logo
السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تراجع البحرية الأميركية

السفينة الحربية الصينية التي أظهرت تراجع البحرية الأميركية

الجزيرة١٠-٠٤-٢٠٢٥

في صباح ضبابي من عام 1856، كانت السفن الحربية البريطانية تحاصر مدينة كانتون الصينية (غوانجو حاليا)، مدججة بالمدافع وبالقوة اللازمة لسحق خصومها. وبينما كانت السفن الخشبية التابعة لأسرة "تشينغ" الحاكمة في الصين مترامية على سطح البحر كألعاب ورقية صغيرة في مهب الريح؛ إذ بها تتناثر جذاذا على صفحة الماء، من أثَر القصف المدفعي الذي أطلقته السفن البريطانية، ثم أتبع ذلك سقوط دفاعات المدينة الساحلية المحدودة، التي لم تكن أكثر من بطاريات مدفعية بدائية لا يمكنها أن تصمد أمام التفوق الغربي المدفوع بالبخار ودقة التصويب والمدى الطويل.
في تلك اللحظة، أدركت الصين، دون إعلان، أنها لم تعد قادرة على حماية شواطئها. كانت تلك واحدة من أقسى لحظات ما سُمي بـ"قرن الإذلال"، وهو مصطلح يُستخدم في الأدبيات الصينية لوصف فترة التدخل والإخضاع للبلاد من قِبَل قوى خارجية من بينها اليابان وبريطانيا بدءا من عام 1839 إلى نهاية الحرب العالمية الثانية عام 1949 واندلاع الثورة الصينية.
ثم بعد مرور أكثر من 150 عاما، تبدو الصين في مشهد مختلف تماما، ففي ديسمبر/كانون الأول 2024، أطلقت الصين سفينة جديدة سُميت "سيتشوان"، وهي أكبر سفينة هجومية برمائية وأكثرها تقدما حتى الآن في ترسانة الجيش الصيني، مما يكشف حجم التطور الهائل في الصناعات العسكرية الصينية ويُشكِّل تعزيزا كبيرا لقدراتها البحرية.
ورغم أنها مُصمَّمة بالأساس لنقل قوات عسكرية من البحر إلى الشاطئ، فإنها تمتاز بقدرات إضافية تشبه حاملات الطائرات، حيث إنها مزودة بنظام قذف كهرومغناطيسي (مثل حاملات الطائرات الأميركية الحديثة)، يسمح بإقلاع الطائرات المسيّرة من على متنها أو المقاتلات من سطحها.
ومن ثم فالسفينة متعددة المهام بشكل يشد الأنظار، فهي قادرة على حمل مروحيات هجومية، وطائرات ومسيرات، بالإضافة إلى مركبات برمائية وجنود، ويمكن استخدامها في الإبرار البحري على الشواطئ، أو دعم المعارك البرية من البحر، أو حتى شن هجمات جوية بالطائرات دون طيار، ويبلغ طولها نحو 260 مترا، ووزن إزاحة أكثر من 40,000 طن.
وفي المجمل، فإن استقراء القدرات العملياتية للسفينة يكشف أن الصين لم تعد تكتفي بالدفاع عن حدودها فحسب، بل تسعى إلى مدّ نفوذها العسكري خارج البحار القريبة، حيث صُمِّمت السفينة للاستخدام في أماكن بعيدة مثل البحر الأحمر والمحيط الهندي.
بيد أن "سيتشوان" (أو الفئة 076) ليست وحدها ما يخيف الولايات المتحدة حاليا، بل يضاف إليها ترسانة أخرى من السفن تُظهر مدى تسارع بكين في تطوير قدراتها البحرية، حيث أطلقت 157 سفينة بين عامَيْ 2014-2023، مُقارنةً بـ67 سفينة أطلقتها الولايات المتحدة خلال الفترة نفسها.
أبعد من مجرد سفينة
ما تكشفه الأرقام والحقائق العسكرية يرجح أن الصين ليست فقط بصدد التقدم في سباق التسلح البحري فحسب، بل تتقدم في إطار إستراتيجية محددة لصناعة تحول إستراتيجي عالمي، تُعيد فيه الصين رسم خريطة النفوذ البحري، وربما إعادة تعريف "القوة البحرية" نفسها.
فالسفينة "سيتشوان" ، رغم ما تحمله من رمزية، ليست سوى واحدة من إشارات كثيرة على صعود جارف، يوشك أن يُغيّر موازين البحر كما نعرفها.
لفهم حجم الإنتاج الصيني الضخم، تأمل ما حدث بين عامَيْ 2017-2019، حيث ورد أن الصين قامت ببناء عدد من السفن أكثر مما بنته الهند واليابان وأستراليا وفرنسا والمملكة المتحدة مجتمعين، بل أشار نائب الأدميرال الألماني "كاي أكيم شونباشسيد" في عام 2021 إلى أن "البحرية الصينية تتوسع كل 4 سنوات بما يعادل حجم البحرية الفرنسية كاملة".
وبحلول منتصف عام 2024، كانت الصين قد تجاوزت الولايات المتحدة بالفعل من حيث عدد القطع البحرية الفاعلة: 234 قطعة صينية مقابل 219 قطعة أميركية.
هذا التفوق العددي يُمكِّن الصين من تعويض أية خسائر محتملة في أية مواجهات قادمة، ويزيد حجم القوة المتاحة والجاهزة للانتشار التي يمكن الدفع بها إلى مناطق التوتر عند الحاجة.
