
'كاليفورنيا': هل هي بداية تفكك أمريكا من الداخل؟
بدأ الحديث اليوم في الولايات المتحدة الأمريكية عن 'دكتاتورية' الحاكم وعن 'سيادة' الولاية الأمريكية الواحدة المفصولة عن سيادة الدولة، وعن الاستعداد لـ'عدم دفع الضرائب للحكومة المركزية'، وعن 'أياد خارجية'، و'تمويل خارجي'، بل وعن إمكانية 'سجن' حاكم كاليفورنيا المنتخَب قبل اتهامه أو محاكمته! فهل هذه هي 'الديمقراطية' الأمريكية التي صدَّعنا بها الأمريكان والغرب هذه عقود من الزمن وكانت المبرر الظاهر الذي قدموه للإطاحة بحكومات وإعدام رؤساء دول وبث الاضطراب في أكثر من مكان في العالم باسم الدفاع عن الحرية ونشر القيم الأمريكية؟
فكيف تنقلب أمريكا اليوم على مبادئها وعلى الأسس التي قامت عليها؟ أليست أمريكا بلد الهجرة والمهاجرين؟ ألا يُعَد الشعب الأمريكي الحالي هو تجميع لِمهاجرين من شتى بقاع العالم وبخاصة من أوروبا؟ هل يستطيع الرئيس الأمريكي 'دونالد ترامب' أن يزعم أنه من الهنود الحمر السكان الأصليين حتى يعطي لنفسه حق اتخاذ قرار منع الهجرة لهذا البلد الذي صنعه ويصنع أمجاده المهاجرون بما في ذلك النخبة العالمية التي تقف على قمة هرم العلوم والتكنولوجيا والقادمة من جميع القارات؟
هل باتت أمريكا اليوم تُناقِض المبدأ الذي قامت عليه؟ ألا يعني هذا أنها تقوم بتخريب ذاتها من الداخل لتتحول بعد سنوات إلى ما كانت عليها قبل تشكيل الاتحاد؟ إلى قبائل وولايات مفككة ومتناحرة على شاكلة الحرب الأهلية الأمريكية التي ذهب ضحيتها أكثر من مليونين جنوبا وشمالا؟
إن ما يحدث اليوم في 'كاليفورنيا' يدفع إلى أكثر من تساؤل حول واقع الولايات المتحدة الأمريكية ومستقبل إدارتها للشأن العالمي.
'كاليفورنيا' هي ولاية أمريكية ولكنها تفوق حجم وقدرة اقتصادات كافة دول العالم باستثناء الصين وألمانيا (والولايات المتحدة ككل طبعا) بناتج محلي خام بلغ 4.10 ترليون دولار أمريكي سنة 2024 أي ما يساوي 14.1% من الناتج المحلي الإجمالي للولايات المتحدة، وحاكمها منتخب لعهدة ثانية بنسبة 55.9% وإلي غاية2026 ، يقطن عاصمتها 'لوس أنجلوس' التي تشهد احتجاجات هذه الأيام أكثر من 10 ملايين نسمة 48.6% منهم من 'اللاتين' و'الإسبان' وثلث سكانها من المهاجرين… فكيف يتحدث الرئيس الفدرالي الأمريكي 'دونالد ترامب' عن سعادته لو يُسجَن الحاكم المنتخب لهذه الولاية ويصفه بأسوأ الصفات؟ كيف يتهمه بالفشل في التعامل مع المهاجرين؟ وكيف تَعتبر وزيرته للأمن الداخلي 'أن ما يجري بهذه الولاية مُدبَّر باحترافية'، وأن المتظاهرين 'يتقاضون أموالا' في إشارة إلى اليد الخارجية في الأحداث!؟ بل وكيف يأمر الرئيس 'ترامب' قوات الحرس الوطني ثم قوات 'المارينز' بالتدخل في الولاية دون استشارة حاكمها المنتَخَب؟ ألا يُبرر هذا وصف هذا الحاكم لـ'دونالد ترامب' بأنه 'دكتاتور'؟ ألا يبرر هذا حديثه عن التدخل في 'سيادة' ولايته؟ واضطراره إلى مقاضاة رئيسه، وهو يعلم أنه لا يحق لرئيس الولايات المتحدة الأمر بتدخل الجيش في أي ولاية إلا في ثلاث حالات هي غير متوفرة الآن أي الغزو، حدوث تمرد، أو خطر تمرد… مما يعني أن هناك تجاوزا لسيادته، أم أن خلف هذه الأزمة ما هو أعمق وأبعادها هي أكبر مما نتصور…
