logo
المطران عوده: ليكن عملنا نورا قياميا في ظلام هذا العالم

المطران عوده: ليكن عملنا نورا قياميا في ظلام هذا العالم

الأخبار كندا١٢-٠٥-٢٠٢٥

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها لطائفة الروم الأرثوذكس المطران الياس عوده ،خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس.
بعد قراءة الإنجيل المقدس، ألقى المطران عوده، عظة، قال فيها :
"المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور".
أحبائي، سمعنا اليوم إنجيل شفاء المسيح لرجل مخلع منذ ثمان وثلاثين سنة، ملقى عند باب الغنم الذي لبركة بيت حسدا. والشلل هو عدم قدرة أعضاء الجسم على الحركة بشكل صحيح. لقد وضعت كنيستنا بعد الفصح تذكارات لأشخاص قاموا من أمراضهم بلمسة المسيح، فتغيرت حياتهم. مخلع اليوم كان غارقا في أمل باطل، ينتظر إنسانا يساعده على دخول البركة عندما ينزل الملاك ويحرك مياهها، لكن أحدا لم يساعده لكي يشفى فضاع في اليأس.
عندما صعد المسيح إلى أورشليم من أجل أحد الأعياد اليهودية، بحث عن هذا الرجل، وعندما وجده سأله إن كان يريد أن يشفى. فأومأ فورا بالإيجاب قائلا إنه لم يجد إنسانا يحمله إلى الماء. إن الشهوات والخطايا ترافق البشر في كل زمان ومكان. فكما كانت الحال في زمن المسيح، نجد اليوم جزءا كبيرا من البشر لا يهتم بجاره، باردا وغير مبال بمعاناة أحد. كثيرون هم التائهون في سجون صنعوها بأنفسهم، قضبانها أنانيتهم ومراكزهم وأموالهم وممتلكاتهم والماديات، وكلها لا تقدر النفس أن تحمله إلى مثواها الأخير. كل منا يحتاج لقاء قيامة مع المسيح ليخلصه من قلة محبته وأنانيته ولامبالاته وشلله الروحي".
أضاف :"عدم المبالاة خطيئة لا تتغير مع الزمن. في زمن الرب يسوع لم يكن الأمر أبشع من زمننا ومجتمعنا المتمحور حول الذات، بأنانية، غارسا في البشر فكرة أن المال والثروة هما هدف وجود الإنسان لأنهما سبب احترامه في هذا العالم المادي السطحي الذي لا يعرف الله ولا المحبة. يشعر إنسان اليوم أنه في سباق لتجميع الثروة وتسلق سلم النجاح، والحصول على وظيفة أفضل، ومنزل أكبر، وسيارة أحدث. الأسوأ أن في داخل كل إنسان رغبة متجذرة في إقصاء أي شخص يقف في طريق خطته الفانية. هذا الشلل الروحي هو محور إنجيل اليوم."
تابع المطران عوده :"كانت بركة بيت حسدا تقاطعا يعبره كثيرون. وكان كهنة الهيكل يستخدمونها كحوض لغسل حيوانات التقدمة، أما الوثنيون من رومان ويونانيين فيعتبرونها موقعا مقدسا. من كان مريضا لم يكن يهتم بهوية مانحه الشفاء، لهذا، سأل المسيح المخلع «أتريد أن تبرأ؟»، وأراده أن يكمل شفاء الجسد بشفاء النفس، أي أن يعرف من هو مانحه الشفاء، ويؤمن به، فيخلص. ثم قال له: «قم إحمل سريرك وامش» فشفي للحال. لقد أعلن له الرب نفسه إلها كاملا وإنسانا كاملا، مخلصا وحيدا قادرا على منح شفاء النفس والجسد معا، ثم قال له «ها قد عوفيت فلا تعد تخطىء لئلا يصيبك أشر».
بقي المخلع قرب البركة ثمانية وثلاثين عاما، ينتظر شخصا يحبه فيساعده، لكنه لم يجد أحدا، رغم الصخب الذي كانت عليه الأجواء حول البركة. اليوم أيضا، معظم كبار السن والمرضى قابعون في منازلهم مهملون".
وأكمل :"أصبح مجتمعنا مجموعة أفراد سطحيين يسعون إلى إرضاء أنفسهم فقط، ويفترضون أن الواجب تجاه الفقراء والوحيدين والمتألمين تؤديه الوزارات أو الجمعيات أو الكنيسة. إنشغالهم بتفاخرهم اليومي يعميهم عن الآخر المحتاج.
المسيح ينتظرنا، وليس الحكومة، لنكون الملح الذي يملح العالم والنور الذي يضيء عتمته، ولنكرز بالإنجيل معلنين قيامة المسيح كما فعلت حاملات الطيب.
إن تقديم السلع المادية للمحتاجين مهم، لكن الأهم أن نقدم لهم من كنزنا الروحي، أي المسيح. طبعا، الشرط الأول لذلك أن نجد المسيح نحن أولا. لذلك، علينا السعي للشفاء عبر سري الإعتراف والإفخارستيا حيث ينتظر المسيح منا أن نعود إليه صارخين «يا رب، إني أؤمن، فأغث عدم إيماني».
يسوع وحده قادر على شفائنا والسيطرة على أصل المرض إذا ما التجأنا إليه. فالذي انتصر على الموت وعلى الشيطان والجحيم وقام من بين الأموات هو نفسه الذي يملك السلطان على أجسادنا ليشفيها وعلى خطايانا ليعتقنا من سلطتها."
وقال :"يتجلى المسيح في الكنيسة، والكنيسة هي كل واحد منا نحن جسد المسيح. في تواصلنا بعضنا مع بعض نجد الفرح، نعاين المسيح في وجه كل إنسان، لذا علينا أن نحافظ على رباط المحبة والسلام بيننا لكي يكون عملنا نورا قياميا في ظلام هذا العالم".
وختم المطران عوده :"دعوتنا اليوم أن نصلي، نحن المخلعين والأموات روحيا، لكي نسمع صوت المسيح القائم قائلا لنا، كما قال للمخلع قديما: «قم، إحمل سريرك وامش إحمل شهواتك وخطاياك ودسها... إرفعها عنك واطرحها خارج نفسك... وامش في جدة الحياة، في نور الأسرار المقدسة، في حقيقة القيامة".
المصدر:

