أعياد ودماء وخبز
أعاده الله علينا وعلى الأمتين والعالم بالخير والبركة، آمين.. دعاء نقوله بكل الصيغ الممكنة، وهي أمنية، فالشخص الطبيعي من أية ملة أو على أي دين كان، يتمنى الخير لنفسه وللدنيا من حوله.. لكن هل حقا يشعر بالسعادة والاستقرار، والرضى عن نفسه؟ أعني أي شخص طبيعي وعنده ضمير، حول العالم، هل يشعر بسعادة على الصعيد الشخصي، ويشعر بالرضى النفسي، وهو يسمع ويعلم ويشاهد المأساة البشرية، او أي شكل من أشكالها؟!..يمكنني ان أجيب عن الجميع، أعني الأشخاص وليس الدول والجهات والقوى، أستطيع أن أجيب مندوبا عن أي إنسان طبيعي، بأنه لا يشعر بالسعادة، ولا بالاستقرار النفسي، ويؤنبه ضميره، بسبب ما يجري في فلسطين، وفي غزة المعذّبة وعلى رؤوس الأشهاد.لا يمكن حصر صور وفصول المأساة الإنسانية، ومأزقها في غزة، فكل أنواع العذاب والتنكيل بالبشر، تحدث هناك، وأصبح خبر إبادة الأبرياء، الظامئين الجياع العراة المرضى المنكوبين، الهاربين من التعذيب.. أصبح خبرا مألوفا في عالمنا البشع، وكلما شاهدنا او سمعنا او تم إخبارنا على ألسنة الناس، عن صور الموت والتعذيب التي تحدث هناك، كلما أبيدت فينا المشاعر، فكيف يحتمل الشخص الطبيعي معرفة كل هذا التوحش، ثم تستمر حياته ونفسيته وقناعاته.. طبيعية؟!.كلنا نؤمن ان الأعياد مناسبات أغلبها عقائدية، توارثها الناس، وأصبحت مواسم وضروبا من طقوسيات، ينتهزها الأطفال لاقتناص حالة من سعادة، لكن كل الكبار يتألمون، فهم ينظرون لأطفالهم ويتذكرون تلك الوجوه المعذبة لمن بقي وسلم من أطفال غزة، ووجوه وأشلاء من ماتوا أو أصيبوا، او يطويهم الخوف والجوع والعطش والحرمان، وفقدان الأمل بمجرد العيش للحظة التالية.. فالموت البشع يسكن الزمان والمكان والسماء والأرض والهواء.. حتى لقمة الخبز المغموسة بمذلة الإنسانية كلها، أصبحت فخا للموت الغادر البشع.أمس قرأت خبرا بأن رب عاىلة مات تاركا خلفه عائلة تشبهه في جوعه، بعد ان تم قتله وهو ينتظر لقمة الخبز التي يقدمها القتلة السجانون في لعبة موت محتوم.. فهل يشعر براحة ضمير من يسمع مثل هكذا مواقف وأخبار، ومتأكد بأنها تجري مستمرة فوق تراب غزة وتحت سمائها ويشاهدها الناس متقولة على الهواء والفضاء والماء والسماء والذكاء والغباء... وحتى أصعب غصة في همزية الفناء البشري.حتى دعاؤنا لهؤلاء البشر او دعاؤنا على قاتليهم، أصبح متكلفا بالنسبة لضمير معذّب وغير مستقر.نسأل الله أولاً أن يرحم البشر المظلومين في غزة وغيرها، وأن يعينهم على هذا التوحش، ويعوضهم صبرا وخيرا وحرية وكرامة فوق كرامتهم وحريتهم وصبرهم، وأن يحمد الله كل من لا يعيش حياتهم وظروفهم ومأساتهم.. لا حول ولا قوة إلا بالله.فلا أحد ينقذ البشر وضمائرنا سواه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

عمون
منذ 30 دقائق
- عمون
اتحاد الكُتّاب والأدباء الأردنيين يهنئ الملك بعيد الأضحى
عمون - رفع رئيس اتحاد الكُتّاب والأدباء الأردنيين الشاعر عليان العدوان، باسم أعضاء الاتحاد بهيئتيه الإدارية والعامة، أسمى آيات التهنئة والتبريك إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الهاشمية، الملك عبد الله الثاني ابن الحسين المعظم، حفظه الله وأيده، بمناسبة عيد الأضحى المبارك، العيد العزيز على قلوب الأردنيين والعالم الإسلامي كافة. وأكد الاتحاد في تهنئته فخره واعتزازه بقيادة جلالة الملك، راعي الفكر والثقافة، وحامي الكلمة الحرة، ومُلهم الإبداع الوطني الذي أثْرى وجدان الأمة وشحذ عقول أبنائها. وأضاف أن الساحة الثقافية الأردنية شهدت في عهد جلالته ازدهارًا ملحوظًا، عكس هوية الأردن الأصيلة وإرثه العريق. وجدد الاتحاد العهد والوفاء للراية الهاشمية، مؤكدًا السير على درب الكلمة الحرة والعلم والمعرفة، تحت ظل قيادة جلالته الحكيمة، سائلين الله تعالى أن يحفظ جلالته ويديم عزه ويمتّعه بموفور الصحة والعافية، لما فيه خير الوطن وأبنائه.

