
كندا تعلّق بعض الرسوم الجمركية المضادة: مفاوضات أوروبية وكورية مع أميركا على وقع التهديدات
تبدأ
كوريا الجنوبية
جولة ثانية من المحادثات مع الإدارة الأميركية هذا الأسبوع بشأن الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس دونالد ترامب، في الوقت الذي وصف فيه البيت الأبيض الأميركي المباحثات التي أجراها نائب الرئيس جي دي فانس في أوروبا بشأن الرسوم الجمركية بأنها "بناءة"، بينما أعلنت
كندا
تعليق بعض الرسوم المفروضة على وارداتها من أميركا.
يأتي ذلك في الوقت الذي قال فيه وزير الخزانة الأميركي، سكوت بيسنت، في مقابلتين تلفزيونيتين، أمس الأحد، إن الرئيس دونالد ترامب سيفرض رسوما جمركية بالنسب التي هدد بها الشهر الماضي على الشركاء التجاريين الذين لا يتفاوضون "بحسن نية" للتوصل لاتفاقات. ولم يحدد بيسنت قصده من التفاوض "بحسن نية" ولا توقيت الإعلان عن أي قرار.
وذكر بيسنت، وفقا لوكالة رويترز، أن إدارة ترامب تركز على أهم العلاقات التجارية للولايات المتحدة وعددها 18، وأن توقيت أي اتفاقات سيعتمد على ما إذا كانت الدول تتفاوض بحسن نية، مع توجيه رسائل للدول التي لا تفعل ذلك. وقال في تصريحات لشبكة (أن.بي.سي نيوز): "هذا يعني أنهم لا يتفاوضون بحسن نية. سيتلقون رسالة مفادها: هذه هي النسبة، لذا أتوقع أن يتفاوض الجميع بحسن نية".
وأضاف أن الدول التي يجري إخطارها ستعود على الأرجح إلى مستوياتها المحددة في الثاني من إبريل/ نيسان. وعندما سُئل عن موعد الإعلان عن أي اتفاقات تجارية، ذكر لشبكة (سي.أن.أن): "مرة أخرى، سيعتمد الأمر على ما إذا كانوا يتفاوضون بحسن نية". وأضاف "أتوقع أننا سنبرم كثيرا من الاتفاقات الإقليمية". وتراجع ترامب مرارا عن قراراته منذ ذلك الحين، لا سيما في التاسع من إبريل عندما خفض الرسوم الجمركية على معظم البضائع المستوردة إلى 10 % لمدة 90 يوما، لإتاحة الوقت للمفاوضين للتوصل إلى اتفاقات مع الدول.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
قنبلة الديون الأميركية: خفض التصنيف الائتماني يرفع مخاوف الأسواق
وخفض ترامب بشكل منفصل الرسوم المفروضة على البضائع الصينية إلى 30%. وأكد يوم الجمعة مجددا أن إدارته سترسل رسائل إلى الدول تُبلغها فيها بالنسب المفروضة عليها. وأدت حروب ترامب التجارية إلى اضطراب حاد في تدفقات التجارة العالمية، وأحدثت اضطرابا في الأسواق المالية، ويواجه المستثمرون ما وصفه بيسنت بأنه "عدم اليقين الاستراتيجي" للرئيس الجمهوري، في ظل سعيه لإعادة تشكيل العلاقات الاقتصادية بما يصب في مصلحة الولايات المتحدة.
جولة مباحثات كورية جنوبية مع أميركا
في السياق، من المقرر أن تعقد كوريا الجنوبية والولايات المتحدة جولة ثانية من المناقشات الفنية على مستوى فرق العمل في واشنطن خلال الأسبوع الجاري، للتفاوض بشأن خطة الرسوم الجمركية الشاملة التي وضعتها إدارة الرئيس دونالد ترامب، حيث يعمل الجانبان على صياغة "حزمة صفقات" بحلول أوائل يوليو/ تموز المقبل، حسبما قال مسؤولون اليوم الاثنين.
ومن المتوقع أن يغادر وفد حكومي كوري جنوبي إلى واشنطن، غدا الثلاثاء، للمشاركة في المحادثات، والتي يمكن أن تبدأ أيضا غدا الثلاثاء (بتوقيت الولايات المتحدة) على أقرب تقدير، وفقا لمسؤولين من وزارة التجارة والصناعة والطاقة، حسبما ذكرت وكالة يونهاب الكورية الجنوبية للأنباء. وأضاف المسؤولون أنه من المقرر أن يناقش الجانبان ستة مجالات رئيسية؛ وهي: الاختلالات التجارية، والتدابير غير الجمركية، والأمن الاقتصادي، والتجارة الرقمية، والبلد المنشئ للمنتجات، والاعتبارات التجارية.
واتفقت سيول وواشنطن في وقت لاحق على العمل من أجل التوصل إلى اتفاق "حزمة يوليو/ تموز" للصفقات بشأن التجارة والقضايا الأخرى ذات الصلة قبل 8 يوليو/ تموز المقبل، وهو الموعد المقرر لانتهاء فترة التوقف المؤقت الذي فرضه "ترامب" لمدة 90 يوما على الرسوم الجمركية المتبادلة.
وفي أعقاب الجولة الأولى من المناقشات على مستوى فرق العمل في واشنطن في وقت سابق من هذا الشهر، عقد كل من وزير الصناعة الكوري الجنوبي، آن دوك-جون، ووزير التجارة الكوري الجنوبي، جونج إن-كيو، اجتماعات منفصلة مع الممثل التجاري الأميركي، جيميسون غرير، في جزيرة "جيجو" الجنوبية في كوريا الجنوبية الأسبوع الماضي، حيث كررا طلبهما بإعفاء كامل من الرسوم الجمركية.
أسواق
التحديثات الحية
أوروبا ترى في صعود اليورو مقابل الدولار فرصة وليس تهديداً
وقال مسؤول في الوزارة، وفقا لوكالة أسوشييتد برس، إننا "نراقب الوضع من كثب، حيث إن هناك احتمالا أن تقدم الولايات المتحدة مطالب محددة تتعلق بالرسوم الجمركية والتعاون الاقتصادي خلال الجلسة المقبلة". وأضاف: "نحتاج أولا إلى تحديد المطالب الأميركية من أجل إجراء المناقشات المحلية اللازمة". وقالت الحكومة الكورية الجنوبية إنها ستتعامل مع المحادثات مع الولايات المتحدة بطريقة مدروسة وحكيمة دون تسرع، في ظل اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في 3 يونيو/ حزيران المقبل.
