
هل فشلت تجربة الإسلاميين في السياسة؟
محمد عايش
كاتب فلسطيني
الحرب الدموية الطاحنة التي تشنها إسرائيل على قطاع غزة أعادت الجدل على نطاق واسع حول ما إذا كان الإسلاميون قد نجحوا أم فشلوا في تجربتهم بالسياسة والحُكم، على اعتبار أن حركة حماس هي واحدة من إفرازات الحركة الإسلامية، بل يرى البعض أن تجربتها في غزة، هي الأكثر أهمية على الإطلاق في تاريخ تيار الإسلام السياسي.
هذا الجدل أو النقاش النخبوي كان قد اندلع في أعقاب الإطاحة بحكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر عام 2013، وانتهاء قيادة الجماعة إلى السجن، مع عدد كبير جداً من عناصرها، ومن ثم تبعثر الجماعة نفسها في أعقاب تلك الأحداث وانشقاقها، وتحولها إلى أكثر من فريق يدعي كل منه أنه «الجماعة الأصلية»، بينما الجماعة الأصلية لم تعد موجودة، ومن بقي منهم يتناحرون على «اللاشيء» الباقي من جماعة الإخوان.
وبين تجربة الإسلاميين في مصر، وتجربة حماس في غزة ثمة العديد من التجارب الأخرى التي تستحق الدراسة بعناية من تركيا إلى السودان إلى المغرب والأردن، وبطبيعة الحال العراق، ما يستحق الكثير من التوقف والقراءة، لأنها تجربة بالغة الأهمية وتحمل العديد من الدلالات. تجارب الإسلاميين في العمل السياسي بالمنطقة العربية تستحق الدراسة بعمق وتستوجب القراءة المتأنية، ومن المؤكد أن مقالاً صحافياً لا يُمكن أن يجيب على كل الأسئلة؛ لكننا نستطيع الإضاءة على بعض الجوانب والمحطات عبر الملاحظات التالية:
أولاً: تجربة حركة حماس منذ مشاركتها في انتخابات عام 2006 ثم سيطرتها على قطاع غزة في العام التالي، وصولاً إلى «طوفان الأقصى» في عام 2023، كل هذه الرحلة لا يُمكن اعتبارها «مشاركة سياسية» ولا هي «مشاركة في الحُكم»، إذ أن كل هذه التجربة كانت وما زالت تحت الاحتلال، ولا يوجد أصلاً دولة فلسطينية مكتملة الأركان، حتى تشهد أية مشاركة أو عملية سياسية، وحركة حماس لم تكن تحكم في غزة، إلا وفقاً لظروف الأمر الواقع، والأهم من ذلك أنها كانت تعمل في المقاومة والاستعداد والتدريب لأنها تتبنى النظرية القائلة إن بناء الدولة يبدأ بعد التحرير. وعليه فإن حماس، سواءً انتصرت أم انسحقت في هذه الحرب، فلا يُمكن دراستها على أنها تجربة سياسية للإسلاميين، وإنما هي تجربة لحركة مسلحة كانت تحاول مقاومة الاحتلال الأجنبي المباشر.
ثانياً: في مصر لم يُمارس الإسلاميون الحُكم ولا العمل السياسي الحُر ولو ليوم واحد، فما حدث خلال عامي 2012 و2013 هو أنه تم استدراجهم إلى السلطة صورياً، ولم يتم تمكينهم منها، وكان الذين استدرجوهم يريدون إظهار التجربة على أنها فاشلة، ليس لأنه كان يُراد القضاء على الإخوان المسلمين فحسب، وإنما لأنَّ المطلوب بالأساس هو إظهار أن أي ثورة ستكون نتائجها كارثية على البلاد والعباد، وأنه يتوجب التمسك بالأنظمة القائمة على علاتها لا الثورة عليها، لأن الثورة سوف تؤدي إلى نتائج أسوأ من الواقع المعاش.. وهكذا نجحت هذه الوصفة بالفعل.
