
"الأيام" ترصد مشاهد جديدة من العدوان المتصاعد على القطاع
واصلت "الأيام" رصد وتوثيق مشاهد جديدة من العدوان الإسرائيلي المستمر على قطاع غزة، منها مشهد بعنوان: "هل بدأ الهجوم الكبير على قطاع غزة؟"، ومشهد آخر يرصد تداعيات التلوث الكبير على مياه الشرب في القطاع، ومشهد ثالث جاء تحت عنوان: "أطفال يشتهون الطعام المفقود".
الهجوم الكبير
شهدت الأوضاع الميدانية في قطاع غزة سلسلة من التطورات الكبيرة والمتسارعة، منذ منتصف الأسبوع الماضي، تمثلت في تكثيف الغارات الجوية، والهجمات البرية، والقصف المدفعي على بعض المناطق في القطاع.
وبات واضحاً أن مسرح التصعيد الجديد ينحصر حالياً في شمال القطاع وجنوبه، خاصة بلدتي بيت لاهيا وجباليا ومخيمها شمالاً، وشرق خان يونس حتى وسطها، وكذلك شمال المحافظة حيث تقع بلدة القرارة جنوباً.
وتسببت الهجمات العنيفة على تلك المناطق بسقوط ما يزيد على 400 شهيد، وأكثر من 1000 جريح في عدة أيام، عدا الدمار والخراب الواسعين، وإجبار مواطنين على النزوح باتجاه مناطق أخرى.
بينما بدأت الدبابات والقوات البرية بالتحرك في بعض المناطق، خاصة شمال قطاع غزة، ومنطقة القرارة جنوباً، وسط توقعات بتوسيع العمليات البرية في الأيام المقبلة.
وأكد الناطق باسم جهاز الدفاع المدني في غزة، أن ما يحدث في قطاع غزة مجازر وجرائم، وأن الاحتلال يُدمر ويحرق الأرض في مناطق متفرقة من القطاع، ويهدف إلى تهجير مَن تبقى من سكان.
بينما توقع المحلل السياسي الدكتور طلال أبو ركبة، أنه في حال فشلت إسرائيل بفرض أجندتها التفاوضية، وعدم استجابة فصائل المقاومة للصيغ التي تطرحها، فإنها ستذهب باتجاه عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة، تهدف إلى احتلال أراضٍ والسيطرة عليها بشكل دائم، كما حدث في رفح، وربما اجتياح مناطق لم تدخلها من قبل، مثل مخيمات وبلدات وسط القطاع.
وكان مسؤولون عسكريون إسرائيليون، أكدوا أن أحد أسباب الهجمات الواسعة في قطاع غزة، هو الاستعداد لدخول القوات البرية والمدرعات في حال تنفيذ عملية "عربات جدعون".
وأفاد موقع "يديعوت أحرونوت"، نقلاً عن المسؤولين العسكريين، بأن القصف المكثف يأتي وفقاً للخطط التي قدمها الجيش الإسرائيلي، والتي وافقت عليها القيادة السياسية بالفعل، من أجل التمهيد لدخول القوات.
وأعلن الجيش الإسرائيلي أنه بدأ بالسيطرة على مناطق في قطاع غزة ضمن ما وصفها بخطوات افتتاحية لعملية عسكرية موسعة تحت اسم "مركبات جدعون".
وأشار إلى أن الغارات الجوية المكثفة خلال اليومين الأخيرين، والتي أسفرت عن استشهاد مئات الفلسطينيين، حسب تقارير من القطاع، تُعد تصعيداً في الضغط في إطار المفاوضات بشأن صفقة لإعادة المحتجزين الإسرائيليين.
ارتفاع نسب تلوث المياه
ما زال النازحون في قطاع غزة يعانون ويلات النزوح والحرب، ويواجهون الجوع والمرض والموت بشكل يومي.
ونتيجة للحصار والعدوان، زادت نسب تلوث مياه الشرب بصورة غير مسبوقة، وهذا نجم عنه إصابة عشرات الآلاف من النازحين بأمراض مرتبطة بتلوث المياه.
