
سرقة العلامات التجارية والاعتداء على الملكية الفكرية جريمة شرعية
لَمَّا كان الإنتاج الفكري والعلامة التجارية مما يُقطَع بمنفعته بحيث يحصل به الاختصاص الحاجز، ويجري فيه التقويم والتداول عرفًا، ويُتَّخَذُ محلًّا للتعامل والمعاوضة بين الناس بسبب ظهور آلات الطباعة ووسائل النشر وتطور العصر، ويثبت فيه حق المطالبة القضائية في العُرف القانوني ولا معارض لذلك في الشرع فإن هذا يجعل لمثل هذه الحقوق حكم المالية في تملك أصحابها لها واختصاصهم بها اختصاصًا يحجز غيرهم عن الانتفاع بها بدون إذنهم.
بناءً على ذلك: فإن انتحال الحقوق الفكرية والعلامات التجارية المسجلة من أصحابها بطريقة يُفهِم بها المُنتَحِلُ الناسَ أنها هي العلامة الأصلية هو أمر محرم شرعًا، يدخل في باب الكذب والغش والتدليس، وفيه تضييع لحقوق الناس وأكل لأموالهم بالباطل. ولا يجوز شرعًا أن يقوم أحد بفتح محلات تجارية ليخدع المشترين ويتاجر بهذه العلامات التي انتحلها زورًا وكذبًا على أنها العلامة الأصلية.
كما أن كل عامل أو موظف يساهم بعمله في هذا التزوير والتدليس والغش للناس فعمله حرام؛ لقوله تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ [المائدة: 2].
ولا يجوز أن يتعامل الناس مع هؤلاء المنتحلين للعلامات التجارية بشراء هذه السلع منهم؛ لأن المسلم مأمور بإنكار المنكر وتغييره حسب استطاعته وسلطته، وشراؤه لهذه السلع مِن هؤلاء يتنافى مع ذلك؛ لأن فيه إعانةً لهم على باطلهم وظلمهم، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «انْصُرْ أَخَاكَ ظَالِمًا أَوْ مَظْلُومًا»، فَقَالَ رَجُلٌ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنْصُرُهُ إِذَا كَانَ مَظْلُومًا، أَفَرَأَيْتَ إِذَا كَانَ ظَالِمًا كَيْفَ أَنْصُرُهُ؟ قَالَ: «تَحْجُزُهُ -أَوْ تَمْنَعُهُ- مِنَ الظُّلْمِ؛ فَإِنَّ ذَلِكَ نَصْرُهُ» رواه البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
أما العقوبات التي تُتَّخَذُ بشأن هؤلاء فالأصل أنها مِن باب ضمان المُتلَفات وتقدير الضرر الواقع على أصحاب العلامات الأصلية، وهذا الضرر يحكم به القاضي تبعًا لتقدير الخبراء في كل واقعة بحسبها، إضافة إلى ما يمكن أن يراه ولي الأمر في ذلك مِن عقوبة تعزيرية رادعة للسُّرَّاق عن الوقوع في مثل هذه الممارسات الجالبة للضرر الخاص والعام.
والله سبحانه وتعالى أعلم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


نافذة على العالم
منذ 5 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : سعيد الرقباني: العطاء جزء أصيل من هويتنا الوطنية
الجمعة 15 أغسطس 2025 11:41 مساءً نافذة على العالم - أكد سعيد بن محمد الرقباني، المستشار الخاص لصاحب السمو حاكم الفجيرة، رئيس مجلس إدارة جمعية الفجيرة الخيرية، أن دولة الإمارات تواصل إرسال مساعدات غذائية وإغاثية وصحية تباعاً لمختلف أنحاء العالم، تتوج بها دبلوماسية الخير وترسّخ مكانتها كعاصمة للإنسانية. وأضاف بمناسبة يوم العمل الإنساني، (19 أغسطس من كل عام): نستحضر في هذا اليوم بكل فخر وإجلال واعتزاز إرث الوالد المؤسس المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي صاغ بإبداع ملهم مسيرة العمل الإنساني في بلدنا الحبيب وجعل الخير لغةً عالمية تتجاوز الحدود، وموروثاً متأصلاً في وجدان شعبنا والتي يسير على خُطاها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، فتعززت مكانة الإمارات عالمياً كمنارةٍ للخير والعطاء وعاصمة للعمل الخيري والإنساني. وأضاف أن نهج الخير والعطاء جزء أصيل من هويتنا الوطنية، ومنذ تأسيس جمعية الفجيرة الخيرية عام 1987، في مسيرة عطاء على مدى 39 عاماً، سعينا إلى ترجمة هذه القيم النبيلة إلى مبادرات ومشاريع واقعية، عبر مساعدة الفئات المحتاجة من الطلاب والأسر والأيتام والمرضى وحفظ النعمة وتمكين الأسر المنتجة والحملات الإغاثية وغيرها الكثير من المشاريع الخيرية والتنموية المستدامة، حيث بلغ حجم المدفوعات في هذه المشاريع في آخر خمس سنوات 329,573,368 درهماً، وعدد المستفيدين ما يزيد على 250.000 مستفيد. وأشار إلى تنفيذ مجموعة متنوعة من المبادرات على مدار العام، وتشمل حفظ النعمة، سقيا الماء، علاج مرضى الفشل الكلوي، دولاب الخير، تمكين الأسر المنتجة، قوافل الخير، امنحني الأمل، التعليم الرقمي وغيرها. وتابع الرقباني: «في هذه المناسبة، نتقدم بخالص الشكر والعرفان لكل من ساهم معنا في مسيرة العطاء، من أفراد ومؤسسات وشركاء، وندعو الجميع إلى مواصلة البذل، حتى يبقى الخير ممتداً والنفع متصلاً، ويظل وطننا نموذجاً عالمياً في العمل الإنساني. حفظ الله بلادنا وشعبها وقيادتها، وأدام عليها الأمن والعز والازدهار تحت ظل قيادتنا الرشيدة».


