
ستة أيّام دامية في السويداءكادت أن تعصف بسوريا
كادت الأيام الستة الممتدة ما بين يوم الأحد 13 تموز، والسبت الذي تلاه، أن تعصف بما تبقى من نسيج مجتمعي سوري، وهو يبدي حتى هذه اللحظة بمفاعيل عدة، قدرة ملحوظة على مقاومة « المقصات» التي باتت حاضرة لتمزيقه، بعضها داخلي، أو يعتد ببيئة داخلية داعمة، تتمثل بطغيان الشعور القبلي والطائفي والمذهبي على حساب الشعور الوطني، وهذا جاء نتيجة لتراكمات عديدة على امتداد عقود هي عمر استقلال الكيان، و بعضها خارجي يبدو مدركا جيدا للآلية المثلى الواجب اتباعها، للإستثمار في هذه الحالة السابقة .
ضمت الأيام الستة بين جنباتها أحداثا جساما، منها أن «اسرائيل» استهدفت مقارا ورموزا للدولة السورية يوم الأربعاء الفائت، وهو أمر يحدث للمرة الأولى في تاريخ الحروب العربية- «الإسرائيلية»، وأخطر ما فيه إن الدولة المستهدفة كانت قد أعلنت منذ 8 كانون أول الماضي، أنها لا تعتبر نفسها في حالة حرب مع «اسرائيل»، ومنها بروز ظاهرة العشائر التي تنادت لـ
، و
.
ولعل كل نقطة فيما سبق كافية لإثارة عواصف من القلق المشروع، وهي تشير إلى حقيقة أن الوقت يضيق أمام محاولات انقاذ الكيان السوري .
شكل صدور بيان الرئاسة السورية يوم الجمعة، مدخلا مهما لتهدئة الأجواء، وصولا إلى الإعلان عن وقف إطلاق النار الذي جاء بعد ساعات، من صدور هذا الأخير، على لسان المبعوث الأميركي توماس باراك، فالبيان الذي دعا إلى « ضبط النفس»، والتعهد بـ<إرسال قوات لفض النزاع»، وإن جاء متأخرا، لكنه كان يشير إلى وجود تغير في الموقف الحكومي، حيال التعاطي مع الصراع الدائر في السويداء، والذي خلف نحو « 600 قتيل»، وفقا لـ» مكتب الأمم المتحدة لتنسبق الشؤون الإنسانية»، ونزوح « 80 ألف شخص من مناطق سكنهم في السويداء إثر أعمال العنف التي اندلعت يوم الأحد»، وفقا لما أكدته» المنظمة الدولية للهجرة» في بيان لها، كانت قد أضافت فيه إن» الخدمات الأساسية في السويداء قد انهارت».
كما أكدت صفحات لناشطين من السويداء، وهي مدعمة بمقاطع مصورة جرى بثها يوم الخميس، وجود» أحياء مدمرة بالكامل»، و<أخرى جرى نهب محلاتها وحرق منازلها»، ناهيك عن
.
نص الإتفاق، بحسب «الهيئة الروحية» للطائفة الدرزية ممثلة بالشيخ حكمت الهجري، على «انتشار الأمن العام خارج الحدود الإدارية لمحافظة السويداء»، وعلى « منع دخول أي جهة إلى القرى الحدودية لمدة 48 ساعة من سريان الإتفاق، لإتاحة الفرصة لانتشار القوى الأمنية»، وما تبقى من قوات العشائر سوف « يسمح لهم بالخروج الآمن والمضمون».
من المؤكد أن هذا الإتفاق يمثل تنازلا للحكومة السورية، عن الأهداف التي أعلنت عنها عشية اندلاع أعمال العنف في السويداء، فقد ذكر بيان لوزارة الدفاع، كان قد صدر بعد مرور 24 ساعة على هذا الفعل الأخير، إن» الفراغ المؤسساتي الذي رافق اندلاع هذه الإشتباكات ساهم في تفاقم مناخ الفوضى، وانعدام القدرة على التدخل من قبل المؤسسات الرسمية، الأمنية والعسكرية، مما أعاق جهود التهدئة وضبط النفس» . وهذا مؤشر على أن قبولها الإتفاق كان قد جاء بضغط خارجي، لا نتيجة لمراجعات كان من نتيجتها القبول بتلك البنود، خصوصا إن مفاعيل الإتفاق سوف يتردد صداها سريعا في مناطق شرق الفرات.