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المطران عوده: ليكن عملنا نورا قياميا في ظلام هذا العالم
المطران عوده: ليكن عملنا نورا قياميا في ظلام هذا العالم

الأخبار كندا

time١٢-٠٥-٢٠٢٥

  • الأخبار كندا

المطران عوده: ليكن عملنا نورا قياميا في ظلام هذا العالم

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها لطائفة الروم الأرثوذكس المطران الياس عوده ،خدمة القداس الإلهي في كاتدرائية القديس جاورجيوس. بعد قراءة الإنجيل المقدس، ألقى المطران عوده، عظة، قال فيها : "المسيح قام من بين الأموات ووطئ الموت بالموت ووهب الحياة للذين في القبور". أحبائي، سمعنا اليوم إنجيل شفاء المسيح لرجل مخلع منذ ثمان وثلاثين سنة، ملقى عند باب الغنم الذي لبركة بيت حسدا. والشلل هو عدم قدرة أعضاء الجسم على الحركة بشكل صحيح. لقد وضعت كنيستنا بعد الفصح تذكارات لأشخاص قاموا من أمراضهم بلمسة المسيح، فتغيرت حياتهم. مخلع اليوم كان غارقا في أمل باطل، ينتظر إنسانا يساعده على دخول البركة عندما ينزل الملاك ويحرك مياهها، لكن أحدا لم يساعده لكي يشفى فضاع في اليأس. عندما صعد المسيح إلى أورشليم من أجل أحد الأعياد اليهودية، بحث عن هذا الرجل، وعندما وجده سأله إن كان يريد أن يشفى. فأومأ فورا بالإيجاب قائلا إنه لم يجد إنسانا يحمله إلى الماء. إن الشهوات والخطايا ترافق البشر في كل زمان ومكان. فكما كانت الحال في زمن المسيح، نجد اليوم جزءا كبيرا من البشر لا يهتم بجاره، باردا وغير مبال بمعاناة أحد. كثيرون هم التائهون في سجون صنعوها بأنفسهم، قضبانها أنانيتهم ومراكزهم وأموالهم وممتلكاتهم والماديات، وكلها لا تقدر النفس أن تحمله إلى مثواها الأخير. كل منا يحتاج لقاء قيامة مع المسيح ليخلصه من قلة محبته وأنانيته ولامبالاته وشلله الروحي". أضاف :"عدم المبالاة خطيئة لا تتغير مع الزمن. في زمن الرب يسوع لم يكن الأمر أبشع من زمننا ومجتمعنا المتمحور حول الذات، بأنانية، غارسا في البشر فكرة أن المال والثروة هما هدف وجود الإنسان لأنهما سبب احترامه في هذا العالم المادي السطحي الذي لا يعرف الله ولا المحبة. يشعر إنسان اليوم أنه في سباق لتجميع الثروة وتسلق سلم النجاح، والحصول على وظيفة أفضل، ومنزل أكبر، وسيارة أحدث. الأسوأ أن في داخل كل إنسان رغبة متجذرة في إقصاء أي شخص يقف في طريق خطته الفانية. هذا الشلل الروحي هو محور إنجيل اليوم." تابع المطران عوده :"كانت بركة بيت حسدا تقاطعا يعبره كثيرون. وكان كهنة الهيكل يستخدمونها كحوض لغسل حيوانات التقدمة، أما الوثنيون من رومان ويونانيين فيعتبرونها موقعا مقدسا. من كان مريضا لم يكن يهتم بهوية مانحه الشفاء، لهذا، سأل المسيح المخلع «أتريد أن تبرأ؟»