
حزب الله وسلام: محاولة لبناء الثقة
الأخبار: شكّلت زيارة حزب الله للسراي الحكومي مناسبة لـ«فتح مسار جديد» في العلاقة الثنائية، إذ ناقش الجانبان خلالها الإصلاحات وإعادة الإعمار والاحتلال الإسرائيلي.
بدا اللقاء الذي جمع رئيس الحكومة نواف سلام بوفد كتلة «الوفاء للمقاومة» برئاسة النائب محمد رعد بمثابة خطوة متقدّمة نحو احتواء التوتر بين الطرفين ومعالجة تداعياته.
اللقاء، الذي مهّد له رئيس مجلس النواب نبيه بري الأسبوع الماضي، شكّل محاولة جدية لتبريد الأجواء، وسط إدراك من بري وحزب الله لخطورة المسار الذي تحاول بعض الجهات الدفع نحوه، والمتمثّل في زرع الشقاق بين «الثنائي» ومؤسسات الدولة.
ويأتي هذا اللقاء في ظل مناخ سياسي متشنّج، ازداد وضوحاً مع توجيه اتهامات إلى رئيس الجمهورية جوزيف عون بتسليم القرار لحزب الله، والتقصير في مواجهته. هذا الخطاب التصعيدي يهدف، وفق مصادر متابعة، إلى عزل الحزب عن الدولة، كما حصل مع تعيين الوزير السابق علي حمية مستشاراً رئاسياً لملف إعادة الإعمار، ما أثار حفيظة بعض الأطراف السياسية التي لا تخفي تحريضها العلني ضد أي دور لحزب الله داخل المؤسسات.
الصور التي وُزّعت للقاء رئيس الحكومة في السراي الحكومي مع وفد «الوفاء للمقاومة» - الذي ضم النواب حسين الحاج حسن، أمين شري، إبراهيم الموسوي، وحسن فضل الله - تكشف الكثير عن أجواء اللقاء. الابتسامات العريضة التي ارتسمت على وجوه الحاضرين عكست مناخاً وُصف من الجانبين بأنه «إيجابي جداً»، وجرى الحديث فيه بـ«منتهى الصراحة»، وفق ما أكّدت مصادر مطّلعة.
لفتت كتلة «الوفاء للمقاومة» سلام إلى أن تقدير «البنك الدولي» لكلفة إعادة الإعمار مبالغ فيه
المصادر نفسها أشارت إلى أن اللقاء شكّل مناسبة لـ«تنشيط العلاقة، وفتح مسار جديد، واستعادة مناخ الثقة والودّ»، بعدما خيّمت على العلاقة سحابة من التوتر. وعلمت «الأخبار» أن الجلسة التي استغرقت نحو 45 دقيقة، تمحورت حول أربع نقاط رئيسية:
أولاً، الإشكال الأخير بين سلام و«الثنائي» على خلفية الشعارات التي أطلقها جمهور نادي «النجمة» في المدينة الرياضية، إذ عبّر سلام عن عتب واضح تجاه الحزب، معتبراً أن «الشعارات التي أُطلقت لم تكن في محلها، ولم يكن هناك أي مبرّر لها». في المقابل، أعاد وفد الكتلة تأكيد ما ورد في بيان الحزب حينها، موضحاً لرئيس الحكومة أن «الحزب ليس مسؤولاً عن هذه الشعارات، وأنتم تعلمون يا دولة الرئيس طبيعة الجماهير الرياضية التي غالباً ما تتصرّف بعفوية ومن دون انضباط».
ثانياً، تناول اللقاء ملف الإصلاحات، وجرى نقاش معمّق بين الطرفين هو الأول من نوعه حول الملفات الإصلاحية الأساسية. وقد أشاد سلام بدور الحزب وتعاونه الجدّي في هذا المجال، من رفع السرية المصرفية إلى إعادة هيكلة القطاع المصرفي، واصفاً الحزب بأنه من الجهات التي تتعاطى مع هذه الملفات بمسؤولية.
من جهته، ركّز رعد على ملف الفجوة المالية، مشدّداً على «ضرورة معالجته كأولوية لأنه يتعلق بحقوق المودعين». وردّ سلام بأنّه كلّف حاكم مصرف لبنان، كريم سعيد، بإعداد تصوّر كامل حول هذا الموضوع، سيكون جاهزاً خلال شهر.
