
علماء وباحثون من 'كاوست' يقودون جُهدًا عالميًا للتصدي لتدهور الأراضي وتعزيز الأمن الغذائي
قادت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية 'كاوست'، فريقًا عالميًا لوضع إستراتيجيات عملية للحكومات بهدف وقف تدهور الأراضي وضمان الإمدادات المستدامة للغذاء.وتعاونت 'كاوست' في هذه الدراسة الدولية الجديدة مع علماء من خمس قارات، من بينهم أعضاء في 'مجتمع أيون'، وممثلون عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD)، لتقديم خارطة طريق تعكس مسار التدهور المتسارع للأراضي، الذي يهدد الأمنين الغذائي والمائي، فضلًا عن الاستقرار الاجتماعي، والتنوع الحيوي.ونُشرت الدراسة في دورية نيتشر (Nature)، حيث حددت ثلاثة إجراءات رئيسية يمكن أن تغيّر المسار بحلول عام 2050، وهي: زيادة إنتاج واستهلاك الغذاء من البحر، وخفض هدر الغذاء بنسبة 75%، واستعادة 50% من الأراضي المتدهورة.ويُهدر سنويًا ثلث الغذاء المنتج عالميًا، بما تتجاوز قيمته تريليون دولار أمريكي. وبحسب تحليل جديد للبيانات القائمة، تستهلك الزراعة حاليًا 34% من الأراضي الخالية من الجليد، وإذا استمر هذا الاتجاه، فستصل النسبة إلى 42% بحلول 2050.ويقترح العلماء إجراءات مباشرة، مثل تعديل الحوافز الاقتصادية، وتشجيع التبرع بالغذاء، والترويج لحصص وجبات أصغر في المطاعم، وهي خطوات من شأنها – إذا طُبقت – توفير نحو 13.4 مليون كيلومتر مربع من الأراضي.وفي شأن توسيع إنتاج المأكولات البحرية المستدامة، تسلّط الدراسة الضوء على أن تبني سياسات وتشريعات داعمة للاستزراع المائي سيخفف الضغط على الأراضي، ويحد من إزالة الغابات، ويعد الاستزراع المستدام للأحياء البحرية خيارًا عمليًا يمكنه زيادة إنتاج الغذاء بشكل ملحوظ، مع الإسهام في جهود استعادة الأراضي.وتُقدّر المساحة التي يمكن الحفاظ عليها عبر هذه السياسات بـ 17.1 مليون كيلومتر مربع، وهو ما يعادل، عند جمعه مع الأراضي التي ستُوفَّر نتيجة خفض هدر الغذاء، مساحة إجمالية تقارب مساحة قارة أفريقيا.أما دعم الإدارة المستدامة للأراضي، فتشكل المزارع الصغيرة، أو العائلية أكثر من 90% من المزارع حول العالم، وكثير منها يُطَبق بالفعل ممارسات الإدارة المستدامة للأراضي، حيث تؤكد الدراسة أهمية تبني سياسات تمكّن هذه المزارع من زيادة إنتاجها وتحسين الوصول إلى تقنيات الزراعة المستدامة، بما يحقق استعادة الأراضي، ويحافظ في الوقت ذاته على سبل عيش الأسر الزراعية.