يبدو بالفعل أن ما يحدث اليوم في 'كاليفورنيا' له علاقة اقتصادية ومالية واستراتيجية أعمق من صراع بين مهاجرين وسلطة ولاية مع الحكومة الفدرالية. على المستوى الاقتصادي والمالي، اتهمت 'كاليفورنيا' 'ترامب بأنه كان سببا في خسارتها ملايير الدولارات مع الصين منذ سنة 2018، وحاكمها اليوم يقول لـ'ترامب' أن سياستك المتسرعة تجاه التعريفة الجمركية مع الصين تسببت لولايته في خسارة ما لا يقل عن 40 مليار دولار وستؤدي إلى تسريح عشرات الآلاف من العمال… أما على المستوى الاستراتيجي، فإن السؤال الكبير هو: هل سيؤدي 'ترامب' بالولايات المتحدة الأمريكية إلى بداية التفكك؟!!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


إيطاليا تلغراف
منذ يوم واحد
- إيطاليا تلغراف
هل تفقد العلاقات الإسرائيلية الأميركية خصوصيّتها؟
إيطاليا تلغراف أنطوان شلحت كاتب وباحث فلسطيني لم تبدّد المحادثة الهاتفية بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو الليلة قبل الماضية، ووصفت في معظم وسائل الإعلام الإسرائيلية بأنها مثيرة للرضى في ما يتعلّق بالملف الإيراني تحديداً، الانطباع السائد في إسرائيل بأن هناك تغييراً سيئاً في الاستراتيجيا الأميركية في الشرق الأوسط، بالنسبة إلى دولة الاحتلال. وهو انطباع يشمل الأوساط المقرّبة من الحكومة، وناجم بالأساس عن انهيار افتراض راسخ يقول إن الإدارة الأميركية ستقف دائماً إلى جانب إسرائيل، وربما ستكون في جيبها، إثر سلسلة من خطوات أحادية اتخذتها إدارة ترامب من دون التشاور مع إسرائيل أو الحصول على موافقتها. ويُشار على وجه التحديد إلى: الاتفاق الذي وقّعته إدارة ترامب مع الحوثيين في اليمن، والذي لم يشعل ضوءاً أحمر أمام الاستمرار في إطلاق الصواريخ في اتجاه إسرائيل، واحتضان من يوصفون في إسرائيل بأنهم 'إسلاميون سابقون' في سورية، فضلاً عن احتضان تركيا وقطر، والاندفاع نحو التوصل إلى اتفاق مع إيران من شأنه، بحسب جلّ القراءات الإسرائيلية، أن يسمح لها بالحفاظ على برنامجها النووي بصورة شبه كاملة. وفي ما يخصّ الحرب على غزة، يلاحظ أن هناك شبه إجماع على أن شعور الإدارة الأميركية بخيبة أمل عميقة جرّاء سلوك إسرائيل في سياق هذه الحرب هو في منزلة عامل مشترك يربط بين هذه الخطوات كلها. وبحسب ما يؤكد أكثر من خبير إسرائيلي في شؤون العلاقات الثنائية، تثبت هذه الخطوات، بادئ ذي بدء، أن الرئيس ترامب لا يولي المصلحة الإسرائيلية أيّ اهتمام. وفي نظره، الأولوية للمصلحة الأميركية ومصلحته الشخصية فقط. وثانياً، جرت العادة أن يمرّر الرئيس الأميركي الرسائل إلى إسرائيل بشكل مباشر وحادّ أحياناً، ومن دون أيّ كوابح، ولكن ترامب اختار استعمال طريقة جديدة لتمرير رسائل غير مباشرة إلى الحليف الإسرائيلي. ومن ضمن ذلك أدوات غير مكتوبة، واتخاذ خطوات أو الامتناع عن اتخاذها بدلاً من التصريحات الواضحة والمباشرة. وعلى سبيل المثال، هذا ما حدث عندما تفاجأ نتنياهو بسماع خبر إطلاق الحوار الدبلوماسي بين واشنطن وطهران، ومن دون أن يعرف شيئاً عن هذا المسار الذي جرى من وراء ظهره، بالرغم من أنه أولوية قصوى بالنسبة إليه. ولم يكن هذا سوى بداية مسار من خطوات أخرى لم تتضمن أيّ انتقادات علنية مباشرة من البيت الأبيض، لكنها كانت بمثابة إشارة جدية إلى تراجُع مكانة ما توصف بأنها علاقات خاصة أو استثنائية بين الدولتين. وفي خصوص هذه المسألة، يُشار، على وجه التحديد، إلى أن قرار ترامب عدم المرور في إسرائيل خلال جولته