
لماذا أصبحت هلوسات الذكاء الاصطناعي أكثر خطورة؟
ولكن هلوسات " غروك 4.0″ روبوت الذكاء الاصطناعي لشركة إيلون ماسك "إكس إيه آي" (xAI) سلطت الضوء على خطورة هذه الهلوسات بشكل أكبر من السابق، لتكون بذلك آخر حوادث هلوسة الذكاء الاصطناعي.
ورغم أن ماسك أعلن مرارا وتكرارا أن "غروك" هو أقوى روبوت ذكاء اصطناعي وأذكى حتى من البشر، إلا أن هذا لم يقيه من بدء موجة من الهلوسات التي تضمنت خطاب كراهية وتغريدات معادية للسامية كانت كافية لإيقاف خدماته بشكل كامل لعدة أيام حتى تم إصلاح العطل الموجود فيه، ولكن لماذا تحدث مثل هذه الهلوسات؟ وهل هي حكر على "غروك" فقط أم توجد في بقية النماذج أيضا؟
انتشار هلوسات الذكاء الاصطناعي
في أبريل/نيسان الماضي، خرج روبوت الذكاء الاصطناعي المساعد في منصة البرمجة باستخدام الذكاء الاصطناعي "كورسر" (Cursor) لينبه مستخدمي المنصة بوجود تغيير في سياسة الشركة مشيرا إلى أن المنصة لم تعد تعمل على أكثر من حاسوب، وقد تسببت هذه المعلومة في أزمة كبيرة بين الأداة التي أصبحت رائجة بين المبرمجين من مختلف الفئات حول العالم.
ولكن هذه الأزمة لم تكن أخطر ما في الأمر، إذ إن روبوت الدردشة الذكي والمساعد لخدمات منصة البرمجة اخترع هذه السياسة من دون وجود أي مصدر لها أو حتى وجود نية لدى الشركة للقيام بذلك، وتطلب الأمر خروج المدير التنفيذي للمنصة وأحد مؤسسيها في اعتذار رسمي عبر منصة "ريديت" قائلا إن هذا هو خطأ مباشر من روبوت الذكاء الاصطناعي.
ورغم أن هذا الخطأ الذي وقع فيه الروبوت تسبب في خسائر كبيرة للشركة وكاد يقضي عليها تماما، إلا أنه لم يكن الخطأ الأخطر لروبوتات الذكاء الاصطناعي، وحتى هلوسات "غروك 4.0" لم تكن الأخطر.
إذ يمتلئ تاريخ نماذج الذكاء الاصطناعي وردودها بعدد من الهلوسات الخطيرة التي كادت تودي بحياة المستخدمين، ومن بينهم هلوسة نموذج الذكاء الاصطناعي في محرك بحث "غوغل" موضحا إمكانية إضافة الصمغ إلى مكونات البيتزا.
كما قام الروبوت نفسه باختراع مثل في محاولة منه ليبدو حكيما، ولكنه كان مثلا خاطئا تماما، إذ قال "لا يمكنك لعق الغرير مرتين"، وذلك في تقرير نشرته "نيويورك تايمز" آنذاك.
ولا يجب إهمال الحالات التي اتهم فيها الذكاء الاصطناعي بتشجيع الانتحار لدى المراهقين، سواء كان عبر روبوت دردشة " غوغل" أو "كاراكتر إيه آي" (Character AI)، إذ طلب النموذج في إحدى الحالات من المستخدم الموت لأنه ليس مميزا على الإطلاق، وذلك وفق تقرير نشره موقع "سي بي إس نيوز".
كما أن هذه الأخطاء لا تقتصر على نماذج الذكاء الاصطناعي المعتادة، بل تمتد أيضا إلى نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعتمد على تقنيات التفكير العميق مثل " ديب سيك" و"أوه 1″ من "أ وبن إيه آي"، وربما يزيد معدل حدوثها في هذه النماذج عن غيرها وفق تقرير نشرته "نيويورك تايمز" سابقا.
لماذا تحدث هذه الهلوسات؟
نشرت "نيويورك تايمز" سابقا تقريرا عن هلوسات الذكاء الاصطناعي في محاولة منها لمعرفة أسباب حدوث هذه الظاهرة، وتحدثت فيه مع مجموعة من خبراء الذكاء الاصطناعي ومن بينهم عمرو عوض الله المدير التنفيذي لشركة "فيكتارا" (Vectra) الناشئة لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للشركات والعضو التنفيذي السابق في "غوغل".