مفاوضات بناءة مع أوروبا
على الصعيد ذاته، أكد البيت الأبيض أن المحادثات مع أوروبا بشأن الرسوم الجمركية والتي وصفها بالـ"بناءة" تطرقت إلى ملف التجارة، وأمن سلسلة التوريد، و"تعزيز" التعاون الدفاعي، فضلا عن ملفي الهجرة وأوكرانيا. وأكد نائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، الأحد، خلال اجتماع مع رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلايين في روما أن أوروبا "حليف مهم"، لكنه أقر بوجود خلافات حول التجارة.
I was glad to meet with
@VP
Vance again.
Very grateful to
@GiorgiaMeloni
for hosting this important meeting. It was needed. And it was good.
Indeed, we found a lot of common ground, which is natural for strong partners like us.
On trade, we both want a good deal that delivers…
pic.twitter.com/Je69jypGPs
— Ursula von der Leyen (@vonderleyen)
May 18, 2025
وفي مستهل الاجتماع الذي عُقد في خضم حرب تجارية بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، أعرب فانس، وفقا لوكالة فرانس برس، عن أمله في أن تكون هذه المحادثات، وهي الأولى من نوعها على هذا المستوى الرفيع مذ فرض الرئيس الأميركي دونالد ترامب زيادة على الرسوم الجمركية، "بداية لمفاوضات تجارية طويلة الأمد، ولمزايا تجارية طويلة الأجل بين أوروبا والولايات المتحدة".
وأضاف فانس في مقر الحكومة الإيطالية، بحضور رئيسة الوزراء جورجيا ميلوني، أن "أوروبا حليف مهم للولايات المتحدة، والدول الأوروبية بصفة فردية حليفة لها، ولكن بالطبع لدينا بعض الخلافات، كما يحدث أحيانا بين الأصدقاء، حول قضايا مثل التجارة". من جهتها، أشادت رئيسة المفوضية بـ"العلاقة المتميزة والوثيقة" بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.
أسواق
التحديثات الحية
الصين تفرض رسوماً جمركية على البلاستيك من أميركا وأوروبا ودول أخرى
وأشارت إلى أن "الجميع يعلم أن الشيطان يكمن في التفاصيل، لكن ما يجمعنا هو أننا، في نهاية المطاف، نريد التوصل معا إلى اتفاق جيد للطرفين". وقد يمهد هذا الاجتماع الطريق أمام لقاء طال انتظاره بين فون ديرلايين وترامب. وكان الرئيس الأميركي ورئيسة المفوضية الأوروبية قد تبادلا أطراف الحديث لفترة وجيزة في 26 إبريل، على هامش تشييع البابا فرنسيس في روما، حيث اتفقا على الاجتماع في وقت لاحق.
كندا تعلّق بعض الرسوم الجمركية
من جانبها، علّقت كندا مؤقتا بعض الرسوم الجمركية المضادة التي فرضتها على الولايات المتحدة، ونفى وزير المال فرنسوا فيليب شامبان، الأحد، تقارير تحدثت عن رفعها كاملة. ورد ذلك وفقا لوكالة فرانس برس في تقرير لها اليوم الاثنين، في الجريدة الرسمية للحكومة "كندا غازيت"، إلى جانب تعليق الرسوم الجمركية على المنتجات المستخدمة في معالجة وتغليف الأغذية والمشروبات، والصحة، والتصنيع، والأمن القومي، والسلامة العامة.
وفرضت حكومة رئيس الوزراء الكندي، مارك كارني، رسوما جمركية مضادة على واردات بمليارات الدولارات من الولايات المتحدة، ردا على الرسوم الجمركية الأميركية على السلع الكندية. وانتخب كارني في 28 إبريل، على خلفية تعهده بمواجهة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. وخلال الحملة الانتخابية، مُنحت شركات صناعة السيارات مهلة، شرط أن تحافظ على إنتاجها واستثماراتها في كندا.
وذكرت مؤسسة "أكسفورد إيكونوميكس"، في تقرير هذا الأسبوع، أن الإعفاءات شملت العديد من فئات المنتجات، لدرجة أن نسبة الرسوم الجمركية على الولايات المتحدة انخفضت فعليا إلى "ما يقارب الصفر". واستند زعيم المعارضة بيار بوالييفر إلى هذا التقرير الذي تناقلته وسائل إعلام على نطاق واسع، لاتهام كارني بـ"خفض الرسوم الجمركية الانتقامية بهدوء إلى ما يقارب الصفر من دون إخبار أحد".
ونفى وزير المالية الكندي، فرانسوا شامبان، صحة ذلك، وقال على منصة "إكس" "ردا على الرسوم الجمركية الأميركية، أطلقت كندا أكبر رد على الإطلاق، يشمل فرض رسوم جمركية بقيمة 60 مليار دولار على سلع للاستخدام النهائي. ولا يزال 70% من هذه الرسوم ساريا". وأكد مكتبه لوكالة فرانس برس، أن رد كندا على الرسوم الجمركية "كان مُصمّما للرد على الولايات المتحدة مع الحد من الضرر الاقتصادي على كندا".
More of the same falsehoods.
To retaliate against U.S. tariffs, Canada launched largest-ever response — including $60B of tariffs on end-use goods. 70% of those tariffs are still in place.
We temporarily and publicly paused tariffs on goods for health & public safety reasons.
pic.twitter.com/qsLlxnzYlr
— François-Philippe Champagne (FPC) 🇨🇦 (@FP_Champagne)
May 18, 2025
وقالت أودري ميليت، المتحدثة باسم شامبان، إن الإعفاء من الرسوم الجمركية مُنح لمدة ستة أشهر لإعطاء بعض الشركات الكندية "مزيدا من الوقت لتعديل سلاسل التوريد الخاصة بها وتقليل اعتمادها على الموردين الأميركيين". وأضافت أن كندا ما زالت تفرض رسوما جمركية على سلع أميركية بقيمة نحو 43 مليار دولار كندي (31 مليار دولار).
