logo
قانون القوة في العراق المعاصر بين وهم الشعارات وحقائق الميدان

قانون القوة في العراق المعاصر بين وهم الشعارات وحقائق الميدان

موقع كتاباتمنذ يوم واحد
إنَّ ما جرى للعراق بعد عام 2003 يمثل تجسيدًا حيًّا للقاعدة التاريخية التي تقول إنّ من لا يمتلك أدوات القوة يصبح ساحة لتصفية الحسابات… ؛ فإسقاط نظام صدام الاجرامي لم يكن انتصارًا للشيعة أو للسنة أو لأي مكوّن محلي، بل كان قرارًا استراتيجيًا أمريكيًا، صُمّم وفق مصالح القوى الكبرى… ؛ وما أن انهار النظام، حتى تكشّفت حقيقة التوازنات: الشيعة، الذين ظنوا أن سقوط صدام يعني بداية عهد جديد لهم … ؛ حتى اكتشفوا أن الطريق إلى الحكم لم يكن مفروشًا بالورود، بل بالألغام والمفخخات والتفجيرات الانتحارية .
أول هذه الألغام كان الإرهاب المنظم: الاف الانتحاريين الذين تدفقوا من دول عربية وإسلامية – وعلى رأسها فلسطين وسوريا والسعودية والأردن … الخ – فقد حوّلوا بغداد ومدن الجنوب إلى أنهار من دماء… ؛ وهنا برز السؤال المؤلم : لماذا يُستباح الدم الشيعي رغم أنهم لم يحاربوا هذه الشعوب يومًا؟!
الجواب بسيط: لأن ميزان القوة مختل، ولأن حسابات السياسة العربية والإسلامية قامت على الطائفية ونزع الشرعية عن الشيعة مهما قدّموا من تضحيات في سبيل قضايا العراق او الامة العربية او الامة الاسلامية .
ثم جاء اللغم الثاني: الاحتلال الأمريكي نفسه… ؛ فبينما حاولت بعض القيادات الشيعية الركون إلى أمريكا لضمان بقاء النظام الجديد… ؛ اكتشفوا سريعًا أن واشنطن تتعامل معهم كأدوات مؤقتة، وليس كشركاء دائمين … ؛ ومتى ما انتفت الحاجة، تُرك العراق لمصيره … ؛ وتخلصوا من الساسة بألف عذر وعذر … ؛ و لقد كان المشهد أشبه بما قاله كيسنجر: '… أن تكون صديقًا لأمريكا أمر قاتل'… ؛ فحين قررت الولايات المتحدة الانسحاب عام 2011 ، لم تترك وراءها عراقًا قويًا، بل عراقًا هشًا ممزقًا، محاطًا بالأعداء، ومخترقًا بالطائفية والفساد والجماعات المسلحة والعصابات الارهابية والمافيات الاجرامية .
اللغم الثالث تمثل في الاندماج غير المدروس بمحور المقاومة… ؛ فالفصائل العراقية التي رفعت شعار مقاومة الاحتلال الأمريكي، ثم الانخراط في الصراع مع إسرائيل عبر التحالف مع إيران وحزب الله وسوريا واليمن … ؛ وجدت نفسها في قلب معركة إقليمية أكبر من حجمها… ؛ و هنا تكرر الخطأ التاريخي : التضحية بالدماء والقدرات في ساحات خارجية، بينما الداخل العراقي يغرق في الفساد والفوضى وضعف الدولة والتهديدات والتحديات الداخلية … ؛ والنتيجة: آلاف الشهداء العراقيين الذين سقطوا في سوريا واليمن ولبنان وغيرها ، لكن العراق لم يجنِ من ذلك إلا المزيد من العزلة والعداء، بل حتى حلفاؤه المفترضون لم يعترفوا له بفضل أو تضحية…!!
وفي خضم هذه الألغام الثلاثة – الإرهاب، الاحتلال، المحاور الخارجية – تكشفت حقيقة مرّة: أن الشيعة، وهم الأغلبية العددية في العراق، ظلوا أضعف من أن يفرضوا مشروعًا وطنيًا جامعًا… ؛ فبدل من أن يوظفوا قوتهم الديموغرافية في بناء دولة مؤسسات، انجرّوا إلى صراعات جانبية، وانقسموا فيما بينهم على زعامات ومصالح فئوية… ؛ فصار الشيعي يحارب الشيعي، والفصيل يقاتل الفصيل، وكأنما أعادوا إنتاج مأساة التاريخ في نسخة جديدة.
إنّ قراءة هذا المشهد تؤكد أن ما يجري ليس صدفة، بل هو تكرار لسنن القوة والضعف: ففي ثورة العشرين، اصطدم الشيعة بالإمبراطورية البريطانية بلا عُدة ولا سند، فدفعوا الثمن غاليًا… ؛ وفي العقود اللاحقة، زُجوا في معارك العرب وقضايا فلسطين، فلم ينالوا إلا الجفاء والاتهام… ؛ وفي الحاضر، أعادوا الخطأ نفسه بدخولهم في مواجهة مع أمريكا وإسرائيل عبر بوابة المحاور، فخسروا الداخل والخارج معًا.
إن العراق اليوم بحاجة إلى مراجعة عميقة، لا تقوم على الشعارات أو العاطفة أو فكرة 'نصرة الآخرين'، بل على إعادة بناء القوة الذاتية : دولة قوية، جيش موحد، اقتصاد متين، وإرادة سياسية مستقلة… ؛ فالقوة وحدها هي التي تمنح الحق معناه، وتحوّل التضحيات إلى مكاسب، وتجعل الآخرين يحسبون حسابًا للعراق وأهله ألف حساب .

