
اقتصاد بلا نفط: هل تقترب السعودية من نموذج كوريا الجنوبية؟
كتب وائل مهدي، كاتب متخصّص في النفط والاقتصاد السعودي لـ"النهار":
في زمنٍ تتسارع فيه وتيرة التحوّل إلى الاقتصاد الأخضر، تطرح المملكة العربية السعودية سؤالاً استراتيجياً عميقاً: هل يمكن لدولة تأسّست على النفط أن تبني مستقبلاً مستداماً بعيداً عنه؟
تسع سنوات مضت منذ إطلاق "رؤية السعودية 2030"، واليوم تؤكد البيانات أن المملكة تخطو بثقة نحو إعادة صياغة اقتصادها، معتمدة على قطاعات جديدة بدلاً من إرث الهيدروكربونات.
في عام 2024، سجّل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي نموّاً بنسبة %1.3 فقط، نتيجة تراجع النشاط النفطي. لكن الوجه الآخر لهذه الصورة يكشف تحوّلاً بنيوياً لافتاً: الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي حقق نموّاً قويّاً بلغ %4.3، ليصل إلى 2.55 تريليون ريال سعودي، وهو ما يقلّ قليلاً عن المستهدف البالغ 2.61 تريليون ريال للعام نفسه.
من كراكاس إلى سيؤول؟ ملامح تشبيه جديدة
حتى وقت قريب قبل انطلاق الرؤية، كانت السعودية تُقارن غالباً بنماذج نفطية شبيهة: فنزويلا، إيران، الجزائر. أمّا اليوم، فهي ترسم صورة جديدة لموقعها الاقتصادي، أقرب إلى كوريا الجنوبية أو سنغافورة من حيث تركيبة الاقتصاد المتنوّع المعتمد على الابتكار والخدمات والمعرفة حتى وإن لم تصل السعودية إلى نفس حجم التنوّع الاقتصادي لهذه الدول.
وهناك بعض المؤشرات من تقرير 2024 التي توضح هذا التوجّه بعيداً عن النفط:
- مؤشر مديري المشتريات (PMI) للقطاع الخاص غير النفطي وصل إلى 58.1 نقطة، ما يدلّ على توسّع ملحوظ في نشاط الأعمال وثقة المستثمرين.
- تنامي الاستثمار في قطاعات واعدة مثل التعدين، الخدمات اللوجستية، الصناعة المتقدمة، التقنية المالية والاقتصاد الرقمي.
- توجيه الصندوق السيادي (صندوق الاستثمارات العامة) نحو مشاريع ذات طابع إنتاجي واستراتيجي، محلياً وعالمياً.
- الرسالة واضحة: المملكة لم تعد تُراهن على ارتفاع أسعار النفط، بل تبني اقتصاداً يمكنه الصمود والمنافسة حتى في غياب البرميل وأصبح نموّ الرؤية بعيداً عن الآبار النفطية.
لماذا ينبغي أن يهمّ هذا كلّ عربي؟
بالنسبة إلى القارئ العربي، قد يُعتقد أن هذا التحوّل داخلي الطابع. لكن الحقيقة أبعد من ذلك. نجاح السعودية في بناء اقتصاد غير نفطي متماسك يعني:
- فرص عمل واستثمارات عابرة للحدود تشمل دولاً مثل مصر، الأردن، العراق، سوريا ولبنان وغيرها.
- تكاملاً إقليمياً اقتصادياً جديداً، يقوم على التصنيع المشترك، والخدمات الرقمية، والسياحة العلاجية والتعليمية.
- إلهام مباشر للدول ذات الاقتصادات الريعية التي تبحث عن طريق بديل للنموّ.
في عالم عربي يتطلع إلى حلول للتنمية المستدامة، تقدم السعودية تجربة واقعية لا في "التنظير"، بل في التطبيق المنهجي عبر استراتيجية واضحة، وبيانات قابلة للقياس، وإرادة تنفيذية مركزية.
