logo
إسرائيل اندفعت بجنون نحو هلاكها

إسرائيل اندفعت بجنون نحو هلاكها

الجزيرةمنذ 6 ساعات

اندلعتْ بشكل مفاجئ، مواجهات عنيفة بين إسرائيل وإيران كانت المبادرة فيها لإسرائيل التي شنّت هجمات استباقية واسعة ونفذت جملة اغتيالات في صفوف قيادات عسكرية من الصف الأول وعدد من العلماء والخبراء المرتبطين بالمشروع النووي الإيراني.
والحال أن إيران كانت ضحية لخديعة كبرى، أميركية وإسرائيلية، فمن مسار جولات التفاوض مع الإدارة الأميركية من أجل اتفاق نووي جديد إلى شن مواجهات مباشرة مع إسرائيل التي تريد جرّ المنطقة إلى حرب واسعة، تكون من نتائجها -من منظور نتنياهو وعصابته- إزالة الخطر الوجودي الذي بات يقترب من إنتاج القنبلة النووية. ويبدو أن أهداف نتنياهو كبيرة جدًا وطموحة.
فالحديث عن تفكيك المشروع النووي الإيراني، وتغيير النظام السياسي في إيران، يشبه حديثه عن الأهداف التي سبق أن تم الإعلان عنها أثناء عدوانه على غزة بإنهاء المقاومة الفلسطينية، وإعادة الأسرى.
فإسرائيل وعلى لسان نتنياهو ماضية في أهدافها، وعلى رأسها إعادة تشكيل شرق أوسط جديد، وهذه العملية لا يمكن إنجازها مع بقاء إيران ونظامها السياسي المعادي لإسرائيل.
لكن السؤال المحوري الذي يطرح في هذا السياق، هو: هل تقوى إسرائيل على حرب طويلة ضد إيران؟ خاصة أن إسرائيل ما زالت عالقة في غزة، ولم تتمكن من إحراز نصر عسكري واضح.
الحروب الخاطفة انتهت
لعلّ أخطر ما في هذه المواجهة نهاية وصية بن غوريون القاضية بخوض الحروب في ساحة الأعداء. ففي هذا النزال بين إيران وإسرائيل لم تعد المعارك في عقر دار أعداء إسرائيل، كما لم يبقَ العمق الإسرائيلي في مأمن من الصواريخ الهجومية الإيرانية، ولم تعد هذه الأخيرة في مرمى القبة الحديدية، ولا مقلاع داود، ولا منظومة حيتس.
والأهم أن الصواريخ الإيرانية لم تعد تخطئ طريقها إلى إصابة أهدافها بدقة. والأخطر من ذلك أنها وصلت إلى مواقع محصنة ودكت أبنية شاهقة وقتلت وجرحت كثيرين.
ولعلّ ما يرعب إسرائيل في مواجهتها لإيران هو هذا التوازن الذي حققته إيران للتعويض عن التفوق الجوي الإسرائيلي الذي كان يعتمد على امتلاكها أسرابًا من الطائرات المتطورة، وخاصة "إف-35″، و"إف-16″، و"إف-15". وواضح أن إسرائيل التي تمّ غرسها في قلب الوطن العربي، تريد الحفاظ على تفوّقها في المنطقة.
فإضافة لامتلاكها تجهيزات عسكرية أميركية وغربية، فهي الوحيدة التي تمتلك ترسانة نووية بأكثر من 200 رأس نووي. وعلى الرغم من أن إسرائيل نجحت في الضربة الأولى التي وجهتها لإيران وكبدتها خسائر على مستوى قيادتها العسكرية والعلمية، فإن مسار الحرب وتدحرجها وضعا إسرائيل في الزاوية الضيقة، وكشفا أن المعركة مع إيران لن تكون سهلة كما تصورها نتنياهو وعصابته.
فالمعركة وإن كان التفوّق الجوي فيها لصالح إسرائيل، فإن حسمها سريعًا لن يكون لصالحها. فالمواجهة اليوم مع إيران لن تكون سهلة، وربما إسرائيل راهنت كثيرًا على ما حققته في الجبهتين: اللبنانية والفلسطينية، واعتبرت الفرصة سانحة للانقضاض على إيران الجريحة.
في هذا السياق، لا بد من الإشارة إلى نجاح المضادات الإيرانية التي تمكنت من إسقاط طائرة "إف-35″، والحديث عن اعتقال الطيار الذي تمكن من القفز منها، وهناك من يتحدث عن كون الطيار ضابطة في سلاح الجو الإسرائيلي. لهذا الأمر لن يكون سهلًا في ظل المواجهة المفتوحة مع إيران.
الهجوم بدأته إسرائيل ولن تكون قادرة على إنهائه
لا يخفى الدور الذي تقوم به إسرائيل في المنطقة ولا يخفى التنسيق مع الولايات المتحدة في إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط.
ورغم نفي إدارة الرئيس ترامب تورطها في الهجوم على إيران فإنها أقرت بتزويد إسرائيل بصواريخ "هيلفاير" وبكمية كبيرة، قدرت بحوالي 300 صاروخ.
