logo
الفلسطينيون في سوريا: ما هو مصير الفصائل في مشهد الحكم الجديد؟

الفلسطينيون في سوريا: ما هو مصير الفصائل في مشهد الحكم الجديد؟

الأيام١٤-٠٥-٢٠٢٥

Getty Images
تظاهرة في مخيم اليرموك في دمشق دعماً لغزة
التقى دونالد ترامب برئيس المرحلة الانتقالية السوري أحمد الشرع في الرياض، حيث بدأ الرئيس الأمريكي جولته في الشرق الأوسط.
وبعد إعلان ترامب رفع العقوبات عن سوريا مساء أمس، أثار في اجتماعه مع الشرع أكثر من مطلب أمريكي، بما في ذلك طرد من وصفهم الرئيس الأمريكي بأنهم "إرهابيون فلسطينيون"، بحسب تصريح المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت.
وتُصنَّف كلّ من حركة الجهاد الإسلامي في فلسطين، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة، وحركة حماس، والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين (جناحها العسكري) كمنظمات إرهابية من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وكندا وإسرائيل، بينما تشمل أستراليا أيضاً حركة حماس في تصنيفها.
يشكّل الوجود الفلسطيني في سوريا، بما في ذلك نشاط الفصائل والأحزاب، واحداً من أبرز ملفات المشهد السوري الجديد، بعد سقوط نظام الرئيس السابق بشار الأسد.
ورغم ضبابية المرحلة المقبلة، شهدت الساحة الفلسطينية في سوريا تطوّرات متسارعة في الآونة الأخيرة. بدأت بزيارة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ولقائه برئيس المرحلة الانتقالية أحمد الشرع في منتصف أبريل/نيسان الماضي، وتواصلت بتوقيف عدد من قيادات "حركة الجهاد الإسلامي" أواخر الشهر ذاته، ثم توقيف الأمين العام لـ"الجبهة الشعبية - القيادة العامة" طلال ناجي، قبل الإفراج عنه.
حاولت بي بي سي التواصل مع السلطات السورية و"حركة الجهاد الإسلامي" للحصول على تعليق حول خلفيات توقيفات طالت قياديين في الحركة، غير أنّ الطرفين امتنعا عن الإدلاء بأي تصريح. وحتى اللحظة، لم تصدر السلطات السورية أي بيان رسمي يوضح أسباب توقيف خالد خالد وياسر الزفري في أواخر أبريل/نيسان الماضي، القياديين في "حركة الجهاد"، ولا تتوّفر معلومات دقيقة حتى الآن بشأن مصيرهما أو نتائج التحقيق معهما.
منذ اندلاع الاحتجاجات الشعبية المطالبة بإسقاط نظام حزب البعث عام 2011، تأثّرت الفصائل الفلسطينية واللاجئون الفلسطينيون في سوريا تأثّراً كبيراً. وبعد انهيار النظام، يواجه الفلسطينيون اليوم واقعاً سياسياً جديداً لا تزال ملامحه غامضة، وسط تباين واضح في مواقف الفصائل.
وعشيّة سقوط النظام السابق، كان النفوذ الفلسطيني في سوريا محصوراً في فصائل ترتبط عضوياً بالسلطة أو تتحالف معها عسكرياً وسياسياً. أمّا اليوم، فتتجه الأنظار إلى موقف الإدارة الجديدة من هذه الفصائل ومصيرها في المرحلة المقبلة.
Getty Images
صورة من عام 1998 تجمع زعماء وقادة الأحزاب المدعومة من سوريا (حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية القيادة العامة) في دمشق.
تبدّلات هيكلية
رداً على هذه المستجدات، دعت الفصائل الفلسطينية إلى اجتماعات طارئة في كلّ من دمشق وبيروت. وكان أبرزها الاجتماع الذي عُقد في 11 ديسمبر/كانون الأول في سفارة فلسطين بدمشق، بهدف بلورة موقف سياسي موحّد. وأسفر الاجتماع عن تشكيل "هيئة العمل الفلسطيني المشترك" كمرجعية وطنية موحدة.
في المقابل، أفادت تقارير بأنّ بعض الفصائل التي كانت مرتبطة بالنظام السابق قد أخلت مقراتها العسكرية وسلّمتها للسلطات السورية الجديدة.
