logo
الجزائر: الدفاع المدني يكافح حريقاً مهولاً في غابات الشرق وسط خسائر فادحة

الجزائر: الدفاع المدني يكافح حريقاً مهولاً في غابات الشرق وسط خسائر فادحة

العربي الجديدمنذ يوم واحد
تُواجه
فرق الدفاع المدني
مدعومة بوحدات من الجيش ومتطوعين شرقي الجزائر، أحد أكبر الحرائق التي شهدتها البلاد، كان قد اندلع منذ مساء أمس، في
غابات
منطقة جعافرة، الواقعة على بعد نحو 200 كيلو متر شرقي العاصمة. وقد تم استقدام رتل من شاحنات الإطفاء وفرق الدفاع المدني من الولايات القريبة من المنطقة، لتعزيز جهود السيطرة على الحريق. كما التحقت وحدات من الجيش بالمكان، للمساهمة في عمليات الإطفاء وحماية سكان القرى المجاورة. وانضم متطوعون من الشباب والسكان المحليين إلى فرق الدفاع المدني، خاصة في المناطق ذات المسالك الوعرة والتضاريس الصعبة، حيث تزداد صعوبة التدخل الميداني.
وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون حجم الحريق المهول وسرعة تمدده، مما دفع المدير العام للدفاع المدني (الحماية المدنية) بوعلاتك غلاف، إلى التنقل إلى عين المكان قصد الإشراف على خط الإطفاء. ودفعت السلطات الجزائرية بأسطول يضم عشر
طائرات إطفاء
، لمساعدة الفرق الميدانية، ما سمح بتحكم نسبي في ألسنة اللهب والحد من تهديدها للمجال السكني في القرى القريبة. وتتواصل جهود الإطفاء في أعالي الغابات، وأفاد بيان صادر عن الدفاع المدني في ولاية برج بوعريريج، اليوم الخميس، أن "الأولوية القصوى لحماية المواطنين والممتلكات، مع العمل على محاصرة ألسنة اللهب ومنع انتشارها نحو المناطق السكنية".
وكان هذا الحريق المهول قد اندلع مساء أمس، وهددت النيران بعض القرى القريبة من الغابات، خاصة في منطقة جعافرة، وهي منطقة تاريخية وسياحية تعرف بمسجد ونمط عمراني يجلب السياح المحليين. وقد أدى تمدد النيران إلى توجيه نداءات تعبئة من طرف المواطنين للمساهمة في جهود الإنقاذ.
وقال الناشط الإعلامي المحلي في برج بوعريريج، رضوان عثماني، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك مشاركة شعبية واسعة في جهود السيطرة على الحريق، وقد تم إجلاء سكان بعض القرى ونقلهم إلى مركز التكوين المهني في بلدة جعافرة، حفاظاً على سلامتهم". وأضاف: "لا توجد خسائر بشرية حتى الآن، لكن الخسائر المادية كبيرة؛ فقد احترقت بعض المستودعات، وتعرّض الغطاء النباتي لأضرار، بما في ذلك أشجار الزيتون التي تُعد من أبرز ما يُميز المنطقة".
وتدخلت هيئات أهلية لمساعدة السكان، على غرار لجنة الإغاثة التابعة لقدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية، وقال المسؤول المحلي للكشافة نبيل رحماني لـ"العربي الجديد"، إنه جرى توجيه مساعدات إغاثية من مواد غذائية ومستلزمات تموين ووجبات إلى السكان، إضافة إلى بعض الأودية، مشيراً إلى أن قافلة ثانية من المساعدات ستتوجه إلى منطقة وجود السكان والمتطوعين لمدهم بما يلزم من دعم.
بيئة
التحديثات الحية
تونس: تراجع حرائق الغابات يحفز حملات إعادة التشجير
وفي هذا السياق، أعلنت هيئة الدفاع المدني في الجزائر، أن فرقها تكافح 22 حريقاً على مستوى مناطق متعددة في البلاد، وتسعى لإخمادها بكل الوسائل المختلفة، وتأتي هذه الحرائق برغم استعدادات وتدابير مبكرة كانت اتخذتها السلطات، إذ منعت وزارة الداخلية التخييم وإقامة مواقد الشواء والطعام في الغابات حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول. وكانت فرق الغابات في كل الولايات، قد عززت عمليات المراقبة والرصد، بعد تجهيزها بطائرات مسيرة، لمراقبة الغابات ورصد الحرائق، ولمنع أي ممارسات قد تكون سبباً في اندلاع النيران.
وهدّدت السلطات بعقوبات بحق المخالفين للتدابير الاحترازية المتعلقة بالوقاية من الحرائق، إذ يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر، وبغرامة مالية تصل إلى 100 ألف دينار (400 دولار أميريكي)، كل من يشعل النار داخل الأملاك الغابية، أو في محيطها، بغرض الطهي أو لأي سبب آخر. بالإضافة إلى إدانة المتورطين في إشعال الحرائق، بعقوبات تراوح بين ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وقد تصل في بعض الحالات إلى السجن المؤبد، خاصة في حال ارتكاب الحرائق العمدية بالمحميات الطبيعية.
وتسعى السلطات الجزائرية إلى تجنب تكرار كارثة الحرائق التي شهدتها البلاد بين عامي 2021 و2023، والتي خسرت خلالها آلاف الهكتارات من الغابات والمحاصيل الزراعية أتت عليها الحرائق، وسبّبت إتلاف أكثر من 100 ألف هكتار من الغابات، بحسب أرقام رسمية.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجزائر: الدفاع المدني يكافح حريقاً مهولاً في غابات الشرق وسط خسائر فادحة
الجزائر: الدفاع المدني يكافح حريقاً مهولاً في غابات الشرق وسط خسائر فادحة