نافذة على العالم
منذ 5 ساعات
- نافذة على العالم
أخبار العالم : 78 % نسبة إنجاز المرحلة الأولى بمجمع حصيان لتحلية المياه
الجمعة 15 أغسطس 2025 11:41 مساءً نافذة على العالم - دبي: «الخليج» تفقَّد سعيد محمد الطاير، العضو المنتدب الرئيس التنفيذي لهيئة كهرباء ومياه دبي «ديوا»، سير العمل في المرحلة الأولى من مشروع محطة تحلية مياه البحر في مجمع «حصيان»، الذي يتم تنفيذه بقدرة إنتاجية تصل إلى 180 مليون جالون يومياً، ضمن نظام المنتج المستقل للمياه. وقد بلغت نسبة إنجاز المشروع نحو 78%، ومن المقرر اكتمال كافة مراحله في الربع الأول من عام 2027. ويُعد مشروع محطة حصيان من أكبر مشاريع العالم لإنتاج المياه بتقنية التناضح العكسي لمياه البحر وأول مشروع للهيئة في مجال المنتج المستقل للمياه، باستثمارات تصل إلى 3 مليارات و377 مليون درهم. وقد رافق الطاير في جولته المهندس وليد بن سلمان، النائب التنفيذي للرئيس لقطاع تطوير الأعمال والتميز، وعدد من كبار المسؤولين والمهندسين في الهيئة. وزار الطاير مختلف أقسام المشروع الذي يمثل ركيزة أساسية في دعم البنية التحتية الذكية للمياه المحلاة. وأكد الطاير أن المشروع يجسد رؤية وتوجيهات صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لتوفير بنية تحتية متطورة ومتكاملة للطاقة والمياه، تواكب النمو المتسارع في دبي وتلبي الطلب المتزايد على خدمات المياه. وتعمل الهيئة على بناء محطات التحلية التي تعتمد على تقنية التناضح العكسي لمياه البحر وبحلول عام 2030، ستضيف الهيئة 240 مليون جالون لقدرتها الإنتاجية اليومية من المياه المحلاة باستخدام تقنية التناضح العكسي لمياه البحر وستصل القدرة الإنتاجية الإجمالية للمياه المحلاة إلى 735 مليون جالون يومياً.


