
الصفقات الغامضة تفرض الحاجة إلى بورصة سعودية للطاقة.. مفتاح الشفافية والسيولة
عادت إلى الواجهة تساؤلات عديدة بين المتعاملين في أسواق النفط في الخليج العربي حول مدى موثوقية التسعير على مؤشر خام دبي، في حين أن شفافية ووضوح صفقات براميل خام دبي في السوق الفوري Physical Market يعدان أمرًا بالغ الأهمية بينما موثوقية مؤشر خام دبي، الذي يُعد معيارًا أساسيًا لتسعير النفط في منطقة الخليج العربي، موضع تساؤل متزايد. فقد أثارت سلسلة من الصفقات غير الشفافة وغير المنطقية من المشترين الرئيسين في السوق المادي لبراميل خام دبي في شهر مارس عام 2025 مخاوف جدية بشأن الشفافية وآلية اكتشاف الأسعار، مما أدى أيضًا إلى تشويه قيمة عقود التبادل الشهري (Balance Month Swap – BALMOS)، وهي أداة تحوط رئيسية في السوق.
هذه التحركات السعرية غير المُبرّرة تؤثر بشكل مباشر على السوق وتؤدي إلى اضطرابات في تحديد اسعار الفروقات الرسمية الشهرية لبيع النفط (OSP) من منتجي الخليج العربي. فإذا كان بعض المتداولون الكبار لبراميل خام دبي في السوق المادي Physical Market يقدمون عروض شراء تفوق الأسعار المتاحة دون تنفيذ فعلي للصفقات، فكيف يمكن للمشاركين الآخرين في السوق الوثوق بشفافية المؤشر خاصة مع عدم وجود جهة تنظيمية تتدخل لضمان الشفافية. وإذا كان مؤشر خام دبي عرضة للخلل بسبب المشترين الرئيسيين الكبار لخام دبي في السوق المادي Physical Market، فما تأثير ذلك على موثوقية تسعير النفط الخليجي؟ وكيف يمكن للمنتجين الرئيسيين، مثل السعودية والكويت، الاعتماد على آلية تسعير قد تشهد تقلبات غير منطقية؟
فهل حان الوقت لاتخاذ إجراءات حاسمة لعلاج خلل الموثوقية قبل أن تتعرض لمزيد من التشويه. يستحق السوق وضوحًا يضمن شفافية التسعير، وإلا فإن ثقة العالم في آلية تسعير النفط الخليجي ستكون على المحك. إذا فمن هو المنقذ؟
من اللافت أن المملكة العربية السعودية، أكبر مُصدّر للنفط في العالم، لا تمتلك بورصة خاصة بتداول النفط، في حين أن الصين، أكبر مستورد للنفط عالميًا، أطلقت بورصة شنغهاي للطاقة The Shanghai International Energy Exchange (INE) في عام 2018 لتداول العقود الآجلة للنفط باليوان الصيني. وكان الهدف الرئيسي من هذه البورصة الحد من هيمنة الدولار الأمريكي على تجارة النفط، وتعزيز دور الصين في تسعير النفط عالميًا، بالإضافة إلى الاستفادة من السيولة الضخمة الناتجة عن التداولات المليارية في العقود الآجلة.
ورغم محاولات بورصة شنغهاي للطاقة تقديم بديل للعقود الآجلة للنفط المقومة بالدولار وجذب المستثمرين، إلا أنها، ورغم نمو حجم التداول والسيولة مع مرور الوقت، لم تصل بعد إلى مستوى يجعلها مؤثرة عالميًا مثل خام برنت أو خام غرب تكساس WTI، اللذين يتمتعان بسيولة واسعة، وبالرغم من السيولة الضخمة التي توفرها هذه البورصات، لا تضطلع أي منها بالدور المحوري الذي تلعبه المملكة العربية السعودية في تحقيق توازن أسواق النفط واستقرار الاقتصاد العالمي.
بورصة سعودية للطاقة دون فك الارتباط عن الدولار
لا يعني إنشاء بورصة سعودية للطاقة السعي إلى فك الارتباط عن هيمنة الدولار في تسعير النفط، إذ لا تزال هذه العملة حتى اليوم الخيار الأكثر قدرة على استيعاب حجم التداولات النفطية الهائلة. من هذا المنطلق، فإن دعم التداولات بالدولار الأمريكي يظل الخيار الأمثل، رغم أن المنطق الاقتصادي البحت يقتضي أن تمتلك المملكة، بصفتها أحد أكبر المنتجين، حرية تسعير نفطها وفقًا لمتطلبات اقتصادها الوطني.