كما أن هذا العدد الضخم لقطع البحرية الصينية لا يشمل نحو 80 سفينة دورية صغيرة مسلحة بالصواريخ تُشغّلها البحرية الصينية، بينما يشمل فقط سفن الصين أو غواصاتها التي تزيد إزاحتها على 1000 طن متري، بينما يشمل العدد المعروف لقطع البحرية الأميركية الذي يبلغ 290 قطعة سفن الدعم والخدمات اللوجستية التي تصل إلى نحو 126 سفينة.
وبحسب مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية، يُوفر هذا التفوق لصالح بكين ميزةً حربيةً مهمة: فقد خلصت الدراسة إلى أن الأساطيل الأكبر حجما انتصرت في 25 حربا من أصل 28 حربا تاريخية، والسبب هو أن العدد الأكبر يعطي مقدرة أفضل على استيعاب خسائر أكبر ومواصلة القتال.
وينقل المركز عن إحدى الدراسات أنه في واحدة من مجموعات المناورات الحربية التدريبية الحديثة، خسرت الصين 52 سفينة حربية سطحية رئيسية مقارنةً بما بين 7-20 سفينة أميركية مُكافئة، وحتى بعد هذه الخسائر الكارثية، ظلت الصين تمتلك سفنا حربية سطحية أكثر من الولايات المتحدة، وتمكَّنت من مواصلة المعركة البحرية.
بالطبع لا يعني ذلك أن الصين الآن هي القوة البحرية الأشرس في العالم، حيث إن القوة العسكرية لا تُحسب فقط بعدد القطع القتالية، وإنما بالقدرات النوعية للسفن، وبصورة أهم يرتبط بنطاق توزيعها وسيطرتها، وهذا ما تتفوق فيه الولايات المتحدة بلا منازع، فهي تمتلك مجموعة من أكبر وأقوى السفن في العالم.
ولو قررنا جمع قدر الماء الذي تزيحه مجمل السفن الصينية (وزن السفن في أدبيات القياسات البحرية)، الأمر الذي يُعَدُّ معيارا أساسيا للقوة، فسنجد أنه يبلغ في المجمل مليونَيْ طن بحلول عام 2022، بينما يصل الرقم نفسه إلى 4.5 ملايين طن في حالة الولايات المتحدة الأميركية!
هذا فضلا عن الانتشار الواسع للأساطيل البحرية الأميركية ونقاط القيادة والتحكم والإمداد على امتداد خريطة بحار العالم طولا وعرضا.
رغم ذلك، فإن البحرية الأميركية لا شك ليست مطمئنة لمجرد هذا الفارق النوعي لصالحها، ليس فقط لأنه يتقلص يوما بعد يوم، بل لأنه يتقلص بسرعة.
لقد بدأت خطة الصين الطموحة لتطوير قوتها البحرية منذ ربع قرن فقط، تصاعد خلالها عدد القطع الصينية باطراد، في عام 2005 كان الفارق لصالح الولايات المتحدة الأميركية بنحو 75 قطعة، تقلَّص هذا الفارق حتى تقاربت أعداد القطع البحرية الصينية مع الأميركية في 2014، ثم انطلقت الصين للأعلى.
وبالسرعة نفسها من المتوقع أن تنمو القوة القتالية الإجمالية للبحرية الصينية إلى 460 قطعة بحلول عام 2030. وبحلول التاريخ نفسه، من المتوقع أن تمتلك البحرية الأميركية نحو 345 قطعة بحرية فقط بحسب التوقعات المتفائلة.
هذا التسارع الكمي مع التطور التقني الصيني في مجالات أخرى يفتح الباب لتسارع مماثل في تطوير أحجام وقدرات القطع البحرية الصينية مستقبلا.
في أحد بياناتها تؤكد وزارة الدفاع الأميركية أنه "اعتبارا من عام 2020، تتكون القوات البحرية الصينية إلى حدٍّ كبير من منصات حديثة متعددة الأدوار تتميز بأسلحة وأجهزة استشعار متقدمة مضادة للسفن، ومضادة للطائرات، ومضادة للغواصات".
ويضيف تقرير للكونغرس الأميركي في السياق نفسه أنه "في كثير من الحالات يمكن مقارنة هذه القطع بتلك الخاصة بالبحرية الأميركية"، ليُضيف بعد قليل قائلا: "الصين تسد الفجوة بسرعة في أي مجالات للنقص بينها وبين الولايات المتحدة".
ظهر ذلك في التطور السريع لحاملات الطائرات الصينية، منذ سبعينيات القرن الماضي، كان لدى البحرية الصينية طموحات لتطوير وتشغيل حاملات الطائرات، لكن خططها الفعلية بدأت عام 1985 حينما استحوذت على أربع حاملات طائرات متقاعدة للدراسة، إحداها بالفعل تحولت إلى النوع "001"، وخلال عشر سنوات فقط من إطلاقها (في 2012) وصلنا إلى حاملة طائرات أكثر تقدما تحاول الاقتراب من القدرات الأميركية.
في السياق ذاته، أفادت مؤسسة "راند" أنه بناء على المعايير المعاصرة لإنتاج السفن، فإن أكثر من 70% من أسطول البحرية الصينية في عام 2017 يُعَدُّ محدثا مقارنة بـ50% في 2010، أضف إلى ذلك أن الصين تنتج سفنا أكبر قادرة على استيعاب أسلحة أكثر تطورا.
على سبيل المثال، دخلت أول طرّادات (سفن مدمرة كبيرة) البحرية الصينية من النوع "055" (التي تسمى أيضا الفئة رينهاي) الخدمة في عام 2019، وزادت قدرات السفن القتالية من هذا النوع بمقدار 4000 إلى 5000 طن دفعة واحدة، إذا ما قورنت بالمدمرة من النوع "052D"، التي دخلت الخدمة في البحرية الصينية عام 2014.