ثالثاً، ملف إعادة الإعمار الذي استحوذ على حيّز واسع من النقاش. وقد شدّد سلام على أن الحكومة ليست في موقع المتقاعس، بل تبذل جهداً حقيقياً في هذا الملف، مشيراً إلى أن «جهود الدولة أثمرت عن التزامات تمويلية، أبرزها 250 مليون دولار من البنك الدولي، و75 مليون دولار من مؤتمر الدعم الذي انعقد في باريس».
غير أن كتلة «الوفاء للمقاومة» لفتت رئيس الحكومة إلى أن القضية لا تتوقف عند تأمين التمويل، بل تتطلب خطوات إدارية موازية لا علاقة لها بالأموال، مثل تكليف مجلس الجنوب ومجلس الإنماء والإعمار بمسح الأضرار وتحديد قيمة التعويضات، معتبرة أن البدء بمثل هذه الإجراءات يُعيد ثقة الناس ويُشعرهم بوجود الدولة، فيما قد ينعكس الامتناع عن ذلك قلقاً وغضباً شعبييْن.
كما أثار النواب قضية الوحدات السكنية التي تحتاج إلى ترميم جزئي في الضاحية الجنوبية، مشيرين إلى أن ترميمها يُتيح عودة نحو 7000 عائلة، بكلفة لا تتجاوز 37 مليون دولار. والأمر نفسه ينطبق على المناطق المتضرّرة في البقاع والجنوب، حيث الكلفة ضمن المعقول.
وفي هذا السياق، اقترحت الكتلة تشكيل لجنة مشتركة تضم شركة «خطيب وعلمي» ومجلس الجنوب ومجلس الإنماء والإعمار والهيئة العليا للإغاثة وممثّلين عن حزب الله وحركة أمل لمراجعة وتدقيق الإحصاءات والمعلومات المتوافرة حول الأضرار.
أما في ما خصّ تقديرات البنك الدولي التي أشارت إلى أن كلفة الإعمار تصل إلى 11 مليار دولار، فقد رأت الكتلة أن هذا الرقم مبالغ فيه جداً، مشيرة إلى أن تقديراتها الواقعية تُحدّد قيمة الخسائر بنحو 4 مليارات دولار.
أما النقطة الرابعة والأخيرة، فتناولت الشق السياسي، وقد أكّد سلام بأنه في لقاءاته مع الموفدين الدوليين والعرب، لا يتوانى عن طرح مسائل إنهاء الاحتلال الإسرائيلي ووقف الاعتداءات وحماية المواطنين وإعادة الإعمار، ويحرص على التشديد على ضرورة تكثيف الضغط الدولي على إسرائيل لإجبارها على الانسحاب الكامل والالتزام بقرار وقف إطلاق النار.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ليبانون ديبايت
منذ ساعة واحدة
- ليبانون ديبايت
سلاح الجو الأميركي أمام تحدي تجهيز "القصر الطائر"
قال وزير سلاح الجو الأميركي، تروي مينك، الخميس، إن تجهيز طائرة بوينغ 747 القطرية الفاخرة لتصبح الطائرة الرئاسية الجديدة سيحتاج إلى مئات الملايين من الدولارات. وكان الجيش الأميركي قد قبل الشهر الماضي الهدية المقدمة من قطر، والتي تتمثل بطائرة نقل للرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويشير خبراء إلى أن الطائرة التي يبلغ عمرها 13 عاماً، والمزودة بتصميم داخلي فاخر، ستحتاج إلى تحديثات أمنية كبيرة، وتحسينات في أنظمة الاتصالات لمنع التنصت، بالإضافة إلى تجهيزها بقدرات دفاعية ضد الصواريخ. وخلال جلسة استماع في الكونغرس، قال مينك: "من المحتمل أن تكون تكلفة تجهيز الطائرة أقل من 400 مليون دولار". في المقابل، أشار مشرعون ديمقراطيون إلى أن تكلفة تعديل الطائرة قد تتجاوز المليار دولار. وأوضح مينك أن الكثير من هذه التكاليف هي نفقات كان سلاح الجو سيضطر لتحملها على أي حال، مضيفاً: "أعتقد أن الرقم المطروح يقارب المليار دولار، لكن العديد من هذه التكاليف مرتبطة بشراء منصات تدريب إضافية وقطع غيار، وهو أمر كنا سنواجهه بغض النظر عن الطائرة". وفيما شكك خبراء قانون في مدى تطبيق القوانين المتعلقة بالهدايا من حكومات أجنبية، حاول الديمقراطيون عرقلة عملية تسليم الطائرة. من جهتها، رفضت قطر هذه المخاوف، كما تجاهل ترامب التحفظات الأخلاقية، قائلاً إن رفض طائرة من طراز 747-8 سيكون "عملاً غبياً". ويواجه برنامج الطائرات الرئاسية تأخيرات مزمنة منذ أكثر من عقد، مع توقع تسليم طائرتين جديدتين من طراز 747-8 في عام 2027، أي بعد تأخير بثلاث سنوات عن الجدول الزمني المقرر. وكان ترامب قد تفقد الطائرة القطرية في فبراير الماضي في مطار بفلوريدا.