ويرى عمرو أن حدوث هذه الهلوسات لن يزول أبدا وسيظل يحدث باستمرار، وذلك لأن هذه النماذج تعتمد على معادلات رياضية لقياس مدى صحة الاحتمالات بدلا من مجموعة من القواعد الثابتة الموضوعة من قبل مهندسين بشر.
ويضيف تقرير "نيويورك تايمز" أن أدوات الذكاء الاصطناعي تعتمد بشكل مباشر على معادلات رياضية لتحليل حجم مهول من البيانات المتاحة عبر الإنترنت، ولا يمكنها تحديد المعلومات الصحيحة من المعلومات الخاطئة، لذلك في بعض الأحيان تخرج هذه الهلوسات.
وأشار التقرير إلى أن مثل هذه الهلوسات تظهر بوضوح مع روبوتات محركات البحث سواء كانت "غوغل" أو "بينغ" فهي أحيانا تولد نتائج خاطئة تماما ومختلفة عن طلب المستخدم، وقد تربط بين مصدر ومعلومة غير موجودة به.
كما يعود السبب في هذه الهلوسات لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي على حجم مهول من البيانات المتاحة عبر الإنترنت خاصة مفتوحة المصدر وغير المحمية بحقوق الملكية، فرغم أن الإنترنت يضم العديد من البيانات الصحيحة الواردة من الصحف والمراكز البحثية المعتمدة، إلا أن هذه المصادر عادة ما تطارد شركات الذكاء الاصطناعي قانونيا وتمنعها من استخدام بياناتها دون الحصول على التراخيص اللازمة.
ودفع هذا شركات الذكاء الاصطناعي للاعتماد على كافة البيانات المتاحة في منصات التواصل الاجتماعي أو حتى المواقع غير المعروفة، وبالتالي قد يتم تغذية نموذج الذكاء الاصطناعي ببيانات تدعم الاستنتاج الخاص به ليصبح ما يقوله حقيقة بالنسبة له وليس هلوسة.
كما أن بعض الشركات بدأت تتجه لاستخدام آلية تدعى التعلم التعزيزي، أي أن النموذج يتعلم عبر التجربة والخطأ، وبينما تعمل هذه الآلية بشكل واضح وجيد مع الأسئلة الحسابية والأكواد البرمجية، إلا أن معدل نجاحها ينخفض في الجوانب الأخرى.
وفي تقرير نشرته "سي إن إن" حول هلوسات روبوت "غروك" الأخيرة، أكدت أن النموذج اعتمد على مصادر غير دقيقة في تدريبه وهي مصادر كانت تقدم له معلومات معادية للسامية مثل موقع "4 تشان" (4Chan) والمواقع المماثلة، وذلك حسب ما نقله التقرير عن مارك ريدل، أستاذ الحوسبة في معهد جورجيا للتكنولوجيا، ولكن في هذه الحالة قد لا تصح تسميتها "هلوسات" فهي أقرب إلى إعادة نشر معلومات تغذى عليها.
مخاطر هلوسات الذكاء الاصطناعي
ويؤكد تقرير "نيويورك تايمز" على مخاطر هلوسات الذكاء الاصطناعي، مشيرا إلى أن هذه الأزمة يمكن أن تسبب في مشاكل جمّة خاصة في المجالات التي لا تحتمل مثل هذا الخطأ.
