
"الجوع هو الشعور الأقذر في الكون"، فلسطينيون يقضون أياماً بلا طعام في قطاع غزة
Reuters
فلسطينيون يتجمعون لتلقي الطعام المطهو في مطبخ خيري في خان يونس جنوب قطاع غزة
في قطاع غزة، يحل الظلام وتحاول أمل النوم بعد انتهاء يومها بدون تناول أي وجبة طعام. إنها جائعة ولا يمكنها أن تغفو، حالها كحال معظم سكان القطاع المحاصر الذين يشتهون الغذاء ويحتاجونه.
"مش عارفة أنام من الجوع، وانتهى اليوم بلا أي وجبة" تقول أمل أنور الموجودة في منطقة الشجاعية لبي بي سي مع ابتسامة ساخرة.
تعتقد أمل أن الجوع هو الشعور الأقذر في الكون، مفضلةً الموت قصفاً، بقولها: "الموت بالقصف أرحم لأنك تموت مرة وحدة وينتهي الأمر، لكن الموت جوعاً مخيف أكثر وأكثر لأن الإنسان يموت مليون مرة كلما شعر بالجوع".
أما حواء - اسم مستعار - تقول لبي بي سي، إنها "تعيش أسوأ أيام العمر، ونتمنى كثيراً الموت بدلاً من هذه الحياة المتعبة"، خلال تعليقها على ظروف الحرب والجوع.
يعيش قرابة 2.4 مليون شخص في قطاع صغير يعاني ظروفاً كارثية، بعد 18 شهراً من الحرب التي أدت إلى مقتل أكثر من 52500 فلسطينياً، معظمهم من المدنيين.
وتمنع السلطات الإسرائيلية دخول أي مساعدات منذ الثاني من مارس/آذار.
وتتهم إسرائيل حماس بالسيطرة على مساعدات القطاع، وهو ما نفته الحركة الفلسطينية.
وقالت إيناس حمدان القائمة بأعمال مدير مكتب الإعلام في وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى (الأونروا) في غزة لبي بي سي، إن فرق الوكالة أجرت مطلع الأسبوع الحالي مقابلات مع 50 ربّ أسرة يقيمون في مراكز الإيواء التابعة للأونروا في جميع أنحاء القطاع.
وركّزت المقابلات على أنماط استهلاك الغذاء، وآليات التكيّف.
وتبين أن 74 في المئة مرّ عليهم يوم كامل بدون طعام خلال الأسبوع الماضي، وفق حمدان.
يحتاجون الغذاء ويتلقون القنابل
قال المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) ينس لاركه، الأربعاء، "الخلاصة هي أنه لم يعد هناك مساعدات لتوزيعها، لأن عملية إيصال المساعدات تعرضت لشلل تام ... لم يعد هناك ما يُعطَى".
وأضاف لاركه، "في غزة، هناك حاجة ماسة لإيصال الغذاء (للأهالي)، لكنهم يتلقون القنابل. يحتاجون إلى الماء، ويتلقون القنابل. يحتاجون إلى الرعاية الصحية، ويتلقون القنابل".
خبز مكرونة وأعلاف دواجن
EPA
فلسطينية تحمل الدقيق لإزالة العفن والحشرات لصنع العجين لأطفالها داخل مدرسة تؤوي النازحين في مخيم جباليا شمال مدينة غزة
لم يتبقَّ طحين أو غذاء معلب لدى ميساء أم محمد وعائلتها، التي تتغذى على العدس المحمص، في ظل عدم وجود مساعدات.
تحصل عائلة ميساء وهي محامية ومتزوجة من مهندس ولديها خمسة أطفال - على وجبة من مطبخ خيري كل أسبوع وهي عبارة عن مكرونة أو عدس.
وفي ظل انقطاع الطحين، تتحدث ميساء لبي بي سي عن صنعها للخبز من المكرونة بعد طحنها.
"لا توجد سكريات ولحوم ودجاج وفواكه وطحين وأجبان وبيض وسكر في حياتنا ... نشعر بجوع شديد والمجاعة فتكت بأجساد الناس"، بحسب ميساء التي تسكن مدينة خان يونس في جنوب القطاع.
أما حواء التي تسكن الشجاعية، تحاول تخزين كميات طعام كافية منذ بدء الحرب، لكن كل ما يُخزن ينفد.
وخلال الحرب، تحاول حواء إيجاد بدائل للطحين من الشعير وأعلاف الدواجن التي كانت تباع بأسعار مرتفعة وكانت هي وآخرون مضطرين لشرائها "لسد رمق أطفالنا من الجوع ومن الموت".
وتبيّن من مقابلات وكالة الأونروا، أن النظام الغذائي الأساسي، يقتصر على الخبز والأرز والخضراوات المعلبة، بدون وجود بروتين حيواني أو فواكه.
تقول ميساء التي تشعر بالجوع الشديد والهزال، إن الغالبية تعيش على وجبة واحدة وهي الغداء (مكرونة أو فاصولياء أو عدس)، أو وجبتي إفطار (شطيرة صغيرة).
وتتحدث ميساء عن وجود أشخاص كُثر لا يأكلون طيلة يوم كامل.
ووفق مقابلات الأونروا، فإنّ 62 في المئة يتناولون وجبة واحدة يومياً، و38 في المئة يتناولون وجبتين، و0 في المئة يتناولون ثلاث وجبات يومياً.
