logo
خطاب خامنئي الرافض واقترب الاتفاق الأميركي

خطاب خامنئي الرافض واقترب الاتفاق الأميركي

Independent عربيةمنذ يوم واحد

في التحليل السياسي لا بد من متابعة المؤشرات للوصول إلى النتائج، ومن خلال خطاب المرشد الإيراني الأخير خلال إحياء ذكرى وفاة مؤسس النظام الخميني، والمقترح الأميركي الأخير المقدم لطهران عبر سلطنة عُمان، يمكن القول إن ترجيح احتمالات التوصل إلى اتفاق بين الجانبين أصبحت كبيرة، حتى لو كان اتفاقاً موقتاً لا شاملاً، فعلى رغم شدة الخلافات في وجهات النظر بين طهران وواشنطن منذ الجولة الرابعة للمحادثات التي جرت برعاية عُمانية، نظراً إلى ما اعتبرته إيران تغيراً في الموقف الأميركي الذي كان يقر بحقها في تخصيب اليورانيوم بنسبة الاتفاق النووي نفسها لعام 2015، أي 3.67 في المئة، نجد أن الموقف الأميركي تحول ليرفض مبدأ التخصيب تماماً طالما أن البرنامج النووي الإيراني سلمي، فليس من حق طهران تخصيب اليورانيوم، ويمكن استيراد الوقود النووي من الخارج، وكانت تلك المسألة هي الإشكال الأكبر في سير المحادثات، وامتدت حتى الجولة الخامسة التي لم تخرج بأجواء إيجابية تشير إلى حل للمسألة، في حين كانت إيران تشير إلى مقترح مجمع إقليمي للتخصيب على أراضيها يضم كلاً من السعودية والإمارات، حتى تضمن أن تستمر في التخصيب المحلي لليورانيوم وتضمن استمرار حصولها على الوقود النووي لأنه داخل أراضيها، ولتبدي حسن جوار تجاه جيرانها.
من جهة أخرى خرج مقترح أميركي جرى عرضه على الإيرانيين وأعلنت طهران رسائل عدة في ردها عليه، وقد تضمن دعوة طهران إلى وقف تخصيب اليورانيوم تماماً وتشكيل اتحاد إقليمي لإنتاج الطاقة النووية يضم إيران والسعودية ودولاً عربية أخرى، إضافة إلى الولايات المتحدة، ثم قيل إن سلطنة عُمان اقترحت إنشاء منشأة إقليمية لتخصيب اليورانيوم تحت إشراف "الوكالة الدولية للطاقة الذرية"، وقد قبلت واشنطن اقتراح عُمان وترغب في أن تكون منشأة تخصيب اليورانيوم المشتركة خارج إيران، وأفاد "موقع أكسيوس" بأن الولايات المتحدة اعترفت بحق إيران في تخصيب اليورانيوم في مقابل تعليق البرنامج، وأنه يمكن تخصيبه محلياً بنسبة ثلاثة في المئة، وربما توافق طهران على مسألة المجمع الإقليمي للتخصيب لكنه لن يكون بديلاً عن التخصيب المحلي، كما أنها تريد أن يكون على أراضيها وليس خارجها.

