أحدث الأخبار مع #عبدالكريممطهر


وكالة الصحافة اليمنية
منذ 5 أيام
- صحة
- وكالة الصحافة اليمنية
الطفولة في غزة لا تكبر بل تذبل.. مأساة طفلة يقتلها الجوع بصمت
عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية// في أحد أزقة مخيم البريج وسط قطاع غزة، تجلس الطفلة رهف عياد (12) عاما، على قطعة إسفنج مهترئة في زاوية منزل يكاد يخلو من كل شيء.. لا ألعاب، لا طعام، و لا حتى فرشاة تمشط بها شعرها المتساقط.. جسدها النحيل يتحدث عن معركة من نوع آخر، معركة تُخاض بلا سلاح، ضد الجوع والهزال وسوء التغذية. رهف تحارب هي الأخرى… لكن ليس بالقصف، بل تُصارع الجوع، وتحاول بأطرافها النحيلة أن تتشبث بالحياة، بعدما أنهك سوء التغذية جسدها الذي يتحدث عن حصار لا يقل خطورة عن القصف بالصواريخ.. حوّل الأطفال إلى أشباح تبحث عن كسرة خبز.. لا عن لعب أو مدارس. فقدت رهف جزءًا كبيرًا من وزنها، وشُخّصت بحالة متقدمة من سوء التغذية، بعدما أصبح تأمين الغذاء مهمة شبه مستحيلة لعائلتها المحاصرة خلف أبواب مغلقة، ومعابر مقفلة، وصمت عربي ودولي مطبق. منذ بداية العدوان الإسرائيلي على غزة، لم تتوقف الغارات، لكن ما توقف فعلاً هو كل ما يُبقي الحياة ممكنة.. الغذاء، المياه، الرعاية الطبية.. كلها باتت نادرة، الحصار اشتد.. والجوع تسلل إلى البيوت مثل دخان، لا يُرى لكنه يخنق. رهف ليست حالة استثنائية، بل واحدة من آلاف الأطفال الذين سحقهم الجوع، والذي اشتدّت قسوته مع استئناف العدوان منتصف مارس الماضي.. الحصار لم يترك للطفولة سوى الرماد، وصادر من الصغار أحلامهم، بل وحتى احتياجاتهم البسيطة. الطفلة رهف مثال مؤلم على هذا الواقع.. كانت فتاةً نشيطةً تحب اللعب والضحك، لكنها اليوم بالكاد تقوى على الوقوف.. تقول والدتها بصوت مثقل باليأس: 'رهف تغيّرت كثير.. ما بتقدر توقف، وجهها صار شاحب، وشعرها تساقط وبطنها تنتفخ أحيانًا من قلة الأكل.. بنخاف عليها كل يوم يمرّ.' معابر مغلقة.. وأفواه مفتوحة الحصار لم يعد فقط من الاحتلال الإسرائيلي، بل تشارك فيه دول عربية.. المعابر مغلقة، والمساعدات محاصرة، والعالم يشاهد من بعيد، المواد الغذائية لا تدخل، والإغاثة تُمنع، ورفوف المتاجر فارغة إلا من الغبار. العدوان على غزة لم يعد مجرد قصف ومجازر، بل تحوّل إلى حرب تجويع مُمَنهجة، تُمارَس بدم بارد.. ليس فقط من الاحتلال الإسرائيلي، بل تشارك فيه دول عربية.. المعابر مغلقة، والمساعدات محاصرة، المواد الغذائية لا تدخل، والإغاثة تُمنع، ورفوف المتاجر فارغة إلا من الغبار. وبحسب تقارير أممية، فإن أكثر من نصف أطفال القطاع يعانون من سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي، ونحو 80% من السكان يعتمدون كليًا على مساعدات إنسانية شبه معدومة حاليًا بفعل الحصار ومنع دخول الشحنات الإغاثية. أما الجهات الطبية، فتقرع نواقيس الخطر، تقف عاجزة أمام تصاعد حالات سوء التغذية الحاد، لا سيما بين الأطفال، في ظل شُحّ الإمكانيات وانعدام الوقود