logo
لبنان أمام ساعة الحقيقة المالية… من يدفع الثمن؟

لبنان أمام ساعة الحقيقة المالية… من يدفع الثمن؟

لبنان اليوم٢٦-٠٤-٢٠٢٥

بين تعقيدات الخارج وصراعات الداخل، يقترب لبنان من محطة مالية مفصلية تتطلّب حسم الخيارات وتحمّل المسؤوليات. فمع استمرار تعليق ملف توزيع الخسائر للعام السادس على التوالي، يرى مسؤول مالي بارز تحدّث إلى الشرق الأوسط أن هامش المناورة السياسية بدأ يضيق، خاصة بعد تمرير تعديلات على قانون السرية المصرفية وتجميد مشروع إعادة هيكلة المصارف.
أزمة الخسائر تدخل زمن الانتخابات
تتزامن هذه المرحلة الحرجة مع استحقاقات انتخابية محلية تبدأ الشهر المقبل بانتخابات البلديات والمخاتير، قبل أن تصل إلى موعد الانتخابات النيابية الحاسمة في العام المقبل. هذا التسلسل الزمني يعقّد المشهد أكثر، ويضع الطبقة السياسية أمام مسؤولية اتخاذ قرارات لا تُغضب الناخبين، خصوصاً في ما يتعلق بحقوق مئات آلاف المودعين الذين لا يزالون ينتظرون استعادة أموالهم.
خلافات جوهرية في مقاربة الفجوة المالية
يشير المسؤول المالي إلى انقسام سياسي عميق حول تعريف الخسائر: هل هي خسائر محققة أم ديون مستحقة؟ فوفق التصنيف الأول، تميل الحكومات السابقة إلى تحييد الدولة عن المسؤولية، والاكتفاء بمساهمة شكلية في دعم رأسمال مصرف لبنان. أما في التصنيف الثاني، فالدولة ملزمة قانوناً بتغطية عجز المركزي وفق المادة 113 من قانون النقد والتسليف، من خلال الاحتياط العام أو خزينة الدولة عند الحاجة.
المركزي والدولة… من يتحمّل مسؤولية التوظيفات؟
وفق المسؤول، من الصعب على أي جهة سياسية تبرير تنصّل الدولة من مسؤولية إنفاق مدخرات المودعين التي تم توظيفها في مصرف لبنان. فحجم العجز الناتج عن سياسات الدعم والتمويل، كما كشف التدقيق الجنائي، تجاوز 48 مليار دولار حتى نهاية 2020، إضافة إلى سندات حكومية بقيمة 5 مليارات دولار.
القانون يرفض شطب التزامات المركزي
وفي موقف قانوني لافت، سبق لمجلس شورى الدولة أن ألغى قراراً حكومياً حاول تحميل الخسائر للمصارف عبر شطب التزامات مصرف لبنان بالعملات الأجنبية. القرار رسّخ مبدأ الحفاظ على حقوق المصارف وبالتالي المودعين، ومنع أي التفاف على الأصول القانونية.
اقتراحات غير واقعية وتحذير من الانفجار الاجتماعي
يرى المصدر المالي أن أي محاولة لتحميل الجهاز المصرفي كامل الخسائر، والتي تبلغ 80 مليار دولار، تصطدم بواقع مرير: موجودات المصارف حالياً لا تتعدى 15 إلى 20% من المطلوبات. لذا فإن الحلول المطروحة، سواء عبر 'الشطب' أو المراوغة السياسية، لن تنجح دون توافر قرار سياسي شجاع وتوافق وطني حقيقي.
تحديات قادمة… والوقت يداهم الجميع
في ظل هذا المشهد، من المستبعد تمرير مشروع إعادة هيكلة القطاع المصرفي بسهولة، رغم ارتباطه بشروط صندوق النقد الدولي. هذا فضلاً عن التعقيدات المرافقة لملف اليوروبوندز، الذي تتراكم فوائده لتبلغ نحو 11 مليار دولار منذ قرار التوقف عن الدفع عام 2020.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

لا جديد حول قروض الدولار المسددة على سعر 1500 وإقتراح ضريبة الأرباح عليها لم "يفعّل" بعد
لا جديد حول قروض الدولار المسددة على سعر 1500 وإقتراح ضريبة الأرباح عليها لم "يفعّل" بعد

ليبانون ديبايت

timeمنذ 2 ساعات

  • ليبانون ديبايت

لا جديد حول قروض الدولار المسددة على سعر 1500 وإقتراح ضريبة الأرباح عليها لم "يفعّل" بعد