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويمكن القول إنه إذا كان الموقف الأميركي يدور حول التخصيب بنسبة ثلاثة في المئة، فهو يعني تراجعاً في موقف واشنطن الذي أصر خلال جولتي المحادثات السابقتين على منع إيران من التخصيب المحلي واستيراد الوقود النووي من الخارج، ومن ثم فإن استمرار طهران في التخصيب المحلي، ولو بنسبة ضئيلة، سيكون مقترحاً ربما تقبله كحل وسط، لتصل إلى اتفاق مع واشنطن لرفع العقوبات عنها من جهة، ومن جهة أخرى لتضمن اعتراف الولايات المتحدة بحقها في تخصيب اليورانيوم محلياً.
لذا فوفقاً لما اقترحه الأميركيون وما ستقدمه إيران من رد، فمن المرجح انعقاد الجولة السادسة قريباً وسيجري التوصل إلى اتفاق في ما بعد، فالمقترح الأميركي ربما يكون الحل الوسط لتقريب الفجوة بين مطلب الولايات المتحدة بوقف كامل لتخصيب اليورانيوم، وإصرار إيران على الحفاظ على التخصيب المحلي، وإذا كان هذا هو الحال فلماذا خرجت تصريحات المرشد الإيراني علي خامنئي منذ يومين رافضة وترد بعدائية على واشنطن، مؤكدة عدم تراجع الموقف الإيراني، إذ قال في خطابه "إن بلاده تمكنت من امتلاك دورة وقود نووي كاملة، فالصناعة النووية ليست للطاقة وحسب، بل هي أم الصناعات ورمز للاستقلال الوطني، وتخصيب اليورانيوم هو مفتاح القضية النووية، وأعداء إيران يريدون وضع أيديهم على التخصيب"، فمن جهة يحاول خامنئي تصوير أن بلاده ليست متلهفة للاتفاق، وأن هناك قدراً من الممانعة لدى أكبر سلطة في البلاد، ومن جهة أخرى فهذا الخطاب للاستهلاك المحلي، إذ يوضح أن طهران ترفض حرمانها من حق التخصيب المحلي، وحين تقبل مقترح دونالد ترمب المقدم منذ أيام فستسبق خطاب المرشد، إذ يتضمن المقترح تخصيب اليورانيوم بنسبة ضئيلة تقترب من اتفاق عام 2015، لتروج طهران لتراجع واشنطن أمام الممانعة الإيرانية، وأنها لم تحرمها حق التخصيب المحلي.
كما أن الخطاب يمكن أن يأتي في إطار ما اعتادته إيران وواشنطن من إصدار تصريحات علنية معادية، لكن خلف الكواليس اتفاقاً يجري لسد الفجوة في ما بينهما لإخراجه إلى العلن، وكان على ترمب الذي سيمنح طهران فرصة التباهي بتراجع الموقف الأميركي، أن يدرس العقلية الإيرانية وكيف تمثل القضية النووية مسألة فخر وطني وجزءاً من الهوية الوطنية والسيادة، حتى إن الحكومة تنظم رحلات مدرسية لطلاب المدارس إلى المنشآت النووية، كما يتباهى نظام طهران بقدرته على الوصول إلى مراحل متقدمة في التكنولوجيا النووية، على رغم العقوبات والقيود، وبالتالي فإن إيران كانت سترفض حرمانها تخصيب اليورانيوم محلياً، وترفض التخلي عن اليورانيوم المخصب بنسبة 60 في المئة، لا سيما وأنه من جهة رمز للتقدم العلمي والنووي، ومن جهة أخرى ورقة تعتقد أنه في حال التخلي عنها سيسهل توجيه ضربة عسكرية لها من قبل واشنطن أو تل أبيب.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب يذكّر: لن نسمح لإيران بالتخصيب وإلا سنضطر للتحرك
ترامب يذكّر: لن نسمح لإيران بالتخصيب وإلا سنضطر للتحرك

المناطق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • المناطق السعودية

ترامب يذكّر: لن نسمح لإيران بالتخصيب وإلا سنضطر للتحرك

المناطق-متابعات جدد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التأكيد على أن بلاده لن تسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم على أراضيها. وقال في تصريح مقتضب على متن الطائرة الرئاسية، مساء أمس الجمعة، متوجها إلى جيرسي: 'لن يُخصّبوا.. وإذا خصّبوا فسنضطر إلى التحرك واتخاذ اتجاه مغاير'، في إشارة ربما إلى اتجاه بعيد عن المفاوضات، دون أن يحدد ماهيته. 'لن يكون لدينا خيار آخر' إلا أنه أكد في الوقت عينه أنه لا يرغب في القيام بذلك (بمعنى التصعيد)، لكنه سيضطر. وختم قائلاً: 'لن يكون لدينا خيار آخر.. لن نسمح بالتخصيب'. أتت تلك التصريحات بعد يومين من رفض المرشد الإيراني، علي خامنئي، المقترح الأميركي حول مسألة تخصيب اليورانيوم، ضمن ما يشبه 'الكونسورتيوم الإقليمي'، ما طرح العديد من التساؤلات حول مصير المفاوضات الأميركية الإيرانية، التي كان من المرتقب أن تعقد الجولة السادسة منها قريبا. واعتبر خامنئي أن ما اقترحته واشنطن للتوصل إلى اتفاق يتعارض مع مصلحة طهران. يشار إلى أن طهران كانت تلقت، السبت الماضي، مقترحاً أميركياً مكتوباً تسلمته عبر الوسيط العماني، معلنة تسليمها الرد خلال الأيام المقبلة. ومنذ 12 أبريل الماضي، أجرى البلدان خمس جولات من المباحثات بوساطة سلطنة عمان، مع تأكيدهما إحراز تقدم رغم التباين المعلن بينهما بشأن احتفاظ إيران بالقدرة على تخصيب اليورانيوم. إذ تشكل هذه المسألة نقطة خلاف رئيسية بينهما، ففيما تؤكد طهران حقها في مواصلة التخصيب على أراضيها لأغراض مدنية، تتمسك واشنطن برفضه.