وفي أوساط» قوات سوريا الديمقراطية - قسد»، على وجه التحديد، ومن دون شك، فإن الأخيرة التقطت أنفاسها وهي ترقب النتائج التي آل إليها وضع شبيه بوضعها، ولسوف يكون المآل الأول محددا، وبدرجة كبيرة، لنظيره الثاني، أقله وفق المعطيات الراهنة.
قد يكون في خلفية تعاطي الحكومة السورية مع اللهيب المندلع في السويداء مؤخرا، شيئ من الإستناد بـ» أكثر مما يجب» على التصريحات الأميركية، التي قاربت» المديح» في أحيان عدة، بل والتصريحات «الإسرائيلية» عينها التي أثارت كما يبدو، شعورا بالإرتياح لديها، الأمر الذي يمكن لمسه عبر البيان الذي أصدره « مجلس الإفتاء»› يوم الجمعة، وذهب فيه إلى وصف اسرائيل بـ» العدو الصهيوني المحتل، الذي ليس له عهد ولا ذمة».
وإذا كان الشطر الأول ليس ببعيد عن التوصيف الصحيح لذلك الكيان، إلا أن الشطر الثاني يخفي» خيبة أمل» لا مجال لإنكارها .
أرسى الإتفاق وقفا لإطلاق النار، وضامنه هو» القوة الإسرائيلية»، التي لطالما ذكرها رئيس وزراء الإحتلال مرارا بتلك الصفة، لكن الثابت ان الإتفاق أرسى لعلاقة شديدة التوتر ما بين «المركز» وبين المحافظة الجنوبية، التي لم يكن ينقصها الكثير لكي يتنامى ذلك التوتر بين الطرفين .
لكن الثابت أيضا هو أن ثمة حسابات خاطئة هي التي تقف في خلفية المشهد، ف«المسألة الدرزية» من النوع العابر للحدود، ناهيك عن إن استثمار الخارج فيها يصل إلى حد اعتبارها الآن، رقما في المعادلات الإقليمية التي تجري معايرتها قبيل التوصل إلى حل مجاهيلها، ثم إنه « لا يمكن فرض الولاء للدولة بالقوة العسكرية، فالمواطنون يطورون شعورا حقيقيا بالإنتماء، حين يشعرون بإن الدولة تمثلهم وتحميهم وتصون حقوقهم، وتعامل جميع المواطنين على قدم المساواة» .
والقول الأخير هو للمبعوث الأممي الخاص بالأزمة السورية غير بيدرسون، الذي قاله في لقاء أجرته معه» المجلة» قبل أيام، وأهم ما فيه هو إن الدولة السورية في وضعها الراهن يجب أن تلعب دور « المغناطيس» لا «المطرقة».

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت بيروت
منذ 43 دقائق
- صوت بيروت
الأوروبيون يختبرون استعداد إيران للتوصل إلى تسوية نووية مع اقتراب موعد العقوبات
قال دبلوماسيون إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا ستجري محادثات مباشرة مع إيران غدا الجمعة للمرة الأولى منذ الضربات الأمريكية والإسرائيلية على المواقع النووية الإيرانية في يونيو الماضي، بهدف قياس مدى استعداد طهران للتوصل إلى حل وسط لتجنب العقوبات. الدول الأوروبية الثلاث المعروفة باسم الترويكا الأوروبية هي الأطراف المتبقية في اتفاق عام 2015 إلى جانب الصين وروسيا. وانسحبت الولايات المتحدة في 2018 من الاتفاق الذي رُفعت بموجبه العقوبات عن إيران مقابل فرض قيود على برنامجها النووي. وتنعقد محادثات غدا الجمعة بين دبلوماسيين كبار من الترويكا الأوروبية وفريق التفاوض الإيراني في إسطنبول. وعقدت الولايات المتحدة خمس جولات من المحادثات مع إيران قبل الضربات الجوية التي شنتها في يونيو حزيران، والتي قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إنها 'قضت' على برنامج تقول واشنطن وحليفتها إسرائيل إنه يهدف إلى امتلاك قنبلة نووية. وتنفي إيران سعيها لامتلاك سلاح نووي. ويقول دبلوماسيون أوروبيون وإيرانيون إنه لا يوجد احتمال لعودة إيران إلى طاولة