وقلل 94 في المئة من الخاضعين للمقابلات حجم الوجبات، فيما تخطى 98 في المئة وجبات، وتناول 98 في المئة منهم نوعاً واحداً فقط من الطعام بدون أي تنوع.
وبحسب المقابلات يشعر 100 في المئة بقلق شديد من نفاد الطعام، كما اعتمد 100 في المئة منهم على مطابخ مجتمعية.
في حال توفر المساعدات والطحين والسكّر تأكل حواء وعائلتها وجبتين في اليوم، أما حالياً خلال إغلاق المعابر وانقطاع المساعدات، فإنهم يأكلون وجبة واحدة يومياً.
"أحياناً كثيرة كنا لا نجد طعاماً ... يمر يومنا بدون كسرة خبز، ونحاول أن نكثر من شرب الماء والشاي"، بحسب حواء.
Getty Images
طفل فلسطيني سعيد بتلقي وجبة ساخنة من مطبخ خيري في خان يونس
"مجاعة من صنع الإنسان"
Getty Images
جسد فتاة فلسطينية تبلغ من العمر 12 عاماً، تكافح من أجل البقاء على قيد الحياة بسبب سوء التغذية والأمراض غير المشخصة
أدان مفوض الأونروا فيليب لازاريني، استمرار إسرائيل في منع وصول المساعدات إلى قطاع غزة، ووصفه بأنه "مجاعة من صنع الإنسان ذات دوافع سياسية".
وقال فيليب لازاريني عبر منصة إكس في 25 أبريل/نيسان، بعد ساعات من إعلان برنامج الأغذية العالمي نفاد مخزوناته في غزة، "تواصل حكومة إسرائيل منع دخول الغذاء وغيره من المواد الأساسية"، مضيفاً "إنها مجاعة من صنع الإنسان ذات دوافع سياسية".
وقالت مديرة الإعلام والتواصل في الأونروا جولييت توما ل
"إنه حُكم بالإعدام يتسارع بشكل رهيب. إنه عقاب جماعي"، وفق توما.
ووصف وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ توم فليتشر في بيان بداية الشهر الحالي الحصار بـ"الوحشي".
EPA
شعار برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة في مدينة غزة
"سأشتري لك تفاحة"
EPA
فتاة فلسطينية نازحة تحمل أواني لتلقي الطعام من مطبخ خيري في جباليا شمال قطاع غزة
تتحدث ميساء عن طلب أولادها للطعام والحلويات بكثرة، لكن "لا يوجد في غزة طحين أو سكّر، وإن وُجد فإن أسعاره مرتفعة جداً جداً لا يقدر المواطن على شرائها".
وتروي حواء كيف "اعتاد الأطفال" على "الحرمان"، فلم يعودوا يطلبون الطعام مثل الأوقات السابقة.
حواء أم لطفلة، وتعمل على إكسابها طاقة حتى لا يتمكن منها الجوع ويصيبها سوء التغذية.
"أشتري لها الخضار من السوق ... خيارة واحدة فقط أو حبة بندورة واحدة لغلاء الأسعار"، تقول حواء.
تقول حواء لطفلتها (5 سنوات)، سأشتري لك تفاحة من السوق، ثم "تنظر (الطفلة) وتضحك في وجهي باستحياء وتقول لا أريد، لا يوجد في السوق بسبب الحرب".
"الوضع حالياً مميت خصوصاً للأطفال، وهناك حالات كثيرة تموت بسبب قلة الطعام وسوء التغذية"، وفق حواء.
وتفيد وكالة الأونروا بأن 92 في المئة من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و23 شهراً والنساء الحوامل والمرضعات لا يستوفون احتياجاتهم من المغذيات.
خطة إسرائيلية لتوزيع المساعدات
بعد أكثر من شهرين من منع دخول أي مساعدات، وافق المجلس الأمني الإسرائيلي المصغر على "إمكان توزيع المساعدات الإنسانية" في غزة.
وأفاد مصدر إسرائيلي الاثنين الماضي لوكالة فرانس برس، بأن المجلس الأمني الإسرائيلي يرى أن في غزة "ما يكفي من طعام".
وأبلغ رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير مجموعة من الوزراء الشهر الماضي بأن القوات الإسرائيلية لن توزع المساعدات وأنه لن يسمح بحدوث مجاعة في غزة، مما أثار غضب وزراء مثل وزير المال بتسلئيل سموتريتش، وفق وكالة رويترز.
وتخطط إسرائيل لإعادة توزيع المساعدات الإنسانية على قطاع غزة عبر "شركات أجنبية".
وقد يبدأ دخول المساعدات "بين الشهر المقبل والأشهر الثلاثة المقبلة" إلى مجمعات ستُنشأ في جنوب قطاع غزة سيؤمّنها الجيش الإسرائيلي.
Reuters
جنود إسرائيليون في منطقة تل السلطان في محافظة رفح
وستوزِع المساعداتِ شركةٌ أمريكيةٌ وربما منظمات دولية.
ولن يشارك الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر في عملية التوزيع، في ظل اعتراض زامير.
وقال سموتريتش إن "الخطة تشمل إجلاء سكان قطاع غزة إلى جنوب محور موراغ، وإنشاء منطقة واحدة لتوزيع المساعدات الإنسانية تحت إشراف وتأمين إسرائيلي".