في الولايات المتحدة.. تحديات تتعاظم
على الجانب الآخر، ثمة تحديات عديدة تواجه صناعة بناء السفن البحرية الأميركية، تشمل هذه التحديات بطء تطبيق التعديلات اللازمة على السفن، ونقص العمالة الماهرة، وتقادم البنية التحتية الصناعية، وارتفاع تكاليف المواد.
على سبيل المثال، واجه بناء سفينة "يو إس إس كونستليشن" الأميركية تأخيرات كبيرة وتجاوزات في الميزانية. كانت "يو إس إس كونستليشن" أول سفينة في فئة جديدة من الفرقاطات المتطورة (Frigate Class) تُبنى للبحرية الأميركية، وكان من المفترض أن تكون نموذجا للسرعة والكفاءة، حيث هدفت السفينة إلى حماية السفن الأكبر (مثل حاملات الطائرات)، ومكافحة الغواصات، والتصدي للهجمات الجوية أو الصاروخية، ومرافقة القوافل في البحار الخطرة.
تبدأ قصة السفينة المتعثرة عام 2020، حيث فاز حوض بناء السفن الأميركي التابع لشركة "فينكانتيري" بعقدٍ لبنائها، كان التصميم الأساسي مأخوذا من فرقاطة إيطالية ناجحة هي الفئة "فريم"، وكان الهدف من تدشينها تقليل الوقت والتكلفة باستخدام تصميم جاهز ومجرّب.
ما حدث بعد ذلك كان يشبه الكارثة، حيث خضعت السفينة إلى تعديلات مفرطة من البحرية الأميركية، وجرت إطالة الهيكل بمسافة 24 قدما، ثم جرى تغيير المروحة لتحسين الأداء الصوتي، ثم أُعيد تصميم النظام الكهربائي والتبريد، والنتيجة كانت تغيرا واسعا في التصميم عن التصميم الإيطالي الأصلي بنسبة 85%، أدى إلى إطالة زمن التعديلات مع ازدياد التكلفة.
حاليا، وبعد مرور عامين ونصف على البداية الفعلية لبناء السفينة، لم يُنجَز إلا 10% منها، مع توقع أن ينتهي بناؤها بعد 9-10 سنوات من لحظة بداية البناء، وهي ضِعْف المدة التي تَطلَّبها بناء السفينة الإيطالية، مع تكلفة تصل إلى مليارَيْ دولار.
ويشير تقرير تحليلي لـ"وول ستريت جورنال" إلى أن الأمور باتت أعقد من ذلك، حيث تواجه صناعة بناء السفن الأميركية نقصا كبيرا في العمالة الماهرة.
على سبيل المثال، شهدت شركة "نيوبورت نيوز" لبناء السفن معدل استنزاف سنوي بنسبة 20% بين عمالها العاملين بالساعة، وهو ضِعْف معدل ما قبل الجائحة. يعوق هذا النقص إنجاز مشاريع مثل سفينة "يو إس إس كونستليشن" في الوقت المحدد، ويُسهم في تجاوز الميزانية.
إلى جانب ذلك، تعمل العديد من أحواض بناء السفن الأميركية بمعدات قديمة، مما يعوق كفاءة الإنتاج. إضافةً إلى ذلك، أدّى ارتفاع تكاليف الصلب إلى زيادة الضغط على الميزانيات، مما يُصعّب ضبط النفقات في مشروعات بناء السفن.
حاملات الطائرات.. المجال الرئيسي للتفوق الأميركي
لطالما تَسيَّدت الولايات المتحدة الأميركية محيطات العالم بحاملات الطائرات التابعة لها، ويبدو أن الصين قد وعت هذا الدرس منذ عقود.
ففي السابع عشر من يوليو/تموز 2022، أعلنت القوات البحرية الصينية عن إطلاق ثالث حاملة طائرات من إنتاجها، خلال حفل أُقيم في حوض بناء السفن في شنغهاي العاصمة، كانت حاملة الطائرات تُعرف سابقا باسم "النوع 003″، ولكنها باتت تُسمى رسميا "فوجيان"، على اسم إحدى مقاطعات الصين الساحلية.
تُعَدُّ "فوجيان" أقوى حاملة طائرات في العالم بعد حاملات الطائرات الأميركية. كانت أول حاملتَيْ طائرات في الصين (النوع "001" والنوع "002") تعديلا تحديثيا لنموذج سوفيتي قديم، لكن النوع "003" يختلف تماما عنهما، مع تحديثات واسعة تتضمن بنية سطحية أكثر إحكاما وإتقانا، مع تبديل في طريقة إقلاع الطائرات، من "التزحلق والقفز" (Ski-jump) إلى طريقة "المنجنيق" (Aircraft catapult)، حيث يُستخدم منجنيق مطور للسماح للطائرات بالإقلاع من مساحات محدودة للغاية، مثل سطح سفينة.
لكن ثمة ملاحظة مهمة في هذا السياق، وهي أن البحرية الصينية لا تلجأ إلى طريقة المنجنيق التقليدية التي تعمل بالبخار، وتستخدم بدلا من ذلك نظام إطلاق الطائرات الكهرومغناطيسي سالف الذكر، الذي يرفع من معدلات الطلعات الجوية، ويشغل حيزا أصغر من حاملة الطائرات، يضعها ذلك في مقارنة مباشرة مع حاملات الطائرات الأميركية الكبرى، خاصة أنها بالفعل تُقارَن في الحجم مع فئتَيْ "نيميتز" (Nimitz) و"فورد" (Ford) التابعتين للبحرية الأميركية.
حظر الوصول