بخصوص التخصيب إيران تحذِّر ألمانيا وفرنسا وبريطانيا: سنرد بحزم
بخصوص التخصيب إيران تحذِّر ألمانيا وفرنسا وبريطانيا: سنرد بحزم

المدينة

timeمنذ 8 ساعات

  • المدينة

بخصوص التخصيب إيران تحذِّر ألمانيا وفرنسا وبريطانيا: سنرد بحزم

أطلق وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، تحذيرًا إلى ألمانيا وفرنسا وبريطانيا، المعروفة باسم «مجموعة الدول الأوروبية الثلاث» (أي 3)، أو الـ»ترويكا»، من أنَّ طهران سترد بحزم على أيِّ انتهاك لحقوقها.ونشر عراقجي عبر حسابه الرسمي على منصة «إكس»، اليوم الجمعة، منشورًا أوضح من خلاله أنَّ «إيران يتم اتهامها بعدم الامتثال للوكالة الدولية للطاقة الذرية».وقال عراقجي: «بعد سنوات من التعاون الجيد مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي أفضى إلى صدور قرار أنهى المزاعم المنحازة بشأن الأبعاد العسكرية المحتملة (PMD) لبرنامج إيران النووي السلمي، تُتهم بلادي مجددًا بعدم الامتثال».وأضاف وزير الخارجية الإيراني إنَّ «الدول الأوروبية الثلاث اتخذت خطوة منحازة ضد إيران في مجلس محافظي الوكالة، وعندما انتهجت هذه الدول السلوك الخاطئ ذاته عام 2005، كانت النتيجة ولادة حقيقية لعملية تخصيب اليورانيوم في إيران».وتساءل عراقجي: «هل فعلًا لم تتعلم الترويكا الأوروبية شيئًا خلال العقدين الماضيين؟»، مشيرًا إلى أنَّ «توجيه اتهامات باطلة لإيران بانتهاك اتفاقات الضمانات، استنادًا إلى تقارير ضعيفة ومسيَّسة، يتم بشكل واضح بهدف خلق أزمة».وأشار إلى أنَّ «أوروبا على أعتاب ارتكاب خطأ إستراتيجي جسيم جديد»، محذرًا من أنَّ «إيران سترد بشكل حازم على أي انتهاك لحقوقها. المسؤولية الكاملة والحصرية تقع على عاتق الأطراف غير المسؤولة التي لا تتردَّد في القيام بأي شيء لزج نفسها في هذا المسار».وفي وقت سابق، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، أنَّ أيَّ اتفاق محتمل بين الولايات المتحدة وإيران، لن يسمح للأخيرة بأن «تجري أيَّ شكل من أشكال تخصيب اليورانيوم».وسبق أنْ أفاد موقع أمريكي، نقلًا عن مصادر، بأن «مقترح الاتفاق النووي الأمريكي سيسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم بمستوى منخفض لفترة غير محدَّدة».

شراكة ملتبسة: لماذا كانت القطيعة بين ترمب وماسك متوقعة؟
شراكة ملتبسة: لماذا كانت القطيعة بين ترمب وماسك متوقعة؟