كما أن أنظمة الدفاع الجوي الأميركي ساعدت إسرائيل في اعتراض عدد كبير من الصواريخ الإيرانية. وهذا يؤكد أن إسرائيل من دون الدعم والحماية الأميركية لا يمكن أن تتجرأ على خوض حروب مع دول ومنظمات تتوفر على عقيدة قوية تدفعها وتحفزها على مقاومة كيان غاصب، تعتبره طارئًا في المنطقة وتستعد لمجابهته ومواجهته.
فالمعركة اليوم تخوضها إسرائيل مع إيران التي عاشت لأكثر من أربعة عقود تحت الحصار، وهي على الأقل تمكنت من بناء قوتها وتعايشت مع العقوبات القاسية، ما دفعها إلى البحث عن بدائل لإكمال مسيرتها في فرض نفسها كقوة إقليمية لا يمكن الاستهانة بها.
فإسرائيل التي اعتادت على استعراض قوتها وتدمير أعدائها، هي اليوم في الملاجئ وتبدو غير قادرة على شل التهديدات الصاروخية الإيرانية التي ضربت أهدافها وحولت أجزاء من إسرائيل إلى أثر بعد عين.
فالمسؤولون الإيرانيون الذين لملموا جراحهم، أكدوا أن الحرب التي بدأتها إسرائيل لن يكون بمقدورها تحديد وقت نهايتها، وأنها ستستمر إلى أن تستعيد إيران كرامتها وتنتقم لرموزها الذين قضوا في الغارات الغادرة الإسرائيلية.
فترامب الذي دفع عن إدارته تهمة التورط في الهجوم على إيران صرح أن الضربات التي تلقتها إيران ستكون مساعدة في إبرام اتفاق نووي جديد مع إيران. فالولايات المتحدة تريد إيران جريحة وضعيفة حتى تقبل بكل الشروط الأميركية.
لكن الرياح سارت بعكس ما تشتهيه السفن الأميركية والإسرائيلية وشرعت الولايات المتحدة تدعو لوقف الحرب في وقت كانت فيه إيران واضحة في رفضها لاستئناف جولات المفاوضات في ظل الهجوم الذي تعرضت له من إسرائيل بدعم أميركي.
هل استوعبت إيران الضربات القوية التي تلقتها؟
شكلت الضربات الموجعة التي تلقتها إيران في قلب المؤسسة العسكرية والعلمية اختراقًا وإنجازًا استخباراتيًا للموساد الإسرائيلي الذي هيأ المجال في الداخل الإيراني للقيام بعمليات نوعية لهز ثقة الشعب الإيراني في قيادته، وهو الشيء الذي يتماشى مع دفع الأوضاع في إيران نحو الانفجار وإطلاق ثورات داخلية لإضعاف النظام الإيراني المناهض للغرب وإسرائيل.
لكن الرد الإيراني عبر الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة التي اخترقت الدفاعات الإسرائيلية وضربت أهدافًا حساسة، أنهى مقولة "الصبر الإستراتيجي"، وغيّر صورة إيران التي كانت تقول كثيرًا وتفعل قليلًا.
فالردّ الإيراني كان قويًا ودقيقًا ولأوّل مرّة في تاريخ الحروب والمواجهات مع إسرائيل، تحدث الصواريخ الإيرانية دمارًا كبيرًا وسط إسرائيل، وتنجح الهجمات الإيرانية في تدمير بنايات شاهقة.
هذا إلى جانب أن جيش الاحتلال يمنع تصوير المواقع التي استهدفتها إيران، وهو ما يفيد بأن الأضرار الإسرائيلية أكثر مما شاهدناه، وهو في الغالب من هواتف محمولة. لكن تبقى الاغتيالات وبهذه الأعداد والأهمية، نقطة ضعف كبيرة، خاصة أن إسرائيل نجحت قبل ذلك في تحييد عدد من القيادات في صفوف المقاومة اللبنانية والفلسطينية.
على سبيل الختم
واضح جدًا أن إسرائيل لن تصمد كثيرًا في معركة تدور رحاها في عقر بيتها، لقد اندفعت بجنون نحو هلاكها. فقطار الوساطة انطلق وتصريحات ترامب واضحة ودعوته إلى إنهاء هذه الحرب ودخول عواصم كثيرة على الخط يعكس كل ذلك الرغبة في تطويق هذه الحرب.
فالتصريحات لا تقول كل الحقيقة والأهداف التي تم ضربها في إسرائيل ما زال التكتم عليها شاملًا، والأيام القليلة المقبلة كفيلة برفع الغطاء عن بعضها.
فالولايات المتحدة نفسها فوجئت بدقة الصواريخ الإيرانية. ولو كانت الهجمات تمكنت من القضاء على القدرات الإيرانية لما رأينا كل هذه الحركة الدبلوماسية لإنزال إسرائيل من فوق الشّجرة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مجوّعو غزة يروون للجزيرة نت مأساة الطعام المغمّس بالدم
مجوّعو غزة يروون للجزيرة نت مأساة الطعام المغمّس بالدم