رغم كل هذه القدرات المتنوعة للبحرية الصينية، لا شيء آخر يمكن أن يُظهر وتيرة التطور البحري الصيني المتسارعة مثل الصواريخ المضادة للسفن.
حيث نشرت بكين نوعين من الصواريخ الباليستية الأرضية ذات القدرة على ضرب السفن في البحر، الأول هو "دي إف 21 دي" (DF-21D) بمدى يزيد على 1500 كيلومتر، والثاني هو "دي إف 26" (DF-26) بمدى أقصى يبلغ نحو 4000 كيلومتر، وتقول وزارة الدفاع الأميركية إنه "قادر على تنفيذ ضربات دقيقة، تقليدية ونووية، ضد أهداف أرضية وبحرية".
تسببت الصواريخ البالستية الصينية المضادة للسفن في حالة قلق واسعة لدى الخبراء والمراقبين الأميركيين، لأنها ببساطة يمكن أن تغير قواعد اللعبة تماما، فهذه الصواريخ، إلى جانب أنظمة المراقبة والاستهداف المحدثة، ستسمح للصين بمهاجمة حاملات الطائرات الأميركية أو سفن حلفائها الضخمة في غرب المحيط الهادي.
وفي هذا المجال تحديدا، تُطوِّر الصين منظومة كاملة إلى جانب الصواريخ الباليستية تتيح لها تطبيق سياسة حظر الوصول، التي تعني أن أفضل طريقة للسيطرة على خصم بعيد، خاصة إذا كان متفوقا في القوة العسكرية الشاملة، هو تعطيل قواته عن العمل ومنعها من الانتشار في مسرح الصراع في المقام الأول.
تركز الصين حاليا على استخدام صواريخها الباليستية المضادة للسفن، وغيرها مثل صواريخ كروز للدفاع الجوي، وسفنها المتنوعة خاصة النماذج المحدثة جدا من المقاتلات السطحية والسفن البرمائية وأنظمة المراقبة البحرية الخاصة بها، في بناء منطقة حظر وصول صارمة تتكون من ثلاثة خطوط، وتصل حدودها إلى ما يسمى "سلسلة الجزر الأولى" (first island chain)، وهي أول مجموعة من الأرخبيلات في المحيط الهادي التي تقابل شرقي آسيا، وتبدأ من شمالي إندونيسيا لتمر بالفلبين ووصولا إلى اليابان.
بهذه الوتيرة، قد تتمكن الصين بحلول عام 2030 من إحكام السيطرة على هذه المنطقة، وحينها ستتحرك سفن البحرية الصينية فيها بحرية تامة، وستُمنع القوات الأجنبية أيًّا كانت من التصرف بحرية.
أما على المدى الأبعد نسبيا، وبحلول عام 2050، فيُعتقد أن البحرية الصينية ستصبح ندًّا حقيقيا للبحرية الأميركية، وبالتالي ستمد ذراعيها لما بعد سلسلة الجزر الأولى إلى المحيطين الهادي والهندي.
رهان الغرب
إلى الآن، تراهن بعض الآراء في واشنطن على أن البحرية الصينية رغم أنها أصبحت الأكبر في العالم من حيث عدد السفن، فإن هذه القوة العددية لا تعني بالضرورة التفوق أو القدرة الفعلية على إسقاط القوة.
تبني هذه الآراء وجهة نظرها على عدة نقاط، منها أن الصين لم تخض أي معركة بحرية حقيقية منذ الحرب مع فيتنام عام 1979، وعلى عكس ذلك، فإن البحرية الأميركية شاركت في حروب وتدريبات معقدة، ومن ثم فإن هناك افتراضا بأن الصينيين يُجيدون الاستعراضات العسكرية، لكنهم لا يملكون خبرة عملية في التنسيق المعقّد في ميدان معارك حقيقية، مثل الإبرار البحري والهجمات الجوية وتنظيم مجموعات السفن الحربية.
إلى جانب ذلك، يرى هؤلاء أن السفن الصينية مزودة بأنظمة حديثة، لكنها تتعطل كثيرا، ويستشهدون بأن مدمرات الفئة "055" على سبيل المثال تُعد فخمة نظريا، لكن تعطلت أثناء التجارب بسبب مشكلات في الدفع، والصواريخ الصينية التي سُميت "قاتلات حاملات الطائرات" لم تُختبر فعليا حتى الآن، وكل قدراتها لا تزال نظرية.
من جانب آخر، يرى هؤلاء أن الصين تحاول كسب نفوذ في المحيط الهندي عبر بيع معدات بحرية للدول الصغيرة (مثل تايلاند، وسريلانكا، وبنغلاديش)، لكن المشكلة أن هذه المعدات غالبا ما تكون ذات جودة منخفضة، وتتعطل كثيرا وتتطلب صيانة متكررة ومكلفة.
لكن هل يُعد ذلك رهانا ناجحا؟ تنخفض وتيرة هذا الرأي حاليا مع كل منظومة عسكرية جديدة تطورها الصين وتعلن عنها أو تتسرب أخبارها دون إعلان رسمي، وربما ينتظر بعض جنرالات الحرب الغربيين أن تبدأ الصين معركتها في السيطرة على تايوان لاختبار مدى قدراتها فعليا، لكنه رهان خطير جدا أيضا، إذ لا يمكن الثقة في تقدير جاهزية الجيوش ومعدلات تطويرها بناء على احتمالات غير مؤكدة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ما هي الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا إذا قررت ضرب أوكرانيا؟
ما هي الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا إذا قررت ضرب أوكرانيا؟