ووفق وزارة الصحة في قطاع غزة، فإن ارتفاع نسبة عينات المياه الملوثة عن 25% في قطاع غزة، وتلوث المياه، أدى إلى انتشار العديد من الأمراض بين المواطنين.
وبينت الوزارة أن 90% من الأسر تُواجه انعدام الأمن المائي، ودخول فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة، يزيدان من الاحتياج للمياه خاصة مياه الشرب.
وأكدت الوزارة أن التجمعات السكانية في أماكن النزوح تُعاني من أوضاع كارثية، نتيجة عدم توفر مصادر المياه، مشيرة إلى أن 90% من محطات التحلية خرجت عن الخدمة تماماً، وأكثر من 80% من محطات الصرف الصحي توقفت عن العمل، ما يزيد نسبة تلوث مياه البحر، وقالت، إن الحُفر الامتصاصية المخصصة للصرف الصحي تزيد من الخطورة على الخزان الجوفي.
من جهته، قال رئيس قسم مراقبة المياه والصرف الصحي في وزارة الصحة، سعيد العكلوك، إن لجوء المواطنين للحفر الامتصاصية للتخلص من المياه العادمة، يُعد سلوكاً اضطرارياً له عواقب وخيمة على الصحة العامة، والنظام البيئي برمّته، ويهدّد بانتشار واسع للأوبئة والأمراض، خاصة في ظل غياب الرقابة بالكامل على الآبار الزراعية التي يعتمد عليها النازحون، وعدم وجود مواد التعقيم، مثل الكلور الضروري لتطهير وتعقيم المياه.
وقدّر خبراء وجود أكثر من 350 ألف حفرة فوق هذا الخزان، في تربة رملية شديدة النفاذ للمياه، ما يعني وصول أكثر من 10 ملايين لتر مياه عادمة غير معالجة لهذا الخزان، واختلاطها بشكل كامل مع المياه الجوفية، ونشر تلوث كبير في التربة.
ونتيجة لذلك زادت الأمراض المُرتبطة بتلوث المياه بين النازحين، منها أمراض معوية، وبكتيرية، وإصابة بالطفيليات المعوية، التي تنمو في المياه الملوثة، وهذا زاد الضغط على المنظومة الصحية المُنهكة أصلاً، حيث يصل إلى المستشفيات والمراكز الصحية آلاف المرضى يومياً، طلباً للعلاج.
أطفال يشتهون الطعام
نام الطفل مصطفى عبد السلام ودموعه على خديه، بعد أن ألح على والده ليوفر له بيضة واحدة يأكلها، فلم يتذوق البيض منذ أكثر من 70 يوماً.
ووفق والد مصطفى، فإن أبناءه طلبوا منه الكثير من الأطعمة المفقودة في السوق، مثل الفواكه، والبيض، واللبن، والدجاج، ويحاول دائماً أن يشرح لهم الأمر، لكن رغبتهم في تناول هذه الأكلات تغلبهم، ويعبرون عن ذلك بالكثير من البكاء.
وأوضح أن الأصناف التي يأكلها أبناؤه تكاد تكون متشابهة بشكل يومي، وهي لا تخرج عن دائرة المعلبات وخبز العدس والمعكرونة، وأحياناً القليل من الزعتر، الذي بات نادراً في قطاع غزة.
وأشار إلى أن الأطفال يعانون من تبعات الحصار المشدد، وهذا الأمر أثر عليهم جسدياً من خلال حرمانهم من مُغذيات رئيسة، ونفسياً إذ يعانون من الحرمان.
بينما قال المواطن أسامة عليان، إنه راقب طفلتيه من بعيد خلال لعبهما، وقد أعدتا ما يشبه سفرة الطعام، ووضعتا حجارة صغيرة، وقوالب من الطين، وقالت إحداهما: "هذا طبق بيض، وهذه دجاجة مُحمّرة، وهذا الطبق فيه الفواكه نأكلها بعد الغداء".