وربما كان ما حدث مع منصة "كورسر" مثالا حيا على هذا الأمر فضلا عن الأخطاء التي قد تحدث عند اعتماد غير الخبراء على المعلومات الصحية أو التاريخية الواردة من الذكاء الاصطناعي.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
"أوبن إيه آي" تكشف عن وضع جديد مخصص للطلاب
أعلنت " أوبن إيه آي" عن وضع جديد داخل روبوت الذكاء الاصطناعي" شات جي بي تي" موجه خصوصا للطلاب لمساعدتهم على الدراسة بشكل أسهل وأيسر من النماذج الأخرى، وذلك وفق تقرير نشرته "إن بي سي". ويأتي وضع الدراسة الجديد كما أطلقت عليه الشركة من أجل تشجيع التفكير النقدي وطرح أسئلة تسهل الدراسة والفهم على الطلاب، وذلك في اختلاف واضح عن الوضع المعتاد الذي يقوم بإجابة الأسئلة دون الكشف عن آلية حلها كما أشار التقرير. وتقول ليا بيلسكي نائبة رئيس التعليم في "أوبن إيه آي" أن "شات جي بي تي" يستطيع تحسين المستوى الأكاديمي للطلاب بشكل ملحوظ عند استخدامه بطريقة ملائمة، مضيفة أن الوضع الجديد يمثل الخطوة الأولى في رحلة تحسين التعليم عبر "شات جي بي تي"، وذلك وفق ما ورد في التقرير. وتضيف الشركة أن واحدا من كل 3 أشخاص في سن الجامعة يستخدم "شات جي بي تي" في دراسته، لذلك كان يجب على الشركة تقديم الوضع الجديد، ويعتمد هذا الوضع على توجيه أسئلة إرشادية بدلا من الإجابة على الأسئلة بشكل مباشر. كما أكدت الشركة أنها استشارت معلمين وعلماء وخبراء تعليم فضلا عن الطلاب في أكثر من جامعة أثناء تطوير الوضع الجديد ليكون ملائما لاستخدامهم بشكل أفضل، وذلك وفق ما جاء في التقرير. ويتزامن طرح الوضع الجديد مع تصريحات سام ألتمان المدير التنفيذي لشركة "أوبن إيه آي" حول دور الذكاء الاصطناعي في التعليم، إذ يرى أنه يغير آلية التعليم في المستقبل تماما. ويشير التقرير إلى أن ألتمان ترك جامعة ستانفورد ولم يكمل دراسته بها، فضلا عن نيته عدم إدخال ابنه إلى الجامعة مستقبلا كما أوضح في أكثر من مقابلة سابقة. ويتوفر الوضع الجديد من "شات جي بي تي" مجانا لكل مستخدمي المنصة وكل المشتركين بها بدءا من يوم الخميس المقبل، على أن يصدر لنسخة الجامعات خلال الأسابيع القادمة حسب ما جاء في التقرير.


الجزيرة
منذ 10 ساعات
- الجزيرة
السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
في لحظة فارقة على الساحة التكنولوجية الدولية، جاء إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية نموذجا لغويا ضخما يُعد من بين الأفضل في العالم، بالتزامن مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ليدق ناقوس الخطر في الأوساط الاستخباراتية الأميركية. واعتبر ترامب ما جرى "جرس إنذار" في حين أقر مارك وارنر نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي "فوجئ" بسرعة التقدم الصيني، وفق مجلة إيكونوميست. وفي العام الماضي، أبدت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قلقها من احتمال أن يتفوق الجواسيس والجنود الصينيون في سرعة تبنّي الذكاء الاصطناعي"إيه آي" (AI) فأطلقت خطة طوارئ لتعزيز اعتماد المجالين الاستخباراتي والعسكري على هذه التقنية. وأوضحت المجلة في تقريرها أن الخطة تضمنت توجيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالات الاستخبارات ووزارة الطاقة (المسؤولة عن إنتاج الأسلحة النووية) بتكثيف تجاربها على النماذج الأحدث من الذكاء الاصطناعي، وتوثيق التعاون مع مختبرات القطاع الخاص الرائدة مثل أنثروبيك وغوغل ديب مايند، وأوبن إيه آي. وفي خطوة ملموسة، منح البنتاغون، في 14 يوليو/تموز الجاري، عقودا تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار لكل من تلك الشركات بالإضافة