في الدول الخليجية يتضمن مقولة واضحة، أن هذه العلاقات الخاصة آخذة بفقدان بريقها وخصوصيّتها. بطبيعة الحال، تتعدّد الاجتهادات بشأن كيف على إسرائيل أن تتعامل مع هذا التغيير. وما نعثر عليه توجهان رئيسيان: الأول، وجوب بحث الأسباب العميقة لهذا التغيير أمام الأميركيين وفهمها، وعدم الاكتفاء بالقول إن هذا الأمر خاضع لطبيعة الرئيس ترامب ومزاجيته. ويدعو بعض أصحاب هذا التوجّه جهاراً إلى فحص القيود على قوة إسرائيل أمام الولايات المتحدة. ووفقاً لموقف معهد أبحاث الأمن القومي في جامعة تل أبيب، الوقت الحالي غير ملائم، ولا ترامب هو الرئيس الملائم، لإيجاد أزمة تبادر إسرائيل إليها أمامه؛ فإن أزمة كهذه يمكن أن تمنح بعض النقاط في مقابل إدارة أميركية طبيعية، لكنها مخاطرة غير محسوبة أمام إدارة مثل التي يتولاها ترامب. التوجّه الثاني الذي تتبناه أبواق الحكومة ورئيسها، هو القائل إن آخر ما تحتاجه إسرائيل هو الاستسلام والتنازل. وحجّة هؤلاء أن إسرائيل لم تكن تعتمد على الأميركيين دائماً لضمان أمنها، وفي العقدين الأولين من وجودها، لم تكن الولايات المتحدة تقف إلى جانبها، ولم تزودها بالسلاح أو بالمساعدات الاقتصادية، ولم تدعمها دبلوماسياً.


إيطاليا تلغراف
منذ يوم واحد
- إيطاليا تلغراف
الأسباب الحقيقية وراء انفجار العلاقة بين ترامب وماسك - إيطاليا تلغراف
إيطاليا تلغراف سعيد الغماز-كاتب وباحث صدق المنجمون ولو كذبوا…مقولة تصدق على علاقة الود الجميل والشغف القبيح، الذي جمع بين أقوى وأغنى رجل. منذ إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تعيين إيلون ماسك في حكومته، علق الكثير من المحللين والمهتمين بالشأن الأمريكي، أن هذا التفاهم لن يطول، وهذا التقارب بين الرجلين سينتهي بالعداء الشديد. علل هؤلاء المهتمون موقفهم بتحليلهم لشخصية الرجلين: رئيس مهووس بالزعامة والانفراد بالقرار، وملياردير مسكون بالطموح وبجنون السيطرة. رجلان بهذه الطباع، لا يمكن أن يستمر الود بينهما مهما طال. وإذا أخذنا بعين الاعتبار طبيعة المهام الموكولة لهما، وحجم المسؤوليات الملقاة على عاتقهما داخل البيت الأبيض، فإن استمرار التفاهم بينهما من سابع المستحيلات. وفعلا تحققت نبوءة المنجمين، وبعد بضعة أشهر فقط انفرط عقد التفاهم بين ترامب وماسك. لكن فراق الرجلين ظهر بشكل مفاجئ دون مقدمات. فبين عشية وضحاها، الرئيس يقبل استقالة الملياردير في حفل وداع وردي داخل البيت البيضاوي، وبعد توقيت لا يفوق مسافة وصول الرجلين لمقر سكناهم، بدأت الحرب وبدأ التحدي ولغة كسر العظام. فماذا حدث؟ وما هي أسباب انفجار الخلاف؟ تتجلى الأسباب الحقيقية لخلاف الرئيس والرجل الثري في سبب ظاهري وآخر خفي. السبب الظاهر هو مشروع القانون المالي الضخم الذي هاجمه ماسك. القانون يتضمن تخفيضات ضريبية وإنفاقا حكوميا مرتفعا يصل إلى 3 تريليون دولار. وصف ماسك القانون بأنه 'رِجس يثير الاشمئزاز' مشيرا إلى أنه لم يطلع عليه مسبقا رغم كونه مشاركا سابقا في صياغة بعض أفكاره. سبب ظاهري آخر ينضاف إلى ما سبق ويتعلق بالخلاف الذي نشب بين ماسك ووزير الخزانة، تطَوَّرَ إلى اعتداء جسدي حسب الواشنطن بوست. هذه الأسباب ما هي إلا الجزء الظاهر من جبل الجليد Iceberg، أما السبب الحقيقي كما جاء في العديد من التقارير الصحفية، فيكمن في صفقة بين الرجلين مفادها