، وأراده أن يكمل شفاء الجسد بشفاء النفس، أي أن يعرف من هو مانحه الشفاء، ويؤمن به، فيخلص. ثم قال له: «قم إحمل سريرك وامش» فشفي للحال. لقد أعلن له الرب نفسه إلها كاملا وإنسانا كاملا، مخلصا وحيدا قادرا على منح شفاء النفس والجسد معا، ثم قال له «ها قد عوفيت فلا تعد تخطىء لئلا يصيبك أشر». بقي المخلع قرب البركة ثمانية وثلاثين عاما، ينتظر شخصا يحبه فيساعده، لكنه لم يجد أحدا، رغم الصخب الذي كانت عليه الأجواء حول البركة. اليوم أيضا، معظم كبار السن والمرضى قابعون في منازلهم مهملون". وأكمل :"أصبح مجتمعنا مجموعة أفراد سطحيين يسعون إلى إرضاء أنفسهم فقط، ويفترضون أن الواجب تجاه الفقراء والوحيدين والمتألمين تؤديه الوزارات أو الجمعيات أو الكنيسة. إنشغالهم بتفاخرهم اليومي يعميهم عن الآخر المحتاج. المسيح ينتظرنا، وليس الحكومة، لنكون الملح الذي يملح العالم والنور الذي يضيء عتمته، ولنكرز بالإنجيل معلنين قيامة المسيح كما فعلت حاملات الطيب. إن تقديم السلع المادية للمحتاجين مهم، لكن الأهم أن نقدم لهم من كنزنا الروحي، أي المسيح. طبعا، الشرط الأول لذلك أن نجد المسيح نحن أولا. لذلك، علينا السعي للشفاء عبر سري الإعتراف والإفخارستيا حيث ينتظر المسيح منا أن نعود إليه صارخين «يا رب، إني أؤمن، فأغث عدم إيماني». يسوع وحده قادر على شفائنا والسيطرة على أصل المرض إذا ما التجأنا إليه. فالذي انتصر على الموت وعلى الشيطان والجحيم وقام من بين الأموات هو نفسه الذي يملك السلطان على أجسادنا ليشفيها وعلى خطايانا ليعتقنا من سلطتها." وقال :"يتجلى المسيح في الكنيسة، والكنيسة هي كل واحد منا نحن جسد المسيح. في تواصلنا بعضنا مع بعض نجد الفرح، نعاين المسيح في وجه كل إنسان، لذا علينا أن نحافظ على رباط المحبة والسلام بيننا لكي يكون عملنا نورا قياميا في ظلام هذا العالم". وختم المطران عوده :"دعوتنا اليوم أن نصلي، نحن المخلعين والأموات روحيا، لكي نسمع صوت المسيح القائم قائلا لنا، كما قال للمخلع قديما: «قم، إحمل سريرك وامش إحمل شهواتك وخطاياك ودسها... إرفعها عنك واطرحها خارج نفسك... وامش في جدة الحياة، في نور الأسرار المقدسة، في حقيقة القيامة". المصدر:

