
مصائد التاريخ
التاريخ ليس كتابًا مفتوحًا فحسب، بل هو واد كثير الشعاب، متشابكة طرقه، محفوفٌ بالمزالق والمصائد.
من دخله بلا بصيرة، خرج منه مثقَلًا بالأوهام لا بالحكمة، وبالحنين لا بالبصيرة!
ليس كلّ من قرأ التاريخ وعاه، ولا كلّ من وعاه فقهه، ولا كلّ من فقهه نجا من مصائده.
ومن مصائد التاريخ الكبرى:
1. الانبهار بالحوادث لا بالسنن
ينشغل الناس غالبًا بـ(ماذا حدث؟) ولا يسألون: (لماذا حدث؟) ولا (كيف يمكن أن يحدث مرة أخرى)
فينبهرون بانتصار القادسية، ولا يدرسون كيف صيغت النفوس قبلها!
يتغنون بفتح الأندلس، ولا يتأملون كيف فتحت، ولا كيف ضاعت!
يحيون ذكرى صلاح الدين، ولا يدرسون كيف انتصر بالأسباب قبل أن ينتصر في الميدان.
الحوادث دون سنن؛ تُصبح طقوسًا للتمجيد، لا دروسًا للنجاة.
2. تقديس الرموز دون تفكيك التجربة
من أخطر مصائد التاريخ أن نُجمّد العظماء في صور، ونحني لهم الرقاب، دون أن نحني العقول لتتعلّم من صنيعهم.
فنحوّل القادة إلى أصنام عاطفية، بدلاً من أن نصنع من تجربتهم منهاجًا للنهضة!
حينها يصبح التاريخ متحفا للتمجيد لا مختبرا للفهم، نمشي وراء الظلال، ونترك النور.
إن صلاح الدين لم يكن بطلًا لأن التاريخ قال ذلك؛بل لأنه صاغ أمةً قبل أن يفتح قلعة.
3. القياس السطحي بين العصور
من أكبر أخطاء العقل المعطوب، أن يتخيّل أنّ أمراض اليوم لا تعالج إلا بوصفات الماضي! دون فقهٍ للمتغيّرات.
أن يظنّ أنّ ما نفع في زمنٍ مضى، ينفع بالضرورة في زماننا، ولو تغيّرت البيئة، والعلّة، والجسد، وطبيعة التهديد!
نستدعي حلول القرون الفائتة لنعالج بها تعقيدات الدولة الحديثة دون فهم للمتغيرات، ونقيس حاضرنا على لحظة راشدة بغير أدواتها ولا رجالها ولا شروطها.
فنقع في عبث المقارنة، وسذاجة القياس، وضياع البوصلة.
فلا نحن استفدنا من حكمة الماضي، ولا اجتهدنا لبناء الحاضر.
بل بقينا أسرى زمنين: نردّد أمجاد الأول ترديد الغافلين، بلا وعي بشروطه ولا فهم لسياقه، ونخاصم الحاضر خصام العاجز، الذي لا يملك أدوات قراءته ولا جرأة إصلاحه!
نُسجّل إعجابنا بالماضي في مجالس التفاخر، ونُعلن عجزنا عن التعامل مع الحاضر في ساحات البناء!
فصرنا نُحني رؤوسنا لتاريخٍ لا نفهمه، ونرفع أصواتنا ضد واقع لا نملك له أدوات المواجهة!
4. الماضي كملجأ للهروب لا مرآة للمحاسبة
أحيانًا يتحوّل التاريخ إلى وسادة للنوم، لا منارة للصحوة.
نرجع إليه لا لنفهم، بل لنهرب.
نتفاخر بالأمجاد ونحن في الحضيض، ونتلو قصائد النصر ونحن نُهزم في كل ميدان.
فنصير كمن يُغني فوق الرماد، ويحسب الحكايات بعثًا جديدا!
هذا الهروب لا يُنتج وعيًا، بل يُكرّس العجز.
5. غياب القراءة الإيجابية للتاريخ
وهذه من أعمق المصائد التي لم يسلم منها حتى بعض العقلاء
أن تُختزل قراءة التاريخ في الصراع، وتُلوّن بالرأي، وتُحوّل إلى محاكمة لا مدارسة!
فلا ننتفع من خبرات الآخر، ولا ندرس تجارب الإصلاح، إلا إذا طابقتنا في فهم العقيدة، أو وافقتنا في الفكر!
فندفن مدرسة إصلاحية كاملة، لأن صاحبها خالفنا في مسألة فقهية، أو تأوّل آيةً بغير فهمنا!
نقصي عالمًا ربّانيًا لأنه خالفنا في موقف، أو لأنه اجتهد حيث توقّفنا!
وهذا خطرٌ مزدوج:
•فكرٌ يُعادي سنن الله حين يُقيّدها بالموافقة الحزبية
•وعقلٌ يُضيّع ثروة الأمة حين يُقصي أدوات الإصلاح إن جاءت من خارج 'الإطار المألوف'.