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب وزيلينسكي يبحثان إنهاء الحرب، لقاء أغسطس: بدلة جديدة ومجاملات بدلاً من المقاطعات
ترامب وزيلينسكي يبحثان إنهاء الحرب، لقاء أغسطس: بدلة جديدة ومجاملات بدلاً من المقاطعات

شفق نيوز

timeمنذ 32 دقائق

  • شفق نيوز

ترامب وزيلينسكي يبحثان إنهاء الحرب، لقاء أغسطس: بدلة جديدة ومجاملات بدلاً من المقاطعات

شكر الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، نظيره الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، على زيارته للولايات المتحدة، قائلاً إن "إحراز تقدّم" يتم على طريق إنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا. وأوضح ترامب أنّه عقد اجتماعاً "جيداً جداً" مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، مرجّحاً أن يسفر عن "نتيجة إيجابية"، مشيراً في الوقت ذاته إلى أنّه سيلتقي بسبعة من قادة العالم المتواجدين في العاصمة واشنطن. وقال ترامب للصحفيين: "أنا وزيلينسكي نريد انتهاء الحرب، ونتفق مع بوتين في ذلك"، لكنه رفض الكشف عن الجهة التي يراها تملك أوراقاً أقوى في النزاع، مضيفاً: "هذه ليست حربي"، ملقياً باللوم على الرئيس السابق جو بايدن لعدم وقفه الغزو الروسي عام 2023. وعن إمكانية إرسال قوات أمريكية إلى أوكرانيا ضمن قوة لحفظ السلام، قال ترامب: "سنعمل مع أوكرانيا ومع الجميع لضمان أن يكون السلام طويل الأمد جداً"، مضيفاً أنّ واشنطن ستتعاون مع موسكو وكييف "للتأكّد من نجاحه". ورغم تأكيده على وجود "فرصة جيدة" لعقد اجتماع ثلاثي بين الولايات المتحدة وروسيا وأوكرانيا للتوصل إلى اتفاق، لم يعلن ترامب موقفاً واضحاً بشأن نشر قوات أمريكية، وهو ما قد يثير جدلاً داخل قاعدته السياسية. في المقابل، شدّد زيلينسكي على أنّ "وقف روسيا هو الأولوية"، مؤكداً أنّ الأوكرانيين أقوياء ويدعمون خطط ترامب لإنهاء الحرب "بطريقة دبلوماسية"، وأعرب عن استعداده لعقد قمّة ثلاثية مع ترامب وبوتين. من المقاطعة إلى المجاملة: تحوّل لهجة ترامب تجاه زيلينسكي في خضمّ اللقاءات السياسية الحسّاسة بين الرئيس الأوكراني والرئيس الأميركي عام 2025، لم تكن النقاشات محصورة في الملفات العسكرية والاقتصادية فحسب، بل امتدّت لتشمل تفاصيل رمزية، مثل زيّ الرئيس الأوكراني، وطريقة تعامل إدارة ترامب معه. وبين اجتماع فبراير المتوتر، ولقاء أغسطس الأكثر هدوءاً، برزت تحوّلات لافتة في الشكل والمضمون. جدل البدلة: بين رمزية الحرب ومراعاة البروتوكول في الاجتماع الأول الذي عُقد في فبراير، أثار أحد الصحفيين الأميركيين جدلاً غير متوقع حين سأل زيلينسكي عن سبب عدم ارتدائه بدلة رسمية، قائلاً: "أنت في أعلى منصب في بلادك وترفض ارتداء بدلة. هل تملك بدلة؟ كثير من الأميركيين يرون أن هذا تصرّف غير محترم تجاه مكانتك". ردّ زيلينسكي بسخرية، قائلاً إنه سيرتدي "الزي الرسمي" بعد انتهاء الحرب، في إشارة إلى أن زيه العسكري هو تعبير عن حالة بلاده المستمرة في الدفاع عن سيادتها. وفي اجتماع أغسطس، ظهر زيلينسكي مرتدياً بدلة رسمية، لكنها حملت طابعاً عسكرياً في تصميمها، ما اعتُبر محاولة للتوفيق بين احترام البروتوكول الأميركي، والحفاظ على رمزية الحرب التي باتت جزءاً من صورته السياسية. وفيما يبدو أن زيلينسكي لم يغيّر زيه فقط، بل غيّر الرسالة. هو يحترم الأعراف، لكنه لا يتخلّى عن رمزية الصمود. Reuters تدخلات إدارة ترامب: من الضغط إلى التهدئة في اجتماع فبراير، شهدت القاعة لحظة مثيرة للجدل حين خاطب نائب الرئيس الأميركي، جيه دي فانس، زيلينسكي بلهجة اعتُبرت غير دبلوماسية، قائلاً: "قُل كلمة شكر للولايات المتحدة وللرئيس الذي يحاول أن ينقذ بلادكم". هذا التصريح أثار استياء الوفد الأوكراني، واعتُبر محاولة لإحراج زيلينسكي أمام الإعلام، في وقت كانت فيه كييف تطالب بضمانات أمنية لا شروط سياسية. أما في اجتماع أغسطس، فقد غابت هذه التدخلات الهجومية، وبدأ زيلينسكي اللقاء بتوجيه شكر واضح لترامب، في خطوة فُسّرت على أنها محاولة استباقية لنزع فتيل التوتر، وفتح المجال لحوار أكثر توازناً. المقاطعات والإنصات: نبرة التواصل بين الرئيسين في اللقاء الأول، قاطع ترامب زيلينسكي عدّة مرّات، أبرزها حين قال: "بلدك في مشكلة كبيرة"، فردّ زيلينسكي: "أعرف، أعرف"، قبل أن يحاول الدفاع عن صمود بلاده، لكن دون أن يُمنح مساحة كافية للشرح. في المقابل، شهد اجتماع أغسطس تحسّناً واضحاً في التواصل، حيث منح ترامب زيلينسكي وقتاً أكبر للحديث، واستمع إلى مداخلاته دون مقاطعة تُذكر، ما ساهم في خلق أجواء أكثر إيجابية، رغم استمرار الخلافات في المضمون. ويبدو التحوّل في سلوك إدارة ترامب، وفي مظهر زيلينسكي، لا يعكس فقط تغيّراً في البروتوكول، بل يشير إلى إدراك متزايد لأهمية الرمزية في السياسة الدولية. فبين بدلة تحمل طابعاً عسكرياً، وشكر دبلوماسي مدروس، يسعى زيلينسكي إلى الحفاظ على صورة القائد المقاوم، دون خسارة الدعم الأميركي. وفي المقابل، يبدو أن إدارة ترامب بدأت تدرك أن الضغط العلني لا يُثمر، وأن الإنصات قد يكون أكثر فاعلية في دفع كييف نحو خيارات تفاوضية.