إلى "إكس إيه آي" المملوكة للملياردير إيلون ماسك ، بهدف تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي الوكيل الذي يمكنه اتخاذ القرارات، والتعلم المستمر من التفاعلات، وتنفيذ مهام متعددة من خلال تقسيمها إلى خطوات وتحكّمها بأجهزة أخرى مثل الحواسيب أو المركبات. لكن هذا السباق لا يقتصر -برأي إيكونوميست- على البنتاغون. إذ باتت نماذج الذكاء الاصطناعي تنتشر بسرعة داخل الوكالات الاستخباراتية، لتُستخدم في تحليل البيانات السرية والتفاعل مع المعلومات الحساسة. كما طوّرت الشركات نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت أن 26 من منتجاتها في الحوسبة السحابية حصلت على تصريح لاستخدامها في وكالات الاستخبارات. وفي يونيو/حزيران، أعلنت أنثروبيك عن إطلاق نموذج "كلود غوف" (Claude Gov) وهو روبوت دردشة جديد مصمم خصيصا للجهات العسكرية والاستخباراتية بالولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه يُستخدم بالفعل على نطاق واسع في جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية ، إلى جانب نماذج أخرى من مختبرات منافسة. منافسون آخرون ليست وحدها الولايات المتحدة التي تشهد مثل هذه التطورات، حيث تفيد المجلة أن بريطانيا تسعى إلى تسريع وتيرة اللحاق بالركب، ناقلة عن مصدر بريطاني رفيع -لم تُسمِّه- تأكيده أن جميع أعضاء مجتمع الاستخبارات في بلاده بات لديهم إمكانية الوصول إلى "نماذج لغوية ضخمة عالية السرية". وعلى البر الرئيسي للقارة، تحالفت شركة ميسترال الفرنسية -الرائدة والوحيدة تقريبا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى أوروبا- مع وكالة الذكاء الاصطناعي العسكري بالبلاد، لتطوير نموذج "سابا" (Saba) المدرّب على بيانات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ويتميز بإتقانه العربية ولغات إقليمية أخرى مثل التاميلية. أما في إسرائيل، فقد أفادت مجلة "+972" أن استخدام الجيش نموذج "جي بي تي-4" (GPT-4) الذي تنتجه شركة "أوبن إيه آي" قد تضاعف 20 مرة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة ، في مؤشر إلى مدى تسارع تبنّي هذه النماذج في السياقات العسكرية الحية. ورغم هذا النشاط المحموم، يقرّ خبراء داخل القطاع بأن تبنّي الذكاء الاصطناعي بأجهزة الأمن لا يزال متواضعا. وتقول كاترينا مولِّيغان المسؤولة عن شراكات الأمن في "أوبن إيه آي" إن اعتماد الذكاء الاصطناعي "لم يصل بعد إلى المستوى الذي نأمله". وحتى مع وجود جيوب من التميز، كوكالة الأمن القومي الأميركية، إلا أن العديد من الوكالات ما تزال تتخلف عن الركب، إما بسبب تصميمها واجهات تشغيل خاصة بها، أو بسبب الحذر البيروقراطي في تبني التحديثات السريعة التي تشهدها النماذج العامة. ويرى بعض الخبراء أن التحول الحقيقي لا يكمن في استخدام روبوتات دردشة فحسب، بل في "إعادة هندسة المهام الاستخباراتية نفسها" كما يقول تارون تشابرا المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي، والمدير الحالي للسياسات الأمنية في شركة أنثروبيك. لعبة تجسس بالذكاء الاصطناعي في المقابل، تُحذر جهات بحثية من المبالغة في الآمال المعقودة على هذه النماذج، حيث يرى الدكتور ريتشارد كارتر (من معهد آلان تورينغ البريطاني) أن المشكلة الأساسية تكمن في ما تُنتجه النماذج من "هلوسات" -أي إجابات غير دقيقة أو مضللة- وهو خطر كبير في بيئة تتطلب الموثوقية المطلقة. وقد بلغت نسبة الهلوسة في أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي "الوكيل" الذي تنتجه "أوبن إيه آي" حوالي 8%، وهي نسبة أعلى من النماذج السابقة. وتُعد هذه المخاوف -بحسب إيكونوميست- جزءا