IM Lebanon
منذ 2 ساعات
- IM Lebanon
سلاح الجو الأميركي يحدد تكلفة هدية 'القصر الطائر'
كشف وزير سلاح الجو الأميركي تروي مينك، الخميس، عن ان تجهيز طائرة بوينغ 747 القطرية الفاخرة لتكون الطائرة الجديدة للرئاسة سيحتاج مئات الملايين من الدولارات. وفي الشهر الماضي، قبل الجيش الأميركي الهدية المقدمة من قطر لنقل الرئيس الأميركي دونالد ترامب. ويقول خبراء إن الطائرة التي يبلغ عمرها 13 عاما، والتي تتمتع بتصميم داخلي فاخر، ستحتاج تحديثات أمنية كبيرة، وتحسينات في الاتصالات لمنع التنصت وتجهيزها بقدرات ضد الصواريخ. وقال مينك للمشرعين خلال جلسة استماع في الكونغرس: 'من المحتمل أن تكون تكلفة (تجهيز) الطائرة أقل من 400 مليون دولار'. وقال مشرعون ديمقراطيون إن الأمر قد يكلف أكثر من مليار دولار لتعديل الطائرة.


IM Lebanon
منذ 2 ساعات
- IM Lebanon
قلق بين الجمهوريين.. ماسك قد يتحول لـ'عدو خطير'
سادت أوساط الحزب الجمهوري في أميركا حالة من القلق المتصاعد، في ظل تنامي الخلاف بين الرئيس دونالد ترامب والملياردير إيلون ماسك، وسط تحذيرات من أن يتحول الأخير إلى خصم سياسي شرس قد يهدد مستقبل الحزب في الانتخابات النصفية المقبلة عام 2026. ونقلت شبكة 'إن بي سي' الأميركية عن مصادر داخل الحزب أن بعض الجمهوريين باتوا يخشون من أن يستخدم ماسك نفوذه المالي والإعلامي لاستهداف مقاعدهم، الأمر الذي قد يقوّض سيطرتهم على مجلس النواب. ووفق الشبكة، أعرب عدد من المشرعين عن قلقهم من تداعيات هذا الصراع، في وقت نقلت عن مستشار مقرّب من ماسك قوله إن الأخير 'لا يهتم بالجمهوريين… سيسحقهم بلا تردد'، مشيراً إلى أن ماسك قرر التراجع عن تقديم دعم مالي كان مرتقباً بقيمة 100 مليون دولار للجان السياسية الموالية لترامب. وفي السياق نفسه، قال عضو الكونغرس دون بيكون، الذي يمثل دائرة متأرجحة في ولاية نبراسكا، إنه لا يرغب بالانخراط في هذا النزاع بين الطرفين. وتعود جذور التوتر بين ماسك وترامب إلى خلاف حول مشروع قانون قدمه الأخير لخفض النفقات الفيدرالية، والذي وصفه ماسك بـ'القذارة المقززة'، ما دفع ترامب للرد بالقول إنه 'دعم ماسك في الماضي'، فيما رد ماسك لاحقاً بأن الجمهوريين وصلوا إلى الأغلبية بفضل جهوده، وأن ترامب بلغ البيت الأبيض بدعمه.