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
ترامب يأمر بخفض أسعار الفائدة فوراً.. هل يرضخ باول هذه المرة؟
والأحد الماضي، التقى كارني ونائب الرئيس الأميركي جي دي فانس في روما لمناقشة العلاقات التجارية بين بلديهما، بعد حضور القداس الافتتاحي للبابا لاوون الرابع عشر في الفاتيكان. وبحسب بيان صادر عن مكتب كارني، ناقش المسؤولان "الضغوط التجارية والحاجة إلى بناء علاقة اقتصادية جديدة". وفي تصريح مقتضب، قال فانس إن الاجتماع ركّز على المصالح والأهداف المشتركة للبلدين "بما في ذلك سياسات تجارية عادلة".
وتوجِّه كندا، البالغ عدد سكانها 41 مليون نسمة، ثلاثة أرباع صادراتها إلى الولايات المتحدة، ويُظهر أحدث تقرير للوظائف أن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تُلحق الضرر بالاقتصاد الكندي. وفرض الرئيس الأميركي رسوما جمركية بنسبة 25% على سلع كندا الواردة إلى الولايات المتحدة، بالإضافة إلى رسوم على قطاعات مُحددة مثل السيارات والصلب والألومنيوم، لكنه علّق بعضها في انتظار إجراء مفاوضات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ ساعة واحدة
- BBC عربية
هل استفادت الصين من الصراع بين الهند وباكستان في رسم ملامح قوتها العسكرية؟
انتهى الصراع الذي استمر أربعة أيام بين الخصمين التقليديين، الهند وباكستان، الشهر الجاري بوقف إطلاق النار، مع إعلان كل منهما تحقيق النصر، بيد أن التطورات الأخيرة سلطت الضوء على قطاع صناعة الدفاع في الصين، التي قد تكون الرابح الحقيقي في هذا الصراع بطريقة غير مباشرة. انطلقت أحدث موجة من التوترات بين الهند وباكستان في السابع من مايو/أيار، عندما شنت الهند هجمات استهدفت ما أطلقت عليه اسم "البنية التحتية للإرهابيين" داخل الأراضي الباكستانية، في رد على هجوم مسلح راح ضحيته 26 شخصاً، أغلبهم من السائحين، في بلدية باهلغام في كشمير الخاضعة للإدارة الهندية في الثاني والعشرين من أبريل/نيسان. وقُتل كثيرون في الوادي ذي الطبيعة الخلابة في كشمير، الأمر الذي دفع نيودلهي إلى اتهام إسلام آباد بدعم الجماعات المسلحة المتورطة في هذا الهجوم، وهو اتهام نفته باكستان. وعقب رد الهند، الذي أطلقت عليه اسم "عملية سندور"، وتوجيه ضربة في أعقاب الهجوم الذي نفذته الجماعات المسلحة، دخل الطرفان في سلسلة من التحركات العسكرية المتبادلة، تضمنت شن هجمات بمسيّرات، وصواريخ، ومقاتلات حربية. وأشارت تقارير إلى أن الهند استخدمت في شن الهجمات مقاتلات فرنسية وروسية الصنع، بينما استخدمت باكستان طائرات، من طراز" جيه-10" و"جيه-17"، التي تشترك في تصنيعها مع الصين، وأكد الجانبان أن المقاتلات لم تتجاوز الحدود، وأن تبادل إطلاق الصواريخ جرى عن بُعد. وادّعت إسلام آباد أن مقاتلاتها الجوية أسقطت نحو ست طائرات تابعة للهند، بما في ذلك طائرات من طراز "رافال" الفرنسية الصنع، التي حصلت عليها الهند مؤخراً، لكن من جانبها لم تصدر دلهي أي رد رسمي على هذه الادعاءات. وقال المارشال الجوي، إيه كيه بهارتي، أحد القادة البارزين في سلاح الجو الهندي، في تصريح له الأسبوع الماضي، رداً على سؤال من أحد الصحفيين بشأن تلك الادعاءات: "الخسائر جزء من المعارك"، وامتنع بهارتي عن التعليق على الادعاء المباشر بشأن إسقاط باكستان طائرات هندية. وأضاف: "حققنا الأهداف التي حددناها، وعاد جميع طيارينا بسلام". وأعلنت الهند أنها قتلت نحو "100 إرهابي"، خلال هجماتها التي استهدفت مقرّات تابعة لتنظيمي "عسكر طيبة" و"جيش محمد" المحظورين، والمتمركزين داخل الأراضي الباكستانية. ولا تزال الرواية الحاسمة لما جرى بالفعل خلال المعارك الجوية بين الطرفين غير واضحة حتى الآن، إذ تحدثت بعض وسائل الإعلام عن وقوع حوادث سقوط لطائرات في ولاية البنجاب وكشمير الخاضعة للإدارة الهندية في الفترة نفسها، بيد أن الحكومة الهندية لم تصدر أي تعليق رسمي على تلك التقارير. وذكر تقرير نشرته وكالة رويترز للأنباء، نقلاً عن مسؤولين أمريكيين، أن باكستان ربما استخدمت طائرات من طراز "جيه-10" صينية الصنع لإطلاق صواريخ جو-جو على مقاتلات هندية، ويرى بعض الخبراء أن إعلان باكستان تحقيق النصر، بعد اعتمادها الكبير على أنظمة الأسلحة الصينية في قتال نشط، يمثل دفعة قوية لصناعة الدفاع الصينية، بينما يعارض آخرون هذا الرأي. ويرى بعض الخبراء أن ما حدث يعد لحظة فارقة لصناعة الأسلحة في الصين، أشبه بـ "لحظة ديب سيك"، في إشارة إلى ما حدث في يناير/كانون الثاني الماضي عندما أزعجت شركة الذكاء الاصطناعي الصينية الناشئة عمالقة التكنولوجيا الأمريكية من خلال تقنيتها التي اتسمت بانخفاض التكلفة والكفاءة العالية. وقال الكولونيل المتقاعد في جيش تحرير الشعب الصيني، تشو بو، لبي بي سي: "كانت المعركة الجوية