
"الإحصاء": شباب فلسطين بين الأمل والصمود في وجه تحديات غير مسبوقة
وأقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرارها رقم 54/120 للعام 1999 إعلان 12 آب/أغسطس يوماً عالمياً للشباب، نظراً لكونهم شركاء أساسيين في التغيير، ولرفع مستوى الوعي وتسليط الضوء على التحديات والمشكلات التي تواجه الشباب في مختلف أنحاء العالم.
ويُحيي العالم يوم الشباب العالمي للعام 2025 تحت شعار "إشراك الشباب في توطين أهداف التنمية المستدامة"، وذلك تأكيداً على دور الشباب الحيوي في تحقيق مستقبل مزدهر، ومستدام، وعادل. لكن في الوقت الذي تحتفل فيه شعوب العالم بتمكين الشباب وتوسيع مشاركتهم، يُواجه الشباب الفلسطيني، وبخاصة في قطاع غزة، واحدة من أعنف وأطول الأزمات الإنسانية في العصر الحديث.
ووفق "الإحصاء"، يُشكّل الشباب الفلسطيني في الفئة العمرية (18–29 سنة) نحو 1.2 مليون شاب وشابة؛ أي ما نسبته 21% من إجمالي سكان الضفة الغربية وقطاع غزة حتى منتصف العام 2025، بواقع 22% في الضفة الغربية و21% في قطاع غزة. وتُظهر هذه النسب أن أكثر من خُمس المجتمع الفلسطيني يتكون من فئة الشباب، ما يجعلهم ركيزة أساسية لأي تنمية مستقبلية أو استجابة وطنية للأزمات.
كما بلغت نسبة الجنس بين الشباب حوالي 104 ذكور مقابل كل 100 أنثى، ما يعكس توازناً نسبياً في التوزيع بين الجنسين ضمن هذه الفئة.
لكن على الرغم من الثقل العددي والديموغرافي الذي يمثله الشباب، فإنهم الأكثر تضرراً في سياق العدوان الإسرائيلي، سواء عبر الاستهداف المباشر أو عبر تداعيات العدوان على فرصهم في التعليم، والعمل، والتنمية.
خسائر بشرية ونزوح
ومنذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، تمارس قوات الاحتلال الإسرائيلي حرب إبادة ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، رافقها ارتكاب مجازر ودمار للمباني والمنشآت والبنية التحتية في القطاع، في ظل انعدام الخدمات الصحية والغذائية الأساسية، راح ضحيتها، حتى اليوم، أكثر من 61 ألف شهيد، كما نزح نحو مليونَيْ فلسطيني من بيوتهم من أصل نحو 2.2 مليون فلسطيني كانوا يقيمون في القطاع عشية عدوان الاحتلال الإسرائيلي.
وفي ظل العدوان الإسرائيلي المستمر منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تشير التقديرات السكانية الحديثة ـبحسب "الإحصاء"- إلى أن عدد سكان القطاع انخفض إلى نحو 2,129,724 نسمة للعام 2024، بتراجع نسبته 6% مقارنة بالتقديرات السكانية لمنتصف العام 2024، وانخفض إلى 2,114,301 نسمة منتصف العام 2025 بانخفاض نسبته 10% مقارنة بالتقديرات المعدة سابقاً قبل العدوان الإسرائيلي لمنتصف العام 2025.
وتظهر البيانات الحديثة، أيضاً، انخفاضاً في عدد الشباب (الفئة العمرية 18–29 عاماً) بنسبة تُقدّر بـ10% عن التقديرات السكانية للعام 2025، وذلك نتيجة للاستهداف المباشر والممنهج لهذه الفئة من قبل قوات الاحتلال، ما ينذر بتحولات ديموغرافية في بنية المجتمع الفلسطيني.
الثمن الأكبر
وقال "الإحصاء": إنه في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة، تتوالى الأرقام الصادمة التي تُجسّد حجم الكارثة الإنسانية، وبخاصة بين الفئات الشابة. فمنذ بدء العدوان في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، استشهد أكثر من 61 ألف فلسطيني، ما يعادل 2.7% من إجمالي سكان القطاع عشية العدوان على القطاع العام 2023، فبلغت نسبة فئة الشباب من إجمالي الشهداء نحو 24% (26% من الذكور، و22% من الإناث).