وأكّد العلماء المشاركون، أن جميع هذه الحلول قابلة للتنفيذ، حيث قال أستاذ كاوست المتخصص عالميًا في تدهور الأراضي والمؤلف الرئيس للدراسة البروفيسور فرناندو مايستري: 'من خلال إعادة تشكيل النظم الغذائية، واستعادة الأراضي المتدهورة، وتسخير إمكانات المأكولات البحرية المستدامة، وتعزيز التعاون بين الدول والقطاعات، يمكننا أن نعكس مسار التدهور، ونعيد للأرض عافيتها'. مقالات ذات صلة
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ 2 أيام
- سعورس
«المملكة».. ترسم ملامح اقتصاد بحري آمن ومستدام
يوفّر 100 ألف فرصة عمل العام 2030 تواصل المملكة العربية السعودية جهودها لحماية النظم البيئية البحرية وضمان أمن الاقتصاد البحري «الاقتصاد الأزرق»، الذي يُنتظر أن يُسهم بما يقارب 22 مليار ريال ويوفّر نحو 100 ألف فرصة عمل بحلول عام 2030. وفي ظل هذا التوجه الطموح تبرز التحديات البيئية، وعلى رأسها تهديد الأنواع البحرية الغازية التي تنتقل إلى البيئات الجديدة عبر حركة الشحن أو أنشطة الاستزراع السمكي؛ مما يُشكّل ضغطًا متزايدًا على النظم البيئية الساحلية، وقد يؤدي إلى خسائر اقتصادية تُقدّر بعشرات المليارات عالميًّا سنويًّا. وللتصدي لهذا التحدي البيئي؛ شرعت جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية (كاوست) بالتعاون مع المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في تنفيذ مشروع علمي يُعنى برصد هذه الأنواع وتحليل مخاطرها؛ بهدف بناء قاعدة بيانات معرفية تُسهم في تحصين السواحل السعودية وتعزيز استدامة مواردها البيئية والاقتصادية. وأكد الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية الدكتور محمد قربان، أن الأنواع البحرية الغازية تُشكّل خطرًا بيئيًّا واقتصاديًّا متزايدًا، مبينًا أن حماية النظم البيئية البحرية أصبحت ضرورة ملحّة، لا سيما في ظل توسّع قطاعات حيوية مثل السياحة الساحلية، والاستزراع السمكي، والبنية التحتية المرتبطة بالبحر. وأشار إلى أن الشراكة البحثية مع كاوست تدعم قدرات المملكة في التعامل مع هذه التهديدات من خلال تطوير أدوات تقييم علمي، ونماذج مخاطر، وأنظمة إنذار مبكر، تُسهم في استباق التحديات البيئية، وتعزيز الأمن الأحيائي البحري. ويُنفّذ الباحثون ضمن هذا التعاون مسوحات بيئية في 34 موقعًا على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي، نتج عنها جمع أكثر من 10 آلاف عينة بحرية، حُدد من خلالها نحو 200 نوع يُحتمل أن يكون غازيًا، منها أكثر من 70 نوعًا غير محلي رُصد فعليًّا في المياه السعودية، وهو ما يعكس مدى تنوع التهديدات البحرية وضرورة التصدي لها بأساليب علمية متقدمة. وتقود الفريق البحثي الدكتورة سوزانا كارفالو، التي أوضحت أن المشروع يُمثّل خريطة معرفية شاملة للتنوع البيولوجي في البيئات الساحلية، إذ تُسجّل كل كائن حي بحسب زمان ومكان وجوده؛ مما يتيح تطوير برامج رصد ومراقبة دقيقة، ويُمهّد لتأسيس أنظمة فعالة للإنذار المبكر والاستجابة السريعة عند رصد أي تغيّرات بيئية ناتجة عن الكائنات الغازية. وفي إطار تأهيل الكوادر الوطنية شارك عدد من منتسبي المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية في ورشة عمل تخصصية نظمتها كاوست في مايو الماضي، تناولت بروتوكولات تقييم مخاطر الأنواع الغازية، وأثرها على البيئة والصحة العامة والصناعات البحرية، إلى جانب التدريب على تقنيات متقدمة مثل تحليل الحمض النووي البيئي (eDNA)، الذي يُعد من الأدوات الحديثة في الكشف المبكر والدقيق عن هذه الأنواع. من جهته أوضح مدير إدارة المحافظة على البيئة البحرية بالمركز عبدالناصر قطب، أن المشروع يستند إلى نهج علمي مزدوج يجمع بين البحث الميداني والتقنيات الحيوية المتقدمة، بما يُعزز قدرة المملكة على التعامل مع التحديات البيئية المستجدة. وأشار إلى أن الأنواع البحرية الغازية تُشكّل تهديدًا حقيقيًّا للتنوّع البيولوجي والمصايد والبنية التحتية الساحلية، الأمر الذي يستدعي تطوير آليات وطنية فعّالة للاستجابة السريعة، وبناء كوادر مدرّبة تملك الأدوات اللازمة للتصدي لهذه الأخطار. ويُجسّد هذا التعاون نموذجًا تكامليًّا بين المؤسسات البحثية والجهات البيئية الوطنية، لتعزيز المعرفة العلمية بالبيئة البحرية في المملكة، وتطوير سياسات مستدامة تُسهم في حماية التنوع الأحيائي، وضمان استمرارية النمو في قطاعات الاقتصاد الأزرق. إلى ذلك تدعم التنوع البيولوجي والسياحة والاقتصاد الأزرق. ومع امتداد ساحلي يزيد على 1,800 كيلومتر، تلعب المنطقة دورًا حيويًا في تعزيز النمو الاقتصادي المستدام والحفاظ على البيئة. وتركز رؤية 2030 على حماية الموارد البحرية واستخدامها المستدام، لضمان توافق التنمية مع أهداف الحفظ العالمية. وتركز الاستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر على الحفاظ على البيئة البحرية، والسياحة البيئية، والنمو الاقتصادي المسؤول، مما يوازن بين التنمية والاستدامة البيئية طويلة الأجل. ومن خلال إنشاء مناطق بحرية محمية، واستعادة المواطن الطبيعية، والمشروعات المستدامة المبتكرة، تهدف المملكة إلى تعزيز مكانتها كقائد في مجال الاستدامة البحرية، مع دعم المجتمعات المحلية وتنويع الاقتصاد. يشار إلى أن الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد أطلق الإستراتيجية الوطنية لاستدامة البحر الأحمر ، الهادفة لحماية النظام البيئي للبحر الأحمر، وتعزيز أطر التعاون لاستدامته، وتمكين المجتمع ودعم التحول إلى اقتصاد أزرق مستدام بما يحقق التنوع الاقتصادي ويتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030، والأولويات الوطنية لقطاع البحث والتطوير والابتكار التي أُطلقت مسبقًا، وأهمها استدامة البيئة والاحتياجات الأساسية. ويعد البحر الأحمر إحدى أكثر مناطق المملكة تميزًا وتنوعًا بيولوجيًا، فهو منطقة طبيعية تبلغ مساحتها 186 ألف كيلومتر مربع، وخط ساحلي بطول 1,800 كيلومتر، ورابع أكبر نظام للشعاب المرجانية في العالم، وموطن ل 6.2 % من الشعاب المرجانية في العالم، وأرخبيلًا يحتضن مئات الجزر. وتضع الإستراتيجية إطارًا وطنيًا شاملًا يوضح كيفية الحفاظ على الكنوز الطبيعية في البحر الأحمر وإعادة إحيائها، بما يضمن استمتاع المواطنين والمقيمين والزوار بها واستدامتها لأجيال قادمة. وتوضح