رؤية شخصية: ما الذي تحتاجه الكنيسة والعالم في البابا المقبل؟
رؤية شخصية: ما الذي تحتاجه الكنيسة والعالم في البابا المقبل؟

الأخبار كندا

time١٠-٠٥-٢٠٢٥

  • الأخبار كندا

رؤية شخصية: ما الذي تحتاجه الكنيسة والعالم في البابا المقبل؟

في وقت كتابة هذه السطور، ينتظر العالم بترقب عميق انتخاب البابا المقبل، الحبر الأعظم للكنيسة الكاثوليكية. ومع استعداد مجمع الكرادلة لدخول المجمع المغلق في روما، يتابع الكاثوليك في جميع أنحاء العالم هذا الحدث بخشوع وترقب، متلهفين لسماع الكلمات الخالدة التي تتردد عبر القرون: "أبيموس بابام!" — "لدينا بابا!". لكن، بعيداً من لحظة تصاعد الدخان الأبيض وإعلان البهجة، نحن مدعوون الى التفكير - ليس في من سيتم انتخابه فحسب، أو من أين أتى، أو ما هو توجهه اللاهوتي - بل في سؤال أعمق: ما نوع البابا الذي تحتاجه الكنيسة في هذا المنعطف الحاسم من التاريخ؟ بصفتي مبشراً دينياً قضيت سنوات عديدة في خدمة الرسالة في العالم العربي، والآن بصفتي مطراناً والنائب الرسولي لشمال الجزيرة العربية، أقدم هذه الرؤية الشخصية حول نوعية البابا الذي يحتاجه العالم والكنيسة اليوم. من المهم منذ البداية التأكيد على أن لا بابا "أفضل" من آخر، فكل بابا هو هدية للكنيسة، لا يتم اختياره من طريق المصادفة، بل بالعناية الإلهية، استجابةً لعلامات العصر واحتياجاته. عندما انتُخب خورخي ماريو بيرغوليو بابا في عام 2013، فوجئ العالم باختيار راهب يسوعي متواضع من بوينس آيرس، اتخذ اسم فرنسيس. لم يكتفِ البابا فرنسيس بتسلُّم المنصب البابوي، بل أعاد تعريف طبيعته. جاء بصوت من الأطراف، ورائحة الخراف، وقلب مشبع برقة الإنجيل الجذرية. ومنذ تلك الليلة، سارت الكنيسة على طريق يتّسم بالرحمة، والحوار، والبساطة. فما الذي يمكن أن نتوقعه من البابا المقبل؟ هل يسير على خطى البابا فرنسيس، مواصلاً المسيرة نفسها؟ ما نوع القيادة التي تحتاجها الكنيسة في السنوات المقبلة، كمؤسسة عالمية وكجسد المسيح الظاهر في عالم معقد على نحو متزايد؟ في تقديري المتواضع، يجب أن يكون خليفة القديس بطرس الـ 267 رجلاً بشخصية استثنائية، لكنه متواضع كمن سبقه. في زمن يتسم بالتعقيد وعدم اليقين، تحتاج الكنيسة إلى قائد لا تكمن قوته في السيطرة، بل في أمانته العميقة للمسيح. يجب أن يكون متجذراً في تقاليد الكنيسة المجيدة - في تعاليمها الغنية، وحياتها الأسرارية، وتراثها الروحي، وفنونها الجميلة - ومع ذلك يمتلك الشجاعة لإجراء الإصلاحات عند الحاجة، وهو مرتكز دائماً على ركيزتي الحقيقة والمحبة. البابا المقبل يجب أن يجسد الاستمرارية من دون جمود، والانفتاح من دون تنازل. بابا هو، قبل كل شيء، محب لله. يجب أن تنبع قراراته، وكلماته، وصمته من علاقة حميمة مع الرب. ينبغي أن تكون حياته الروحية مرئية لا من خلال المظاهر، بل من خلال الصدق، رجل يجثو أمام الله حتى يستطيع أن يقف أمام العالم بنعمة وقناعة. بابا هو تلميذ حقيقي للمسيح. عليه أن يتبع يسوع ليس في التعليم فحسب، بل في أسلوب الحياة، متسمًا بالرحمة، والشجاعة، والطاعة لإرادة الله الآب. ينبغي