الجزيرة

timeمنذ 6 أيام

  • الجزيرة

ما هي الأسلحة النووية التي تمتلكها روسيا إذا قررت ضرب أوكرانيا؟

في تصريح للرئيس الأميركي السابق جو بايدن في أكتوبر/تشرين الأول 2022 قال: "لم نواجه احتمال وقوع كارثة هائلة من هذا النوع منذ عهد كينيدي وأزمة الصواريخ الكوبية ، إنه (بوتين) لا يمزح عندما يتحدث عن الاستخدام المحتمل للأسلحة النووية أو الأسلحة البيولوجية أو الكيميائية، لأن أداء جيشه، ضعيف للغاية". جاء هذا التصريح في سياق مخاوف غربية واضحة من استخدام الروس للسلاح النووي خلال الحرب مع أوكرانيا، ولذلك كان دعم حلف الناتو لأوكرانيا محسوبا خطوة بخطوة، بهدف واحد وهو عدم استثارة الروس لأي رد فعل نووي. لكن الأمر لا يقف عند حد الحرب الأوكرانية، فقد كان السلاح النووي طوال الوقت أهم وسيلة للتفاوض لدى الروس. تاريخ طويل للخوف لفهم أعمق لتلك النقطة يمكن أن نتأمل وثيقة من 6 صفحات نشرتها الحكومة الروسية في الثاني من يونيو/حزيران 2020 تحدد منظورها بشأن الردع النووي، وعنونت رسميا المبادئ الأساسية لسياسة الدولة للاتحاد الروسي بشأن الردع النووي، وفيها يعتبر التهديد الروسي بالتصعيد النووي أو الاستخدام الفعلي الأول للأسلحة النووية هو سلوك من شأنه أن يؤدي إلى "خفض تصعيد" النزاع بشروط تخدم روسيا. لكن في هذا السياق، تعتبر روسيا الأسلحة النووية وسيلة للردع حصرا، وتضع مجموعة من الشروط التي توضح تلك النقطة، فيكون الحق في استخدام الأسلحة النووية ردا على استخدام الأسلحة النووية أو أنواع أخرى من أسلحة الدمار الشامل ضدها أو ضد حلفائها، أو هجوم من قبل الخصم على المواقع الحكومية أو العسكرية الحساسة في الاتحاد الروسي، والذي من شأنه أن يقوض أعمال رد القوات النووية، أو العدوان على الاتحاد الروسي باستخدام الأسلحة التقليدية عندما يكون وجود الدولة نفسه في خطر. على الرغم من أن هذا يعد تخفيفا لسياسة روسيا النووية المتعلقة بالردع، إلا أنه لا يزال مراوغا ويمكن أن تستخدم أي من تلك الشروط لتعني أي شيء على الأرض. في الواقع، يرى العديد من المحللين والعلماء في هذا النطاق -من الجانب الأميركي والأوروبي- أن روسيا -ومن قبلها الاتحاد السوفياتي – طالما اتبعت عقيدة تدمج الأسلحة النووية في التدريبات العسكرية الخاصة بها، ما يشير إلى أنها قد تعتمد بشكل أكبر على الأسلحة النووية، يظهر هذا بوضوح في تقارير تقول إن التدريبات العسكرية لروسيا بدت كأنها تحاكي استخدام الأسلحة النووية ضد أعضاء الناتو. لهذه العقيدة تاريخ طويل متعلق بأن السلاح النووي هو أفضل الطرق في حالات الضعف، فحينما تراجع الاتحاد السوفياتي سياسيا وعسكريا خلال الحرب الباردة ، ثم مع انهياره، كان الضامن الوحيد بالنسبة للروس هو السلاح النووي، بحيث يمثل أداة ردع رئيسة. لكن إلى جانب كل ما سبق، هناك سبب إضافي أهم يدفع بعض المحللين للاعتقاد أن روسيا تضع استخدام السلاح النووي في منطقة الإمكانية، وهو متعلق بتحديث سريع وكثيف للترسانة النووية. الثالوث النووي أجرى الاتحاد السوفياتي أول تجربة تفجيرية نووية في 29 أغسطس/آب 1949، أي بعد 4 سنوات من استخدام الولايات المتحدة للقنبلة الذرية ضد اليابان في الحرب العالمية الثانية ، اختبر الاتحاد السوفياتي نسخته الأولى من القنبلة النووية الحرارية عام 1953، ومنذ ذلك الحين نما المخزون السوفياتي من الرؤوس الحربية النووية بسرعة، بشكل خاص خلال الستينيات والسبعينيات وبلغ ذروته عام 1986 بحوالي 40 ألف رأس حربي نووي. بحلول الستينيات، كانت روسيا قد طورت ثالوثا من القوات النووية مثل الولايات المتحدة الأميركية: الصواريخ الباليستية العابرة للقارات "آي سي بي إم إس" (ICBMs)، والصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات "إس إل بي إم إس" (SLBMs)​​، والقاذفات الثقيلة المجهزة بأسلحة نووية. وتسمى هذه المجموعة من أدوات الحرب بالأسلحة النووية الإستراتيجية، أي تلك التي تتمكن من الضرب على عدو يبتعد عن الدولة مسافة كبيرة (الضرب عن بعد). على مدى