الإستراتيجية إسهام حماية البيئة الطبيعية في إطلاق الإمكانات الاقتصادية للمنطقة والبدء في التحول إلى الاقتصاد الأزرق، مما يوجد فرصًا استثمارية للشركات المبتكرة في مختلف القطاعات البحرية، بما في ذلك السياحة البيئية ومصايد الأسماك والطاقة المتجددة، وتحلية المياه، والشحن البحري، والصناعة. ولدعم الاقتصاد الوطني، تستهدف الإستراتيجية بحلول عام 2030 زيادة تغطية المناطق المحمية البحرية والساحلية من 3 % إلى 30 %، ودعم وصول مساهمة الطاقة المتجددة إلى 50 % من مزيج الطاقة المستهدف، وتوفير آلاف الفرص الوظيفية المتعلقة بأنشطة الاقتصاد الأزرق، وحماية استثمارات المملكة في المشروعات السياحية في المناطق الساحلية مما يسهم في زيادة الناتج المحلي الإجمالي. وتستند الإستراتيجية على 5 أهداف إستراتيجية، هي: الاستدامة البيئية، والتنمية الاقتصادية، والتنمية الاجتماعية، والسلامة والأمن، والحوكمة والتعاون، وتضم 48 مبادرة نوعية جرى تطويرها لتحقيق طموحات المملكة في الاقتصاد الأزرق والأنشطة المتعلقة به. ويوضح إعلان الإستراتيجية الدور المحوري الذي تقوم به المملكة في حماية الموارد الطبيعية في ظل التحديات البيئية والمناخية التي يعيشها العالم اليوم، وترسم مسارًا جديدًا يجمع بين النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية. يُنفّذ الباحثون مسوحات بيئية على سواحل البحر الأحمر والخليج العربي تقرير - حازم بن حسين


صحيفة مكة
منذ 2 أيام
- صحيفة مكة
علماء من السعودية يقودون جهداً عالمياً للتصدي لتدهور الأراضي وتعزيز الأمن الغذائي
قادت جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) فريقاً عالمياً لوضع استراتيجيات عملية للحكومات بهدف وقف تدهور الأراضي وضمان الإمدادات المستدامة للغذاء. وتعاونت كاوست في هذه الدراسة الدولية الجديدة مع علماء من خمس قارات، من بينهم أعضاء في "مجتمع أيون" وممثلون عن اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD)، لتقديم خارطة طريق تعكس مسار التدهور المتسارع للأراضي، الذي يهدد الأمنين الغذائي والمائي، فضلاً عن الاستقرار الاجتماعي، والتنوع الحيوي. ونُشرت الدراسة في دورية نيتشر (Nature)، حيث حددت ثلاثة إجراءات رئيسية يمكن أن تغيّر المسار بحلول عام 2050، وهي: زيادة إنتاج واستهلاك الغذاء من البحر، وخفض هدر الغذاء بنسبة 75%، واستعادة 50% من الأراضي المتدهورة. خفض هدر الغذاء يُهدر سنوياً ثلث الغذاء المنتج عالميًا، بما تتجاوز قيمته تريليون دولار أمريكي. وبحسب تحليل جديد للبيانات القائمة، تستهلك الزراعة حالياً 34% من الأراضي الخالية من الجليد، وإذا استمر هذا الاتجاه، فستصل النسبة إلى 42% بحلول 2050. ويقترح العلماء إجراءات مباشرة، مثل تعديل الحوافز الاقتصادية، وتشجيع التبرع بالغذاء، والترويج لحصص وجبات أصغر في المطاعم، وهي خطوات من شأنها – إذا طُبقت – توفير نحو 13.4 مليون كيلومتر مربع من الأراضي. توسيع إنتاج المأكولات البحرية المستدامة تسلط الدراسة الضوء على أن تبني سياسات وتشريعات داعمة للاستزراع المائي سيخفف الضغط على الأراضي، ويحد من إزالة الغابات. ويعد الاستزراع المستدام