المفاوضات مع الولايات المتحدة في الوقت الراهن. لكن الأوروبيين ينادون بضرورة معاودة إحياء المفاوضات في ظل توقف تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية على المنشآت النووية ومع قرب انقضاء الموعد النهائي لاتفاق 2015 في 18 أكتوبر تشرين الأول. كما أنهم يريدون إجابات عن مكان 400 كيلوجرام من اليورانيوم عالي التخصيب لدرجة تقارب المستخدمة في صنع الأسلحة النووية، والذي لم يعرف مكانها منذ ضربات الشهر الماضي. وقال وزير الخارجية الألماني يوهان فاديفول في مؤتمر صحفي في باريس في 18 يوليو تموز 'نحن مصممون على بذل كل ما في وسعنا للتوصل إلى حل دبلوماسي'. * إعادة أم تمديد؟ بموجب شروط قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة والمنصوص عليها في الاتفاق المبرم عام 2015، يمكن إعادة فرض عقوبات الأمم المتحدة قبل انتهاء سريان الاتفاق، وهي عملية ربما تستغرق نحو 30 يوما. وحذرت الترويكا الأوروبية، التي لا تريد أن تفقد نفوذها من خلال ترك سريان الاتفاق ينتهي، من أنه ما لم يتم التوصل إلى اتفاق نووي جديد، فإنها ستطلق 'آلية إعادة فرض العقوبات' التي من شأنها إعادة جميع عقوبات الأمم المتحدة السابقة على إيران، ومنها العقوبات على قطاعات النفط والبنوك والدفاع. ومع تولي روسيا حليفة إيران رئاسة مجلس الأمن في أكتوبر تشرين الأول، أشارت الدول الأوروبية الثلاث إلى أن آخر فرصة لإعادة تفعيل العقوبات ستكون في أواخر أغسطس آب. وقال ثلاثة دبلوماسيين أوروبيين وآخر من الشرق الأوسط وخامس إيراني إن الاجتماع في إسطنبول سيركز في المقام الأول على مسألة آلية إعادة فرض العقوبات. وأضافوا أن الترويكا الأوروبية ستطرح على إيران إمكان تمديد آلية إعادة فرض العقوبات لمدة تصل إلى ستة أشهر. وفي المقابل سيتعين على إيران تقديم التزامات حول قضايا رئيسية منها إجراء محادثات مع واشنطن في نهاية المطاف والتعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وتقديم معلومات عن مخزونها من اليورانيوم عالي التخصيب. وقال نائب وزير الخارجية الإيراني كاظم غريب آبادي، الذي سيكون في إسطنبول، إن طهران وافقت على السماح لفريق فني من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بزيارتها في الأسابيع المقبلة، وذلك خلال حديثه مع صحفيين في الأمم المتحدة أمس الأربعاء. وحذر من أن تفعيل آلية إعادة فرض العقوبات ستقابله طهران برد قوي. وسبق لطهران التهديد بالانسحاب من معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية بسبب هذه المسألة. وذكر غريب آبادي أنه سمع عن إمكان التمديد. وأضاف 'من السابق لأوانه الآن مناقشة مسألة التمديد. أمامنا نحو ثلاثة أشهر تقريبا في الواقع، حتى انقضاء المهلة في 18 أكتوبر'. وقال مسؤول في إدارة ترامب، شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الولايات المتحدة 'تنسق' مع الترويكا الأوروبية، وذلك عندما سئل عما إن كانت واشنطن تناقش إعادة فرض العقوبات معها. لكنه رفض الخوض في تفاصيل. وقالت أربعة مصادر إن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر موجود اليوم في باريس حيث من المقرر أن يلتقي مع مسؤولين فرنسيين لإجراء محادثات حول موضوعات مختلفة، منها ملف إيران. وشنت إسرائيل الهجمات على إيران قائلة إنها تريد القضاء على أي فرصة لتطوير خصمها اللدود أسلحة نووية.