في بعض أسواق السلع، يحدد المنتجون الأسعار دون تدخل المضاربين أو الوسطاء الماليين، بينما يظل سوق النفط عرضة لموجات مضاربية حادة قد لا تعكس بالضرورة أساسيات العرض والطلب. وعلى الرغم من الجهود المستمرة التي تبذلها المملكة للحفاظ على استقرار السوق، يستغل بعض المضاربين هذه التقلبات لتحقيق أرباح سريعة، دون اعتبار لتأثير ذلك على الاقتصاد العالمي واستقرار أسواق الطاقة.
تسعير النفط السعودي: بين الثبات والتطوير
إذا كان هناك تحفّظ على تغيير آلية التسعير المرتبطة بالمؤشرات القياسية للأسواق العالمية والممتدة منذ عام 1986، نستطيع أن نستمر في تسعير النفط السعودي على هذه المؤشرات القياسية العالمية، وبدون تعويم لخامات النفط العربي Arabian Crude، والذي تُمثّل جُل صادرات المملكة من النفط، وبذلك لن تتأثر آلية التسعير والمبيعات الحالية. ولكن من الممكن أن نُعوّم حصتنا من نفط حقل الخفجي ونفط ابو سعفة وهما خامات متوسطة متقاربة في المواصفات ومتوفرة بكميات تساعد على توفير السيولة للبورصة وتحقيق تداولات كبيرة، وفي نفس الوقت تفتقد هذه الخامات المتوسطة في الخليج العربي أن تُسعّر على نفط قياسي له نفس المواصفات. علاوة على ذلك، فإن غياب معيار واضح لتسعير الخام المتوسط في المنطقة يجعل من هذه المبادرة فرصة سانحة لتعزيز الشفافية، مما يسهم في تحسين كفاءة التسعير في أسواق النفط الخليجية والعالمية.
*نقلا عن صحيفة " مال" السعودية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


شبكة عيون
منذ 5 ساعات
- شبكة عيون
استقرار مؤشر الدولار مع ترقب محضر الفيدرالي
استقرار مؤشر الدولار مع ترقب محضر الفيدرالي ★ ★ ★ ★ ★ مباشر: استقر مؤشر الدولار خلال تعاملات الأربعاء، مع ترقب محضر اجتماع الفيدرالي المقرر صدوره اليوم، لرصد توجهات مسؤولي الفيدرالي بشأن تداعيات الرسوم الجمركية على الاقتصاد الأكبر في العالم. واستقر مؤشر الدولار الذي يعبر عن قيمة العملة الأمريكية مقابل سلة من 6 عملات رئيسية عند 99.56 نقطة. كما تراجعت العملة الأمريكية أمام نظيرتها اليابانية بنسبة طفيفة 0.1% إلى 144.15 ين، بعد ارتفاع الدولار بنسبة 1% أمس في أعقاب تقارير أفادت بأن اليابان تدرس تقليص إصدار السندات طويلة الأجل بسبب الصعود الحاد في العوائد خلال الاسابيع الأخيرة. فيما استقر اليورو عند 1.1332 دولار، مع ظهور بوادر على تقدم المحادثات التجارية بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. حيث ذكرت مصادر لوكالة "رويترز"، أن الاتحاد طلب من كبرى الشركات والرؤساء التنفيذيين في التكتل تفاصيل خططهم الاستثمارية في الولايات المتحدة، سعيًا للتوصل إلى اتفاق تجاري مع واشنطن. وارتفع الجنية الإسترليني بنسبة طفيفة 0.1% إلى 1.3515 دولار، لكنه ظل قريبًا من أعلى مستوى له في ثلاث سنوات والذي لامسه يوم الاثنين. مباشر (اقتصاد) مباشر (اقتصاد)


حضرموت نت
منذ 6 ساعات
- حضرموت نت
الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تؤكد تأييدها للقرارات الصادرة عن الاجتماع القيادي للمجلس