من جهتها، سارعت "حركة حماس" إلى تهنئة الشعب السوري بعد سقوط النظام، بينما آثرت فصائل أخرى مثل "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين" و"الجهاد الإسلامي" اعتماد موقف محايد، اعتبرت فيه أنّ ما جرى شأن سوري داخلي.
وفي ما يتعلّق بالموقف الرسمي السوري من الفصائل، يرى هشام الدبسي، مدير "مركز تطوير للدراسات"، أنّ السلطة الجديدة في دمشق تميل إلى "التمييز بين فصائل تعلن رسمياً الاعتراف بسيادة الدولة السورية وعدم التدخّل في الشأن السوري، بينما تنظر بتحفّظ إلى الفصائل التي كانت جزءاً من محور الممانعة خلال عهد الأسد".
يقول الدبسي: "الإجراء الأولي كان إغلاق المعسكرات والمكاتب العسكرية والأمنية والإدارية"، مضيفاً أنّ التحقيقات الجارية حالياً تتركّز على كوادر شاركت في القتال إلى جانب النظام السابق، رغم أنّ هذا الملف لا يُعدّ أولوية حالياً بسبب الوضع الأمني غير المستقر. ويتابع: "بعض هذه الكوادر غادرت إلى العراق أو إيران".
ووفق تقرير نشرته "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" في مارس/آذار الماضي، فقد أدّى سقوط النظام إلى تغييرات داخلية في بنية عدد من الفصائل الفلسطينية. إذ أقالت "الجبهة الشعبية - القيادة العامة" أمينها العام المساعد خالد أحمد جبريل، وأقالت "فتح الانتفاضة" رئيسها زياد الصغير، وشكّلت لجنة طوارئ لإدارة الحركة. وشهدت "جبهة النضال" و"منظمة الصاعقة" خطوات مشابهة.
كما قرّرت الإدارة الجديدة في دمشق حلّ الجيش السوري، ما استتبع تلقائياً حلّ جيش التحرير الفلسطيني، لكونه جزءاً من البنية العسكرية السورية. ووفق التقرير نفسه، فإن هذه التطورات أدّت إلى تعثّر تنفيذ الهيئة المشتركة التي تم التوافق عليها في اجتماع السفارة الفلسطينية بدمشق.
الانقسام الفلسطيني
مع انطلاق الثورة السورية عام 2011، انقسمت الفصائل الفلسطينية في مواقفها. فبينما أعلنت الفصائل المعروفة بولائها للنظام - مثل "فتح الانتفاضة"، و"الجبهة الشعبية - القيادة العامة"، و"الجبهة الديمقراطية"، دعمها الصريح لبشار الأسد، أخذت حركة "حماس" موقفاً أقل وضوحاً، في حين سارع رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى إعلان دعمه العلني للأسد، داعياً إلى تحييد المخيمات الفلسطينية عن الصراع.
وأشار تقرير صادر عن "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" عام 2012 إلى اتفاق بين "فتح" و"الجبهة الشعبية" و"الجبهة الديمقراطية" على ضرورة تحييد المخيمات. كما كرّر عباس دعمه للأسد في انتخابات الرئاسة السورية عام 2014، معتبراً أنّ فوزه قد يشكّل مخرجاً من الأزمة السورية.
لكن هشام الدبسي يرى أنّ موقف عباس لم يكن دعماً سياسياً بقدر ما كان محاولة لحماية اللاجئين الفلسطينيين من ويلات الحرب. ويقول: "السلطة الفلسطينية وحركة فتح أقامتا علاقات معلنة مع أطراف في المعارضة السورية، وكان لهما دور في الوساطة للإفراج عن معتقلين".
ويضيف: "الإدارة السورية الجديدة أكدت في وقت مبكر أنّها لا تعترف إلا بالسلطة الفلسطينية وممثليها الرسميين في دمشق، وهو ما انعكس في اللقاء الرسمي الذي جمع الرئيس الشرع بالرئيس عباس في دمشق".
بحسب تقرير آخر نشر عام 2012، شهد مخيم اليرموك، أحد أبرز تجمعات اللاجئين الفلسطينيين في دمشق، احتجاجات مناهضة للنظام واحتضن نشطاء من المعارضة السورية. وأورد التقرير نفسه أنّ بعض الفصائل الفلسطينية الموالية للنظام جنّدت شباناً لقمع هذه التظاهرات، وهو ما وضعها في مواجهة مباشرة مع قطاعات من اللاجئين.
