أكاذيب الحج الموسمية
سيبدأ موسم الحج بعد أيام، ومكة جهزت نفسها لاستقبالهم منذ 29 أبريل، والمتوقع أن تتجاوز أعدادهم المليوني حاج بأقل تقدير، وتبدو إشكالية الحج بدون تصريح، وحملات الحج الوهمية لحجاج الداخل والخارج، هماً متكرراً في كل موسم، ويتورط فيها مواطنون ومقيمون، وأحياناً مخالفون لنظام الحدود، وكلاهما تم ضبطه تنظيمياً من قبل وزارة الحج والعمرة، وعلى سبيل المثال، طلب التصريح يتم بطريقة إلكترونية، ومن خلال منصة واحدة اسمها (نسك حج)، موجودة في موقع الوزارة، والأخيرة تستقبل الطلبات من قرابة 126 دولة، وتتنافس فيها 35 شركة مؤهلة لتنظيم حملات الحج، وتوفير خدمات النقل والإعاشة والطيران، وفي السابق كانت الخدمات والأسعار محتكرة، وذلك بمعرفة مكاتب سياحية في دول الحجاج، ومؤسسات الطوافة في الداخل، ولم تكن أسعارها محل رقابة، إلا أن الأوضاع تغيرت مع رؤية المملكة في الوقت الحالي، واتسعت الدائرة خارج حدود التاريخ والجغرافيا والمهنة المتوارثة.
المملكة أبعدت، بحسب أرقام حج 2024، نحو 300 ألف شخص، لعدم حملهم تصاريح حج، وهؤلاء قد يترتب على وجودهم مشكلات كثيرة، ومن الشواهد عليها، أنه عندما قام الباحثون بالنظر في 156 دراسة، تم إجراؤها على التجمعات البشرية في العالم، وذلك في الفترة من 1971 إلى 2011، وجدوا أن الزحام المفرط يقف خلف كل الكوارث والأزمات، وفيما يخص الحج، يوجد ما يعرف بمؤشر كثافة الحجاج، وهو يعمل على قياس أعداد الأطباء، ممن يحتاجهم القادمون للحج النظامي، وفي مواسم الحج ما بين 2013 و2018، كان المتوسط طبيبا واحدا لكل 464 حاجا، وارتفاع أعداد الحجاج غير المصرح لهم، أو ممن لم يدخلوا في المعادلة الرسمية ولو بنسبة 10 %، سيؤدي لمشكلات لا يمكن تصورها، وسيضغط على الرعاية الصحية، ولن يحصل مرضى الحجاج على ما يحتاجونه في الوقت المناسب، ونسبة عالية ممن يحجون هم من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ويتعرضون لدرجات حرارة مرتفعة تصل إلى 50 درجة مئوية في مشعر عرفة، والثانية الواحدة لديهم تشكل فارقاً كبيراً.
فقد أكدت الدراسات المتخصصة أن أربع دقائق تمثل الوقت المثالي لإجراء الإسعافات الأولية، و30 دقيقة بمثابة الحد الأعلى لإخلاء المريض ونقله لأقرب مستشفى، والمخالفون ومن لم يحصلوا على تصريح يحدثون زحاما عشوائياً، لأنهم لم يوضعوا في حسابات المخططين، وربما عطلوا منظومة عمل الحج وحركة الحجاج بأكملها، وعرضوا أنفسهم لخطر الموت، وللمعلومية أعداد وفيات الحجاج نتيجة الأجواء الحارة، رغم المخالفات، لا تقارن بنظيراتها الأوروبية، وطبقا لما نشرته مجلة نيتشر ميدسن ونقل على قناة فرانس 24 في يوليو 2023، فإن موجات الحر وضربات الشمس الأوروبية، تسببت في وفاة 60 ألف شخص، والحر الأوروبي لا يقارن بالحر في مكة ، وبالأخص في يوم عرفة.
زيادة على ما سبق، تعتبر مانيلا في الفلبين من أكثر المدن كثافة في العالم، وبواقع أربعين ألف شخص لكل كيلو متر مربع، وتتفوق عليها ديزني لاند ب116 ألفا، بينما تصل الكثافة في مشعر منى خلال الحج إلى مليون شخص لكل كيلو متر مربع، والمعنى أن مسألة الأرقام وضبطها مهمة جداً، وتصريح الحج بمثابة الأداة الأكثر فاعلية لقياسها، وتحديد احتياجاتها بشكل دقيق في كل مراحل الحج.