والمستلزمات الطبية. رهف لا تطلب الكثير رهف لا تفهم شيئًا في السياسة ولا في خرائط المعابر المغلقة، ولا تدري من يمنع دخول الطعام أو من يغلق الحدود، ولا تعرف عن 'فيتو' دولي.. لكنها تدرك جيدًا ماذا يعني أن يقرصك الجوع كل ليلة، وتعرف كيف يبدو الليل حين تنام على معدة خاوية، وأن تستيقظ وأنت تبحث عن وجبة فلا تجد. بعينيها الغائرتين بدموع الحسرة والألم ووجهها الشاحب، تهمس بصوت مرتجف: 'أنا مش زي الأطفال برا.. بس بدي أكل.. بدي ألعب واقفة مع إخوتي… وبدي أمشط شعري.' كلماتها البسيطة تختصر مأساة جيل بأكمله، جيل يُولد ويكبر في سجن مفتوح، وسط حرب لا تميز بين صغير وكبير، لا تُترك فيه فرصة للنمو أو الفرح، ولا مكان للطفولة أن تعيش في غزة، حيث لا تكبر الطفولة.. بل تتقلّص وتذبل. في غزة، الطفل لا يحلم بدراجة أو لعبة إلكترونية.. بل يبحث عن الرغيف، الأطفال هناك لا يشكون من الملل.. بل من الجوع. وبينما يستمر القصف وتشتد المجاعة، لا تزال رهف تنتظر.. لا قرارًا أمميًا، ولا تصريحًا بالدخول… بل كسرة خبز تصنعها والدتها من طحين المعكرونة والفاصوليا اليابسة. وفي ظل صمت عربي ودولي مخزٍ، تتآكل أجساد الأطفال في غزة بصمت، وتُخنق الطفولة في قطاع منكوب، يُحاصر بالحرب، ويُدفن بالجوع.


وكالة الصحافة اليمنية
٢٩-٠٤-٢٠٢٥
- ترفيه
- وكالة الصحافة اليمنية
الأهداف بالملاعب.. والموت في صنعاء وغزة
عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية// بينما كانت أنظار الملايين من العرب والمسلمين مشدودة إلى مباراة الكلاسيكو الإسباني بين ريال مدريد وبرشلونة، كانت أرواح أخرى تخوض مباراة حقيقية ضد الموت في صنعاء وغزة.. هناك، حيث لا هتافات ولا انتصارات، فقط بكاء أمهات، وقلوب تتكسر وركام منازل وأحلام مدفونة.. كلاسيكو من نوع آخر، لم تلتقطه عدسات العالم، ولم تهتف له الجماهير. في ليلة أضاءتها شاشات المباريات وأطفأتها صواريخ الموت، كانت هناك قصص تكتب بدمع الأمهات ودماء الأطفال.. في حي 14 أكتوبر قرب المستشفى اللبناني بصنعاء، عاشت جدة يمنية لحظات بحث يائس عن ابنتها بتول وحفيدتها زهراء وحفيدها محمد، بين أنقاض منزل لم يكن سوى مأوى بسيط لعائلة تحلم بعيد قادم، لا أكثر.. وفي غزة، في بيت لاهيا، كانت أم فلسطينية تركض بين الجثث تبحث عن ابنتها حنين، بين قصف لم يرحم شاباً ولا شابة. في تلك الليلة، حين كانت جماهير الأمة العربية والإسلامية تهتف في ملاعب أوروبا.. كانت جدة يمنية وأخرى فلسطينية تهتفان ببكاء صامت: 'يا رب.. رد لنا بناتنا.' لكن الصمت والخذلان كان أبلغ من كل الإجابات. كان الملعب يهتز لأجل أهداف في الشباك أو أهداف ضائعة، بينما في صنعاء وغزة كانت الحياة تهتز تحت وقع القنابل.. بين هتافات الجماهير وصراخ الأمهات، كانت الحقيقة تُعلن: نحن أمة تهتف للأقدام وتصمت للأشلاء. كان صراخ المعلقين يهدر على الشاشات: 'أووووه! فرصة ضائعة لهدف محقق احرقت أعصاب الجماهير.. والله حرام.. عاشت صنعاء وعزة كابوساً أخر أهدرت فيه