العربي الجديد

timeمنذ يوم واحد

  • العربي الجديد

الجزائر: الدفاع المدني يكافح حريقاً مهولاً في غابات الشرق وسط خسائر فادحة

تُواجه فرق الدفاع المدني مدعومة بوحدات من الجيش ومتطوعين شرقي الجزائر، أحد أكبر الحرائق التي شهدتها البلاد، كان قد اندلع منذ مساء أمس، في غابات منطقة جعافرة، الواقعة على بعد نحو 200 كيلو متر شرقي العاصمة. وقد تم استقدام رتل من شاحنات الإطفاء وفرق الدفاع المدني من الولايات القريبة من المنطقة، لتعزيز جهود السيطرة على الحريق. كما التحقت وحدات من الجيش بالمكان، للمساهمة في عمليات الإطفاء وحماية سكان القرى المجاورة. وانضم متطوعون من الشباب والسكان المحليين إلى فرق الدفاع المدني، خاصة في المناطق ذات المسالك الوعرة والتضاريس الصعبة، حيث تزداد صعوبة التدخل الميداني. وأظهرت مقاطع فيديو بثها ناشطون حجم الحريق المهول وسرعة تمدده، مما دفع المدير العام للدفاع المدني (الحماية المدنية) بوعلاتك غلاف، إلى التنقل إلى عين المكان قصد الإشراف على خط الإطفاء. ودفعت السلطات الجزائرية بأسطول يضم عشر طائرات إطفاء ، لمساعدة الفرق الميدانية، ما سمح بتحكم نسبي في ألسنة اللهب والحد من تهديدها للمجال السكني في القرى القريبة. وتتواصل جهود الإطفاء في أعالي الغابات، وأفاد بيان صادر عن الدفاع المدني في ولاية برج بوعريريج، اليوم الخميس، أن "الأولوية القصوى لحماية المواطنين والممتلكات، مع العمل على محاصرة ألسنة اللهب ومنع انتشارها نحو المناطق السكنية". وكان هذا الحريق المهول قد اندلع مساء أمس، وهددت النيران بعض القرى القريبة من الغابات، خاصة في منطقة جعافرة، وهي منطقة تاريخية وسياحية تعرف بمسجد ونمط عمراني يجلب السياح المحليين. وقد أدى تمدد النيران إلى توجيه نداءات تعبئة من طرف المواطنين للمساهمة في جهود الإنقاذ. وقال الناشط الإعلامي المحلي في برج بوعريريج، رضوان عثماني، لـ"العربي الجديد"، إن "هناك مشاركة شعبية واسعة في جهود السيطرة على الحريق، وقد تم إجلاء سكان بعض القرى ونقلهم إلى مركز التكوين المهني في بلدة جعافرة، حفاظاً على سلامتهم". وأضاف: "لا توجد خسائر بشرية حتى الآن، لكن الخسائر المادية كبيرة؛ فقد احترقت بعض المستودعات، وتعرّض الغطاء النباتي لأضرار، بما في ذلك أشجار الزيتون التي تُعد من أبرز ما يُميز المنطقة". وتدخلت هيئات أهلية لمساعدة السكان، على غرار لجنة الإغاثة التابعة لقدماء الكشافة الإسلامية الجزائرية، وقال المسؤول المحلي للكشافة نبيل رحماني لـ"العربي الجديد"، إنه جرى توجيه مساعدات إغاثية من مواد غذائية ومستلزمات تموين ووجبات إلى السكان، إضافة إلى بعض الأودية، مشيراً إلى أن قافلة ثانية من المساعدات ستتوجه إلى منطقة وجود السكان والمتطوعين لمدهم بما يلزم من دعم. بيئة التحديثات الحية تونس: تراجع حرائق الغابات يحفز حملات إعادة التشجير وفي هذا السياق، أعلنت هيئة الدفاع المدني في الجزائر، أن فرقها تكافح 22 حريقاً على مستوى مناطق متعددة في البلاد، وتسعى لإخمادها بكل الوسائل المختلفة، وتأتي هذه الحرائق برغم استعدادات وتدابير مبكرة كانت اتخذتها السلطات، إذ منعت وزارة الداخلية التخييم وإقامة مواقد الشواء والطعام في الغابات حتى شهر أكتوبر/ تشرين الأول. وكانت فرق الغابات في كل الولايات، قد عززت عمليات المراقبة والرصد، بعد تجهيزها بطائرات مسيرة، لمراقبة الغابات ورصد الحرائق، ولمنع أي ممارسات قد تكون سبباً في اندلاع النيران. وهدّدت السلطات بعقوبات بحق المخالفين للتدابير الاحترازية المتعلقة بالوقاية من الحرائق، إذ يعاقب بالحبس من شهرين إلى ستة أشهر، وبغرامة مالية تصل إلى 100 ألف دينار (400 دولار أميريكي)، كل من يشعل النار داخل الأملاك الغابية، أو في محيطها، بغرض الطهي أو لأي سبب آخر. بالإضافة إلى إدانة المتورطين في إشعال الحرائق، بعقوبات تراوح بين ثلاثة أشهر إلى ثلاث سنوات، وقد تصل في بعض الحالات إلى السجن المؤبد، خاصة في حال ارتكاب الحرائق العمدية بالمحميات الطبيعية. وتسعى السلطات الجزائرية إلى تجنب تكرار كارثة الحرائق التي شهدتها البلاد بين عامي 2021 و2023، والتي خسرت خلالها آلاف الهكتارات من الغابات والمحاصيل الزراعية أتت عليها الحرائق، وسبّبت إتلاف أكثر من 100 ألف هكتار من الغابات، بحسب أرقام رسمية.

هآرتس: 70 % من مباني قطاع غزة غير صالحة للسكن
هآرتس: 70 % من مباني قطاع غزة غير صالحة للسكن

