سوريا: رسائل دمج الوزارات.. فعالية أكثر أم خصخصة ونيو-ليبرالية؟
مع إقرار تشكيلة الحكومة الانتقالية الأولى في العهد الجديد لسوريا، والجدل الذي رافقها، لما حملته من تغييرات لافتة شملت تعديلات في بنيتها وهيكلتها الجديدة، من خلال دمج وزارات حيوية، لم تلقَ الخطوة ترحيب الكثيرين الذين عبروا عن مخاوفهم من تبعاتها على أداء مؤسسات الدولة وتداخل صلاحياتها.
وقبل عيد الفطر، أدت الحكومة الانتقالية اليمين الدستورية في قصر الشعب، وضمت 23 وزيراً، لقيادة المرحلة الانتقالية المتوقع أن تستمر لمدة 5 سنوات، بدلاً من 28 وزيراً في آخر حكومة لعهد نظام الأسد المخلوع.
ووفق الإعلان الدستوري الذي ألغى منصب رئيس الوزراء، فإن الحكومة الانتقالية التي تضم خليطاً اثنياً وعرقياً، تقاد مباشرة من قبل الرئيس المؤقت أحمد الشرع، على أن يكون هناك أميناً عاماً عليها.
وزارات جديدة
وشهدت الحكومة الجديدة تغييرات بنيوية على مستوى الوزارات، من خلال إحداث حقائب جديدة، مثل وزارة الطوارئ والكوارث التي يقودها مدير منظمة الخوذ البيضاء سابقاً رائد الصالح، إضافة إلى وزارة الشباب والرياضة، كما تم حذف وزراء الدولة، وهم الوزراء أو المستشارين دون حقيبة، وهي مناصب سياسية دون مهام تنفيذية.
وفي المقابل، تمت إعادة هيكلة العديد من الوزارات تحت مظلة واحدة، كما هو الحال مع وزارة الطاقة الجديدة، التي يفترض أن تجمع وزارات النفط والثروة المعدنية، ووزارة الكهرباء، ووزارة الموارد المائية.
لكن أبرز الوزارات التي جرى دمجها، تتمثل بوزارة الصناعة التي عادت وانضوت تحت مظلة وزارة الاقتصاد، ووزارات أخرى لم تدرج ضمن القائمة الوزارية، مثل "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، ووزارة الاقتصاد والتجارة الخارجية"، ويعتقد أن توكل مهامها جميعاً لوزارة الاقتصاد والصناعة الجديدة.
دمج اقتصادي يحمل وجهين
ورغم الحذر الواضح في تقييم خطوات الدمج "الجريئة" التي وصفتها السلطات السورية بالضرورة لرفع كفاءة عمل المؤسسات ومستوى الخدمات، وانتظار فاعلية هذه التدابير، إلا أنها لم تخلُ من الانتقاد والتخوف على مسار الوزارات واستقلاليتها، وأثرها على أوضاع السوريين أنفسهم لما يترتب عليها من موجة تسريح جديدة قد تطال مئات الموظفين، وتداخل الأولويات التي تضر بحوامل نهضتها.
ويرى مدير منصة اقتصادي يونس الكريم، أن خطوة دمج الوزارات تحمل وجهين، أحدهما إيجابي قوامه سهولة رسم سياسات اقتصادية متكاملة، وتوفير الجهد والوقت والأموال، وأخر سلبي يعيق عملية النهوض بعمل الوزارة من خلال تبدل أولويات الوزير وفريقه لإنجاح عملية الدمج، إضافة إلى خسارة التنوع في وجهات النظر الاقتصادية، واستقلالية وزارات هامة مثل الصناعة والنفط، وما يحمله من أثر سلبي عليها.
ويقول الكريم لـ"المدن": "هناك مؤشرات واضحة على أن الدولة تولي أهمية كبيرة للصناعة وتعتمد عليها في عملية تطوير الاقتصاد المحلي خلال المرحلة المقبلة، إضافة إلى زيادة كفاءة وزارة الاقتصاد من خلال جعلها أكثر مرونة وقدرة على اتخاذ القرارات والربط مع الحقائب المرتبطة، فضلاً عن توفير هذه الخطوة للموارد المالية، في ظل وضع الدولة التي تعيش على حافة الانهيار الاقتصادي".
