
هل هي آمنة؟!
كان البشر في العصور القديمة يلجأون للمقايضة، وهي طريقة للتبادل يتمّ من خلالها تبادل السلع والخدمات مباشرة بسلع وخدمات أخرى، فكانت الماشية والحبوب والممتلكات والمعادن مثل الذهب والفضة من الأشكال لمثل هذا النوع من النقود. ثم انتقلت النقود من سلعية إلى عملات معدنية، ويرجَّح أن الليديّين، وهم شعب قديم سكنوا منطقة «ليديا» في غرب الأناضول (تركيا حالياً) ووُلدت في عام 1200ق.م، تكلموا اللغة الهندو - أوروبية، وهم معروفون بتجارتهم واختراعهم للعملة المعدنية – كانوا من أوائل من استخدم العملات المعدنية المسكوكة، حيث تم توحيدها من حيث الوزن والنقاء؛ ما أعطى الثقة بهذه العملة. عندما اسُتحدثت النقود الورقية، أصبحت بمثابة تطوّر ثوري آخر في تاريخ تطوّر المال، وظهرت العملات الورقية في البداية في الصين خلال عهد أسرة «تانغ» (618 - 907م)، فكانت بمثابة حلّ للمشقة التي واجهها الأفراد في حمل ونقل العملات المعدنية الثقيلة، وكانت مستنداً يقدّم وعداً لحامله عند طلب مبلغ محدّد من النقود المعدنية. بينما تطوّر هذا المفهوم في العصور الوسطى مع الخدمات المصرفية، وبدأ الصاغة في إصدار إيصالات يتم تداولها كشكل من أشكال المال؛ ما أرسى لممارسة الخدمات المصرفية الحديثة. وفي عام 1797، أصدرت إنجلترا العملة الورقية الأولى في العالم، وكانت من فئتَي الجنيه والجنيهين.
شهد تطوّر المال لحظة محورية مع اعتماد معيار الذهب في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. أما في أواخر القرن العشرين وأوائل القرن الواحد والعشرين، فشهدا التحول الرقمي للنقود، حيث أصبحت الخدمات المصرفية والمعاملات الإلكترونية أكثر شيوعاً أدّت إلى ظهور العملات المشفّرة، مثل عملة البتكوين. فما هي البتكوين؟
البتكوين هي العملة المشفّرة الأولى المعتمدة على نطاق واسع في العالم؛ بفضلها يستطيع الشخص استلام وإرسال أموال رقمية من وإلى أشخاص آخرين بشكل آمن ومباشر عبر الإنترنت. ويتمّ تخزين سجلات ملكية العملات الفردية في دفتر رقمي أو سلسلة كتل «Block Chain»، وهي قاعدة بيانات محوسبة تستخدم آلية إجماع، وأكثرها شيوعاً إثبات العمل وإثبات الحصة، لتأمين سجلات المعاملات والتحكم في إنشاء عملات إضافية والتحقق من ملكية البيانات.
وللبتكوين قيمة حقيقية، حيث إنها تُصنع من الطاقة في عملية تعدين في الحواسيب، وتعدين البتكوين الواحدة من الطاقة يكلّف شهرياً ما يوازي 30 أو 40 ألف دولار شهرياً تقريباً.
تقول الأسطورة إن «ساتوشي ناكاموتو» بدأ العمل على مبدأ البتكوين في عام 2007 في اليابان. ويُقال إن ناكاموتو هو اسم مستعار لأكثر من شخص واحد. في أغسطس (آب) من عام 2008 تمّ تسجيل موقع bitcoin.org، وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2008 صدر ما يُسمّى «الورقة البيضاء»، وتمّ إطلاق النسخة الأولى في الأول من يناير (كانون الثاني) 2009. وفي عام 2009 تمت الصفقة الأولى لعملة البتكوين بين ساتوشي ناكاموتو وهال فيني والمبلغ دولار واحد، وتم نشر أول سعر تداول بين هذه العملة والدولار وكان بتكوين يبلغ 0.001 دولار.
كان فقدان الثقة في أموال الحكومات ينذر في معظم الأحيان بالانهيار الاقتصادي منذ الإمبراطوريات القديمة إلى زيمبابوي في عهد روبرت موغابي؛ لذا لجأ الأفراد عبر التاريخ إلى بدائل للنظام المالي المدعوم من الدولة التي شملت طرقاً أكثر استقراراً مثل الذهب والفضة، والآن أصبح الملاذ الآمن لكثير من الأشخاص في العالم هو العملات المركزية. والسؤال المطروح هنا: كيف تتعامل الحكومات مع التحديات الأمنية والاقتصادية التي تفرضها العملات اللامركزية؟!
هناك حذر شديد لدى الحكومات بشأن العملات المشفّرة في وقت تلعب فيه العملات التقليدية دوراً مهماً في اقتصاد أيّ بلد، حيث إن العملات التي تصدرها الحكومات هي عملة تقليدية مدعومة بالثقة الكاملة والائتمان من الحكومة. لذا؛ تفرض الحكومات عادة ضوابط من أجل منع خروج العملة الصعبة لأن هذا قد يتسبّب في تخفيض عملتها. لكن الأمر مع البتكوين والعملات الرقمية مختلف تماماً.