وفي تقريرها الأخير، وثّقت "مؤسسة الدراسات الفلسطينية" الأثر الكارثي للصراع السوري على الفلسطينيين، إذ تشير بياناتها إلى أنّ نحو 40 في المئة من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا نزحوا داخلياً، بينما اضطُرّ أكثر من 20 في المئة إلى مغادرة البلاد.
كما وثّق التقرير اعتقال نحو 1800 لاجئ فلسطيني، وسقوط أكثر من 3000 ضحية، إلى جانب وفاة 192 شخصاً نتيجة الحصار ونقص الغذاء والرعاية الطبية، معظمهم في مخيم اليرموك.
نظرة من الداخل
Getty Images
مخيم اليرموك
في حديث مع بي بي سي عربي، يقول الناشط الفلسطيني في سوريا فراس شهابي: "الفلسطينيون دفعوا ذات الكلفة التي دفعها السوريون خلال سنوات الثورة". ويضيف: "المشهد الفلسطيني يشهد تغييراً فعلياً، وبعض الفصائل توقفت عن العمل أو تراجع أداؤها".
ويتابع شهابي: "الفصائل التي تحالفت مع النظام السابق انتهى دورها، وبعض الشخصيات المتورطة في الدم السوري أصبحت مطلوبة".
وعن الآثار المعيشية للتغييرات الجارية، يوضح: "العديد من الكوادر كانت تتقاضى رواتب، وانقطاعها سيؤثر بشكل مباشر على حياتهم".
أما على الصعيد السياسي، فيرى شهابي أنّ دور الفصائل بدأ بالتراجع منذ عهد الأسد، قائلاً: "كانت حماس لاعباً محورياً حتى اتخذت موقفاً مؤيداً للثورة، وبعدها تراجع الحضور الفلسطيني تدريجياً إلى أن بقي أحمد جبريل وطلال ناجي في الواجهة، والآن انتهى الأمر".
ويشير إلى أنّ الفراغ السياسي والاجتماعي الذي خلّفه هذا التراجع ترك أثراً كبيراً على المجتمع الفلسطيني في سوريا، مضيفاً: "هذه الكيانات لم تعد تعبّر عن تطلعات الناس".
ويعبّر شهابي عن هواجس أخرى مشتركة بين الفلسطينيين والسوريين، مثل الغموض السياسي، وتدهور الوضع الأمني، والخوف من التوجهات الدينية للنظام الجديد. كما يلفت إلى قلق الفلسطينيين من تفعيل قانون الملكية الذي يعاملهم كأجانب، وهو قانون سبق أن استُخدم ضدهم في عهد النظام السابق.
ويختم بالقول إنّ مخيم اليرموك الذي تعرّض لقصف جوي عنيف يُعدّ الأكثر تضرّراً، متسائلاً: "بالتأكيد هو ضمن خطة الإعمار، لكن من سيتكفّل بذلك؟". أما أكبر هواجس الفلسطينيين، وفق شهابي، فهي خطر التجنيس أو التوطين، لأنّ ذلك يُعدّ تهديداً مباشراً لحق العودة والقرار الأممي 194 الذي يضمنه.
ورغم هذه المخاوف، لا يتوقّع شهابي تغييرات قانونية أو حقوقية وشيكة في وضع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا.
الوجود الفلسطيني في سوريا
يعود الوجود الفلسطيني في سوريا إلى عام 1948، عام "النكبة"، الذي شهد أولى موجات اللجوء إلى دول الجوار، من بينها سوريا. ثم تكررت موجات النزوح بعد نكسة حزيران عام 1967، ومعارك "أيلول الأسود" في الأردن عام 1970، وأخيراً من العراق عام 2001 في أعقاب الغزو الأمريكي البريطاني.
بحسب بيانات وكالة "الأونروا"، يُقدَّر عدد اللاجئين الفلسطينيين في سوريا اليوم بنحو 438000 لاجئ، يتوزّعون على 13 مخيماً، أبرزها مخيم اليرموك من حيث الكثافة السكانية والمساحة. ويتمتع اللاجئون الفلسطينيون في سوريا بمعظم الحقوق المدنية والخدمية التي يحصل عليها المواطن السوري، باستثناء حق التصويت في الانتخابات والحصول على الجنسية.
للفصائل الفلسطينية امتداد تاريخي في سوريا، لكنّ حضورها السياسي والعسكري ظلّ مشروطاً بعلاقتها مع السلطة الحاكمة. فعلى سبيل المثال، تأسست حركة "فتح الانتفاضة" بدعم من حافظ الأسد عام 1983، إثر خلافه مع ياسر عرفات. وعلى النقيض، غادرت حركة "حماس" سوريا عام 2011، بعد عقود من الدعم السياسي والعسكري الذي تلقّته من النظام.
