
هل تجهض الضربات الإسرائيلية القدرات النووية الإيرانية؟
جاءت العمليات العسكرية الإسرائيلية المستمرة، والتي استهدفت منشأة نطنز النووية الإيرانية وقادة الجيش و"الحرس الثوري" وعلماء نوويين إيرانيين ومنشآت عسكرية أخرى، في وقت وصلت فيه المفاوضات الأميركية - الإيرانية في شأن البرنامج النووي الإيراني إلى طريق مسدود، بعدما خلصت الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى أن طهران انتهكت التزاماتها بحظر الانتشار النووي. فهل توافق طهران على طرح الرئيس الأميركي دونالد ترمب بالعودة للمحادثات؟ وماذا تعني الضربات للبرنامج النووي الإيراني؟
خسائر جسيمة
مع استمرار تنفيذ الطائرات الحربية الإسرائيلية غاراتها على مواقع نووية وعسكرية في إيران، ضمن ما سمته إسرائيل عملية "الأسد الصاعد"، وهو تعبير توراتي اقتبسه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من الكتاب المقدس، أثير عديد من التساؤلات عن مدى نجاح إسرائيل في تدمير المنشآت النووية الإيرانية التي كانت الهدف الأساس من هذه الضربات، في وقت ما زال الرئيس الأميركي يطالب الإيرانيين بالعودة إلى المحادثات مع الولايات المتحدة التي كانت مقررة غداً الأحد قبل أن ينتهي كل شيء على حد وصفه، في إشارة إلى أن الضربات الإسرائيلية ستستمر لفترة طويلة قادمة.
وأعلنت إسرائيل أنها نجحت في تدمير واسع سبب خسائر جسيمة لمنشأة نطنز التي تعد أحد أبرز المواقع النووية الإيرانية الثلاثة إلى جانب منشأة فوردو المحصنة جيداً ومنشأة أصفهان، بينما يتوقع أن تستهدف البنية التحتية النووية الإيرانية الرئيسة لتأخير مسار إيران نحو القنبلة النووية في الأقل، حتى لو عجزت إسرائيل، بمفردها، عن القضاء تماماً على مسار إيران نحو القنبلة. ومع محاولة إسرائيل تقويض قيادات إيران العسكرية، بهدف التخفيف من حدة الرد الإيراني، سيواصل الإسرائيليون الضربات في الأقل أياماً عدة، مع إمكان أن يشمل هدف إسرائيل النهائي ليس فقط شل البرنامج النووي الإيراني، بل التحريض على تغيير النظام، وهو ما ستساعد الأهداف التي تختارها إسرائيل في تحديد إجابة لهذا السؤال.
معيار النجاح
تعتبر كبيرة الباحثين في برنامج الدفاع المتقدم في مركز "سكوكروفت للاستراتيجية والأمن" راشيل ويتلارك أن إسرائيل حققت هدفها المتمثل في عرقلة البرنامج النووي الإيراني، إذ تتوقع أن يضعف استهداف كل من المنشآت والعلماء الرئيسين قدرة إيران على تطوير أسلحة نووية ويؤخرها.، لكن بينما يصعب تحديد النجاح العملياتي مع استمرار تطور الأحداث، يعرف القادة الإسرائيليون النجاح بأنه تأخير قدرة إيران على إنتاج اليورانيوم الصالح لإنتاج أسلحة أو التقدم نحو الأسلحة النووية، وهو ما يرجح أن تكون إسرائيل قد حققته من خلال إتلاف وتدمير البنية التحتية النووية الحيوية وتحييد كبار العلماء.
عودة عقيدة بيغن
ويظهر شن إسرائيل هجماتها على إيران استمرارها في استحضار "عقيدة بيغن"، التي ظلت تمثل سياستها الراسخة في توجيه ضربات استباقية للمنشآت النووية وأسلحة الدمار الشامل لدى من ترى أنهم يشكلون خطراً على أمنها، وسميت هذه العقيدة تيمناً برئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل مناحيم بيغن، ووضعت، للمرة الأولى، موضع التنفيذ عام 1981 خلال عملية "أوبرا" عندما دمرت إسرائيل مفاعل "أوزيراك" النووي العراقي قرب بغداد في هجوم مستهدف.
وإذا كان نتنياهو قد أخطر ترمب، فإن بيغن نفذ الضربة من دون موافقة الولايات المتحدة، حينها خشي كثر من التصعيد إذا ما رد الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، إلا أن صدام كان آنذاك متورطاً بالفعل في حرب مع إيران ولم يكن قادراً على تحمل كلف الرد.