والشيء بالشيء يُذكر، فمن أشهر الأدلّة على ذلك، حين وقعت إحدى العمليات الأكثر شهرة لهروب رأس المال باستخدام البتكوين في الصين، حيث يسمح البنك المركزي في الصين للمواطنين شراء ما يصل إلى 50 ألف دولار من العملات الأجنبية. إلا أن تقريراً صدر عن شركة تحليل بيانات «البلوك تشين» أظهر أن أكثر من 50 مليار دولار انتقلت من محافظ البتكوين إلى محافظ دول أخرى خلال عام 2020، أي أن المواطنين الصينيين حوّلوا العملة المحلية إلى البتكوين ونقلوها خارج البلاد من أجل الالتفاف على القوانين المحلية. وهكذا أصبحت البتكوين الملاذ المفضّل لدى الكثير من المجرمين والمحتالين ومبيّضي الأموال وغيرهم. فالتساؤل الذي يطرح نفسه: هل ستظلّ العملات المركزية متحرّرة من القيود الحكومية، أم ستخضع في النهاية للأنظمة والقوانين؟!
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 10 دقائق
- الشرق الأوسط
«ماكينزي» تمتنع عن تقديم استشارات الذكاء الاصطناعي في الصين
ذكرت صحيفة «فاينانشال تايمز» البريطانية، يوم الأربعاء، نقلاً عن شخصَيْن مطلعَيْن، أن شركة «ماكينزي» أصدرت تعليمات إلى وحدتها في الصين بالابتعاد عن تقديم الاستشارات فيما يخص المشاريع التي تستخدم الذكاء الاصطناعي التوليدي. وأضافت الصحيفة أن هذه الخطوة جاءت نتيجةً لتشديد الرقابة الحكومية للولايات المتحدة على الشركات الأميركية العاملة في قطاعات حساسة مثل الذكاء الاصطناعي والحوسبة الكمومية في الصين. وأضاف التقرير أن الحظر يمتد ليشمل المشاريع في مكاتب العملاء متعددي الجنسيات، لكنه لا يمنع أعمال «ماكينزي» في الصين من العمل مع الشركات التي تستخدم أنواعاً أكثر رسوخاً من الذكاء الاصطناعي في منتجاتها. وفي العام الماضي، عزّزت «ماكينزي» سياساتها لخدمة العملاء في الصين، مع التركيز على الشركات متعددة الجنسيات وشركات القطاع الخاص الصينية، وفقاً لما ذكره متحدث باسم «ماكينزي»، في بيان أرسله عبر البريد الإلكتروني. وأضاف المتحدث الرسمي: «نتبع سياسة اختيار العملاء الأكثر صرامةً في مهنتنا، ونواصل تطوير وتعزيز نهجنا». وتوظف الشركة أكثر من 1000 موظف في الصين، موزعين على ست مناطق، وفقاً لموقعها الإلكتروني. ويأتي هذا التقرير في وقت يتزايد فيه التوتر بين واشنطن وبكين، حيث فرضت الصين حظراً على مغادرة بعض المواطنين الأميركيين الزائرين للبلاد. وفي العام الماضي، طالب المشرعون الأميركيون بإجراء تحقيق في عدم إفصاح شركة «ماكينزي» عن عملها مع الحكومة الصينية.


الاقتصادية
منذ 40 دقائق
- الاقتصادية
العلامات الفاخرة تغير أسلوبها في جذب الزبائن .. كوب قهوة وحقيبة يد
تفتتح مجموعات الأزياء والسلع الفاخرة العالمية مقاهٍ في كبرى المدن الصينية، لتدخل بذلك مجالا محتدم التنافس بهدف جذب العملاء وسط تباطؤ في الإنفاق على السلع الفاخرة، وفقا لصحيفة "ساوث تشاينا مورنينج بوست" في شنغهاي، أضافت مجموعة إل في إم إتش الفرنسية الفاخرة مقهىً ومساحة لتناول الطعام إلى متجر ذا لوي، متجر ضخم من 3 طوابق على شكل قارب افتتح في مركز تسوق هكري تايكو هوي الصاخب أواخر يونيو، جاء ذلك في أعقاب افتتاح دار الأزياء الفرنسية سيلين مقهى مستوحى من الحدائق في مكان قريب في أبريل. أما في نانجينج، عاصمة مقاطعة جيانجسو بشرق الصين، فقد افتتحت شركة التجزئة الإسبانية زارا "زاكافيه"، أول مقهى لها في آسيا، داخل متجرها الذي مساحته 2500 متر مربع، وفي بكين افتتحت دار الأزياء الإيطالية الفاخرة جورجيو أرماني أول مقهى لها في المدينة في مركز التسوق تشاينا وورلد، بمساحة 350 مترا مربعا، ما يعادل ثلث مساحة المتجر. مديرة الأبحاث في شركة جيه إل إل