفي بيان مشترك، حذّر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ورئيسا الوزراء البريطاني كير ستارمر والكندي مارك كارني من أنهم لن يقفوا "مكتوفي الأيدي" إزاء "الأفعال المشينة" لحكومة نتنياهو في غزة، ملوّحين بـ"إجراءات ملموسة" إذا لم تبادر إلى وقف عمليتها العسكرية وإتاحة دخول المساعدات الإنسانية. ونقلت فرانس برس ردّ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامن نتنياهو الإثنين، على إدانة قادة فرنسا وبريطانيا وكندا للحملة العسكرية التي تشنّها إسرائيل في قطاع غزة، إذ اعتبر أن موقفهم بمثابة منح حركة حماس "جائزة كبرى". وجاء في بيان نتنياهو "بالطلب من إسرائيل وضع حدّ لحرب دفاعية نخوضها من أجل بقائنا قبل القضاء على إرهابيي حماس عند حدودنا وبالمطالبة بدولة فلسطينية، يقدّم قادة لندن وأوتاوا وباريس جائزة كبرى لهجوم الإبادة الجماعية على إسرائيل في السابع من تشرين الأول/أكتوبر مع التشجيع على مزيد من هذه الفظائع"، وفق تعبيره. وتدرس محكمة العدل الدولية "ما إذا كانت هناك إبادة جماعية تحدث في غزة". وكانت دولة جنوب أفريقيا قد اتهمت إسرائيل أمام محكمة العدل الدولية بارتكاب "إبادة جماعية في غزة"، وهو ما ترفضه إسرائيل. وكان نتنياهو، قد أعلن اعتزام إسرائيل السيطرة على قطاع غزة بأكمله. وقال في شريط مصوّر إن "القتال شديد ونحن نحقق تقدما. سوف نسيطر على كامل مساحة القطاع... لن نستسلم. غير أن النجاح يقتضي أن نتحرك بأسلوب لا يمكن التصدي له". ويأتي هذا الإعلان في ظل تكثيف الجيش الإسرائيلي غاراته الجوية وعملياته العسكرية البرية على غزة وتزايد القلق الدولي بشأن الوضع الإنساني في القطاع، الذي دخلته الاثنين شاحنات محمّلة بالمساعدات للمرة الأولى منذ أكثر من شهرين. وأعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 91 شخصاً في غارات إسرائيلية استهدفت القطاع منذ فجر الاثنين. وقال الجيش الإسرائيلي، الاثنين، إن قواته "استهدفت أكثر من 160هدفاً خلال الساعات الأخيرة". وأصدر الجيش أمراً بالإخلاء "الفوري" لسكان محافظة خان يونس ومنطقتي بني سهيلا وعبسان المجاورتين. Reuters الحوثيون: ميناء حيفا ضمن بنك الأهداف من جانبها أعلنت جماعة أنصار الله الحوثي اليمنية، "فرض حظر بحري على ميناء حيفا"، بحسب بيان صدر عنهم مساء الاثنين. وقال المتحدث العسكري باسم الحوثيين، يحيى سريع في بيان مصور نشر عبر حسابه على منصة تلغرام: إن "القوات المسلحة اليمنية، بالتوكل على الله، وبالاعتماد عليه قررت بعون الله تنفيذ توجيهات القيادة ببدء العمل على فرض حظر بحري على ميناء حيفا. وعليه، تنوه إلى كافة الشركات التي لديها سفن متواجدة في هذا الميناء أو متجهة إليه، بأن الميناء المذكور صار منذ ساعة هذا الإعلان، ضمن بنك الأهداف، وعليها أخذ ما ورد في هذا البيان وما سيرد لاحقاً بعين الاعتبار". واصل الحوثيون إطلاق الصواريخ على إسرائيل، بما في ذلك على مطار بن غوريون بالقرب من تل أبيب، وأعلنوا أن ذلك بهدف "التضامن مع الفلسطينيين في غزة"، على الرغم من موافقتهم على وقف الهجمات على السفن الأمريكية، وفق ما نقلت وكالة رويترز للأنباء. وتشير رويترز إلى اعتراض معظم الصواريخ التي أطلقتها الجماعة على إسرائيل، في حين نفّذت إسرائيل ضربات رداً على ذلك، بما في ذلك ضربة في 6 مايو/أيار ألحقت أضراراً في المطار الرئيسي في صنعاء وأسفرت عن مقتل