ثالثاً: تجارب الإسلاميين في الدول الأخرى، ليست محلاً للقياس، لأنها لم تكتمل، حيث تمكنوا من المشاركة في العمل السياسي بشكل محدود، وغالباً ما تقتصر مشاركتهم بالبرلمان أو البلديات، أو كليهما، دون أن يحظوا بأغلبية، ودون أن يتمكنوا من أية صلاحيات.
لكن الأهم من كل هذا هو، الإجابة على السؤال القائل: هل من الممكن أن تقبل الأنظمة السياسية والدول العميقة والعالم، بالاسلاميين في السُلطة في حال كانوا أكثر براغماتية أم لا؟ وهل يُمكن استنساخ التجربة التركية في الدول العربية؟ أم أن أردوغان وحزبه هما مجرد حالة فريدة عابرة، وربما لن تتكرر في تركيا ذاتها؟
ثمة فرضية تستحق النقاش، ويتوجب على الحركة الإسلامية أن تبحثها وتدرسها وتناقشها بشكل موضوعي وعقلاني في أروقتها الداخلية، وهي أن الأصوب والأصح هو أن يتحول الاسلاميون إلى «حركة اجتماعية» بدلاً من السعي وراء العمل السياسي، ومن خلال العمل الاجتماعي والدعوي العام، يُمكنهم أن يؤثروا في السياسة دون أن يتلوثوا بها، وقد يكون هذا التحول بمثابة الهدنة بينهم وبين الأنظمة السياسية، إذ أن خروجهم من المنافسة سيجعل من هم في السلطة الآن أقل عداء لهم على اعتبار أنهم لم يعودوا منافساً محتملاً، ولم يعودوا حركة طامعة في المشاركة السياسية وتقاسم السلطة مع الآخرين. ثمة فرضية أخرى يتداولها بعض الإسلاميين وهي أن عليهم التحول نحو البراغماتية والقبول بالآخر والتعايش مع الأنظمة القائمة والاندماج بها على علاتها، وهذه الفرضية تفتقر بطبيعة الحال لقراءة تجربة الإخوان المسلمين في العراق، عندما شارك محسن عبد الحميد في مجلس الحكم الانتقالي، الذي شكلته قوات الاحتلال الأمريكي عام 2003، وانتهوا إلى فشلٍ ذريع، بل بسبب هذه التجربة الفاشلة يبدو الإخوان المسلمون في العراق أقرب إلى الاختفاء التام، فلا هم حافظوا على جمهورهم وقواعدهم وامتداداتهم الشعبية، ولا هم استطاعوا المشاركة في الحياة السياسية على قاعدة «البراغماتية» والقبول بالوضع القائم.
الأكيد والخلاصة هو أن الحركة الاسلامية بحاجة لمراجعة شاملة، سواء لتجاربها السابقة، أو منهجها في العمل العام، وتحتاج إلى تحديد الكثير من السياسات والمفاهيم، وتحتاج لحسم الجدل حول الكثير من القضايا الشائكة.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البلاد الجزائرية
منذ 21 دقائق
- البلاد الجزائرية
خطة أمريكية لإبقاء روسيا في أراضٍ أوكرانية مقابل وقف الحرب - الدولي : البلاد
وكشفت وكالة بلومبرغ، نقلاً عن مصادر مطلعة، أن واشنطن وموسكو تبحثان اتفاقًا يضمن بقاء روسيا في الأراضي التي استولت عليها منذ بداية النزاع، مقابل وقف إطلاق النار وفتح باب المفاوضات لتسوية سلمية نهائية. وبحسب المصادر ذاتها، فإن مسؤولين أمريكيين وروسًا يعملون على وضع اللمسات الأخيرة على بنود الاتفاق، الذي قد يشمل أيضًا التزام موسكو بوقف الهجمات في منطقتي خيرسون وزابوروجيا، كجزء من صفقة أشمل. كما تسعى واشنطن، وفق التسريبات، للحصول على موافقة أوكرانيا وحلفائها الأوروبيين على هذه الخطة، التي تهدف إلى تجميد الصراع وتهيئة الأجواء لعقد القمة المنتظرة بين ترمب وبوتين.