"ليبانون ديبايت" - باسمة عطوي يتناقل اللبنانيون تفسيرات عن معنى كلام حاكم مصرف لبنان كريم سعيد مؤخرا، لجهة تأييده فكرة إصدار قانون لإلزام من سدّد قرضاً بغير قيمته الحقيقية بدفع القيمة الحقيقية. وتتوسع الإفتراضات بأن هذا التصريح سيطال أفرادا وعائلات سبق لها أن سددت قروضها على سعر دولار 1500 ليرة بعد 2020، وتشمل قروضا شخصية وسكنية. ويعتبر الكثير منهم أن أي إجراء سيُتخذ، سيؤثر عليهم سلبا في ظل إستمرار الأزمة منذ 6 سنوات، وعدم حصول إي إنفراج مالي أو إقتصادي حقيقي في البلد، ولو أن المؤسسات الدستورية (إنتخاب رئيس وتشكيل حكومة) عادت إلى عملها كالمعتاد. قبل تفسير خلفية كلام حاكم المركزي، لا بد من التذكير أنه في 26 آب 2020 وبعد حصول إنفجار مرفأ بيروت، أصدر مصرف لبنان تعميما سمح فيه للمقترضين من المصارف بالدولار ولا يملكون حسابات مصرفية بالدولار، أن يسددوا قروضهم بالليرة اللبنانية على سعر دولار 1500 ليرة، شرط أن لا تزيد قيمة القرض 800 ألف دولار. ونتيجة لذلك إستفاد من هذا التعميم، المقترضون الذي سدّدوا قروضهم عمليا بربع قيمتها الحقيقية، وأيضا الشركات التي سددت قروضها (حتى 800 ألف دولار) على سعر دولار 1500 ليرة. وقد أطلق صندوق النقد الدولي في أحد تقاريره، على هذه الفئة المستفيدة إسم "الأثرياء الجدد" بحيث إنتقلت الأموال من صاحب المال ( المودع العالقة أمواله في المصارف) إلى المقترض. وقدّر صندوق النقد الدولي قيمة الأرباح (بالنسبة إلى المقترضين) أو الخسائر (بالنسبة إلى المودعين) في العام 2022، بحوالى 15 مليار دولار. وهذا المبلغ يُرجّح أنه إرتفع لأن عمليات تسديد القروض بغير قيمتها الحقيقية استمرّت بعد صدور التقرير. وهناك تقديرات بأن المبلغ وصل إلى حوالى 20 مليار دولار. بلغة الأرقام أيضا، بلغت القروض المصرفية للقطاع الخاص في لبنان بلغت في العام 2019، تاريخ إندلاع الأزمة، نحو 55.5 مليار دولار، منها نحو 37.5 مليار دولار بالعملات الأجنبية، و18 مليار دولار بالليرة اللبنانية. وفي نهاية العام 2024، إنخفضت هذه المحفظة إلى نحو 7 مليارات دولار، نتيجة لتسديد المقترضين قروضهم بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة للدولار، أو عبر شيكات مصرفية بقيمة فعلية أقل من القروض الأصلية. منصوري أول من إقترح الحل محاولات مقاربة هذا الملف، كانت مع إقتراح حاكم مصرف لبنان بالإنابة السابق وسيم منصوري في العام 2024، إقرار قانون في مجلس النواب، بفرض ضريبة لمرة واحدة على أرباح المستثمرين الذين إستفادوا من فروقات تسديد القروض خلال الأزمة المالية. ويستهدف هذا الإقتراح