logo
الأهداف بالملاعب.. والموت في صنعاء وغزة

الأهداف بالملاعب.. والموت في صنعاء وغزة

عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية//
بينما كانت أنظار الملايين من العرب والمسلمين مشدودة إلى مباراة الكلاسيكو الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة، كانت أرواح أخرى تخوض مباراة حقيقية ضد الموت في صنعاء وغزة.. هناك، حيث لا هتافات ولا انتصارات، فقط بكاء أمهات، وقلوب تتكسر وركام منازل وأحلام مدفونة.. كلاسيكو من نوع آخر، لم تلتقطه عدسات العالم، ولم تهتف له الجماهير.
في ليلة أضاءتها شاشات المباريات وأطفأتها صواريخ الموت، كانت هناك قصص تكتب بدمع الأمهات ودماء الأطفال.. في حي 14 أكتوبر قرب المستشفى اللبناني بصنعاء، عاشت جدة يمنية لحظات بحث يائس عن ابنتها بتول وحفيدتها زهراء وحفيدها محمد، بين أنقاض منزل لم يكن سوى مأوى بسيط لعائلة تحلم بعيد قادم، لا أكثر.. وفي غزة، في بيت لاهيا، كانت أم فلسطينية تركض بين الجثث تبحث عن ابنتها حنين، بين قصف لم يرحم شاباً ولا شابة.
في تلك الليلة، حين كانت جماهير الأمة العربية والإسلامية تهتف في ملاعب أوروبا.. كانت جدة يمنية وأخرى فلسطينية تهتفان ببكاء صامت: 'يا رب.. رد لنا بناتنا.'
لكن الصمت والخذلان كان أبلغ من كل الإجابات.
كان الملعب يهتز لأجل أهداف في الشباك أو أهداف ضائعة، بينما في صنعاء وغزة كانت الحياة تهتز تحت وقع القنابل.. بين هتافات الجماهير وصراخ الأمهات، كانت الحقيقة تُعلن: نحن أمة تهتف للأقدام وتصمت للأشلاء.
كان صراخ المعلقين يهدر على الشاشات: 'أووووه! فرصة ضائعة لهدف محقق احرقت أعصاب الجماهير.. والله حرام.. عاشت صنعاء وعزة كابوساً أخر أهدرت فيه أرواح أمهات وأطفال، وحُرقت فيه أجساد بريئة.. فيا ترى هل فعلاً تعرف أمة الخذلان الحرام من الحلال؟.
وفيما كانت الجماهير العربية تهتف أمام شاشات التلفاز بحثًا عن هدف في شباك المنافس، اخترقت صرخة مُسنة مكلومة جدار الصوت والضمير: 'بتول بنتي.. وين بتول؟!' كان ذلك صوت جدة يمنية تبحث عن بنتها بين أنقاض منزل زوجها الذي سوي بالأرض.
الجدة كانت تركض بلا هوادة، بين حجارة متناثرة وأنقاض منازل محطمة، تلطم خدها كما كان يفعل عشاق الريال وبرشلونة من العرب.. تبحث عن ابنتها وأحفادها.. عن ومضة حياة واحدة تُعيدها من جحيم الانتظار.
في ليلة السبت الأسود.. لم يكن مساءً عادياً في صنعاء، كانت ليلة ثقيلة على صنعاء.. حيث ارتكبت الطائرات الأمريكية جريمتها الجديدة، استهدفت منزلًا مدنيًا بجوار المستشفى اللبناني، لم تفرق فيه بين حجر وبشر.. لم يكن الهدف معسكرًا ولا مخبأً للجنود ولا مخزناً للسلاح.. كان مجرد منزل، يحتضن زوجة حارس المبنى، وأمًا لطفلين، تحلم أن تكسوهما بملابس جديدة في عيد الأضحى القادم.
كانت صنعاء كلها، لا حي 14 أكتوبر فقط، تحبس أنفاسها مع الأسرة المنكوبة، تترقب خبرًا، تصلي من أجل معجزة، تبكي على كل نبأ عاجل يتردد بين ركام المدينة.
في حي 14 أكتوبر وأمام المستشفى اللبناني كانت الأم 'بتول' هناك، مدفونة جثة هامدة تحت كومة من الحجارة التي كانت قبل ساعات قليلة منزلاً دافئًا يملأه ضحك اطفالها 'زهراء الجومري' و'محمد' وأحلام العيد.