لكن هذه الميزات تحمل جملة من السلبيات، أخطرها بحسب الكريم، تتمثل بـ"تجريدها من مهام التواصل والتنسيق مع المستثمرين، وسلطتها على المناطق الحرة لحساب هيئة الاستثمار المستقلة التي يديرها حازم الشرع، شقيق الرئيس أحمد الشرع، ما يضعف دور الوزارة".
نحو دولة ليبرالية
ويضيف الكريم أن "عملية الدمج تعكس التوجه الحكومي نحو النظام النيو-رأسمالي، من خلال الذهاب للخصخصة الغير معلنة، والتخلي عن الموظفين، لتخفيف الأعباء المالية المفروضة عليها، وتبعث برسائل سلبية للسوريين أن دولتهم لم تعد الراعي لمصالحهم على مستوى الخدمات المدعومة، وهو ما بدا جلياً في عملية إحداث وزارة الطاقة".
ويشير إلى أن "مسلمات تقليص الوزارات، تسريح أعداد كبيرة من الموظفين، وبالتالي ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، فضلاً عن الهدر المالي المصاحب لإجراءات الدمج والتسريح، في مرحلة السكان هم بأشد الحاجة للدعم وتوفير فرص العمل، في ظل غياب القطاع الخاص الذي يفترض أن ينوب عن الدولة".
ويتفهم كثير من السوريين قرار السلطات السورية الجديدة، في ظل الوضع الاقتصادي والتحديات الكبيرة التي تواجهها، إلا أنهم يؤكدون وجود أخطاء تعكس تسرع واضح في الإعلان عن شكل الحكومة، أبرزها محاولات تحجيم وزارات بأدوار مختلفة داخل حقيبة واحدة، مثل الطاقة التي تضم الموارد المائية والنفط، الأمر الذي قد يجبر الرئيس الشرع على مراجعة بنية حكومته، وإعادة فصل الحقائب، لكن بعد أن يدفع كثير من الموظفين ثمن هذه الخطوة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ ساعة واحدة
- النهار
باراك التقى الشرع: سوريا واقفت على المساعدة في تحديد أماكن المواطنين الأميركيين أو رفاتهم
التقى الرئيس السوري أحمد الشرع، بحضور وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني، المبعوث الخاص للولايات المتحدة إلى سوريا توم باراك، وذلك على هامش زيارة الشرع إلى تركيا. وأفادت الرئاسة السورية بأنّ "لقاء الشرع والشيباني بالمبعوث الأميركي جاء ضمن جهود إعادة بناء العلاقة الاستراتيجية مع واشنطن"، مشيرةً إلى أنّ "أبرز الملفات التي بحثها الجانبان متابعة تنفيذ رفع العقوبات الأميركية المفروضة على سوريا". وأضافت الرئاسة في بيان: "الشرع أكد أنّ العقوبات لا تزال تُشكّل عبئاً كبيراً على السوريين وتعيق جهود التعافي الاقتصادي، وشدّد على رفض أي محاولات لتقسيم البلاد، مؤكداً تمسّك الحكومة بوحدة وسيادة الأراضي السورية". كما أكد الجانبان السوري والأميركي، وفق البيان، على "ضرورة تطبيق اتفاق شامل مع قوات سوريا الديموقراطية يضمن عودة سيادة الحكومة". الرئيس الشرع ووزير الخارجية يلتقيان بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا #رئاسة_الجمهورية_العربية_السورية — رئاسة الجمهورية العربية السورية (@SyPresidency) May 25, 2025 كذلك، تعهّدت السلطات السورية بمساعدة واشنطن في البحث عن أميركيين مفقودين في سوريا، وفق ما أفاد باراك الأحد، في إعلان يأتي بعيد رفع العقوبات الاقتصادية وفتح صفحة جديدة في العلاقات. وقال باراك في منشورات على منصة إكس: "خطوة قوية الى الأمام. لقد وافقت الحكومة السورية الجديدة على مساعدة الولايات المتحدة في تحديد أماكن المواطنين الأميركيين أو رفاتهم" لإعادتهم الى بلدهم. ومن أبرز المفقودين أوستن تايس، الصحافي المستقل الذي خطف في سوريا عام 2012.