أن يكون مثاله دافعاً للآخرين للاقتراب من شخص يسوع، وليس من مؤسسة فحسب. بابا هو خليفة القديس بطرس في التقليد والشهادة. يجب أن يصون وديعة الإيمان باحترام، ويُبشّر بالإنجيل بوضوح، ويكون علامة مرئية للوحدة. مثل بطرس، يجب أن يكون مستعداً للبكاء، وللتوبة، ولأن يُصقل بالتواضع، ومع ذلك يقوي إخوته وأخواته في الإيمان. بابا هو صوت للسلام والعدالة. في عالم جُرح بالحروب والانقسامات وعدم المساواة، يجب أن يتحدث البابا بسلطة أخلاقية، مدافعًا عن قدسية الحياة، ورافضاً للعنف، ومدافعاً عن الحرية، ومنتصراً للمستضعفين. يجب أن يحمل قيادته نور الإنجيل إلى أحلك زوايا المعاناة البشرية. بابا يهتم بالفقراء والمهمشين. متتبعًا مثال المسيح، لا ينبغي له التحدث عن الفقراء فحسب، بل أن يعيش في تضامن معهم. ينبغي أن يكون قلبه منتبهاً للمنسيين - المهاجرين واللاجئين والسجناء وكبار السن والأجنة - ويذكّر العالم بكرامتهم. بابا منفتح على الحوار بين الأديان ومؤمن بالتعايش السلمي. في عالمنا المعولم والممزق في كثير من الأحيان، يجب أن يكون باني جسور. ينبغي أن يكون قادراً على مد اليد الى زعماء الديانات الأخرى، معززاً الاحترام المتبادل، وعاملاً من أجل السلام، لا عن طريق التخفيف من الحقيقة، بل عيشها بشجاعة وتواضع في حوار مع الآخرين. لقد شهدنا هذه الروح الحوارية بشكل مباشر خلال الزيارة التاريخية التي قام بها البابا فرنسيس إلى البحرين في عام 2022 للمشاركة في "منتدى البحرين للحوار". كانت لحظة ذات دلالة عميقة، ليس للمجتمع الكاثوليكي في المنطقة فحسب، بل للعالم أجمع. لقد وقف الأب الأقدس جنباً إلى جنب مع قادة مسلمين ودينيين، داعياً إلى السلام، والفهم المتبادل، ورفض التطرف. لقد كان حضوره أبلغ من أي خطاب: إن الكنيسة ليست منغلقة على ذاتها، بل تسير مع الآخرين بحثاً عن أرضية مشتركة من أجل إنسانية واحدة. لقد أكد ذلك اللقاء أن الحوار بين الأديان ليس مجاملة ديبلوماسية، بل هو واجب إنجيلي في عصرنا. تنتظر البابا الآتي تحديات كثيرة، ولن تكون مهمته سهلة. فالعالم الذي سيرثه يتسم بالاستقطاب العميق، داخل الكنيسة وخارجها. وسيواجه تصاعد العلمانية، وجروح الفضائح الماضية، وصرخة الناس من أجل الشفافية والصدقية، وتوق الشباب إلى الأصالة والمعنى. وسيتعين عليه التعامل مع التفاوتات العالمية، وأزمات الهجرة، والحروب التي يغذيها الحقد، والطوارئ البيئية التي تهدد بيتنا المشترك. وفي داخل الكنيسة، سيكون عليه أن يوازن بدقة بين الأمانة للعقيدة والرعاية الراعوية للنفوس، وبين الحفاظ على الوحدة واحتضان التنوع المشروع. سيحمل على كتفيه ثقل التطلعات، من الكاثوليك الذين يتوقون إلى التجديد، ومن العالم الباحث عن الوضوح الأخلاقي، ومن إنسانية متألمة بحاجة إلى الأمل. مع ذلك، نؤمن بأن الله سيكون مرشده وملهمه منذ اللحظة التي يطل فيها من شرفة كاتدرائية القديس بطرس. لن يسير وحده، فالروح نفسها التي قادت بطرس إلى روما، والتي دعمت الكنيسة عبر قرون من المحن والانتصارات، ستكون معه. ومن خلال شهادته، ستستمر الكنيسة منارة للنور وسط ظلال زمننا.