عدة أشخاص. "قطرة في محيط" EPA أعلنت إسرائيل دخول "خمس شاحنات تابعة للأمم المتحدة محمّلة بمساعدات إنسانية، بما في ذلك طعام الأطفال، إلى قطاع غزة عبر (معبر) كرم أبو سالم"، وأشارت إلى أنها ستسمح "لعشرات من شاحنات المساعدات" بالدخول "في الأيام المقبلة". من جهته وصف منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر دخول شاحنات المساعدات بأنه "قطرة في محيط" الاحتياجات في القطاع الفلسطيني المحاصر الذي يعاني من الجوع. وأكد المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن "المساعدات لم تسلم" في غزة لأن "الليل قد حل" وبسبب "ظروف أمنية". وكان نتنياهو أشار الى أن على بلاده تفادي حدوث مجاعة في القطاع المحاصر "لأسباب دبلوماسية"، مع السماح بدخول كميات محدودة من الغذاء ابتداء من يوم الاثنين. وندّدت كلير نيكوليه من منظمة أطباء بلا حدود بما أسمتها عملية "ذرّ الرماد في العيون" وقالت "إنها طريقة للقول نعم نحن نسمح بدخول الأغذية، لكنها خطوة شبه رمزية". وحذّر المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غبرييسوس من خطر المجاعة في قطاع غزة حيث يوجد "مليونا شخص يتضورون جوعا". وفي الدوحة، استؤنفت المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحماس، من دون تسجيل تقدم يُذكر للتوصل لاتفاق. وقال مكتب نتنياهو إن الاتفاق يجب أن يشمل الإفراج عن كل الرهائن وإقصاء الحركة الفلسطينية من القطاع وجعل غزة منطقة منزوعة السلاح. ومنذ انهيار الهدنة الهشة التي استمرت شهرين واستئناف إسرائيل عملياتها في قطاع غزة في 18 آذار/مارس، فشلت المفاوضات التي تتوسط فيها كل من قطر والولايات المتحدة في تحقيق اختراق. وقال مصدر في حماس إن الحركة مستعدة "لإطلاق سراح كل الأسرى الإسرائيليين المحتجزين دفعة واحدة بشرط التوصل لاتفاق شامل ودائم لوقف إطلاق النار"، مشيراً إلى أن إسرائيل تسعى "للإفراج عن أسراها على دفعتين أو دفعة واحدة مقابل هدنة مؤقتة"، وفق ما نقلت وكالة رويترز للأنباء. ويُصر نتنياهو على عدم إنهاء الحرب دون "القضاء بشكل كامل على حماس" التي ترفض تسليم سلاحها أو التخلي عن الحكم في القطاع.


موقع كتابات
منذ 3 ساعات
- موقع كتابات
أنصار الله الحوثيون: معادلة الهيمنة الاستراتيجية في البحر الأحمر
لم يعد البحر الأحمر مجرد ممر تجاري، بل تحول إلى منصة صراع تُرسم فيها خرائط النفوذ الجديدة. وإن كانت واشنطن قد دخلت البحر الأحمر بأساطيلها، فإن صنعاء دخلته برؤية، واستراتيجية. صناعة الردع البحري: معادلة جديدة لميزان القوة. في واحد من أكثر التحوّلات الاستراتيجية غير المتوقعة خلال العقود الأخيرة، فرض أنصار الله الحوثيون في اليمن واقعاً جديداً على خريطة الملاحة الدولية، وبخاصة في البحر الأحمر وباب المندب، عبر أدوات عسكرية غير تقليدية ومنهجية صراعية تقوم على الجمع بين الردع الثابت والضغط المرحلي الموجّه. هذا التحوّل لم يقتصر على المعطى العسكري، بل امتد ليشكّل إعادة تعريف للهندسة الجيوسياسية في المنطقة، وأسفر عن إرباك غير مسبوق في مراكز اتخاذ القرار داخل الولايات المتحدة، وأدى في نهاية المطاف إلى رضوخ أميركي لشروط صنعاء الثورية، مقابل تعليق الهجمات على المصالح الأميركية فقط، مع الإبقاء على وتيرة الهجمات المتصاعدة ضد الكيان الصهيوني، الذي بات يتلقى الضربات بشكل منفصل ومنهجي باستخدام صواريخ فرط