والأصل أن التاريخ يُقرأ لاختبار أدوات الفاعلية، واستخلاص سنن التغيير، لا لمطابقة الأهواء!
فنأخذ من كل تجربة أدواتها الناجعة، ونضيف إليها من معارف عصرنا، ونطرح منها ما بلي وتقادم.
وذلك هو الفقه الحقيقي، أن نُحيي السنن وإن جاءت من خصم، وأن نُميت البدع وإن جاءت من حبيب!
وختاما: ليست الكارثة في أن نُخطئ، بل في أن نُكرر ذات الخطأ باسم التاريخ!
أن نُعيد السقوط ونحن نظن أننا نُعيد المجد.
أن نسقط في ذات الهاوية، ونحن نظن أننا نمشي على طريق الفاتحين.
ما التاريخ إلا صوت السنن، ينادي من وراء القرون:
افهموني… قبل أن تكتبوا عني!!
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة الشرق
منذ 16 ساعات
- صحيفة الشرق
الله معكم يا أطفال غزة
57 نعيمة عبدالوهاب المطاوعة كلما شاهدت أطفالنا يتلذذون بأكل ما تشتهي أنفسهم وتلذ أعينهم استودعهم الله وشكرته سبحانه وتعالى على نعمة الأمن والعيش الكريم وفي نفس الوقت يتقطع قلبي وأنا أرى أطفال غزة ضحايا الظلم واللامبالاة من دول تدعي أنها تدعو للسلام واحترام حقوق البشر وقد حرموا من وجبة تسد جوعهم وتحمي أحشاءهم من الألم ومن تذوق لقمة تهب لهم بعض الحياة، فالكل يؤكد عجزه عن مواجهة ذلك الظلم والجبروت الصهيوني الذي سيهزم ويذل بإذن الله وبقوته وهو يمنع دخول المعونات الغذائية إلى أطفال غزة الذين يبكون جوعاً وألماً ويتساقطون كل يوم موتى بسبب مذبحة التجويع التي يشنها العدو الصهيوني، الذي وجد أن تجويع غزة أطفالها ورجالها ونسائها أشد من قذف الصواريخ وقتل الأطفال فهم يهدفون إلى تعذيب هؤلاء قبل موتهم لاعتقادهم أنهم سيوقفون الجهاد والدفاع عن الأرض والعرض والجميع يقف عاجزا عن اجتياح وحشية العدو والسماح بمرور الشاحنات المحملة بالمعونات الغذائية التي تأتي من الكثير من البلدان وتظل حتى يتعفن ما فيها ولا يتذوقها أطفال فلسطين. طفلة أعطيت علبة حلوى من أحدهم فبادرت قائلة: سأحتفظ بها لأطفال غزة وأرسلها إليهم لأني لا أحب أن آكل وهم جوعى! إلى متى سيظل الوضع كما هو عدو؟ شرس قاس يتلذذ بتعذيب الأطفال والنساء بعد ما كان يقتلهم، أليس هناك من يوقف هذه المذابح التجويعية ويرحم هؤلاء الصغار الذين يتألمون جوعا؟ أين منظمات العالم التي تدعو للسلم والأمن وحقوق الطفل الذي يهان كل يوم في غزة؟ إلى متى سيستمر هذا العدو بهذه المذابح والعالم يتفرج والأقربون يقفون سدا في وجه المساعدة والنجدة؟ قلوب كل الشعوب العربية والإسلامية تتقطع من هذه المذبحة التجويعية لأهل غزة وخاصة أطفالها ولكن الكل يقف عاجزا لأنه ليس باليد حيلة وإن أرسلوا وتبرعوا بالمال فهو يدركون أن ذلك سيذهب هباء منثورا ولا نقول إلا لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم العالم بحالهم وسوف ينصرهم على عدوهم بإذن الله رغم أنوف المتخاذلين. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 16 ساعات
- صحيفة الشرق
متقاعدو رجال الدولة
207 هم صناع القرار والفاعلون فيه فكم أسهموا جزاهم الله خيرا بالتفاعل والتعاطي مع السلطة التشريعية وتابعوا مع السلطة التنفيدية وبجهود استثنائية واحترافية. فبددوا الصعاب وذللوا العقبات وبنوا الهياكل التنظيمية والإدارية وفنّدوا التشريعات حسب تواؤمها مع الواقع والبيئة المجتمعية ومتابعتها من خلال سلطتهم التنفيذية وتفريعاتها وأدواتها وادراتها. وسواء كان متقاعدو رجال الدولة عسكر أم مدنيين!!!. فهل من المفترض ان يتم تدشين كيان استشاري/خبراتي رسمي يتبناهم ويختص في لم شمل المتقاعدين ويكون لهم شرف إبداء النصح والتسديد والتعقيب على مشاريع الدولة الصناعية منها والتجارية