المطران عودة: مدعوون إلى محبة بلدنا والوفاء له رغم قتامة الوضع
المطران عودة: مدعوون إلى محبة بلدنا والوفاء له رغم قتامة الوضع

الأخبار كندا

time٠٤-٠٥-٢٠٢٥

  • الأخبار كندا

المطران عودة: مدعوون إلى محبة بلدنا والوفاء له رغم قتامة الوضع

ترأس متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الارثوذكس المطران الياس عودة، خدمة القداس في كاتدرائية القديس جاورجيوس، بحضور حشد من المؤمنين. بعد الإنجيل ألقى عظة قال فيها: "تقيم كنيستنا المقدسة في الأحد الثاني بعد الفصح تذكارا للنسوة القديسات حاملات الطيب، وليوسف الرامي والتلميذ الليلي نيقوديموس اللذين أنزلا جسد الرب عن الصليب ودفناه في قبر جديد. تشكل النسوة حاملات الطيب مثالا ملهما لنا للبشارة بكلمة الله بشجاعة. فحاملات الطيب هن تلك النسوة المؤمنات اللواتي أدين دورا محوريا في الأيام الأولى للكنيسة، من خلال إعلان قيامة المسيح للتلاميذ، بعدما كلمهن الملاك الجالس عند القبر قائلا لهن: «أتطلبن يسوع الناصري المصلوب؟ قد قام، ليس هو ههنا» فنقلن البشرى للتلاميذ. نقرأ في إنجيل لوقا: «ورجعن من القبر، وأخبرن الأحد عشر وجميع الباقين بهذا كله» (لو 24: 8). في تفانيهن الثابت وإلتزامهن الذي لا يتزعزع بالإنجيل، تجسد لنا حاملات الطيب جوهر الكرازة الحقيقية. وفيما نتأمل في شهادتهن النبيلة، نكتشف كيف يمكن لمثالهن أن يرشدنا ويلهمنا في نشر بشارة الخلاص". أضاف: "تعلمنا حاملات الطيب أهمية المحبة الثابتة، والثقة والولاء في علاقتنا مع المسيح. فعلى الرغم من الحزن الشديد واليأس اللذين عاشهما التلاميذ والنسوة بعد موت سيدهم الحبيب، ظلت تلك النساء مخلصات له، ورافقنه حتى القبر (مت 27: 55-56 و61) فيما هجره الجميع. محبتهن اللامتناهية للرب يسوع لم تتضاءل بسبب ظلمة القبر، بل أشرقت كمنارة أمل في وسط اليأس. هكذا، كتلاميذ للمسيح في العصر الحديث، نحن مدعوون لتنمية محبة عميقة ودائمة لمخلصنا، محبة تجعلنا ثابتين في إيماننا، حتى في مواجهة الشدائد والشك. كما نحن مدعوون إلى محبة بلدنا والثقة به والوفاء له رغم قتامة الوضع، وخدمته بتواضع ودون عنجهية، وإعلان حسناته بشجاعة مبشرين بالأخبار السارة لا بالحرب والقتل واليأس، ومعلنين إصرارنا الدائم على التقدم به نحو الأفضل. تجسد حاملات الطيب أيضا أهمية الشهادة لحقيقة الإنجيل من خلال القول والفعل. بعد اكتشاف القبر الفارغ صباحا، لم تهدر النساء المؤمنات أي وقت في