السوسنة
منذ 41 دقائق
- السوسنة
البوتاس العربية تهنىء الملك وولي العهد والشعب الأردني بعيد الأضحى
عمان - السوسنة يتشرف رئيس مجلس إدارة شركة البوتاس العربية، المهندس شحادة أبو هديب، وأعضاء مجلس الإدارة، والرئيس التنفيذي الدكتور معن النسور، وأعضاء الإدارة التنفيذية، وكافة العاملين في الشركة، برفع أسمى آيات التهنئة والتبريك إلى مقام حضرة صاحب الجلالة الهاشمية الملك عبدالله الثاني ابن الحسين المعظم،وولي العهد سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، حفظهما الله وللشعب الأردني، وللأمتين العربية والإسلامية بمناسبة حلول عيد الأضحى المبارك. سائلين المولى عز وجل أن يعيده على جلالته وسمو ولي العهد والأسرة الهاشمية والأردن وشعبه بالخير والرفعة واليُمن والبركات في ظل القيادة الهاشمية الحكيمة، وأن يسبغ على أمتنا الأمن والاستقرار والتقدم.


وطنا نيوز
منذ 43 دقائق
- وطنا نيوز
قلوب واجفة وأكف مرفوعة.. مشاهد من يوم عرفة
وطنا اليوم:مع إشراقة شمس يوم التاسع من ذي الحجة، تدفقت جموع الحجيج إلى صعيد عرفات، متوشحين البياض، ومرددين التلبية وقلوبهم خاشعة، وألسنتهم تلهج بالدعاء في أعظم يوم في أيام الدنيا. منذ ساعات الصباح الأولى، اكتسى جبل عرفات ومحيطه بحشود الحجاج الذين انتشروا في كل الأرجاء، بين من اتخذ ظلال الأشجار وخيام الحملات مكانا للدعاء، ومن اعتلوا الجبل أو افترشوا الأرض يرفعون أكفهم إلى السماء، مستحضرين ذنوبهم وأمانيهم وآمالهم، في موقف تتجلى فيه المساواة بين البشر، لا فرق بين غني وفقير، أو عربي وعجمي إلا بالتقوى. دموع ومناجاة على سفح الجبل، وقفت الحاجة فاطمة من المغرب وقد اغرورقت عيناها بالدموع، وقالت 'كنت أظن أنني سأبكي يوم أرى الكعبة، لكن اليوم قلبي يكاد ينفطر من رهبة هذا المكان.. أشعر أني بين يدي الله'. وأضافت أن أكثر دعواتها كانت أن يغفر الله لها ولأهلها، وأن يرفع الظلم عن المظلومين في كل مكان. أما الحاج محمد من السودان فكان جالسا على صخرة في منتصف الجبل، يردد بصوت خافت دعاء مأثورا عن النبي صلى الله عليم وسلم، ثم يجهش بالبكاء. قال لنا 'في هذا المكان نُبعث، وهنا نسأل الله العفو والرحمة.. دعوت لأولادي وأهلي وللسودان أن يحقن الله دمه ويرفع عنه الكرب'. أجواء روحانية مميزة مع ارتفاع درجات الحرارة، كانت رياح خفيفة تنعش الأجواء بين الفينة والأخرى وكأنها رسائل رحمة من السماء، في حين انتشرت فرق المتطوعين والإسعاف لتقديم المياه والمساعدات الطبية، وحرص رجال الأمن على تنظيم الحشود وتوجيههم بسلاسة نحو أماكن الوقوف والخروج. رائحة المسك والعطور كانت تعبق في الأجواء، حيث عمد كثير من الحجاج إلى رش خيامهم وثيابهم، بينما علا صوت المآذن بالتكبير والدعاء، وامتزج بصدى التلبية القادمة من الحناجر المتنوعة في لغاتها والموحدة في مقصدها 'لبيك اللهم لبيك'. وفي خيمتها القريبة من جبل الرحمة، قالت الحاجة رنا من فلسطين إنها خصّت دعاءها هذا العام لأهل غزة، ورفعت كفيها باكية وهي تقول 'دعوت الله أن يرحم الشهداء، وأن يُنقذ الأطفال.. والله إن القلب ليتفطر ولا نملك إلا الدعاء'. أما الحاج عبد الله من إندونيسيا فقال 'لم أتصور أن أقف على جبل عرفات يوما، وقد دعوت الله أن يبلغني الحج عن والدتي المريضة، وأن يعمّ السلام العالم الإسلامي'. وأضاف أن التنظيم ساعده كثيرا على أداء نسكه رغم كبر سنه. منصة المناسك ولأول مرة، بثت بعض الحملات عبر تقنيات الواقع الافتراضي مشاهد مباشرة من عرفات لعائلات الحجاج حول العالم، مما أضفى بعدا وجدانيا فريدا، خاصة لأولئك الذين لم يتمكنوا من الحج. وقدّم بعض الدعاة كلمات توجيهية من على المنصات المنتشرة على صعيد عرفات، مذكرين الحجاج بفضل هذا اليوم وأهمية الإكثار من الدعاء، خصوصا عند الزوال، حيث تتوجه القلوب بكاملها إلى الله، في لحظة لا تتكرر إلا مرة واحدة في العمر. ومع غروب الشمس، تهيأت الجموع للنفرة إلى مزدلفة بهدوء وتنظيم على وقع الدعاء والتكبير. وبينما كانت الشمس تغيب خلف الأفق، كان الحجاج يودعون عرفات بقلوب ممتلئة بالرجاء بأن يكونوا من الذين غُفر لهم وعُتقوا من النار. في هذا اليوم، تبدو الدنيا كلها وقد اجتمعت في مكان واحد، وقد نسيت مشاغلها ومظاهرها، لتقف أمام الله بقلوب خاشعة، تسأله المغفرة والقبول. مشهد يعكس عظمة الشعيرة، وعمق الإيمان، وصدق التوجه في يوم عرفة.