Independent عربية

timeمنذ 10 ساعات

  • Independent عربية

شراكة ملتبسة: لماذا كانت القطيعة بين ترمب وماسك متوقعة؟

في الظاهر، بدت العلاقة بين ترمب وماسك وكأنها تحالف مثالي متبادل. وقد ورد أن ماسك قدّم نحو 250 مليون دولار لدعم ترمب والجمهوريين في انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بينما أذهلت طاقة الملياردير التقنية "المُعطّلة للنظام" ترمب، فعينه على رأس ما يسمى بـ"وزارة الكفاءة الحكومية". لكن بعد خمسة أشهر فقط، انهارت العلاقة بينهما بشكل مذهل. في وقت سابق هذا الأسبوع، هاجم ماسك، الذي تضررت شركته "تيسلا" جراء اقترانه بالرئيس، مشروع قانون الضرائب والإنفاق الذي يُعد من أبرز إنجازات ترمب، واصفاً إياه بأنه "مقزز ومشين". لكن هذه كانت مجرد مقبّلات. بحلول الليلة الماضية، دعا ماسك إلى عزل ترمب، وادعى أن اسم الرئيس ورد في ملفات جيفري إبستين [كان متهماً بارتكاب جرائم جنسية خطيرة، بخاصة استغلال القاصرات والاتجار بالبشر لأغراض جنسية]، وقال إن ترمب ما كان ليفوز بالانتخابات لولا دعمه. في المقابل، اتهمه ترمب "بالجنون"، وهدد بإلغاء عقود شركاته الحكومية المقدرة بمليارات الدولارات. وجاء التصعيد بعد أيام قليلة فقط من احتفال وداعي أقيم في المكتب البيضاوي، حيث ظهر ماسك وعلى وجهه كدمة واضحة، بينما سلّمه ترمب صندوقاً بني اللون يحتوي على مفتاح ذهبي ضخم يحمل شعار البيت الأبيض، قائلاً إنه لا يمنحه إلا "لأشخاص مميزين جداً". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن في أقل من أسبوع تحولت تلك الصداقة المميزة إلى عداوة وغضب متبادل، وربما كانت علاقتهما منذ البداية محكومة بهذا المصير. وكانت صحيفة "اندبندنت" أشارت هذا الأسبوع إلى أن المخاوف التي أثارها ماسك بشأن حملة الإدارة على الهجرة (حيث كان يسعى إلى استقطاب أفضل العقول العلمية من مختلف أنحاء العالم) كانت تُتجاهل باستمرار. وكان الاحتقان بينه وبين الجمهوريين يتراكم منذ أشهر. وفي تصريح لموقع "أكسيوس"، قال أحد الجمهوريين طالباً عدم الكشف عن هويته خوفاً من انتقام ماسك "كان وجوده [ماسك] مثيراً للسخرية. لم يكن لديه أدنى فكرة عما يفعله. في الحقيقة، لم نرغب به منذ البداية، وكنا ننتظر الفرصة المناسبة للتخلص منه". كما أفاد موقع "أكسيوس" بأن رئيس مجلس النواب مايك جونسون أخبر الجمهوريين في اجتماع مغلق يوم الأربعاء الماضي بأن ترمب "غاضب جداً" من ماسك. وفي مؤتمر صحافي، قال جونسون إنه يتحدث مع ترمب "عدة مرات يومياً" وإن الرئيس "غير راض عن انقلاب إيلون عليه". وأكد جمهوري آخر هذا الكلام مصرحاً لـ"أكسيوس"، "كنت أعلم إنها مسألة وقت فقط قبل أن يضيق الرجلان المتنافسان ذرعاً ويتصارعا". من جهته، قال كبير مستشاري ترمب السابق، ستيف بانون - الذي تربطه عداوة طويلة مع ماسك - إن أول شرخ في العلاقة وقع في مارس (آذار)، عندما رفض ترمب مشاركة خطط البنتاغون للهجوم الافتراضي على الصين مع الملياردير. وقال بانون لمجلة "ذا أتلانتيك" "منذ تلك اللحظة، تغير كل شيء... وكأن النار انطفأت". ويرى آخرون أن المسمار الأخير في النعش جاء عندما قرر ترمب، خلال عطلة نهاية الأسبوع، سحب ترشيح جاريد آيزاكمان - حليف ماسك والمستثمر في مشاريعه - لرئاسة وكالة "ناسا". وقال آيزاكمان، خلال مشاركته في بودكاست "آول-إن" (الرهان بكل شيء) All-In، إنه شعر بخيبة أمل عندما علم بإلغاء ترشيحه، مشيراً إلى أن توقيت القرار تزامن مع مغادرة ماسك للبيت الأبيض، وهو ما لم يكن مصادفة في رأيه. لكن هذا الادعاء قوبل بالتشكيك، إذ أشار بعض الجمهوريين إلى أن سجل آيزاكمان كمتبرع للحزب الديمقراطي قد يكون هو السبب في سحب ترشيحه. ليس مفاجئاً لمن تابعوا العلاقة بين الرجلين أن يشعر ماسك اليوم بالغضب وخيبة الأمل، إذ رأى كثيرون منذ البداية أن تصادُمَ الأنا المتضخمة لكل من الرجلين كان أمراً محتوماً. لكن التوتر بينهما يتجاوز قضايا