المساء
منذ 26 دقائق
- المساء
الخارجية تستدعي القائم بأعمال سفارة فرنسا وتسلّمه مذكرتين شفويتين
❊ إشعار الطرف الفرنسي رسميا بقرار نقض الاتفاق الجزائري-الفرنسي لعام 2013 ❊إخضاع الفرنسيين الحاملين للجوازات الدبلوماسية لشرط الحصول على التأشيرة فور ا ❊ منح التأشيرات يخضع لنفس الشروط التي ستعتمدها الحكومة الفرنسية تجاه الجزائريين "استدعي، أول أمس، القائم بأعمال سفارة الجمهورية الفرنسية بالجزائر إلى مقر وزارة الشؤون الخارجية حيث تم استقباله من قبل مدير الحصانات والامتيازات الدبلوماسية، وتم تسليم الدبلوماسي الفرنسي مذكرتين شفويتين"، حسبما أفاد به بيان للوزارة. أوضح المصدر ذاته، أن "المذكرة الشفوية الأولى تتعلق بإشعار الطرف الفرنسي رسميا بقرار الجزائر نقض الاتفاق الجزائري-الفرنسي لعام 2013 والمتعلق بالإعفاء المتبادل من التأشيرات لحاملي جوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة، ويعتبر نقض هذا الاتفاق خطوة تتجاوز مجرد التعليق المؤقت الذي بادرت به فرنسا، من حيث أن النقض ينهي وبشكل نهائي وجود الاتفاق ذاته". وعليه، ودون المساس بالآجال المنصوص عليها في الاتفاق، قرّرت الحكومة الجزائرية إخضاع المواطنين الفرنسيين الحاملين لجوازات السفر الدبلوماسية وجوازات السفر لمهمة، وبشكل فوري، لشرط الحصول على التأشيرة. كما تحتفظ الجزائر بحقها في إخضاع منح هذه التأشيرات لنفس الشروط التي ستعتمدها الحكومة الفرنسية تجاه المواطنين الجزائريين. ويعد هذا القرار تجسيدا صارما لمبدأ المعاملة بالمثل، بما يعكس رفض الجزائر لكافة محاولات الاستفزاز والضغط والابتزاز، يضيف البيان. أما المذكرة الشفوية الثانية، "فتتعلق بإبلاغ الطرف الفرنسي بقرار السلطات الجزائرية إنهاء استفادة سفارة فرنسا بالجزائر من إجراء الوضع تحت تصرفها، وبصفة مجانية، عددا من الأملاك العقارية التابعة للدولة الجزائرية. كما تتضمن المذكرة إشعارا بإعادة النظر في عقود الإيجار المبرمة بين السفارة الفرنسية ودواوين الترقية والتسيير العقاري بالجزائر، والتي كانت تتسم بشروط تفضيلية. وقد دعت السلطات الجزائرية الجانب الفرنسي إلى إرسال وفد إلى الجزائر من أجل الشروع في محادثات بخصوص هذا الملف".


المساء
منذ 26 دقائق
- المساء
أشرف على تدشين المقر الجديد لقيادة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم.. الفريق أول شنقريحة:
❊ المراقبة الدائمة والصارمة لمجالنا الجوي والرفع من الجاهزية ❊ سلاح الجو من أهم العوامل الكفيلة بترجيح كفة الحروب وليس كسب المعارك فقط ❊ الحروب الحديثة تشهد تهديدات جوية متطورة ومتنوعة وغير مسبوقة أكد الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق أول السعيد شنقريحة، أنه يتعين على قيادة وإطارات وأفراد قوات الدفاع الجوي عن الإقليم، أن يعوا جيدا حجم المسؤولية التي يتحملونها، في مجال تأمين عوامل الاستعداد العملياتي للوحدات، والقيام بالمراقبة الدائمة والصارمة لمجالنا الجوي والرفع من الجاهزية العملياتية لتشكيلات قواتنا، بما يضمن تحقيق موجبات الحسم والردع، حسبما أفاد به بيان لوزارة الدفاع الوطني. وأوضح المصدر ذاته أن "الفريق أول السعيد شنقريحة، الوزير المنتدب لدى وزير الدفاع الوطني، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، أشرف الخميس7 أوت 2025، على مراسم تدشين المقر