أرواح أمهات وأطفال، وحُرقت فيه أجساد بريئة.. فيا ترى هل فعلاً تعرف أمة الخذلان الحرام من الحلال؟. وفيما كانت الجماهير العربية تهتف أمام شاشات التلفاز بحثًا عن هدف في شباك المنافس، اخترقت صرخة مُسنة مكلومة جدار الصوت والضمير: 'بتول بنتي.. وين بتول؟!' كان ذلك صوت جدة يمنية تبحث عن بنتها بين أنقاض منزل زوجها الذي سوي بالأرض. الجدة كانت تركض بلا هوادة، بين حجارة متناثرة وأنقاض منازل محطمة، تلطم خدها كما كان يفعل عشاق الريال وبرشلونة من العرب.. تبحث عن ابنتها وأحفادها.. عن ومضة حياة واحدة تُعيدها من جحيم الانتظار. في ليلة السبت الأسود.. لم يكن مساءً عادياً في صنعاء، كانت ليلة ثقيلة على صنعاء.. حيث ارتكبت الطائرات الأمريكية جريمتها الجديدة، استهدفت منزلًا مدنيًا بجوار المستشفى اللبناني، لم تفرق فيه بين حجر وبشر.. لم يكن الهدف معسكرًا ولا مخبأً للجنود ولا مخزناً للسلاح.. كان مجرد منزل، يحتضن زوجة حارس المبنى، وأمًا لطفلين، تحلم أن تكسوهما بملابس جديدة في عيد الأضحى القادم. كانت صنعاء كلها، لا حي 14 أكتوبر فقط، تحبس أنفاسها مع الأسرة المنكوبة، تترقب خبرًا، تصلي من أجل معجزة، تبكي على كل نبأ عاجل يتردد بين ركام المدينة. في حي 14 أكتوبر وأمام المستشفى اللبناني كانت الأم 'بتول' هناك، مدفونة جثة هامدة تحت كومة من الحجارة التي كانت قبل ساعات قليلة منزلاً دافئًا يملأه ضحك اطفالها 'زهراء الجومري' و'محمد' وأحلام العيد. لم تكن بتول مقاتلة ولا قائدة ميدانية.. كانت فقط أمًا يمنية تحلم أن تشتري لأطفالها ثياب عيد جديدة.. زوجة حارس مبنى بسيط، لم تحمل سلاحًا إلا محبتها لطفليها.. لكن القنابل الذكية الأمريكية، التي تتباهى بدقتها، نسفت البيت والأحلام معاً.. نزعت عنها كل شيء: حلم العيد، حضن الأم، وضحكة الأطفال. في غزة.. مشهد آخر للوجع ذاته لكن المشهد لم يكن حكرًا على صنعاء وحدها.. في الطرف الآخر من الخريطة، على بعد آلاف الكيلومترات كانت غزة المثخنة بالجراح تصرخ هي الأخرى، في مشهد موازٍ كان يرسم ذات الألم. في بيت لاهيا، أم فلسطينية تتجول بين الجثث، تبحث عن ابنتها حنين (26 سنة)، الشابة التي كانت قبل ساعات فقط تحلم في بيت زوجها بحياة بسيطة وسط ركام الموت. 'معها شنطة رمادي'، كانت الأم تردد وهي تحاول تمييز جثمان ابنتها وسط عشرات الشهداء الذين سقطوا تحت قصف إسرائيلي دموي ليلة 31 أكتوبر 2024. نظرة واحدة إلى فردة حذاء ملطخة بالغبار والدماء، طبعاً ليس حذاء مبابي أو تشيزني أو مارتينيزو أو بيلينغجام، كانت كافية لتوثيق الفاجعة: نعم.. هذه جثة بنتي حنين. الدمار، الركام، العيون الغارقة بالدموع ، الأصابع المرتجفة، والنداء البائس.. الأمهات اللاتي يبحثن بجنون بين أنقاض المنازل عن أبنائهن وبناتهن، وعن بقايا حياة قُتلت دون ذنب مشهد لن يفهمه إلا من ذاق مرارة الفقدان تحت القصف. في صنعاء كما في غزة، تتشابه الوجوه المحترقة بالحزن.. الأمهات يبكين وسط الركام، يبحثن عن بقايا حياة بين ركام الدمار