الأصعب هو أن من يتكلم عن إدارة أوسع للحج في هذه الأيام لم يقرأ التاريخ بشكل جيد، فقد نشرت صحيفة أم القرى السعودية في 11 يونيو 1926، دعوة من الملك عبدالعزيز إلى الدول الإسلامية في مكة ، طلب فيها المساعدة في إدارة شؤون الحرمين، والتعاون مع المملكة لتطويرها، إلا أنه لم يجد تعاوناً أو تجاوباً من أحد، ما اضطر السعوديين إلى القيام بالمهمة منفردين، ولعل عدم الاستجابة في حد ذاته، يشكل اعترافا ضمنيا بأحقية المملكة وحدها في رعاية الحرمين والأماكن المقدسة، وفيه دحض لمزاعم خصومها، وكشف لزيف ادعاءاتهم الموسمية.
آخر توسعة للحرم المكي، تمت قبل توحيد المملكة بسبع مئة عام، أو في القرن الرابع الهجري، أيام الخليفة العباسي المقتدر بالله، وكل من جاؤوا بعده كان وجودهم اسمياً، ولم يحركوا حجراً واحداً، ومن ثم وفي العهد السعودي حدثت التوسعة الأولى والثانية والثالثة، وارتفعت أعداد الحجاج من 128 ألف حاج في 1964، إلى مليون حاج للمرة الأولى في 1979، وإلى مليوني حاج في 1995، والمملكة استقبلت 99 مليون حاج في 54 عاماً، استنادًا لأرقام هيئة الإحصاء السعودية، وبافتراض تحقيق السعوديين لإيرادات تصل إلى 12 مليار دولار من موسم الحج، وهو أعلى رقم تم ترويجه، فإنه يمثل 30 % من مصروفات الحجاج، ولا تستفيد الدولة إلا من تأشيرة الحج ما بعد أول مرة، وبإجمالي 225 مليون دولار، وهذا في حالة وصول الحجاج لمليونين وخمس مئة ألف، والبقية تذهب للقطاع الخاص، بينما 70 % تصرف في دولهم، وبما يعادل 25 مليارًا و200 مليون دولار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

صحيفة عاجل
منذ يوم واحد
- صحيفة عاجل
مسؤول بمطار الملك عبدالعزيز: لدينا غرف عزل لحالات الاشتباه
قال المدير الطبي للمراكز الصحية في مطار الملك عبد العزيز، د. محمد فلمبان، لدينا غرف عزل لحالات الاشتباه لأي حالة معدية ويتعامل معها فريق مختص ويسمى فريق التدخل والاستجابة السريع. وأضاف خلال مداخلة مع قناة «الإخبارية» أنه عند التأكد من الاشتباه يتم إخراج الحالات عبر مسارات آمنة بعيدا عن الحجاج لضمان سلامتهم. وأشار فلمبان إلى أنه يتم التعامل من قبل إسعاف خاص للتعامل مع الحالات المعدية. د. محمد فلمبان المدير الطبي للمراكز الصحية في مطار الملك عبد العزيز: لدينا غرف عزل لحالات الاشتباه ويتعامل معها فريق مختص وعند التأكد من الاشتباه يتم إخراج الحالات عبر مسارات آمنة بعيدا عن الحجاج لضمان سلامتهم #الحج_عبر_الإخبارية | #الإخبارية — قناة الإخبارية (@alekhbariyatv) May 23, 2025

سعورس
منذ يوم واحد
- سعورس
أكاذيب الحج الموسمية
سيبدأ موسم الحج بعد أيام، ومكة جهزت نفسها لاستقبالهم منذ 29 أبريل، والمتوقع أن تتجاوز أعدادهم المليوني حاج بأقل تقدير، وتبدو إشكالية الحج بدون تصريح، وحملات الحج الوهمية لحجاج الداخل والخارج، هماً متكرراً في كل موسم، ويتورط فيها مواطنون ومقيمون، وأحياناً مخالفون لنظام الحدود، وكلاهما تم ضبطه تنظيمياً من قبل وزارة الحج والعمرة، وعلى سبيل المثال، طلب التصريح يتم بطريقة إلكترونية، ومن خلال منصة واحدة اسمها (نسك حج)، موجودة في موقع الوزارة، والأخيرة تستقبل الطلبات من قرابة 126 دولة، وتتنافس فيها 35 شركة مؤهلة لتنظيم حملات الحج، وتوفير خدمات النقل والإعاشة والطيران، وفي السابق كانت الخدمات والأسعار محتكرة، وذلك بمعرفة مكاتب سياحية في دول الحجاج، ومؤسسات الطوافة في الداخل، ولم تكن أسعارها محل رقابة، إلا أن الأوضاع تغيرت مع رؤية المملكة في الوقت الحالي، واتسعت الدائرة خارج حدود التاريخ والجغرافيا والمهنة المتوارثة. المملكة أبعدت، بحسب أرقام حج 2024، نحو 300 ألف شخص، لعدم حملهم تصاريح حج، وهؤلاء قد