كالهجرة والضرائب؛ فثمة من يرى أن جذور السمية في علاقتهما تعود إلى أثر الأبوة في تشكيل شخصيتيهما. بالنسبة لدونالد ترمب، فقد تشكّل تصوّره للقيادة تحت تأثير والده الصارم والمتطلب، فريد ترمب الأب، الذي غرس فيه منذ الصغر قناعة بأن العالم ينقسم إلى "رابحين- أو 'قتلة' كما كان يسميهم- وخاسرين". ويقول توني شوارتز، الذي شارك ترمب في تأليف كتاب "فن الصفقة" The Art of the Deal، إن فريد كان "رجلاً قاسياً للغاية ويفتقر إلى الحد الأدنى من الذكاء العاطفي". ويضيف "أعتقد بشدة أن علاقته بوالده تفسر كثيراً الشخصية التي أصبح عليها". أما ماري ترمب، ابنة شقيق الرئيس وأخصائية علم النفس، فتقول في كتابها "كثير للغاية ولا يكفي أبداً: كيف صنعت عائلتي أخطر رجل في العالم" Too Much and Never Enough: How My Family Created the World's Most Dangerous Man إن والدها "دمّر" دونالد بمنعه من تطوير القدرة على اختبار طيف المشاعر الإنسانية كاملاً. أما إيلون ماسك، فقد نشأ هو الآخر في بيئة قاسية، وكانت علاقته بوالده، إيرول ماسك، مليئة بالتوتر. ففي حديثه ضمن فعالية "تيد" TED عام 2022، قال بصراحة: "لم تكن طفولتي سعيدة، بل كانت قاسية إلى حدٍّ كبير". ويُقال إن والده كان يقف إلى جانب المتنمّرين الذين اعتدوا على إيلون في المدرسة، واصفاً إياه بـ"عديم القيمة"، وهو ما نفاه إيرول. وعندما قرر إيلون الانتقال إلى أميركا، قيل إن والده قال له: "ستعود خلال بضعة أشهر، لن تنجح أبداً". إن النشأة في بيئات تطغى فيها قيم السيطرة والعدوان ورفض الضعف، تترك آثاراً عميقة، لا سيما في علاقات الآباء بأبنائهم. ويقول الدكتور فرانك أوشبرغ، الطبيب النفسي الرائد وخبير الصدمات النفسية الذي أسهم في تعريف اضطراب ما بعد الصدمة "إذا تعرّض الإنسان لسوء معاملة من أحد والديه في سن مبكرة، فذلك يكون له أثر بالغ لاحقاً"، وهناك طرقٌ مختلفة لتقييم الأشخاص الذين كان لهم في نهاية المطاف تأثير قوي على العالم، سواءً للأفضل أو للأسوأ، من حيث تأثيرهم الأبوي". وأضاف أوشبرغ "لا يتطلب الأمر أن تكون عالم صواريخ- على رغم أن إيلون كذلك- لكي تدرك أن وجود والد متنمّر يمكن أن يصنع من الابن شخصاً متنمراً أيضاً وبشكل فعال". ويتابع قائلاً "وإذا كان لديك مزيج من ماسك وترمب، يمكنك أيضاً تمكين متنمرين آخرين، رجالاً ونساءً- وقد فعلوا ذلك بالفعل". وبرأي أوشبرغ لعب ترمب وماسك دوراً محورياً في تطبيع سلوك التنمر داخل ما يُفترض أن تكون أماكن لها قدسيتها، مثل مواقع العمل، وفي حالة ترمب، موقع الحكم نفسه. لكنه يضيف "مشاهدة خلافهما العلني تنال من قوتهما الأخلاقية والسياسية معاً". لقد بدا واضحاً منذ البداية أن شراكة طويلة الأمد ومتكافئة بين الرجلين كانت أمراً مستحيلاً، خصوصاً حين يتطلب أحدهما- ترمب- ولاءً مطلقاً، في حين يرفض الآخر– ماسك- أن يُقيّد، وهو المعروف بما يسميه كاتب سيرته والتر آيزاكسون بـ"طور الشيطان"، وهي حالة من التركيز والغضب الشديدين أثناء العمل. وتشير أستاذة القانون في جامعة كورنيل، سارة كريبس، إلى أنه "لا يمكن لشخصين بهذا الحجم من تضخم الأنا أن يتشاركان مركز القوة السياسية". وكان نجل الرئيس، إيريك ترمب، نفى في نوفمبر الماضي التقارير التي تحدثت عن خلافات بين والده وماسك، لافتاً إلى أن أباه "يحب ويعزّ" صاحب شركة "سبايس إكس"، ويعتبره "عبقرياً خارقاً". لكن في النهاية، ربما لم يكن هناك مفر من هذا المصير: رجلان كبرا في ظل آباء متسلطين وصعبي المراس، يسعيان لإثبات الذات، مفتونان بسلطتهما الشخصية، ويندفعان نحو الاصطدام والفوضى التي خلقاها بأيديهما. قد يبدو الشقاق بين ترمب وماسك كأنه مجرد خلاف بين مشاهير، لكنه أعمق وأكثر تأثيراً من ذلك بكثير. في الوقت الحالي، لا يزال ترمب وماسك عالقين في صراع الأنا ونحن جميعاً مجرد ركاب في هذه الرحلة الصاخبة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store