صوتية. هذا التحول ليس فقط انتصاراً ميدانياً، بل نجاحاً استراتيجياً لليمن الذي استطاع فرض معادلته في واحد من أكثر المسارح البحرية تعقيداً، بل واستطاع إعادة صياغة العلاقة بين الحلفاء الغربيين أنفسهم، وبالذات بين واشنطن و'تل أبيب'. من الهامش إلى المركز: إعادة تعريف الجغرافيا اليمنية لأكثر من قرن، كان اليمن، وبالذات مناطقه الساحلية المطلة على البحر الأحمر، موقعاً هامشياً في المعادلة الدولية. وُظفت أحياناً كممر، وتُركت غالباً كمستقر للاضطرابات. لكن، منذ عام 2023، بدأت هذه الجغرافيا تتبلور كفاعل، لا كمجرد موقع. نجح أنصار الله في تحويل ما يُعرف في الأدبيات العسكرية بـ'الهامش الجغرافي' إلى رأس حربة جيوسياسية، مستندين إلى قراءة دقيقة لتحوّلات التجارة العالمية، وانكفاء الهيمنة الغربية التقليدية، والفجوة المتزايدة بين القدرات الأميركية ورغباتها الإمبراطورية. هذا التحول لم يكن عشوائياً، بل تم بتخطيط متدرج، استثمر في الوقت، ومعرفة العدو، وتطوير القدرة الصاروخية والنفس الثوري في آنٍ معاً. صناعة الردع البحري: معادلة جديدة لميزان القوة الردع في البحر الأحمر لم يعد، كما كان في السابق، يعتمد على حاملات الطائرات أو القواعد العسكرية الدائمة، بل على القدرة على تهديد المصالح الاقتصادية في نقاط حرجة من دون الانجرار إلى صدام مفتوح. استطاع أنصار الله بلورة هذا الردع عبر استراتيجية تجمع بين المفاجأة والتدرج، وبين التصعيد المحسوب والضبط العملياتي الدقيق. ففي الوقت الذي كانت فيه الولايات المتحدة تراهن على تكثيف الوجود البحري في المنطقة، باغتتها الجماعة بضربات ذكية استهدفت السفن المرتبطة بالمصالح الغربية، ثم وسّعت نطاق عملياتها لتطال 'إسرائيل' بشكل مباشر، من دون أن تخسر خطابها الأخلاقي أو مشروعيتها الداخلية. إن ما حدث هو ولادة 'ردع طرف ثالث،'، أي فصل الولايات المتحدة عن التزامها المباشر بأمن الكيان المحتل، عبر إقناع واشنطن أن كلفة استمرار الارتباط العسكري مع 'تل أبيب' باتت أكبر من كلفة التخلي عنها مرحلياً. 16 نيسان 13:34 فك الارتباط الأميركي- الإسرائيلي: مكسب أممي لمحور المقاومة أحد أعمق أبعاد التحوّل الاستراتيجي يتمثل في نجاح أنصار الله في صياغة معادلة جديدة داخل المحور الغربي نفسه. لقد قبلت الولايات المتحدة، بشكل صريح هذه المرة، وقف العمليات ضد سفنها ومصالحها، مقابل تعليق أنصار الله الهجمات تجاه السفن الأميركية، لكنها لم تنجح في دفع اليمن إلى وقف استهداف الكيان الصهيوني. هذا التمايز في الاستجابة العسكرية يعكس ما هو أعمق من نجاح تكتيكي. إنه فصل نفسي واستراتيجي بين الحليفين التاريخيين، واشنطن و'تل أبيب'. فكيان الاحتلال الذي تعوّد على الاحتماء تحت المظلة الأميركية بات مكشوفاً أمام قوة جديدة في اليمن تتقن استخدام تكنولوجيا الصواريخ فرط صوتية ومبادئ الردع الثوري. المفارقة هنا أن واشنطن، التي تدّعي حماية الاستقرار العالمي، وجدت نفسها مرغمة على الدخول في مفاوضات غير معلنة مع جماعة تعدّها هي 'إرهابية'، في وقت يستمر اليمن في مهاجمة مدن كيان الاحتلال من دون رادع. هذا التحول وحده كفيل بإعادة تشكيل منطق التحالفات في الشرق الأوسط، وهو سقوط مدوٍ لمبدأ 'الأمن الجماعي الغربي'. وفرض معادلة يمنية وهي أن وقف الهجمات على 'تل أبيب' يستلزم وقف حرب الإبادة على غزة في التزام أخلاقي لا نظير له بين الدول الإسلامية.