بمثابة إعلان هائل عن صناعة الأسلحة الصينية. حتى الآن، لم تتح للصين فرصة لاختبار أنظمتها في ظروف قتالية فعلية". وأضاف المحلل، الذي يقيم في بكين، أن المواجهة الجوية أظهرت أن "الصين تمتلك أنظمة تتفوق على نظيراتها"، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع أسهم شركة "أفيك تشنغدو" الصينية المتخصصة في صناعة الطائرات المقاتلة، مثل الطائرة "جيه-10"، بنسبة تصل إلى 40 في المئة خلال الأسبوع الماضي عقب الأداء المعلن عنه لهذه الطائرة في الصراع بين الهند-باكستان. وعلى الرغم من ذلك يرى بعض الخبراء أن الوقت لا يزال مبكراً لإعلان تفوق أنظمة الأسلحة الصينية. ويقول والتر لادفيغ، من كينغز كوليدج في لندن، إن الأمر لم يُحسم حتى الآن إذا كانت الطائرات الصينية استطاعت بالفعل التفوق على طائرات سلاح الجو الهندي، وخصوصاً طائرات "رافال" الفرنسية الصنع. ويضيف: "وفقاً للعقيدة العسكرية التقليدية، يجب التصدي لدفاعات العدو الجوية وتحقيق التفوق الجوي قبل استهداف الأهداف الأرضية، وعلى الرغم من ذلك يبدو أن مهمة سلاح الجو الهندي لم تكن تهدف إلى استثارة أي رد فعل عسكري من الجانب الباكستاني". ويعتقد لادفيغ أن الطيارين الهنود ربما تلقوا أوامر بالتحليق على الرغم من حالة التأهب القصوى التي كانت عليها الدفاعات الجوية الباكستانية، ووجود طائراتها بالفعل في السماء، ولم تكشف القوات الجوية الهندية عن تفاصيل المهمة أو استراتيجيتها في العمليات الجوية. كما لم تدل بكين بأي تصريح بشأن تقارير أفادت بإسقاط طائرات مقاتلة هندية، بما فيها طائرات "رافال"، بواسطة طائرات "جيه-10"، بيد أن التقارير غير المؤكدة بشأن إسقاط طائرة "جيه-10" لنظام سلاح غربي أثارت موجة من الفرح والشعور بنشوة الانتصار على وسائل التواصل الاجتماعي الصينية. وقالت كارلوتا ريناودو، الباحثة في الشؤون الصينية في الفريق الدولي لدراسة الأمن في فيرونا، إن وسائل التواصل الاجتماعي في الصين فاضت بالرسائل الوطنية، على الرغم من صعوبة التوصل إلى نتائج حاسمة اعتماداً على المعلومات المتاحة. وأضافت: "يكتسب الانطباع عن الناس، في الوقت الراهن، أهمية تفوق الواقع بكثير. وإذا أخذنا الأمر من هذا المنظور، فإن الرابح الحقيقي هو الصين". وتعد باكستان حليفاً استراتيجياً واقتصادياً للصين، التي تستثمر ما يزيد عن 50 مليار دولار في إنشاء البنية التحتية في باكستان ضمن مشروع الممر الاقتصادي الصيني-الباكستاني، لذا لا يصب ضعف باكستان في مصلحة الصين. ويقول المحلل الأمني الباكستاني، إمتيار غول: "لعبت الصين دوراً حاسماً في النزاع الأخير بين الهند وباكستان، وفاجأت المخططين الهنود بشكل كبير، إذ ربما لم يكن في تصورهم مدى عمق التعاون في مجال الحرب الحديثة بين باكستان والصين". ويرى خبراء أن أداء الطائرات الصينية في ظروف قتال فعلية قد خضع لتحليل دقيق في العواصم الغربية، إذ من المتوقع أن يكون لذلك أثر بالغ على سوق الأسلحة العالمية، لاسيما وأن الولايات المتحدة تعد أكبر مصدر للأسلحة على مستوى العالم، تليها الصين في المركز الرابع. وتصدّر الصين أسلحتها في الغالب إلى دول نامية مثل ميانمار وباكستان، وكانت أنظمة الأسلحة الصينية تتعرض في السابق لانتقادات بسبب ضعف جودتها ورصد مشكلات تقنية تواجهها. وكانت أنباء قد تحدثت عن تعليق القوات المسلحة البورمية استخدام عدد من طائراتها المقاتلة من طراز "جيه إف-17"، التي جرى تصنيعها بالشراكة بين الصين وباكستان عام 2022، بسبب وجود مشكلات تقنية. كما أفاد الجيش النيجيري بوجود عدة مشكلات تقنية في طائراته المقاتلة من طراز "إف-7" صينية الصنع. وهذه ليست المرة الأولى التي تفقد فيها الهند طائرة في مواجهة مع باكستان. ففي عام 2019، وخلال معركة جوية وجيزة بين الطرفين، عقب تنفيذ ضربات جوية هندية مماثلة على مواقع وُصفت بأنها تابعة لإرهابيين مشتبه بهم في باكستان، أُسقطت طائرة من طراز "ميغ-21" روسية الصنع داخل الأراضي الباكستانية، وأُسر قائدها الذي أُفرج عنه بعد أيام. لكن الهند أعلنت أن الطيار قفز من طائرته بمظلة عقب نجاحه في إسقاط طائرات مقاتلة باكستانية، منها طائرة طراز "إف-16" الأمريكية الصنع، وهو ادعاء نفته باكستان. وعلى الرغم من التقارير التي تحدثت عن إسقاط طائرات هندية الأسبوع الماضي، يرى خبراء مثل لادفيغ أن الهند نجحت في ضرب "نطاق واسع من الأهداف" داخل باكستان في صباح العاشر من مايو/أيار، الأمر الذي لم يحظ باهتمام كبير من وسائل الإعلام الدولية. وأعلن الجيش الهندي أنه نفذ هجوماً منسقاً أطلق خلاله صواريخ على 11 قاعدة جوية باكستانية في مختلف أنحاء البلاد، من بينها قاعدة نور خان الجوية الاستراتيجية الواقعة خارج روالبندي، القريبة من مقر القيادة العسكرية الباكستانية، ويُعد هذا