وذكر "الإحصاء" أن نحو 100 ألف فلسطيني سافروا من غزة منذ بداية العدوان الإسرائيلي المتواصل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، في وقتٍ لا يزال يعيش فيه 2.1 مليون إنسان تحت وطأة مجاعة كارثية، تُعد الأسوأ في تاريخ المنطقة. وتشير البيانات إلى أن 133 فلسطينياً قضوا بسبب الجوع، من بينهم 87 طفلاً، في ظل انعدام الغذاء والمياه وانهيار القطاع الصحي بالكامل. في موازاة ذلك، ارتفع عدد الجرحى إلى أكثر من 145 ألف جريح، 70% منهم من النساء والأطفال، إضافة إلى حوالي 11 ألف مفقود لا يزال مصيرهم مجهولاً.
وتابع: في الضفة الغربية، لم يكن المشهد أقل ألماً؛ فقد بلغ عدد الشهداء منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023، 1,030 شهيداً، 75% منهم دون سن 30 عاماً، ما يؤكد أن الشباب الفلسطيني يُستهدف بشكل مباشر في الجغرافيا الفلسطينية كافة، ضمن سياسات تدمير ممنهجة للبنية السكانية المستقبلية.
وذكر الجهاز أن العدوان الإسرائيلي المستمر إلى أدى إلى تحولات ديموغرافية خطيرة في قطاع غزة، أبرزها التأثير المباشر على التركيب العمري للسكان، وبخاصة الفئات الشابة، بفعل الانخفاض الكبير في معدلات الإنجاب والولادات.
وترتبط هذه التحولات بعوامل متداخلة، منها تراجع حالات الزواج الجديدة إلى مستويات متدنية للغاية، وتردد الأزواج في الإنجاب نظراً للأوضاع الكارثية، وخوفاً على صحة الأمهات والأطفال في ظل الانهيار الكامل للنظام الصحي والخدمات الأساسية.
في السياق ذاته، يتوقع أن يتشوه شكل الهرم السكاني في القطاع نتيجة الاستهداف الإسرائيلي الممنهج للأطفال والشباب، ما سيؤثر على قاعدته العمرية بشكل مباشر، بحسب "الإحصاء".
الطلبة في قلب الاستهداف
ومنذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى 8 تموز/يوليو 2025، استشهد أكثر من 17 ألف طالب وطالبة من المدارس والجامعات، في واحدة من أكبر الكوارث التعليمية في التاريخ الفلسطيني الحديث.
فقد بلغ عدد الشهداء من طلبة المدارس في فلسطين 16,124 شهيداً وشهيدة، منهم 16,019 في قطاع غزة، و105 في الضفة الغربية. كما بلغ عدد الجرحى من الطلبة الملتحقين في المدارس في فلسطين 24,614 جريحاً وجريحة، بواقع 23,913 في قطاع غزة، و701 في الضفة الغربية.
أما في مؤسسات التعليم العالي، فقد استشهد 1,191 طالباً وطالبة، من بينهم 1,156 في قطاع غزة، و35 في الضفة الغربية، فيما جرح 2,577 طالباً وطالبة، بينهم 2,351 في قطاع غزة، و226 في الضفة الغربية.
وفي سياق الاستهداف المنهجي للقطاع التعليمي، تم اعتقال 367 طالباً من المدارس، و401 طالباً وطالبة من الجامعات، جميعهم من الضفة الغربية، ما يعكس حجم القمع الذي يطال الطلبة في مختلف المراحل التعليمية.
تؤكد هذه الأرقام ـوفق "الإحصاء" أن المنظومة التعليمية الفلسطينية باتت في قلب الاستهداف العسكري الإسرائيلي، في محاولة لتدمير مستقبل الأجيال القادمة، وحرمانهم من أبسط حقوقهم في التعليم والأمان.
