logo
عن الحرب والسلم

عن الحرب والسلم

الشرق الأوسطمنذ 6 ساعات

ثمة تحليلات وتوقعات لا حصر لها في شأن الحرب الإسرائيلية - الإيرانية ومعناها ووجهتها. فما هي هذه الحرب في حقيقتها العميقة؟ وإلى أين هي ذاهبة في نهاية المطاف بعد وقف إطلاق النار الذي نجح دونالد ترمب فجأةً في إرسائه؟
سؤال مصيري كبير، لا بد من النظر إليه في ضوء تاريخين أساسيين؛ الثورة الخمينية عام 1979، و«طوفان الأقصى» عام 2023.
تخلّى الغرب عن حليفه الشاه وسهّل قيام النظام الإسلامي الإيراني عام 1979، علّ هذا السدّ الديني يوقف التمدّد الشيوعي السوفياتي في آسيا والشرق الأوسط. لكن بعد أقلّ من عقد من الزمن انهار الاتحاد السوفياتي من تلقائه، ومعه معسكره الاشتراكي، وتعاظمت قوة النظام الإسلامي أكثر فأكثر في طموحاته العسكرية الاستراتيجية، وبرنامجه النووي الواسع، وامتداداته المسلّحة في المجتمعات المذهبية المتعاطفة معه في دول المنطقة، مستفيداً إلى أبعد الحدود من نتائج الحرب الأميركية على العراق وأفغانستان، ومن تناقضات السياسات الأميركية والأوروبية ومتاهاتها، ومن التعاون العسكري والتكنولوجي والاقتصادي الوثيق، سرّاً وعلناً، مع روسيا والصين وكوريا الشمالية، ومواقع وشركات كثيرة أخرى في أنحاء العالم. ونكاد ننسى الآن، في مهبّ العواصف، حرب 1980 العراقية - الإيرانية الضروس، التي دامت 8 سنوات، وسقط خلالها من الجانبين مليون قتيل عسكري ومدني، وانتهت بما يشبه التعادل في بحر من الآلام والدمار. بعدها، أزاحت أميركا النظام العراقي من وجه إيران، وفتحت لها بلاد الرافدين.
واستمرت الثورة الخمينية في توسيع طموحاتها الاستراتيجية في الداخل وعلى مستوى الأذرع، تحت شعار تحرير القدس وفلسطين القادر على الاستقطاب، وسط حروب محدودة ومناوشات وحصار وعقوبات واغتيالات، ظنّ الغرب وظنّت الدولة العبرية خلالها أن بإمكانها كسب المواجهة على المدى البعيد بالنقاط، من دون الحاجة إلى اهتزازات ضخمة. مع ذلك، كانت إسرائيل من جهة، وإيران وأذرعها من جهة أخرى، تتحضّر سرّاً لـ«المنازلة الكبرى» إذا وقعت.
لكن «طوفان الأقصى» الذي فاجأ، خريف 2023، الدولة العبرية والعالم، «قلب الطاولة» رأساً على عقب بكل مفاهيمها التكتيكية والاستراتيجية. لم يعد من شيء بعده على ما كان عليه قبله. والأخطر فيه أن الاتجاه المتشدد في إسرائيل وأميركا والغرب بات يرى أن الحلّ الوحيد يكمن في نزع طاقة إيران النووية، وتجريدها من سلاحها الاستراتيجي، وأبعد من ذلك، إسقاط نظامها الإسلامي، مهما كانت النتائج الجيو سياسية المترتبة عليه. هذا هو المضمون الحقيقي للحرب الإسرائيلية - الإيرانية الراهنة، وهنا تكمن خطورتها.
لم يكن بالإمكان الوصول بقفزة واحدة إلى هذه الحرب. جرى التمهيد لها على مراحل من قبل التحالف الإسرائيلي الغربي، على مدى عام ونصف عام، عبر تفتيت غزة وإنهاك الذراع الفلسطينية فيها، ثم ضرب الذراع اللبنانية وإنهاكها، وإضعاف الذراع العراقية وشلّ حركتها، والتصدّي على نطاق واسع للذراع اليمنية، ومفاجأة سقوط النظام السوري.
معظم ذلك بعنف شديد أثار خصوصاً في حرب غزة استهجان العالم أجمع... وأخيراً، حلّ الهجوم الكبير الحالي على إيران، الذي هو الغاية الأولى والأخيرة.
لا تواجه الثورة الإيرانية في هذه الحرب الغرب المعتدل، الذي يأخذ ويعطي، ويعمل على الحلول المؤقتة القليلة التكلفة، وينأى بنفسه عن الحسم المرّ، ويعطي الأولوية لمشاريع شركاته ومصالحه المباشرة، ما يتقّن النظام الإيراني التعامل معه وممارسة براعة المناورة في محاورته، غرب أوباما وبايدن وهاريس وماكرون وموظفي وموظفات «المفوّضية الأوروبية» في بروكسل.
فخطورة الأمر أن إيران تواجه في هذه الحرب الغرب البالغ التشدّد والمكيافيلية، المتمثل في قيادة نتنياهو للدولة العبرية وترمب للولايات المتحدة، وهما على موجة واحدة وفي حرب واحدة منذ البداية.
كانت لإيران مصلحة حيوية في وقف القتال لمعالجة الجراح البليغة التي أصيبت بها، ولمعاناتها من عزلتها الدولية. وكانت للدولة العبرية أيضاً مصلحة كبيرة في ذلك بعد معاناة شعبها من وطأة الصواريخ الإيرانية واهتزاز شعوره بالأمان والثغرات في أنظمة دفاعها الجوي. وهو لترمب انتصار بارز.
لكن هل هو وقف لإطلاق النار أم مسار إلى نهاية الحرب؟ يتوقف كل شيء على خيارات النظام الإيراني المقبلة. هل يُبقي على التوجهات العسكرية والاستراتيجية الداخلية والإقليمية التي سار في هديها منذ قيامه قبل نصف قرن، منتظراً أفول عهد ترمب ونتنياهو ذات يوم، أم يعود إلى داخل حدوده ويسلك مسار التنمية الاقتصادية والتعاون الإقليمي؟ وهل هو قادرٌ بطبيعتـــه على مثل هذا التــــــحوّل؟