الذي خلفته قنابل لا تعرف للرحمة طريقًا.. الأطفال ينتظرون حضنًا لن يعود. في اليمن كما في فلسطين، يُقتل الناس مرتين: مرة بالقصف، ومرة بالخذلان والصمت العالمي. بتول اليمنية وحنين الفلسطينية، شهيدتان لم تجمعهما الجغرافيا ولكن وحدتهما الفاجعة.. وبينما كان العالم يتلوى فرحًا أو خيبةً لأجل كرة دخلت أو ضاعت، كانتا تغادران الحياة في صمت مطبق، تاركتين وراءهما صرخة أمهات لن يسمعها أحد. تحرق الولايات المتحدة أحلام الأمهات في صنعاء، كما تفعل قوات الاحتلال الإسرائيلي بالأمهات في غزة.. وفي المقابل تحترق اخلاق وضمير وكرامة أمة المليار مسلم قبل أن تحرق أعصابهم على أهداف أهدرها هذا اللاعب أو ذاك. في ملعب 'رامون سانشيز بيزخوان' في إشبيلية، ضاعت فرصة تسجيل هدف؛ وفي صنعاء وغزة، ضاعت حياة، هناك.. كانت تصرف المليارات الدولارات، وهنا.. كانت السماء تمطر قنابل بدلاً من ألقاب، وتغسل الأمهات والأطفال بالدم والرماد. كان يمكن لبتول أن تحضن طفليها في العيد كما احتضن الحارس 'فويتشيخ تشيزني' كأس الملك الإسباني.. وكان يمكن لحنين أن تبتسم للحياة من جديد، كما ابتسمت جماهير برشلونة. في النهاية، لم تعد بتول ولا عادت حنين.. لم يُسمع صوت صراخهما للعالم، تمامًا كما لم يسمع أحد أنين قلوب الجدات المكلومات.. كما سمعوا صراخ المعلقين عند تسجيل الأهداف.. العالم يصرخ للأهداف ويتشنج للفرص الضائعة، وفي صنعاء وغزة يتفرج.. صامتًا، كأنه يبارك القتلة بسكوته، أنها الخسارة بذاتها.. ويا لها من خسارة.


وكالة الصحافة اليمنية
٢٠-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- وكالة الصحافة اليمنية
استهداف مقابر صنعاء تثير موجة سخرية عالمية: هل بلغ التخبط الأمريكي ذروته؟
عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية// في مشهد غير مسبوق يختلط فيه العبث العسكري بالسخرية السياسية، شنت الطائرات الأمريكية، مساء السبت، غارات جوية استهدفت مقبرتين في العاصمة اليمنية صنعاء، في خطوة وُصفت بأنها 'الأكثر تخبطًا' منذ بدء تصعيد العدوان الأمريكي في اليمن. التصعيد الأمريكي الجديد وصفه سياسيون وناشطون بـ'الأكثر عبثية'، ما أثار موجة سخرية واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي، وسط تساؤلات عن جدوى التصعيد العسكري الأمريكي في اليمن. الغارات استهدفت مقبرة ماجل الدمة في مديرية الصافية ومقبرة النجيمات في مديرية السبعين وسط العاصمة، دون وقوع ضحايا من الأحياء، في حين تناقلت مواقع يمنية تقارير 'ساخرة' عن إصابة 3 من الموتى بجروح متفاوتة، وسط دهشة الأهالي من تحويل مقابر الأموات إلى أهداف عسكرية. الحدث، سرعان ما تحوّل إلى مادة دسمة للسخرية على منصات التواصل الاجتماعي، حيث سخر رئيس تحرير صحيفة 'هيواد' الأفغانية، الدكتور شريف میاشتینۍ، من الحادثة بتغريدة نشرها على منصة 'إكس'، قال فيها: 'طائرة B-2 الشبح الأمريكية 'المرعبة' تقصف الليلة مقبرتي أموات بالعاصمة صنعاء.. هل هذا يدل على أن ترامب قد أعاد أمريكا عظيمة من جديد أم حولها إلى مسخرة؟!' وفي ردود أفعال شعبية، غصّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات لاذعة، أبرزها ما كتبه أحد النشطاء: 'قد سمعتم عن أحد ضرب ميت وهرب؟ إلا ترامب!'، في إشارة إلى عدم منطقية استهداف مقابر لا تضم سوى الأموات. وفي سياق التهكم، تداول ناشطون تعليقًا ساخرًا منسوبًا للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش جاء فيه: 'يعرب عن قلقه من استهداف المقابر ويدعو جميع الأموات في مقابر صنعاء إلى ضبط النفس وتفادي التصعيد.' وفي تطور لافت، نسبت وسائل إعلام محلية ودولية إلى القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى تصريحًا عاجلًا مفاده: 'قصفنا المقابر في صنعاء بهدف القضاء على الحوثيين من جذورهم.' العبارة أثارت عاصفة من التهكم، وكتب أحد النشطاء: 'هكذا يبدو الاجتثاث على الطريقة الأمريكية، يبدأ من المقابر وينتهي بالكوميديا!' وكانت وسائل إعلامية سبقته بخبر آخر لا يقل سخرية عن البنتاغون، جاء فيه: 'نفذنا غارة دقيقة على اجتماع سري للأموات في إحدى مقابر صنعاء، كانوا يخططون لشن هجمات ضد مصالح أهل جهنم.' ووصل الأمر ببعض النشطاء إلى إطلاق حملات تبرع بالدم على سبيل السخرية، من بينها: 'مطلوب متبرعين بالدم من فصيلة O+ لضحايا العدوان الأمريكي من الموتى في ماجل الدمة والنجيمات'، وهو ما يعكس حالة الاستهجان الشعبي حيال ما بات يُنظر إليه كفشل أمريكي في إدارة تصعيد العدوان العسكري ضد اليمن. من جانبه، عبّر ناشطون يمنيون عن استغرابهم من أن تكون المقابر صارت أهدافًا عسكرية، متسائلين: 'هل بلغ العجز بالولايات المتحدة لدرجة أنها لم تجد غير الأموات هدفًا لضرباتها؟!' وفي الوقت الذي تواصل فيه الولايات المتحدة هجماتها تحت ذريعة 'حماية الملاحة الدولية'، يرى مراقبون أن مثل هذه الضربات العشوائية – التي وصلت حد استهداف الموتى – تكشف حجم التخبط في الاستراتيجية الأمريكية، وتفتح الباب أمام تساؤلات مشروعة عن أهداف هذا التصعيد وجدواه السياسية والعسكرية. ويرى مراقبون أن الضربات الأخيرة تعكس الإفلاس التكتيكي والسياسي للولايات المتحدة، التي فشلت في إحداث أي تغيير استراتيجي على الأرض، فلجأت إلى ضرب 'جذور' الخصم بطريقة حرفية وساذجة في آنٍ معًا. ويشير المراقبون إلى أن هذا التطور يكشف مدى التخبط في الاستراتيجية العسكرية الأمريكية، التي لم تكتفِ بالفشل في تغيير المعادلة على الأرض، بل باتت محط تندر عالمي. فيما اعتبر آخرون أن ضربات من هذا النوع تعكس الإفلاس الميداني والسياسي لواشنطن في إدارة ملف التصعيد العسكري باليمن، لا سيما بعد فشلها في إيقاف العمليات التي تستهدف الملاحة الإسرائيلية والمرتبطة بها في البحر الأحمر وخليج عدن. وفي ظل استمرار الضربات العبثية، تؤكد صنعاء أن ردها لن يتوقف، وأن ضربات الأعداء – أياً كانت أهدافها – لن تُثني الشعب اليمني عن موقفه في دعم فلسطين ومواجهة الهيمنة الأمريكية والصهيونية في المنطقة.


