
مفارقة فرنسية .. صناعة السيارات تبيع مركبات أقل وتحقق أرباحا قياسية
صناعة السيارات الفرنسية لديها مشكلة، تتمثل في بيع عدد أقل من السيارات. في 2019 باعت 2.21 مليون سيارة في فرنسا، وخلال الجائحة تراجعت المبيعات 25% ولم تستعد الصناعة عافيتها تمامًا حتى الآن. بينما في 2024 بيعت 1.72 مليون سيارة فقط داخل البلاد، لكن المفارقة أن القطاع يحقق أرباحًا قياسية. فما الذي يحدث؟
الإجابة على هذا اللغز هي أن السيارة اليوم أغلى مما كانت بالأمس. بين 2014 و2024 ارتفع متوسط سعر السيارة الجديدة متوسطة الحجم 34%، من 24448 يورو إلى 36712 يورو. هذا يعني زيادة تبلغ نحو 12 ألف يورو. أعلى كثيرا من نسبة الزيادة في تكلفة المعيشة البالغة 15%.
تمكنت الشركات من رفع أسعارها بشكل كبير حين قل العرض وارتفع الطلب بعد الجائحة. في الوقت نفسه باعت الشركات سيارات أكبر وأكثر ربحية. لذلك شهدت الفترة من 2021 إلى أوائل 2024 تحقيق أرباح قياسية.
الآن تعاني الشركات فائضا في الطاقة الإنتاجية بسبب توقف مبيعات سيارات رينو وسيتروين وبيجو. تعد سيارة داسيا، وهي علامة تجارية منخفضة التكلفة من رينو، من بين الطرازات القليلة التي لا تزال تحقق مبيعات جيدة. في المقابل، لم تحقق سيتروين، مثلا، في 2024 سوى ثلث المبيعات مقارنة بعام 2011.
منذ عام 2023 أُغلقت كثير من المصانع المرتبطة صناعة السيارات أبوابها، أو أعلنت إفلاسها. مثلا، أغلقت شركة ميشلان مصنعين للإطارات وأعلنت عن فقدان 1200 وظيفة. ويقع العبء على عاتق موردي مكونات السيارات وليس الشركات المصنعة، لأن الموردين لا يتمتعون بالسرعة الكافية ولا يمكنهم إعادة التفاوض على العقود متعددة السنوات.
وفقا لمجلة "فورتشن"، يمكن ملاحظة الوضع نفسه في جميع أنحاء أوروبا. أفادت بلومبرغ أن نحو ثلث مصانع سيارات الركاب الرئيسية التابعة لأكبر 5 شركات في أوروبا - بي إم دبليو، ومرسيدس بنز، وستيلانتس، ورينو، وفولكسفاجن – لا تعمل بكامل طاقتها هذا العام. ويوفر قطاع السيارات 13 مليون وظيفة وأكثر من 7% من الناتج المحلي الإجمالي للاتحاد الأوروبي.
ويتفاقم الوضع بسبب 3 قضايا هيكلية: السيارات الكهربائية، نقل الصناعات إلى الخارج، والصين. تمثل السيارات الكهربائية 15% من السيارات على الطرق الفرنسية. وقد تتقلص النسبة بعد قرار الاتحاد الأوروبي أخيرا تخفيف قواعد الانبعاثات الخاصة بالسيارات.
وفي ضربة مؤثرة، خفضت الحكومة الفرنسية أخيرا مكافأة بيئية مقابل شراء مركبة كهربائية من 7000 يورو إلى 4000 يورو حدا أقصى.
المشكلة الهيكلية الثانية، انتقال الصناعة إلى الخارج، قائمة منذ تسعينيات القرن الماضي. انخفض عدد السيارات التي أنتجتها شركتا رينو وستيلانتس في فرنسا عام 2023 إلى 18% مقارنة بـ23% عام 2019. تُنتج سيتروين سيارتها الكهربائية "
e-C3
" في سلوفاكيا، وستُصنّع رينو سيارتها المستقبلية "كليو 6" في مدينة بورصة التركية.
تشكل المنافسة من الصين هاجسا كبيرا للأوروبين، فهي تنتج سيارات كهربائية أرخص وتكتسب حصة سوقية متزايدة. يتمتع الصينيون بميزة في إنتاج السيارات كونهم يشترون الطاقة من المصدر الأرخص، غالبًا روسيا، وهو ما لا يفعله الاتحاد الأوروبي.
تعد الصين أكبر منتج للسيارات في العالم، بواقع 30.2 مليون سيارة سنويًا، وفقًا لأرقام عام 2023. تليها الولايات المتحدة (10.6 مليون)، ثم اليابان (9 ملايين)، بينما أنتجت فرنسا 1.5 مليون سيارة.
السؤال الآن، كيف يمكن لفرنسا أن تعالج هذا الوضع؟ الحل سيارات كهربائية، أصغر حجما، وأقل سعرا، بحسب برنارد جوليان، المحاضر في جامعة بوردو والمتخصص في صناعة السيارات. قال لفرانس إنفو: "إذا استمرينا في محاولة بيع سيارات بسعر 40 ألف يورو، لن نحقق حجم المبيعات ولن نمتلك سيارات كهربائية بالكامل".