من تحفظ مؤسسي مشروع، خاصة في أجهزة مثل وكالة الاستخبارات والأمن البريطانية المعروفة اختصارا بحروفها الإنجليزية الأولى "جي سي إتش كيو" (GCHQ) التي تضم مهندسين لديهم طبيعة متشككة تجاه التقنيات الجديدة غير المُختبرة جيدا. ويتصل هذا بجدل أوسع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. فالدكتور كارتر من بين أولئك الذين يرون أن بنية النماذج اللغوية العامة الحالية لا تُناسب نوع التفكير السببي الذي يمنحها فهما متينا للعالم. ومن وجهة نظره، فإن الأولوية بالنسبة لوكالات الاستخبارات يجب أن تكون دفع المختبرات نحو تطوير نماذج جديدة تعتمد على أنماط تفكير واستدلال مختلفة. الصين في الصورة ورغم تحفّظ المؤسسات الغربية، يتصاعد القلق من تفوق الصين المحتمل. يقول فيليب راينر من معهد الأمن والتكنولوجيا في وادي السيليكون"لا نزال نجهل مدى استخدام الصين نموذج ديب سيك (DeepSeek) في المجالين العسكري والاستخباراتي" مرجحاً أن "غياب القيود الأخلاقية الصارمة لدى الصين قد يسمح لها باستخلاص رؤى أقوى وبوتيرة أسرع". وإزاء هذا القلق، أمرت إدارة ترامب، في 23 يوليو/تموز الجاري، وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات بإجراء تقييمات دورية لمستوى تبنّي الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأمنية الأميركية مقارنة بمنافسين مثل الصين، وتطوير آلية للتكيّف المستمر. ويجمع المراقبون تقريبا على نقطة جوهرية، وهي أن الخطر الأكبر لا يكمن في أن تندفع أميركا بلا بصيرة نحو تبني الذكاء الاصطناعي، بل في أن تظل مؤسساتها عالقة في نمطها البيروقراطي القديم. وتقول كاترينا مولِّيغان "ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (إيه جي آي AGI) لكن نخسر سباق التبني الفعلي له".


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
من بينها "صندوق البندورة المتجمد".. 4 مخاطر بيئية تواجه البشرية
يُسلّط تقرير "فرونتيرز 2025" الصادر عن برنامج الأمم المتحدة للبيئة الضوء على القضايا البيئية الناشئة قبل أن تتفاقم وتتحول إلى أزمات عالمية خطيرة. ورغم أن هذه القضايا قد تبدو حاليا محلية أو محدودة النطاق، فإن التدخل المبكر بالغ الأهمية لمنعها من أن تصبح تحديات واسعة النطاق. ويحدد التقرير الذي صدر بعنوان "ثقل الزمن- مواجهة عصر جديد من التحديات التي تواجه البشر والنظم البيئية" 4 قضايا مفصلية، تؤكد مدى تأثير تغير المناخ على الأنظمة البيئية والمجتمعات، وهي الميكروبات الجليدية الخامدة، والمخاطر المناخية على كبار السن، والتلوث بأنواعه، وزيادة معدل تشييد السدود. وقالت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة إنغر أندرسن في تقديمها للتقرير إن من الضروري اتخاذ إجراءات "لحماية البشر والطبيعة والاقتصادات من تهديدات ستتفاقم بمرور الوقت". ويكمن الخطر الأول حسب التقرير في ما سماه "صندوق البندورة المتجمد"، في إشارة إلى البكتيريا والكائنات الدقيقة المتنوعة الموجودة في الصفائح الجليدة والغلاف الجليدي منذ آلاف السنين. فمع المعدلات الحالية لسرعة ذوبان الصفائح والأنهار الجليدية جراء الاحترار المناخي، فقد تتم إعادة تنشيط هذه البكتيريا وحشدها في بيئات جديدة مختلفة، مما قد يُغير المجتمعات الميكروبية، ويُدخل مُسببات الأمراض والأوبئة الخطيرة في النظم البيئية، ويُسبب تدهور التنوع البيولوجي أو فقدانه. وبالإضافة إلى ذلك فإن سرعة ذوبان النطاقات الجليدية تهدد بشكل كبير المجتمعات في المناطق الساحلية التي ستواجه ارتفاعا في مستوى سطح البحر وقضم السواحل وفيضانات مدمرة. ومع الارتفاع القياسي في درجات الحرارة العالمية بسبب