لم تكن بتول مقاتلة ولا قائدة ميدانية.. كانت فقط أمًا يمنية تحلم أن تشتري لأطفالها ثياب عيد جديدة.. زوجة حارس مبنى بسيط، لم تحمل سلاحًا إلا محبتها لطفليها.. لكن القنابل الذكية الأمريكية، التي تتباهى بدقتها، نسفت البيت والأحلام معاً.. نزعت عنها كل شيء: حلم العيد، حضن الأم، وضحكة الأطفال.
في غزة.. مشهد آخر للوجع ذاته
لكن المشهد لم يكن حكرًا على صنعاء وحدها.. في الطرف الآخر من الخريطة، على بعد آلاف الكيلومترات كانت غزة المثخنة بالجراح تصرخ هي الأخرى، في مشهد موازٍ كان يرسم ذات الألم.
في بيت لاهيا، أم فلسطينية تتجول بين الجثث، تبحث عن ابنتها حنين (26 سنة)، الشابة التي كانت قبل ساعات فقط تحلم في بيت زوجها بحياة بسيطة وسط ركام الموت.
'معها شنطة رمادي'، كانت الأم تردد وهي تحاول تمييز جثمان ابنتها وسط عشرات الشهداء الذين سقطوا تحت قصف إسرائيلي دموي ليلة 31 أكتوبر 2024.
نظرة واحدة إلى فردة حذاء ملطخة بالغبار والدماء، طبعاً ليس حذاء مبابي أو تشيزني أو مارتينيزو أو بيلينغجام، كانت كافية لتوثيق الفاجعة: نعم.. هذه جثة بنتي حنين.
الدمار، الركام، العيون الغارقة بالدموع ، الأصابع المرتجفة، والنداء البائس.. الأمهات اللاتي يبحثن بجنون بين أنقاض المنازل عن أبنائهن وبناتهن، وعن بقايا حياة قُتلت دون ذنب مشهد لن يفهمه إلا من ذاق مرارة الفقدان تحت القصف.
في صنعاء كما في غزة، تتشابه الوجوه المحترقة بالحزن.. الأمهات يبكين وسط الركام، يبحثن عن بقايا حياة بين ركام الدمار الذي خلفته قنابل لا تعرف للرحمة طريقًا.. الأطفال ينتظرون حضنًا لن يعود.
في اليمن كما في فلسطين، يُقتل الناس مرتين: مرة بالقصف، ومرة بالخذلان والصمت العالمي.
بتول اليمنية وحنين الفلسطينية، شهيدتان لم تجمعهما الجغرافيا ولكن وحدتهما الفاجعة.. وبينما كان العالم يتلوى فرحًا أو خيبةً لأجل كرة دخلت أو ضاعت، كانتا تغادران الحياة في صمت مطبق، تاركتين وراءهما صرخة أمهات لن يسمعها أحد.
تحرق الولايات المتحدة أحلام الأمهات في صنعاء، كما تفعل قوات الاحتلال الإسرائيلي بالأمهات في غزة.. وفي المقابل تحترق اخلاق وضمير وكرامة أمة المليار مسلم قبل أن تحرق أعصابهم على أهداف أهدرها هذا اللاعب أو ذاك.
في ملعب 'رامون سانشيز بيزخوان' في إشبيلية، ضاعت فرصة تسجيل هدف؛ وفي صنعاء وغزة، ضاعت حياة، هناك.. كانت تصرف المليارات الدولارات، وهنا.. كانت السماء تمطر قنابل بدلاً من ألقاب، وتغسل الأمهات والأطفال بالدم والرماد.
كان يمكن لبتول أن تحضن طفليها في العيد كما احتضن الحارس 'فويتشيخ تشيزني' كأس الملك الإسباني.. وكان يمكن لحنين أن تبتسم للحياة من جديد، كما ابتسمت جماهير برشلونة.
في النهاية، لم تعد بتول ولا عادت حنين.. لم يُسمع صوت صراخهما للعالم، تمامًا كما لم يسمع أحد أنين قلوب الجدات المكلومات.. كما سمعوا صراخ المعلقين عند تسجيل الأهداف.. العالم يصرخ للأهداف ويتشنج للفرص الضائعة، وفي صنعاء وغزة يتفرج.. صامتًا، كأنه يبارك القتلة بسكوته، أنها الخسارة بذاتها.. ويا لها من خسارة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مودريتش يعلن انتهاء مسيرته مع ريال مدريد
مودريتش يعلن انتهاء مسيرته مع ريال مدريد