للأحياء البحرية خياراً عملياً يمكنه زيادة إنتاج الغذاء بشكل ملحوظ، مع المساهمة في جهود استعادة الأراضي. وتُقدّر المساحة التي يمكن الحفاظ عليها عبر هذه السياسات بـ 17.1 مليون كيلومتر مربع، وهو ما يعادل، عند جمعه مع الأراضي التي ستُوفَّر نتيجة خفض هدر الغذاء، مساحة إجمالية تقارب مساحة قارة أفريقيا. دعم الإدارة المستدامة للأراضي تشكل المزارع الصغيرة أو العائلية أكثر من 90% من المزارع حول العالم، وكثير منها يُطَبق بالفعل ممارسات الإدارة المستدامة للأراضي. وتؤكد الدراسة أهمية تبني سياسات تمكّن هذه المزارع من زيادة إنتاجها وتحسين الوصول إلى تقنيات الزراعة المستدامة، بما يحقق استعادة الأراضي، ويحافظ في الوقت ذاته على سبل عيش الأسر الزراعية. ويؤكد العلماء المشاركون أن جميع هذه الحلول قابلة للتنفيذ، حيث قال البروفيسور فرناندو مايستري، أستاذ كاوست المتخصص عالمياً في تدهور الأراضي والمؤلف الرئيس للدراسة "من خلال إعادة تشكيل النظم الغذائية، واستعادة الأراضي المتدهورة، وتسخير إمكانات المأكولات البحرية المستدامة، وتعزيز التعاون بين الدول والقطاعات، يمكننا أن نعكس مسار التدهور، ونعيد للأرض عافيتها". وشارك في إعداد الدراسة من كاوست كل من البروفيسور المساعد هيلكي بيك، وأستاذ ابن سينا المتميز البروفيسور كارلوس دوارتي، والبروفيسور مات مكايب، والبروفيسور يوشيهيدي وادا، إلى جانب باحثي كاوست إميليو غيرادو، وتينغ تانغ، ومايكل مايس. و من مجتمع أيون كلاً من سمو الاميرة مشاعل الشعلان والاميرة نورة بنت تركي آل سعود.


Independent عربية
منذ 2 أيام
- Independent عربية
برنامج دولي لتمويل الأبحاث العلمية يهدد بإقصاء إسرائيل
تمضي آيلا ليفي (30 سنة) ساعات طويلة يومياً أمام شاشة الحاسوب وهي تبحث عن فرص أفضل في دول أخرى غير إسرائيل، تتيح لها الحصول على منح بحثية مرموقة وفرص تعاون دولية مجدية لمشروعها العلمي الذي يتعلق بتعزيز التنمية المستدامة، فهي كآلاف الباحثين والعلماء الإسرائيليين، تشعر وسط استمرار الحرب وتدهور الأوضاع الإنسانية في غزة، بوجود تهديد جوهري يواجه مستقبل البحث العلمي في إسرائيل، خصوصاً مع تفاقم العزلة الدولية التي وصلت أخطارها إلى حد المساس بمشاركتها في برنامج "هورايزن أوروبا"، الذي يعتبر أضخم برنامج على مستوى العالم للأبحاث العلمية والابتكار. وسيبت وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، في الـ29 من أغسطس (آب) الجاري، بقرار يدعو إلى فرض تعليق جزئي على مشاركة إسرائيل في البرنامج وحرمان المؤسسات الإسرائيلية، داخل إسرائيل، من الاستفادة من التمويل المخصص ضمن إطار مجلس الابتكار الأوروبي (EIC)، كرد على استمرار تل أبيب في عمليتها العسكرية ضد قطاع غزة، وعدم السماح بدخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية لسكانه. كما طالبت دول أوروبية بضرورة فتح تحقيق في شأن مدى التزام إسرائيل باحترام حقوق الإنسان والمبادئ الديمقراطية لدول الاتحاد، بعدما أشارت مسؤولة الشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس إلى أن إسرائيل تنتهك التزاماتها المتعلقة بحقوق الإنسان