القدس العربي

time١٦-٠٧-٢٠٢٥

  • القدس العربي

هآرتس: 70 % من مباني قطاع غزة غير صالحة للسكن

'ليس لسكان القطاع مكان يعودون إليه، العالم جعل روتين حياتهم أمراً عادياً، هم كانوا ولم يعودوا موجودين'، قال عيدي بن نون، المحاضر في قسم الجغرافيا ورئيس وحدة الخرائط في الجامعة العبرية. 'الدمار موجود في كل المستويات: البيت، والمؤسسات العامة، مكان العمل، مؤسسات التعليم والأراضي الزراعية. كل شيء تم تدميره'. في الفترة الأخيرة، حلل بن نون صوراً جوية من القطاع بواسطة خوارزميات من أجل قياس حجم الدمار. حسب تقديره، 160 ألف مبنى، أي 70 في المئة من المباني في غزة، تعرضت لضرر كبير (تدمير ليس أقل من 25 في المئة)، ما يجعلها مكاناً غير صالح للسكن. وحسب قوله، فإن نسبة الدمار ربما تكون أعلى، حيث إن قدرة الأقمار الصناعية على تشخيص الأضرار في جدران المبنى بدون انهيار السقف تبقى محدودة. حسب بن نون، فإن مدينة رفح، التي ضمت حوالي 275 ألف نسمة حتى بداية الحرب، تعرضت للضرر الأخطر، مع تدمير كامل أو جزئي لـ 89 في المئة من المباني. حسب تقديره، في تم نيسان تدمير ألفي مبنى بالمتوسط في كل شهر في المنطقة. كشفت الحكومة في الأسابيع الأخيرة عن خطة إقامة 'المدينة الإنسانية' على أنقاض رفح، التي سيتم فيها تجميع معظم سكان القطاع. إضافة إلى ذلك، قال بن نون إن 63 في المئة من المباني في خان يونس دمرت. وفي شمال غزة، المحافظة التي تضم فيها بيت حانون وبيت لاهيا ومخيم جباليا للاجئين، تم تدمير 84 في المئة من المباني فيها. كما تم تدمير 78 في المئة من المباني في مدينة غزة. وأشار بن نون إلى أن المنطقة الوحيدة التي تم فيها تدمير أقل من 50 في المئة هي دير البلح. فهناك حسب تقديره، تم تدمير 43 في المئة من المباني. معطيات بن نون أعلى من التي نشرت حول هذا الأمر حتى الآن. حسب معطيات مركز الأقمار الصناعية التابع للأمم المتحدة، فإنه حتى نيسان الماضي تم تدمير أكثر من 50 في المئة من مباني القطاع بالكامل، أو تعرضت لضرر كبير، وهناك إشارة إلى أضرار بـ 15 في المئة من المباني الأخرى. وقدرت الأمم المتحدة أن الجيش الإسرائيلي دمر 2308 مؤسسة ومؤسسة تعليمية، من رياض الأطفال وحتى الجامعات، إلى جانب البيوت السكنية. وحسب هذه المعطيات، فإن جميع الجامعات