السديس في خطبة الجمعة: الهجرة وعاشوراء دروس في اليقين والشكر والتوكل على الله
ولفت الشيخ السديس النظر إلى أن الله -عز وجل- أوحى إلى موسى وهارون -عليهما السلام- ليذهبا إلى فرعون لدعوته إلى التوحيد والإيمان وهذا درس عظيم في الدعوة إلى الله تعالى، وهو أن يلتزم الداعي إلى الله الرفق واللين والحوار، والدعوة إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، فخرج موسى ببني إسرائيل وتبِعهم فرعون وجنوده، فنظر بنو إسرائيل إلى فرعون قد ردِفهم، وقالوا: "إِنَّا لَمُدْرَكُونَ"، فكان الرَّدُّ الحازم من موسى -عليه السلام-: "كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ"، وهذا درس آخر في اليقين وحسن الظن بالله، موصيًا فضيلته بإحسان الظن بالله، والأخذ من تلك القصص والأحداث والأنباء الدروس والعبر والإثراء، وأنه على قَدْرِ اليقين الراسخ والإيمان الثابت لنبي الله موسى -عليه السلام- كانت الإجابة الفورية: "فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ"، فأغرق الله فرعون وقومه جميعًا، وكان ذلك في يوم عاشوراء، فكانت نعمة عظيمة على موسى ومن آمن معه من بني إسرائيل، فصام موسى -عليه السلام- هذا اليوم شكرًا لله تعالى، وصامه بنو إسرائيل، وهكذا تحقق النصر المبين والعاقبة للمتقين.
وبين الشيخ السديس أن في حدث الهجرة النبوية ما يُقرّر هذه السنة الشرعية والكونية: "إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا"، قال أبو بكر -رضي الله عنه-: "والله يا رسول الله لو نظر أحدهم إلى موضع قدمه لأبصرنا"، فقال -عليه الصلاة والسلام- بلسان الواثق بنصر ربه: "يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما، لا تحزن إن الله معنا".. إنه اليقين بنصر رب العالمين، ولهذا كان من أهمية هذا الحدث العظيم أن أجمع المسلمون في عهد عمر -رضي الله عنه- على التأريخ به اعتزازًا بالهوية الدينية والتاريخية والوطنية، مما ينبغي اقتفاء أثره والاعتزاز به فنحن أمة لها تاريخ وحضارة ورسالة على مر الأيام وتعاقب الأعوام.
وأوضح فضيلته أن منهج المسلم عند حلول الفتن الاتجاه إلى الله بالدعاء، وكثرة التوبة والاستغفار، وعدم الخوض فيما لا يعنيه، ورد الأمر إلى أهله، والإسلام يدعو إلى نبذ العنف وتحقيق الوئام والتفرغ للبناء والإعمار، والتنمية والإبهار والبعد عن الخراب والفساد والدمار، فما أحوج الشعوب إلى نبذ الحروب، وما أحوج البلاد والعباد إلى الأمن والسلام والرشاد، وفي قصة نبي الله موسى -عليه السلام- وهجرة المصطفى -صلى الله عليه وسلم- أنموذج عملي متكامل للنجاة من الفتن بالتمسك بشرع الله تعالى، وحسن الظن به، وجميل التوكل عليه.
وقال فضيلته: "فموسى ومحمد -عليهما السلام- حتى في لحظة الانتصار، أدَّيا حقَّ الشُّكرِ لربِّ العالمين، فكانا يصومان هذا اليوم -يوم عاشوراء- شكرًا لله على عظيم نِعْمَتِهِ"، وفي الصحيحين عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "قَدِمَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ- المدينةَ فرأَى اليهودَ يصومونَ يومَ عاشوراءَ فقال لهم: ما هذا اليومَ الذي تَصومونهُ؟ قالوا: هذا يومٌ صالحٌ، هذا يومٌ نَجَّى اللهُ فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى -عليه السلام-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أنا أحق بموسى منكم، فصامه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأمر بصومه".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الحدث
منذ ساعة واحدة
- الحدث
مملكة الأمان
عندما نتحدث عن بلد الأمن والأمان والاستقرار، لا بد أن نذكر المملكة العربية السعودية. إنها بلد يتميز بتوفير بيئة آمنة ومستقرة لمواطنيها والمقيمين فيها، حيث تعتبر السلامة والأمان من القيم الأساسية التي تحرص الحكومة السعودية على تعزيزها وتحقيقها. تعتبر المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر الدول استقرارًا في منطقة الشرق الأوسط، حيث تعمل الجهات المعنية بفعالية على توفير بيئة آمنة للجميع، سواء داخل المملكة أو خارجها. بفضل جهود القيادة الحكيمة والتزام المواطنين بالقوانين والأنظمة، تنعم المملكة بمستوى عالٍ من الأمان والاستقرار، مما يجعلها وجهة مفضلة للعيش والاستثمار. نسأل الله أن يديم على المملكة العربية السعودية هذه النعمة العظيمة، وأن يحفظها من كل مكروه ويزيدها تقدمًا وازدهارًا في جميع المجالات. إنها بلدنا الغالي، بلد الأمان والاستقرار، ونفخر بكوننا جزءًا منها.