وأضاف: في اليوم التالي سمعت إحداهما تقول لوالدتها: "لقد حلمت أني أمام سفرة كبيرة، بها دجاج، وبيض، ولبن، وفواكه، وقبل أن آكل منها قصف اليهود المكان، وطار الأكل بعيداً..".
وأكد أن ما يحدث ظلم كبير للأطفال، فالكبار يحتملون الجوع والحرمان، لكن ما ذنب الأطفال كي يعيشوا هذه الأهوال، ويعانوا كل هذا الحرمان، مطالباً دول العالم بالتحرك لرفع الحصار، وإيصال الطعام للأطفال، ووقف الظلم الكبير الذي تُمارسه إسرائيل على شعب بأكمله.
ووفق الخبير الزراعي المهندس نزار الوحيدي، فإن عدم تناول الأطفال الفواكه والخضار التي تحتوي على فيتامينات A-B-C، وسكر اللاكتوز المتوفر في الفواكه، يعتبر أمراً كارثياً، فهذه العناصر الغذائية شديدة الأهمية للأطفال من أجل بناء أجسادهم، ومنحهم سُبل الحياة، ونقصها يؤدي إلى عواقب كارثية عليهم، قد تصل إلى حد عدم القدرة على إصلاحها مُستقبلاً، ما يعني أن يُعاني الأطفال آثار هذه الكارثة طوال حياتهم.
وفي محاولة لتعميق المجاعة، وفقد الأسواق أصنافاً عديدة من الخضراوات، عمل الاحتلال على تهجير مزارعي وسكان مناطق جنوب محافظة خان يونس، مثل "قيزان النجار، وقيزان رشوان، والمنارة، والسلام"، وحرم قطاع غزة من كميات كبيرة من الخضراوات، التي كانت تصل من تلك المناطق، كما واصل سيطرته على أراضٍ زراعية جنوب وشرق وشمال القطاع، ومنع زراعتها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


معا الاخبارية
منذ 8 ساعات
- معا الاخبارية
كاميرا وحقيبة متفجرات.. اعتقال إسرائيليين بتهمة التجسس على منزل "كاتس"
تل أبيب- معا- أعلنت الشرطة الإسرائيلية وجهاز الشاباك اعتقال إسرائيليين اثنين بشبهة تنفيذ مهمات جمع معلومات استخبارية يزعم أنها لصالح إيران في بلدة كفار أحيم التي يسكنها وزير الجيش الاسرائيلي يسرائيل كاتس. وذكرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية أنه يشتبه في تورط الشابين الإسرائيليين روعي ميزراحي وألموغ أتياس يبلغان من العمر 24 عاما من سكان بلدة نيشر في جنوب حيفا، في قضية تجسس خطيرة لصالح إيران بسبب ديون القمار التي تقدر بملايين الشواقل. وأضافت الصحيفة أن المشتبه بهما خططا لتركيب كاميرات تستهدف الطريق المؤدي إلى منزل وزير الجيش الاسرائيلي يسرائيل كاتس، لكنهما فرا من المكان دون تركيب المعدات بمجرد أن لاحظا وجود سيارة أمنية تابعة لجهاز الأمن العام (الشاباك). وتشير تقديرات الأجهزة الأمنية إلى أن الخطة كانت تهدف إلى تنفيذ خطة لاغتيال وزير الجيش. ووفق المصدر ذاته، تم اعتقال الرجلين في نهاية أبريل 2025 للاشتباه بارتكابهما جرائم أمنية. وفي قلب القضية يقف