وطبقت إسرائيل هذه العقيدة مجدداً عام 2007 عندما دمرت سراً مفاعل "الكبر" السوري في عملية لم تقر بها علناً سوى عام 2018، ورداً على هذه الضربة، أنكر الرئيس السوري المخلوع آنذاك بشار الأسد وجود الموقع تماماً لتجنب الضغوط المحلية والإقليمية للرد.
والآن وللمرة الثالثة يبدو أن إسرائيل تلجأ إلى هذه العقيدة، وهذه المرة ضد البنية التحتية النووية والصاروخية الباليستية الإيرانية، ومرة أخرى من دون موافقة واشنطن وإن كان بعلمها.
الدور الأميركي
منذ بداية الهجوم الإسرائيلي على إيران نأت الولايات المتحدة بنفسها عن التورط في هذه العملية على رغم اعتراف مسؤولين عسكريين أميركيين أن واشنطن وفرت معلومات استخباراتية مهمة لإسرائيل، ومع ذلك يظل التدخل الأميركي ممكناً إذا غامرت طهران وشنت هجمات قاتلة ضد عسكريين أو مدنيين أميركيين، وحتى إذا امتنعت إيران عن مهاجمة المصالح الأميركية، وركزت فقط على إسرائيل أو شنت هجمات ضد مواقع إسرائيلية ويهودية في جميع أنحاء العالم، فمن المرجح في مثل هذا السيناريو أن تتعرض إدارة ترمب لضغوط شديدة لمساعدة إسرائيل في تدمير بعض المواقع المرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني، مثل محطة فوردو شديدة التحصين.
وبحسب مسؤول الاستخبارات الوطنية الأميركية السابق جوناثان بانيكوف، سينظر بعض المحافظين في مجال الأمن القومي الأميركي إلى هذا على أنه فرصة ربما لا تتكرر إلا مرة واحدة في كل جيل، بينما سيجادل ذوو الميول الانعزالية في إدارة ترمب لمصلحة النهج المعاكس.
وهناك ثلاث منشآت رئيسة يسعى خصوم إيران النوويين إلى تدميرها، وهي أصفهان ونطنز وفوردو، لكن بينما سيكون من المؤكد أن الضربة الأميركية ستكون أكثر فاعلية، من أجل تدمير جميع المنشآت النووية الإيرانية الرئيسة بصورة ملموسة، لا تزال إسرائيل تستطيع تدمير المنشآت فوق الأرض.
وإذا كانت المنشآت تحت الأرض صعبة، فمن المحتمل أن تنفذ إسرائيل خلال الأيام المقبلة غارات كوماندوس أو هجمات مبتكرة أخرى على المنشآت النووية تحت الأرض، وهذا سيؤدي إلى إعاقة البرنامج النووي الإيراني بصورة ملموسة كما يقول مدير مركز "سكوكروفت للاستراتيجية والأمن" ماثيو كرونيغ.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
إيران أمام خيارين
وعلى رغم أن الضربة الاستباقية الإسرائيلية ربما تؤدي إلى تعطيل قدرة إيران المباشرة على تطوير برنامج أسلحة نووية، فإنه لا يزال من غير المؤكد ما إذا كان مثل هذا الإجراء سيردع طموحات النظام الإيراني النووية بفاعلية. ويبدو أن النظام الإيراني لديه خياران الآن وفقاً لمساعد وزير الخارجية الأميركي السابق للشؤون السياسية والعسكرية كلارك كوبر، إما التخلي عن طموحاته النووية، وإما مواجهة عدم تدخل إدارة ترمب إذا قررت إسرائيل مواصلة تدمير المنشآت النووية الإيرانية.
وفي حين يبقى السؤال هو: هل سيكفي هذا الإجراء الأحادي من جانب إسرائيل لردع طموحات إيران النووية؟ فإن ما هو واضح الآن هو أن الظروف الاقتصادية والأمنية في الشرق الأوسط أصبحت أكثر تقلباً.
قصة لم تنتهِ
لكن القصة لا تنتهي هنا كما يقول سفير الولايات المتحدة السابق لدى إسرائيل دانيال شابيرو، فبينما تتعهد إسرائيل بشن هجمات إضافية، ستكون إيران الآن متحمسة للغاية للانطلاق نحو تحقيق اختراق نووي في منشآت محصنة تحت الأرض، وإذا أصر الإيرانيون على الاستمرار في رفض العرض الأميركي باستئناف المحادثات النووية في عمان، سيكون حلم ترمب بالتوصل إلى حل دبلوماسي ينهي التخصيب الإيراني قد انتهى.