وتخطط إسرائيل لأن تكون عملية التوزيع دفعة واحدة في الأسبوع ستحصل خلالها كل عائلة على 70 كيلوغراماً من المساعدات.
وتريد إسرائيل إدخال 100 شاحنة يومياً للقطاع مقارنة بـ600 شاحنة يومياً خلال فترة وقف إطلاق النار، بهدف إدخال الحد الأدنى الذي يحتاجه سكان قطاع غزة دون أن يتمكنوا من تخزينه، وفق القناة 14 الإسرائيلية.
وأصدرت وكالة الأمم المتحدة المسؤولة عن تنسيق دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة بياناً رسمياً ترفض فيه الخطة قائلةً إنها "تتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية".
وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا)، إن "المسؤولين الإسرائيليين يسعون إلى إنهاء نظام توزيع المساعدات الحالي الذي تديره الأمم المتحدة وشركاؤها في المجال الإنساني، ودفعنا إلى الموافقة على إيصال الإمدادات عبر مراكز إسرائيلية بشروطٍ وضعها الجيش الإسرائيلي، بمجرد موافقة الحكومة على إعادة فتح المعابر".
وأضاف أن الخطة المعروضة لن تغطي أجزاء كبيرة من غزة، لا سيما الفئات الأضعف وغير القادرين على الحركة.
وتراها الهيئة الأممية خطة تتعارض مع المبادئ الإنسانية الأساسية، وتعزز السيطرة على المواد الضرورية للحياة "كأسلوب ضغط، يمثل جزءاً من استراتيجية عسكرية".
ويشير البيان الأممي إلى أن الخطة تدفع المدنيين إلى المناطق العسكرية للحصول على حصصهم الغذائية، مما يمثل تهديداً على حياتهم، وحياة العاملين في المجال الإنساني، كما يزيد من ترسيخ النزوح القسري.
وأوضح البيان أن الأمين العام للأمم المتحدة ومنسق الإغاثة الطارئة أكدا عدم المشاركة في أي خطة لا تلتزم بالمبادئ الإنسانية العالمية المتمثلة في الإنسانية والنزاهة والاستقلال والحياد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوسط
منذ يوم واحد
- الوسط
كيف يؤثر نظام المناوبات الليلية على الصحة النفسية؟
Getty Images في الوقت الذي يستعد فيه كثيرون إلى الخلود للنوم، تبدأ مناوبة عمل جديدة لآخرين، من أطباء وممرضين وصحفيين وعاملين في المطارات وعُمال مصانع ورجال أمن وغيرهم ممن يعملون وفق نظام المناوبات أو (الشفتات). وقد يجد البعض منا أنه مضطر للعمل ضمن نظام المناوبات وفقاً لطبيعة عمله، ونظراً لذلك، فقد يكون عرضة أكثر من غيره لعدة مشاكل صحية ونفسية وعقلية، وكذلك مشاكل على مستوى حياته الشخصية والعائلية والاجتماعية نتيجة اختلاف مواعيد العمل. منذ الثورة الصناعية، استخدمت قطاعات التصنيع والخدمات العمل وفق نظام المناوبات بهدف زيادة الإنتاجية والربحية. وقبل تسعينيات القرن الماضي، لم يكن معروفاً سوى القليل عن تأثير العمل بنظام المناوبات على صحة العاملين. وقد وجدت دراسة في منتصف التسعينيات من خلال استخدام البيانات السريرية أن الممرضات العاملات ليلاً أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي، وازداد هذا الخطر مع عدد السنوات التي قضينها في أداء العمل بنظام المناوبات. لذلك، هل فكرت يوماً إن كان عملك وفق نظام المناوبات أحد عوامل إصابتك بأمراض نفسية أو جسدية؟ Getty Images ما المخاطر الجسدية والنفسية التي قد تهدد العاملين بنظام المناوبات؟ بدايةً، لا بد من معرفة المقصود بنظام المناوبات (Shift Work) والذي يعني توزيع ساعات العمل على مدار اليوم والأسبوع، إذ يتناوب الموظفون على العمل وفق مناوبات متتابعة لضمان استمرارية العمل وتلبية احتياجاته وعدم توقف عجلة الإنتاج، وتتراوح المناوبات عادة بين مناوبتين أو ثلاث في اليوم، وقد تشمل ساعات العمل الليلية أو الصباحية المبكرة، بحيث تستمر كل مناوبة لمدة 8 إلى 9 ساعات، بشرط ألا تتجاوز عدد ساعات العمل الفعلية، وفق نظام منظمة العمل المحلية والدولية. وقد أظهرت دراسات علمية حديثة أن العمل بنظام المناوبات له آثار سلبية على الصحة النفسية والعقلية، ويزيد من مخاطر الإصابة بأمراض القلب والسرطان والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني والخرف والوفاة المبكرة بشكل عام. ففي دراسة علمية جديدة نُشرت في مجلة علم نفس الصحة المهنية (Journal of Occupational Health Psychology) التي تصدر عن الجمعية الأمريكية لعلم النفس، أشارت إلى أن الأشخاص الذين يعملون بنظام المناوبات معرضون بنسبة أعلى للإصابة بالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم مقارنة بالعاملين وفق نظام دوام ثابت. Getty Images الساعة البيولوجية للإنسان "الساعة البيولوجية" و"الاكتئاب" من أكبر التحديات الصحية وهو ما يشرحه الأخصائي النفسي علي المُلقي خلال حديثه لبي بي سي قائلاً: "إن الساعة البيولوجية تتحكم في إفراز الهرمونات وتنظم عملية النوم والمزاج وعندما يُفرض على الجسم العمل في وقت الراحة الطبيعي، يتأثر نظامه بالكامل. الأمر لا يقتصر فقط على النوم، بل يشمل الذاكرة والانتباه والعلاقات الاجتماعية كذلك". وأضاف: "إن العمل وفق نظام المناوبات له تأثيرات على الجانبين العقلي والنفسي، إذ قد ينتج عنه ضعف في القدرة على أداء المهارات اليومية بالشكل الاعتيادي ووظائف الدماغ الدنيا والعليا، مثل التركيز والتفكير والتواصل والإبداع". وتؤكد الأخصائية النفسية نورة صلاح أن اضطراب الساعة البيولوجية للعاملين بنظام المناوبات يعد المشكلة الصحية الأكبر بقولها: "إن العمل بهذا النظام يؤدي إلى خلل في نظام النوم، إذ تتأثر الساعة البيولوجية وهي الساعة الداخلية للجسم المسؤولة عن تنظيم العمليات الجسدية والعقلية والسلوكية على مدار الساعة، بالضوء والظلام. وإن العمل بنظام المناوبات خلال الليل تحديداً يعطّل عملها، ويخل بتوازن أنظمة الجسم التي تتحكم بها". موضحة: "قد تزيد فرصة حدوث مشاكل تتمثل في قلة النوم والأرق لدى الأشخاص العاملين بنظام المناوبات وهذا كفيل بأن يُؤثر على مشاعر الشخص وتصرفاته فتجلعه عصبياً ومتوتراً، وفي حال لم يتم الانتباه لهذه المشاكل والتعامل معها أولاً بأول، فقد يزيد من احتمالية حدوث الاكتئاب لدى الأشخاص". وخلال حوارها مع بي بي سي قالت: "هناك دراسة حديثة نُشرت في أبريل/ نيسان الماضي أظهرت أن الأشخاص العاملين بنظام المناوبات تكون جودة نومهم أقل، وقد تزداد لديهم المشاكل النفسية". مضيفة: "هناك دراسة أخرى أظهرت أن العاملين وفق هذا النظام معرضون بنسبة 30 في المئة للاكتئاب، وأن الإناث أكثر عرضة للاكتئاب بنسبة 70 في المئة، وهو ما يشير إلى العزلة نتيجة عدم قدرة من يعملون بنظام المناوبات على قضاء وقتهم مع عائلاتهم أو أصدقائهم مما ينعكس سلباً على حالتهم المزاجية والنفسية". Getty Images "من أجل الوفاء لمعطفي الأبيض ولقبي في ملائكة الرحمة" ولمعرفة حقيقة ما يمكن وصفه بـ "معاناة" العاملين وفق نظام المناوبات ومحاولتهم إيجاد توازن بين طبيعة عملهم وحياتهم الخاصة، كنتُ قد أجريتُ عدداً من المقابلات مع أشخاص في قطاعات عملية مختلفة. قالت الممرضة تُقى عقرباوي التي تحدثّت لبي بي سي: "أنا ممرضة أعمل ضمن نظام المناوبات وأحاول دوماً التوفيق بين عملي وحياتي الخاصة، إلا أنني غالباً ما أجد نفسي أضحّي من أجل الوفاء لمعطفي الأبيض ولقبي في ملائكة الرحمة، إذ إنني لا أشارك عائلتي في أبسط الأمور ومنها تناول الطعام معهم وعدم مشاركتهم في معظم المناسبات العائلية والاجتماعية حتى أنني لا أرى وجه من أعتبرهم أغلى البشر لدي بسبب تلك المناوبات الليلية المرهقة والتعب الذي يرافقني ليجعلني أنام ساعات طويلة بمجرد انتهاء المناوبة". وأضافت: "تعد فكرة أنك المسؤول الأول عن حياة الأشخاص والتركيز للحفاظ على حياة المرضى من عدم حدوث أي خطأ طبي من العوامل التي تؤثر على حالتنا النفسية والعقلية لدرجة أنها تستنزف أرواحنا، إلى جانب عملنا وفق نظام المناوبات، إلا أنني أحاول تجاوز ذلك من خلال عدة أمور كالقيام بنشاط بدني ممتع ومفيد للتخلص من الطاقة السلبية، وأحياناً أحصل على إجازة من العمل لأجدد طاقتي، كما أن وجود زملاء عمل جيدين يسهم في مساعدتي على تجاوز