قبل سقوط النظام السابق، كانت أبرز الفصائل الفلسطينية الحاضرة في المشهد السوري تضمّ:
• الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة
• حركة الجهاد الإسلامي
• فتح الانتفاضة (انشقت عن "فتح" عام 1983)
• الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين
• الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
وأكّدت تقارير إعلامية مشاركة فصائل مثل "الجبهة الشعبية القيادة العامة" و"فتح الانتفاضة" في القتال إلى جانب قوات الجيش السوري، بالإضافة إلى فصائل أخرى تأسست حديثاً - بعضها خلال أو بعد الانتفاضة - مثل حركة "فلسطين الحرة" (تأسست عام 2008) ، و"قوات الجليل – حركة شباب العودة الفلسطينية" تأسست عام 2011، و"الحزب الفلسطيني الديمقراطي" وجناحه العسكري "سرايا العودة والتحرير".
Getty Images
رئيس المكتب السياسي السابق في حركة حماس خالد مشعل في عمّان خلال تشييع القيادي كمال غناجة الذي قُتل في دمشق
حماس والأسد: تاريخ متقلّب
في مقابلة بثّتها قناة "بي بي سي عربي" ضمن برنامج "المشهد" عام 2018، تحدّث خالد مشعل، القائد السابق لحركة "حماس"، عن كواليس مغادرة الحركة لسوريا في يناير/كانون الثاني 2012. وأكّد مشعل أن الموقف الرسمي للحركة كان حيادياً، إذ لم تنحز إلى أي طرف، بل سعت لتقريب وجهات النظر بين السوريين. لكنه أشار إلى أن النظام لم يتقبّل هذا الحياد، قائلاً: "يبدو أن هذا الموقف لم يعجب بعض المسؤولين، وكانت تأتينا إشارات بأن هناك عدم رضا، بالتالي وجدنا أن البيئة لم تعد تسمح بالبقاء في سوريا".
وأضاف: "حماس لا يمكن أن تؤيّد سياسة رسمية ضدّ شعب، ولا تتدخّل في شؤون الآخرين، ولا تقف مع طرف ضدّ آخر".
في يونيو/حزيران من العام ذاته، قُتل كمال غناجة، أحد كوادر "حماس" في دمشق، في ظروف غامضة. وأعلنت الحركة وقتها أنها فتحت تحقيقاً دون توجيه الاتهام لأي جهة، فيما أشار القيادي سامي أبو زهري إلى أن جثّة غناجة كانت تحمل آثار تعذيب.
وفي أبريل/نيسان 2013، نشرت مجلة "تايمز" البريطانية تقريراً أفاد بأن "حماس" قامت بتدريب عناصر من "الجيش السوري الحر"، إلا أن الحركة سارعت إلى نفي تلك المزاعم في بيان رسمي.
بعد عشر سنوات من القطيعة، أعلنت "حماس" في سبتمبر/أيلول 2022 عن استئناف علاقتها بالنظام السوري، لكنها لم تُعِد فتح مكاتبها هناك. وفي ديسمبر/كانون الأول 2024، وبعد فرار بشار الأسد إلى موسكو، أصدرت الحركة بياناً قالت فيه: "تبارك الحركة للشعب السوري الشقيق نجاحه في تحقيق تطلعاته نحو الحرية والعدالة، وتدعو كل مكوّنات الشعب السوري إلى توحيد الصفوف، ومزيد من التلاحم الوطني، والتعالي على آلام الماضي".
ويعلّق هشام الدبسي على هذا التطور قائلاً: "عودة حماس إلى دمشق لم تكن برغبة الأسد، بل جاءت نتيجة ضغوط إيرانية وحزبية. ولهذا السبب، لم يستقبل الأسد أي ممثل للحركة على انفراد، بل اكتفى بلقاء جماعي ضمن وفد لما يُعرف بمحور الممانعة، وبشرط إبعاد إسماعيل هنية وخالد مشعل".
ويتابع الدبسي: "حالياً، تقوم تركيا بوساطة غير مباشرة لإعادة تأهيل العلاقة بين خالد مشعل والرئيس أحمد الشرع، لكنّ العلاقة ما تزال باردة، وتُدار ضمن منطق الضرورة والثقل التركي، لا أكثر".
Getty Images
القيادي في حركة حماس خليل الحية خلال زيارة دمشق عام 2022 لإعادة العلاقات