وفي هذه الحالة من المرجح أن يواجه الرئيس الأميركي قراراً في شأن ما إذا كان سيستخدم قدرات الولايات المتحدة الفريدة لتدمير منشآت طهران النووية تحت الأرض ومنع امتلاكها سلاحاً نووياً، لكن هذا القرار سيؤدي إلى انقسام بين مستشاريه وقاعدته السياسية وسط اتهامات، وربما شكوكه الشخصية أيضاً، بأن نتنياهو يحاول جره إلى حرب لم يبدأها.
على المدى البعيد
من المرجح أن تدفع هذه التطورات إيران في نهاية المطاف إلى السعي جاهدة إلى الحصول على قنبلة نووية، بخاصة أن الضربات الإسرائيلية تأتي بعد تصويت الوكالة الدولية للطاقة الذرية الخميس الماضي، وللمرة الأولى منذ 20 عاماً، بأن إيران لم تمتثل لالتزاماتها حظر الانتشار النووي، وهو ما قد يكون قد دفع إسرائيل إلى استنتاج أن إيران تتسابق نحو امتلاك قنبلة، ومن ثم قررت تسريع توجيه ضربة لإيران على أمل تعطيل البرنامج النووي الإيراني.
ومع ذلك قد تقرر إيران أن الضربات الإسرائيلية تعني أن الوقت قد حان ليقرر النظام ما إذا كان سيحصل على قنبلة نووية، إن لم يكن قد فعل ذلك بالفعل، وقد يستنتج الإيرانيون أنه لم يعد بإمكانهم البقاء على الحياد النووي، وعليهم الإسراع في امتلاك قنبلة أو المخاطرة بعدم امتلاكها أبداً.
وإذا كان هذا الأمر يبدو غير منطقي في وقت تنهال فيه الضربات الإسرائيلية على إيران بسبب برنامجها النووي، إلا أنه كما تنظر إسرائيل إلى إيران بسلاح نووي كتهديد وجودي، فإن عدم امتلاك إيران سلاحاً نووياً، أو في الأقل إمكان امتلاكه، يمثل بالنسبة إلى عديد من القادة الإيرانيين تهديداً وجودياً لبقاء النظام نفسه في الوقت الحالي، إذ يعتقد عديد من القادة الإيرانيين أن السلاح النووي يوفر لهم في نهاية المطاف الاستقرار والحماية، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى كوريا الشمالية من وجهة نظرهم.
غير أن سعى إيران لامتلاك سلاح نووي من شأنه أن يشجع ليس فقط إسرائيل، بل والولايات المتحدة أيضاً على شن حملة عسكرية ضد أي منشأة أو موقع تتوافر عنه معلومات استخباراتية أو تتواتر عنه أنباء أو شكوك بأنه يشمل عمليات تخصيب اليورانيوم لإنتاج سلاح نووي، وهو ما يفتح الباب على مصراعيه لصراع لا ينتهي وقد يأتي بنتائج وخيمة على القيادات السياسية في إيران.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سعورس
منذ ساعة واحدة
- سعورس
من يملك اليد العليا في الحرب الإسرائيلية الإيرانية؟.. تحليل القوة العسكرية
انطلقت صفارات الإنذار في وسط إسرائيل في ساعة مبكرة من صباح السبت 14 يونيو، مع إطلاق إيران موجة جديدة من الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة باتجاه مدن إسرائيلية رئيسية، منها تل أبيب والقدس. وجاء هذا القصف قبيل الفجر، الذي أكدته وسائل إعلام رسمية إيرانية ، بعد ساعات قليلة من ليلة ثانية على التوالي من إطلاق نار كثيف عبر الحدود. ومرة أخرى، فُعّلت أنظمة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية - القبة الحديدية، ومقلاع داوود، والسهم - لتضيء السماء بصواريخ اعتراضية، بينما هرع المدنيون إلى الملاجئ للمرة الثالثة في أقل من 48 ساعة. بدأ التصعيد في 12 يونيو، عندما شنت إسرائيل عملية "الأسد الصاعد"، وهي هجوم جوي واسع النطاق استهدف مواقع نووية وعسكرية في عمق الأراضي الإيرانية. أسفرت الضربات عن مقتل عدد من كبار قادة الحرس الثوري الإيراني ، بمن فيهم قائد القوات الجوفضائية أمير علي حاجي زادة، ورئيس أركان القوات المسلحة محمد باقري، بالإضافة إلى علماء نوويين مثل الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية فريدون عباسي. وأُبلغ عن أضرار جسيمة في منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم، أحد أكثر المواقع النووية حساسية في إيران. كما أظهرت لقطات من إيران انفجارات قرب أصفهان، وحتى حول وسط طهران ، مما أثار حالة من الذعر وتعهدات فورية بالانتقام من المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي. مساء الجمعة، نفذت إيران تهديدها. تحت شعار "الوعد الحق 3" ، أطلقت القوات الإيرانية أكثر من 150 صاروخًا باليستيًا وسربًا من الطائرات المسيرة باتجاه أهداف إسرائيلية. وعادت أنظمة الاعتراض إلى العمل في وسط وجنوب إسرائيل، حيث أفادت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" بإصابة أكثر من 60 شخصًا ووفاة امرأة توفيت لاحقًا متأثرةً بجراحها التي أصيبت بها خلال الهجوم. وأظهرت مقاطع فيديو من طهران الدفاعات الجوية الإيرانية وهي تهاجم أهدافًا فوق حي المنيرية، وهو حي قريب من مقر إقامة خامنئي والرئيس الإيراني ، مما يشير إلى أن الضربات الإسرائيلية وصلت إلى مسافة قريبة بشكل مثير للقلق من أعلى مكاتب النظام. ومع انخراط الجانبين الآن في مواجهة عسكرية مفتوحة ومباشرة، تحولت الحرب الخفية الطويلة الأمد بين إسرائيل وإيران إلى صراع إطلاق نار خطير ومتقلب للغاية. في حين يسعى المجتمع الدولي جاهدا لاحتواء التداعيات، أصبح هناك سؤال أساسي أكثر إلحاحا من أي وقت مضى: كيف تقارن إيران وإسرائيل عسكريا في المقارنة المباشرة؟ القوات البرية والقوى العاملة تتمتع إيران بتفوق عددي كبير من حيث عدد الأفراد. ووفقًا للمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية (IISS)، فإن الجيش الإيراني النظامي، والحرس الثوري الإسلامي، وقوات الباسيج شبه العسكرية، يُشكلون معًا أكثر من 600 ألف فرد نشط، مع وجود احتياطيات إضافية ترفع العدد الإجمالي إلى أكثر من 900 ألف. يُدير الحرس الثوري الإسلامي وحداته البرية والبحرية والجوية الخاصة، ويلعب دورًا مهيمنًا في العمليات الاستراتيجية، محليًا ودوليًا. في المقابل، تحتفظ إسرائيل بقوة أصغر بكثير ولكنها عالية التدريب. يتألف جيش الدفاع الإسرائيلي من حوالي 170 ألف جندي عامل، وما يُقدر بنحو 460 ألف جندي احتياطي. ورغم صغر حجمه، يُعرف الجيش الإسرائيلي بسرعة التعبئة، والاستعداد المُعتمد على التجنيد، وأنظمة القيادة المتكاملة التي تُمكّنه من الاستجابة السريعة في مختلف المسارات. القوة الجوية لطالما كان التفوق الجوي سمةً مميزةً لإسرائيل. يشغّل سلاح الجو الإسرائيلي مقاتلات الشبح من طراز F-35I "أدير"، إلى جانب أسراب من طائرات F-15 وF-16 المُطوّرة، وطائرات تزويد بالوقود جوًا، وطائرات مراقبة من طراز AWACS، ومنصات حرب إلكترونية. وقد تجلّت قدرته على ضرب أهداف بعيدة بدقة في هجومه في يونيو 2025، الذي أفادت التقارير أنه عطّل أنظمة رادار وصواريخ إيرانية متعددة في ليلة واحدة. بالمقارنة، لا تزال القوات الجوية الإيرانية قديمة الطراز. فرغم عقود من العقوبات وقيود الاستيراد، احتفظت طهران بأسطول من طائرات إف-4 وإف-5 الأمريكية القديمة، وطائرات ميج-29 من الحقبة السوفيتية، وعدد قليل من المنصات