المردة
منذ ساعة واحدة
- المردة
الأمم المتحدة والدول المانحة أقرتا خطة لبنان للاستجابة لعام 2025
أُقرت الأمم المتحدة والدول المانحة خطة لبنان للاستجابة لعام 2025 ، خلال اجتماع عقد في السرايا الحكومية، برئاسة نائب رئيس مجلس الوزراء الدكتور طارق متري والممثل المقيم للأمم المتحدة عمران ريزا، وبمشاركة وزراء: الطاقة والمياه جو الصدي، الاقتصاد عامر البساط، الشؤون الاجتماعية حنين السيد، الخارجية والمغتربين يوسف رجي والعمل محمد حيدر وسفراء الاتحاد الاوروبي وكندا وفرنسا والمانيا وممثلي عدد من السفارات ووكالات الامم المتحدة المتخصصة. وكان برنامج الاستجابة وضع خطة يحتاج تنفيذها الى ملياري دولار، وتلقى تعهدات من الجهات المانحة مرشحة للوصول الى مليار دولار. وأكد متري 'أهمية السعي لصيغ عمل مستدامة تتجاوز المساعدات الاغاثية'، مشددا على 'علاقة الثقة بين الحكومة والشركاء الدوليين والتعاون المستمر على نحو يتسق مع الاولويات الوطنية في قطاعات الصحة والتعليم والحفاظ على البيئة والطاقة المتجددة والمياه'. وشددت السيد على 'ربط المساعدات الإنسانية بأنظمة الحماية الوطنية للانتقال نحو التنمية الاجتماعية'. وتحدثت عن 'ضرورة تعزيز الدعم لخطة العودة للنازحين السوريين، ومساعدتهم في سوريا'. أما ريزا فدعا إلى 'تقليص الاعتماد على المساعدات الطارئة وتعزيز دور الدولة'. وأبدى السفراء 'دعمهم للخطة'، مشددين على 'ضرورة الإصلاح'. وتحدث ممثلو الوزارات اللبنانية كل في مجاله، عن الحاجات الملحة والخطط التنفيذية الملائمة.


الديار
منذ ساعة واحدة
- الديار
الشعوذة الأميركيّة في لبنان
اشترك مجانا بقناة الديار على يوتيوب وضعت أمامي كل التصريحات التي أدلى بها المبعوث الرئاسي الأميركي توماس براك. شيء ما أقرب الى الشعوذة السياسية، والشعوذة الديبلوماسية. كلام بحاجة الى خبير في فك الطلاسم. لا تدري، أيذهب بك الخيال الى التفاؤل أم الى التشاؤم، الى الحرب أم الى السلم ؟ هكذا مسرحيات اللامعقول لدى صمويل بيكت. هذه هي أميركا الآن. ديبلوماسية اللامعقول أم استراتيجية اللامعقول في مقاربة البيت الأبيض لمشكلتنا؟ حام حول الضاحية، من القصر الى السراي، ومن عين التينة الى بكركي، ومن معراب الى كليمنصو، ليتناول الترويقة الفاخرة، الترويقة الملكية، على مائدة النائب فؤاد مخزومي لعلها تشق الطريق أمامه الى الرئاسة الثالثة. ما كان يمنعه أن يدخل من الباب ويزور الضاحية، حيث أمبراطورية حزب الله تهدد الأمن الاستراتيجي لأميركا العظمى؟ فاجأنا أنه فوجئ بكل الذين التقاهم خارج نطاق المسؤولين، وهم من خط واحد، ومن خندق واحد، يرغبون في التطبيع مع "اسرائيل" كسبيل وحيد لانقاذ لبنان. انقاذه ممن...؟ بالفم الملآن لا ضمانات. وفي الزوايا أحاديث ديبلوماسية. تابعوا المسار السوري والى أين يصل، تعرفون ما ينتظركم. صراع تركي ـ سعودي ـ "اسرائيلي" حول سوريا التي تعرف بحساسيتها الجيوسياسية كما بحساسيتها الجيوستراتيحية، وحيث أظهرت المذابح الأخيرة أنها بعيدة عن منطق الدولة السوية، والدولة الموحدة، ما دامت تحكمها تلك الفصائل ـ القبائل، بتشكيلها الفسيفسائي وبايديولوجيا السواطير. كل ابناء الطوائف الأخرى، بمن فيهم السنّة من دعاة الحداثة والعلمانية، خراف بشرية في ايدي من يفترض أن يحملوا الجثث على ظهورهم للسماح لهم بالدخول الى الجنة. بالطبع الحالة اللبنانية، كدولة مركبة، امتداد عضوي وديناميكي للحالة السورية كدولة مركبة. أين ايران هنا؟ وهل بقي لها من أثر في هذه الحلبة؟ بعدما تعالت الاصوات التي تلقي عليها مسؤولية شن "حرب الاسناد"، وكانت بمثابة "الساعة الكبرى" التي ينتظرها ويتوقعها بنيامين نتنياهو، بالأحرى دونالد ترامب، لتغيير الشرق الأوسط. وهو التغيير الذي قال مايكل هاكابي ، سفير الولايات المتحدة في "اسرائيل"، أنه سيكون "بأبعاد توراتية". سبق وكتبنا عن "يهوه" الهاً للشرق الأوسط. في الليتورجيا اليهودية "اله الكون"، وهو من جعل بني "اسرائيل" "شعب الله المختار"، دون أن نعلم لماذا حدد فلسطين بالذات أرض الميعاد، ولماذا انتقى الفلسطينيين ليكونوا القرابين التي تبشر بظهور "الماشيح" المخلص؟... منذ السبعينات من القرن الفائت، تحدث هنري كيسنجر عن المنطقة التي اختارت البقاء على تخوم الغيب، ليرى الصراع، كصراع ابدي، بين نصف الله والنصف الآخر. حتى اللحظة الأرجحية للنصف اليهودي. تريدون أن تعرفوا ما حال المسلمين (ولم نعترف يوماً بوجود عالم اسلامي)، وما حال العرب، ولطالما قلنا إن العروبة لم تعد تصلح علفاً للدجاج، انظروا الى موقف هؤلاء وأولئك حيال ما يحدث في غزة. غيبوبة اسلامية مطلقة، العرب في اجترارهم التاريخي لثقافة داحس والغبراء، ان لم نقل لثقافة قايين وهابيل. كنا نتمنى وجود تلك القوة العربية التي تحمي سوريا، وتحمي لبنان، وحتى تحمي العراق كجزء من "الخارطة التوراتية"، التي يرى فيها الأميركيون الخارطة الالهية. ولكن ماذا حين تكون العروش صناعة أميركية، ويكون بقاؤها رهن ذلك الرقص السيزيفي حول الهيكل؟ لاحظنا كيف كانت الدبابات "الاسرائيلية" تزحف الى أبواب دمشق، في حين تنهمك الفصائل في مهمتها المقدسة. ذبح الكفرة، واطلاق النار على أطفالهم، وسبي نسائهم. وهي المفارقة الكبرى بين هؤلاء الذئاب وأولئك العمالقة، الذي يواجهون بأداء اسطوري لا مثيل له في التاريخ، وفي ظروف مستحيلة، الأرمادا "الاسرائيلية"، بل والأرمادا الأميركية بأهوالها التي تتعدى الخيال البشري. بطبيعة الحال، نتمنى لسوريا الاستقرار والازدهار. وها أن السعودية تبعث بوزير الاستثمار فيها، وبجيش من لوردات الاستثمار، الى سوريا، التي كانت "الفايينشال تايمز" قد توفعت عام 2009، أن تغدو "نمر غربي آسيا". ولكن من يستطيع أن يتكهن بما يمكن أن تنتهي اليه سوريا بالمطرقة "الاسرائيلية"؟ ولكن هل كان للسعوديين أن يجازفوا لولا الضوء الأخضر الأميركي؟ حتى اللحظة الضوء الأحمر "الاسرائيلي". لا دولة قادرة ولو على المستوى الاقتصادي، في سوريا التي، بالتأكيد مصير لبنان مرتبط بمصيرها. لنأخذ بالاعتبار ما حدث من صراع بين الحلفاء ابان الحرب على الأرض السورية، وهو ما قد نشهده الآن بعدما أصبح الزمام في أيدي من صنعوا تلك الحرب. هذا ما يجعلنا نسأل ما كانت اليد العليا (وهي حتماً ليست للسعودييين ولا للأتراك) لدونالد ترامب الذي تخرج النيران من اذنيه، كما كتب بوب ودورد وروبرت كوستا، أم لبنيامين نتنياهو الذي تخرج النيران حتى من قدميه.