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هجوم المتحف اليهودي... وحروب الصورة
هجوم المتحف اليهودي... وحروب الصورة

المغرب اليوم

timeمنذ 6 ساعات

  • المغرب اليوم

هجوم المتحف اليهودي... وحروب الصورة

تقول الشرطة إن الشابّ الأميركي إلياس رودريغز، البالغ من العمر 30 عاماً، دون سجلٍّ إجرامي، وقالت وزيرة العدل إن التحقيقات حتى الآن تشير إلى أن الشابّ إلياس تصرّف بمفرده. هذا الشابّ الجامعي، الميّال للقصص التاريخية والخيالية، هو من قتل اثنين من أعضاء السفارة الإسرائيلية أمام المتحف اليهودي في قلب واشنطن، العاصمة الأميركية، بالقرب من البيت الأبيض والكابيتول الأميركي. إلياس رودريغز لم يهرب، وطلب الاتصال بالشرطة، ورفع الكوفية الفلسطينية، وهتف: من أجل فلسطين الحرّة. تمّ تداول رسالة مطوّلة، يُقال إنه كتبها قبل الهجوم بيوم واحد، خلاصتها أن الحادثة كانت ردّاً على الحرب الإسرائيلية في غزة. وجاء في مقاطع من الرسالة عن إسرائيل: «الإفلات من العقاب الذي نراه هو الأسوأ بالنسبة إلينا نحن القريبين من مرتكبي الإبادة الجماعية». الشابّ كما جاء في بعض التقارير كان منتمياً لـ«حزب الاشتراكية والتحرير» اليساري الراديكالي في أميركا، وأقرّ بيانٌ عن الحزب أن رودريغيز كان «لفترة وجيزة» من بين أعضائه سنة 2017، لكنه أكّد على «إكس» أن المشتبه به لم يعد ينتمي إلى صفوفه، وأنه لا صلة له بالهجوم المنفذ. ما يعني أنه ربما كان مشروع نسخة جديدة من «كارلوس» الفنزويلي، الذي كان عضواً بارزاً في جماعة وديع حدّاد الفلسطينية، المشهورة بخطف الطائرات والرهائن في السبعينات وبداية الثمانينات... لكن انتهت تجربته مبكّراً. ما يهمُّ هنا هو أن هذا الهجوم جاء بالتزامن مع حملة أوروبية على جرائم إسرائيل في غزّة وغير غزّة، وأزمة صامتة بين ترمب ونتنياهو، فهل تُخفّف الضغط على نتنياهو وجماعته من مدمني الحروب؟! وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر علّق على هجوم المتحف اليهودي في واشنطن، بالقول إن الدول الأوروبية شاركت بالتحريض على بلاده، ورفع ثقافة كراهية السامية (التهمة الدائمة لدى الخطاب الإسرائيلي ضد أي مخالف لهم)، قائلاً خلال مؤتمر صحافي: «هذا التحريض يُمارس أيضاً من جانب قادة ومسؤولين في العديد من الدول والهيئات الدولية، خصوصاً في أوروبا»، في إشارة إلى المظاهرات الكبيرة في مدن عدّة حول العالم تنديداً بالعملية العسكرية في غزة. هجوم الشابّ الأميركي ذي الخلفية اليسارية - كما يبدو - على المتحف اليهودي، وقتل اثنين أمامه، إشارة خطيرة على تفاعل المجتمعات الغربية مع حرب غزّة، وأن التفويض الدائم لإسرائيل بالعمل العسكري والأمني من دون حدود وقيود، ربما لم يعد قائماً كما في السابق. غير أن أخشى ما يُخشى منه، كما ذُكر هنا قبل أيام، التفريط بهذه المكاسب المعنوية والسياسية والقانونية للضغط على إسرائيل نتنياهو، وإجبارها على حلّ الدولتين، أو مقاربة شبيهة بها، التفريط من خلال تواتر عمليات من هذا النوع حول العالم ضد اليهود، ما يجعل نتنياهو ورجاله يظهرون أمام العالم الغربي، بخاصة الأوروبي، بمظهر الضحية من جديد، ضحية «الأوروبي» النازي من قبل وأفران المحرقة... فضلاً عن «لا أخلاقية» استهداف المدنيين، من أهالي غزّة أو من أي يهودي مدني في العالم، أو أي مدني في هذه الدنيا.