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ويتكوف: المحادثات بين أمريكا وإيران واعدة
ويتكوف: المحادثات بين أمريكا وإيران واعدة

أرقام

timeمنذ 29 دقائق

  • أرقام

ويتكوف: المحادثات بين أمريكا وإيران واعدة

قال ستيف ويتكوف مبعوث الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للشرق الأوسط أمس الثلاثاء إن المحادثات بين الولايات المتحدة وإيران "واعدة" وإن واشنطن تأمل في التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد. وقال ويتكوف في مقابلة مع فوكس نيوز "إننا نتحدث بالفعل مع بعضنا البعض، ليس فقط بشكل مباشر ولكن أيضا عبر وسطاء. أعتقد أن المحادثات واعدة. ونأمل أن نتمكن من التوصل إلى اتفاق سلام طويل الأمد ينهض بإيران". وأضاف "يتعين علينا الآن الجلوس مع الإيرانيين والتوصل إلى اتفاق سلام شامل، وأنا واثق للغاية في أننا سنحقق ذلك".

البرنامج النووي الإيراني تراجع شهرين فقط.. مصادر ترجح
البرنامج النووي الإيراني تراجع شهرين فقط.. مصادر ترجح

العربية

timeمنذ 31 دقائق

  • العربية

البرنامج النووي الإيراني تراجع شهرين فقط.. مصادر ترجح

على الرغم من نفي الرئيس الأميركي دونالد ترامب وفريقه، كافة التقارير التي أشارت إلى عدم تدمير الضربات الأميركية التي طالت 3 منشآت نووية إيرانية البرنامج النووي الإيراني، فقد أكد مصدر مطلع أنه لم يتم القضاء على مخزونات اليورانيوم المخصب في إيران. وقال المصدر الذي لم يكشف عن هويته لمناقشة أمور سرية، إن الضربات ربما أخرت البرنامج النووي الإيراني شهرا أو شهرين فقط، حسب ما نقلت وكالة رويترز. فيما كشفت ثلاثة مصادر مطلعة أن تقييما أوليا للمخابرات الأميركية خلص إلى أن الهجمات الأميركية التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية مطلع الأسبوع، أخرت برنامج طهران النووي بضعة أشهر فقط. وذكر اثنان من المصادر أن التقرير الأولي أعدته وكالة مخابرات الدفاع، ذراع المخابرات الرئيسية لوزارة الدفاع (البنتاغون) وواحدة من 18 وكالة مخابرات أميركية. خلاف كبير فيما كشف أحد المصادر أن التقييم لم يكن مقبولا بشكل عام وأثار خلافا كبيرا. لاسيما أن هذا التقييم السري يتعارض مع تصريحات الرئيس دونالد ترامب ومسؤولين أميركيين كبار، منهم وزير الدفاع بيت هيغسيث، إذ قالوا إن هجمات مطلع الأسبوع، التي استخدمت مزيجا من القنابل الخارقة للتحصينات والأسلحة التقليدية، قضت على أساس البرنامج النووي الإيراني. وقال ترامب إن الهجمات كانت ضرورية لمنع إيران من تطوير سلاح نووي، مضيفاً أن المواقع النووية المهمة "قُضي عليها تماما وبصورة كاملة". كما ذكر هيغسيث، يوم الأحد، أن الهجمات "محت" طموحات إيران النووية. في حين وصف المبعوث الأميركي ستيف ويتكوف، تسريب هذا التقييم السري بالخيانة، داعيا إلى محاسبة المسربين. وقلل من أهمية التقارير التي أشارت إلى ضآلة أثر الضربات الأميركية على المنشآت الإيرانية، معتبراً أنها سخيفة. مهمة صعبة في المقابل، رأى بعض الخبراء أنه من المتوقع أن يكون تقييم الأضرار التي لحقت بالمواقع النووية في فوردو وأصفهان ونطنز مهمة صعبة، علماً أن وكالة المخابرات الدفاعية ليست الوكالة الوحيدة المكلفة بهذه المهمة، وفق رويترز. وفي السياق، أكد مسؤول أميركي أن الولايات المتحدة لا تعرف مدى الضرر حتى الآن. في المقابل، أكد عدة مسؤولين إيرانيين أن البرنامج النووي لم يتوقف. وأعلن رئيس منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، محمد إسلامي ، أمس الثلاثاء، أن بلاده اتخذت ترتيبات مسبقة لاستعادة عمل القطاع النووي وإصلاحه. وقال في تصريح للتلفزيون الرسمي "اتخذنا التدابير اللازمة مسبقاً، ونقيم الآن حجم الأضرار، وكانت الاستعدادات لإعادة تأهيل (المنشآت النووية) جزءاً من خطتنا، ويتمثل هدفنا في تفادي أي تعطيل بعمليات الإنتاج أو الصيانة". إلا أن ترامب عاد وكرر مجددا، اليوم الأربعاء، أن المواقع النووية الإيرانية دمرت بالكامل، وذلك رداً على التقييم الاستخباراتي. وكانت الولايات المتحدة ألقت نحو 12 قنبلة ضخمة تزن 30 رطلاً على منشأة فوردو الشديدة التحصين، السبت الماضي، كما ضربت منشأتي نطنز وأصفهان، بعد أيام من الحرب والمواجهات المباشرة غير المسبوقة بين إسرائيل وإيران. ليعلن ترامب وبشكل مفاجئ، أمس الثلاثاء، وقف إطلاق النار بين البلدين.