في القطاع تم تدميرها بشكل كامل أو جزئي، و501 مدرسة من بين الـ 554 مدرسة في القطاع لا يمكن استخدامها قبل إجراء ترميم شامل. إضافة إلى ذلك، تم تدمير 81 في المئة من الشوارع في القطاع. تقدر الأمم المتحدة أن وزن أنقاض المباني في غزة هو 50 مليون طن، 137 كغم من الأنقاض لكل متر في القطاع، من الشاطئ وحتى الجدار بين معبر ايرز ورفح. في آب، قدر معهد الأمم المتحدة للأبحاث بأن كمية أنقاض المباني في غزة هي 14 ضعف الأنقاض التي حدثت في جميع الصراعات المسلحة منذ العام 2008. قبل بضعة أشهر، قدرت الأمم المتحدة بأن إخلاء الأنقاض سيستغرق 21 سنة، بتكلفة تبلغ 1.2 مليار دولار. في بداية الحرب، كان الإضرار بالمباني بواسطة المواد المتفجرة، سواء القنابل التي ألقاها سلاح الجو أو المباني التي تم تفخيخها وتفجيرها من قبل سلاح الهندسة. ولكن في الأشهر الأخيرة، يتم التدمير بالأساس بواسطة وسائل ميكانيكية، على الأغلب بواسطة مقاولين إسرائيليين خاصين يعملون بحماية الوحدات المقاتلة. ويشهد الضباط بأن المقاولين يكسبون خمسة آلاف شيكل مقابل كل مبنى يهدمونه، وأنهم يضغطون على القادة في الميدان لتوسيع مجال التدمير، وتوفير قوات لحماية الآلات الهندسية والسائقين. أحد أبطال تدمير المباني في القطاع هو الحاخام ابراهام زرفيف، الذي يعمل سائق لجرافة دي9 في إطار خدمته في الاحتياط. وقد تفاخر بعمله في عدة مقابلات، كان آخرها في موقع 'بشيفع'. 'رفح نظيفة الآن. لا توجد رفح'، قال الحاخام. 'شمال القطاع تقريباً ينام على الأرض، في خان يونس يعالجون الأمر، وسيقومون بتصفيتها. لماذا لا يحدث ذلك خلال 12 يوماً مثلما في إيران؟ يبدو بسبب الجانب الروحي، حيث العمل في قطاع غزة مختلف. حسب رأيي المتواضع، يريد الله أن يكون العمل هو تنظيف المنطقة في قطاع غزة. تنظيف هذا الشر الكبير، الشر الذي لم نشاهد مثله على مر الأجيال الأخيرة، يجب محوه'. أقوال من هذا النوع تتساوق مع خطط الحكومة، والعمل على طرد سكان غزة، ومن بينها خطة ترامب، 'الهجرة الطوعية'. وقد أكثر نتنياهو من التطرق لهذه الخطة، وحتى إنه قال للجنود إن 'الحكومة تعمل على إيجاد دول تستوعب لاجئين من غزة. أنا أؤمن بأن 50 في المئة منهم وأكثر سيخرجون. وحسب رأيي، ربما أكثر بكثير من ذلك'. نير حسون هآرتس 16/7/2025

