logo
خمسة أعوام من الانهيار: كم خسرت الرواتب من قيمتها؟

خمسة أعوام من الانهيار: كم خسرت الرواتب من قيمتها؟

شكّلت الرواتب في لبنان، قبل اندلاع الأزمة المالية في أواخر عام 2019، ركيزة للاستقرار النسبي الاجتماعي والاقتصادي، لا سيّما في القطاع العام الذي كان يوفّر مداخيل ثابتة ومضمونة. أما بعيد انفجار الوضع المالي والاقتصادي وتآكل العملة الوطنية ومعها الرواتب، انعدمت القدرة الشرائية مع تضخّم وصل إلى 221 % في العام 2023. اليوم، بعد مرور خمس سنوات على بدء الأزمة كم بلغت قيمة الرواتب (قدرتها الشرائية) مقارنة مع العام 2019؟
كان متوسّط راتب الموظف الإداري في شركة خاصة قبل 17 تشرين الأول 2019 يتراوح بين 1500 دولار و 2000 دولار لأصحاب الخبرات، وكان وقتها سعر الصرف بقيمة 1500 ليرة، في حين أنّ موظف القطاع العام كان يتقاضى راتبًا يتراوح بين 1000 و 2000 دولار وما فوق حسب الفئات. فيما كانت رواتب الوظائف الأعلى مثل المديرين في المؤسسات الخاصة أو القضاة تتراوح بين 4000 و 5000 دولار.
وقتها كان الحدّ الأدنى للأجور 450 دولارًا، أو 675 ألف ليرة. أما بعد بدء الانهيار المالي والاقتصادي في تشرين الأول 2019، فقد تغيّرت المعادلة، وانهار سعر صرف الدولار إلى نسبة تخطّت الـ 95 %. وبات الدولار عملة صعبة مع احتجاز أموال المودعين في المصارف، فانعدمت قيمة الرواتب التي باتت بالليرة اللبنانية وبات راتب القطاع العام الشهري يتراوح بين 100 و 150 دولارًا.
إلّا أنه وبعد إضراب الموظفين الإداريين وتعطيل الإدارات العامة لأشهر طويلة، تمّ إيجاد صيغة لمضاعفة الراتب الأساس لأكثر من 7– 9 أضعاف حسب الفئة، رفع بدل النقل اليومي إلى نحو 450,000 ليرة (9 ملايين ليرة شهريًا)، ويُضاف بدل "بنزين" حسب الفئة 8– 16 صفيحة شهريًا، إضافة إلى بدل مثابرة شهريًا يتراوح بين 15– 25 مليون ليرة بحسب الفئة.
وبذلك أصبح راتب موظف الفئة الثانية الذي كان يعادل قبل الأزمة 2000 دولار، حوالى 780 دولارًا. وأصبح راتب موظف الفئة الأولى (مدير) الذي كان يتراوح بين 5300 و 8000 دولار، نحو 1100.
هذا بالنسبة إلى القطاع العام، أما القطاع الخاص فدبّر ربّ العمل أمره شيئًا فشيئًا بعد احتجاز أمواله أيضًا في المصارف، وبات منذ العام الماضي قادرًا على زيادة الراتب إلّا أنه لم يرفعه إلى ما كان عليه قبل الأزمة تماشيًا مع السوق المحلية والحدّ الأدنى للأجور الذي لا يزال منخفضًا عند 200 دولارًا أو 18 مليون ليرة رغم تفاقم التضخم العالميّ والمحلّي، قبل ان يتم رفعه الأسبوع الماضي إلى 28 مليون ليرة أي نحو 310 دولارات والذي لا يزال دون الحدّ الأدنى المعتمد في 2019 بـ 140 دولارًا. أما الكلفة الدنيا للعيش فهي تبلغ نحو 1000 دولار استنادًا إلى الدراسات تماشيًا مع كلفة المعيشة المرتفعة.
نسبة الانخفاض بين اليوم و 2019
في هذا المجال، أوضح رئيس "تجمع الشركات اللبنانية" باسم البوّاب لـ "نداء الوطن" أنه إذا تمّ تعديل الحدّ الأدنى للأجر إلى 28 مليون ليرة أي 310 دولارات، يكون الحدّ الأدنى للأجور بلغ 75 % ممّا كان عليه في السابق، عدا طبعًا إضافات التنقلات والتعويضات العائلية والطبابة.