الجديد لقيادة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم، وهذا بحضور كل من قائد القوات البرية، قادة القوات، قائد الحرس الجمهوري، قائد الدرك الوطني بالنيابة، قائد الناحية العسكرية الأولى، رؤساء الدوائر ومديرين مركزيين لأركان الجيش الوطني الشعبي ووزارة الدفاع الوطني". وفي المستهل "وبعد مراسم الاستقبال من قبل اللواء عبد العزيز هوام، قائد قوات الدفاع الجوي عن الإقليم، وقف السيد الفريق أول وقفة ترحم على روح الشهيد البطل (العقيد بن علي بودغن المدعو لطفي)، الذي يحمل مقر قيادة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم اسمه، أين وضع إكليلا من الزهور أمام المعلم التذكاري المخلد له، وتلا فاتحة الكتاب على روحه الطاهرة وعلى أرواح الشهداء الأبرار". عقب ذلك -يضيف البيان- "تابع السيد الفريق أول عرضا شاملا حول هذا المقر الجديد، قدمه القائمون على إنجاز المشروع، قبل أن يعاين ميدانيا مختلف المرافق المنشآتية، التي من شأنها الإسهام في توفير كافة الشروط والظروف الملائمة لمستخدمي قيادة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم لأداء المهام الموكلة لهم بالاحترافية اللازمة". بعد ذلك، "اجتمع السيد الفريق أول بإطارات قوات الدفاع الجوي عن الإقليم حيث ألقى كلمة بالمناسبة، بثت إلى كافة وحدات الدفاع الجوي عن الإقليم عن طريق تقنية التحاضر عن بعد، أكد في مستهلها عن سعادته بالإشراف على تدشين المقر الجديد ولقاء إطارات ومستخدمي قوات الدفاع الجوي عن الإقليم". وفي هذا الصدد، قال الفريق أول: "يسعدني بهذه المناسبة الكريمة، أن أشرف اليوم على التدشين الرسمي للمقر الجديد لقيادة قوات الدفاع الجوي عن الإقليم، وألتقي مجددا بإطارات ومستخدمي هذه القوات، التي تحظى لدينا، بأهمية قصوى بالنظر لطابع وخصوصية المهام الحيوية الموكلة لها". كما "أشار السيد الفريق أول إلى التحولات العميقة التي تعرفها طبيعة وساحة المعركة الحديثة، التي تطرح تحديات حقيقية حتى على أقوى الجيوش في العالم، مما يستدعي التكيف مع هذه التحولات ورفع تحدياتها". وفي هذا الصدد، أكد موضحا: "لقد شهدت طبيعة وساحة المعركة الحديثة تحولات عميقة، في ظل التحديات التي تفرضها أدوات الحرب الجديدة، حيث أصبح فيها الجو يتصدر المراتب الأولى في مسارح العمليات، وأضحى هذا المعطى العملياتي أحد أهم العوامل الكفيلة بترجيح كفة الحروب، وليس فقط كسب المعارك". وتابع في السياق ذاته: "فالحروب الحديثة تشهد ظهور تهديدات جوية متطورة ومتنوعة وغير مسبوقة، تشمل طائرات الأجيال الرابعة والخامسة وكذا الطائرات المسيرة، لاسيما ذات الحجم الصغير، التي تحلق على ارتفاعات منخفضة، مما يصعب من عملية رصدها وتحييدها، بالإضافة إلى الصواريخ المختلفة من حيث المدى والسرعة والتأثير، وهي كلها عوامل جديدة تطرح إشكاليات حقيقية حتى على أقوى الجيوش في العالم". في الأخير، أسدى السيد الفريق أول للحاضرين جملة من التعليمات والتوجيهات، تصب في مجملها حول "ضرورة المحافظة على هذا الصرح الجديد، وكذا مضاعفة الجهود الكفيلة بمواصلة العمل الجاد الذي يليق بسمعة جيشنا العتيد، لاسيما في مجال تطوير قدراته والدفاع عن سيادة وسلامة مجالنا الجوي والتصدي لكل التهديدات المحتملة"، ليستمع بعد ذلك السيد الفريق أول لبعض تدخلات وانشغالات إطارات قيادة الدفاع الجوي عن الإقليم.