أكثر من نصف قرن، انخرطت روسيا في اتفاقات ومعاهدات تخفّض من أعداد الرؤوس الحربية النووية الخاصة بها، لذلك منذ الثمانينات انخفضت أعداد الرؤوس الحربية الروسية إلى حوالي 6 آلاف فقط، لكن في مقابل هذا الخفض في الأعداد اهتمت روسيا بسياق آخر يقابله، وهو تحديث الترسانة بالكامل. في ديسمبر/كانون الأول 2020، أفاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الأسلحة والمعدات الحديثة تشكل الآن 86% من الثالوث النووي لروسيا، مقارنة بنسبة 82% في العام السابق، وأشار إلى أنه يتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 88.3% خلال عام واحد، وصرح أن وتيرة التغيير في جميع المجالات الحاسمة للقوات المسلحة سريعة بشكل غير عادي اليوم، مضيفا: "لو قررت التوقف لثانية واحدة، ستبدأ في التخلف على الفور". ذراع روسيا الطويلة يبدو هذا جليا في نطاقات عدة. على سبيل المثال، تواصل روسيا حاليا سحب صواريخها المتنقلة من طراز "توبول" (Topol) بمعدل 9 إلى 18 صاروخا كل عام، لتحل محلها الصواريخ الباليستية العابرة للقارات من النوع "يارس-24" (RS-24). اختبرت روسيا يارس لأول مرة عام 2007 وتم اعتماده من قبل قوات الصواريخ الإستراتيجية الروسية عام 2010، وبدأ إنتاجه خلال نفس العام. واعتبارا من عام 2016، تتضمن الترسانة الآن ما يزيد على 147 صاروخا من هذا النوع، منها 135 يمكن أن يوضع منصة متحركة (عربة مكونة من 16 عجلة) و12 منصة ثابتة. مدى يارس يصل إلى 12 ألف كيلومتر (هذا يساوي عرض دولة مثل مصر 12 مرة)، ويمكن أن يحمل 6 -10 رؤوس نووية بقوة تتراوح بين 150- و500 كيلوطن لكل منها، والصاروخ السابق توبول كان يحمل رأسا حربيا واحدا. كذلك صمم يارس للتهرب من أنظمة الدفاع الصاروخي حيث يقوم بمناورات أثناء الرحلة ويحمل شراكا خداعية وبالتالي لديها فرصة لا تقل على 60-65% لاختراق الدفاعات المضادة، وتؤهل التقنية "ميرف" (MIRV) هذا الصاروخ لحمولة صاروخية تحتوي على العديد من الرؤوس الحربية، كل منها قادر على أن يستهدف هدفا مختلفا. ويصيب يارس الهدف بدقة تكون في حدود 100-150 مترا من نقطة الهدف فقط، كما أن إعداد الصاروخ للإطلاق يستغرق 7 دقائق، وبمجرد أن تكون هناك حالة تأهب قصوى، يمكن لصواريخ يارس مغادرة قواعدها عبر السيارات التي تجري بسرعة 45 كيلومترا في الساعة، ثم العمل في مناطق الغابات النائية لزيادة قدرتها على التخفي. إله البحار أحد الأمثلة التي يُستشهد بها على نطاق واسع أيضا هي "ستاتوس-6" (Status-6) المعروف في روسيا باسم "بوسايدون" (Poseidon) (إله البحار)، وهو طوربيد طويل المدى يعمل بالطاقة النووية والذي وصفته وثيقة حكومية روسية بشكل صارخ بأنه يهدف إلى إنشاء "مناطق التلوث الإشعاعي الواسع التي قد تكون غير مناسبة للنشاط العسكري أو الاقتصادي أو أي نشاط آخر لفترات طويلة من الزمن"، السلاح مصمم لمهاجمة الموانئ والمدن لإحداث أضرار عشوائية واسعة النطاق. بدأ السوفيات تطوير هذا السلاح عام 1989 ولكن توقف الأمر بسبب انهيار الاتحاد السوفياتي ونهاية الحرب الباردة وكذلك مع سياسات نزع السلاح النووي. ومع ذلك، عادت روسيا لتطوير هذا السلاح، وفي عام 2015 تم الكشف عن معلومات حول هذا السلاح عمدا من قبل وزارة الدفاع الروسية. وبحسب ما ورد من معلومات عنها، يبلغ مدى هذه المركبة 10 آلاف كيلومتر، ويمكن أن يصل إلى سرعة تحت الماء تصل إلى 200 كيلومتر في الساعة). هذا أسرع بكثير من قدرة الطوربيدات الحربية المعتادة على السفر. علاوة على ذلك، من المخطط أن يعمل بوسايدون على أعماق تصل إلى ألف متر؛ مما يجعل من الصعب اعتراضها، بل ويعتقد أنه يمكن لهذه القطعة التقنية المرعبة أن تعمل تحت صفائح الجليد في القطب الشمالي، هنا يصعب جدا اكتشافه والاشتباك معه. ومن المقرر أن يبدأ بوسايدون في العمل الفعلي داخل الترسانة النووية الروسية خلال أعوام قليلة. نار من توبوليف قاذفة القنابل الإستراتيجية فوق الصوتية ذات الأجنحة متعددة الأوضاع "توبوليف تي يو-160" كانت أيضا واحدة