IM Lebanon
منذ 15 ساعات
- IM Lebanon
سوريا تحتفي برفع العقوبات الأميركية: فرصة ذهبية
كتبت سعاد جروس في 'الشرق الأوسط': رحَّب السوريون بمختلف القطاعات الرسمية والخاصة برفع الولايات المتحدة رسمياً العقوبات الاقتصادية، التي كانت مفروضة على سوريا، واعتبرت «وزارة الخارجية» أنها «خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح» سياسياً، ورأها محللون مؤشراً اقتصادياً يبشر بأيام «ذهبية غير مسبوقة آتية» للاقتصاد السوري، بعد 14 عاماً من الصراع والانهيار على كل المستويات. وأثنت وزارة الخارجية السورية في بيان على قرار الحكومة الأميركية برفع العقوبات المفروضة على سوريا وشعبها لسنوات طويلة. ورأت أنه «خطوة إيجابية في الاتجاه الصحيح للتخفيف من المعاناة الإنسانية والاقتصادية في البلاد»، معربة عن «تقديرها لجميع الدول والمؤسسات والشعوب التي وقفت إلى جانبها»، ومؤكدة أن «المرحلة المقبلة ستكون مرحلة إعادة بناء ما دمّره النظام البائد واستعادة مكانة سوريا الطبيعية في الإقليم والعالم». أيام ذهبية آتية كشف رجل الأعمال السوري، ورئيس «غرفة تجارة دمشق»، عصام غريواتي، لـ«الشرق الأوسط» عن زيارة مرتقبة الشهر المقبل لوفد مستثمرين أميركيين. وقال: «فرص الاستثمار في سوريا كبيرة لا سيما في مجال التكنولوجيا، ومجال إعادة الإعمار والمقدر حجمها بأكثر من 400 مليار دولار أميركي، بما يعنيه ذلك من فرص تشغيل لسنوات عدة مقبلة». لافتاً إلى زيارات كثيفة لوفود المستثمرين من دول عدة إلى دمشق، لا سيما دول الخليج العربي والمغتربين السوريين، وقيامهم بدراسة جدية واقع الاستثمار في سوريا. ورأى غريواتي، وهو أحد المستثمرين المغتربين الذين عادوا إلى سوريا بعد سقوط نظام الأسد، ولا تزال عائلته وأعماله في لوس أنجليس، أن استخدام الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، صلاحياته بتجميد العقوبات، يبشر برفع كامل لقوانين العقوبات عبر التصويت لاحقاً، حيث تمثل الخطوة الأميركية «فرصة كبيرة» للسوريين كونها تتيح «فرصة انفتاح كامل تبشر بأيام ذهبية غير مسبوقة قادمة للاقتصاد السوري» من حيث إمكانية عودة السفارات والمصارف والشركات الأجنبية إلى سوريا، وجذب المستثمرين الأجانب والعرب والمغتربين، وحضور البنك الدولي لتشجيع ودعم الاستثمار، وما يرافق ذلك من خلق بيئة اقتصاد حر تنافسي وتوفير فرص عمل، إضافة إلى توفر المواد اللازمة للإنتاج والبضائع والسلع الاستهلاكية وانخفاض الأسعار. كما عبَّر غريواتي عن ثقته بسوريا وقيادتها الجديدة، مؤكداً أن عودة المستثمرين المغتربين «واجب وطني». ووفق وزارة الخزانة الأميركية، يشمل قرار رفع العقوبات إلزام الحكومة السورية الجديدة بعدم توفيرها ملاذاً آمناً لمنظمات إرهابية وضمانها الأمن لأقليات دينية وإثنية. وأصدرت وزارة الخارجية الأميركية، أمس (الجمعة)، بشكل متزامن، إعفاء لمدة 180 يوماً من تطبيق «قانون قيصر»، لضمان