المُطوّرة محليًا. وبينما دخلت بعض الأنظمة الروسية الجديدة الخدمة، لا تزال إيران تفتقر إلى قدرات الجيل الخامس الحقيقية، وتعتمد بشكل أكبر على صواريخ أرض-جو للدفاع الجوي. الصواريخ والطائرات بدون طيار هنا تصبح المقارنة أكثر دقة، إذ تمتلك إيران أكبر ترسانة صواريخ باليستية في الشرق الأوسط. ووفقًا للمخابرات الأمريكية والإسرائيلية، تشمل ترسانتها صواريخ شهاب-3، وفاتح-110، وسجيل، ونماذج أحدث تعمل بالوقود الصلب، بمدى يتراوح بين 300 و2000 كيلومتر. وتدير القوة الجوية الفضائية التابعة للحرس الثوري الإيراني هذه الأنظمة، المنتشرة عبر صوامع تحت الأرض ومنصات إطلاق متحركة. والأهم من ذلك، برزت إيران أيضًا كقوة رئيسية في مجال الطائرات المسيرة، باستخدام طائرات بدون طيار مثل شاهد-136، ومهاجر-6، وأبابيل-3 لأغراض المراقبة والانتحار. وقد زُوّدت هذه الأنظمة لوكلاء في جميع أنحاء المنطقة، ويُقال إنها زُوّدت لروسيا في حرب أوكرانيا. في غضون ذلك، تحتفظ إسرائيل بترسانة صاروخية أصغر حجمًا، تُركز على أنظمة عالية الدقة، قصيرة ومتوسطة المدى، مثل صواريخ لورا (المدفعية بعيدة المدى) وسلسلة أريحا، والتي يُقال إنها تُشكل أساس رادعها الاستراتيجي. كما تتصدر إسرائيل تكنولوجيا الطائرات بدون طيار، حيث تُشغّل طائرات مُسيّرة مُجرّبة ميدانيًا لأغراض الاستطلاع والمراقبة والضربات الدقيقة. ومع ذلك، تفتقر إلى حجم وتنوع منصات الصواريخ التي تمتلكها إيران. أنظمة الدفاع الصاروخي من أهم الإنجازات العسكرية الإسرائيلية في السنوات الأخيرة تطوير شبكة دفاع صاروخي متعددة الطبقات. يعترض نظام القبة الحديدية الصواريخ قصيرة المدى، بينما يصدّ نظاما "مقلاع داود" و"حيتس-2/3" التهديدات متوسطة وبعيدة المدى، بما في ذلك الصواريخ الباليستية. وقد نجحت هذه الأنظمة، التي طُوّرت بالتعاون الأمريكي، في اعتراض آلاف المقذوفات منذ عام 2011، ولعبت دورًا محوريًا في الدفاع ضد أي رد إيراني. يجري تحديث شبكة الدفاع الجوي الإيرانية ، لكنها لا تزال غير متسقة. استوردت البلاد أنظمة إس-300 الروسية ونشرت منصات محلية الصنع مثل باور-373 وخرداد-15، التي تزعم طهران أنها تنافس إس-400. ومع ذلك، أفادت التقارير بأن الضربات الإسرائيلية الأخيرة اخترقت هذه الدفاعات بمقاومة محدودة، مما أثار تساؤلات حول جاهزية شبكة الدفاع الجوي الإيرانية وتكاملها. القدرات البحرية القوة البحرية ساحة أخرى غير متكافئة. تمتلك إيران قيادتين بحريتين منفصلتين: البحرية الإيرانية النظامية (IRIN) وبحرية الحرس الثوري الإسلامي. تتخصص الأخيرة في حرب السواحل، وتكتيكات الهجوم الجماعي، والزوارق الهجومية السريعة، والزوارق السريعة المجهزة بالصواريخ القادرة على تعطيل حركة الملاحة في مضيق هرمز. كما تُشغّل إيران عددًا من الغواصات التي تعمل بالديزل والكهرباء، واختبرت صواريخ باليستية مضادة للسفن. البحرية الإسرائيلية أصغر حجمًا، لكنها أكثر تطورًا من الناحية التكنولوجية. فهي تُشغّل غواصات من فئة دولفين، القادرة على الأرجح على إطلاق صواريخ كروز ذات رؤوس نووية، وطرادات من فئة ساعر مزودة بدفاعات صاروخية متطورة. وتلعب البحرية الإسرائيلية دورًا استراتيجيًا رئيسيًا في تأمين موارد الغاز البحرية، وتوفر قدرة على الرد السريع من خلال أسطولها من الغواصات. السيبرانية والاستخبارات تعتبر كلتا الدولتين من القوى السيبرانية