الجنوب بوست/ متابعات عقدت الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الأربعاء، اجتماعها الدوري، برئاسة الأستاذ علي عبد الله الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية، القائم بأعمال رئيس المجلس. واستعرضت الهيئة، في مستهل اجتماعها، الذي حضره الأستاذ عصام عبده علي، نائب رئيس الجمعية، مستجدات الوضع الاقتصادي والخدمي والإنساني المتفاقم، وما يقابله من صمت حكومي مُطبق لا يتناسب مع حجم الأزمة القائمة. وحمّلت الهيئة، في اجتماعها، الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي مسؤولية إيجاد معالجات جذرية للأوضاع المتدهورة، محذّرة من أن عدم الجدية في حل هذه المشكلات سيؤدي إلى زيادة السخط الشعبي، وخروج موجة الاحتجاجات في العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب، إلى ما لا يُحمد عقباه. وفي السياق، أكدت الهيئة تأييدها المطلق للقرارات والتوصيات الصادرة عن الاجتماع القيادي للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي عُقد مؤخرًا وضم الكتلة الوزارية للمجلس وقيادة السلطة المحلية وانتقالي العاصمة عدن، والتي تأتي في إطار الجهود المبذولة من قبل قيادة المجلس لإنقاذ شعب الجنوب من الحالة المعيشية المتردية التي يعاني منها على مختلف المستويات. وفي سياق آخر، عبّرت الهيئة عن رفضها للقرار الذي تعتزم الحكومة إقراره، والمتمثل في رفع سعر الدولار الجمركي على الواردات إلى 1500 ريال للدولار الواحد، بدلاً من 700 ريال، محذّرة من أن اتخاذ مثل هذه القرارات، في ظل الظروف الراهنة، سيمثل كارثة حقيقية من شأنها أن تفاقم معاناة المواطنين، ويعكس شعورًا بعدم المسؤولية تجاههم. واختتمت الهيئة اجتماعها بمناقشة عدد من التقارير المقدّمة من لجانها المختصة، وفقًا للمهام المناطة بها، واتخذت بشأنها ما يلزم من قرارات.


المجلس الانتقالي الجنوبي
منذ 7 ساعات
- المجلس الانتقالي الجنوبي
الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية تؤكد تأييدها للقرارات الصادرة عن الاجتماع القيادي للمجلس
عقدت الهيئة الإدارية للجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي، اليوم الأربعاء، اجتماعها الدوري، برئاسة الأستاذ علي عبد الله الكثيري، رئيس الجمعية الوطنية، القائم بأعمال رئيس المجلس. واستعرضت الهيئة، في مستهل اجتماعها، الذي حضره الأستاذ عصام عبده علي، نائب رئيس الجمعية، مستجدات الوضع الاقتصادي والخدمي والإنساني المتفاقم، وما يقابله من صمت حكومي مُطبق لا يتناسب مع حجم الأزمة القائمة. وحمّلت الهيئة، في اجتماعها، الحكومة ومجلس القيادة الرئاسي مسؤولية إيجاد معالجات جذرية للأوضاع المتدهورة، محذّرة من أن عدم الجدية في حل هذه المشكلات سيؤدي إلى زيادة السخط الشعبي، وخروج موجة الاحتجاجات في العاصمة عدن وبقية محافظات الجنوب، إلى ما لا يُحمد عقباه. وفي السياق، أكدت الهيئة تأييدها المطلق للقرارات والتوصيات الصادرة عن الاجتماع القيادي للمجلس الانتقالي الجنوبي، الذي عُقد مؤخرًا وضم الكتلة الوزارية للمجلس وقيادة السلطة المحلية وانتقالي العاصمة عدن، والتي تأتي في إطار الجهود المبذولة من قبل قيادة المجلس لإنقاذ شعب الجنوب من الحالة المعيشية المتردية التي يعاني منها على مختلف المستويات. وفي سياق آخر، عبّرت الهيئة عن رفضها للقرار الذي تعتزم الحكومة إقراره، والمتمثل في رفع سعر الدولار الجمركي على الواردات إلى 1500 ريال للدولار الواحد، بدلاً من 700 ريال، محذّرة من أن اتخاذ مثل هذه القرارات، في ظل الظروف الراهنة، سيمثل كارثة حقيقية من شأنها أن تفاقم معاناة المواطنين، ويعكس شعورًا بعدم المسؤولية تجاههم. واختتمت الهيئة اجتماعها بمناقشة عدد من التقارير المقدّمة من لجانها المختصة، وفقًا للمهام المناطة بها، واتخذت بشأنها ما يلزم من قرارات.