من مكونات أحد أطراف الثالوث النووي التي تم تطويرها مؤخرا. وعلى الرغم من أن هناك العديد من الطائرات المدنية والعسكرية الأكبر حجما إلا أن هذه الطائرة تعد الأكبر من حيث قوة الدفع، والأثقل من ناحية وزن الإقلاع بين الطائرات المقاتلة. ويمكن لكل طائرة من هذا الطراز حمل ما يصل إلى 40 طنا من الذخائر، بما في ذلك 12 صاروخ كروز نوويا يتم إطلاقها من الجو. وبشكل عام، يمكن أن تحمل القاذفات من هذا النوع أكثر من 800 سلاح. كانت هذه الطائرة آخر قاذفة إستراتيجية صممت من طرف الاتحاد السوفياتي، إلا أنها لا تزال تستخدم إلى الآن. أضف لذلك أن هناك برنامجين محدثين متميزين لتطوير الطائرة توبوليف يتم تنفيذهما في وقت واحد: برنامج أولي يتضمن "تحديثا عميقا" لهيكل الطائرة الحالي لدمج محرك من الجيل التالي، بالإضافة إلى إلكترونيات طيران جديدة وملاحة ورادار حديث يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي، وبرنامج آخر يتضمن دمج أنظمة مماثلة في هياكل جديدة تماما للطائرة. وفي الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2020 أعلنت روسيا أن أحدث نسخة من توبوليف تي يو-160 (يسميها الناتو بلاك جاك) قد انطلقت من كازان مدعومة بمحركات "إن كيه-32-02" (NK-32-02) الجديدة، مع قوة دفع تبلغ 55 ألف رطل، ويعد هذا المحرك أكبر وأقوى محرك تم تركيبه على الإطلاق في طائرة عسكرية. استغرقت الرحلة الأولى للقاذفة المحدثة مع المحركات الجديدة ساعتين و20 دقيقة، وسافرت على ارتفاع 6 آلاف متر، المحرك الجديد يرفع نطاق الطائرة بحوالي ألف كيلومتر. يارس وبوسايدون وتحديثات قاذفة القنابل توبوليف هي أمثلة قليلة من حالة كبيرة من التطوير تمر بها الترسانة النووية الروسية، إلى جانب ذلك تعمل روسيا على تنويع نطاق التطوير، فهي لا تعمل فقط على السلاح النووي الإستراتيجي (الذي يضرب العدو البعيد)، بل أيضا هناك خطوات واسعة في تطوير السلاح النووي اللإستراتيجي (التكتيكي)، وهو إصطلاح يشير إلى الأسلحة النووية التي صممت لاستخدامها في ميدان المعركة مع وجود قوات صديقة بالقرب وربما على أراض صديقة متنازع عليها. مخزون روسيا من بين مخزون الرؤوس الحربية النووية الروسية، هناك ما يقرب من 1600 رأس حربي إستراتيجي جاهز للضرب، حوالي 800 رأس منها على الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، وحوالي 624 على الصواريخ الباليستية التي تُطلق من الغواصات، وحوالي 200 في قاذفات القنابل الإستراتيجية. إلى جانب ذلك يوجد حوالي 985 رأسا حربيا إستراتيجيا آخر في المخزن، وحوالي 1912 رأسا حربيا غير إستراتيجي (تكتيكي). بالإضافة إلى المخزون العسكري للقوات العملياتية، هناك حوالي 1760 من الرؤوس الحربية المتقاعدة ولكنها ما زالت سليمة إلى حد كبير تنتظر التفكيك وإعادة التشغيل، ما يجعل إجمالي المخزون حوالي 6 آلاف- 6300 رأس حربي، علما أن هذه فقط هي أرقام تقديرية، حيث لا تعلن الدول عن العدد الحقيقي لرؤوسها الحربية النووية. إذن الخلاصة أن برامج التحديث النووي الروسية، مع زيادة عدد وحجم التدريبات العسكرية، والتهديدات النووية الصريحة التي تلقي بها ضد دول أخرى (فما حدث في حالة أوكرانيا 2022 ليس جديدا)، والعقيدة الروسية المتعلقة بالسلاح النووي؛ كلها أمور تسهم جميعها في دعم حالة من عدم اليقين بشأن نوايا روسيا النووية. ويرى المحللون أن روسيا أبعد ما تكون عن استخدام السلاح النووي حاليا، لسبب واحد وهو أن الجيش الروسي مستقر نسبيا ولا يواجه أية تهديدات وجودية في الحرب الحالية، ومن ثم نشأت فكرة تقول إن الحرب في وجود "السلاح النووي" ممكنة، لكن في سياق ألا تزيد مساحة المعارك، والضرر المتعلق بها، عن حد معين يضع الروس في توتر. لكن على الجانب الآخر، "فعدم اليقين" كان هدف الروس الدائم في كل الأحوال، لأنه -في حد ذاته- سلاح ردع رئيسي بالنسبة لهم، وعلى الرغم من أن الأوكرانيين تلقوا المساعدات، إلا أن الروس واصلوا تقدمهم في سياق "قبة" حماية سببها الأساسي هو السلاح النووي.

