
المبادرة الوطنية للتنمية البشرية .. 20 سنة في خدمة التنمية البشرية.. قصة أمل تكتب في تاريخ المملكة الحديث.
بقلم عمر المصادي : بمرور عشرين سنة على انطلاقة المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، هذه المبادرة التي أطلقها قائد مسيرة التنمية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، في 18 ماي 2005، لتكون مشروعا مجتمعيا متجددا يهدف إلى النهوض بأوضاع المواطن المغربي، وصيانة كرامته، ومحاربة الفقر والإقصاء والهشاشة.
كانت منذ إبدعها، علامة فارقة في العمل التنموي ببلادنا، حيث نجحت في إخراج آلاف المشاريع إلى حيز الوجود، وحسنت بشكل ملموس ظروف عيش الملايين من المواطنين، في المدن كما في القرى، في الجبال كما في السهول والصحاري.
وإذا كانت المرحلتان الأولى والثانية قد ركزتا بشكل كبير على توفير البنيات التحتية الأساسية من ماء وكهرباء وطرق وتعليم وصحة، فإن المرحلة الثالثة من المبادرة (2019-2023) جاءت بمقاربة جديدة وأكثر نضجا، ترتكز على تنمية الرأسمال البشري، باعتباره أساس أي تنمية مستدامة.
انطلقت المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية من رؤية واضحة، تقوم على أربع برامج رئيسية، لكل منها أهدافه وفئاته المستهدفة:
1.البرنامج الأول: تدارك الخصاص على مستوى البنيات التحتية والخدمات الأساسية بالمجالات الترابية الأقل تجهيزا، هذا البرنامج واصل الجهود السابقة لتقليص الفوارق المجالية، عبر:
بناء وتوسيع الطرق والمسالك القروية.
توفير الماء الصالح للشرب والكهرباء.
تحسين الولوج إلى التعليم والصحة في العالم القروي والمناطق النائية.
2.البرنامج الثاني: مواكبة الأشخاص في وضعية هشاشة
وهو برنامج اجتماعي وإنساني بامتياز، يهدف إلى تقديم الدعم للفئات التي تعاني من الهشاشة، مثل:
الأشخاص بدون مأوى؛
كبار السن المعوزين؛
النساء ضحايا العنف؛
الأشخاص في وضعية إعاقة؛
المدمنين على المخدرات.
وقد تم إنجاز مراكز الإيواء والعناية، وتوفير التأطير والدعم الإجتماعي والنفسي لهذه الفئات.
3.البرنامج الثالث: تحسين الدخل والإدماج الإقتصادي للشباب
وهو من أبرز مستجدات المرحلة الثالثة، ويعكس اهتمام الدولة بفئة الشباب، من خلال:
إحداث منصات الشباب للإستماع والتوجيه والمواكبة.
دعم مشاريع الشباب المقاول (START-UP، تعاونيات، خدمات، حرف…).
تمويل المشاريع الصغرى والمتوسطة.
تنظيم دورات التكوين والتدريب المهني والمقاولاتي.
وقد ساهم هذا البرنامج في خلق آلاف مناصب الشغل، وإدماج الشباب في الدورة الإقتصادية بشكل مستدام.
4.البرنامج الرابع: الدفع بالتنمية البشرية للأجيال الصاعدة.
وهو البرنامج الذي يعكس البعد الإستباقي للمبادرة، ويركز على الطفولة المبكرة، ويستهدف:
تحسين التعليم الأولي، خصوصا في المناطق القروية.
دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي.
التتبع الصحي والتغذية الصحية للأطفال والحوامل.
تشجيع القراءة والأنشطة الثقافية والرياضية.
إن المرحلة الثالثة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية شكلت محطة نوعية في مسار هذا المشروع الملكي الطموح، حيث انتقلت من منطق تلبية الحاجيات الأساسية إلى مقاربة تنموية تضع الإنسان في صلب الأولويات، من خلال التركيز على تنمية الرأسمال البشري.
ورغم النتائج الإيجابية المحققة، فقد برزت مجموعة من التحديات على صعيد بعض المناطق، والمرتبطة بالحكامة، وضعف التنسيق، ونقص الكفاءات، وصعوبات الإستدامة لبعض المشاريع والتواصل. غير أن هذه الصعوبات، في جوهرها، تمثل فرصة لتقوية مكتسبات المبادرة، وتطوير آليات التدخل لضمان أثر أعمق وأكثر استمرارية.
إن تجاوز هذه التحديات يستدعي على الصعيد المحلي تعزيز التكوين، وتكريس الشراكة الفعالة، واعتماد منهجية تواصلية متجددة، بما يضمن انخراطا أوسع للفئات المستهدفة. وبذلك، تظل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية دعامة أساسية لبناء مغرب الكرامة والعدالة الإجتماعية، ومشروعا استراتيجيا يتجدد باستمرار لخدمة الإنسان المغربي.