بايدن المريض
بايدن المريض

المغرب اليوم

timeمنذ 6 ساعات

  • المغرب اليوم

بايدن المريض

على مدى أيام السباق الرئاسى الأمريكى فى السنة الماضية، كان الرئيس ترمب لا يتوقف عن السخرية من بايدن، وكان يسميه: بايدن النعسان!. وعندما جرى الإعلان مؤخرًا عن مرض الرئيس السابق تعاطف معه ترمب للمرة الأولى، وانقلب ساكن البيت الأبيض السابق من بايدن النعسان إلى بايدن المريض الذى يواجه المرض الخبيث، فلما قيل إنه يعانى نوعًا شرسًا من المرض الذى وصل إلى عظامه، ازداد تعاطف ترامب معه وقال إنه وزوجته يتعاطفان ويتمنيان الشفاء. وعندما يمرض الرئيس السابق لأقوى دولة بمرض صعب وهو فى هذه السن المتقدمة، فلا بد أنه سيحظى بتعاطف الأمريكيين وغير الأمريكيين، إلا العرب، وإلا الفلسطينيين بين العرب، الذين سيجدون حاجزًا يصدهم عن إبداء التعاطف. لست بالطبع مع الذين سوف يسارعون إلى القول بأن مرضه عقاب إلهى، أو أن السماء تعاقبه على موقفه المتخاذل تجاه الأطفال والنساء والمدنيين عمومًا فى قطاع غزة.. لست مع ذلك لأنى لا أرتاح لاستدعاء الدين إلى كل تفصيلة من تفاصيل الحياة، ولأن الاستدعاء من هذا النوع ينقلب إلى إقحام للدين، لا مجرد استدعاء له إلى ما يجب ألا يكون طرفًا فيه.. ولكن هذا لا ينفى أن كثيرين فى المنطقة وفى خارجها سوف يجدون صعوبة كبيرة فى التعاطف مع الرئيس الأمريكى المريض. فلقد أمضت إسرائيل 15 شهرًا كاملة تقتل الناس فى القطاع، وتنسف بيوتهم، بينما بايدن فى البيت الأبيض لا يحرك ساكنًا، بل ويبادر إلى إرسال السلاح الذى لولاه ما كان فى مقدور جيش الاحتلال الإسرائيلى أن يصل بضحاياه إلى 53 ألف فلسطينى، فضلًا عن أعداد مُضاعفة من الجرحى، والمصابين، والمشردين فى كل ركن من أركان غزة. كان فى إمكانه أن يمنع المأساة الغزاوية من التمدد إلى ما تمددت إليه، وكان فى إمكانه أن يُلوح بما لوّح به ترامب، فأرغم حكومة التطرف فى تل أبيب على السماح بإدخال المساعدات إلى الذين إذا لم يموتوا بالرصاص ماتوا من الحصار والتجويع.. كان هذا فى إمكان بايدن، لولا أنه خذل كل معنى إنسانى فى أرض فلسطين. تحاول أن تتعاطف مع رجل كان هذا سلوكه مع الفلسطينيين العُزل فلا تستطيع، وتحاول أن تتطلع إليه بعين العطف وهو فى محنته فلا تطاوعك نفسك.. ليس هذا تشفيًا فى الرئيس السابق المريض بالتأكيد، ولا ابتهاجًا بمرضه.. لا.. ولكن إذا كان الموضوع موضوع فلسطين، فسوف يظل بايدن المتخاذل يتقدم على بايدن المريض.

ما صحة الاتهامات التي وجهها ترامب لرئيس جنوب أفريقيا خلال لقائهما في البيت الأبيض؟ بي بي سي تقصي الحقائق
ما صحة الاتهامات التي وجهها ترامب لرئيس جنوب أفريقيا خلال لقائهما في البيت الأبيض؟ بي بي سي تقصي الحقائق

الأيام

timeمنذ 6 ساعات

  • الأيام

ما صحة الاتهامات التي وجهها ترامب لرئيس جنوب أفريقيا خلال لقائهما في البيت الأبيض؟ بي بي سي تقصي الحقائق