الحدث
منذ ساعة واحدة
- الحدث
السديس في خطبة الجمعة: العام الهجري الجديد يذكرنا بالنصر والتمكين ويبعث التفاؤل
أوضح رئيس الشؤون الدينية بالمسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالرحمن السديس، في خطبة الجمعة اليوم من المسجد الحرام بمكة المكرمة، أنَّ منهج المسلم عند حلول الفتن هو الاتجاه إلى الله بالدعاء، وكثرة التوبة والاستغفار، وعدم الخوض فيما لا يعنيه، وردّ الأمر إلى أهله. وأشار إلى أن التأمل والتدبُّر في حوادث الأيام وتعاقبها مطلب شرعي وأمر إلهي، مستدلًّا بقول الله جلّ وعلا: ﴿لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ﴾ [يوسف: 111]. وقال السديس إنَّ استهلال عام هجري جديد يُذَكّرنا بأحداث عظيمة جليلة، كان فيها نصر وتمكين، وعزّ للمُرسَلين والمؤمنين، تبعث في النفس التفاؤل والأمل، وحُسن الظن بالله مع إتقان العمل. وتابع: إنها قصة موسى عليه السلام، وهجرة المصطفى سيد الأنام عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، وعلى قدر اليقين الراسخ والإيمان الثابت لنبي الله موسى عليه السلام، كانت الإجابة الفورية، فأغرق الله فرعون وقومه جميعًا، وكان ذلك في يوم عاشوراء، فكانت نعمة عظيمة على موسى ومن آمن معه من بني إسرائيل. وأضاف أن موسى عليه السلام صام هذا اليوم شكرًا لله تعالى، وصامه بنو إسرائيل، وهكذا تحقق النصر المبين والعاقبة للمتقين، داعيًا إلى حسن الظن بالله -عز وجل- وأخذ العِبر والدروس من هذه القصص والأحداث. وأشار إلى أن في حدث الهجرة النبوية ما يُقرّر هذه السنة الشرعية والكونية، ولهذا أجمع المسلمون في عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على التأريخ بها اعتزازًا بالهوية الدينية والتاريخية والوطنية، وهو ما يستوجب الاقتداء به والاعتزاز بهويتنا، فنحن أمة لها تاريخ وحضارة ورسالة على مرّ الأيام وتعاقب الأعوام. وبيّن السديس أن الإسلام يدعو إلى نبذ العنف وتحقيق الوئام، والتفرغ للبناء والإعمار، والتنمية والإبهار، والبعد عن الخراب والفساد والدمار، مؤكدًا أن الشعوب في أمسّ الحاجة إلى نبذ الحروب، وأن البلاد والعباد بحاجة إلى الأمن والسلام والرشاد. وقد ترجمت رئاسة الشؤون الدينية خطبة الجمعة اليوم، لأول مرة في المسجد الحرام، إلى 35 لغة؛ حيث حققت الخطبة مخرجات إثرائية مليونية، استمع لها وشاهدها وتابعها الملايين في مختلف أنحاء العالم.


حضرموت نت
منذ 3 ساعات
- حضرموت نت
وزير الأوقاف: استشهاد الشيخ صالح حنتوس جريمة بشعة بحق عالم أعزل.. والافتراء عليه يزيد الجريمة قبحًا
أدان معالي وزير الأوقاف والإرشاد الشيخ الدكتور محمد عيضة شبيبة الجريمة البشعة التي راح ضحيتها الشيخ الحافظ والمقرئ صالح حنتوس، مؤكدًا أن ما تعرض له هو 'اغتيال غادر وجريمة مكتملة الأركان' تُضاف إلى سجل الانتهاكات والجرائم التي تمارسها ميليشيا الحوثي بحق العلماء والدعاة والأبرياء في اليمن. وأكد معاليه أن الشيخ صالح قُتل في بيته، أعزل لا يحمل سلاحًا، في منطقة بعيدة لا تمثل تهديدًا لأي مرفق عسكري أو أمني، وهو ما يثبت بشكل قاطع زيف الادعاءات التي ساقها القتلة لتبرير فعلتهم النكراء. وقال معاليه: 'لقد قُتل الشيخ صالح حنتوس وهو في منزله، لا في مترس ولا في جبل، ولا في موقع يُشكل خطرًا على أحد، بل كان في بيته المتواضع مع زوجته وعمته المسنّة، بعيدًا عن أي صراع أو سلاح. فكيف يُقال عن رجل في هذا الحال إنه يُقاتل أو يشكل تهديدًا؟!'. وأضاف: 'لم يُعثر في بيته على سلاح، لا خفيف ولا ثقيل، ولا أي مؤشرات على وجود استعداد قتالي، بل إن الصور التي تداولها الناس تُظهر واقعًا بسيطًا وحياة متواضعة لا تليق بها كل تلك الادعاءات'. وتابع معاليه مؤكدًا: 'إن من استُشهد بهذه الطريقة لا يمكن وصفه إلا بـ الشهيد المظلوم، ضحية لجريمة سياسية مفضوحة، وادعاءات ملفقة ومكشوفة. لقد كان الشيخ صالح حنتوس من أنبل الناس وأشدهم رفضًا للصهيونية والعدوان، وقد سبق في نصرته لقضية فلسطين كثيرًا ممن يدّعون اليوم المقاومة'. وردًا على اتهامه بالداعشية، أوضح معاليه أن تلك الادعاءات 'ليست سوى محاولة رخيصة لخلط الأوراق'، مشيرًا إلى أن 'داعش والحوثيين وجهان لعملة واحدة، تجمعهما مرجعية واحدة، وتخدمهما أجندة واحدة'. واختتم معالي الوزير بالقول: 'رحم الله الشيخ الشهيد، وأسكنه فسيح جناته، وأخزى قاتليه ومن ساندهم أو برر لهم. وسنبقى أوفياء لدماء العلماء والدعاة، ولن ننسى هذه الجريمة، فهي وصمة عار في جبين من ارتكبها، وعارٌ في سجل كل من لاذ بالصمت أو باع ضميره'.