إن ما تحقق في إطار المبادرة طيلة العشرين سنة الماضية، يؤكد أنها تتجاوز التحديات، وأنها ليست مجرد سياسة ظرفية، بل هي رؤية استراتيجية قائمة على العدالة الإجتماعية، والتكافل، والتنمية المستدامة.
لقد تم خلال هذه السنوات:
تمويل العديد من المشاريع، واستفادة أكثر من 10 ملايين مواطن، وتعبئة مئات الجمعيات والتعاونيات والشباب حاملي المشاريع،
وخلق دينامية جديدة على مستوى الجماعات الترابية.
كل هذا أنجز في إطار مقاربة تشاركية والتشاور بين الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، في احترام لمبادئ الحكامة الجيدة.
إن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية تظل عنوانا للأمل، ودليلا على أن الإستثمار في الإنسان، وهو أقصر الطرق لتحقيق التنمية الحقيقية، إنها مشروع ملكي ومجتمعي يضع المواطن في صلب السياسات العمومية، ويكرس مبدأ أن كرامة الإنسان ليست امتيازا، بل حقا أصيلا.
وفي سياق استشراف المستقبل، فإن مواصلة نجاح هذه المبادرة الرائدة يتطلب من الجميع، مؤسسات ومجتمع مدني وأفراد، الإنخراط الفعلي والمسؤول في ديناميتها.
إن تعزيز مكتسبات العشرين سنة الماضية يجب أن يمر عبر توسيع البرامج الناجحة، وتحقيق العدالة المجالية، ودعم فئات الشباب والنساء بمزيد من التكوين والمواكبة، وتحفيزهم على الإبتكار والمبادرة.
إن مستقبل المبادرة الوطنية للتنمية البشرية هو مستقبل الإنسان المغربي نفسه، ومواصلة نجاحها يعني أن نبقى أوفياء لفلسفتها الجوهرية، الإستثمار في الإنسان من أجل مغرب الكرامة، والعدالة، والتضامن.
إننا جميعا أمام مسؤولية أن تستمر هذه القصة الناجحة، وأن تبقى المبادرة الوطنية منارة مضيئة في مسار التنمية ببلادنا، تحت القيادة الرشيدة لمبدع مسيرة التنمية صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله.
﴿وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ ۖ ﴾

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الخبر
منذ 2 ساعات
- الخبر
المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي...
تقدمت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية، اليوم الثلاثاء، بتعازيها في وفاة الصحفي القدير نور الدين عزوز. وجاء في نص التعزية: "بتأثر بالغ وحزن عميق، تلقت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية نبأ فاجعة انتقال الصحفي القدير نور الدين عزوز إلى جوار ربه، تغمده الله بواسع رحمته، بعد مسيرة طويلة من العطاء الإعلامي الملتزم والمحترف، عبر العديد من المنابر الإعلامية في الصحافة المكتوبة. و"إثر هذا المصاب، تتقدم المديرية العامة للاتصال بأصدق تعازيها إلى عائلته، وإلى الأسرة الإعلامية قاطبة. نتضرع إلى الله العلي القدير، أن يرحمه ويغفر له ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون".


النهار
منذ 3 ساعات
- النهار
ربيقة: الجزائر تعتبر القضية الفلسطينية قضيتها المركزية
قال وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، أن الجزائر دوماً تعتبر القضية الفلسطينية، قضيتها المركزية وقضية كل العرب والمسلمين، ومواقفها ثابتة من هذه القضية المركزية، وهو موقف نابع من الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مع ما ينطوي عليه من تطبيق القرارات الأممية، القاضية بحق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم. وفي كلمة ألقاها بمناسبة إحياء الذكرى 77 للنكبة الفلسطينية 15 ماي 1948/2025، أكد الوزير أن تلك المأساة الإنسانية التي حلت بالشعب الفلسطيني الأبي منذ سبعة وسبعين عامًا وهي ذكرى النكبة التي نشبت مخالبها الآثمة في أرض فلسطين ذات الخامس عشر من شهر ماي سنة 1948، وأسفرت كما هو معلوم عن تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من قراهم وبلداتهم على أيدي الاحتلال الصهيوني، مما تمخض عن أزمة إنسانية مازالت تشكل هما لكل أحرار العالم إلى يوم الناس هذا. وأضاف الوزير 'إِن تَجَدُّدَ هذه الذكرى الأليمة، ذكرى النكبة هو في مغزاه الحقيقي تجدد طبيعي لنداء ظل يتكرر