تعيين ماسك على رأس وكالة الفضاء الأمريكية ناسا، لتمكين رجل التكنولوجيا من تحقيق طموحاته الحالمة، مقابل دعمه لحملة ترامب الانتخابية. لكن الرئيس الأمريكي لم يكن مرتاحا للطموح الزائد لماسك، ولا لتدخله في عمل البيت الأبيض وكأنه هو الرئيس، مما تسبب في مشادات جسدية مع وزير الخزانة. عدم الارتياح هذا المصحوب بالارتياب الشديد من تصرفات إيلون ماسك، جعل ترامب يتخلى عن وعده بإسناد رئاسة ناسا لصديقه الملياردير. هذا الأخير لم يتقبل القرار لأنه يعني بالنسبة إليه نهاية حلم، وإقبارا لكل ما كان يطمح له ويخطط لإنجازه منذ مدة طويلة. وشخصية ماسك لا يمكنها تقبل ذلك مهما كلفها من ثمن وحتى تضحيات. العلاقة بين ترامب وإيلون ماسك ليست مجرد خلاف شخصي، بل هي انعكاس لصراع أوسع بين رؤيتين لأمريكا والعالم: رؤية تقليدية قومية بقيادة ترامب، وأخرى تكنولوجية عالمية بقيادة ماسك. وبينما يتقاطعان أحيانا، فإن التوتر يبقى هو السائد، في ظل طموحات كل منهما للسيطرة على المستقبل، كل بطريقته. الأكيد هو أن الخلاف بين الرئيس والملياردير لن يقف عن هذا المستوى، بل سيعرف تطورات قد تكون خطيرة. ترامب يلوح بإلغاء صفقات حكومية مع شركات ماسك: إيكس وتسلا وسبايس إيكس. وما سك يلوح بامتلاكه للكبسولة الفضائية 'دراغون' التي تحتاجها الناسا في برنامجها الفضائي. فهل بدأت معركة كسر العظام بين الرئيس والملياردير؟ إيطاليا تلغراف


الخبر
منذ يوم واحد
- الخبر
أمريكا-الصين .. نهاية التصعيد!
أعلن الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، اليوم الأربعاء، عن التوصل إلى اتفاق جديد مع الصين بشأن الرسوم الجمركية، في خطوة مفاجئة تأتي بعد أسابيع من التصعيد المتبادل بين واشنطن وبكين بشأن تنفيذ التزامات سابقة. وكتب ترامب في منشور على منصة "تروث سوشيال": "لقد أُبرم اتفاقنا مع الصين"، مشيراً إلى أن التفاهم يشمل تخفيف قيود التصدير ويستند إلى الاتفاق المبدئي الذي وقع في جنيف خلال ماي الماضي. وأوضح الرئيس الأمريكي أن الاتفاق ينص على السماح للطلاب الصينيين بالالتحاق بالجامعات الأمريكية مجدداً، في تراجع واضح عن خطة وزير الخارجية ماركو روبيو التي هدفت إلى تشديد إجراءات منح التأشيرات للطلاب القادمين من الصين. وأكد ترامب أن هؤلاء الطلاب "كانوا دائمًا على وفاق معه". وفي الجانب التجاري، قال الرئيس الأمريكي إن الاتفاق يشمل توريد الصين مسبقًا لـ "المغناطيس الكامل وجميع المعادن الأرضية النادرة الضرورية"، وهي مكونات حيوية لصناعات التكنولوجيا والطاقة المتقدمة في الولايات المتحدة. وبحسب ما أورده ترامب، فإن الاتفاق يضمن لواشنطن الحصول على رسوم جمركية بنسبة 55% مقابل 10% فقط لغريمتها الاقتصادية الكبرى. وكانت العلاقات بين البلدين قد شهدت توترا متصاعدا خلال الأسابيع الماضية، إذ اتهمت إدارة ترامب بكين بالتراجع عن التزاماتها المتعلقة بتحرير سوق المعادن النادرة، ما دفع واشنطن إلى فرض قيود إضافية على تصدير بضائعها إلى الصين. في المقابل، قالت السلطات الصينية إن الولايات المتحدة أخفقت بدورها في تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في جنيف. ويُنتظر أن يلقي هذا الاتفاق بظلاله على مجمل العلاقات التجارية بين القوتين الاقتصاديتين الأكبر في العالم، وسط تساؤلات حول مدى التزام الطرفين فعلياً ببنوده.