الجزيرة

timeمنذ 24 دقائق

  • الجزيرة

مجوّعو غزة يروون للجزيرة نت مأساة الطعام المغمّس بالدم

غزة- رغم التصعيد العسكري الإسرائيلي مع إيران ، لم تتوقف آلة القتل الإسرائيلية في غزة ، ولم يحظ القطاع المنكوب بأي فترة هدوء تنقذ فيها أرواح المجوّعين، الذين تحولوا إلى أهداف مباشرة في "مصايد الموت" المقنعة بمسمى مراكز المساعدات. ففي غضون الـ48 ساعة الأخيرة فقط، استشهد 46 فلسطينيا وأصيب نحو 317 آخرين، بينهم 50 في حالة خطرة، بحسب بيانات وزارة الصحة. وقال المدير العام للمكتب الإعلامي الحكومي في غزة، الدكتور إسماعيل الثوابتة، للجزيرة نت إن "جميع الشهداء والجرحى من المجوعين الذين حوصروا في سياسة تجويع ممنهجة، استمرت لأكثر من 100 يوم دون إدخال مساعدات أو وقود". وأكد الثوابتة أن الاحتلال يرتكب جرائم إبادة جماعية صامتة ومدروسة مستغلا انشغال العالم بتطورات الجبهة الإيرانية التي فجرها بعدوانه على طهران. وبرزت خلال الأيام الأخيرة جريمة متكررة تتعلق باستهداف المجوعين عند مراكز توزيع المساعدات الأميركية، التي تحولت إلى "مصايد موت"، أودت منذ بدء عملها يوم 27 مايو/أيار الماضي بحياة أكثر من 320 فلسطينيا، وجرح قرابة 2850 آخرين. قتل جماعي يتهم الثوابتة الاحتلال بإدارة هذه المراكز بشكل مباشر، وتنفيذ سياسة "الاستدراج والقتل الجماعي تحت غطاء الإغاثة"، بعدما تعمّد تقويض عمل المؤسسات الدولية، خصوصا وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " أونروا"، ومنعها من مزاولة نشاطها الإنساني والإغاثي. وقال للجزيرة نت إن "الضحايا يسقطون أثناء محاولتهم الحصول على فتات المعونات في مناطق توزيع حددتها سلطات الاحتلال، وكلها مغمسة بالقهر والذل والدماء"، مضيفا أن ما يسمى " مؤسسة غزة الإنسانية" الأميركية تشارك في تنفيذ هذه الجرائم. إعلان ومن جهته، أوضح المستشار الإعلامي لوكالة أونروا عدنان أبو حسنة أن المؤسسة الأميركية تفتقر لأي خبرة في توزيع المساعدات، وأن الوكالة سبق أن حذرت من ارتفاع عدد الضحايا على أبواب هذه المراكز منذ الإعلان عن إنشائها. وتدير المؤسسة 4 مراكز لتوزيع المساعدات، 3 منها في جنوب قطاع غزة، والرابع في " محور نتساريم" الذي تسيطر عليه قوات الاحتلال. وقال أبو حسنة إن هذه المراكز تستقبل آلاف المجوّعين عبر ممرات ضيقة تشبه الأقفاص الحديدية. وأضاف أن أقل من 1% من هؤلاء يعودون إلى منازلهم بشيء من المساعدات، بينما 99% منهم يعودون خاليي الوفاض، وسط مشاهد قاسية من التدافع، والإهانة، وأحيانا إطلاق النار. ساحة جديدة للقتل يرى أبو حسنة أن الاحتلال أضاف من خلال هذه المراكز "ساحة قتل جديدة للفلسطينيين"، ليس عبر القصف فقط، وإنما بإطلاق النار المباشر على الجائعين، الذين فقدوا كل شيء، واندفعوا بحثا