روي مزراحي الذي يدعي أنه طالب متميز في علوم الكمبيوتر في معهد إسرائيل للتكنولوجيا - التخنيون والذي وقع تحت سطوة ديون القمار. وصدمت الشرطة عندما اكتشفت أن العلاقة بين مزراحي والعناصر الإيرانية تم تشكيلها في مجموعة "سوينغر للدردشة" (SWINGER GROUP). وتلقى مزراحي اتصالا يطلب منه "عملا من المنزل"، وفي وقت لاحق عرّف بعض الذين اتصلوا به عن أنفسهم بأنهم إيرانيون. وقد أوكل إليه المشغلون مهام استخباراتية حيث طلب منه أولا تصوير محيط منزله، ثم توثيق لوحة مبيعات وكالة سيارات، ثم حرق مذكرة مكتوب عليها رسالة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو. وبعد ذلك، طلب من مزراحي جمع تفاصيل حول أحد المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي على موقع إنستغرام. وبمرور الوقت، أصبحت التعليمات أكثر صرامة حيث طلب منه شراء كاميرا مزودة ببطاقة SIM تنقل الفيديو بصورة آنية والتي قام بتركيبها في مراكز مزدحمة في حيفا ونقل السيطرة على الكاميرات إلى مشغليه الإيرانيين. في هذه المرحلة، ضم مزراحي صديق طفولته ألموغ أتياس الذي كان يعاني أيضا من الديون المالية ويعمل ساعيا لشركة "فولت"، إلى العملية. وأمر الاثنان بشراء كاميرا أخرى واستئجار غرفة في فندق في تل أبيب، والسفر إلى موشاف كفار أخيم. وهناك، كانوا يعتزمون تركيب كاميرات على الطريق المؤدي إلى منزل وزير الجيش كاتس. وبحسب الشاباك والشرطة، فإن الرجلين أدركا أنهما يتصرفان بتوجيهات إيرانية وأن أفعالهما من شأنها أن تمس بأمن الدولة، من أجل المال. ومن بين المهام التي أوكلت إلى مزراحي بناء على طلب وتوجيه مشغليه الإيرانيين، قام بشراء هاتف محمول جديد وتثبيت تطبيق خاص عليه لتسهيل المحادثة مع مشغله. وفي وقت لاحق، طلب منه نقل حقيبة مدفونة في الأرض من نقطة إلى أخرى، والتي كانت تحتوي على حد علمه، على عبوة ناسفة. كما قام بنقل الحقيبة حسب تعليمات مشغليه واستأجر سيارة لهذا الغرض، ثم سافر إلى كريات ملاخي، وبعد دفنها عاد إلى منزله في اليوم نفسه وتم اعتقاله بعد ذلك بوقت قصير. ومن المنتظر أن تقدم النيابة العامة اتهامات خطيرة ضد الرجلين خلال الأيام المقبلة. ووفق الصحيفة العبرية أحبط جهاز الأمن العام (الشاباك) منذ اندلاع الحرب على غزة، 20 قضية تجسس خطيرة شملت إسرائيليين لصالح وكالات الاستخبارات الإيرانية، وتم تقديم أكثر من 30 لائحة اتهام حتى الآن. وقال مصدر أمني إن القضية الحالية تضاف إلى سلسلة من القضايا الأخيرة التي تظهر جهودا متكررة من قبل أجهزة استخبارات لتجنيد مواطنين إسرائيليين لتنفيذ مهام تهدف إلى الإضرار بأمن إسرائيل وسكانها.