وكالة الصحافة اليمنية
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- منوعات
- وكالة الصحافة اليمنية
بين الركام والطبشورة المحترقة.. أطفال غزة يفقدون مدارسهم وأحلامهم
عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية// منذ اندلاع العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، أصبح صوت الجرس المدرسي جزءًا من ذاكرة باهتة في أذهان الأطفال، بعدما صمتت القاعات الدراسية وتحوّلت المدارس إلى ملاجئ للنازحين أو ركام تحت الأنقاض. أكثر من مليون طالب وطالبة حُرموا من حقهم في التعليم، وتوقفت الدراسة في معظم المناطق، وسط واقع إنساني مأساوي تُمزّق فيه الحقائب المدرسية، وتتناثر الدفاتر كما تتناثر الأحلام. جيل فلسطيني كامل يُطمر تحت أنقاض التعليم في غزة، لم يعد التعليم مجرد حق منسي، بل أصبح حلماً بعيد المنال في ظل استهداف المرافق التعليمية. وبين أنقاض المدارس المحطمة، وخيام النزوح التي لا تقاوم البرد ولا الجوع، يقف جيلٌ بأكمله مشوّه الحلم، تتسرب منه سنوات الطفولة كما يتسرب الحبر من دفاتر غطاها الغبار والدم. بحسب تقرير صادر عن منظمة 'يونيسف'، فإن حرمان الأطفال من التعليم لا يهدد فقط مستقبلهم، بل يعمّق من جراحهم النفسية، ويجعلهم أكثر عرضة للعزلة والصدمات.. التعليم، كما يقول التقرير، ليس رفاهية في الحروب، بل وسيلة للنجاة العقلية والوجدانية. رغم ذلك، تحاول بعض المبادرات المحلية والدولية إنقاذ ما يمكن إنقاذه.. مبادرات للتعليم الإلكتروني، وصفوف مؤقتة في الخيام، وجهود فردية من معلمين لا يتقاضون أجورًا، لكنها تبقى 'قطرات في محيط الألم'، كما يصفها أحد أولياء الأمور. في مدرسة 'الفاخورة' شمال القطاع، التي تحولت إلى مأوى لأكثر من 300 عائلة نازحة، تحاول المعلمة 'سمر' أن تحيي بعض الدروس داخل أحد الصفوف المتبقية.. تستخدم قطع الكرتون والسبورات المكسورة لإيصال فكرة هنا وهناك.. تقول: 'نعلّم تحت القصف، بدون طاولات ولا كتب.. لكن الأطفال ما زالوا يفتحون عيونهم بلهفة كلما ناديناهم: هيا نبدأ الدرس.' وتضيف المعلمة 'سمر' بحرقة: 'نحن لا نعلمهم فقط القراءة والكتابة.. نحن نحاول أن نزرع فيهم أملًا بالحياة المهددة بالموت في أي لحظة والتي باتت أقرب إليهم من حبل الوريد، في زمن لا يعرف سوى الدمار والموت.' منذ بدء العدوان الإسرائيلي، توقفت العملية التعليمية في معظم مناطق قطاع غزة.. أكثر من 300 ألف طالب وطالبة حُرموا من الوصول إلى مدارسهم، بحسب وزارة التربية والتعليم الفلسطينية.. كثير من المدارس إمّا دُمرت بالكامل، أو تحوّلت إلى ملاجئ للنازحين. في غزة، المدارس تحولت إلى مأوى.. والكتب صارت وسائد.. لم تُقصف المدارس فقط، بل قُصف الأمل.. وفي المقابل، التعليم ليس مجرد حق في غزة.. بل صرخة حياة. بين الركام، يرفع الأطفال دفاترهم المهترئة، يكتبون فيها أمنياتهم لا واجباتهم، ويكررون: 'بدنا نرجع على المدرسة.. بدنا نكمل تعليمنا.' في أحد أحياء غزة الشرقية، يجلس الطفل 'مالك' ذو التسعة أعوام على أنقاض مدرسة كانت بالأمس القريب تفتح له أبواب الأمل.. يحمل كتابه المهترئ، ويقلب صفحاته المتربة بصمت، كأنه يراجع حلمًا تبخر مع أول غارة جوية. يقول بصوت خافت: 'كنت أحب الحصص، خاصة الرياضيات.. كنت أحلم أصير مهندس، أبني بيوتًا قوية ما تنهدم زي بيوتنا ومدرستنا.' في صباحٍ باهت من صباحات غزة المثقلة بالدخان، كانت الطفلة روان (11 عاماً) ترتّب كتبها الممزقة داخل كيس بلاستيكي وجدته بين الركام. كانت تنتظر أن تعود إلى مدرستها يوماً ما، لكنها لم تكن تعلم أن مدرستها أصبحت جزءاً من ذاكرة محطّمة، مثل مئات المدارس الأخرى التي تحولت إلى أنقاض بفعل القصف الإسرائيلي المستمر منذ 7 أكتوبر 2023. 