يترتب على وجودهم مشكلات كثيرة، ومن الشواهد عليها، أنه عندما قام الباحثون بالنظر في 156 دراسة، تم إجراؤها على التجمعات البشرية في العالم، وذلك في الفترة من 1971 إلى 2011، وجدوا أن الزحام المفرط يقف خلف كل الكوارث والأزمات، وفيما يخص الحج، يوجد ما يعرف بمؤشر كثافة الحجاج، وهو يعمل على قياس أعداد الأطباء، ممن يحتاجهم القادمون للحج النظامي، وفي مواسم الحج ما بين 2013 و2018، كان المتوسط طبيبا واحدا لكل 464 حاجا، وارتفاع أعداد الحجاج غير المصرح لهم، أو ممن لم يدخلوا في المعادلة الرسمية ولو بنسبة 10 %، سيؤدي لمشكلات لا يمكن تصورها، وسيضغط على الرعاية الصحية، ولن يحصل مرضى الحجاج على ما يحتاجونه في الوقت المناسب، ونسبة عالية ممن يحجون هم من كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، ويتعرضون لدرجات حرارة مرتفعة تصل إلى 50 درجة مئوية في مشعر عرفة، والثانية الواحدة لديهم تشكل فارقاً كبيراً. فقد أكدت الدراسات المتخصصة أن أربع دقائق تمثل الوقت المثالي لإجراء الإسعافات الأولية، و30 دقيقة بمثابة الحد الأعلى لإخلاء المريض ونقله لأقرب مستشفى، والمخالفون ومن لم يحصلوا على تصريح يحدثون زحاما عشوائياً، لأنهم لم يوضعوا في حسابات المخططين، وربما عطلوا منظومة عمل الحج وحركة الحجاج بأكملها، وعرضوا أنفسهم لخطر الموت، وللمعلومية أعداد وفيات الحجاج نتيجة الأجواء الحارة، رغم المخالفات، لا تقارن بنظيراتها الأوروبية، وطبقا لما نشرته مجلة نيتشر ميدسن ونقل على قناة فرانس 24 في يوليو 2023، فإن موجات الحر وضربات الشمس الأوروبية، تسببت في وفاة 60 ألف شخص، والحر الأوروبي لا يقارن بالحر في مكة ، وبالأخص في يوم عرفة. زيادة على ما سبق، تعتبر مانيلا في الفلبين من أكثر المدن كثافة في العالم، وبواقع أربعين ألف شخص لكل كيلو متر مربع، وتتفوق عليها ديزني لاند ب116 ألفا، بينما تصل الكثافة في مشعر منى خلال الحج إلى مليون شخص لكل كيلو متر مربع، والمعنى أن مسألة الأرقام وضبطها مهمة جداً، وتصريح الحج بمثابة الأداة الأكثر فاعلية لقياسها، وتحديد احتياجاتها بشكل دقيق في كل مراحل الحج. الأصعب هو أن من يتكلم عن إدارة أوسع للحج في هذه الأيام لم يقرأ التاريخ بشكل جيد، فقد نشرت صحيفة أم القرى السعودية في 11 يونيو 1926، دعوة من الملك عبدالعزيز إلى الدول الإسلامية في مكة ، طلب فيها المساعدة في إدارة شؤون الحرمين، والتعاون مع المملكة لتطويرها، إلا أنه لم يجد تعاوناً أو تجاوباً من أحد، ما اضطر السعوديين إلى القيام بالمهمة منفردين، ولعل عدم الاستجابة في حد ذاته، يشكل اعترافا ضمنيا بأحقية المملكة وحدها في رعاية الحرمين والأماكن المقدسة، وفيه دحض لمزاعم خصومها، وكشف لزيف ادعاءاتهم الموسمية. آخر توسعة للحرم المكي، تمت قبل توحيد المملكة بسبع مئة عام، أو في القرن الرابع الهجري، أيام الخليفة العباسي المقتدر بالله، وكل من جاؤوا بعده كان وجودهم اسمياً، ولم يحركوا حجراً واحداً، ومن ثم وفي العهد السعودي حدثت التوسعة الأولى والثانية والثالثة، وارتفعت أعداد الحجاج من 128 ألف حاج في 1964، إلى مليون حاج للمرة الأولى في 1979، وإلى مليوني حاج في 1995، والمملكة استقبلت 99 مليون حاج في 54 عاماً، استنادًا لأرقام هيئة الإحصاء السعودية، وبافتراض تحقيق السعوديين لإيرادات تصل إلى 12 مليار دولار من موسم الحج، وهو أعلى رقم تم ترويجه، فإنه يمثل 30 % من مصروفات الحجاج، ولا تستفيد الدولة إلا من تأشيرة الحج ما بعد أول مرة، وبإجمالي 225 مليون دولار، وهذا في حالة وصول الحجاج لمليونين وخمس مئة ألف، والبقية تذهب للقطاع الخاص، بينما 70 % تصرف في دولهم، وبما يعادل 25 مليارًا و200 مليون دولار.


الوطن
منذ 2 أيام
- الوطن
شراكة الصحة ومدينة العلوم والتقنية: رؤية مستقبلية لخدمة ضيوف الرحمن
تواصل المملكة العربية السعودية ريادتها في خدمة ضيوف الرحمن وتقديم أرقى مستويات الرعاية والاهتمام لحجاج بيت الله الحرام. إن هذا الاهتمام الملكي الكريم والدعم غير المحدود ينعكسان في كافة الجهود المبذولة لتطوير وتحسين الخدمات المقدمة لحجاج بيت الله الحرام. تشهد المملكة العربية السعودية سنوياً تدفق ملايين المسلمين من جميع أنحاء العالم لأداء فريضة الحج، مما يتطلب جهوداً استثنائية لضمان سلامة وراحة ضيوف الرحمن. وفي هذا السياق، تلعب وزارة الصحة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية دوراً محورياً في تقديم خدمات صحية وتقنية متطورة تواكب أحدث المعايير العالمية. تتولى وزارة الصحة السعودية دورا جوهرياً ومسؤولية ضخمة في توفير الرعاية الصحية الشاملة للحجاج، حيث تبدأ استعداداتها قبل موسم الحج بأشهر عديدة. تقوم الوزارة بتجهيز المستشفيات والمراكز الصحية في مكة المكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة، مع زيادة القدرة الاستيعابية وتعزيز الكوادر الطبية المتخصصة. تشمل الخدمات الصحية المقدمة والرعاية الطارئة والعلاج المتخصص للأمراض المزمنة، بالإضافة إلى برامج الوقاية من الأمراض المعدية والتطعيمات الضرورية. كما تُفعل الوزارة خططاً شاملة للاستجابة السريعة للحالات الطارئة، وتنشر فرقاً طبية متنقلة في جميع أنحاء المشاعر المقدسة لضمان الوصول السريع للخدمات الصحية. بالإضافة لتلك الجهود العظيمة، تسهم مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية (كاكست) بدور فاعل في تطوير الحلول التقنية المبتكرة لخدمة الحجاج. تركز المدينة على تطبيق أحدث التقنيات مثل الذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء وتقنيات الاستشعار عن بُعد لتحسين إدارة الحشود وضمان السلامة العامة. من أبرز مساهمات المدينة تطوير أنظمة المراقبة الذكية التي تساعد في تتبع حركة الحجاج وتحليل البيانات لتوقع الكثافات السكانية في المواقع المختلفة. كما تعمل على تطوير تطبيقات الهواتف الذكية التي تقدم خدمات إرشادية وصحية للحجاج بلغات متعددة، مما يسهل عليهم الوصول للمعلومات والخدمات الضرورية. يتميز العمل بين وزارة الصحة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية بالتكامل والتنسيق المستمر. تتبادل الجهتان الخبرات والموارد لتطوير حلول مبتكرة تجمع بين الخبرة الطبية والابتكار التقني. هذا التعاون تنتج عنه مشاريع مشتركة مثل أنظمة المراقبة الصحية الإلكترونية وتقنيات التشخيص المبكر للأمراض. تسعى كلتا الجهتين لتحقيق رؤية المملكة 2030 في أن تصبح المملكة الوجهة الأولى للمسلمين حول العالم من خلال تقديم خدمات حج عالية الجودة. يشمل ذلك الاستثمار في التقنيات الناشئة مثل الواقع المعزز والطائرات بدون طيار للمراقبة والإسعاف، بالإضافة إلى تطوير منصات رقمية متطورة لإدارة الخدمات الصحية. وفي الختام، تمثل الشراكة بين وزارة الصحة ومدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية نموذجاً رائداً في توظيف العلم والتقنية لخدمة الإنسانية، حيث تحرص المملكة على تقديم أفضل الخدمات لضيوف الرحمن باستخدام أحدث ما توصل إليه العلم والتكنولوجيا، مؤكدة على التزامها بخدمة الحرمين الشريفين وضيوفهما.