عدم عرقلة العقوبات للاستثمار الأجنبي في سوريا، ما يمنح الشركات ضوءاً أخضر لمزاولة الأعمال في البلاد. وفرض القانون الصادر عام 2020 عقوبات صارمة على مقربين من الأسد، وعلى كل كيان أو شركة تتعامل مع السلطات السورية. وطال كذلك قطاعات البناء والنفط والغاز، وحظر على واشنطن تقديم مساعدات لإعادة الإعمار. بعيد اندلاع النزاع المدمر الذي بدأ عام 2011 باحتجاجات سلمية قمعها الأسد بالقوة، فرضت الولايات المتحدة قيوداً شاملة على التعاملات المالية مع البلاد، وشدّدت على أنها ستفرض عقوبات على كل مَن ينخرط في إعادة الإعمار طالما أن الأسد في السلطة. وعرقلت الحرب والعقوبات تأهيل مرافق وبنى تحتية خدمية، وجعلت التعاملات مع القطاع المصرفي السوري مستحيلة. وجاء رفع العقوبات الأميركية، الذي تلاه رفع الاتحاد الأوروبي الأسبوع الحالي لكل العقوبات عن سوريا، في وقت تحاول السلطات دفع عجلة التعافي الاقتصادي، وقال وزير الخارجية الأميركي، ماركو روبيو، في بيان الجمعة، إن من شأن الإعفاء من العقوبات أن «يسهل توفير خدمات الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي وتمكين استجابة إنسانية أكثر فعالية في جميع أنحاء سوريا». دلالات سياسية رئيس مركز «النهضة للأبحاث والدراسات» بدمشق، عبد الحميد توفيق، رأى في رفع العقوبات بشكل شامل لمدة زمنية محددة «خطوة عملية تكتيكية في الاستراتيجية الأميركية المقبلة في المنطقة» من شأنها أن تمكن سوريا من كسر المشروع الإيراني في الشرق الأوسط عموماً حتى الآن، وتقليص حجم الدور الروسي في سوريا الآن ومستقبلاً، وإمكانية تقليص التفاعل الاقتصادي السوري مع الصين، جميعها عناوين تصب في المصلحة الاستراتيجية الأميركية. وقال توفيق: «هذه الخطوات تتناغم مع مساعي الجانب التركي الذي يعلم جيداً أن الاستقرار في العلاقة السورية ـ الأميركية ولو من حيث الشكل يمنحه الكثير من الفرص لخدمة مصالحه في المنطقة». وأشار عبد الحميد توفيق إلى دلالة سياسية «لافتة» بشمول القرار الأميركي، الرئيس السوري الانتقالي أحمد الشرع، ووزير الداخلية أنس خطاب، ما يكشف عن اهتمام أميركي بطبيعة الشخصيتين القياديتين في «هيئة تحرير الشام» سابقاً، لافتاً إلى أن ذلك يمنح السلطة السورية الجديدة «فرصة حقيقية لكي تخطو خطوات متقدمة فيما يتعلق بتلبية المطالب الأميركية»، التي لا تقتصر على الوضع الداخلي السوري بل مرتبطة بقضايا أخرى على رأسها «مكافحة الإرهاب» و«محاربة تنظيم (داعش)» والتخلص من السلاح الكيماوي، فضلاً عن العلاقة مع إسرائيل، سواء كانت على قاعدة «الاتفاق الإبراهيمي» أو اتفاق سلام بشكل ثنائي. ولم يستبعد توفيق أن يحصل ذلك لاحقاً بعد أن تستقر السلطة السورية أمنياً واقتصادياً وسياسياً. إجراءات كبيرة وسريعة ورغم التفاؤل برفع العقوبات، فإن آثارها المباشرة قد تكون محدودة في الوقت الراهن، ويتعين على السلطات تهيئة بنية حاضنة للاستثمار بحسب الخبير