الكبرى. يُنسب إلى إسرائيل على نطاق واسع إطلاق دودة ستكسنت التي عطّلت البرنامج النووي الإيراني عام 2010، بالشراكة مع الولايات المتحدة. وتُعدّ الوحدة 8200 الإسرائيلية وحدةً رائدةً في مجال استخبارات الإشارات والحرب السيبرانية. كما تتمتع بتكاملٍ عميق بين الاستخبارات العسكرية، وجهاز الأمن الداخلي (شين بيت)، والموساد (العمليات الخارجية)، مما يُمكّنها من الاستهداف الاستباقي الدقيق. طورت إيران قدرات سيبرانية هائلة خاصة بها، حيث دبرت هجمات ضد البنية التحتية الإسرائيلية، والبنوك الأمريكية ، وأصول الطاقة السعودية. يدير الحرس الثوري الإيراني قسمًا سيبرانيًا خاصًا به، وقد استخدم العمليات السيبرانية لدعم القوات التابعة له في سوريا والعراق ولبنان. الوكالة والتأثير الإقليمي لعلّ الاختلاف الأكبر يكمن في العقيدة الاستراتيجية. فقد بنت إيران شبكةً واسعةً من القوى بالوكالة، بما في ذلك حزب الله في لبنان ، وحماس والجهاد الإسلامي في غزة ، والميليشيات الشيعية في العراق وسوريا ، والحوثيون في اليمن. يمنح "محور المقاومة" هذا طهران القدرة على فتح جبهات متعددة وشن حرب غير متكافئة بعيدًا عن حدودها. لا تمتلك إسرائيل شبكة وكلاء كهذه، لكنها تعتمد على العمليات المُستهدفة، والتفوق الاستخباراتي، والعمل العسكري المباشر لمواجهة نفوذ إيران. وتعكس هجماتها الأخيرة على مسؤولي الحرس الثوري الإيراني في سوريا ولبنان ، بالإضافة إلى عمليات التخريب داخل إيران ، استراتيجية استباقية وتعطيلية بدلاً من الاستنزاف. المسألة النووية يُعتقد على نطاق واسع أن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية - تُقدر بما بين 80 و200 رأس حربي - تُطلق عبر صواريخ أريحا 3، وغواصات من طراز دولفين قادرة على إطلاق صواريخ كروز، وطائرات إف-15 آي وإف-16 آي القادرة على حمل رؤوس نووية. وتحافظ إسرائيل على سياسة "الغموض النووي" (الأميموت)، أي أنها لا تؤكد أو تنفي وجود مثل هذه الأسلحة. رغم نفيها الرسمي أي نية لتصنيع أسلحة نووية، أحرزت إيران تقدمًا ملحوظًا في برنامجها للتخصيب. ووفقًا لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الصادر في مايو 2025، تمتلك إيران حوالي 408.6 كيلوغرام من اليورانيوم المخصب بنسبة تصل إلى 60%، وهي كمية كافية لإنتاج 9-10 رؤوس حربية إذا خُصبت إلى درجة صنع الأسلحة. الحكم: إن إسرائيل تمتلك رادعًا نوويًا غير معلن عنه ولكنه فعال؛ أما إيران فقد وصلت إلى عتبة هذا الرادع ولكنها لم تصل إليه بعد. الاستنتاج الأخير من الناحية العسكرية التقليدية، تتمتع إسرائيل بتفوق نوعي، بفضل قوتها الجوية المتفوقة، وقدراتها السيبرانية، ودفاعها الصاروخي، وردعها النووي. أما إيران ، فتعوّض ذلك بعمقها الاستراتيجي، ووكلائها الإقليميين، ومخزونها الصاروخي الضخم، ونظريتها العسكرية غير المتكافئة المتنامية التي تتحدى إسرائيل على جبهات متعددة. في حين ينصب تركيز إسرائيل على الدفاع عن أراضيها باستخدام أنظمة عالية التقنية وقدرات الضرب السريع، فإن عقيدة إيران مبنية على الردع من خلال التوسع المفرط - الاستفادة من الحلفاء والصواريخ والأيديولوجية لنشر القوات الإسرائيلية. إن السؤال الحقيقي لم يعد من هو الأقوى عسكريا، بل إلى متى يمكن احتواء هذه المواجهة المباشرة قبل أن تتحول إلى حرب إقليمية أوسع نطاقا، أو ربما تجتذب القوى العالمية.