Getty Images في مشهد مشحون بالتوتر داخل البيت الأبيض، يوم الأربعاء، وجه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لرئيس جنوب أفريقيا، سيريل رامافوزا، اتهامات مثيرة للجدل بشأن ما قيل عن استهداف المزارعين بيض البشرة في بلاده. بدأ اللقاء بين الرئيسين بأجواء اتسمت بالود والمرح، لكن سرعان ما اتخذ اللقاء منحى مختلفاً عندما طلب ترامب من فريقه عرض مقطع فيديو يُظهر في معظمه أحد المعارضين البارزين في جنوب أفريقيا، يوليوس ماليما، وهو يردد أغنية يحثّ فيها على العنف ضد المزارعين بيض البشرة. كما اشتمل الفيديو على مشاهد أظهرت صفوفاً من الصلبان، ادعى ترامب أنها تشير إلى موقع دُفن فيه مزارعون بيض البشرة بعد قتلهم، كما سلّم ترامب للرئيس رامافوزا نسخاًً من مقالات ادعى أنها توثّق حالات عنف مستشرية تستهدف الأقلية البيضاء في جنوب أفريقيا. ولطالما لجأ داعمو إدارة ترامب إلى المبالغة في طرح الادعاءات الرامية إلى ممارسة العنف ضد الأقلية البيضاء، ومن أبرز هؤلاء الداعمين، إيلون ماسك، والمذيع السابق في قناة فوكس نيوز، تاكر كارلسون، الذي قدّم تقارير بشأن ما وصفه بإبادة جماعية مزعومة خلال الولاية الأولى للرئيس، وقد ثبت أن بعض هذه الادعاءات غير صحيح على نحو جلي. هل تدل صفوف الصلبان على قبور مزارعين بيض البشرة؟ YouTube أشار ترامب إلى هذه الصورة المأخوذة من مقطع يظهر صفوفاً من الصلبان على طريق ريفي تضمّن المقطع الذي عرضه ترامب في المكتب البيضاوي مشاهد لصفوف من الصلبان البيضاء تمتد على جانب طريق ريفي، وقال ترامب: "هذه مواقع دفن هنا، إنها مدافن، أكثر من ألف مزارع أبيض". بيد أن تلك الصلبان لا تدل على قبور حقيقية، فالفيديو يعود لاحتجاجات نُظّمت تنديداً بمقتل زوجين من المزارعين بيض البشرة هما، غلين وفيدا رافيرتي، كانا قد قُتلا رمياً بالرصاص في مزرعتهما، بعد تعرّضهما لكمين عام 2020. وتداول مستخدمون المقطع عبر منصة يوتيوب بتاريخ السادس من سبتمبر/أيلول، أي في اليوم التالي للاحتجاجات. وقال روب هوتسون، أحد منظّمي الفعالية، لبي بي سي: "لم يكن الموقع مقبرة، بل كان نُصباً تذكارياً"، مضيفاً أن الصلبان وُضعت كـ "نصب تذكاري مؤقت" تكريماً للزوجين. Google صورة من خدمة "غوغل ستريت فيو" ملتقطة في مايو/أيار 2023، وتظهر أن الصلبان لم تعد قائمة في المكان ولفت هوتسون إلى أن الصلبان جرى تفكيكها لاحقاً. واستطاع فريق بي بي سي لتقصي الحقائق تحديد الموقع الجغرافي للفيديو، وتبين أنه في منطقة ضمن مقاطعة كوازولو-ناتال، بالقرب من مدينة نيوكاسل، وتُبيّن صور خدمة "غوغل ستريت فيو" الملتقطة في مايو/أيار 2023، أي بعد قرابة ثلاث سنوات من نشر الفيديو، أن الصلبان لم تعد قائمة في المكان. هل وقعت إبادة جماعية بحق مزارعين بيض البشرة؟ Getty Images قال ترامب خلال الاجتماع: "كثيرون يساورهم القلق بشأن ما يحدث في جنوب أفريقيا. لدينا العديد من الأشخاص الذين يعتقدون أنهم يتعرضون للاضطهاد، ويهاجرون إلى الولايات المتحدة، ولذلك نقبل طلبات من عدة أماكن إذا شعرنا بوجود اضطهاد أو إبادة جماعية". كان ترامب قد أدلى سابقاً، في عدة مناسبات، بتصريحات بشأن موضوع "إبادة بيض البشرة"، ويبدو أنه كان يشير إلى هذا الأمر. فخلال مؤتمر صحفي عُقد في وقت سابق الشهر الجاري، قال: "هذه إبادة جماعية تحدث الآن"، في إشارة إلى مقتل مزارعين بيض البشرة في جنوب أفريقيا. وتُعدّ جنوب أفريقيا من بين الدول الأعلى عالمياً من حيث معدلات القتل. ووفقاً لإحصائيات خدمة شرطة جنوب أفريقيا، شهد العام الماضي ما يزيد على 26 ألف حالة قتل. من بين هذه الحالات، بلغ عدد القتلى داخل مجتمع المزارعين 44 شخصاً، من بينهم ثمانية مزارعين. ولا تتضمن الإحصائيات العامة المتاحة لدينا تصنيفاً لهذه