الاقتصادي، أيهم أسد، الذي قال لـ«الشرق الأوسط»، إن تعليق العقوبات بهذا الشكل الشامل سيكون له تأثيرات إيجابية كثيرة على الاقتصاد السوري، ولكن لتحقيق ذلك على الحكومة السورية أن تتخذ إجراءات كبيرة وسريعة اقتصادياً وأمنياً وسياسياً، للاستفادة من فرصة الستة أشهر التي منحها القرار، أبرزها تعديل قوانين الاستثمار الداخلية، ودعم المنتجين الوطنيين، واستيراد المواد الأوّلية، وإعادة دراسة الرسوم الجمركية والضرائب لبناء بيئة «أعمال داخلية»، وتخفيف الإجراءات البيروقراطية واشتراطات ترخيص إنشاء الشركات، وتهيئة بيئة عمل إلكتروني، وتوفير قاعدة بيانات للمستثمرين. كما أكد أيهم أسد ضرورة العمل على دعم استقرار الأمن بالبلاد بشكل كامل، ومعالجة ملف الفصائل غير المنضبطة في بعض المناطق السورية، وإزالة عوامل الخوف الأمني والعسكري من نفوس المستثمرين لتشجيعهم على دخول الاقتصاد السوري.


المنار
منذ 19 ساعات
- المنار
الفصائل الفلسطينية في سوريا… كيف شكّلت احدى المفاتيح نحو إقرار واشنطن رفع العقوبات؟
في البيت الأبيض يجري تحضير 'خارطة طريق' لرفع العقوبات الأمريكية عن سوريا تنفيذاً لما أعلنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب في 13 أيار/مايو بعد وساطة السعودية، وهو ما تضمن البدء بإعفاءات قصيرة الأجل، على أن يرتبط التقدم في تخفيف العقوبات ورفعها التام بشروط أساسيّة جددتها الإدارة الأمريكية، من ضمنها: 'تفكيك الجماعات الفلسطينية المسلحة في سوريا' إلى جانب الانضمام لاتفاقات 'أبراهام' وتسلُّم سجون 'داعش' الواقعة تحت سيطرة قسد. قُبيل إعلان ترامب وقف العقوبات بحق سوريا، شهدت الإدارة الأمريكية انقساماً حول كيفية التعاطي مع الإدارة السورية الجديدة. ففي حين ذهب المستوى العسكري لتصعيد الخطاب ضدها، كان المستوى السياسي يمضي في مدّ جسور التفاهم مع الإدارة عبر أول زيارة أمريكية لسوريا التقى فيها أحمد الشرع، قبل أن ينصِّب نفسه رئيساً للبلاد، مساعدة وزير الخارجية الأميركي باربارا ليف فيما بدا أن الشرع أكثر قرباً من تلبية الشروط الأمريكية بدقة، ولا سيما في ملف الفصائل الفلسطينية المتواجدة في سوريا والتي تواجه واقعاً جديداً يتماهى مع المشروع 'الإسرائيلي' في المنطقة ككل. بالرغم من ذلك، يصطدم ذلك الواقع بتحديد طبيعة الجماعات التي تصنّفها الولايات المتحدة كـ 'إرهابية'، وكيفية إعلان إبعادها، بحسب ما تذهب إليه وكالة 'أسوشتييد برس'. في هذا التقرير، نستعرض معلومات خاصّة حصل عليها موقع المنار حول واقع الفصائل الفلسطينية في سوريا، وبعض الإجراءات التي تعرّضت لها هذه الفصائل في ضوء 'الاستحقاقات' المُلحّة التي ترى دمشق في تحقيقها خطوة نحو 'شرعية السلطة المشروطة'. في الثالث من أيار/مايو أقدمت السلطات السورية على اعتقال الأمين العام للجبهة الشعبية – القيادة العامة، طلال ناجي، لأسباب لم يُعلن عنها حتى اللحظة، قبل أن يتم إطلاق سراحه بوساطة