اليمن الآن

timeمنذ يوم واحد

  • اليمن الآن

مودريتش يعلن انتهاء مسيرته مع ريال مدريد

أعلن النجم الكرواتي لوكا مودريتش، نجم ريال مدريد، أنه سيخوض مباراته الأخيرة على ملعب "سانتياجو برنابيو" أمام ريال سوسييداد، بعد 12 عامًا من الإنجازات والمجد بالقميص الأبيض. ونشر مودريتش الذي ينتهي عقده مع الملكي هذا الصيف، رسالة مؤثرة عبر حساباته الرسمية على منصات التواصل الاجتماعي، أكد فيها رحيله، بعد أن قرر النادي عدم تمديد عقده، في إطار خطة تجديد خط الوسط. وعلى الرغم من رغبة مودريتش (39 عامًا) في الاستمرار لموسم إضافي، إلا أن إدارة ريال مدريد اتخذت قرارها بالمضي قدمًا في مشروع جديد من دونه. ولن يكون رحيل مودريتش هادئا، بل سيحظى اللاعب الكرواتي بتكريم يليق بمكانته خلال مباراته الوداعية، التي تتزامن مع وداع المدرب كارلو أنشيلوتي أيضًا، الشريك في نصف البطولات الأوروبية التي حققها النجم الكرواتي. وقال مودريتش في رسالته المؤثرة: "لقد حان الوقت، اللحظة التي لم أكن أرغب في أن أصل إليها يومًا، لكنها حتمية.. السبت المقبل سألعب آخر مبارياتي على أرضية البرنابيو". وأضاف: "وصلت في 2012 بحلم ارتداء قميص أعظم نادٍ في العالم، وبطموح تحقيق الإنجازات. لم أكن أتخيل ما سيحدث لاحقًا. اللعب لريال مدريد غيّر حياتي، كلاعب وكإنسان. فخور لكوني جزءًا من واحدة من أنجح الحقبات في تاريخ هذا النادي العظيم". وتابع: "أشكر من أعماق قلبي النادي، وخاصة الرئيس فلورنتينو بيريز، وزملائي، والمدربين، وكل من ساندني خلال هذه السنوات. عشت لحظات لا تُنسى.. ريمونتادات، نهائيات، احتفالات، وليالٍ ساحرة في البرنابيو. فزنا بكل شيء، وكنت سعيدًا جدًا، جدًا. لكن الأهم من كل ذلك، هو حب جماهير ريال مدريد، الذي سأحمله في قلبي للأبد". وأردف: "لا أستطيع وصف العلاقة الخاصة التي تجمعني بكم. أشعر بالدعم والاحترام والحب دائمًا، ولن أنسى أبدًا كل لحظة تصفيق أو لفتة حنان منكم. أغادر بقلب ممتلئ بالفخر والامتنان والذكريات التي لا تمحى. وبعد كأس العالم للأندية، لن أرتدي هذا القميص داخل الملعب مجددًا، لكنني سأبقى مدريديًا إلى الأبد. ريال مدريد سيبقى دائمًا بيتي. هلا مدريد.. ولا شيء غيره". وعلى مدار 13 موسمًا، فاز مودريتش بكل الألقاب الممكنة، ليصبح أكثر لاعب تتويجًا في تاريخ ريال مدريد. وتشمل قائمة ألقابه 6 بطولات دوري أبطال أوروبا، 4 ألقاب دوري إسباني، لقبان في كأس ملك اسبانيا، 5 في كأس السوبر الإسباني، 5 ألقاب في كأس السوبر الأوروبي، و5 كأس العالم للأندية، إضافة إلى كأس القارات للأندية. وعلى المستوى الفردي، حصد مودريتش جائزة الكرة الذهبية لعام 2018، كاسرًا احتكار ميسي ورونالدو، بعد قيادته كرواتيا لنهائي كأس العالم وأداء استثنائي مع ريال مدريد.