فالقطاع العام يتقاضى اليوم نحو 40 % ممّا كان يحصل عليه في الفترة السابقة أي قبل الانهيار المالي والاقتصادي. مع الامتيازات التي يحصلون عليها مثل الطبابة وأقساط الجامعات والمدارس... تكون نسبة الراتب اليوم من الأجر الشهري قبل بدء الانهيار نحو 60 أو 70 %.
بالنسبة إلى القطاع الخاص، قال البوّاب: كنّا نشهد سنويًا ارتفاعات في رواتب القطاع الخاص حسب القطاعات. المستخدمون في المصارف مثلًا لم تصل قيمة رواتبهم إلى نسبة 50 أو 60 % من المبلغ الذي كانوا يتقاضونه سابقًا، بينما القطاعات التي تتعاطى بالتصدير والمصانع والتجارة والمطاعم والتكنولوجيا وصلت إلى أكثر ممّا كانت عليه في العام 2019، وتتراوح النسبة بين 50 و 60 % و 110 % أو 120 % بحسب كل قطاع عام أو خاص أي بمعدّل يتراوح بين 80 إلى 90 في المئة. ولكن نسبة إلى التضخّم كم يجدر أن تكون قيمة الرواتب؟
نسبة التضخّم إلى قيمة الراتب
في الحساب التقريبي لنسب التضخّم التراكمية في لبنان من تشرين الأول 2019 حتى حزيران 2025، سجّل لبنان في أيار 2025 نسبة تضخّم سنوية بلغت 14.44 %، وفقًا لأحدث البيانات الصادرة عن إدارة الإحصاء المركزي. ويأتي هذا الارتفاع مقارنةً بشهر نيسان إذ بلغ التضخّم 12.99 %، وآذار سجّل 13 %، ما يشير إلى مسار تصاعديّ ملحوظ في مستويات الأسعار خلال الأشهر الأخيرة.
أما على أساس شهري، فقد ارتفعت أسعار السلع والخدمات بنسبة 1.31 % بين نيسان وأيار، ما يعكس استمرار الضغوط التضخّمية في السوق اللبنانية، رغم الاستقرار في سعر الصرف الرسمي. وللعام 2025 توقّع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي أن تتراوح معدّلات التضخّم في لبنان خلال العام 2025 ما بين 15 و 16 %، في ظلّ استمرار الأزمة الاقتصادية وغياب الإصلاحات البنيوية.
وفي حال صحّت تلك النسب ومع تضخّم بنسبة 14.4 % في أيار 2025، بعد أن تجاوز في بعض السنوات نسبًا قياسية تخطّت الـ 200 %، يعني ذلك أن المواطن اللبناني يحتاج إلى زيادات متتالية وكبيرة في راتبه لتعويض التضخم الحالي، والخسائر التراكمية في السنوات الماضية.
فإذا افترضنا أن شخصًا كان يتقاضى راتبًا بقيمة 1,000 دولار في 2019، الحفاظ على القدرة الشرائية نفسها اليوم يتطلّب أن يصل راتبه إلى ما لا يقل عن 2,000 إلى 2,500 دولار شهريًا، أي بزيادة تفوق 200 %. وهذا الرقم لا يعكس ترفًا بل واقعًا فرضته الأزمة وانهيار العملة المحلية وتضخّم أسعار السلع والخدمات الأساسية.
وفي ظلّ الرواتب المتدنية مع عودة الأقساط المدرسية إلى السابق، وتضخّم الكلفة المعيشية في ظلّ الحروب والأحداث التي تحصل في المنطقة. وهناك شريحة واسعة من اللبنانيين عاجزة عن تلبية الحدّ الأدنى من احتياجاتها اليومية، وسط غياب إصلاحات اقتصادية شاملة وهيكلية تعيد التوازن إلى الأجور والأسعار.
باتريسيا جلاد - نداء الوطن
انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب
تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة.
انضم الآن
شاركنا رأيك في التعليقات
تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإيرادات ترتفع 25%.. صندوق الاستثمارات السعودي يكشف نتائجه السنوية
الإيرادات ترتفع 25%.. صندوق الاستثمارات السعودي يكشف نتائجه السنوية