التعب". وليس ببعيد عن الممرضة عقرباوي، قال الممرض عطا عقل الذي يعمل في قسم الطوارئ بأحد المستشفيات خلال حواره مع بي بي سي: "أعمل وفق نظام المناوبات الليلية وحتى خلال العطل الرسمية، باعتباري أمثل خط الاستجابة الأول للحالات الحرجة والمفاجئة. كما أنني أعمل كمحاضر جامعي، ما يضيف بعداً أكاديمياً إلى جدولي المزدحم. وعليه أشعر أحياناً باستنزاف في طاقتي الذهنية والنفسية جرّاء الضغط المستمر والتعامل اليومي مع حالات طبية طارئة، خاصة حين يتزامن ذلك مع مسؤولياتي التدريسية". وفي سؤالي حول إمكانيته لتحقيق التوازن بين عمله بالمناوبات وحياته، أجاب: "أعترف أن الأمر ليس سهلاً، إذ أحاول أن أضع حدوداً واضحة بين العمل الطبي والأكاديمي، وأحرص على تخصيص وقت للعائلة حتى لو تطلب ذلك التخطيط المسبق بدقة. كما أنني أمارس المشي والتأمل، وأخصص وقتاً للصمت والابتعاد عن الشاشات. كما أنني أجد في التعليم الجامعي نوعاً من التوازن، فهو يمدني بطاقة مختلفة تُكمل الجانب العلاجي من عملي". وفي حديثه لبي بي سي قال الطبيب مهند وهو أخصائي عناية مركزة: "إن العمل وفق نظام المناوبات يؤثر سلباً على جميع مناحي الحياة، والمشكلة الأكبر تتمثل في النوم، نتيجة تغيير أوقات المناوبات إذ لا يمكنني النوم خلال أوقات العمل إلا لفترة قصيرة جداً وأقوم بتعويض ساعات النوم على حساب الوقت المخصص لعائلتي. وعلى الرغم من التعب والنعاس الشديدين بعد انتهاء فترة المناوبة فيكون من الصعب الدخول في النوم، وتكون جودة النوم سيئة جداً". وأضاف: "إن الطريقة الوحيدة الفعالة نوعاً ما لتحقيق التوازن بين عملي في المناوبات وحياتي هي التنسيق مع زملائي حيث أقوم بوضع أكبر عدد ممكن من المناوبات في أقصر فترة ممكنة لأتمكن من الحصول على فترات بدون مناوبات، ورغم ضغط العمل في فترات معينة إلا أنني أحصل على أوقات فراغ في المقابل". ويقف على مسافة قريبة أحمد خزاعلة الذي يعمل في مجال التحاليل الطبية، وكذلك المُعالِجة الطبيعية سارة حمد، اللذان تحدثا لبي بي سي عن شعورهما بالضغوط النفسية نتيجة العمل بنظام المناوبات: "من الصعب الفصل بين هذا النوع من نظام العمل والحياة الخاصة، ولكن لا بد من تحقيق التوازن ما أمكن عبر التواصل مع العائلة والجلوس معهم ومشاركتهم الأنشطة المختلفة في وقت الإجازة". Getty Images "بتُّ أفكر جدياً بترك العمل" تحدّثت الصحفية سارة سويلم التي تعمل في أحد المواقع الإخبارية الإلكترونية عما وصفته بـ"المعاناة الحقيقية" جرّاء العمل في نظام المناوبات لبي بي سي قائلة: "أعمل في موقع إخباري في مجال إعداد وإنتاج المقابلات وتنسيق الضيوف للبرامج والأخبار والتقارير في الموقع، ورغم خبرتي الطويلة في هذا المجال، إلا أنني أعمل منذ نحو شهرين في موقع إخباري وفق نظام المناوبات التي أشعر وكأنها 20 عاماً، وليس مجرد هذه الفترة القصيرة". وتكمل بالقول: "تولّد شعوري هذا بسبب عدم الالتزام الإداري بالمناوبات، إذ غالباً ما يجري تغيير أوقات المناوبات بشكل مفاجئ، خاصةً إذا كان أحد الزملاء متعباً أو لديه ظروف خاصة أو أن هناك علاقة جيدة تربطه بالمسؤول عن الموقع تمنحه ميزة عدم العمل بنظام المناوبات، وهذا يشكل ضغطاً كبيراً على نفسي ويُحدِث فجوة بين عملي وحياتي، خاصةً وأن لدي عائلة بحاجة للقيام بمسؤولياتي اتجاهها". وعن التأثير النفسي لنظام العمل بالمناوبات قالت سويلم: "المناوبات العشوائية أثرت على صحتي، إذ غالباً ما أشعر بالتعب والإرهاق لعدم حصولي على ساعات نوم كافية، وأفكر باستمرار لإنجاز العمل وإتقانه.. بتُّ أفكر جدياً بترك العمل، خاصةً أنني تعوّدت العمل وفق ساعات عمل محددة وثابتة. والآن أحاول تحقيق التوازن بين عملي وحياتي الخاصة من خلال النوم لعدة دقائق كي أستعيد بها طاقتي وأجددها، وأستمع أحياناً لبعض الموسيقى بهدف الاسترخاء". Getty Images "أعمل بنظام الاستعداد المستمر" خلال حوارها مع بي بي سي قالت المنسقة الإعلامية بإحدى القطاعات