قادتها حركة 'حماس' عبر خالد مشعل. وتولت الحركة ايضاً ملف تنسيق التواصل بين دمشق وبقية الفصائل بعد سقوط النظام، علماً أن الجبهة قد فككت معسكراتها بعد ذلك. في ذات السياق، جرى قبل ذلك اعتقال مسؤول الساحة السورية في حركة الجهاد الإسلامي خالد خالد، ومسؤول العمل التنظيمي ياسر الزفري، بعد عودتهم من العراق، بحسب مصادرنا، وكانت الحركة قد طالبت في بيان لها 'بالإفراج عنهم' مشيرةً إلى عدم اتضاح أسباب اعتقالهم. جاءت هذه التطورات بعد زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدمشق، والاتفاق على نقاط لم يُعلن عن معظمها، في حين دلّت عليها إجراءات السلطات السورية بحق الفصائل بعد تلك الزيارة. وبحسب مصادرنا، تضمن اللقاء عرضاً لبيع ممتلكات 'منظمة التحرير الفلسطينية' لسوريا وتسليمها إياها. هذا وتضيف المصادر، أن وجود حركة الجهاد الإسلامي في سوريا مشروط بانضمامها لمنظمة التحرير، وهو ما رفضته الحركة مباشرةً. فيما يخص حركة 'فتح الانتفاضة' المنشقة عن 'فتح'، داهمت قوات 'الأمن العام' في وقت سابق منزل 'أبو حازم زياد الصغير'، وحققت معه فترة 3 ساعات بعد أن صادرت مكتبه في ساحة التحرير بدمشق، واستحوذت على وثائق بحوزته، قبل إصدار اللجنة المركزية للحركة قراراً بإنهاء مهامه، ليليها بعد ذلك إعلانه هو بنقل الأمانة العامة للحركة إلى بيروت. ويصف المصدر تعرّض الحركة لـ 'هزة كبيرة' إثر الإجراءات التي تعرضت لها. وفي سياق المسلسل نفسه، لم تعتبر الإدارة السورية الجديدة تنظيم الصاعقة – البعثيين الفلسطينيين خطراً، وهذا ما أرجعته لعدم تواجد أمينه العام 'محمد قيس' على رأس المسؤولية أيام معارك مخيم اليرموك. مع ذلك صادرت مكاتب التنظيم وأمواله وطالبت بإعادة تشكيله بعد إعلان حل حزب البعث ومصادرة أصوله، إلى أن وصل الأمر، بحسب مصادرنا الخاصة، لإلغاء اسم 'البعث' من معرّفات التنظيم الرسمية وفصل أمينه العام 'محمد قيس' ونقل مقر الأمانة العامة لرام الله لتكون جزء من منظمة التحرير الفلسطينية، وهو ما يعني، القبول بعملها في سوريا وفق الشروط التي اتفق عليها عباس – الشرع في لقائهما. ويفيد مصدر مطّلع أنّ السلطات السورية حققت مع د.طلال ناجي ثلاث مرات ووضعته تحت الإقامة الجبرية في منزله قبل اعتقاله في أيار/مايو الجاري، دون أن يُستبعد ترحيله من سوريا، في حين سلّمت الجبهة معسكراتها، وتتحضّر لإمكانية مصادرة مستشفى تعود أصوله لها. مع جبهة النضال الشعبية، كان الموقف أقل تشدّداً، بعد وساطة أدّاها مشعل للتنظيم، لكن ذلك كان قبل شباط/فبراير الماضي، إذ صودر منزل الأمين العام للجبهة 'خالد عبد المجيد'، إضافةً للمكتب المركزي للجبهة في دمشق ومثيله في مخيم اليرموك، قبل إعادة افتتاح المكتب المركزي في المزرعة بدمشق، ألحقته السلطات بطلب تقدَّم للمكتب السياسي للجبهة، يتضمن فصل الأمين العام، لكن الأخير كان قد قدّم استقالته وأحالَ الأولوية للجنة الجبهة في دمشق وبيروت.