جريدة الايام
منذ 8 ساعات
- جريدة الايام
هجرتُك، وتهجيري أيها الصحافي؟
سأظل أتذكر مقالاً كتبه الصحافي الإسرائيلي، سيفر بلوتسكر المحلل الاقتصادي لصحيفة يديعوت أحرونوت منذ سنوات لمناسبة إعلان قيام إسرائيل. أثارني هذا المقال؛ لأنه يتعلق بمعاناة أسرته اللاجئة في بلدان العالم! سرد بلوتسكر في مقاله حالة اللجوء التي تعرضتْ لها أسرتُه اليهودية منذ ولادته وحتى وصوله إلى أرض الميعاد، قال: «ولدتُ في بولندا، ثم هاجرتْ أسرتي إلى روسيا ثم عادت الأسرة مرة ثانية في هجرة ثالثة إلى بولندا، ثم أخيراً في إسرائيل»! أما أنا يا سيد بلوتسكر في الذكرى السابعة والسبعين لإعلان دولتكم، أنا صاحبُ البيت الذي بناه جدي في أرضي بيديه، هو اليوم أصبح ملكاً حصرياً لمهاجرٍ يهودي يمني، ولدتُ قبل إعلان تأسيس دولتكم بتسعة شهور في قريتي، بيت طيما، إليك مسلسل تهجيري: بدأ تهجيرنا الأول يوم تأسيس دولتكم في الخامس عشر من شهر أيار 1948 حين احتضنتني والدتي من سرير نومي المصنوع من خشب زيتوننا وبرتقالنا، هُجِّرنا في اتجاه الغرب إلى حيث البحر هروباً من قصف كتائب جيشكم المسلحة ومن قنابل الطائرات، خرجت عائلتي كلها من بيت جدي المملوء بحبوب الذرة والقمح والشعير، كنا نسير جوعى، رفض جدي التهجير وقال اعتزازاً بحقله وبيته: «سأبقى في أرضي، جذوري هنا؟» حاول والدي إجباره على الخروج، ولكنه تشبث بفرشة نومه المملوءة بصوف خرافه، إلى جوار بكرج القهوة المملوء بقهوته المطحونة بمصحان صنعه من فرعٍ من شجرة الليمون! كنا نظن أن هذا التهجير مؤقتٌ، وأننا سنعود بعده إلى بيتنا وحقولنا بعد وقت وجيز، كانت حياتنا في غزة تعتمد على ما تقدمه وكالة «الأونروا» لنا من غذاء بسيط ومسكنٍ في خيمة صغيرة، ولكنَّنا لم نتمكن من العودة إلى بيت جدي مرة أخرى، عاد والدي متسللاً لبيت جدي، كان لا يزال آملاً في أن يجد والده حياً، ولكنه وجد جدي المزارع البريء مقتولاً برصاصة في الرأس، فاضطر لأن يحفر له قبراً ويدفنه في بيته! كنا في غزة نجاور البحر، نوقد من بقايا قطرات نفط السفن المتجمدة، التي تلقيها الأمواج على الشاطئ لنصنع الطعام، كانت مياه شربنا تَضخ من حفرة عميقة صنعتها وكالة «الأونروا» بمضخة يدوية صغيرة لكل المهجرين من بيوتهم، كانت مياهها مالحة، كنا لا نزال مقتنعين بأن حالنا سيتغير وسنعود من جديد لشرب شهد ماء بئرنا الحلوة في قريتنا الأصلية، كنتُ أنا يا سيد بلوتسكر أسيرُ أكثر من أربعة كيلو مترات على قدمي الحافيتين لأصل إلى المدرسة الابتدائية البعيدة عن بيتنا، ولم أكن أملك حذاء مناسباً أو حقيبة مدرسية، كانت حقيبة مدرستي قطعتين من فستانٍ بالٍ صنعته أمي لأضع فيها كتبي ودفاتري وقلم الرصاص! كنتُ أحملُ في الصباح في هذه الحقيبة رغيفاً واحداً مقسوماً نصفين، أشتري بنصف الرغيف قرصين من الفلافل، لأمضغها مع النصف الثاني! كان معظمنا يعاني من عدة أمراضٍ أهمها، مرض الأنيميا ومرض الإصابة