فكما ألهمت تجربة كوريا الجنوبية آسيا، يمكن للسعودية اليوم أن تؤدي دور النموذج في محيطها العربي، حيث لا يزال التحول الاقتصادي الفعلي مطلباً لا واقعاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ يوم واحد
- النهار
السعودية الأولى في تطوير الحكومة الالكترونية
تقود السعودية توجهاً حديثاً بمسارات سياسية مميزة بفضل رؤيتها الطموحة، واستخدامها للتقنية المتقدمة، وقيادتها المنفتحة على العالم. على سبيل المثال، حقَّقت المملكة المركز الأوَّل إقليميّاً في تمويل رأس المال الجريء في قطاع التقنية، كما ارتفع حجم الاقتصاد الرقمي إلى 495 مليار ريال، أي الأكبر في المنطقة، والثانية ضمن دول مجموعة العشرين، كما أن الأصول المدارة في السوق السعودية تتجاوز تريليون ريال للمرة الأولى. كذلك تفوقت السعوديَّة بحصولها على المرتبة الأولى بامتياز على مستوى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، والمركز السادس عالميّاً في مؤشر تطوير الحكومة الإلكترونيَّة. هذه النتائج المبهرة شجعت شركة "أوراكل" العالمية على استثمار 14 مليار دولار على مدى 10 سنوات في البنية التحتية لمراكز البيانات في السعودية، لدعم سلسلة من العمليّات الحسابيَّة المعقّدة العملاقة مثل نيوم والقدية والمربع الجديد والتخطيط الحضري وغيرها من برامج صندوق الاستثمارات العامة. أريد الإشارة هنا إلى إطلاق الرياض شركة "هيوماين"، إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، لتطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي. هكذا تُقدم الرياض أحدث تطبيقات الجيل الجديد للاكترونيات الحديثة، والبنية التحتية للحوسبة السحابية. كذلك تم تأسيس شركة "سكاي" لهذا القطاع المهم والتقنيات الناشئة الأخرى، للمساهمة في تمكين المشاريع الواعدة ولتصبح المملكة مركزًا تنافسيًا عالميًا في هذه المجالات المتقدمة. أضيف أن "سكاي" تعمل على تقديم حلول ابتكارية متنوعة في هذا المجال لمراكز الأعمال والأفراد والأجهزة ذات الأولوية في المملكة، وأقصد تحديداً المدن الذكية والطاقة والرعاية الصحية بالإضافة إلى الخدمات المالية المتفوقة لإحداث أثر ذو قيمة على مستوى العالم. أما شركة "أرامكو السعودية"، فقد نجحت باستخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي لتقليل الانبعاثات، وتعزيز كفاءة أعمالها، وتطبيقاتها الشفافه والآمنة. لعلي أضيف أن المملكة سجَّلت استثمارات نوعيَّة بأكثر من 55 مليار ريال في مثل تلك المجالات التي تنمو بنسبة 42%، ومن ضمن الأدلة على ذلك تغطية أكثر من 3,9 ملايين منزل بشبكة الألياف الضوئيَّة. أضافة إلى ما سبق، لن تستورد المملكة الغاز المسال بعد الآن، لأنها ليست في حاجة إلى ذلك، بفضل ما تملكه من كميات هائلة من الغاز كميزة تنافسية. آخر الكلام. أهلاً وسهلاً بشركات الإنترنت الصينية العملاقة التي تقوم بتكثيف وتوسيع استثماراتها في الذكاء الاصطناعي، بضخ 150 مليون دولار لإنشاء أول مركز بيانات لها في المملكة العربية السعودية في هذا العام. لعلنا نعمل مع الصين لتطوير مستجدات التقنيات الحديثة المشابهة، مثل الحوسبة الكمّية، والتعلم الآلي، والاستثمار في المجالات السيبرانية.