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة بغزة
بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة بغزة

جريدة الوطن

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • جريدة الوطن

بوريل: إسرائيل ترتكب إبادة بغزة

مدريد- الأناضول- أكّد الممثل الأعلى السابق للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية والأمنية جوزيب بوريل أن «إسرائيل ترتكب إبادة جماعية بغزة، ونصف القنابل التي تسقط على القطاع مصدرها أوروبا). وشدّد أن «إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزة، مشيرا إلى أن أوروبا تشهد «أكبر عملية تطهير عرقي منذ الحرب العالمية الثانية»، بهدف إنشاء «منتجع سياحي» بعد القضاء على الفلسطينيين.

80 عاما على الحرب العالمية الثانية.. احتفال بالتحرير يغيب عنه المحرِّرون
80 عاما على الحرب العالمية الثانية.. احتفال بالتحرير يغيب عنه المحرِّرون

الجزيرة

time٠٩-٠٥-٢٠٢٥

  • الجزيرة

80 عاما على الحرب العالمية الثانية.. احتفال بالتحرير يغيب عنه المحرِّرون

برلين- احتفلت ألمانيا أمس الخميس بالذكرى 80 لنهاية الحرب العالمية الثانية ، وهو حدث تاريخي تحييه برلين والعديد من الدول الأوروبية باعتباره "يوم التحرير" وهزيمة النازية أمام الحلفاء (الاتحاد السوفياتي ، والولايات المتحدة، وبريطانيا، وفرنسا). وأعلنت هذا العام يوم الذكرى عطلة رسمية في العاصمة فقط. وشكل خطاب المستشار الألماني الأسبق ريتشارد فون فايتسكر عام 1985 لحظة مفصلية في تقييم هذا اليوم، عندما قال "إن 8 مايو/أيار هو يوم التحرير على يد الجيش السوفياتي، لأن الألمان لم يكونوا قادرين على تحرير أنفسهم بأنفسهم، بل احتاج التحرير إلى قوة خارجية جاءت من هذا الجيش وقوى التحالف الغربية". يقول إيفالد كونيغ الخبير في الشؤون الدولية، للجزيرة نت، إنه من الضروري التفريق بين جمهوريتي ألمانيا الغربية والشرقية، ففي الوقت الذي حاولت فيه ألمانيا الغربية معالجة آثار الحرب والاستفادة من الدروس، قامت الشرقية بمنع الفاشية وإعلان نفسها دولة معادية لها، لكنها بذلك أخفقت في معالجة آثار الحرب وهذا دليل واضح على صعود حزب البديل من أجل ألمانيا المعادي للأجانب في الولايات الشرقية. تحذير ألقى الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير خطابا أمام البوندستاغ (البرلمان) بمناسبة هذه الذكرى، وأكد أن "المعرفة التي نستخلصها من ماضينا تلزمنا نحن الألمان باتخاذ مواقف واضحة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، ومعاداة السامية، وحرب العدوان الروسية ضد أوكرانيا، وانتهاك أميركا للقيم. إن النظام والتعاون الدوليين، والالتزام بالديمقراطية والمصالحة الذي قدمه لنا ضحايا الحرب وأعداؤها السابقون كان لمصلحة الجميع وجلب السلام والازدهار بعد عام 1945". أما توم غولر، الصحفي المتخصص في السياسة الخارجية والأمنية، فقال للجزيرة نت إن الشعب الألماني يرى أن 8 مايو/أيار بمنزلة تحذير بأن مثل هذه الحرب لا ينبغي أن تندلع مرة أخرى. ويرى أن المهمة الآن تقع على عاتق الحكومة ببذل كل ما بوسعها -عسكريا ودبلوماسيا- لمنع وقوعها في أوروبا. ورغم مرور 8 عقود على نهاية الحرب العالمية الثانية، فإن العالم اليوم يعج بالنزاعات المسلحة بشكل غير مسبوق. ويقول الخبير كونيغ إن هذا الواقع يضع أوروبا أمام تحدّ جديد، خاصة مع الحرب الروسية على أوكرانيا، وعدم معرفة آلية التعامل الصحيحة مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويضيف "ولا نعلم إلى أين ستسير الأمور في سوريا، ولا كيف سينتهي الوضع في غزة في ظل السوداوية الحالية نتيجة السياسة التي تتبعها إسرائيل، وهناك أيضا مخاوف من اندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان"، مشيرا إلى ضعف أوروبا في التأثير الفعلي على السياسة الخارجية في ظل الهيمنة الأميركية، وكذلك الغموض تجاه ردود الفعل المحتملة من الصين. جرائم الحلفاء لم يكن الثامن من مايو/أيار يوما للتحرير بالنسبة للنساء الألمانيات؛ فقد ظل موضوع الاغتصاب الجماعي لهن من قبل جنود القوى المنتصرة من المحرمات لفترة طويلة. وفقط قبل نحو 10 سنوات، وفي الذكرى 70 لنهاية الحرب، بدأت بعض الكتب في تناول موضوع العنف الجنسي ضد الأطفال والنساء الألمانيين. ورغم أن الحلفاء حرروا سجناء معسكرات الاعتقال وألمانيا من الاشتراكية الوطنية، فإنهم ارتكبوا أيضا جرائم بحق حوالي 900 ألف فتاة وامرأة. ومع اقتراب نهاية الحرب وفي الأسابيع التي تلت "التحرير"، أصبحت عمليات الاغتصاب شائعة في المدن الألمانية. ففي برلين وحدها، كان الخوف من الجنود الروس كبيرا لدرجة أن 3881 امرأة انتحرن في أبريل/نيسان 1945 فقط. ويؤكد الباحث غولر وقوع قرابة 100 ألف حالة اغتصاب على يد جنود "الجيش الأحمر" في برلين. من جهتها، دعت رئيسة البوندستاغ، يوليا كلوكنر، إلى إيلاء مزيد من الاهتمام لمعاناة النساء في الحروب. وقالت في كلمتها أمام البرلمان إن "النساء والفتيات اضطررن إلى تحمل قدر هائل من المعاناة والاعتداء الجنسي أثناء الحرب وبعدها، وهذا الأمر يتم التغاضي عنه في الغالب". وأضافت أن قمع معاناة النساء "ببساطة" في المجتمع الألماني بعد الحرب أدى إلى إطالة أمد معاناتهن، مطالبة بإعطائهن مساحة في الذاكرة الجماعية، والاعتراف بمعاناتهن و"بالقوة المذهلة" التي أظهرنها في النضال من أجل البقاء، وبمساهمتهن الحاسمة في إعادة الإعمار. آثار التقارب يرى بعض الخبراء أن التقارب الأميركي الروسي قد ينعكس إيجابا على القارة الأوروبية، لأن العداء الذي نشأ بين الولايات المتحدة وموسكو بعد الحرب العالمية الثانية جلب معه العديد من المخاطر على مدى عقود. وكانت ألمانيا من أكثر الدول تأثرا به، إذ انقسمت بين هذين المعسكرين. ويقول الصحفي الألماني غولر إن آثار معاناة الألمان من هذه المواجهة لا تزال محسوسة حتى اليوم، فبعد 35 عاما من إعادة التوحيد لا يزال الحديث عن الألمان الشرقيين والغربيين شائعا، وحتى التقسيم السياسي الناتج عن تشكيل الكتلة الروسية في وجه الولايات المتحدة ما زال قائما. ولذلك، لا يمكن لألمانيا إلا أن ترحب بالتقارب بين ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين. لكن الخبير إيفالد كونيغ يحذر من أن هذا التقارب قد يتغير فجأة، موضحا أن قرارات ترامب لا يمكن التنبؤ بها، فقد يمتدح الرئيس الروسي اليوم ويهاجمه في اليوم التالي. لذلك، ينظر الأوروبيون إلى هذا التقارب بريبة، ويأملون في الوقت نفسه ألا تتضرر العلاقات عبر حلف شمال الأطلسي (الناتو) أكثر. وبرأيه، يفرض هذا الوضع على أوروبا الاعتماد على قوتها الذاتية والتخلص من التبعية العسكرية للولايات المتحدة، خاصة في ظل الشكوك حول مستقبل حلف الناتو. احتفل البرلمان الأوروبي بالذكرى 80 لهزيمة النازية، مستبعدا سفيري روسيا وبيلاروسيا. وجاء هذا القرار بناء على توصية من وزارة الخارجية الألمانية التي بررت ذلك بالخوف من أن تستغل موسكو هذه المناسبة وتربطها بشكل مسيء بحربها ضد أوكرانيا، بحسب ما قالت الخارجية. لكن كونيغ انتقد القرار، مؤكدا ضرورة الإبقاء على القنوات الدبلوماسية خاصة في الأوقات الصعبة. وأضاف أن التطورات الأخيرة الناتجة عن الحرب الأوكرانية لا تشير إلى قرب عودة العلاقات بين برلين وموسكو. أما توم غولر فيرى أن التطورات السياسية الأخيرة في واشنطن أصابت ألمانيا "بألم بالغ"، وجعلتها غير قادرة على الاعتماد على دعم الولايات المتحدة، ولا على تصرفات بوتين غير المتوقعة. ويؤكد أن إعادة التفكير في العلاقات مع القوتين الكبيرتين قد بدأت بالفعل في برلين، وتناقَش مع شركاء الاتحاد الأوروبي.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store