موقع كتابات
منذ 8 ساعات
- موقع كتابات
ثقافة الاستفتاء تحدد ثقافة المجتمع
علم الاجتماع هو علم متخصص بثقافة المجتمع ( عادات وتقاليد ) واليوم بحكم ما استحدث من وسائل الاتصال الحديثة اصبحت مستلزمات دراسة علم الاجتماع لاي مجتمع امر ميسور ، ومن بين ما يحدد لنا تفكير المجتمع هي الاستفتاءات التي تصدر عن مكاتب المراجع عن الاسئلة التي تردهم من المواطنين . هنا لابد لنا من الاشارة الى ما كان يامله السيد محمد باقر الصدر وهو المجتمع المجتهد ، طبعا لا يقصد معرفة احكام استنباط الحكم الشرعي ، بل هنالك مواقف وتصرفات تخضع لاخلاق المسلم قبل ان تخضع للحكم الشرعي ، ومن هذا المنطلق وخلال مراجعة عينة عشوائية من الاسئلة التي وردت الى مكتب السيد السيستاني واجابة المكتب حقيقة اقف بتامل والم لان هذا هو حقيقة تفكير مجتمع . الاسئلة التي ترد ليست اسئلة استثنائية او لا تعبر عن واقع ، نعم بعضها قد تكون افتراضية ولكن حتى هذه الافتراضية لا تات الا من واقع يمكن ان تحدث فيه . نماذج من هذه الاسئلة مثلا ' هل يجوز التدخين في مكان مغلق ؟' هل هذا السؤال اخلاقيا يستحق ان يوجه للمرجعية ؟ نعم لربما ان السائل يعرف الاجابة لكنه يريد ان تكون مدعمة براي المرجعية حتى يلوح بها امام الغير ، طيب اين هي ثقافة الاخلاق والاصلاح والامر بالمعروف والنهي عن المنكر والنصيحة وما الى ذلك ؟ سؤال اخر 'هل يجوز أخذ الرواتب بطرق غير مشروعة؟' ، عجبا هو يقول غير مشروعة فهل يامل بالجواز ؟ واما الاسئلة الكثيرة التي تخص الاحتيال على غير المسلم فانها ثقافة للاسف الشديد موجودة يعني الاحتيال في اوربا باعتبار تلك البلدان غير اسلامية ، فهل هذه الاخلاق يقبلها الاسلام ؟ فهل هذه ثقافة تعبر عن سمو اخلاق المسلمين ؟ طبعا هذه الاساليب يحرمها الاسلام ، مسلم مع الامام علي عليه السلام اساء لكنيسة بالكلام فنهاه الامام علي عليه السلام عن ذلك لانها من وجهة نظر المسيحي انه يعبد الله فيها . هنالك تصرفات في الشارع اغلبها لم يجوزها المراجع لكن الاغلب من المواطنين يقدمون عليها وبكل وقاحة ، هل ان ضعف القانون حجة لنا لان نتصرف بما يحلو لنا ؟ هنالك اسئلة لظاهرة متفشية سلبية يعلمون بسلبيتها يريدون جعل المرجعية في الواجهة ولا يفكرون باصلاح انفسهم ، على سبيل المثال ان راتب الرعاية الاجتماعية مهما قل فان شروطه هو للعاطلين عن العمل يعني عندما تقوم بكتابة المعلومات ضمن استمارة الحصول على الراتب انك تكتب نعم انا عاطل عن العمل ، بينما واقعا انت تعمل ولربما اكثر من مهنة فهذا بخلاف ما ادعيت يعني انك كذبت ، وقد تطرق لهذا الموضوع السيد رشيد الحسيني فتعالت اصوات نشاز تنتقد وتتهجم عليه ، بحجة ان راتب العاطلين لا يكفي ، انت تعلم بمقداره وشروطه فمخالفة الشروط لاي عقد كان هو مخالفة للشرعية . في بعض الاحيان تكون اجابة المرجعية على سؤال وتكتب بحد ذاته يعني على اصل منطوق السؤال دون وجود تبعيات ومعلومات اخرى تخص مفردات السؤال فتكون الاجابة مختلفة مشكلة اخرى نعاني منها ان هنالك من يفسر الاحكام الشرعية وفق ثقافته فيصدر حكمه حلال او حرام ، وهذه هي من المؤشرات والمؤثرات على ثقافة المجتمع . سالت احد الاخوة المشايخ عن الاستفتاءات الشرعية هل عرضت عليك اسئلة غريبة ؟ قال الغريبة التي اتعجب لها هي التي تعبر عن مدى ثقافة السائل مثلا يسالني شاب اثناء الوضوء دخلت قطرات ماء في عيني فهل يبطل الوضوء ؟