ورغم أن الأمر يبدو تحديًا كبيرًا، إلا أن صناعة السيارات الفرنسية تدرك أهمية التغيير. فهي صناعةٌ تتمتع بالخبرة، وتنافس دوليًا لأكثر من 120 عامًا، ونجت من حربين عالميتين. قد تكون في حالة تراجع، لكنها لم تنقرض بعد.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 42 دقائق
- العربية
مبيعات الأدوية تتحكم في نمو اقتصاد الدنمارك
انكمش الاقتصاد الدنماركي خلال الربع الأول من العام الحالي، ويرجع ذلك إلى انخفاض مبيعات الأدوية، مما يبرز اعتماد الدنمارك المتزايد على قطاع الأدوية بقيادة شركة "نوفو نورديسك". وانخفض إجمالي الناتج المحلي في الدنمارك بنسبة 0.5% خلال الربع الأول من 2025 مقارنة بالربع الذي سبقه، مما يعد أسوأ أداء للاقتصاد منذ أواخر عام 2022، حسبما قال مكتب الإحصاء الدنماركي اليوم الثلاثاء. وباستبعاد تأثيرات قطاع الأدوية، فقد نما اقتصاد الدنمارك بنسبة 1% خلال الربع الأول من العام الحالي، وفق وكالة الأنباء الألمانية "د ب أ". يشار إلى أن الدنمارك أصبحت مركزًا للأدوية، ونمت شركة "نوفا" مصنعة علاجات السمنة وداء السكرى بحيث أصبح مصيرها يؤثر على مستويات التوظيف والعملة والاقتصاد الوطني. وطلبت شركات الأدوية الأوروبية من الاتحاد الأوروبي السماح لها برفع أسعار الأدوية، محذرة من أنه بدون حوافز استثمارية أقوى، سيتراجع التكتل بشكل أكبر مقارنة بالولايات المتحدة، حيث أثارت تهديدات التعريفات الجمركية من قبل الرئيس الأميركي دونالد ترامب موجة من إعلانات الاستثمار في مجال الأدوية داخل أميركا.


العربية
منذ 42 دقائق
- العربية
اتفاق بريطانيا والاتحاد الأوروبي يفتح آفاقا اقتصادية جديدة
توصلت بريطانيا والاتحاد الأوروبي إلى اتفاق جديد يهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي بين الجانبين بعد فترة من الجمود منذ "بريكست". ويتضمن الاتفاق، تخفيف القيود الجمركية على الأغذية والمشروبات بهدف تسريع التوريد، وإلغاء فحوصات على المنتجات الحيوانية والنباتية يساهم في خفض أسعار الغذاء، مع استئناف تصدير البرغر والنقانق إلى أوروبا يعزز قطاع الصناعات الغذائية. كما ينص الاتفاق على ربط أنظمة تداول الانبعاثات يعزز أمن الطاقة ويجنب الشركات البريطانية ضرائب كربون أوروبية، بالإضافة إلى إجراءات SPS وربط أنظمة الكربون قد تضيف 9 مليارات جنيه إسترليني للاقتصاد البريطاني بحلول 2040. ويحمي الاتفاق صادرات الصلب البريطانية من الرسوم ويوفر 25 مليون جنيه إسترليني سنوياً للقطاع. ويسمح أيضا بالوصول إلى بيانات أمنية أوروبية وتسهيل سفر البريطانيين عبر استخدام e-Gates ، والسماح للسفن الأوروبية باستمرار الصيد بالمياه البريطانية 12 سنة دون زيادة عددها.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
كبير اقتصاديي «بنك إنجلترا»: وتيرة خفض الفائدة «سريعة جداً»
قال كبير الاقتصاديين في «بنك إنجلترا»، هيو بيل، يوم الثلاثاء، إنه يرى أن وتيرة خفض أسعار الفائدة ربع السنوية كانت «سريعة جداً» بالنظر إلى توقعات التضخم، لكن تصويته هذا الشهر للإبقاء على تكاليف الاقتراض ثابتة من المرجح أن يكون «توقفاً مؤقتاً». وخفّض «بنك إنجلترا» أسعار الفائدة بمقدار ربع نقطة إلى 4.25 في المائة في 8 مايو (أيار)، في تصويت منقسم ثلاثياً، حيث فضّل عضوان من لجنة السياسة النقدية خفضاً أكبر، في حين فضّل عضوان آخران -بما في ذلك بيل- الإبقاء على الفائدة ثابتة، وفق «رويترز». وقال بيل، في خطاب ألقاه بـ«باركليز» في لندن: «أُفضل وصف تصويتي في مايو بأنه يُجسّد وقفة مؤقتة ضمن مسار متواصل لسحب القيود النقدية، وليس إشارة إلى إنهاء هذه العملية». وأضاف: «لا ينبغي أن يُفهم تصويتي على أنه تأييد لتوقف العملية -ناهيك بعكسها- بل هو مجرد تفضيل لإبطاء وتيرة سحب القيود». وذكر بيل أن وتيرة خفض أسعار الفائدة ربع السنوية منذ منتصف عام 2024 كانت «سريعة جداً». وبينما تظل أسعار الفائدة على مسار هبوطي وعملية تراجع التضخم الأساسية سليمة، لا تزال مؤشرات استمرار الضغوط السعرية مصدر قلق. ويشاركه زملاؤه في لجنة السياسة النقدية مخاوف مماثلة. وقال بيل: «ما دام تراجع التضخم إلى المستهدف لم يكتمل، فإن الحفاظ على بعض القيود سيظل مطلوباً. وفقاً لقراءتي، هذا رأي مشترك بين شريحة واسعة من أعضاء لجنة السياسة النقدية». كما أوضح بيل أن استخدام «بنك إنجلترا» مؤخراً السيناريوهات المختلفة ضمن توقعاته الاقتصادية الفصلية كان مفيداً؛ إذ أتاح تسليط الضوء على بعض المخاوف المرتبطة بتوقعات التضخم التي تتجاوز السيناريو الأساسي المتوقع.