المتحف المصري الكبير... بينما ينتظر الجميع لحظة قصّ الشريط الرسمي
المتحف المصري الكبير... بينما ينتظر الجميع لحظة قصّ الشريط الرسمي

العربي الجديد

time١٥-٠٧-٢٠٢٥

  • العربي الجديد

المتحف المصري الكبير... بينما ينتظر الجميع لحظة قصّ الشريط الرسمي

رغم اكتمال أعماله الإنشائية والمعمارية والتجهيزية، ما زال المتحف المصري الكبير ينتظر لحظة افتتاحه الرسمي، التي تأجلت مراراً على مدار عقدين من الزمن. فمنذ أن وُضع حجر الأساس للمتحف في مطلع الألفية، لم تتوقف الأزمات والعقبات التي حالت دون تحديد موعد ثابت للافتتاح، حتى بات تأجيل افتتاح هذا المشروع القومي قصة موازية لقصة إنشائه. في أحدث حلقات التأجيل، أعلنت الحكومة المصرية عن إرجاء افتتاح المتحف الذي كان مقرّراً في بداية يوليو/تموز الحالي، بسبب ما وصفته بالتطورات الإقليمية، في إشارة إلى التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران. وبينما ساد الاعتقاد أن الافتتاح سيكون تتويجاً لجهود استمرت أكثر من 20 عاماً، جاء الإعلان عن التأجيل ليؤكد أن المصير النهائي للمتحف لا يزال مرتبطاً بعوامل تتجاوز الشأن الداخلي. منذ طرح فكرة إنشاء المتحف لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي، في عهد الرئيس السابق حسني مبارك (1928 ــ 2020)، واجه المشروع موجات متعدّدة من التباطؤ، نتيجة أسباب اقتصادية وسياسية متداخلة. تأثرت مراحل التنفيذ بالأزمات المتوالية التي عصفت بالمنطقة، من الانتفاضات العربية، مروراً بجائحة كوفيد-19، وحتّى عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، وحرب السودان. ورغم تجاوز كل هذه العقبات، إلّا أن مشهد التأجيل ما زال يتكرر، وكأن المتحف مُقدّر له أن يظل معلقاً في الزمان. علوم وآثار التحديثات الحية قناع توت عنخ آمون الذهبي يغادر متحف القاهرة ما يميز المتحف المصري الكبير ليس ضخامته العمرانية فحسب التي تمتد على مساحة تقارب نصف مليون متر مربع، أو تكلفته التي قُدرت بمليار دولار، بل رؤيته التي تسعى إلى تقديم الحضارة المصرية القديمة بمنظور معاصر، وبأدوات تكنولوجية تراعي التفاعل مع الجمهور، وليس فقط العرض التقليدي للقطع الأثرية. يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية، ما يجعله أكبر متحف أثري في العالم مخصّص لحضارة واحدة. ولعلّ الجناح الخاص بالملك توت عنخ آمون أبرز ما يحتويه المتحف، إذ تُعرض مقتنيات الفرعون الشاب بتكامل لأول مرة منذ اكتشافها عام 1922، ومنها قناعه الذهبي الشهير، والتابوت المذهب، وعرشه المصنوع من العاج والخشب المطعّم بالذهب، وأدواته التجميلية وملابسه الملكية. إلى جانب ذلك، يتميز تصميم المتحف بسلسلة من السلالم الكبرى التي تصطحب الزائر في رحلة تصاعدية يحيط بها الملوك والملكات من العصور المختلفة، في مشهد درامي يربط بين التجربة الجمالية والسرد التاريخي. ويصل الزائر في النهاية