الهدف حساساً ومفاجئاً للسلطات في إسلام أباد. وكان أحد أبعد الأهداف في بولاري، التي تقع على مسافة 140 كيلومتراً من مدينة كراتشي الجنوبية. ويقول لادفيغ إن سلاح الجو الهندي نفذ في هذه المرة عمليات وفق إجراءات متبعة، بداية بشن هجوم على أنظمة الدفاع الجوي والرادارات الباكستانية، ثم توجيه ضربات هجومية على أهداف أرضية. كما استعانت الطائرات الهندية بتشكيل من الصواريخ والذخائر والطائرات المسيّرة، على الرغم من تفعيل باكستان نظام الدفاع الجوي "إتش كيو-9" المزود من الصين. ويقول لادفيغ: "يبدو أن الهجمات كانت دقيقة وتحققت أهدافها إلى حد كبير، إذ كانت الحفرات في منتصف مدارج الطائرات، وهي مواقع مثالية تماماً. أما لو كان الصراع طال أمده، فلا أستطيع تحديد المدة التي ستحتاجها القوات الجوية الباكستانية لإعادة تشغيل هذه المنشآت". وعلى الرغم من ذلك، أشار إلى أن الجيش الهندي "فقد زمام السيطرة على سرد الأحداث" بسبب رفضه الخوض في تفاصيل بالغة الأهمية. ورداً على الغارات الهندية، أعلنت باكستان أنها نفذت هجمات صاروخية وجوية على عدد من القواعد الجوية الهندية في الخطوط الأمامية، إلا أن نيودلهي أكدت أن الهجمات لم تُسفر عن أي أضرار في المعدات أو الأفراد. وبناء على ذلك تدخلت الولايات المتحدة وحلفاؤها، إدراكاً منهم بأن الوضع يتفاقم، وفرضوا ضغوطاً على البلدين لوقف المعارك بينهما. ويجد خبراء أن هذا النزاع برمته يمثل إنذاراً مهماً للهند ودعوة للاستيقاظ. وإن كانت الصين لا تُعلّق على تفاصيل الصراع الأخير بين الهند وباكستان، إلا أنها حريصة على إبراز تقدم أنظمة أسلحتها التي تواكب بسرعة تطور الأسلحة الغربية. وتُدرك نيودلهي أن الطائرات التي زودت بها الصين باكستان هي طُرز أوّلية، إذ استطاعت بكين بالفعل صناعة طائرات مقاتلة متقدمة من طراز "جيه-20" الشبحية التي تتمتع بتقنية التخفي وتجنب رصد الرادارات. وتخوض الهند والصين نزاعاً حدودياً طويل الأمد على طول سلسلة جبال الهيمالايا، تسبب في حرب قصيرة في عام 1962 مما أسفر عن هزيمة الهند، كما حدثت اشتباكات حدودية قصيرة في لاداخ في يونيو/حزيران 2020. ويرى خبراء أن الهند تعي تماماً أهمية تعزيز استثماراتها في صناعة الدفاع المحلي وزيادة معدلات الشراء من السوق الدولية. وحتى هذه اللحظة، يبدو أن صناعة الدفاع الصينية لفتت الانتباه على نحو كبير عقب الادعاء بنجاح طائراتها في الصراع الهندي-الباكستاني الأخير.


منذ ساعة واحدة
الولايات المتحدة تُسيّر أول رحلة 'مغادرة طوعية' للمهاجرين بمكافأة ألف دولار
واشنطن- 'القدس العربي': أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، الإثنين، عن تنظيم أول رحلة طيران مستأجرة ضمن برنامج 'الترحيل الذاتي' الجديد، والذي يتيح للمهاجرين غير النظاميين مغادرة البلاد طواعية مقابل منحة مالية قدرها 1000 دولار. وأفادت الوزارة في بيان صحافي أن الرحلة شملت 64 مهاجرًا من كولومبيا وهندوراس، عادوا إلى بلدانهم بموجب البرنامج، مشيرة إلى أن 'الرحلة كانت طوعية بالكامل، وليست جزءًا من عمليات الترحيل القسري التي تنفذها هيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك'. وحصل المشاركون في البرنامج على المزايا الكاملة، بما في ذلك مساعدة لوجستية في ترتيبات السفر، ومنحة مالية، بالإضافة إلى احتفاظهم بإمكانية العودة المستقبلية إلى الولايات المتحدة بصورة قانونية. وكانت إدارة الرئيس دونالد ترامب قد أعلنت مطلع مايو/ أيار الجاري إطلاق البرنامج عبر تطبيق إلكتروني جديد يُعرف باسم CBP Home، وهو نسخة مطورة من تطبيق CBP One الذي أطلقته إدارة بايدن، وكان يتيح حجز مواعيد لتقديم طلبات اللجوء. ويمنح البرنامج المهاجرين مهلة تقارب ثلاثة أسابيع لترتيب أوضاعهم قبل المغادرة، مع وعد بالمساعدة في تكاليف العودة، ومنحة مالية تُحوّل لهم بعد التأكد من مغادرتهم البلاد. ولكن في المقابل، حذّرت رابطة محامي الهجرة الأمريكية (AILA) من أن الإعلان الحكومي قد يكون مضلّلًا، مشيرة إلى أن بعض المشاركين قد يواجهون عواقب قانونية، من بينها منع دخول الولايات المتحدة لعدة سنوات، خاصة إذا كانوا قد أقاموا فيها بصورة غير قانونية لفترة طويلة. وقالت الرابطة في بيان سابق: 'من غير الأخلاقي أن توحي الحكومة بأن الترحيل الذاتي آمن وخالٍ من العواقب دون توضيح التبعات القانونية، خصوصًا لمن لا يملكون تمثيلًا قانونيًا ولا يدركون حقوقهم.' وأظهرت صور نشرتها وزارة الأمن الداخلي مهاجرين مبتسمين لدى وصولهم إلى بلدانهم، حيث كان في استقبالهم ممثلون عن حكوماتهم، وقدّموا للأطفال دمى محشوة. وأشارت الوزارة إلى أن العائدين إلى هندوراس، على وجه الخصوص، كانوا مؤهلين للحصول على مساعدات حكومية إضافية بقيمة 100 دولار وقسائم غذائية.