بيروت نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • بيروت نيوز

الإيرادات ترتفع 25%.. صندوق الاستثمارات السعودي يكشف نتائجه السنوية

كشف صندوق الاستثمارات العامة السعودي عن نتائجه المالية السنوية لعام 2024، معلناً تحقيق نمو لافت في الأصول والإيرادات، رغم التحديات العالمية. ووفق القوائم الموحدة التي نشرها الصندوق عبر بورصة لندن للأوراق المالية، ارتفع إجمالي الأصول بنسبة 18% ليصل إلى 4.321 تريليون ريال بنهاية 2024، مقارنة بـ3.664 تريليون ريال في 2023، مع الحفاظ على مركز سيولة قوي بلغ 316 مليار ريال نقداً. كما قفزت الإيرادات السنوية بنسبة 25% لتصل إلى 413 مليار ريال، مدعومة بأداء قوي من شركات محفظة الصندوق، مثل 'سافي'، 'معادن'، 'STC'، 'البنك الأهلي'، وتوزيعات 'أرامكو'، فيما بلغ صافي الأرباح 26 مليار ريال، رغم ارتفاع معدلات الفائدة والتضخم عالمياً، مع خسائر محدودة لم تتجاوز 2% من إجمالي الأصول. وفي إطار تنويع أدوات التمويل، أتمّ الصندوق إصدار صكوك دولارية بقيمة 2 مليار دولار، وسندات بالجنيه الإسترليني بقيمة 650 مليون جنيه، إضافة إلى تجديد تسهيلات ائتمانية بقيمة 15 مليار دولار. وعلى صعيد الاستثمارات النوعية، شهد قطاع السياحة والترفيه تطوراً بارزاً مع افتتاح فنادق ومنتجعات في مشاريع البحر الأحمر والدرعية، وإطلاق شركة 'أديرا' لإدارة الفنادق، وتشغيل أولى رحلات 'أرويا كروز'، إلى جانب تقدم أعمال مشروع 'طيران الرياض'. كما أطلق الصندوق شركة 'سارك' المتخصصة بالسكن، ووقّع اتفاقية استراتيجية مع 'STC' لدمج أصول أبراج الاتصالات، وأسس شركة 'آلات' لدعم التصنيع المحلي، فضلاً عن إنشاء مركز ذكاء اصطناعي بالشراكة مع 'Google Cloud'، وإطلاق 'مجموعة نيو للفضاء'. وفي قطاع تأجير الطائرات، حققت شركة 'أفيليس' نمواً في الأرباح بنسبة 382%، مع زيادة الإيرادات بأكثر من 350%، وامتلاكها أسطولاً يضم 189 طائرة. أما في القطاع السكني، فقد توسعت شركة 'روشن' بإطلاق آلاف الوحدات الجديدة في مكة، جدة، والظهران، ضمن خطة دعم مشاريع الإسكان في المملكة. وتعكس هذه النتائج استمرار الصندوق في تعزيز مكانته كمحرك رئيسي لتحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، من خلال تنويع الاستثمارات، الالتزام بالانضباط المالي، ودعم التحول الاقتصادي الوطني. (روسيا اليوم)

أفضل أداء لليورو منذ سنوات… فهل يستمر الزخم في النصف الثاني من 2025؟
أفضل أداء لليورو منذ سنوات… فهل يستمر الزخم في النصف الثاني من 2025؟