الصحية روضى الشريف: "عملي في المجال الإعلامي وخاصة في القطاع الطبي يقوم على التغطية المستمرة للأحداث والجولات والزيارات الرسمية، مما يتطلب التواجد في مواقع متعددة خلال أوقات غير تقليدية، قد تكون في ساعات مبكرة من الصباح أو متأخرة من الليل، فنحن نعمل بنظام الاستعداد المستمر، وغالباً ما نكون في قلب الحدث". وأضافت: " بطبيعة الحال، العمل في بيئة دائمة الحركة تتطلب اليقظة والسرعة والدقة، ما قد يشكل ضغطاً نفسياً وعقلياً إذا لم نكن مدرَّبين على إدارة التوتر. وبالفعل هناك لحظات من الإرهاق، وهناك أوقات يشعر فيها الإنسان أنه بحاجة إلى التوقف. أحياناً يكمن التحدي في التفاصيل الصغيرة، في التوفيق بين أكثر من مسؤولية، وفي الغياب عن لحظات شخصية، لكنه تحدٍ نواجهه بحب واحترافية". وفي سؤالي عن الخطوات التي يمكن أن تتبعها لتحقيق التوازن بين طبيعة عملها وحياتها، أجابت الشريف: "تحقيق التوازن في ظل هذا النمط من العمل ليس سهلاً، لكنه ليس مستحيلاً. أؤمن أن التنظيم هو مفتاح كل شيء، إذ أحرص على تخصيص وقت نوعي لعائلتي وأطفالي. كما أحرص على تخصيص وقت لنفسي سواء من خلال التأمل، أو ممارسة الرياضة أو الكتابة لأنني كاتبة روائية أيضاً". ويتفق يزن القرعان الذي يعمل موظفاً في أحد المطارات مع روضى بقوله: "أحاول القيام بتمارين التنفس باستمرار والجلوس في مكان هادئ، كما أحرص على الحصول على قسط كافٍ من النوم لأتجنب الضغط والتوتر بسبب عملي بنظام المناوبات". أما يحيى الذي يعمل في إدارة المنتجات الرقميّة فقال: "لا أشعر بتأثير نفسي وصحي مباشر بسبب عملي في المناوبات، لأنني أحب طبيعة عملي الذي أعتبره مسلياً وفيه نوع من الابتكار والاكتشاف والتنويع والتطوير. ورغم ذلك أحاول ترتيب أولوياتي وأحرص على التواصل مع عائلتي كلما سنحت لي الفرصة". Getty Images كيف يحافظ العاملون بنظام المناوبات على صحتهم؟ يتفق الأخصائيان النفسيّان علي المُلقي ونورة صلاح على عدد من النقاط التي ينصحان بها كل شخص يعمل وفق نظام المناوبات على اتباعها وهي كالتالي: تنظيم النوم بشكل محدد، وذلك عبر المحاولة بالنوم في نفس التوقيت بعد كل مناوبة، وتوفير بيئة مظلمة وهادئة. التعرض للضوء الطبيعي، وهو ما يساعد في إعادة ضبط الساعة البيولوجية، خاصة بعد مناوبة العمل الليلية. توزيع المناوبات بطريقة صحية، إذ لا بد من تجنب التحول المفاجئ من مناوبة ليلية إلى نهارية والعكس. الحفاظ على نظام غذائي متوازن، والتقليل من تناول الكافيين والسكريات خلال فترات الليل. ممارسة النشاط البدني بانتظام، إذ يُفضل ممارسة أي نشاط رياضي لمدة لا تقل عن ثلاثة أيام أسبوعياً، وذلك بهدف تحسين جودة النوم وتعزيز الصحة الذهنية. ممارسة تمارين التنفس العميق وتمارين الاسترخاء العضلي والعقلي، وذلك لزيادة اليقظة والتركيز والنشاط. طلب الدعم النفسي عند الحاجة وعدم التردد في مراجعة الطبيب أو الاخصائي النفسي عند ظهور مؤشرات كالإجهاد العقلي أو الاكتئاب. ونصحت أخصائية التغذية أَوْلا دَعْنا خلال حديثها لبي بي سي أنه لضمان توازن غذائي أثناء المناوبات أن يقوم الأشخاص بالتحضير المسبق لوجباتهم في المنزل، موضحةً: "من المهم تناول وجبات منتظمة ومتوازنة تشمل الكربوهيدرات المعقدة والبروتينات والدهون الصحية كالأسماك والخضروات، إضافةً إلى شرب الماء بانتظام لتوفير الطاقة وتقليل الإحساس المستمر بالجوع. كما يُنصح بتقليل المنتجات التي تحتوي على الكافيين والأطعمة الغنية بالدهون، واختيار وجبات خفيفة تحتوي على أوميغا-3 والمغنيسيوم لما لها من تأثير مهدئ وملطف للأعصاب وأخرى تُحسّن من مستوى التركيز كالمكسرات والحليب والموز". بشكل عام، يرى العديد من الباحثين والمختصين، أنه رغم الآثار النفسية والعقلية التي قد تصاحب من يعملون وفق نظام المناوبات، إلا أنه عليهم التأقلم مع طبيعة عملهم وظروفه التي تتطلب ذلك من خلال إيجاد طرق وخطوات عملية فعالة وجدية تخفف من وطأة هذه الآثار على حياتهم.