العربي الجديد
منذ 4 ساعات
- العربي الجديد
صنعاء ـ صعدة ـ الحديدة... مثلث النفوذ والحكم للحوثيين
منذ بدء العدوان الأميركي على اليمن منتصف شهر مارس/آذار الماضي وحتى إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب توقّفه في 6 مايو/أيار الحالي، شنّ الطيران الحربي الأميركي مئات الغارات الجوية التي استهدفت مواقع عسكرية وبنية تحتية تابعة لجماعة الحوثيين في 13 محافظة تسيطر عليها الجماعة بشكل كلّي أو جزئي وتقع في شمال وغرب البلاد. غير أن معظم هذه الغارات تركزت على ثلاث محافظات رئيسية ترسم مثلث نفوذ الحوثيين، وهي صنعاء وصعدة والحديدة، نتيجة الأهمية الجيوسياسية لهذه المحافظات التي تمثل الثقل السياسي والعسكري والعقائدي والاقتصادي للحوثيين، والقاعدة التي تقوم عليها سلطة الحوثيين القابضة على الحكم منذ انقلابها على الدولة في 21 سبتمبر/أيلول 2014. يذكر أن المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة بشكل كلّي هي صنعاء وعمران وحجة وصعدة والمحويت وريمة وذمار والبيضاء. أما المحافظات التي تسيطر عليها الجماعة بشكل جزئي، فهي مأرب وتعز والجوف والضالع والحديدة. صنعاء... مركز الحكم تكتسب مدينة صنعاء أهمية كبيرة في الصراع اليمني المندلع منذ عشر سنوات، فهي تمثل العاصمة السياسية لليمن، وتضم تجمعاً سكّانياً من جميع المحافظات اليمنية، ما يمنحها ميزةً إضافية إلى كونها العاصمة التي تضم المؤسسات السيادية للدولة، ومركز الحكم، وهو ما جعلها منذ عهد الرئيس السابق الراحل علي عبد الله صالح (قتله الحوثيون في 4 ديسمبر/ كانون الأول 2017 بعد انقلابه على التحالف معهم) محاطةً بالعديد من المعسكرات الكبيرة التي تقبض سيطرتها عليها، وهذا يعني أن من يسيطر على صنعاء يعدّ مسيطراً على بقية المحافظات. وبعد سيطرة الحوثيين على صنعاء (21 سبتمبر 2014)، أطبقوا سيطرتهم الفعلية على الدولة والحكم، ووضعوا في العاصمة ثقلهم من خلال تحييد القبائل المحيطة بها والتي يطلق عليها (قبائل طوق صنعاء)، وهذا ما ساهم في استمرار سيطرة الحوثيين منذ انقلابهم على الدولة في ذلك العام. تحييد القبائل المحيطة بصنعاء ساهم في استمرار سيطرة الحوثيين منذ انقلابهم على الدولة في 2014 تتكون صنعاء من أمانة العاصمة (صنعاء المدينة) التي تتكون بدورها من عشر مديريات ويبلغ عدد سكّانها ثلاثة ملايين نسمة، ومحافظة صنعاء (مديريات الريف) التي تتكون من 16 مديرية ويبلغ عدد سكّانها أكثر من مليون نسمة. وتعد صنعاء أكبر المدن اليمنية (حوالي 5552 كيلومتراً مربعاً)، وتملك أهمية جيوسياسية باعتبارها العاصمة السياسية، ومركز الحكم، وتتوسط محافظات الشمال والغرب ذات الكثافة السكّانية الأبرز، كما أنها معقل مهم للمذهب الزيدي وهو المذهب الفكري لجماعة الحوثيين. عسكرياً، تعد صنعاء مركزاً للقيادة العسكرية حيث تضمّ وزارة الدفاع، وهيئة الأركان، والمنطقة العسكرية الأولى، والعديد من المعسكرات، بالإضافة إلى وجود عدد كبير من مسلحي جماعة الحوثيين الذين يحكمون قبضتهم العسكرية والأمنية عليها. هذه المقومات التي تملكها العاصمة اليمنية جعلت الحوثيين يرمون ثقلهم السياسي والعسكري فيها، وهو الأمر الذي جعلها الهدف الرئيسي للغارات الأميركية التي استهدفت الحوثيين ابتداء من منتصف شهر مارس الماضي. يذكر أن سلاح الجو الأميركي ، بمساندة نظيره البريطاني، كان قد نفذّ غارات على مواقع الحوثيين في اليمن في عهد الإدارة السابقة برئاسة جو بايدن بعد إطلاق الحوثيين معركة "إسناد غزة" إثر عملية "طوفان الأقصى" في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، لكنها ظلّت أقلّ كثافة وإضراراً من تلك التي أمر الرئيس دونالد ترامب بشنّها، وأقل من حيث الكلفة البشرية في مناطق سيطرة الحوثيين. أما أهم المواقع المستهدفة بالغارات الأميركية على صنعاء، فهي معسكر الحفاء في جبل نقم، شرقي صنعاء، الذي يحتوي على عدد من الأنفاق داخل الجبل والمستخدمة مخازنَ للسلاح، وكذا فج عطان الذي يضم مخازن أسلحة وثكنات عسكرية، بالإضافة إلى معسكر الصيانة، ومعسكر الفرقة الأولى مدرع سابقاً. ومن أهم المواقع استهدفها بشكل متكرر من قبل الطيران الأميركي، مطار صنعاء الدولي، المطار الرئيسي في اليمن وأكبر مطارات البلاد، وكذا قاعدة الديلمي الجوية. وفي محافظة صنعاء (ريف صنعاء)، تعد مديرية بني حشيش، شرقي صنعاء، من أهم المديريات التي تعرضت لعدد كبير جداً من الغارات الجوية الأميركية وبشكل شبه يومي، كونها تضم العديد من المواقع والثكنات العسكرية ومخازن الأسلحة التابعة للحوثيين. رصد التحديثات الحية هذا ما تدعيه إسرائيل حول عدوانها على اليمن ونتائجه صعدة... المعقل الرئيس تمتلك محافظة صعدة أهمية كبرى لدى جماعة الحوثيين، وتقع شمالي اليمن، وتبعد عن العاصمة