النهار

timeمنذ ساعة واحدة

  • النهار

أفضل أداء لليورو منذ سنوات… فهل يستمر الزخم في النصف الثاني من 2025؟

شهد زوج اليورو/الدولار الأميركي واحدة من أقوى فتراته منذ قرابة أربع سنوات، إذ تجاوز مستوى 1.1700 للمرة الأولى منذ عام 2021، مدعوماً بضعف واضح في أداء الدولار الأميركي، وتزايد الثقة بالاقتصاد الأوروبي نسبياً مقارنةً بنظيره الأميركي. ويعكس هذا الأداء تحوّلاً في ميزان القوى بين العملتين، وسط تغيّرات جوهرية في التوقعات المرتبطة بالسياسة النقدية لكل من البنك المركزي الأوروبي والاحتياطي الفيدرالي الأميركي. ضعف الدولار الأميركي كان عاملاً محورياً في دعم اليورو، إذ انخفض مؤشر الدولار الذي يقيس قوة العملة الأميركية في مقابل سلة من العملات الرئيسية، إلى أدنى مستوياته منذ أكثر من عام ونصف عام، واقترب في نهاية الأسبوع الماضي من مستوى 97.00. ويأتي هذا التراجع في ظل تصاعد التوقعات بقيام الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة خلال اجتماعه في ايلولسبتمبر، بل تزايد الرهانات على مزيد من الخفوضات خلال ما تبقى من العام، في ظل مؤشرات متزايدة على تباطؤ الاقتصاد. رغم أن بيانات التضخم الأخيرة في الولايات المتحدة أظهرت ارتفاع مؤشر نفقات الاستهلاك الشخصي الأساسي إلى 2.7% في أيارمايو، وهو مقياس مفضل للفيدرالي، إلا أن الأسواق رأت في هذا الارتفاع المحدود دليلاً على تباطؤ وتيرة التضخم وليس العكس، مما دفعها للتمسك بتوقعاتها التيسيرية. بالإضافة إلى استمرار الضغوط السياسية في واشنطن، وتزايد المخاوف بشأن استقلالية الفيدرالي، ما ساهم في تعزيز حالة عدم اليقين وأضعف شهية المستثمرين حيال الدولار. إلى جانب ذلك، لعبت عوائد سندات الخزانة الأميركية دوراً بارزاً في حركة الدولار. فقد شهدت تراجعاً ملحوظاً خلال الأسابيع الماضية، مع تراجع العائد على سندات العشر سنوات دون مستوى 4.25%، وهو ما يعكس توقعات السوق بانخفاض الفائدة الفيدرالية في الأجل القريب . انخفاض العوائد يضعف جاذبية الدولار بالنسبة للمستثمرين الباحثين عن عائد أعلى، ويدفعهم إلى التوجه نحو عملات بديلة، وعلى رأسها اليورو، خصوصاً في ظل استقرار العوائد الأوروبية نسبياً. هذا التراجع في العائد الحقيقي بعد خصم التضخم, يجعل الدولار أقل جذباً كأصل استثماري، ويدعم العملة الموحدة في المقابل. على صعيد السياسة النقدية، يتزايد ترسخ الاعتقاد أن الفيدرالي سيتجه إلى خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع أيلولسبتمبر، مع احتمالات خفض إضافي في كانون الأولديسمبر، في حال واصلت البيانات الاقتصادية الإشارة إلى تراجع في النمو والتضخم. في المقابل، لا تزال توقعات البنك المركزي الأوروبي أكثر تحفظاً؛ فبعد أول خفض للفائدة في حزيران/يونيو، أشار صناع القرار إلى أن أي خطوات تيسيرية إضافية ستكون مشروطة بوضوح بمسار البيانات الاقتصادية، خصوصاً في ما يتعلق بتراجع التضخم واستقرار النمو. ورغم استمرار بعض التحديات الاقتصادية في منطقة اليورو، أبرزها ضعف مؤشرات الثقة وتراجع مؤشر المعنويات الاقتصادية إلى 94 في حزيران/يونيو، إلا أن الأسواق بدأت تلمس تحسناً تدريجياً في أداء القطاع الصناعي والخدمي في ألمانيا وفرنسا. ومع استمرار البنك المركزي الأوروبي في تبني نهج حذر ولكن مرناً، وعدم استعجاله في خفض الفائدة بشكل متتالٍ، فإن الفجوة بين السياسات النقدية الأوروبية والأميركية بدأت تصب في مصلحة العملة الموحدة. وعلى صعيد البيانات الاقتصادية المنتظرة هذا الأسبوع، من المقرر صدور مؤشرات مهمة من جانبي المحيط الأطلسي. في منطقة اليورو، يترقب المستثمرون بيانات التضخم الألماني والإجمالي لمنطقة اليورو، والتي ستكون حاسمة لتقييم مدى جدية البنك المركزي الأوروبي في الحفاظ على معدلات الفائدة من دون تغيير لمدة أطول. أما في الولايات المتحدة، فتتجه الأنظار إلى بيانات سوق العمل، وفي مقدمها تقرير الوظائف غير الزراعية (NFP) الجمعة، إلى جانب مؤشرات ثقة المستهلك من جامعة ميشيغان، والتي قد تقدم إشارات إضافية حول الحالة النفسية للمستهلك الأميركي. في المجمل، فإن المسار الحالي لزوج اليورو/الدولار يعكس تحوّلاً أساسياً في الديناميكيات الاقتصادية والنقدية بين الاقتصادين الأكبرين في العالم. استمرار ضعف الدولار، وتراجع عوائد السندات الأميركية، إلى جانب تحسن نسبي في مؤشرات اليورو، واختلاف وتيرة السياسات النقدية بين الفيدرالي والبنك المركزي الأوروبي، قد تدفع الزوج نحو مستويات أعلى خلال الفترة المقبلة، ما لم تظهر مفاجآت جوهرية في البيانات الأميركية المنتظرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store