'دمروا المدرسة.. قتلوا المعلمة.. وقتلوا معها حلمي أن أصبح طبيبة'، تقول روان بصوت خافت وهي تشير إلى كومة الحجارة التي كانت في السابق فصلها الدراسي.. لقد تهجّرت أسرتها خمس مرات خلال الأشهر الماضية، ولم تكن تحمل معها سوى حقيبة صغيرة تحتوي على كتب مدرسية وبعض الذكريات. روان ليست وحدها.. تقول وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين 'أونروا' إن أكثر من 400 مدرسة في القطاع تعرضت للقصف المباشر، بينها 162 مدرسة تتبع لها.. هذه الأرقام المروعة، التي وثّقتها الوكالة عبر منشور حديث على منصة 'إكس'، لا تعبّر فقط عن أعداد الأبنية المدمّرة، بل عن مئات آلاف الأطفال الذين انقطعت دروبهم إلى التعليم. وتُشير 'أونروا' إلى أن 88% من المدارس في غزة أصبحت غير صالحة للاستخدام، بين مدمّرة جزئياً أو كلياً.. وهذا لا يعني فقط توقف الدراسة، بل انهيار البنية التعليمية، وتفاقم أزمة نفسية واجتماعية لن تُرمم بسهولة. وفي منشور على منصة 'إكس'، أوضحت الأونروا أن أكثر من 70% من مدارسها – التي لجأ إليها النازحون بحثاً عن مأوى، تحوّلت إلى أهداف مباشرة.. بعضها قُصف بينما كان الأطفال نياماً تحت نوافذها المفتوحة، وبعضها الآخر دُمّر وهم يحتمون في زواياه وتحولت هذه المدارس من ملاذات آمنة إلى قبور معلّقة، تروي مأساة من احتموا بجدرانها ذات يوم. 'كنا نعتقد أن المدرسة آمنة، أنها مكان للعلم فقط… لم نكن نعلم أنها ستُقصف ونحن نقرأ سورة الفاتحة'، تقول أم محمد، والدة أحد التلاميذ الناجين، بصوت مرتجف وهي تقف فوق ركام مدرسة خان يونس الإعدادية للبنين. في خضم هذا الدمار، لا يكتفي كيان الاحتلال بتدمير المدارس، بل تواصل حملتها السياسية لتقويض عمل 'أونروا'.. في 28 أكتوبر 2024، أقرّ 'الكنيست' قانونين يمنعان الوكالة من مزاولة أي نشاط داخل كيان الاحتلال، ويلغيان التسهيلات والامتيازات، ويمنعان أي اتصال رسمي معها. وقد دخل القرار حيز التنفيذ نهاية يناير الماضي، وسط حملات تحريض متواصلة تزعم – دون تقديم أدلة قاطعة – أن عدداً من موظفي الوكالة شاركوا في هجوم 7 أكتوبر. جيل بلا فصول لكن بالنسبة للأطفال كـ سليم، لا تعنيهم مزاعم كيان الاحتلال بحق 'الأونروا'.. ما يهمهم هو مقعد خشبي، قلم رصاص، ومعلم يقول لهم: 'أنتم المستقبل'. في أحد أزقة مخيم النصيرات، يسير الطفل سليم (9 أعوام) حافي القدمين، يجر حقيبته المدرسية الممزقة وقد التصق بها غبار القصف، يقف أمام بوابة مدرسته التي أصبحت الآن مجرد أنقاض.. لا لافتة، لا فصول، لا طابور صباحي، ولا حتى سبورة كتبت عليها معلمته بالأمس القريب جملة 'الوطن أكبر من الجراح'. مدرسة سليم، التابعة لوكالة 'أونروا'، كانت ملاذه اليومي من جحيم الحرب، لكنها أصبحت هدفاً في قائمة طويلة من المدارس التي استُهدفت بشكل مباشر من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي، منذ بداية العدوان على غزة في 7 أكتوبر 2023. ففي خيمة صغيرة نصبتها عائلة سليم بجوار مبنى مدمر، يُحاول الطفل أن يكتب على الأرض بالحجارة قائلاً: 'كنت أريد أن أصبح مهندساً، أبني مدرسة من غير سقف، علشان ما توقع علينا'، يقول بنبرة بريئة تُخفي وجعاً كبيراً. كلمات سليم تختصر مأساة جيل كامل، وُلد تحت الحصار، وترعرع بين صفارات الإنذار، والآن يُجبر على وداع المدرسة دون وداع حقيقي. ففي غزة، حيث يُفترض أن يكون التعليم طوق نجاة من دوامة الفقر والعنف، يُمنع آلاف الأطفال من الوصول إلى أبسط حقوقهم، لا لذنب اقترفوه، بل لأن العدوان الصهيوني اختار مقاعدهم الدراسية هدفًا.. وبينما يتعلّق أقرانهم في العالم بشهاداتهم الدراسية وأحلامهم الجامعية، يتعلّق أطفال غزة بأمل أن تعود المدرسة، وأن يُسمح لهم فقط بالتعلم.