إلى إطلالة بانورامية على أهرامات الجيزة، من خلال نوافذ زجاجية عملاقة، تعكس رغبة المعماريين في دمج الماضي بالحاضر بصرياً ومكانياً. علوم وآثار التحديثات الحية المتاحف المصرية: كل هذا الإهمال والتجاهل تسعى إدارة المتحف إلى تقديمه ليس بوصفه وجهةً سياحية فحسب، بل بصفته مركزاً للبحث العلمي والترميم والتدريب في مجال علم المصريات. في هذا السياق، أُنشئت مختبرات حديثة لترميم القطع الأثرية، بهدف جعل المتحف محطة علمية للباحثين المحليين والدوليين على حد سواء. هذا الطموح يعكس تحوّلاً في الرؤية المصرية نحو استعادة دورها القيادي في مجال علم الآثار، بعد عقود من هيمنة البعثات الأجنبية على هذا التخصّص. غير أن هذه الرؤية الأكاديمية تصطدم أحياناً باعتبارات تجارية بحتة، تظهر في ملامح التصميم العام للمتحف، الذي يضمّ مساحات مخصّصة للمحالّ الفاخرة والمطاعم، بعضها لا يمتّ بصلة مباشرة للهوية الأثرية أو الثقافية للمكان. هذا ما أثار تساؤلات في أوساط المثقفين المصريين حول الغاية الحقيقية من المتحف: هل هو مشروع ثقافي بمعايير متحفية رفيعة؟ أم أنه مشروع سياحي فخم يستهدف الطبقة العليا من الزوار الأجانب؟ لا يمكن فصل تأجيل الافتتاح عن المناخ الجيوسياسي الحالي. فالمخاوف الأمنية التي تثيرها النزاعات في الشرق الأوسط دفعت العديد من السفارات الأجنبية إلى إصدار تحذيرات سفر إلى المنطقة، ما ألقى بظلاله على قطاع السياحة كاملاً، وليس على المتحف فقط. وإذا كانت الحكومة المصرية تراهن على الافتتاح الكبير على أنه وسيلة لإعادة الزخم السياحي، فإن التطورات الإقليمية ربما تدفعها إلى مزيد من الانتظار، بحثاً عن لحظة أكثر استقراراً تسمح باستقبال زوار العالم في حدث عالمي بكل المقاييس. يضم المتحف أكثر من 100 ألف قطعة أثرية تتوزع على مساحة نصف مليون متر مربع مع كل تأجيل جديد، تتزايد الأسئلة حول ما إذا كان المتحف المصري الكبير مشروعاً مؤجلاً بطبيعته، أو أن تأجيله المتكرّر يكشف عن خلل أعمق في الرؤية الثقافية والسياسية. هل يعاني المتحف من كونه مشروعاً ضخماً يُدار بمنطق الدولة وليس منطق المتاحف؟ وهل يُمكن فعلاً فصل السياسة عن الثقافة في حالة كهذه؟ ثم، ما الذي يريده المصريون أنفسهم من هذا المتحف؟ هل يرونه امتداداً لهويتهم التاريخية؟ أم أنه أقرب إلى كيان ضخم يدار بمنطق الربح؟ في النهاية، يظل المتحف المصري الكبير مشروعاً طموحاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى. هو محاولة جادّة تهدف إلى إعادة تعريف طريقة تقديم الحضارة المصرية القديمة للعالم، بعيداً عن الصور النمطية السائدة. لكنه، في الوقت نفسه، يواجه واقعاً معقداً تتشابك فيه الاعتبارات الأمنية والسياسية والاقتصادية والثقافية. وبينما ينتظر الجميع لحظة قصّ الشريط الرسمي، تظل الأسئلة مفتوحة حول الجدوى والهوية والمستقبل.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store