الاحتباس الحراري بات ذوبان الصفائح الجليدية نقطة تحول مناخي محتملة، وحتى لو تم كبح معدل الذوبان عبر خفض الانبعاثات، فإن التقرير يدعو إلى تقييم هذه التهديدات والاستعداد لمسببات الأمراض المحتملة والفيضانات المدمرة. مخاطر خفية كما يشير التقرير أيضا إلى المخاطر البيئية والمناخية الخفية الكامنة وراء تشييد آلاف السدود في مختلف أنحاء العالم بسبب زيادة الطلب العالمي على المياه والطاقة، التي غيرت أحيانا من مورفولوجية الأرض وتوزيع الكتلة على سطحها، وجزأت الأنظمة البيئية الطبيعية. فرغم الفوائد الكبيرة التي تحققها السدود، فإنها ألحقت الضرر أيضا بالمجتمعات الأصلية وطرق عيشها ومواردها، ودمرت النظم البيئية النهرية، من خلال تغيير خصائص الأراضي والموائل الطبيعية والأنواع، وكبح تدفق الرواسب والمغذيات. تشير التقديرات إلى أن السدود تمثل 4% من أسباب تغير المناخ. ويرى التقرير أن إزالة السدود والحواجز المائية تعد إستراتيجية أساسية لاستعادة صحة الأنهار، وقد اكتسبت زخما متزايدا، لا سيما في أوروبا وأميركا الشمالية، حيث تُزال السدود الكبيرة والقديمة التي أصبحت غير آمنة أو غير مجدية اقتصاديا. وقد برزت هذه الممارسة كإستراتيجية حيوية لاستعادة النظام البيئي، حيث أثبتت الأنهار والمسارات المائية قدرتها على التعافي والعودة إلى طبيعتها بمجرد إزالة العوائق. فمن خلال إعادة ربط الأنهار الطبيعية، تساعد إزالة السدود على عكس مسار تجزئة النظام البيئي، مما يُفيد التنوع البيولوجي المائي والبري، ويعزز القدرة على الصمود في مواجهة التحديات البيئية المستقبلية. ويطرح التقرير أيضا التحدي الديمغرافي أو "التقدم في السن في بيئة متغيرة"، كأحد المشاكل التي تواجه البشرية والأنظمة البيئية حيث يشهد العالم تحولات ديمغرافية وبيئية كبيرة، إذ من المتوقع أن ترتفع نسبة سكان العالم الذين تبلغ أعمارهم 65 عاما فأكثر من 10% عام 2024 إلى 16% بحلول عام 2050، لا سيما في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل. ويشير التقرير إلى أن تفاقم تغير المناخ والمخاطر البيئية، مثل موجات الحر وتلوث الهواء والمياه والفيضانات، يهدد كبار السن بشكل غير متناسب في مختلف أنحاء العالم وخاصة بالدول الفقيرة. ونظرًا إلى تأثير الظروف البيئية الحاسم على الصحة في مراحل متقدمة من العمر، يشير التقرير إلى ضرورة أن يُعطي التخطيط الحضري الاستباقي الأولوية للمدن الصديقة لكبار السن والمرنة، مع تقليل التلوث وتحسين إمكانية الوصول إليها، وتوسيع المساحات الخضراء لحماية هذه الفئة السكانية الضعيفة. ومن التحديات الرئيسية أيضا التي غالبا ما تكون خفية، حسب التقرير، إعادة تنشيط أو تعبئة الملوثات القديمة المدفونة في التربة والنفايات الكيميائية بسبب الفيضانات والسيول الجارفة. فقد شهد العديد من المناطق زيادة في وتيرة وحجم العواصف الشديدة، مصحوبة بأمطار غزيرة وفيضانات. ورغم إدراك واسع للآثار المباشرة لهذه الفيضانات على الحياة والبنية التحتية، فإن نتائجها غير المباشرة غالبا ما تُغفل. ومن القضايا التي يُستهان بها إعادة تنشيط الملوثات الكيميائية التي تكون في شكل مواد ثقيلة وملوثات عضوية خطرة وتوزيعها في رواسب الأنهار نتيجة للفيضانات المتكررة والشديدة، مما يُشكل تحديات بيئية وصحية، وتداعيات اجتماعية واقتصادية. ويدعو التقرير إلى ضرورة تقييم الرواسب لفهم المخاطر، وإعادة النظر في وسائل الحماية من الفيضانات عبر حلول طبيعية، واستثمار الجهود في إزالة التلوث بوسائل طبيعية، لكن الحل الأمثل يكون في إزالة أسباب التلوث بأنواعه، وخفض انبعاثات غازات الدفيئة التي تعد السبب الرئيسي في الانهيار المناخي.