عن لقمة تسد رمقهم. وفي حديثه للجزيرة نت، قال إن المجوّعين يتوجهون إلى هذه المراكز عبر 4 أقفاص حديدية أقامها جيش الاحتلال، وسط أوهام بأنهم سيتلقون معونات إنسانية، لكن النتيجة غالبا ما تكون مأساوية. ومنذ 29 مايو/أيار الماضي، لا يزال مصير الفتى عبيدة جبر أبو موسى (16 عاما) مجهولا، بعدما أصيب بعيار ناري في بطنه أثناء محاولته الحصول على المساعدات في مركز "نتساريم". ويقول شقيقه حاتم للجزيرة نت إن عبيدة خرج من منزل العائلة في مخيم المغازي وسط القطاع، بحثا عن شيء يسد به رمق أسرته، وحين وصل إلى منطقة التوزيع، أطلق جنود الاحتلال النار على الحشود. وبحسب شهود عيان، حاول عبيدة الفرار غربا، لكنه فوجئ بجنود وآليات احتلال أمامه، وأصيب إلى جانب شاب آخر يدعى عبد الله المغاري برصاصة في الكتف. ومنذ ذلك الحين، لم يعرف أحد مصيره، ولا تعلم عائلته ما إذا كان قد فارق الحياة أم اعتُقل. وحاتم نفسه كان بين الحشود في ذلك اليوم، وقال للجزيرة نت "ذهبت رغم إدراكي للمخاطر.. كنت مستعدا للموت من أجل إطعام أطفالي السبعة"، ويشير إلى أنه عاطل عن العمل منذ اندلاع الحرب في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ولا يملك أي مصدر دخل. عن الخوف والفقد يحرص الاحتلال على حصر توزيع المساعدات في مناطق سيطرته المباشرة، أو إطلاق العنان للفوضى عبر السماح بسرقة شاحنات الطحين القليلة التي تدخل القطاع، فيدفع آلاف الفلسطينيين حياتهم ثمنا لما يسمى "الإغاثة". وفجر الأحد، استشهد عدد من المجوّعين، وأصيب آخرون برصاص الاحتلال بينما كانوا ينتظرون في محيط "المدرسة الأميركية" شاحنة طحين واحدة أتت من "نقطة زيكيم" شمال القطاع. وكان أحد هؤلاء جهاد أبو النصر (38 عاما)، وهو موظف حكومي يعيل أسرة من 8 أفراد، أصيب برصاصة في ساقه وسقط إلى جوار كيس طحين كان يأمل أن يعود به إلى أسرته. ويقول شقيقه محمد للجزيرة نت إن جهاد لا يزال مفقودا، وإن العائلة لا تعلم ما إذا كان قد اعتقل أو استشهد. الموت في الانتظار يقول الناشط الحقوقي والباحث في ملف المفقودين قسرا، غازي المجدلاوي، للجزيرة نت إن عدد المفقودين في مراكز التوزيع أو على طرق شاحنات الطحين غير معروف بدقة. ويروي المجدلاوي تجربته الشخصية، حيث مشى 6 كيلومترات مع أصدقائه إلى منطقة "التوام" شمالي غزة، انتظارا لشاحنة طحين. ويقول "نمنا على الأرض حتى الفجر، وعند منتصف الليل اندفع سيل بشري باتجاه ضوء عربة قادمة، وإذا هي دبابة إسرائيلية أطلقت النار مباشرة على الحشود". هرب المجدلاوي ومن معه، ولاحقته طائرة مسيرة من نوع " كوادكوبتر" ألقت عليهم قنابل صوتية، ليعود إلى منزله خالي الوفاض، ويختتم حديثه قائلا "لقد تحول الطريق إلى لقمة العيش في غزة إلى رحلة محفوفة بالموت، بكل ما تعنيه الكلمة".