منذ سبعة وسبعين عاما وهو حق العودة الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة، ولا يزال موقوف النفاد بفعل آلة الاحتلال التي ما فتئت تجهض كل تسوية أو اعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني ومنها حقوق أولئك الذين هجروا قسرًا في شهر النكبة - ماي سنة 1948'. ووصال الوزير قائلا 'إن الجزائر التي أحيت منذ أيام قليلة ذكرى أليمة لا تقل ضراوتها عن النكبة الفلسطينية، وهي ذكرى مجازر الثامن ماي 1945 تقف حيال هاتين المأساتين موقف الاعتبار والتذكر والتثمين لتضحيات الشعبين الشقيقين الجزائري والفلسطيني في سبيل رسم مسارهما التحرري الذي حفته قساوة الاستعمار وبطش المحتلين، كما، وفي جانب مهم آخر تبقى الذاكرة المشتركة تنوء بأحمال التاريخ الاستعماري وما يجنيه على أوطاننا'. كما ذكر العيد ربيقة بموقف الجزائر اتجاه القضية الفلسطينية قائلا 'إننا إذ نشارككم إحياء الذكرى السابعة والسبعين لنكبة الشقيقة فلسطين ومع ما تعيشه اليوم من مأساة إنسانية، فإن الجزائر دوماً تعتبر القضية الفلسطينية، قضيتها المركزية وقضية كل العرب والمسلمين، ومواقفها ثابتة من هذه القضية المركزية، وهو موقف نابع من الاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، مع ما ينطوي عليه من تطبيق القرارات الأممية، القاضية بحق عودة الفلسطينيين إلى أرضهم ووطنهم'. وتابع ربيقة 'كما أن الجزائر التي عانت أبلغ المعاناة في تاريخها من الاستدمار الفرنسي، وسجلت أروع الوقفات وأعظم التضحيات من أجل استقلالها وماتزال تحتفي بمخزون ذاكرتها التاريخية وهي تسجل دوما وأبداً موقفها الثابت من مسألة حق الشعب الفلسطيني في الأمن والحياة الكريمة ضمن دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف في إطار الشرعية الدولية ومواثيق الأمم المتحدة، وهو ما أكد عليه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون في رسالته بمناسبة القمة العربية 2025، حين قال: 'نحن مطالبون اليوم بتعزيز التفافنا حول قضيتنا المركزية، لأن دفاعنا عن هذه القضية ليس جوداً أو تَكَرماً مِنَّا ، بقدر ما هو وفاء تجاه أمانة تاريخية تحملها الأمة العربية في أعناقها، وتُجَاهَ مسؤولية قانونية وأخلاقية وحضارية تتحملها الإنسانية جمعاء'. مشيرا أن هذا الموقف يعكس روح التناغم مع الثوابت التاريخية المستمدة من قيم ثورة أول نوفمبر 1954، على محور تصفية أشكال الاستعمار واحترام حقوق الشعوب والأوطان في الحياة الكريمة، وتحقيق السلم العالمي، الذي لن يتأتى في ظل التنكر للشرعية الدولية والاستنكاف عن مقررات الأمم المتحدة. وفي ختام كلمته، قال وزير المجاهدين 'بحول الله، ستزول المظلمة على الشعب الفلسطيني ويسترد أرضه، ويمن عليه بالنصر المكين وينعم كباقي شعوب المعمورة بحريته وسيادته، وستبقى مثل هذه الذكريات رغم آلامها مخزوناً لا ينضب من القيم السامية تنهل منها الأجيال، جيلاً بعد جيل'. كما جدد الترحيب بضيوف الجزائر الكرام، من فلسطين الشقيقة، في بلدهم أرض الشهداء والمجاهدين، لنقاسمهم إحياء هذه الذكرى بما تحمله من ألم وأمل.


الجمهورية
منذ 3 ساعات
- الجمهورية
المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية تعزي في وفاة الصحفي نور الدين عزوز
تقدمت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية, بأصدق تعازيها إلى عائلة الصحفي نور الدين عزوز, الذي وافته المنية اليوم الثلاثاء. وجاء في نص التعزية: "بتأثر وحزن عميق, تلقت المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية نبأ فاجعة انتقال الصحفي القدير نور الدين عزوز إلى جوار ربه, تغمده الله بواسع رحمته, بعد مسيرة طويلة من العطاء الإعلامي الملتزم والمحترف, عبر العديد من المنابر الإعلامية في الصحافة المكتوبة". وإثر هذا المصاب, "تتقدم المديرية العامة للاتصال برئاسة الجمهورية بأصدق تعازيها إلى عائلته, وإلى الأسرة الإعلامية قاطبة. نتضرع إلى الله العلي القدير بأن يرحمه ويغفر له ويلهم ذويه جميل الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون"