logo
عبير الكتب: مناظرة الجابري

عبير الكتب: مناظرة الجابري

العرب اليوم١٩-٠٣-٢٠٢٥

كتاب «حوار المشرق والمغرب» كان حكايةً كبيرةً في مطلع التسعينات الماضية، بين مُفكّر مصري «مشرقي» شهير، وآخر «مغربي» كبير، أصله مقالات بين الرجلين على صفحات مجلّة «اليوم السابع» الباريسية.
الحوار أو المناظرة «الرصينة» بين الأستاذين: حسن حنفي ومحمد عابد الجابري، مرّت على أهمّ المسائل التي تشغل - وما زالت - الفضاء العربي بصفة خاصة، حول: العلمانية والأصولية، الحداثة والجمود، الدولة الوطنية، النهضة الحضارية، وغير ذلك من المسائل التي تطوف حول هذا الحِمى.
كانت المناظرة حينها حدَثاً معرفياً مهمّاً، باغت أوساط الأنتلجنسيا، لأنه لم يكن حقيقة متوقَّعاً في خضمِّ أدبيات متوارثة ترسَّخت مع مرور الأجيال، كما وصفها أحد النُقّاد.
كان من المسائل المثيرة التي اختلف حولها حنفي والجابري، رصد شرارة النهضة العربية وانطلاق اللحظة التغييرية، عند حنفي كانت الحملة الفرنسية على مصر من طرف نابليون بونابرت، وعند الجابري - وهنا الجديد - كانت الانطلاقة الكبرى من قلب جزيرة العرب، في نفس زمن حملة نابليون، تقريباً، أي الدولة السعودية الأولى وثورتها الإصلاحية!
كثيرة هي قضايا الكتاب، منها تأكيد الجابري أنّه بعد معركة صِفِّين ظهرت نظريات حول كيفية تدبير الحكم في الإسلام، وأنه بعد مرحلة الخلفاء الراشدين، القصيرة، ظهر التباين بين طبقة: العلماء والأمراء، وانفصل الجنود عن الرعيّة، وتلك - حسب الجابري - بداية انفراج الزاوية الهندسية في الخطّ التاريخي الحضاري الإسلامي، حتى اليوم.
حسب قراءة الناقد سعيد بوخليط، فإنه حين رفضت الحركات الإسلامية العلمانية، وأكَّدت تمسُّكها المطلق بالإسلام الذي يربط بين الدين والدنيا، كان السؤال الملحّ: «كيف يمكن تحقيق أهداف الفريق العلماني، ما تصبو إليه مجتمعاتنا من حرية وتقدم، وفي الوقت نفسه كيف نستطيع أن نحقق مطالب الفريق الثاني، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية، منعاً للازدواجية بين الدنيا والدين، بين العمل والإيمان، بين الشريعة والعقيدة؟».
طبقاً لهذه القراءة، فقد أقرَّ الجابري في مطلع ردِّه بأنَّ العلمانية من المفاهيم التي تبعث كثيراً من الالتباس داخل الفكر العربي المعاصر، حيث تجلَّت الدعوة إلى العلمانية، للمرة الأولى في لبنان، منتصف القرن التاسع عشر قصد الاستقلال عن الخلافة العثمانية، واحترام حقوق الأقليات. مكمن الالتباس المرتبط بالعلمانية، في العالم العربي، الالتجاء غالباً إلى هذا المفهوم، بغية المطالبة بالديمقراطية، وكذا الممارسة العقلانية السياسية.
كيف اقتسمت النُخب العربية اتجاهات الرأي العربي؟
يُلخصّ بوخليط الأمر مع الجابري في أنه قد سادت فكرة الوحدة الشام أكثر من مصر، التي تعالت داخلها أصوات تدعو إلى الارتباط بالتاريخ الفرعوني، بينما نزع تيار ثان نحو أوروبا والغرب، ثم بقي تيار ثالث عربياً إسلامياً: «ويمكن القول، بصورة إجمالية، أن مصر لم تنخرط في التفكير في (الوحدة العربية) انخراطاً عملياً، وبقدر حجمها، إلا مع ثورة يوليو (تموز) 1952، وبالخصوص بعد العدوان الثلاثي عليها سنة 1956».

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عبير الكتب: مناظرة الجابري
عبير الكتب: مناظرة الجابري

العرب اليوم

time١٩-٠٣-٢٠٢٥

  • العرب اليوم

عبير الكتب: مناظرة الجابري

كتاب «حوار المشرق والمغرب» كان حكايةً كبيرةً في مطلع التسعينات الماضية، بين مُفكّر مصري «مشرقي» شهير، وآخر «مغربي» كبير، أصله مقالات بين الرجلين على صفحات مجلّة «اليوم السابع» الباريسية. الحوار أو المناظرة «الرصينة» بين الأستاذين: حسن حنفي ومحمد عابد الجابري، مرّت على أهمّ المسائل التي تشغل - وما زالت - الفضاء العربي بصفة خاصة، حول: العلمانية والأصولية، الحداثة والجمود، الدولة الوطنية، النهضة الحضارية، وغير ذلك من المسائل التي تطوف حول هذا الحِمى. كانت المناظرة حينها حدَثاً معرفياً مهمّاً، باغت أوساط الأنتلجنسيا، لأنه لم يكن حقيقة متوقَّعاً في خضمِّ أدبيات متوارثة ترسَّخت مع مرور الأجيال، كما وصفها أحد النُقّاد. كان من المسائل المثيرة التي اختلف حولها حنفي والجابري، رصد شرارة النهضة العربية وانطلاق اللحظة التغييرية، عند حنفي كانت الحملة الفرنسية على مصر من طرف نابليون بونابرت، وعند الجابري - وهنا الجديد - كانت الانطلاقة الكبرى من قلب جزيرة العرب، في نفس زمن حملة نابليون، تقريباً، أي الدولة السعودية الأولى وثورتها الإصلاحية! كثيرة هي قضايا الكتاب، منها تأكيد الجابري أنّه بعد معركة صِفِّين ظهرت نظريات حول كيفية تدبير الحكم في الإسلام، وأنه بعد مرحلة الخلفاء الراشدين، القصيرة، ظهر التباين بين طبقة: العلماء والأمراء، وانفصل الجنود عن الرعيّة، وتلك - حسب الجابري - بداية انفراج الزاوية الهندسية في الخطّ التاريخي الحضاري الإسلامي، حتى اليوم. حسب قراءة الناقد سعيد بوخليط، فإنه حين رفضت الحركات الإسلامية العلمانية، وأكَّدت تمسُّكها المطلق بالإسلام الذي يربط بين الدين والدنيا، كان السؤال الملحّ: «كيف يمكن تحقيق أهداف الفريق العلماني، ما تصبو إليه مجتمعاتنا من حرية وتقدم، وفي الوقت نفسه كيف نستطيع أن نحقق مطالب الفريق الثاني، وهو تطبيق الشريعة الإسلامية، منعاً للازدواجية بين الدنيا والدين، بين العمل والإيمان، بين الشريعة والعقيدة؟». طبقاً لهذه القراءة، فقد أقرَّ الجابري في مطلع ردِّه بأنَّ العلمانية من المفاهيم التي تبعث كثيراً من الالتباس داخل الفكر العربي المعاصر، حيث تجلَّت الدعوة إلى العلمانية، للمرة الأولى في لبنان، منتصف القرن التاسع عشر قصد الاستقلال عن الخلافة العثمانية، واحترام حقوق الأقليات. مكمن الالتباس المرتبط بالعلمانية، في العالم العربي، الالتجاء غالباً إلى هذا المفهوم، بغية المطالبة بالديمقراطية، وكذا الممارسة العقلانية السياسية. كيف اقتسمت النُخب العربية اتجاهات الرأي العربي؟ يُلخصّ بوخليط الأمر مع الجابري في أنه قد سادت فكرة الوحدة الشام أكثر من مصر، التي تعالت داخلها أصوات تدعو إلى الارتباط بالتاريخ الفرعوني، بينما نزع تيار ثان نحو أوروبا والغرب، ثم بقي تيار ثالث عربياً إسلامياً: «ويمكن القول، بصورة إجمالية، أن مصر لم تنخرط في التفكير في (الوحدة العربية) انخراطاً عملياً، وبقدر حجمها، إلا مع ثورة يوليو (تموز) 1952، وبالخصوص بعد العدوان الثلاثي عليها سنة 1956».

البدور يقرأ العقل السياسي العربي في فكر محمد عابد الجابري
البدور يقرأ العقل السياسي العربي في فكر محمد عابد الجابري

عمون

time١٧-٠١-٢٠٢٥

  • عمون

البدور يقرأ العقل السياسي العربي في فكر محمد عابد الجابري

عمون - نظمت لجنة العلوم الإجتماعية في رابطة الكتاب الأردنيين ندوة بعنوان قراءة في فكر محمد عابد الجابري ، تحدث فيها الدكتور سليمان علي البدور عن نظرية الجابري في العقل السياسي العربي تحليلا ونقدا وتجديدا ، ومن ثم الإجابة على السؤال المطروح في الأوساط الثقافية العربية عن أسباب فشل المحاولات التي قامت بها النخب الفكرية والسياسية في بلاد العرب لنقل " الحداثة السياسية الغربية إلى بلدانها " . في هذا الإطار أوضح البدور، أن الجابري قدم في نظريته ثلاث محددات لتجديد العقل السياسي العربي وهي : " القبيلة والغنيمة والعقيدة " ، باعتبارها الشرط الضروري للإرتفاع بهذا العقل إلى المستوى الذي يستجيب لمتطلبات النهضة والتقدم في العصر الحاضر ، وذلك لا يتم إلا بالمزاوجة بين نقد الحاضر ونقد الماضي ، نقد الحاضر بما يحمله من بقايا الماضي الذي لا يتوافق مع الحاضر ونقد الماضي لعدم انفصاله عن الحاضر ، إن على صعيد الوعي الجمعي أو على صعيد الواقع المختلف تماما عن الماضي . ويرى الجابري أن عقل القبيلة الذي يشكل " المكبوت اللاشعوري " ما زال يجعل حاضرنا مشابها لماضينا ف" القبيلة ما زالت محركا للسياسة كما اصبح " الريع " جوهر الإقتصاد عندنا ، واصبحت " العقيدة " اما ريعية تبريرية كما في الدول النفطية ، أو تكفيرية متشددة تجاه الآخر كما في الدول الأقل حظا . وعليه فإن المطلوب ، في نظر الجابري ، من الفكر العربي اليوم ، هو تجديد العقل السياسي وفق المسارات التالية : أ - تحويل القبيلة إلى تنظيم سياسي إجتماعي منضوٍ في أحزاب ونقابات وجمعيات مدنية ومؤسسات عامة حرة..الخ ، وبعبارة أخرى: بناء مجتمع فيه تمييز واضح بين المجتمع السياسي ( الدولة وأجهزتها ) والمجتمع المدني ( وهو التنظيمات الإجتماعية المستقلة كليا عن أجهزة الدولة . ب - تحويل " الغنيمة " أو الإقتصاد الريعي إلى اقتصاد انتاجي فالاقتصاد العربي يطغى فيه " الريع " بكل مكوناته وتوابعه ، من أعطيات ومكارم ومحاصصات مناطقية وفئوية . ج- تحويل العقيدة إلى مجرد رأي ، فبدلا من التفكير المذهبي الطائفي التعصبي الذي يدعي امتلاك الحقيقة ، يجب فسح المجال لحرية التفكير ، حرية المغايرة والاختلاف والتحرر من سلطة الجماعة المغلقة، دينية كانت أو حزبية أو عرقية . وقد شارك في الندوة التي أدارها الدكتور عبد الفتاح البستاني الدكتور مجد الدين خمش أستاذ علم الاجتماع السابق في الجامعة الاردنية، وشهدت الندوة حضور نوعي متميز كما جرى فيها نقاش مطول حول إمكانية تجديد العقل السياسي العربي ليلحق بركب المجتمعات المتقدمة علميا وحضاريا .

حوارية تقرأ في فكر محمد عابد الجابري
حوارية تقرأ في فكر محمد عابد الجابري

هلا اخبار

time١٧-٠١-٢٠٢٥

  • هلا اخبار

حوارية تقرأ في فكر محمد عابد الجابري

هلا أخبار – نظمت لجنة العلوم الاجتماعية برابطة الكتاب الأردنيين، مساء أمس الخميس، ندوة حوارية بعنوان: 'قراءة في فكر محمد عابد الجابري'، شارك فيها الباحثان الدكتور سليمان البدور، والدكتور مجد الدين خمش. واستعادت الندوة التي أدارها الباحث الدكتور عبد الفتاح البستاني، إرث المفكر والفيلسوف المغربي الراحل محمد عابد الجابري، صاحب أكثر من 30 مؤلفا في قضايا الفكر المعاصر، من أبرزها كتاب 'نقد العقل العربي' الذي تمت ترجمته إلى عدة لغات أوروبية وشرقية، والذي كرمته 'اليونسكو' لكونه أحد أكبر المتخصصين في دراسة فلسفة العالم ابن رشد. وقال البدور، إن الجابري استطاع عبر سلسلة 'نقد العقل العربي'، دراسات المكونات والبنى الثقافية واللغوية، التي بدأت من عصر التدوين ثم انتقل إلى دراسة العقل السياسي ثم الأخلاقي، وهو مبتكر مصطلح 'العقل المستقيل'، وهو ذلك العقل الذي يبتعد عن النقاش في القضايا الحضارية الكبرى، وفي نهاية تلك السلسلة يصل المعلم إلى نتيجة مفادها، أن العقل العربي بحاجة اليوم إلى إعادة الابتكار. وأشار البدور إلى أن الجابري، يعتبر أن الحداثة لا تعني رفض التراث ولا القطيعة مع الماضي، بقدر ما تعني الارتفاع بطريقة التعامل مع التراث إلى مستوى ما يسمى بالمعاصرة، ومواكبة التقدم الحاصل على الصعيد العالمي. بدوره، بين خمش، أن الجابري حمل مجموعة من المشاريع الفكرية، صاحب صدورَها جدل ونقاش لم يتوقف حولها، فكانت 'رباعية نقد العقل العربي'، التي تكونت من أربعة إصدارات رئيسية باكورة مؤلفاته التي أعطى فيها للعقل دورا محوريا في إعادة قراءة العقل العربي. وقال، إن الجابري من بين المفكرين العرب ذوي المشاريع النظرية الأكثر لفتا للانتباه واجتذابا للنقاش والجدل، وإن الهاجس الغالب عليها، هو التفكير في سؤال النهضة، مع اختلاف في كيفيات طرح السؤال والإجابة عليه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store