الأمناء
منذ ساعة واحدة
- الأمناء
الحرب الإسرائيلية الإيرانية: ما هي أسوأ السيناريوهات المحتملة؟
في الوقت الحالي، يبدو أن القتال بين إسرائيل وإيران يقتصر على الدولتين. وقد تعالت دعواتٌ واسعة النطاق لضبط النفس في الأمم المتحدة وغيرها. ولكن ماذا لو لم تُجْدِ آذانًا صاغية؟ ماذا لو تصاعد القتال وتوسّع؟ فيما يلي بعض السيناريوهات المحتملة الأسوأ. •أمريكا تتورط وعلى الرغم من كل النفي الأميركي، فمن الواضح أن إيران تعتقد أن القوات الأميركية أيدت الهجمات الإسرائيلية ودعمتها ضمنياً على الأقل. قد تضرب إيران أهدافًا أمريكية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، مثل معسكرات القوات الخاصة في العراق، والقواعد العسكرية في الخليج، والبعثات الدبلوماسية في المنطقة. قد تضاءلت قوات إيران بالوكالة - حماس وحزب الله - بشكل كبير، لكن الميليشيات الداعمة لها في العراق لا تزال مسلحة وسليمة. خشيت الولايات المتحدة من احتمال وقوع مثل هذه الهجمات، فسحبت بعض أفرادها. وفي رسائلها العلنية، حذّرت الولايات المتحدة إيران بشدة من عواقب أي هجوم على أهداف أمريكية. ماذا قد يحدث لو قُتل مواطن أميركي، على سبيل المثال، في تل أبيب أو في أي مكان آخر؟ قد يجد دونالد ترامب نفسه مُجبرًا على التصرّف. وطالما اتُهم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بالسعي إلى جرّ الولايات المتحدة لمساعدته في هزيمة إيران. ويقول المحللون العسكريون إن الولايات المتحدة وحدها هي التي تمتلك القاذفات والقنابل الخارقة للتحصينات القادرة على اختراق أعمق المنشآت النووية الإيرانية، وخاصة منشأة فوردو. وعد ترامب ناخبيه المؤيدين لـ"لنجعل أمريكا عظيمة مجددًا" بأنه لن يبدأ أيًّا مما يُسمى "حروبًا أبدية" في الشرق الأوسط. لكن عددًا مماثلًا من الجمهوريين يدعمون حكومة إسرائيل ورأيها بأن الوقت قد حان للسعي إلى تغيير النظام في طهران. ولكن إذا أصبحت أميركا مقاتلاً نشطاً، فإن هذا من شأنه أن يمثل تصعيداً هائلاً يخلف عواقب وخيمة طويلة الأمد وربما مدمرة. •دول الخليج تتورط إذا فشلت إيران في إلحاق الضرر بالأهداف العسكرية وغيرها من الأهداف الإسرائيلية المحمية جيدا، فإنها تستطيع دائما توجيه صواريخها نحو أهداف أكثر ليونة في الخليج، وخاصة البلدان التي تعتقد إيران أنها ساعدت وشجعت أعدائها على مر السنين. هناك العديد من أهداف الطاقة والبنية التحتية في المنطقة. تذكروا أن إيران اتُهمت بضرب حقول النفط السعودية عام 2019، وأن وكلاءها الحوثيين ضربوا أهدافًا في الإمارات عام 2022. ومنذ ذلك الحين، حدثت بعض المصالحة بين إيران وبعض الدول في المنطقة. لكن هذه الدول تستضيف قواعد جوية أمريكية. كما ساهم بعضها - سرًا - في حماية إسرائيل من هجوم صاروخي إيراني العام الماضي. وإذا تعرض الخليج لهجوم، فقد يطلب هو الآخر من الطائرات الحربية الأميركية أن تأتي للدفاع عنه وعن إسرائيل. •إسرائيل تفشل في تدمير القدرة النووية الإيرانية ماذا لو فشل الهجوم الإسرائيلي؟ ماذا لو كانت منشآت إيران النووية عميقة جدًا ومحمية بشكل جيد جدًا؟ ماذا لو لم يُدمر مخزونها من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، والذي يبلغ 400 كيلوغرام، وهو الوقود النووي الذي لا يفصله سوى خطوة واحدة عن الوصول إلى درجة صنع أسلحة نووية كاملة، أي ما يكفي لصنع عشر قنابل تقريبًا؟ يُعتقد أنه قد يكون مُخبأً في أعماق مناجم سرية. ربما قتلت إسرائيل بعض العلماء النوويين، لكن لا يمكن لأي قنبلة أن تدمر المعرفة والخبرة الإيرانية. ماذا لو أقنع الهجوم الإسرائيلي القيادة الإيرانية بأن طريقتها الوحيدة لردع المزيد من الهجمات هي السباق إلى امتلاك القدرة النووية بأسرع ما يمكن؟ ماذا لو كان هؤلاء القادة العسكريون الجدد حول الطاولة أكثر عنادًا وأقل حذرًا من أسلافهم الراحلين؟ على أقل تقدير، قد يُجبر هذا إسرائيل على شنّ المزيد من الهجمات، مما قد يُدخل المنطقة في جولة متواصلة من الضربات والهجمات المضادة. لدى الإسرائيليين تعبيرٌ قاسٍ لهذه الاستراتيجية؛ يُسمّونها "جزّ العشب". •هناك صدمة اقتصادية عالمية سعر النفط يرتفع بالفعل. ماذا لو حاولت إيران إغلاق مضيق هرمز، مما يزيد من تقييد حركة النفط؟ ماذا لو ضاعف الحوثيون في اليمن، على الجانب الآخر من شبه الجزيرة العربية، جهودهم لمهاجمة سفن الشحن في البحر الأحمر؟ إنهم آخر حليف متبقٍ لإيران يُزعم أنه حليف بالوكالة، ولديهم سجل حافل من عدم القدرة على التنبؤ بتصرفاتهم وإقدامهم على المخاطرة. تعاني دول عديدة حول العالم بالفعل من أزمة غلاء معيشة. ومن شأن ارتفاع أسعار النفط أن يزيد التضخم في نظام اقتصادي عالمي يئن تحت وطأة حرب ترامب الجمركية. ولا ينبغي لنا أن ننسى أن الرجل الوحيد الذي يستفيد من ارتفاع أسعار النفط هو الرئيس الروسي فلاديمير بوتن، الذي سيرى فجأة مليارات الدولارات تتدفق إلى خزائن الكرملين لدفع ثمن حربه ضد أوكرانيا. •سقوط النظام الإيراني وترك فراغ ماذا لو نجحت إسرائيل في تحقيق هدفها على المدى الطويل المتمثل في فرض انهيار النظام الثوري الإسلامي في إيران؟ يزعم نتنياهو أن هدفه الرئيسي هو تدمير القدرة النووية الإيرانية. لكنه أوضح في بيانه أمس أن هدفه الأوسع يشمل تغيير النظام. وقال "للشعب الإيراني الفخور" إن هجومه "يمهد الطريق أمامكم لتحقيق حريتكم" من ما وصفه بـ "نظامهم الشرير والقمعي". قد يروق إسقاط حكومة إيران للبعض في المنطقة، وخاصةً بعض الإسرائيليين. لكن ما الفراغ الذي قد يتركه؟ وما العواقب غير المتوقعة؟ وكيف سيبدو الصراع الأهلي في إيران؟ ويستطيع الكثيرون أن يتذكروا ما حدث في العراق وليبيا عندما تمت إزالة الحكومة المركزية القوية. لذا، فإن الكثير يعتمد على كيفية تقدم هذا الصراع في الأيام المقبلة. كيف - وبأي قوة - سترد إيران؟ وما هي القيود - إن وُجدت - التي يمكن للولايات المتحدة ممارستها على إسرائيل؟


قاسيون
منذ ساعة واحدة
- قاسيون
مسؤول «إسرائيلي»: لن نتمكن من تدمير كل البنية التحتية النووية لإيران
هذا فيما قال المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية: منشآت التخصيب الإيرانية تحت الأرض في "نطنز" سليمة، والأضرار لحقت فقط بالمنشآت السطحية. ولكن الوكالة تحدث أيضاً عن: تضرر 4 مبان حيوية في موقع "أصفهان" النووي الإيراني في هجوم أمس، منها منشأة لتحويل اليورانيوم، ولا نتوقع زيادة في الإشعاع. ونقلت وكالة أنباء فارس مساء اليوم السبت، وهو اليوم الثاني للعدوان «الإسرائيلي» على إيران، خبر إسقاط مُسيرة «إسرائيلية» قرب موقع "نطنز" النووي الإيراني. وقالت وكالة "تسنيم" الإيرانية: شهيدان بهجوم «إسرائيلي» مباشر على سيارة إسعاف في أذربيجان الغربية بإيران. هذا فيما وثقت صور متداولة في إعلام الاحتلال حالة مطار "بن غوريون" حيث بدا مهجوراً بسبب القصف الإيراني، وأمتعة المسافرين العائدين إلى "إسرائيل" مكدسة بالمكان. وصرح مسؤولون في قطاع الطيران بالكيان بأن المستوطنين العالقين خارج «إسرائيل» قد لا يتمكنون من العودة قبل أسابيع. ويتواصل العدوان على إيران في عدة مناطق منها: - حرائق في ميناء كنغان بمدينة بوشهر الإيرانية؛ جرّاء هجوم مُسيرات الاحتلال. - دوي انفجار قرب ثكنة عسكرية في مدينة أرومية الإيرانية. - حرائق في ميناء كنغان بمدينة بوشهر الإيرانية؛ جرّاء هجوم مُسيرات الاحتلال. بالمقابل أعلن المتحدث باسم إدارة الأزمات في محافظة قم الإيرانية: تدمير وإسقاط مسيرتين إسرائيليتين في أجواء مدينة قم، مساء اليوم.