بوابة الأهرام
منذ 6 ساعات
- بوابة الأهرام
البعد الغائب فى قضية السكان والتنمية
رغم الصراعات الإقليمية، والظروف الجيوسياسية المتواترة والمرتبكة التى تعصف بالمنطقة العربية، وما يحدث من قلاقل فى منطقة البحر الأحمر وتأثيراتها على الدخل القومى من قناة السويس، وحرب غزة المريرة، وكذا تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية على سلاسل إمدادات الغذاء، مع استمرار محاولات تقويض الدولة المصرية، إلا أن معدلات التنمية الاقتصادية آخذة فى الصعود، فارتفع معدل نمو الناتج المحلى الاجمالى فى آخر تقرير له إلى 4.77% خلال الربع الثالث 2024/2025 مقارنة بمعدل نمو 2.2% فى الربع المقابل من العام المالى السابق، بالإضافة الى تحسن فى الميزان التجارى وارتفاع صادرات مصر وخاصة الصادرات الزراعية، حيث تجاوزت حاجز الـ 6 ملايين طن و240 ألف طن، بزيادة 575 ألف طن مقارنة بالعام السابق، وكذا زيادة تحويل أموال المصريين من الخارج والتى بلغت 32.8 مليار دولار هذا العام فى مقابل 19.4 مليار دولار العام الماضى بنسبة زيادة 72.4%، وزيادة الأعداد السياحية بنسبة 23% من العام السابق، وانعكاسات كل ما سبق على خفض معدلات البطالة، والتحسن النسبى للحفاظ على مستوى معيشة الأسر من خلال حزم متنوعة من سياسات الحماية الاجتماعية. وعند الحديث عن قضية السكان والتنمية، يتبادر للذهن لحظيا، معدلات الخصوبة، والتى نحمد الله أنها تراجعت الى حد ما فى الآونة الأخيرة. ولكن مناقشة قضايا السكان والتنمية تستوجب تناول المحاور الثلاثة وروافدها العديدة، فتتبلور المحاور الثلاثة الرئيسية في: المحور الأول: يتعلق بمعدلات الخصوبة لدى الفتاة والمرأة المصرية، وعدد الأبناء، والفترة بين الولادات، وطول فترة العمر الإنجابى للمرأة، وعادة ما يلقى التبعة على الأطباء فى ضبط معدلات الخصوبة، وبالتالى زيادة أعداد السكان حيث وصلت معدلات الخصوبة الى 2.41 طفل لكل امرأة فى عام 2024 وهو انخفاض قياسي، وهو أدنى مستوى له منذ 17 عاما. ويظهر هذا أيضا فى انخفاض معدل النمو السكانى من 2.6% فى عام 2017 الى 1.4% فى عام 2023 . فى حين هناك محاور موازية تؤثر وتتأثر بالقضايا السكانية، وهذا ما ينقلنا إلى المحور الثاني: وهو خصائص السكان وهو ملف كبير ومعقد ومتشابك يضم كل القضايا المرتبطة بالتعليم ومحو الأمية، والصحة والصحة الإنجابية، والتعليم الفنى والتدريب المهني، وكل قضايا التدريب والتأهيل، وإعادة التدريب، وتقاطعات التشغيل والتمكين الاقتصادى والاجتماعى للمرأة، هذا ويضم هذا المحور كل فئات المجتمع؛ من رجل وامرأة، طفل وشاب وكبار السن، بالإضافة إلى الأشخاص ذوى الاحتياجات الخاصة. المحور الثالث: وهو المحور الغائب وهو توزيع السكان على مساحة الجمهورية، حيث كان ومن فترة زمنية قصيرة يعيش 95%من السكان على نحو 5% فقط من مساحة الجمهورية، ولكن بعد جهود الدولة المصرية فى استصلاح آلاف الأفدنة وزيادة الرقعة الزراعية فى المشروعات العملاقة مثل الدلتا الجديدة والساحل الشمالى الغربي، وبناء المدن الجديدة مثل مدينة العلمين الجديدة والمنصورة الجديدة ودمياط الجديدة والمنيا الجديدة، وغيرها بالإضافة إلى العاصمة الإدارية الجديدة، زاد مساحة المعمور فى مصر إلى أكثر من 11%، وهى نسبة آخذه فى الزيادة لامتلاء الأجندة الوطنية بالكثير من البرامج والمشروعات القومية لتحقيق زيادة الإنتاج والإنتاجية، وتعزيز التنمية المستدامة فى كل أرجاء الوطن. ومن هذا التحليل السريع لقضية السكان والتنمية، نستخلص أن هناك احتياجا ملحا لوضع إستراتيجية وطنية مرنة متجددة للسكان والتنمية، ولعل د. خالد عبد الغفار نائب رئيس الوزراء للتنمية البشرية ووزير الصحة والسكان يدعو لها، على أن يتشارك فيها كل من هو ضالع كما سبق الإشارة لهم من علماء الطب والزراعة واقتصاديين واجتماعيين وديموغرافيين، وخبراء التعليم والتدريب، وعلماء المياه واستخدامات الأراضى والبيئة، ويكون أحد مخرجاتها رسم خريطة ديموغرافية سكانية مستقبلية جديدة، ذات استثمارات مستدامة، يتشارك فيها كل قطاعات الدولة الحكومية والقطاع الخاص والاستثمارى والمصرفي، بالإضافة لمشاركة المجتمع المدني، وتعرض على المجتمع بكل طوائفه للتصديق وتبنى الإستراتيجية جماهيريا وليس على مستوى القيادات العليا فقط. وبهذا تأتى الاستراتيجيات بنتائجها الملموسة على أرض الواقع، ويتحول موضوع السكان من نقمة إلى نعمة. ونتجه للمستقبل بجيل قادر على تحقيق الإنجازات ومواجهة وتخطى التحديات. وفقنا الله جميعا لما فيه الخير لمصر والمصريين. --------------------- أستاذ علم الإجتماع