في قطاع غزة، في مخالفة صريحة ومباشرة للاتفاق في بنده الثاني. وعلى رغم الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها إسرائيل يومياً لإحباط القرار وإقناع دول صديقة بالوقوف إلى جانبها، إلا أن موافقة 15 دولة في الأقل، يمثل سكانها ما لا يقل عن 65 في المئة من عدد سكان الاتحاد، من أصل 27 دولة، كفيلة بتهديد مكانة إسرائيل العلمية والدولية بصورة غير مسبوقة، خصوصاً أن ثمة 12 دولة داخل الاتحاد اعترفت بالدولة الفلسطينية التي يتعين أن تضاف إليها فرنسا ومالطا والبرتغال وفنلندا ولوكسمبورغ، التي ستقدم على هذه الخطوة رسمياً الشهر المقبل، مما يعني أن الأكثرية المؤهلة للتصويت أصبحت متوافرة للموافقة على إجراءات ضد إسرائيل. تبادل بحثي ويشكل برنامج هورايزن أوروبا (Horizon Europe) الذي يمتد من عام 2021 وحتى 2027، وتبلغ موازنته الإجمالية نحو 95.5 مليار يورو (110 مليارات دولار)، الإطار التمويلي التاسع للاتحاد الأوروبي في مجال البحث والابتكار، ويعتبر امتداداً لبرنامج "هورايزن 2020". ويخصص البرنامج نحو 25 مليار يورو (29 مليار دولار) لمحور "العِلم الممتاز" الذي يشمل دعم المجلس الأوروبي للبحث العلمي، وبرامج التبادل البحثي، وتطوير البنى التحتية العلمية، فيما تبلغ موازنة "التحديات العالمية والتنافسية الصناعية" 53.5 مليار يورو (62 مليار دولار)، موزعة على سبع مجموعات تغطي مجالات مثل الصحة والمناخ والصناعة والزراعة، ويخصص محور "أوروبا المبتكرة" الذي يهدف إلى دعم المجلس الأوروبي للابتكار والمعهد الأوروبي للابتكار والتكنولوجيا مبلغ 13.5 مليار يورو (15.6 مليار دولار)، إلى جانب مبلغ إضافي قدره 3.3 مليار يورو (نحو 4 مليارات دولار) لتوسيع قاعدة المشاركة وتعزيز منطقة البحث الأوروبية. ووفقاً للموقع الالكتروني لـ"هورايزن أوروبا"، يهدف البرنامج إلى تحقيق النمو الاقتصادي والصناعي الأوروبي ومعالجة التحديات العالمية كأزمة المناخ، إضافة إلى تعزيز التنمية المستدامة، من خلال تعزيز التعاون بين الكيانات البحثية في دول الاتحاد والدول الشريكة ودعم البحث العلمي والتقنيات المتقدمة التي من شأنها خلق فرص عمل وتفعيل الطاقة البشرية الأوروبية، وتحقيق أقصى أثر للاستثمار في مجال الابتكار ضمن مساحة بحث أوروبية موحدة. سابقة تاريخية صحيفة "معاريف" الإسرائيلية وصفت القرار الذي يناقش للمرة الأولى استبعاد إسرائيل من برنامج علمي بهذا الحجم، بأنه "سابقة تاريخية"، مشيرة إلى أن القرار جاء بطلب مباشر من أيرلندا وإسبانيا، في ظل تصاعد الانتقادات الأوروبية لسلوك إسرائيل العسكري في القطاع. وفي حال المصادقة على قرار تجميد عضوية إسرائيل، ستمنع الشركات الإسرائيلية من الحصول على منح من مجلس الابتكار الأوروبي، الذي يقدم تمويلات تصل إلى 2.5 مليون يورو (2.9 مليون دولار) لتطوير تقنيات ومنتجات مبتكرة، ولا سيما الشركات الناشئة والمؤسسات الصغيرة العاملة في مجالات الابتكار والتكنولوجيا الفائقة. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تعد إسرائيل أول دولة من خارج عضوية الاتحاد الأوروبي تنضم رسمياً إلى هذا البرنامج وأصبحت تعتبر شريكاً رئيساً في البرامج، خصوصاً بعد مشاركتها في برنامج "هورايزن 2020"، الذي عززت فيه حضوراً استثنائياً في إطار التعاون البحثي الممتدة بين عامي 2014 و2021. ووفقاً لبيانات المفوضية الأوروبية فقد نالت إسرائيل خلال الفترة بين عامي 2007 و2024، أعلى نسب النجاح للحصول على منح المجلس الأوروبي للبحث العلمي (ERC) على مستوى دول العالم، بنسبة بلغت نحو 20 في المئة مقارنة بمتوسط لا يتجاوز ثمانية في المئة لبقية الدول الأعضاء، إذ تصل قيمة المنحة الواحدة إلى نحو مليوني دولار، وهو الأمر الذي أهلها لتكون شريكاً كامل العضوية خلال الدورة الحالية. ووفقاً للمعطيات الأوروبية حتى أبريل (نيسان) 2025، وصل إجمالي المنح التي حصلت عليها إسرائيل من هذا البرنامج وبلغت حتى اليوم 225 منحة، نحو 831 مليون يورو (966 مليون دولار). ويعتبر "معهد وايزمان للعلوم" والجامعة العبرية في القدس وجامعة تل أبيب من أهم وأبرز الجامعات والمعاهد الإسرائيلية المشاركة في برنامج Horizon Europe، وقد أتاح تخصيص إسرائيل ما نسبته ثلاثة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبحث والتطوير، أن تحظى بعلاقة خاصة ومميزة مع الاتحاد الأوروبي، مكنتها من الانخراط في مشاريع بحثية وتكنولوجية كبرى. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) ركيزة أساسية وفقاً للتقديرات الإسرائيلية، فإنه في حال تفعيل قرار تعليق مشاركة إسرائيل في البرنامج، ستتكبد تل أبيب مبالغ طائلة كانت رصدت فعلياً لتمويل مشاريع ابتكار وتكنولوجيا متقدمة تشمل مجالات حيوية مثل الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي والتقنيات الخضراء والطب الحيوي، التي تقدر إجمالاً بنحو 150 مليون يورو (174 مليون دولار)، ناهيك باحتمالية تصفية عدد كبير من شركات التكنولوجيا الناشئة، التي تعتمد بصورة شبه كلية على التمويل الأوروبي، خصوصاً في مراحلها الأولى لتطوير النماذج الأولية، الأمر الذي قد يضع مزيداً من الضغوط والمقاطعات في محافل أكاديمية مختلفة تشارك فيها إسرائيل كبرنامج (EUREKA) لتطوير الصناعات التكنولوجية في أوروبا، ومبادرة الفضاء الأوروبية "غاليليو"، وبرنامج التنافس والابتكار. وبحسب موقع "ساينس بيزنس"، فإن الشركات الإسرائيلية قد تحرم من منح تسريع الابتكار، بما يؤثر في قدرتها على تطوير منتجات وتقنيات قريبة من السوق الأوروبية. وأشار موقع "بوليتيكو" الأميركي إلى أن الأنشطة العسكرية الإسرائيلية في غزة قد تؤثر مباشرة في تمويل التكنولوجيا الإسرائيلية، خصوصاً في مجالات الابتكار ذات الاستخدام المزدوج. وحذر "المجمع الوطني الإسرائيلي للعلوم والآداب" في مايو (أيار) الماضي، من "خطر فعلي على مستقبل العلاقات العلمية مع الاتحاد الأوروبي"، معتبراً أن التطورات السياسية الأخيرة بعد الحرب الاسرائيلية على غزة "تهدد بصورة جدية العلم الإسرائيلي والتعاون البحثي العابر للحدود". وبحسب بيانات إسرائيلية، انخفضت نسبة نجاح المشاريع الإسرائيلية في الحصول على المنح بصورة ملاحظة من أربعة إلى خمسة في المئة في السنوات السابقة إلى 1.7 في المئة أخيراً، كما انخفضت نسبة فوز العلماء الشباب بالمنح من 