بدودة الإنكلستوما التي تتغذى على الدم! أما التهجير الثاني فقد كان عندما التحقت بجامعة القاهرة لأكمل دراستي الجامعية، حين اشتعلت حرب العام 1967 وكنتُ قد أنهيت دراستي في القاهرة، فقد حُرمت من العودة حتى إلى مركز لجوئي الأول في غزة، صرتُ مُهجَّراً في القاهرة، بدلاً من بيت جدي الأول في قريتي، وبدلاً من خيمتي وغرفة القرميد في غزة مركز تهجيري الأول! بعد جهدٍ تمكنت من الحصول على عقد عمل في الجزائر، لتكون الجزائر مقراً لتهجيري الثالث، كانت المشكلة يا سيد بلوتسكر كيف أتمكن من جمع ثمن تذكرة الطائرة من القاهرة إلى الجزائر، أخيراً تمكنت من اقتراض مبلغ من صديقين، وصلتُ الجزائر وتمكنتُ من الحصول على وظيفة، بقيتُ في الجزائر ست سنوات! قررتُ أن أتزوج من فتاة فلسطينية، حتى يظل بيت جدي يسكنني في تهجيري الرابع إلى دولة أخرى وهي ليبيا، حيث مكثت مهجراً فيها سبع سنوات كاملة، أنجبتُ فيها بنتاً وولداً، قضيتُ عطلتي في قبرص لأتمكن من تسجيلهما في سفارتكم هناك، لأن غزة كانت محتلة من جيشكم، ظللتُ أنا مشرداً لا أملك هوية المواطن، فأنا محتاجٌ إلى جمع الشمل بأسرتي! وفي تهجيري الرابع قررتُ أن أستغل فرصة وجودي في العطلة الصيفية في الأردن، وأتقدم بطلب عمل في المملكة العربية السعودية، لذلك غيرتُ مركز إقامتي لأصبح مهجراً للمرة الرابعة في السعودية، حيث قضيتُ فيها عشر سنوات كاملة، إلى أن قررتُ أن أعيد أسرتي إلى مقر تهجيري الثاني في غزة، لعل زوجتي وابنيَّ يتمكنون من الحصول على جمع شملي في غزة، بالقرب من بيت جدي الذي لا يبعد عن غزة سوى أقل من عشرين كيلومتراً! بقيتُ في السعودية وحيداً مدة عام كامل، إلى أن وصلني الخبرُ السعيد وهو أنني لم أعد مهجَّراً بل سأعود إلى مهجري الأول في غزة، حيث تمكنت بكل ما جمعته من نقود أن أشتري ثلاث شقق بالتقسيط، واحدة لي وثانية لابنتي وثالثة لابني، عشتُ في حلم سعيد، وهو أنني قريب من بيت جدي، ومن سرير ولادتي، وأنني لم أعد مهجراً ولم أعد مطالباً بالخضوع لإجراءات الحصول على إقامة، وضرورة حمل هذه الإقامة في جيبي في كل مكان أدخله! أنا اليوم يا سيد بروتسكر خسرت في مهاجري كل ممتلكاتي، فقد تركتها بكامل أثاثها، لم أكن أتوقع يوماً أن كلَّ ما جمعتُه من حصيلة التهجير سوف يتقوض من جديد في حرب الإبادة يوم السابع من أكتوبر العام 2023، وأنني لن أحظى حتى بقبرٍ قريب من بيت جدي يضم رفاتي، فقد دمرت طائراتكم شقتي وشقة ابنتي وشقة ابني، حتى كتبي وملابسي سُرقت وكل ما أملكه، بصعوبة تمكنتُ من جمع بقايا ما أملكه من مال لأتمكن من أن أعود مهجراً ومعذَّباً جديداً في تهجيرٍ خامس قاسٍ في هذا العمر المتأخر لأدفن بعيداً عن بيت جدي! هذا هو الفرق بيني وبينك أيها الصحافي، سيفر بلوتسكر، فأنت قد أنهيتَ هجرتك برجوعك إلى أرضي، أما أنا فقد هُجِّرتُ من بيت جدي وأرضي وحقلي لأموت مهجراً في بلاد الغربة، فمن هو المهجَّر الأكثر تعذيباً؟!