تحديد موعد حفل الكرة الذهبية 2025
تحديد موعد حفل الكرة الذهبية 2025

اليمن الآن

timeمنذ 4 أيام

  • اليمن الآن

تحديد موعد حفل الكرة الذهبية 2025

سيُقام حفل توزيع جائزة الكرة الذهبية لأفضل لاعب في العالم في 22 سبتمبر من هذا العام، وسيكون عدد الجوائز المخصصة للنساء والرجال متساويا للمرة الأولى، وفقا لما أعلنه المنظمون، الاثنين. وأضافت مجلة "فرانس فوتبول" الفرنسية التي تقف خلف فكرة الجائزة الفردية الأكثر شهرة في عالم الكرة المستديرة والاتحاد الأوروبي لكرة القدم (يويفا) جوائز أفضل حارسة مرمى، وأفضل لاعبة شابة، وأفضل هدافة في نادٍ أو منتخب وطني هذا العام، وذلك في حفل سيُقام على مسرح شاتليه في العاصمة الفرنسية باريس. وسيوزع اجمالي 6 جوائز لكل من اللاعبين واللاعبات، بالإضافة إلى استحداث جائزة جديدة هي جائزة سقراط للأعمال التي تعزز التضامن، وهي متاحة للرجال أو النساء وسيتم الإعلان عن المرشحين للجوائز في أوائل أغسطس المقبل. وطغت مقاطعة ريال مدريد الإسباني للحفل على توزيع الجوائز العام الماضي بعدما علم النادي الملكي مسبقا بعدم فوز مهاجمه البرازيلي فينيسيوس جونيور بجائزة أفضل لاعب التي كانت من نصيب لاعب خط وسط مانشستر سيتي الإنجليزي لكرة القدم الإسباني رودري. وأحرزت مواطنة الأخير لاعبة وسط برشلونة أيتانا بونماتي جائزة أفضل لاعبة. اخبار التغيير برس العربية نت

بعد وصوله لهدفه 29 في الدوري الإسباني:بنزيما يسخر من كسر مبابي رقمه القياسي
بعد وصوله لهدفه 29 في الدوري الإسباني:بنزيما يسخر من كسر مبابي رقمه القياسي

وكالة الأنباء اليمنية

timeمنذ 4 أيام

  • وكالة الأنباء اليمنية

بعد وصوله لهدفه 29 في الدوري الإسباني:بنزيما يسخر من كسر مبابي رقمه القياسي

باريس - سبأ: سخر الفرنسي كريم بنزيما، مهاجم ريال مدريد الإسباني سابقا، من مواطنه كيليان مبابي الهداف الحالي للفريق الملكي، بسبب كسر رقم قياسي خاص به. ووصل كيليان مبابي إلى 29 هدفا في الدوري الإسباني هذا الموسم، ليقترب من التتويج بلقب هداف "لا ليغا" بعد ابتعاده بفارق اربعة أهداف أمام البولندي روبرت ليفاندوفسكي مهاجم برشلونة، وذلك قبل جولة من نهاية الدوري. وبات مبابي أفضل هداف فرنسي في الليغا خلال موسم واحد برصيد 29 هدفا، محطما رقم بنزيما الذي سجل 27 هدفا خلال الموسم (2021-2022)، وأصبح ثاني أفضل الهدافين الفرنسيين في البطولة المحلية للإسبان. وقام بنزيما بمشاركة منشور عن الإحصائية، لموقع "برايم فيديو" في نسخته الفرنسية، وعلق عليه قائلا: "وماذا في ذلك، يجب تقييم الأمور في كل وقت يا برايم فيديو؟!"، ولم يوضح بنزيما السر وراء كلماته، لكنه وضع وجوها تعبيرية ساخرة. يذكر أن كريم بنزيما وكيليان مبابي لعبا معا في منتخب فرنسا خلال كأس أمم أوروبا 2000، ثم حققا معا دوري الأمم الأوروبية عام 2021.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store