صنعاء 242 كيلومتراً، وتبلغ مساحتها 11 ألفاً و375 كيلومتراً مربعاً، حيث تتكون إدارياً من 15 مديرية. كما يبلغ عدد سكان صعدة أكثر من مليون نسمة، وتتميز بتنوع جغرافي، حيث فيها الجبال الوعرة والزراعية. حظيت محافظة صعدة بنصيب كبير من الغارات التي شنّها الطيران الأميركي على اليمن، ولا ينحصر سبب ذلك في الرمزية التي تمثلها المحافظة بالنسبة لجماعة الحوثيين باعتبارها مسقط رأس مؤسس الجماعة حسين بدر الدين الحوثي، وزعيم الجماعة الحالي شقيقه عبد الملك الحوثي، بل يتعدى ذلك إلى ما تمثله صعدة للجماعة باعتبارها المعقل الرئيسي لها، ومصدر منشئها وتكوينها، ومعقل قياداتها السياسية والعسكرية ومجلسها العسكري، فضلاً عن كونها تضمّ أكبر مخازن أسلحة الجماعة ومعسكراتها. وهناك سبب لا يمكن إغفاله لأهمية صعدة، وهو ما يتعلق بالجانب الفكري والمنهجي الذي تقوم عليه الجماعة الدينية المسلحة، والتي تعتنق مذهب الزيدية الهاداوية. أما أبرز المناطق التي استهدفتها الغارات الأميركية في صعدة، فتمثلت بمخازن وأنفاق الأسلحة المخبأة في الجبال، حيث تركزت الغارات على معسكر كهلان، شرقي مدينة صعدة، بالإضافة إلى أنفاق ومخازن أسلحة وثكنات عسكرية في مديريات كتاف وآل سالم ومجز والصفراء. وفي حال اتخاذ قرار بتنفيذ عملية برّية في اليمن، فإن صعدة ستكون ضمن أبرز الأهداف عبر شنّ هجمات وزحف برّي عن طريق الألوية التابعة للشرعية شمالي صعدة، لكن هذه العملية ستكون محاطة بالعديد من التعقيدات نتيجة الطبيعة الجغرافية لصعدة التي تتكون من جبال وعرة تمثل بيئة مناسبة لمسلحي الحوثي الذين يعتمدون بشكل رئيسي على حرب العصابات، بالإضافة إلى الخبرة التي اكتسبوها في الحرب في الجبال خلال حروب صعدة الستة. ومن التعقيدات التي ستواجهها الشرعية، تمرّس مسلحي الحوثيين في الدفاع عن معقلهم الرئيسي، وامتلاكهم عدداً كبيراً من العناصر المسلحين المنتشرين في صعدة، بالإضافة إلى الكم الهائل من السلاح التابع للجماعة والمخزّن في هذه المحافظة. ثابت الأحمدي: صعدة هي العاصمة السياسية والدينية بالنسبة للحوثيين، وليست صنعاء ورأى الباحث السياسي ثابت الأحمدي، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن صعدة هي العاصمة السياسية والدينية بالنسبة للحوثيين، وليست صنعاء، حيث فيها ما يسمى بالمكتب الجهادي لعبد الملك الحوثي، الذي يعمل فيه طاقمه الخاص ويدير كل الشؤون العامة. أما مكاتب صنعاء، ابتداء من القصر الجمهوري وانتهاء بمكتب الأشغال العامة، وفق الأحمدي، فليست إلا تابعة لمكتب صعدة. وأضاف: "يجب ألا ننسى هنا الرمزية الدينية بالنسبة إليهم، كون صعدة تحتضن رفات يحيى حسين الرسي (مؤسس الزيدية)، ورفات سيدهم حسين الحوثي، ومن صعدة تأتي كل التوجيهات وكل الأوامر، لا إلى صنعاء فحسب، ولكن إلى مختلف مناطق اليمن". وأضاف الباحث السياسي أن "قيادات صعدة هي القيادات الأولى التي تحظى بثقة الحوثي، كونهم مقربين منه، وعلى ارتباط روحي واقتصادي وعائلي به من وقت مبكر، وهم المشرفون الحقيقيون على كل رجالات صنعاء الذين يُعتبرون في الدرجة الثانية بعدهم، مهما أخلصوا أو قدّموا تنازلات، وهذه طبيعة المليشيات أساساً التي لا تثق إلا بالحاشية المقربة منها فقط، وترتاب عادة من كل من عداها، فلا تثق بأحد مهما كان"، بحسب اعتباره. وأشار الأحمدي إلى أنه من الناحية العسكرية وبحكم تركيبتها الجغرافية، فالجماعة قد خبرت شعاب صعدة وجبالها ووديانها، فالمحافظة تمثل لهم حصناً وملجأ كبيراً من الضربات الأميركية، لا سيما أنهم جهزوها بتجهيزات عالية منذ سنوات طويلة، تعود بعضها إلى أيام نظام علي عبد الله صالح. وشدّد الباحث على أهمية عدم إغفال مديرية الصفراء في المحافظة، التي تمتد من أطراف محافظة عمران اليمنية حتى الحدود السعودية اليمنية، فهي تضمّ الأنفاق العسكرية الكبرى، والتحصينات، والملاجئ التي أعدت منذ وقت طويل، ولا تزال إلى اليوم تمثل مخرج طوارئ هروباً من الاستهداف الجوي للجماعة. الحديدة... الرئة المالية لمحافظة الحديدة الساحلية غربي اليمن، مكانة استثنائية في حسابات جماعة الحوثيين، ولها أهميتها أيضاً بالنسبة لليمن، فهي من أهم المحافظات الساحلية للبلاد، وتقع على البحر الأحمر غرباً، وتبعد عن العاصمة صنعاء 226 كيلومتراً، وتتكون من 26 مديرية بمساحة شاسعة تبلغ 17 ألفاً و509 كيلومترات مربعة، كما أنّ عدد سكّانها يقدر بأربعة ملايين نسمة. وتكتسب محافظة الحديدة أهمية كبرى بالنسبة لجماعة الحوثيين باعتبارها رئتها الاقتصادية التي يقوم عليها الجانب الاقتصادي والمالي للجماعة، نتيجة الإيرادات المالية الضخمة التي تحّصلها المحافظة التي تضم ثلاثة موانئ هي: ميناء الحديدة وميناء رأس عيسى وميناء الصليف. وتعد موانئ الحديدة من أهم الأوعية الإيرادية للحوثيين. وبحسب