بالأرقام.. حصيلة الخرق الإسرائيلي لإيران خلال 12 يوماً
بالأرقام.. حصيلة الخرق الإسرائيلي لإيران خلال 12 يوماً

العربية

timeمنذ ساعة واحدة

  • العربية

بالأرقام.. حصيلة الخرق الإسرائيلي لإيران خلال 12 يوماً

على مدى الأيام الـ 12 من الحرب غير المسبوقة التي تفجرت بين إيران وإسرائيل في 13 يونيو الحالي، قبل أن يعلن اتفاق وقف إطلاق النار أمس الثلاثاء، دأبت السلطات الإيرانية على الإعلان بشكل شبه يومي عن اعتقال "جواسيس" للموساد في مناطق مختلفة من البلاد. فيما وصلت حصيلة التوقيفات، إلى 700 شخص بتهمة التجسس لصالح إسرائيل، وفق ما أفادت وكالة "نور نيوز" الإيرانية اليوم الأربعاء. كما أوضحت أن معظم الاعتقالات حصلت في محافظات كرمانشاه، وأصفهان، وخوزستان، وفارس، ولورستان على التوالي. في حين لم يُعلن بعد عن العدد الدقيق للاعتقالات في محافظة طهران. 10 آلاف مسيرة فيما شملت التهم المنسوبة إلى الموقوفين توجيه طائرات مسيرة صغيرة ومسيرات انتحارية، فضلا عن صنع قنابل محلية، وتصوير مراكز عسكرية حساسة، وإرسال معلومات إلى الجيش الإسرائيلي. أما في العاصمة طهران وحدها، فتم اكتشاف ومصادرة أكثر من 10,000 طائرة مسيرة صغيرة في الأيام الأخيرة. وتستند تلك الإحصائيات إلى تقارير رسمية نشرتها المؤسسات الأمنية والقضائية في البلاد، إلا أنها لا تشمل الحالات المتعلقة بالرعايا الأجانب المحتجزين. وكانت مصادر إسرائيلية كشفت سابقاً أن فرقاً من الموساد انتشرت على الأراضي الإيرانية ودربت عدة مجموعات قبل أشهر من تفجر الحرب. كما استقدمت تلك الفرق أجهزة لصنع مسيرات من الخارج عبر شركات تجارية محلية دون علمها، في سيناريو شبيه بتفجيرات البيجر التي طالت الصيف الماضي المئات من عناصر حزب الله في لبنان. يشار إلى أنه منذ 13 يونيو الحالي، اغتالت إسرائيل عشرات القادة العسكريين الكبار على رأسهم رئيس الأركان محمد حسين باقري، وقائد الحرس الثوري حسين سلامي، فضلا عن قائد مقر "خاتم الأنبياء" علي شادماني بعد أيام قليلة على تعيينه، وغيرهم العشرات. فيما أكد مصدر إسرائيلي أن بلاده اغتالت ما يقارب 30 قائداً عسكرياً إيرانياً رفيعاً. كما قضت إسرائيل على أكثر من 17 عالماً، عبر استهداف منازلهم بغارات جوية أو مسيرات، وسيارات متفجرة، وفق ما أفادت وسائل إعلام إسرائيلية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store