لوتان السويسرية: سيناريوهات محتملة لتطور حرب إسرائيل وإيران
لوتان السويسرية: سيناريوهات محتملة لتطور حرب إسرائيل وإيران

الجزيرة

timeمنذ 24 دقائق

  • الجزيرة

لوتان السويسرية: سيناريوهات محتملة لتطور حرب إسرائيل وإيران

قالت صحيفة لوتان السويسرية إن الأعمال العدائية بين إسرائيل وإيران مستمرة منذ الهجوم الضخم على الجمهورية الإسلامية يوم الجمعة، ولم يستبعد الرئيس الأميركي دونالد ترامب التدخل فيها، مما يشير إلى احتمال توسعها. وانتدبت الصحيفة -في تقرير بقلم ستيفان بوسار- لتقديم مجموعة من السيناريوهات المختلفة لتطورات الصراع المحتملة، مشيرة إلى أن المواجهة بين البلدين دخلت مرحلة حرجة وأن المخاوف كبيرة من أن يمتد الصراع إلى المنطقة بأكملها. الصمود؟ بدأت الصحيفة السيناريو الأول بالسؤال هل يستطيع النظام الإيراني الصمود في وجه الهجمات الإسرائيلية؟ لتوضح أن شبكة حلفاء إيران الإقليميين ك حزب الله و حركة حماس و الحوثيين ، تم إضعافها قبل الهجوم الإسرائيلي، كما أن ما سمته الصحيفة الثورة النسائية الأخيرة أضعفت الجبهة الداخلية في إيران، واستبعدت أن تكون الجمهورية الإسلامية قادرة على تدمير إسرائيل وإجبار القوات الأميركية على الانسحاب من المنطقة. تدخل واشنطن وبالنسبة للسناريو الثاني تساءلت الصحيفة هل ستتدخل الولايات المتحدة في الصراع؟ وهل تجرؤ القوات الإيرانية على مهاجمة المصالح الأميركية في المنطقة؟ وذكرت أن وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي مقتنع بأن الولايات المتحدة متورطة في الهجوم الإسرائيلي، وتزعم بلاده أن لديها "أدلة دامغة على دعم الهجمات من القوات والقواعد الأميركية في المنطقة". وأوضحت الصحيفة أن ستيفن ويتكوف ، المبعوث الخاص لدونالد ترامب، كان من المقرر أن يواصل الجولة السادسة من المحادثات مع إيران يوم الأحد في عُمان، ولكن طهران رفضت الحضور رفضا قاطعا في أعقاب القصف الإسرائيلي، خاصة ان أعضاء مجلس الشيوخ الأميركي أكدوا أنهم على دراية بنية إسرائيل. ومع أن ترامب حاول الحفاظ على غموض موقف واشنطن بتكراره أن الولايات المتحدة "لا علاقة لها" بالهجمات الإسرائيلية، فقد حذر السلطات الإيرانية من أن أميركا سترد "بكل قوة" وبمستوى "غير مسبوق" إذا هاجمت إيران الأميركيين، كما أنه لم يستبعد تورط بلاده. وفي الكونغرس -كما تقول الصحيفة- يبدو أن العديد من الصقور يرون أن الوقت قد حان لتغيير النظام في طهران، وهي فكرة دأب جون بولتون ، أول مستشار للأمن القومي في إدارة ترامب الأولى، على الترويج لها. ويرى تريتا بارسي، نائب رئيس معهد كوينسي للأبحاث في واشنطن، أن "واشنطن تدرك أن حرب إسرائيل الاختيارية بعيدة كل البعد عن النجاح، وأن نتيجة حاسمة لن تتحقق"، وبالتالي سيكون ترامب أمام خيار صعب، إما إنهاء الحرب أو المشاركة فيها. تدمير كامل وفي ثالث السيناريوهات تتساءل لوتان هل تستطيع إسرائيل تدمير البرنامج النووي الإيراني بأكمله؟ مشيرة إلى أن القصف الإسرائيلي المتتالي لم يدمر الموقع النووي الرئيسي في نطنز ، وإلى أن المنشآت الحساسة، ولا سيما أجهزة الطرد المركزي التي سمحت لإيران بتخصيب أكثر من 400 كيلوغرام من اليورانيوم بنسبة 60%، لم تتضرر. أما موقع فوردو ، وهو أحد أكثر المواقع النووية حساسية -كما تقول الصحيفة- فيقع على عمق حوالي 800 متر تحت الأرض في جبل ليس ببعيد عن مدينة قم المقدسة، ويعتقد أنه يضم أكثر من 3 آلاف جهاز طرد مركزي، ومن المستحيل تدميره بدون القنابل الأميركية الخارقة للتحصينات التي يبلغ وزنها 13 طنا، مع أن طائرات إف-15 الإسرائيلية لا يمكنها حمل مثل هذه القنابل الثقيلة. ويقول الخبير في الشؤون الإيرانية كليمان تيرم إن "السباق إلى امتلاك القنبلة النووية سيتسارع إذا فشل الإسرائيليون في تدمير البرنامج النووي الإيراني، ونجا النظام في طهران، لذا، فإن اعتقاد إسرائيل بقدرتها على حل القضية النووية الإيرانية بالقوة العسكرية يعد مخاطرة حقيقية". توسع الصراع أما بالنسبة لمخاطر توسع الصراع في الشرق الأوسط ، فرأت الصحيفة أنه سيناريو ليس بالهين، مشيرة إلى أن الخيار الأخطر بالنسبة لطهران هو استخدام حلفائها الإقليميين لمهاجمة القواعد والسفارات الأميركية. ويقول كليمان تيرم إن صواريخ أطلقت على قواعد عسكرية أميركية في العراق، وإن الحوثيين شاركوا في الرد على إسرائيل، ويضيف "نشهد تدريجيا تبلور آلية امتداد الصراع، وكلما طال أمد الحرب زاد خطر نشوب صراع إقليمي شامل". وأشارت الصحيفة إلى أن المخاطر المرتبطة ب مضيق هرمز تشكل سيناريو آخر، وإذا اختارت إيران إغلاقه، فقد يعاني الاقتصاد العالمي من ذلك، خاصة أن سعر برميل النفط ارتفع بشكل كبير في أعقاب الهجوم الإسرائيلي يوم الجمعة، ولكنه قد يرتفع إلى مستويات مدمرة للعالم بأسره. ورأت الصحيفة أن سقوط النظام الإيراني أمر وارد وتساءلت ماذا سيحدث إذا وقع ذلك السيناريو، خاصة أنه هدف بالنسبة لنتنياهو والعديد من الصقور الأميركيين، وأن المجتمع الإيراني قد يرحب به، ولكن قتل المدنيين في إيران قد يؤدي إلى حشد جزء من الشعب خلف النظام. وتساءلت الصحيفة ماذا يفعل الأوروبيون ومجموعة السبع؟ مشيرة إلى أن أوروبا هي التي حاولت إعادة إيران إلى مسار المفاوضات النووية خلال عدة اجتماعات سرية في جنيف، ولكنها همشت في الحرب على قطاع غزة ، واستبعدت من المفاوضات بين واشنطن وطهران، وبالتالي يرى خبير الأمن كلود مونيكيه بأن أوروبا لا رأي لها في مستقبل الشرق الأوسط.