أستراليا تلغي تأشيرة نائب إسرائيلي متطرف
أستراليا تلغي تأشيرة نائب إسرائيلي متطرف

اذاعة طهران العربية

timeمنذ 37 دقائق

  • اذاعة طهران العربية

أستراليا تلغي تأشيرة نائب إسرائيلي متطرف

وقالت صحيفة هآرتس، إنه بموجب القرار، لم يكون بمقدرو روتمان الذي يرأس لجنة الدستور والقانون والقضاء في الكنيست، التقدم بطلب للحصول على تأشيرة جديدة، خلال السنوات الثلاثة المقبلة. وأوضحت السلطات أن قرار إلغاء التأشيرة يعود لتصريحاته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، والمواقف العلنية التي تعكس سياسة حزبه بما فيها الدعوة لتوسيع دولة الاحتلال وإنكار الانتهاكات المرتكبة بحق الفلسطينيين و قطاع غزة خلال الحرب الحالية، فضلا عن دعواته لتصفية حماس.ولفتت الداخلية الأسترالية التي أصدرت قرار إلغاء التأشيرة، أن وجود ورتمان في البلاد، "قد يشجع على أنشطة من شأنها عرقلة الإدارة أو الحفاظ على النظام العام في البلاد، فضلا عن الانقسامات الاجتماعية داخل المجتمع الأسترالي. صرح وزير الداخلية الأسترالي توني بيرك لقناة سكاي نيوز بأن الحكومة ستمنع "أي شخص ينشر رسائل الكراهية والانقسام" من دخول أراضيها. وعلى الفور أثار قرار منع روتمان دخول أستراليا غضبه، وقال إن القرار يعد "معاداة للسامية، بصورة سافرة". وقال في تصريحات لصحيفة "يديعوت أحرونوت: "إن الحكومة الأسترالية "اختارت الاستسلام للإرهاب"، مضيفا أن ذلك "لا يجلب السلام بل يزيد من شهيتهم"، وأن أستراليا و الجالية اليهودية فيها تدفعان ثمن هذا القرار".

سوريا.. أكثر من 63 مقبرة جماعية موثقة و300 ألف مفقود
سوريا.. أكثر من 63 مقبرة جماعية موثقة و300 ألف مفقود

شفق نيوز

timeمنذ ساعة واحدة

  • شفق نيوز

سوريا.. أكثر من 63 مقبرة جماعية موثقة و300 ألف مفقود

شفق نيوز- دمشق كشف رئيس الهيئة السورية للمفقودين، محمد رضا جلخي، يوم الاثنين، عن عدد المقابر الجماعية في سوريا منذ العام 1970 في عموم البلاد، وأعداد المواطنين المفقودين. وقال جلخي في تصريح صحفي، تابعته وكالة شفق نيوز، إن "الهيئة تعمل منذ العام 1970 وحتى اليوم، وخطة عملها للانطلاق الفعلي على الأرض تتكون من 6 مراحل تستمر بين 3 و6 أشهر". وأضاف أن "أكثر من 63 مقبرة جماعية موثقة في سوريا، مع تقديرات لعدد المفقودين تتراوح بين 120 و300 ألف شخص، وقد يتجاوز الرقم ذلك". وأوضح جلخي أن "عمل الهيئة يعد ضرورة أساسية لمسار العدالة الانتقالية والسلم الأهلي"، مشيراً إلى أن "الهيئة تعمل وفق 6 مبادئ تشمل الشفافية والتشاركية والشمولية، مع إطلاق منصة رقمية وطنية لإنشاء بنك معلومات للمفقودين، وبروتوكولات لحماية الشهود واستلام وتسليم البيانات". ولفت جلخي في نهاية حديثه إلى أن "ملف المفقودين من أعقد الملفات وأكثرها إيلاماً في سوريا". ويشير خبراء إلى أن معالجة ملف المفقودين لا تتعلق بالتوثيق فقط، بل تُعد خطوة أساسية لبناء الثقة بين مختلف مكونات المجتمع السوري، وتهيئة الأرضية للمصالحة الوطنية. كما أن نجاح الهيئة يعتمد على التعاون مع الجهات المحلية والدولية، وتطبيق أعلى معايير حماية البيانات والشهود، مما يجعل عملها نموذجاً فريداً لإدارة ملفات إنسانية معقدة في سياق الأزمات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store