والتنموية والتعليمية والإدارية … حيث ان هناك كيانات رسمية بالدول المتقدمة ولها دور بارز بدعم مؤسسات الدولة ومثاله مجلس الشيوخ ومجلس النواب في أمريكا ومجلس العموم ومجلس اللوردات في بريطانيا وغيره من الدول المتقدمة. يد الله مع الجماعة مبدأ إسلامي تعاضدي تكافلي إرشادي فكلما اجتمعت العقول والخبرات والكفاءات تحت سقف واحد أثمرت الجهود ونبغت العقول بالعطاء وأبدعت في سبيل المساهمة بالإعمار والتنمية وتقديم الإرشاد والنصيحة من واقع وطني وتجارب وحلول ناجعة ومن عطاء رجال هم من اهل الميدان وخاصته والذين جاهدوا في مختلف معترك الحياة العملية وخاضوا تجاربها الواسعة والمتشعبة. وبالنتيجة الطبيعية ستختصر تلك العقول والكفاءات المال والجهد والوقت وتقليل الإخفاقات الغير متوقعة وتجنب الوقوع بمطبات غير متوقعة والتي لم يحسب لها حساب وتتفادى مؤسسات الدولة بعض النتائج السلبية والضريبة المضاعفة مستفيدة من عطاء وتجارب وإسهامات المتقاعدين . علماً بأنه وانطلاقاً من منبر نادي المتقاعدين والذي تم إقرار مشروعه وتبنيه من قبل الهيئة العامة للتقاعد يمكن انشاء لجنة خاصة بمتقاعدي رجال الدولة على ان يتوج اسم تلك اللجنة او الكيان والمتعدد الاعضاء باسم احد رجال الدولة. ولاشك بأن مقترحا كهذا يفترض ان يحظى بدعم غير محدود من الدولة وتفهم وقناعة تامة للسير قدما بالمقترح. لما لهذا المقترح من نتائج طيبة وإيجابية وغير محدودة او محصورة بعدد من الفوائد بل عدة فوائد لا تخفى على الجميع واهمها الدعم النفسي والمعنوي للمتقاعدين خاصة علاوة على تكريمهم من قبل الدولة والاستثمار في عطائهم الثري والزاخر. وفق الله بلدي قطر الصاعدة للخير والنماء والسداد وللعلا دائما وأبداً بإذن الله. مساحة إعلانية


صحيفة الشرق
منذ 3 أيام
- صحيفة الشرق
الخديعة الكبرى.. الكذبة الكبرى
210 في دفاعنا عن فلسطين على مدى قرن لم نحقق ما حققته الحرب على غزة من ردة فعل شعبية عالمية اعادت العقل الى الوعي بعد ان انكشفت الخديعة الكبرى التي روج لها الحاخامات - بعد التحريف- ان اليهود هم شعب الله المختار وأنهم الاخيار والآخرون هم الاغيار..مباح سرقة أمواله وارضه وبيته وقتل أطفاله واستحياء نسائه وسرقة تراثه وتاريخه وارتكاب المجازر والتطهير العرقي.. تقول نيستاو يبستر إن المفهوم اليهودي السائد عن فكرة شعب الله المختار هو مفهوم سياسي محض ابتكره الحاخامات لحض اليهود على السعي الدؤوب للسيطرة على العالم. ويعتبر هذا الشعار أساس الديانة الحاخامية التلمودية، ويأخذ. يهود بتعريف التمود، كدستور لهم في الحياة. ويقول رودريك ستولتهايم ان هؤلاء اليهود الذين طردهم الله من رحمته، والملعونون. هم الذين يسمون أنفسهم كذبا شعب الله المختار أو المختارين. إنهم مختارون من قبل الشيطان وهم شعب الشيطان المختار من قبل إبليس. ويقول دكتور أنجلوس أنس الراب فوت إن روح التمرد. الثوري، والثورية. ملازمة لليهودي دائما ويروى لنا التاريخ. أن تلك الروح كانت مخربة وهدامة للشعوب وان اليهودية تخطط من فوق الأنقاض والخراب الذين تخلفهما وراءهما للسيطرة على التالي تلك الروح اليهودية الخبيثة. وفي الوقت نفسه، تحمل هذه الروح الخبيثة جذورا. تدعو إلى الأممية لتمزيق شعوب العالم، ولتبقى اليهودية مميزة عن بقية شعوب الأرض. باعتبار اليهود هم شعب الله المختار. الله سبحانه لا يقبل قتل الأبرياء وبقر بطون النساء وقتل الاجنة وتطهير شعب من شعوب الله الأكثر إيمانا وقربا منه.. لقد فهم العالم الخديعة الكبرى ويرفع للحكم رجال اكتشفوا الكذبة الكبرى لتتحقق النبوءة في التوراة بنهاية اسرائيل عام 2027.