المستثمرين الذين حصلوا على قروض كبيرة بالدولار قبل الأزمة، ثم سددوها بالليرة اللبنانية على سعر صرف 1500 ليرة، مما أدى إلى تحقيق أرباح كبيرة نتيجة الفروقات في سعر الصرف، وكان من المتوقع أن تتراوح نسبة الضريبة بين 15 و 17 بالمئة، وتُفرض فقط على الأرباح الناتجة عن هذه العمليات، مع إستثناء القروض السكنية أو الاستهلاكية، والتركيز على القروض الإستثمارية الكبيرة. غبريل: ليس عدلا تسديد الافراد والشركات قروضهم حتى 800 ألف دولار على سعر 1500 ليرة يشرح رئيس مركز الأبحاث في بنك بيبلوس الحبير الاقتصادي نسيب غبريل ل"ليبانون ديبايت" أن "لا جديد طرأ على هذا الإقتراح، بل تمّ حفظه حينها على إعتبار أن هناك فراغا رئاسيا وحكومة تصريف أعمال، ولا يزال محفوظا إلى الآن ويجب أن يتحوّل إلى مشروع قانون يُقر في مجلس النواب"، موضحا أنه "صدر تعميم عن مصرف لبنان في 26 آب 2020 وبعد إنفجار بيروت، وسمح للأفراد الذين لديهم قروض بالدولار(سيارات – سكن- إستهلاك) ولا يملكون حسابات بالدولار، أن يتم تسديدها على سعر دولار1500 ليرة، وهذا التعميم لا يشمل الشركات، لكن هذه الأخيرة إستفادت من الفوضى الموجودة ومن قرارات قضائية متناقضة، وسدّدت قروضها (جزء بالليرة وجزء بشيكات)، ما يعني عمليا أنهم سددت جزءا بسيطا منها وليس كلها. وهناك شركات سددت قروضها من ودائعها في المصارف التجارية وهذا أمر عادل، ولا يمكن أن نشملها بأنها إستفادت من التعميم على حساب أموال المودعين، لأنها جزء منهم". يضيف:"الظلم الذي حصل في هذا الموضوع، أن هناك شركات إشترت شيكات بقيمة 20 بالمئة من قيمة الشيك الحقيقي وسددت به قروضها أو وضعت شيكات عند كاتب العدل. ما حصل بعدها أن هناك إقتراح قانون في بداية 2024، يتعلق بفرض ضريبة دخل بقيمة 17 بالمئة على الأرباح على هذه الشركات التي سددت قروضها بهذه الطريقة، بعدها حصلت حملة كبيرة على هذا المشروع وتمّ وضعه جانبا"، مشددا على أنه "في ما يتعلق بقروض الاشخاص، التعميم الذي صدر في آخر آب 2020 سمح بتسديد القروض الشخصية لغاية 800 ألف دولار ممن لا يملك حسابات بالدولار، والأكيد أنه ليس عدلا أن يقوم الافراد والشركات بتسديد قروضهم حتى 800 ألف دولار على سعر 1500 ليرة للدولار لأنها خسارة للمودعين، قد صنّفهم صندوق النقد الدولي بأنهم الأثرياء الجدد في لبنان إذ تم إعادة توزيع الثروة من المودع إلى المقترض". ويختم:" لا شيء واضح حول كيف سيتم التعامل معهم. هناك إقتراح القانون الضريبة على الأرباح بقيمة 17 بالمئة، والذي من المفروض أن يدخل إيرادات للخزينة، ومن العدل تخصيصها لرد أموال المودعين".

جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري
جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 2 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

جنرال في زواريب الطريق الجديدة يُسقِط النخب المستوردة: بيروت صوّتت لسعد الحريري

أطاحت الانتخابات البلدية الأخيرة في بيروت بمفاهيم رُسّخت على مدى ثلاثة عقود، قوامها ترشيح شخصيات نخبويّة آتية من خارج النسيج الاجتماعي المحلي، لا يعرف «البيارتة» عنها شيئاً. هذا النمط تغيّر مع دخول محمود الجمل إلى المشهد. منذ أن كان يرتدي بزّته العسكرية، اعتاد الجمل التجوّل في أحياء الطريق الجديدة وتلبية حاجات سكانها. منصبه كمستشار أمني للرئيس سعد الحريري أتاح له الاحتكاك بـ«فتوات» الشوارع و«شباب المنطقة»، فيما مكّنه موقعه كمنسّق عام لبيروت في تيار المستقبل من مدّ الجسور مع مختلف طبقات المدينة، من «التحتا» إلى «الفوقا». ومعركته النيابية عام 2022 لم تكن إلا تتويجاً لحضوره الشعبي المتنامي. إلى جانب الجمل، برز نبيل بدر. رجل أعمال ناجح جمع ثروة مالية، وترأّس نادي الأنصار، ودخل الندوة البرلمانية. لم تغيّره الثروة ولا العمل السياسي؛ لا يزال يرتاد المقاهي الشعبية، يجلس بثيابه الـ«casual» حول «الأرغيلة»، ويتحدّث بلغة الناس البسيطة. لا يُفلسف السياسة، بل يراها كما يراها جمهوره: «ماتش فوتبول» فيه فائز وخاسر. شكّل الاثنان «ديو» جسّد أهواء الشارع البيروتي السنّي. لذلك، لم يكن الجمل بحاجة إلى مقدّمات عندما قرّر الترشّح لرئاسة البلديّة؛ فصوره رُفعت بمبادرات فردية من أبناء الأزقّة الفقيرة الذين رأوا فيه امتداداً للحريرية السياسية الغائبة. رأى المزاج البيروتي في لائحة «بيروت بتجمعنا» مزيجاً من الأضداد اجتمعوا في «تحالف هجين». صحيح أنّ هذا النموذج من التحالفات بدأ في عهد الرئيس رفيق الحريري، وتمسّك به لاحقاً نجله سعد، إلا أنّ غياب التمثيل الحقيقي لـ«الحريريين» ومن يدور في فلكهم، جعل من الصعب على الكثيرين من أبناء العاصمة هضم مثل هذا التحالف. وما عزّز هذا الرفض الشعبي، الدور المحوري الذي يلعبه فؤاد مخزومي داخل اللائحة، وهو شخصية مثيرة للجدل لم تحظَ يوماً بقبول واسع لدى الشارع السنّي البيروتي. في المقابل، كان البديل الذي يمثّل وجدانهم حاضراً أمامهم: لائحة «بيروت بتحبّك». أدرك بدر والجمل حساسية المزاج العام، وعرفا كيف يظهّران خطاب المظلوميّة، وانضويا تحت راية «تيّار المستقبل» من دون السقوط في فخ الطموحات المكشوفة لوراثة سياسية. والأهمّ، أنّهما استخدما «الأدوات الحريريّة» في الحركة على الأرض، إذ طرقا الأبواب ودخلا أزقّة لم تطأها قدم زعيم منذ أيام رفيق الحريري. وليس تفصيلاً أن تُقاد الحملات الانتخابيّة من زاروب الطمليس والبرجاوي وأبو الخدود... وغيرها من الأزقّة الضيّقة التي يقطنها أبناء بيروت المنسيون. كلّ ذلك جعل من الجمل اسماً مقبولاً لدى الشارع السنّي من دون الحاجة إلى حملات تسويق مصطنعة. اندفع الناخب السنّي البيروتي إلى صناديق الاقتراع مدفوعاً بالإحساس بالتمثيل، لا بقوة ماكينة انتخابية منظّمة، إذ بدت لائحة «بيروت بتحبّك» شبه مجرّدة من البنية اللوجستية المطلوبة: حضور خجول للمندوبين داخل مراكز الاقتراع، وضعف لافت في عمليات النقل من خارج بيروت إلى داخلها. وما زاد الطين بلّة، الضربات المتتالية التي تلقّتها الماكينة: بدءاً من ضيق الوقت بعد تشكيل اللائحة قبل أسبوعين فقط، إثر فشل المفاوضات بين بدر واللائحة الائتلافية، وصولاً إلى غياب الخبرات وضعف الإمكانات، وانتهاءً بما تردّد عن انسحاب جماعي لأكثر من 175 مندوباً فجر يوم الأحد، تبيّن لاحقاً أنّ كثيرين منهم كانوا «مدسوسين»! وبالتالي، اعتمدت لائحة «بيروت بتحبّك» على «حواضر البيت»، على عكس ما أشيع عن إنفاق بدر 4 ملايين دولار قبل أيام من فتح صناديق الاقتراع. ما برز فعلياً على الأرض كان صورة مغايرة تماماً: مجموعات شبابية من أبناء بيروت تطوّعت عفوياً للعمل ضمن الماكينة، وساهمت في نقل الناخبين دون أن يُطلب منها رسمياً أو تُمنح مقابلاً مادياً، كما فعل على سبيل المثال «اتحاد أهالي عائشة بكّار». تدقيقٌ في الأرقام هذه العوامل أدّت إلى استناد لائحة «بيروت بتحبّك» إلى الدعم السنّي بشكل شبه