حرمان من التعليم الجامعي
وكنتيجة للقصف المستمر بالغارات العنيفة على قطاع غزة، وحصيلة الشهداء المرتفعة من الطلبة والعاملين، وتدمير البنية التحتية لعدد من الجامعات، فقد تم تعطيل جميع مؤسسات التعليم العالي في قطاع غزة منذ بدء العدوان، وحرمان حوالي 88 ألف طالب وطالبة من الذهاب إلى جامعاتهم، فيما حرم حوالي 39 ألف طالب وطالبة من حقهم في تقديم امتحان شهادة الثانوية العامة في قطاع غزة لعامين متتاليين.
وعلى الرغم من أن التعليم يُعدّ الاستثمار الأهم للفلسطينيين على المستويين الفردي والمجتمعي، فإن العائد على هذا الاستثمار يواجه تحديات صارخة، أبرزها تفشي البطالة بين فئة الشباب.
وتشير بيانات العام 2024 إلى أن من بين كل 100 شاب/شابة في الفئة العمرية 18–29 سنة في الضفة الغربية، هناك 19 حاصلون على شهادة بكالوريوس أو أعلى. وتُظهر الأرقام أن الشابات أكثر تحصيلاً علمياً؛ إذ إن 25 شابة من كل 100 يحملن شهادة بكالوريوس فأعلى، مقابل 14 شاباً فقط من الذكور.
لكن، في المقابل، تُشكل البطالة العائق الأكبر أمام هؤلاء الشباب. فقد بلغت معدلات البطالة في الضفة الغربية خلال العام 2024 نحو 49% بين الإناث، و38% بين الذكور. وسُجّلت أعلى معدلات البطالة بين الخريجين من حملة الدبلوم المتوسط فأعلى، حيث وصلت إلى 42%، مع تباين لافت بين الجنسين: 27% للذكور، مقابل 55% للإناث.
أما في قطاع غزة، فإن الأزمة تبدو أكثر حدة؛ فوفقاً لمسح القوى العاملة للربع الرابع من العام 2024، بلغ معدل البطالة نحو 69%، فيما سجل الشباب من عمر 15 إلى 29 عاماً معدلات بطالة كارثية وصلت إلى 80%، في ظل الحصار والعدوان المتواصل وتدمير البنية الاقتصادية للقطاع.
المصدر / فلسطين أون لاين
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 44 دقائق
- معا الاخبارية
الاحتلال على الطريقة الإسرائيلية: خطة ترامب وبوتين لإنهاء حرب أوكرانيا بنموذج الضفة الغربية
بيت لحم- معا- كشفت صحيفة التايمز البريطانية أن روسيا والولايات المتحدة ناقشتا نموذج الاحتلال الإسرائيلي على الضفة الغربية لتطبيقه كنموذج محتمل لإنهاء الحرب في أوكرانيا. وأفاد مصدر مقرب من مجلس الأمن القومي الأمريكي بأن الفكرة طُرحت قبل أسابيع في مناقشات بين ستيف ويتكوف ، المبعوث الخاص للرئيس دونالد ترامب ، وكبار المسؤولين الروس. وبموجب السيناريو المقترح، ستحافظ روسيا على السيطرة العسكرية والاقتصادية على الأراضي المحتلة في أوكرانيا تحت حكمها الخاص، على غرار السيطرة الإسرائيلية الفعلية على الأراضي الفلسطينية التي احتلتها من الأردن في عام 1967. ووفقا للتقرير، فإن ويتكوف، الذي كلفه ترامب أيضا بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، يدعم هذه الفكرة. يعتقد الأمريكيون أن النموذج يتخطى عوائق الدستور الأوكراني التي تمنع التنازل عن الأراضي دون استفتاء عام. ووفقًا للنموذج، لن تتغير حدود أوكرانيا، تمامًا كما بقيت حدود الضفة الغربية دون تغيير لمدة 58 عامًا، تحت السيطرة الإسرائيلية فقط. وأوضح المصدر: "سيكون الأمر أشبه بسيطرة إسرائيل على الضفة الغربية. ووضع اقتصادي يتجه نحو روسيا، وليس أوكرانيا. لكنها ستظل أوكرانيا، لأن أوكرانيا لن تتنازل أبدًا عن سيادتها. لكن الواقع هو أنها ستكون أرضًا محتلة، والنموذج هو فلسطين".