الأرقام بحسب العِرق. وعلى الرغم من ذلك، فهي لا تقدم دليلاً يدعم الادعاءات المتكررة التي أدلى بها ترامب بشأن "إبادة بيض البشرة". وفي شهر فبراير/شباط، رفض قاضٍ من جنوب أفريقيا فكرة حدوث إبادة جماعية، ووصفها بأنها "وهمية على نحو واضح" و"غير واقعية". ويجمع اتحاد الزراعة في ترانسفال، الذي يمثل المزارعين، بيانات تقدم نظرة بشأن الهوية العرقية للضحايا، ويعتمد الاتحاد على تقارير وسائل الإعلام، ومنشورات منصات التواصل الاجتماعي، وتقارير أعضائه. وتشير أرقام الاتحاد للسنة الماضية إلى حدوث 23 حالة قتل لأفراد بيض البشرة خلال هجمات على المزارع، فضلاً عن مقتل 9 من أصحاب البشرة السوداء. وحتى الآن خلال هذا العام، سجّل اتحاد ترانسفال الزراعي مقتل ثلاثة من ذوي البشرة البيضاء، وأربعة من ذوي البشرة السوداء في مزارع جنوب أفريقيا. هل دعا مسؤولون في جنوب أفريقيا إلى العنف ضد مزارعين بيض البشرة؟ Getty Images انفصل يوليوس ماليما عن حزب المؤتمر الوطني الأفريقي في عام 2012، وشكل لاحقاً حزب "مقاتلو الحرية الاقتصادية" عرض ترامب، خلال اللقاء المتوتر، مقاطع من تجمعات سياسية شارك فيها الحضور بأداء أغنية "اقتل البور"، وهو مصطلح في جنوب أفريقيا يشير إلى المزارعين من أصل أوروبي، وهي أغنية مناهضة للفصل العنصري يصفها النقاد بأنها تحث على العنف ضد المزارعين بيض البشرة. وكانت محاكم جنوب أفريقيا قد وصفت هذه الأغنية بأنها دعوة تحض على الكراهية، إلا أن أحكاماً قضائية حديثة قضت بجواز غنائها قانونياً في التجمعات، واعتبر القضاة أنها تعبر عن وجهة نظر سياسية ولا تحرض مباشرة على العنف. وادعى ترامب أن الذين كانوا يقودون الغناء "مسؤولون" و"أفراد يشغلون مناصب حكومية". وكان من بين الذين قادوا التجمع يوليوس ماليما، الذي سبق له قيادة جناح الشباب في حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، وكان قد غادر الحزب في عام 2012 ولم يشغل أي منصب رسمي في الحكومة، ويتزعم حالياً حزب "مقاتلو الحرية الاقتصادية"، الذي حصل على نسبة 9.5 في المئة في انتخابات العام الماضي، ودخل صفوف المعارضة ضد التحالف الحزبي الجديد متعدد الأحزاب. ورداً على اتهامات ترامب، أكد رامافوزا أن حزب "مقاتلو الحرية الاقتصادية" يُعد "حزباً صغيراً لأقلية"، مشيراً إلى أن "سياسة حكومتنا تتعارض تماماً مع التصريحات التي أدلى بها". في الفيديو، سُمع شخص آخر يغني عبارة "أطلق النار على البور" في تجمع آخر. إنه الرئيس السابق جاكوب زوما، الذي انتهت ولايته في 2018، ويعود الفيديو إلى عام 2012 عندما كان يشغل منصب الرئاسة، وكان حزب المؤتمر الوطني الأفريقي قد تعهد بالتوقف عن أداء هذه الأغنية في وقت لاحق. وقد غادر زوما حزب المؤتمر الوطني الأفريقي لاحقاً، ويتزعم حالياً حزب "رمح الأمة" المعارض، الذي حصل على ما يزيد على 14 في المئة من الأصوات في انتخابات العام الماضي. ما هي الوثائق التي عرضها ترامب كأدلة؟ Reuters ترامب يعرض مجموعة من المقالات التي تدعي أنها الدليل على قتل مزارعين بيض البشرة عرض ترامب، خلال اللقاء، عدداً من المقالات التي ادعى أنها تقدم دليلاً على قتل مزارعين بيض البشرة في جنوب أفريقيا. وظهرت صورة واضحة أثناء حديث ترامب الذي قال: "انظروا! هنا مواقع دفن منتشرة في كل مكان. هؤلاء جميعهم مزارعون بيض البشرة دُفنوا". وتبين أن الصورة ليست من جنوب أفريقيا، بل هي فعلياً من تقرير عن قتل النساء في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقد تحققت خدمة بي بي سي لتقصي الحقائق من الصور، مؤكدة أنها مقتطفة من فيديو لوكالة رويترز للأنباء جرى تصويره في مدينة غوما بجمهورية الكونغو الديمقراطية في فبراير/شباط.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store