المواجهة بين إسرائيل وإيران
المواجهة بين إسرائيل وإيران

الجزيرة

timeمنذ 27 دقائق

  • الجزيرة

المواجهة بين إسرائيل وإيران

لم تقتصر ضربات الاحتلال الصهيوني على المنشآت النووية الإيرانية فحسب، بل اغتالت القيادات العليا في إيران، وفي تطور خطير ينبئ باشتعال المنطقة والعالم، استهدف عملاء الموساد نخبة البرنامج النووي الإيراني. وفي وقت لا يتأخر الغرب فيه عن إعلان الدعم لنتنياهو حال تعرض إسرائيل للهجوم، يعلن نتنياهو استمراره في حربه ضد البرنامج النووي الإيراني، في تحدٍّ شكّل خرقًا للقانون الدولي وتهديدًا مباشرًا للسلم العالمي. وعلى قدر الصمود الذي أظهرته إيران في وجه الاغتيالات والخروقات الأمنية الخطيرة، ورهان الاحتلال على تصدع الجبهة الداخلية لها، تتعالى الأصوات الداعية لإخماد كرة اللهب الصهيونية، والتي ستؤدي بالمنطقة والعالم إلى حرب شاملة ومدمرة. فهل تنجح المساعي الدولية في تجنيب المنطقة مغامرات نتنياهو؟ أم إنّ الخوف من "متلازمة إيران" وحده كفيل بضمان استكمال مشاريع الثيوليبرالية؟ قرار نتنياهو المتهور بإعلان الحرب على إيران، لن يجر منطقة الشرق الأوسط وحدها نحو الكارثة، بل سيعطل الاقتصاد وتتجمد الملاحة الدولية، في حال أعلنت الجمهورية غلق المضائق المشاريع المتشابكة ظلت الخطابات التحريضية ضد إيران تأخذ منحى متصاعدًا في العالم، خاصة بعد التدخل الإيراني في المنطقة، وقد ساهمت السردية الصهيونية في تأجيج الصورة السوداء للجمهورية الإيرانية منذ أن تم تغيير قواعد "الاشتباك الحضاري" مع الغرب. فعقب سقوط الشيوعية، سارعت النيوليبرالية لفتح جبهة صراع جديدة ضد ما اعتُبر خطر الإسلام السياسي الذي يعارض التوجه الإمبريالي؛ وتشكلت مع تلك العقدة مجمل الخصائص التي يمكن من خلالها بلورة أيّ عمل تحريري تقوده قوى التغيير في المنطقة، إذ مع انطلاقة موجات الانتفاضة العربية تسارعت وتيرة التصنيف العنيف للثورة التي ترسم الملامح المخيفة للتغيير، وبدل إسقاط أنظمة الوكالة الغربية، أطاح العنف بالثورة السلمية. تدخلت إيران في المنطقة مثلما غرقت قوى أخرى في الفوضى لحماية نفوذها ومصالحها؛ إذ سارعت كابينات التطبيع إلى شيطنة المقاومة بذريعة تحالفها مع إيران، ضمن خطة يتم بموجبها تحييد السردية المناهضة لأيّ مشروع استيطاني استعماري. وعلى اختلاف الرؤى تجاه إيران ومواقفها المتناقضة في المنطقة، عملت أميركا على تأخير برنامج إيران النووي، تارة بالمفاوضات والحصار المفروض على هياكلها ومؤسساتها، وتارة أخرى بإعلان إسرائيل موقفها من ضرب المنشآت الإيرانية النووية. ارتبطت رؤية العالم للجمهورية الإيرانية بثلاث سرديات مهمة، ومحدِّدة لطبيعة العلاقات الدولية تجاهها، يمكن أن تلخص المتلازمة المربكة لفهم إيران في توجهاتها العدائية والتوافقية معًا: فكون الجمهورية "نظامًا ثيوقراطيًا" يسعى بكل قوّة للحصول على برنامج نووي "سلمي" وفق تصريحات ساسته، يبعث القلاقل العسكرية والأمنية للإمبراطورية وذراعها الإسرائيلية، الأمر الذي فتح نوافذ الدعاية الصهيونية ضد إيران، واستغلالها عسكريًا لتبرير ضرب منشآت ومناطق مدنية في طهران. لكن قرار نتنياهو المتهور بإعلان الحرب على إيران، لن يجر منطقة الشرق الأوسط وحدها نحو الكارثة، بل سيعطل الاقتصاد وتتجمد الملاحة الدولية، في حال أعلنت الجمهورية غلق المضائق. من جانب آخر، تُعتبر إيران الداعم الأساسي لمحور المقاومة، ما يجعلها هدفًا مشروعًا للإمبريالية الغربية ووحشية الإمبراطورية. ولكون المقاومة آخر معاقل التحرير ضد الاستعمارية الغربية في نسختها الثيوليبرالية، تتعرض للحصار المطبق سياسيًا واقتصاديًا وحتى ثقافيًا، ولذلك فإنّها اتخذت الطريق نحو طهران ملاذًا آمنًا لإمداداتها