فلسطين اليوم
منذ ساعة واحدة
- فلسطين اليوم
"نتنياهو" : مرتبط ارتباطا وثيقا برؤية "إسرائيل الكبرى"
قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إنه مرتبط ارتباطًا وثيقًا بما يسمى "رؤية إسرائيل الكبرى". وتعني هذه الرؤية التوسعية ضم أراضٍ خارج حدود الكيان الحالية، كأجزاء من مصر غربا والأردن شرقا. وأضاف نتنياهو مقابلة مع قناة i24 الإسرائيلة أمس الثلاثاء: "أنا في مهمة تمتد عبر الأجيال كما أن هناك أجيال يهودية حلمت بالمجيء إلى هنا، وستصل أجيال أخرى بعدنا". كما أكد أن مهمته تمثل "مهمة تاريخية وروحية لليهود". تلك التصريحات جاءت بعد تصريحات أطلقها نتنياهو ووزراء في حكومته عبروا فيها عن أطماعهم في السيطرة على أراضي في الأردن ومصر ضمن فكرة "إسرائيل الكبرى".


معا الاخبارية
منذ ساعة واحدة
- معا الاخبارية
مقترح جديد.. مصر تدفع لاتفاق شامل نهاية الشهر
بيت لحم- معا- تعمل القاهرة على صياغة اتفاق شامل يُنفذ بنهاية الشهر الحالي في حال تم التوافق عليه". بعد يومين من وصول خليل الحية ، القيادي في حماس، إلى القاهرة ، عُرضت عليه مبادرة جديدة في إطار المفاوضات بين الطرفين، بدأت اليوم الأربعاء محادثات بشأن اتفاق شامل. فيما لا تزال إسرائيل، حسب صحيفة يديعوت احرنوت خارج المحادثات المباشرة بين مصر وحماس، والتي تجري في ظل قرار الكابنيت الحربي باحتلال مدينة غزة وبعد أن ألمح رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو إلى أن إسرائيل لم تعد تسعى إلى اتفاق جزئي. في غضون ذلك، أفادت مصادر لقناة العربية السعودية أن "مصر تلقت مطالب من حماس، وستقدمها للوسطاء وإسرائيل. وتعمل القاهرة على صياغة اتفاق شامل بشأن قضية غزة، يُنفذ بنهاية أغسطس". ووفقًا للتقرير، الذي لم تتضح مصداقيته، "أكدت حماس التزامها بحماية أرواح الاسرى الإسرائيليين وأعربت عن استعدادها لسحب مقاتليها مقابل انسحاب إسرائيلي إلى النقاط المتفق عليها. وسعت حماس إلى وقف خطة إسرائيل لاحتلال غزة. كما طلبت حماس اتفاقًا مكتوبًا مع إسرائيل، مع ضمانات دولية بعدم عودتها إلى القتال". أضافت الصحيفة الإسرائيلية أن اسرائيل لم تتلقَّ بعد مقترحًا رسميًا، وبالتالي، من وجهة نظرها، لم يحدث أي تطور. ويُقدَّر أنه بعد الاجتماع مع حماس، سيُصوغ الوسطاء مبادرةً ويتواصلون مع الفرق المعنية. ورغم أن إمكانية التوصل إلى اتفاق شامل مطروحة. صرح مصدر مصري لشبكة القاهرة الإخبارية المصرية أن "وفد حماس التقى رئيس المخابرات العامة المصرية لبحث سبل دفع مفاوضات وقف إطلاق النار في قطاع غزة. وأعربت حماس في اللقاء عن رغبتها في العودة السريعة إلى وقف إطلاق النار والمفاوضات والتهدئة، وشكرت مصر على جهودها".