الوسط
منذ 2 أيام
- الوسط
قتلى وجرحى بغارات إسرائيلية على غزة، ونتنياهو يتّهم بريطانيا وكندا وفرنسا بالوقوف "في الجانب الخطأ من الإنسانية"
Reuters في غارات إسرائيلية متواصلة على مناطق متفرقة في القطاع الفلسطيني المحاصر، أعلن الدفاع المدني في غزة الجمعة مقتل 16 شخصاً. وأفاد محمد المغير مدير الإمداد الطبي في الدفاع المدني، بسقوط "16 شهيداً وعشرات المصابين إثر غارات جوية شنها الاحتلال في مناطق عديدة بقطاع غزة منذ منتصف الليل"، وفق ما أفادت وكالة فرانس برس. وأشار إلى "سقوط عشرات الجرحى" في الغارات التي أصابت منازل في وسط قطاع غزة وجنوبه. المساعدات التي سُمح بدخولها "لا تكفي" EPA مسؤولون فلسطينيون يقولون إن المساعدات لا تكفي لتعويض النقص الناجم عن الحصار وعقب أن سمحت إسرائيل بدخول بعض شاحنات المساعدات إلى القطاع، قال الجيش الإسرائيلي إن 107 شاحنة مساعدات تابعة للأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى تحمل الدقيق والأغذية والمعدات الطبية والأدوية دخلت إلى غزة الخميس. وقال مسؤولون فلسطينيون إنّ المساعدات التي دخلت القطاع، لا تكفي إطلاقاً لتعويض النقص الناجم عن الحصار المستمر منذ 11 أسبوعاً، وفق فرانس برس. وفي مداخلة خلال انعقاد الجمعية السنوية لمنظمة الصحة العالمية الخميس، حض رئيس المنظمة تيدروس أدهانوم غيبريسوس إسرائيل على التحلي "بالرحمة" في حرب غزة وإنهاء "التدمير المنهجي" للنظام الصحي في القطاع الفلسطيني. وشدّد على أن السلام سيكون في صالحها، وأنّ الحرب ستؤذي إسرائيل ولن تجلب لها حلاً دائماً. وكشفت منظمة الصحة العالمية أن سكان غزة يعانون نقصاً حاداً في الغذاء والمياه والإمدادات الطبية والوقود والمأوى. واضطرت أربعة مستشفيات رئيسية لتعليق خدماتها الطبية خلال الأسبوع الماضي، بسبب قربها من مناطق الأعمال العدائية أو مناطق الإخلاء والهجمات. وقالت منظمة الصحة العالمية في بيان إن 19 مستشفى فقط من أصل 36 في قطاع غزة لا تزال تعمل، وإن الموظفين يعملون في "ظروف مستحيلة". وأضافت أن "94 في المئة على الأقل من كل المستشفيات في قطاع غزة تضررت أو دمرت"، في حين "جُرّد شمال غزة من الرعاية الصحية بشكل شبه كامل". واستؤنف القصف على القطاع في 18 مارس/ آذار بعد تعثر المفاوضات غير المباشرة مع حركة حماس لتمديد الهدنة التي استمرت شهرين. ومنذ بدء الحرب بلغ عدد القتلى في غزة 53762، وفقا لأحدث حصيلة أوردتها وزارة الصحة في القطاع. "البيان البريطاني الكندي الفرنسي يشجع حماس" اتّهم بنيامين نتنياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي، بعضاً من أقرب حلفاء بلاده بالوقوف "في الجانب الخطأ من الإنسانية" بعد انتقادهم لسلوك إسرائيل في غزة، وذلك في إشارة إلى كندا وبريطانيا وفرنسا. وفي بيان مشترك صدر في وقت سابق من هذا الأسبوع، وصفت بريطانيا وفرنسا وكندا العملية العسكرية الإسرائيلية الموسعة في غزة بأنها غير متناسبة، واعتبرت أنّ حرمانها المدنيين من المساعدات الإنسانية الأساسية أمرٌ فادح وغير مقبول. واتهم نتنياهو قادة الدول الثلاث بالسعي لبقاء حماس في السلطة، وقال إن بيانهم شجع الحركة.


الوسط
منذ 3 أيام
- الوسط
الغزيون يخشون من إغلاق محطات المياه مع توسيع إسرائيل هجومها
Getty Images تعاني غزة نُدرة في مصادر المياه بعد أن قطعت إسرائيل خطوط الكهرباء عن محطات التحلية في القطاع في مارس/آذار الماضي يتفاقم نقْص المياه الصالحة للشُرب في غزة، في ظلّ توسيع إسرائيل نطاق عملياتها العسكرية في القطاع، ما يتسبب في موجات جديدة من النزوح. وفي غضون ذلك، ينفد الوقود من محطات تحلية المياه ومرافق الصرف الصحي، ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن شركاء له يحذرون من مغبّة عدم استلام وقود بشكل عاجل. ويحذّر هؤلاء الشركاء من احتمال الوصول إلى "إغلاق تام" لمرافق المياه والصرف الصحي بنهاية الأسبوع الراهن. وكانت إسرائيل قد قطعتْ في مطلع شهر مارس/آذار الماضي خطوط الكهرباء عن المحطات الرئيسية لتحلية المياه في القطاع، والتي تُعدّ مصدراً حيوياً للمياه بالنسبة للغزيّين. وبرّرت إسرائيل هذه الخطوة بأنها للضغط على حركة حماس من أجل إطلاق سراح الرهائن المتبقين لديها. BBC