العسكرية. واليوم، ومع استهداف الصهيونية للقيادات العامة للجمهورية، تجد إيران نفسها أمام مأزق إستراتيجي يحتم عليها أحد الأمرَّيْن؛ فإما أن تتخلى عن برنامجها النووي ودعمها للمقاومة مقابل تسويات سياسية ورفع للعقوبات المفروضة عليها، أو أن تستعد لمواجهة حرب مفتوحة مع حكومة نتنياهو المتطرفة، والدافعة للمنطقة نحو حرب شاملة. والحاصل أنّ الرد الإيراني الأخير، بقصف تل أبيب بمئات الصواريخ، لم يترك لبديل السردية الصهيونية مجالًا للنفخ في أبواق الجبهة الداخلية الإيرانية، إلا الأصوات التي راهنت على انكفاء الجمهورية على نفسها للوصول إلى نقطة اللاعودة عن مشروعها النووي. أما الحلقة الأكثر جدليةً وتعقيدًا في فهم طموحات إيران في المنطقة فيشكلها برنامجها النووي؛ فالمشروع النووي لم يكن مرتبطًا بمدى استجابة الغرب لحاجات طهران للطاقة النووية السلمية، بقدر ما رسم الخطوط الحمراء للإمبراطورية في عدائها للمقاومة. وإيران، بتاريخها ورهانات جغرافيتها وثرواتها الخصبة، تدرك يقينًا أنّ الردع العسكري مرهون بالتكنولوجيا العسكرية وسلاحٍ فتّاكٍ يحفظ أمنها القومي، وأنّ العالم لن يتحرك لتجريم استخدام القتل الجماعي ضد مدنيين، بل إنّ الغرب دافع بشكل هيستيري عن إسرائيل في حربها ضد الفلسطينيين، غير آبه بآلاف الضحايا من المدنيين والصحافيين. وبالنظر إلى برنامج إيران النووي، وكونه الهوية الحضارية للجمهورية ومستقبلها، في زمن تخلت فيه الكابينات المتصهينة عن حقها النووي، يقف العالم على رجل واحدة متسائلًا: هل تستطيع إيران تحقيق وعدها الصادق، للخروج من بين فكي الأسد. الرهانات الجيوسياسية يأتي اسم إيران على لسان وزير خارجية أميركا لدى إدارة ترامب معنونًا بمحور الشر، قاطعًا الطريق أمام وزير خارجيتها الذي أعلن عدم ضبط النفس في الرد الحاسم على الهجمات البربرية الإسرائيلية ضد الجمهورية. ومع أنّ المنطقة على قدر رهاناتها الأمنية والاقتصادية التي فرضتها التراكمات التاريخية، والاشتباك الجغرافي الذي ارتهنته لعبة المضائق والقواعد العسكرية، فإنها لا ترغب في فتح جبهات اشتعال أخرى، تجر المنطقة بأكملها إلى حرب لا تخدم سوى الإمبراطورية، وتغرقهم في وحل التلوث النووي المهدد لأمنهم القومي. قوبلت دعوات التهدئة، التي انتقدت الاحتلال في دفع المنطقة نحو الكارثة، بمساعي إيران في حقها الدفاع عن أمنها القومي تجاه الغطرسة الصهيونية، وما أحدثته الصواريخ الإيرانية من زلزال في الجبهة الداخلية للاحتلال، يثبت أنّ الغرب بإمكانه التخلي عن الشتات اليهودي الذي استجمعه في مستوطنات استعمارية، في سبيل تحييد مشروع إيران النووي. فإسرائيل -يد الإمبراطورية في منطقة الشرق الأوسط- تعمل تحت المظلة الاستخباراتية الغربية، للدفع بالجبهة الداخلية الإيرانية للانتفاض ضد النظام القائم، والتعويل على ذلك كرسه خطاب نتنياهو ودقة الأهداف المعلنة في إيران، غير أنّ المواجهة الإيرانية الإسرائيلية، تفتقد لأهم وسائل التحييد النفعي في الحروب، وهو التواصل الذي يبرز تورط الشركاء الغربيين في العمليات الحربية الصهيونية ضد إيران. قد تبدو إيران مخنوقة بين فكي الأسد الصاعد، على اقتباس من توصيف رئيس الوزراء البريطاني السابق تشرشل، إلا أنّها -كما المنطقة بأكملها- على صفيح ساخن تفور حممه على عواقب كارثية وتحديات جيوسياسية، لا يمكن تفاديها ما دام الاحتلال الصهيوني يدفع السلم الدولي نحو الانهيار. فالعالم شهد غطرسة الاحتلال في غزة، وخروقاته المتواصلة في المنطقة، وهو عاجز عن إيقاف مغامرات نتنياهو وحكومته المتطرفة. وما تعجز الكلمات في التعبير عنه، يحسمه تضامن الأمة المقاوِمة في مقارعة جبروت الآلة العسكرية الصهيونية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store