وكالة الصحافة اليمنية
٠٨-٠٤-٢٠٢٥
- سياسة
- وكالة الصحافة اليمنية
لعبة الأطفال الأخيرة أمام المخبز.. موعد مع الموت في غزة
عبدالكريم مطهر مفضل/وكالة الصحافة اليمنية// يكبر الأطفال الفلسطينيون وسط دوامة من العنف والتهجير والحرمان من أبسط حقوق الطفولة، كاللعب، والتعليم، والدواء، وحتى كسرة الخبز. في غزة، حيث بات الرغيف كنزًا نادرًا في ظل الحصار وندرة المواد الغذائية، اصبحت قائمة الانتظار أمام المخابز مشهدًا يوميًا مألوفًا، كان مجموعة من الأطفال يقفون قرب أحد الأفران في حي النخيل المكتظ بالسكان شرق مدينة غزة، ينتظرون دورهم على أمل الحصول على الخبز كي يسدون الرمق. وبينما تأخر تجهيز الأرغفة، سرق الأطفال لحظات من براءة الطفولة، علّها تخفف من وطأة الانتظار وقرصة الجوع فلعبوا في الشارع الضيق، يملؤون الفراغ بأصوات ضحكاتهم، غير مدركين أن دقائق اللعب تلك ستكون آخر ما تبقى لهم من الحياة. 'ذلك الانتظار لم يُكتب له أن ينتهي بالخبز، بل بالموت'. فجأة، باغتتهم طائرات الاحتلال الإسرائيلي، وقصفت التجمع المكتظ بالمدنيين، مستخدمة قنابل أمريكية الصنع. سقطت تلك القنابل، على رؤوس الأطفال، فحالت بينهم وبين الرغيف الذي حلموا به لساعات. لم تكن هناك أهداف عسكرية، فقط أطفال يلعبون بأجساد نحيلة تنتظر ما يسد رمقها، وأمهات ينتظرن، وآباء يأملون. سقط الشهداء بالعشرات، بينهم أطفال لم يتموا عامهم العاشر، قُطعت أجسادهم الهزيلة، وتفرّقت ألعابهم الصغيرة بين الركام والدماء. مأساة كاملة في مشهد يصعب وصفه، وثّقته عدسات الصحفيين والناشطين على منصات التواصل الاجتماعي، أبٌ يحتضن جثة طفلته الصغيرة، يصرخ بحرقة: 'حسبنا الله ونعم الوكيل.. كلهم أطفال.. وحياة ربنا.. كانوا بيلعبوا في الشارع!'. صرخة اختصرت مأساة كاملة لشعب يذبح من الوريد إلى الوريد، وجسّدت وجعاً أكبر من أن يوصف.. صرخة تُلخص حجم الفاجعة، وتختصر جريمة تُرتكب بحق الطفولة في وضح النهار. المجزرة الأخيرة بحق براءة الطفولة في غزة لم تكن الأولى و يبدو أنها لن تكون الأخيرة، لكنها كانت فاضحة في تفاصيلها: استهداف مباشر لمكان لا يحمل إلا الجوع والبراءة، مكان اجتمع فيه الأطفال من أجل الخبز… فانتهى بهم الأمر أشلاء على الرصيف. فسياسة الحصار والتجويع لم تترك مجالاً للرحمة، بل أصبحت أحد أركان سياسة التهجير القسري، التي يسعى الاحتلال لفرضها بالقوة. وبينما تبقى أصوات الضحايا، ودموع الآباء والأمهات، دليلاً دامغًا على مأساة شعب لم يشهد لها العالم مثيلاً في القرن الحادي والعشرين.. وشاهداً حياً على جريمة لا يجب أن تُنسى، إلا أن ضمير العالم لا يزال صامتاً بشكل مريب ما يشجع الاحتلال على مواصلة ارتكاب جرائم حرب الإبادة الجماعية، كما شجعه على استخدام سياسة 'التجويع والقصف' كأداة لفرض التهجير القسري.