معا الاخبارية
منذ 13 ساعات
- معا الاخبارية
تقرير: "ترامب مُحبَط من الحرب على غزة ويضغط على نتنياهو لإنهائها"
واشنطن - معا- أعربت مصادر في البيت الأبيض عن استيائها من الحكومة الإسرائيلية، متهمة إياها بأنها "الطرف الوحيد الذي لا يعمل على دفع صفقة شاملة" للإفراج عن الأسرى ووقف الحرب في قطاع غزة، بحسب ما أورده الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (واينت). وقالت تلك المصادر في حديث مع ممثلين عن عائلات الأسرى الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة، بحسب ما أورد "واينت"، اليوم الثلاثاء، إن "الجميع يعمل لإتمام صفقة شاملة، ما عدا إسرائيل". وأضافت المصادر أن "الإدارة الأميركية تبذل كل ما في وسعها للتوصل إلى صفقة تنهي الحرب في غزة، بناءً على توجيهات مباشرة من الرئيس دونالد ترامب"، مشيرة إلى أن "قادة العالم يحترمون مساعي ترامب لحل النزاعات". وبحسب المصادر، فإن زعماء العالم "لا يرون سببًا منطقيًا لعدم تجاوب الحكومة الإسرائيلية مع هذا التوجّه"؛ في حين نقلت صحيفة "تايمز" البريطانية، عن مصدر مطلع أن "الرئيس ترامب قلق من معاناة الفلسطينيين في غزة". وأضاف أن "ترامب فقد صبره على رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، ولا يكن له ودًّا. لقد بنى نتنياهو مسيرته السياسية على الحوم حول رؤساء الولايات المتحدة، لكن زعماء العالم باتوا أكثر حذرًا في التعامل مع ترامب، لأنه متقلّب المزاج". في المقابل، نفى مبعوث ترامب الخاص لشؤون الأسرى، آدم بولر، في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، ما تردد عن توجيه ترامب تهديدًا بقطع العلاقات مع إسرائيل في حال لم توقف الحرب، واصفًا هذه التقارير بـ"الأخبار الزائفة". وقال بولر إن "الرئيس ترامب يواصل دعمه القوي لإسرائيل؛ قد يقول: 'دعونا نحاول إنهاء الحرب'، لكنه يبقى ملتزمًا تجاه إسرائيل بشكل لا يتزعزع". "ترامب مُحبَط من الحرب في غزة ويضغط على نتنياهو لإنهائها" وأفاد موقع "واللا" نقلًا عن مسؤولَين في البيت الأبيض، أن ترامب "مُحبَط من الوضع في غزة"، و"مصدوم من معاناة الأطفال الفلسطينيين"، وقد وجّه رسائل إلى نتنياهو عبّر فيها عن رغبته في أن "يسعى لإنهاء الحرب". ورغم تأكيد المسؤولين أن دعم ترامب لإسرائيل لا يزال "قويًا"، ونفيهم وجود تهديد بـ"التخلي" عن تل أبيب، أقرّوا بوجود "فجوات متزايدة" بين إدارة ترامب وحكومة نتنياهو بشأن إدارة الحرب على غزة. ونقل الموقع عن مسؤول رفيع في البيت الأبيض قوله: "لا شك أن الرئيس مُحبَط مما يحدث في غزة. إنه يريد إنهاء الحرب، يريد عودة الأسرى إلى ديارهم، يريد دخول المساعدات الإنسانية، ويريد بدء إعادة إعمار غزة". وأضاف مسؤول آخر أن ترامب يعتبر زيارته الأخيرة للشرق الأوسط "نجاحًا كبيرًا"، لكنه يرى في الحرب على غزة "أزمة تؤخر تنفيذ خططه الإقليمية". وتابع: "الرئيس يرى فرصة حقيقية للسلام والازدهار في الشرق الأوسط، لكن الحرب في غزة هي آخر نقطة مشتعلة، ويريد أن تنتهي". وأشار إلى أن الحرب باتت تشكّل "تشتيتًا" لمساعي ترامب في دفع مشاريع أخرى في المنطقة، وقال إن "هناك الكثير من الإحباط من استمرار هذا النزاع لوقت طويل". وأضاف أن قرار ترامب بالتحرك بشكل أحادي للإفراج عن عيدان ألكسندر، بدلًا من انتظار اتفاق شامل بين إسرائيل وحماس، "نابع من هذا الإحباط المتراكم".