29 في المئة إلى تسعة في المئة فقط. وحملت وزيرة العدل السابقة تسيبي ليفني الحكومة الإسرائيلية الحالية التي وصفتها بـ"الكارثية"، مسؤولية ما نجم عن تدهور علاقات إسرائيل الدولية. تدابير عقابية من جهتها، دانت وزارة الخارجية الإسرائيلية توصية المفوضية الأوروبية، ورأت أنها "خاطئة ومؤسفة وغير مبررة"، وأنها لن تؤدي سوى إلى تقوية حركة "حماس"، بينما رأى مراقبون أن إسرائيل التي تمتعت طوال العقود الماضية بعلاقة وثيقة مع أوروبا، بدأت تشهد منعطفات خطرة وجذرية وعلاقات معقدة مع بعض دول الاتحاد، التي باتت تمتعض من سلوكها العسكري خلال الحرب على القطاع. وفيما لوحت بعض الدول بخطوات عقابية جدية، بدأت أخرى بملاحقة جنود شاركوا في الحرب قدمت في حقهم شكاوى في محاكم أوروبية، وصولاً إلى إعلان عدد من الدول وعلى رأسها فرنسا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية المستقلة. ويتخوف رئيس دولة إسرائيل إسحاق هرتسوغ من أن تدبيراً مثل هذا "من شأنه الإساءة لصورة إسرائيل، وأن يكون فاتحة لتدابير عقابية أخرى". وكشفت وثيقة أعدها الجهاز الدبلوماسي للاتحاد الأوروبي مطلع الشهر الماضي، عن احتمالية تعليق مشاركة إسرائيل أيضاً في برامج الاتحاد الأوروبي للطلاب والعلماء "إيراسموس بلس" للتبادل الطلابي كجزء من 10 خيارات أخرى ضد إسرائيل بعد "مؤشرات" حديثة توصلت إليها دائرة السياسة الخارجية بالاتحاد، مفادها بأن إسرائيل انتهكت التزاماتها بمجال حقوق الإنسان، وذلك في مراجعة لاتفاق الشراكة بين الاتحاد وإسرائيل، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2000، ويشكل أساس العلاقة بين الطرفين في ما يتعلق بالتجارة والتعاون الاجتماعي والبيئي. ومن بين الخيارات الأخرى الواردة في الوثيقة، التعليق الكامل أو الجزئي لاتفاق الشراكة الذي يمكن أن يشمل التعليق الجزئي للمعاملة التجارية التفضيلية أو الحوار السياسي مع إسرائيل. وذكرت الوثيقة أن الاتحاد بمقدوره أيضاً فرض عقوبات على وزراء إسرائيليين أو فرض حظر على الأسلحة التي يمكن استخدامها في غزة، إلى جانب منع سفر الإسرائيليين إلى دول التكتل من دون تأشيرة، وتتطلب معظم هذه الإجراءات التي تم طرحها موافقة جميع الدول الأعضاء بالاتحاد البالغ عددها 27 دولة أو غالبية منها، ويقول دبلوماسيون إن من غير الواضح ما إذا كان هناك استعداد من عدد كاف من الدول الأعضاء للمضي قدماً وبصورة جدية في أي من الخيارات المطروحة. وذكر تقرير للجنة رؤساء الجامعات الإسرائيلية أخيراً أن أكثر من 750 حالة "مقاطعة مثبتة" سجلت لها ولسلكها الأكاديمي منذ بداية الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، مشيرة إلى خسائر معنوية واقتصادية هائلة نتيجة هذه المقاطعة. وقالت نائبة رئيس جامعة تل أبيب للعلاقات الأكاديمية الدولية ميليت شمير إن المقاطعة بدأت في الولايات المتحدة ثم امتدت إلى أوروبا والعالم، ومعظم حالات المقاطعة تأتي من أوروبا، وأضافت "أصبحنا نتلقى أسبوعياً ما بين 7 و10 تقارير عن حالات مقاطعة، أي أكثر بثلاث مرات مما كان عليه قبل عام، والسبب هو الصور الصعبة من غزة وقتل الجائعين حول مراكز المساعدات".