التقارير السنوية للعام 2023 لإدارة الموانئ، بلغت إيرادات ميناء الحديدة 395 مليون دولار، وإيرادات ميناء الصليف 119 مليون دولار، وإيرادات ميناء رأس عيسى 80 مليون دولار. ويعد ميناء الحديدة الميناء الرئيسي في اليمن حيث يستقبل أكثر من 80% من واردات البلاد من السلع والمواد الغذائية والتموينية. وبالإضافة إلى موانئ الحديدة التي يستفيد منها الحوثيون، هناك مطار الحديدة الدولي الذي يستخدم منصةً لإطلاق الطيران المسيّر التابع للجماعة، كما أن المحافظة تحوي العديد من المعسكرات بما فيها الألوية العسكرية التابعة للبحرية. كما أن الحديدة تعد المنفذ البحري للمناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين والواقعة شمالي وغربي البلاد، وعبر سواحل وموانئ هذه المحافظة، يتهم الحوثيون بأنهم يقومون بتهريب السلاح القادم من إيران، بما في ذلك الصواريخ والطيران المسيّر الذي يدخل بشكل مفكك، ثم يقوم الحوثيون بتركيب قطع المسيّرات في ورش عسكرية خاصة بإشراف من خبراء إيرانيين وخبراء من حزب الله اللبناني. كما يستخدم الحوثيون عدداً من المواقع في المحافظة والجزر التابعة لها في تنفيذ العديد من العمليات العسكرية. محافظة الحديدة ستكون منطلق أي عملية برّية ضد الحوثيين للسيطرة أولاً على الموانئ، وبالتالي، عزل الحوثيين عن العالم في الجانب العسكري أيضاً، فإن الحديدة تعد مركزاً لقيادة المحور والمنطقة العسكرية الغربية، وفيها العديد من المعسكرات والمنشآت العسكرية، أبرزها: الطيران والدفاع الجوي، الدفاع الساحلي، القيادة البحرية، القاعدة البحرية، والكلية البحرية، بالإضافة إلى عدد من المعسكرات التي كانت تضم أكثر من 20 لواء عسكرياً. أهم المواقع المستهدفة من قبل الطيران الأميركي في محافظة الحديدة هي موانئ الحديدة التي تعد المورد الاقتصادي الرئيسي لجماعة الحوثيين، بالإضافة إلى مطار الحديدة الذي يستخدم من قبل الطيران المسيّر التابع للجماعة في تنفيذ بعض عملياتهم العسكرية، وجزيرة كمران الواقعة في البحر الأحمر والتي تعد مركزاً للقيادة والسيطرة، ومنطلقاً لبعض العمليات التي يشنها الحوثيون ضد أهداف "معادية" في البحر الأحمر وخليج عدن. وفي حال اتخاذ قرار بتدخل برّي في اليمن، فإنّ محافظة الحديدة ستكون منطلق هذه العمليات لأسباب عدة، تتعلق بأهداف المعركة بالدرجة الأولى وهي السيطرة على الموانئ الرئيسية في المحافظة، وبالتالي، عزل الحوثيين عن العالم تماماً. كما أن محافظة الحديدة تمثل خط تماس بين المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين والمناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية جنوباً، حيث تسيطر الحكومة الشرعية فعلياً على مديريتين من مديريات الحديدة، هما حيس والخوخة، وبالتالي ستعمل القوات الحكومية على استئناف معركة تحرير الحديدة التي كانت بدأتها في العام 2017 قبل وقفها عبر اتفاق استوكهولم 2018 (برعاية أممية) الذي كان سبباً في إيقاف عملية التحرير، وبالتالي، إنقاذ الحوثيين. وحالياً، يوجد في الساحل الغربي ما يعرف بالقوات المشتركة التي تتكون من ثلاثة فصائل، هي حراس الجمهورية وقوات العمالقة والمقاومة التهامية، التي تضم عدداً كبيراً من الألوية العسكرية. وأوضح الكاتب الصحافي عبد الله دوبلة، في حديث لـ"العربي الجديد"، أن أهمية الحديدة تكمن في أنها الميناء الرئيسي للبلاد، سواء من ناحية ميناء البضائع المتمثل في ميناء الحديدة، أو الميناء النفطي المتمثل في ميناء رأس عيسى، وأيضاً وجود سواحل طويلة يعتمد عليها الحوثيون في تهريب السلاح، أي أن معظم الأسلحة التي تُهرَّب للحوثيين تأتي عبر هذه السواحل، وبالتالي، فقدان الحديدة يعني فقدانهم شريان حياة مهم. ومن الناحية الاقتصادية، تعدّ الحديدة، وفق دوبلة، مورداً مهماً للرسوم الجمركية التي يجني الحوثيون من خلالها أموالاً طائلة يستخدمونها للمجهود الحربي، معتبراً أنه بفقدان الحديدة، سيفقدون الميزة الاقتصادية، إضافة للوصول إلى أعالي البحار من خلال سواحل الحديدة القريبة من المجرى الدولي، ما يتيح للحوثيين الحصول على الأسلحة الإيرانية المهربة، وفق رأيه. وخلُص الكاتب الصحافي إلى أن الحديدة منفذ مهم لليمن، مضيفاً أن السيطرة عليها تعطي أي طرف سياسي يمني أفضلية داخلية وإقليمية ودولية. وقدّم مثالاً "سيطرة الحوثيين على المحافظة، التي أعطتهم أفضلية كبيرة ضد الخصوم المحليين والإقليميين، حيث أصبح الحوثي لاعباً دولياً اليوم، وبسبب السيطرة والنفوذ في البحر الأحمر، جلب الحوثيون صراعاً دولياً مع الولايات المتحدة، وكلّ ذلك نتيجة الأهمية التي تمتاز بها سواحل الحديدة أو السواحل اليمنية ككل" وفق اعتباره. تقارير عربية التحديثات الحية هكذا تدمر المقاتلات الإسرائيلية والأميركية مقدرات اليمن