بنوك عربية
منذ 2 أيام
- بنوك عربية
المركزي العُماني يخصص 28.9 مليون ريال لأذون الخزانة الحكومية
بنوك عربية أفاد البنك المركزي العُماني بأن إجمالي قيمة أذون الخزانة الحكومية المخصصة لهذا الأسبوع بلغت 28.9 مليون ريال عُماني، وذلك ضمن إطار عمله كمدير لإصدار هذه الأدوات المالية القصيرة الأجل التي تصدرها وزارة المالية. وقد توزعت هذه القيمة على فترات استحقاق مختلفة، حيث بلغ متوسط سعر القبول للأذون ذات فترة الاستحقاق 28 يومًا نحو 99.750 ريال لكل 100 ريال، مع تسجيل أقل سعر مقبول نفس القيمة، بينما بلغ متوسط سعر الخصم 3.25893% ومتوسط العائد 3.26710%. أما بالنسبة للأذون المستحقة خلال 91 يومًا، فقد بلغ متوسط سعر القبول 98.975 ريال لكل 100 ريال، مع تساوي أقل سعر مقبول مع هذا المتوسط، فيما بلغ متوسط سعر الخصم 4.11126% ومتوسط العائد 4.15384%، وشهدت هذه الفئة النصيب الأكبر من التخصيص بقيمة إجمالية بلغت 26.1 مليون ريال. من ناحية أخرى، بلغ متوسط سعر القبول للأذون المستحقة خلال 182 يومًا 97.850 ريال لكل 100 ريال، وهو نفس أقل سعر مقبول، مع تسجيل متوسط لسعر الخصم بلغ 4.31181% ومتوسط عائد بلغ 4.40655%، وذلك على إجمالي قيمة مخصصة بلغت 2.5 مليون ريال. كما أشار البنك إلى أن سعر الفائدة على عمليات إعادة الشراء (الريبو) الخاصة بهذه الأذون يبلغ 5%، في حين يصل سعر الخصم لدى البنك المركزي على تسهيلات أذون الخزانة إلى 5.50%. وتعد أذون الخزانة أداة استثمارية مضمونة قصيرة الأجل تقدمها الحكومة عبر وزارة المالية، وتتيح للبنوك التجارية المرخصة فرصة الاستثمار فيها، كما يمكن تسييلها بسهولة عن طريق خصمها أو تنفيذ صفقات إعادة شراء (ريبو) مع البنك المركزي، سواء بشكل مباشر أو عبر سوق ما بين البنوك. وتساهم هذه الأذون أيضًا في توفير مؤشر مرجعي لأسعار الفائدة قصيرة الأجل في السوق المحلي، وتُعد وسيلة مرنة للحكومة لتمويل بعض المصروفات العامة.


بنوك عربية
منذ 2 أيام
- بنوك عربية
ودائع العملاء لدى البنوك السعودية ترتفع إلى 2.79 تريليون ريال
بنوك عربية ارتفعت ودائع العملاء لدى البنوك السعودية إلى 2.79 تريليون ريال، بنهاية الربع الأول من العام الجاري 2025، بنمو بنسبة 5.9% على أساس سنوي، وبزيادة تقدر بـ 155.72 مليار ريال عن قيمتها بنهاية الربع المماثل من العام الماضي البالغة 2.63 تريليون ريال. وتصدر مصرف الراجحي قائمة البنوك السعودية في حجم ودائع العملاء لديه بنهاية الربع الأول من 2025؛ بإجمالي 629.23 مليار ريال، وذلك بعد أن ارتفعت بنسبة 4.2% على أساس سنوي. فيما تراجع البنك 'الأهلي' إلى المرتبة الثانية بإجمالي 626.39 مليار ريال، بعد أن انخفضت قيمة الودائع لديه بنسبة 4.55% بنهاية الربع الأول من 2025 على أساس سنوي، حيث كانت تبلغ 656.26 مليار ريال بنهاية الربع ذاته من العام الماضي. وارتفعت الودائع لدى بنك الرياض بنسبة 12.2% إلى 304.09 مليار ريال، وزادت لدى البنك السعودي الأول بنحو 9.2% إلى 290.44 مليار ريال، ووصلت لدى مصرف الإنماء إلى 218.84 مليار ريال بزيادة 15.8%. وسجل البنك 'العربي' زيادة نسبتها 12.07% بحجم ودائع العملاء، لتصل إلى 195.62 مليار ريال، وزادت لدى بنكي السعودي الفرنسي والبلاد بنسبة 9.09% و9.04% على التوالي، لتبلغ 190.73 مليار ريال و124.02 مليار ريال على الترتيب. وشهدت ودائع العملاء لدى بنكي الجزيرة والسعودي للاستثمار زيادة نسبتها 12.7% و15% على التوالي بنهاية الربع الأول من عام 2025، لتسجل لديهما 109.64 مليار ريال و101.67 مليار ريال على الترتيب. وعلى أساس ربعي، ارتفعت قيمة ودائع العملاء لدى البنوك السعودية بما يعادل 107.4 مليار ريال خلال أول 3 أشهر من عام 2025، لترتفع بالربع الأول من العام الجاري بنحو 4% مقارنة مع قيمتها بنهاية الربع الرابع من 2024 والبالغة 2.68 تريليون ريال.