هكذا توزَّع المياه في غزة هذه الأيام وعلى الرغم من إعلان إسرائيل مؤخراً أنها بدأت في السماح بدخول الإمدادات الأساسية إلى غزة، إلا أنّ الوقود ليس بين تلك الإمدادات حتى الآن. ومع ذلك، وصلت كميات من مياه الشرب على متن عشرات الشاحنات التابعة للأمم المتحدة التي دخلت القطاع - مع مؤن أخرى لم يتم توزيعها بعد. وقال آباء لبي بي سي، إن أطفالهم - على مدى 19 شهراً من الحرب - اعتادوا على شُرب مياه مالحة، ونتيجةً لذلك، يقول أطباء إنهم رصدوا ارتفاعاً في الشكاوى من أمراض خطيرة متعلقة بالكُلى. وفي ذلك قال رائد الزهارنة، وهو والد لأربعة أطفال في خان يونس، إن "المياه التي نشربها ذات طعم هو مزيج متساوٍ من الحلاوة والملوحة". ومثل معظم الغزيين الآن، يعتمد الزهارنة على المياه التي تدخل القطاع على متن الشاحنات. وأضاف الزهارنة لبي بي سي: "نعلم أنها مياه غير صالحة للشرب، ومع ذلك نشربها. ونعاني آلاماً في المَعدة وإسهالاً ولكننا نتعايش مع ذلك؟ وماذا يمكننا أن نفعل؟ نحتاج إلى الشُرب. ليس أمامنا بديل". BBC جوناثان كريكس من اليونيسيف يقول إن الإنتاج تراجع بنسبة 80 في المئة في محطة لتحلية المياه في جنوب غزة وفي وقت سابق من الشهر الجاري، كان لا يزال هناك صوت عالٍ - هو صوت حركة الآلات - في محطة لتحلية المياه في جنوب غزة، والتي كان جوناثان كريكس من منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) في زيارة إليها. وقال كريكس إن الإنتاج في هذه المحطة قد تراجع بنسبة 80 في المئة نتيجة لانقطاع الكهرباء. ومع ذلك، كانت المحطة لا تزال قادرة على إنتاج آلاف اللترات يومياً. وأوضح كريكس لبي بي سي: "المشكلة أن إنتاج المياه يتطلب وقوداً، ثم بعد ذلك تكون هناك حاجة إلى شاحنات لنقل تلك المياه إلى مختلف التجمّعات السكانية". ولفت كريكس إلى أن "هذه العملية صعبة؛ حيث إنّ لدينا كميات ضئيلة جداً من الوقود، لا تكفي لإنتاج المياه ولتشغيل الشاحنات اللازمة لنقلها إلى الناس". وفي الأيام الأخيرة، لجأ الناس في غزة إلى استخدام العربات التي تجرّها الحمير لتوزيع المياه، لكن إسرائيل صعّدت هجماتها العسكرية ما أسفر عن موجات نزوح جديدة لنحو 140 ألف شخص في شمال وجنوب القطاع - وقد فاقم ذلك من صعوبة الوضع. ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن مرافق تحلية المياه والصرف الصحي في غزة تضرّرت بشدّة نتيجة النقص المزمن للوقود في القطاع. وبحسب المكتب الأممي، فإنه لا يوجد حالياً وقود في شمال غزة، وأنه لم يصل في الأسبوع الماضي غير نصف الكمية التي تحتاجها المنطقة - وهذا يعني مزيداً من تقليص ساعات التشغيل في آبار المياه، فضلاً عما يُنذر به من إغلاق تام. وفي جنوب غزة، لم تتلقَّ مرافق المياه التابعة للأمم المتحدة أي وقود، على الرغم من الحاجة إلى نحو 140 ألف لتر من الوقود أسبوعياً من أجل تشغيل هذه المرافق. وقد تسبب ذلك، وفقاً للمكتب الأممي، في تقليص مرافق تحلية المياه والصرف الصحي ساعات عملها بأكثر من الخُمس. BBC يقول الغزيون إنهم يضطرون إلى شرب مياه مالحة عندما لا يجدون بديلاً آخر ويقول موظفو الأمم المتحدة إنهم يحاولون يومياً الحصول على وقود من مستودعات موجودة في مناطق تحتاج إلى تنسيق مع السلطات الإسرائيلية، مثل رفح - التي أصبحت وجهةً للعمليات العسكرية. ومع ذلك تُقابَل تلك المحاولات بالرفض المستمر من جانب إسرائيل، التي منذ أنْ فرضتْ حصاراً كاملاً على غزة في يوم الثاني من مارس/آذار، لم تسمح بدخول وقود جديد إلى القطاع. وقال غازي اليازجي، إخصائي أمراض الكُلى في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، إنه لاحظ المزيد من المرضى الذين يعانون بسبب شُرب المياه الملوثة والمياه عالية الملوحة. وأضاف اليازجي لبي بي سي: "ليس لدينا أرقام محددة، لكن الحالات في تزايد ملحوظ، لا سيما بين الأطفال". وحتى قبل الحرب، كانت غزة تشهد معدلات مرتفعة نسبياً من أمراض الكُلى، بسبب نقص المياه وتدنّي جودة الإمدادات. وقال اليازجي إن مستشفى الشفاء لديها 220 مريضاً في حاجة إلى غسيل كُلوي، وإنهم أصيبوا نتيجة تدنّي جودة مياه الشُرب في قطاع غزة. وأشار اليازجي إلى أن كثيرين من مرضى الكُلى في غزة فارقوا الحياة مؤخراً.