إعلان البشارة للتلاميذ. بقلوب مملوءة بالفرح والإنفعال، أسرعن ليشاركن شهادتهن بقيامة المسيح، وليصبحن أول المبشرين بقيامة الرب من بين الأموات. إن شهادتهن الشجاعة تتحدانا لكي نعلن بجرأة حقيقة الإنجيل في حياتنا، وكل حقيقة، إن في كلماتنا أو أفعالنا. على مثال حاملات الطيب، نحن مدعوون لأن نكون مبشرين بالأخبار السارة، ونتشارك رسالة الخلاص مع كل من نلتقي بهم". وتابع: "تعلمنا حاملات الطيب أيضا أهمية التواضع والخدمة في نهجنا التبشيري. رغم دورهن الحاسم في إعلان القيامة، لم تطلب تلك النسوة الإعتراف بما قمن به أو الثناء على أفعالهن بل خدمن الرب وتلاميذه بكل تواضع، وأتممن مهمتهن بأمانة ونكران للذات. في عالم يقدر القوة والهيبة في كثير من الأحيان، تذكرنا حاملات الطيب بأن العظمة الحقيقية تكمن في الخدمة المتواضعة. كأتباع للمسيح، نحن مدعوون للإقتداء بمثالهن، ولخدمة الآخرين بتواضع، وللشهادة لمحبة مخلصنا ورحمته. تظهر حاملات الطيب القوة التحويلية للقاء المسيح القائم من بين الأموات. بعد مقابلة الرب القائم في البستان، امتلأت مريم المجدلية بفرح غامر، وكانت حريصة على نقل الأخبار السارة إلى الآخرين. نحن أيضا، عندما نواجه المسيح الحي في حياتنا، نتغير بمحبته ونعمته، ونندفع إلى مشاركة رسالته الخلاصية مع الآخرين. تذكرنا حاملات الطيب بأن التبشير يبدأ بلقاء شخصي مع المسيح، وهذا اللقاء هو خبرة تغير حياتنا وتشعل فينا شغفا بمشاركة الإنجيل مع الآخرين". وقال: "تقف حاملات الطيب كأمثلة خالدة للتلمذة الأمينة والتبشير الشجاع. إن إخلاصهن الذي لا يتزعزع للمسيح، وإعلانهن الجريء للقيامة، وتواضعهن وخدمتهن، ولقاءهن التحويلي مع الرب القائم من بين الأموات، أحداث تلهمنا وترشدنا في رحلة إيماننا فنسعى جاهدين للسير على خطاهن، ونصلي كي نمتلئ بالمحبة والغيرة والفرح التي ميزت حياتهن، علنا نصير مثلهن شهودا أمناء للمسيح القائم من بين الأموات". وختم: "في ذكرى حاملات الطيب نعيد للأمانة للرب وللمحبة التي لا تخشى المخاطر ولا تخاف، ونتعلم ألا نيأس في هذا العالم الذي يحكمه الشر لأننا إن بقينا على إيماننا بالرب وعلى الحياة بحسب وصاياه لا بد أن نعاين وجه الرب في اليوم الأخير ونسمع صوته الحسن قائلا لنا «نعما أيها العبد الصالح والأمين، كنت أمينا في القليل فأقيمك على الكثير، أدخل إلى فرح ربك» (متى 25: 21). المصدر:

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store