الصينية سيليا تشين قالت: "دخول العلامات التجارية الأجنبية للأزياء إلى قطاع القهوة لا يهدف في حقيقته إلى تطوير خط إنتاج جديد، بل إلى توفير بيئة تسوق مبتكرة وتجربة اجتماعية لتعزيز ولاء العملاء"، مضيفة أن هذا النموذج سيبقى محل اهتمام العلامات التجارية، نظرًا لهوامش الربح المرتفعة على مشروبات القهوة الفاخرة وانخفاض تكاليف تشغيل المقاهي مقارنةً بإستراتيجيات تسويق أخرى، مثل ترويج المشاهير. العلامات التجارية الفاخرة العالمية، تواجه تراجعا في المبيعات داخل الصين القارية، مع تزايد وعي المستهلكين بالقيمة وسط تباطؤ النمو الاقتصادي وأزمة عقارية ممتدة أثرت في ثروات الأسر. مدير الأبحاث في "سافيلز" بشنجهاي تشيستر تشانج قال، إن هذا النموذج فعال من حيث التكلفة للشركات العالمية لتسويق نفسها في ظل غياب مؤشرات على انتعاش إنفاق المستهلكين، مضيفا "تولي العلامات التجارية اهتماما متزايدًا لإدماج عناصر أسلوب الحياة وتوفير تجارب لبناء علاقات أوثق مع جمهورها، سواء كان ذلك من خلال التوسع في قطاعات جديدة، أو إطلاق معارض، أو افتتاح متاجر مؤقتة، فهذه استراتيجيات لا بد من تبنيها للحفاظ على حضورها، خاصة في ظل الظروف الحالية". "إل في إم إتش" كانت قد حذرت في مايو من ضعف الطلب في السوق الصينية، وسط تراجع في السفر والإنفاق، مشيرة إلى انخفاض مبيعاتها 11% على أساس سنوي في الربع الأول في منطقة آسيا والمحيط الهادئ (باستثناء اليابان)، وهي منطقة تمثل 30% من إجمالي مبيعاتها. في يوليو، سجلت دار الأزياء البريطانية "بربري" انخفاض 1% في مبيعات الربع الأول، متأثرةً بالنتائج في الصين وأنحاء آسيا. وسجلت مجموعة "ريتشمونت" السويسرية للسلع الفاخرة انخفاض 7% في الصين القارية وهونج كونج وماكاو في يوليو، على الرغم من تحسن الزخم في المنطقة. مؤسس شركة استشارات العلامات التجارية "هوي لو" في شنجهاي فالك فورمان قال، "بيع القهوة يمثل جزءا من إستراتيجية أوسع لتحويل الفخامة إلى تجربة، وليس مجرد منتج"، مضيفا "شراء حقيبة يد فاخرة قد لا يتكرر إلا مرة كل عام، لكن مقهى بتصميم جميل، أو حلوى تشبه الجواهر، أو لاتيه بعلامة تجارية؟ هذا شعور يمكن للمعجبين تجربته أسبوعيا". مع نضج استهلاك السلع الفاخرة في الصين، وتباطؤ الإنفاق الباهظ، سعت العلامات التجارية إلى الحفاظ على مكانتها العاطفية والثقافية، على حد قول هوي لو.


أرقام
منذ ساعة واحدة
- أرقام
دراسة: ضعف اليوان يمنح الصين ميزة غير عادلة ويضر بالشركات الأوروبية
كشفت دراسة صادرة عن "المعهد الاقتصادي الألماني" أن الشركات الأوروبية تتعرض لضغوط متزايدة بسبب ما يُشتبه في كونه تلاعبًا من جانب الصين بسعر صرف اليوان للإبقاء عليه ضعيفًا. وذكرت الدراسة التي نقلتها وكالة "رويترز" الأربعاء، أن هذه الخطوة منحت الصادرات الصينية ميزة تنافسية غير عادلة وتدفع نحو المزيد من التراجع الصناعي داخل القارة الأوروبية. وقال "يورجن ماثيس" مُعدّ الدراسة، إن تراجع سعر صرف اليوان مقابل اليورو خلال السنوات الأخيرة، رغم تفاقم العجز التجاري الأوروبي مع بكين، يُشير على الأرجح إلى تدخلات من البنك المركزي الصيني لضبط سعر العملة. وأضاف أن الأسعار المنخفضة جدًا في الصين تدفع العديد من الشركات الأوروبية إلى الاعتماد بشكل متزايد على استيراد المدخلات الوسيطة من السوق الصينية، مما يسرّع وتيرة تدهور القطاع الصناعي داخل أوروبا. فيما حذر "ماثيس" من أن الشركات التي لا تلجأ إلى الموردين الصينيين ستفقد حصتها السوقية لصالح المنافسين الذين يستفيدون من الأسعار المنخفضة الناتجة عن تقييم اليوان المنخفض، داعيًا الاتحاد الأوروبي إلى معالجة هذا الخلل.