كامل، إذ شكّل الصوت السنّي ما يقارب 99% من رصيدها الانتخابي. لكنّ الخلل الجوهري الذي واجهها تمثّل في عجزها عن تسمية مرشّحين مسيحيين وشيعة ودروز يتمتّعون بحضور شعبي وازن، بعدما أُقفلت الأبواب بوجهها من قِبل الأحزاب المتحالفة. ويُظهر تحليل أولي للأرقام بحسب التوزيع الطائفي أن اللائحة المدعومة من بدر والجماعة حصدت نحو 30 ألف صوت، من بينها حوالى 27 ألف صوت سنّي، ونحو 2000 صوت مسيحي، و500 صوت شيعي، و100 صوت درزي، تفاوتت بين المرشحين. وهذا يعكس بوضوح أن نحو 65% من الأصوات السنّية صبّت لـ«بيروت بتحبّك»، مقابل القاعدة السنّية التي أمّنتها «جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية» وحدها للائحة «بيروت بتجمعنا». وقد تمكّن الجمل من حصد أكثر من 40 ألف صوت سنّي، بعدما نجح في اختراق عدد من البلوكات الحزبيّة، من بينها بلوك «المشاريع» لما يتمتع به من حيثيّة شعبيّة ولامتلاكه شبكة من العلاقات العائلية والاجتماعية داخل الجمعية. كما كان خياراً مشتركاً لعدد كبير من البيارتة، حتى من خارج الاصطفافات الحزبية، إذ وضع كثيرون اسمه منفرداً على اللوائح، لكونه المرشّح الوحيد الذي يعرفونه. «الهوى مستقبلي» تحليل الأرقام يُظهر بوضوح أنّ «الهوى السنّي» مالَ إلى لائحة «بيروت بتحبّك». مع ذلك، من المجحف اختزال هذا الفوز بجهود بدر والجماعة والجمل. فالأرقام تعكس في الواقع حضور تيار «المستقبل» المستمر على الأرض السنّية، رغم غياب قيادته عن المشهد السياسي. ويتجلى ذلك بوضوح في النتائج الاختيارية، حيث اكتسح المرشحون المحسوبون على «الأزرق» المقاعد في أكثر من دائرة بيروتية، بما يعكس مزاجاً شعبياً لا يزال وفيّاً لرفيق الحريري ونهجه. صحيح أنّ تيار «المستقبل» لم يُصدر أي تعميم رسمي يطلب من مناصريه التصويت للائحة «بيروت بتحبّك»، إلّا أن النبض كان واضحاً في اتجاهات التصويت. «القلب الأزرق» كان عند الجمل، ما أتاح له حرية التحرّك داخل الشارع السنّي واستقطاب مفاتيح انتخابية أساسية تُعدّ من صلب التيار. فالجمل، بصفته منسّق بيروت السابق، يتمتع بشبكة علاقات أخطبوطية متجذّرة في مفاصل «سبيرز»، ما عزّز حضوره وجعل منه الخيار التلقائي لفئة واسعة من السنّة الباحثين عن امتداد «مستقبلي» ولو بصيغة جديدة. وعليه، لم يكن التصويت السنّي سوى تعبيرٍ عن «نوستالجيا» لرفيق الحريري وابنه سعد، ورسالة واضحة مفادها: «ما زلنا على العهد». لا الغياب القسري، ولا الشحّ المالي والخدماتي، ولا حتى إخراج المقرّبين من التيار الأزرق من مفاصل القرار السياسي والأمني، لم ينجح كل ذلك في زعزعة مكانة الحريري في وجدان السنّة الذين ذهب صوتهم، عملياً، إلى «الحريري الغائب» ممثّلاً بالجمل، لا إلى أي مشروع بديل. ما يشي بأن أحداً من اللاعبين السياسيين الحاليين في الشارع السنّي لا يملك حتى الآن القدرة على وراثة المرجعية الحريرية، أو الحلول مكانها. ولعل النتيجة الأبرز لانتخابات بيروت أنّ الغالبية السنّية التي امتلكها «المستقبل» في حضوره، ما زالت «في جيبه» حتى في غيابه. وكما يترك ابتعاد الحريري عن الساحة السنّية فراغاً في شارعه، فإنّ لهذا الغياب تداعيات سياسية عميقة أيضاً، ظهرت جلياً في الانتخابات البلدية الأخيرة. فقد أربك غيابه القوى السياسية التقليدية التي وجدت صعوبة في تأمين المناصفة داخل المجلس البلدي في بيروت، وهو ما كان يُعتبر في السابق تحصيلَ حاصلٍ بفضل حضور «تيار المستقبل». القلق الذي اعترى الأحزاب في تشكيل اللوائح المتوازنة كشف حجم الدور الذي كان يلعبه الحريري في الحفاظ على التوازنات الهشّة، والتي باتت مهدّدة اليوم في ظل غيابه الطويل. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

رفع العقوبات عن سوريا: فرصة لبنانية لاستجرار الكهرباء والغاز
رفع العقوبات عن سوريا: فرصة لبنانية لاستجرار الكهرباء والغاز

القناة الثالثة والعشرون

timeمنذ 2 ساعات

  • القناة الثالثة والعشرون

رفع العقوبات عن سوريا: فرصة لبنانية لاستجرار الكهرباء والغاز

ثمة فرصة استثنائية أمام لبنان لإحداث نقلة نوعية في قطاع الكهرباء، عبر استجرار 250 ميغاواط من الكهرباء الأردنية، واستيراد الغاز المصري إلى معملي دير عمار والزهراني لإنتاج 900 ميغاواط، ما يمكن أن يؤدي إلى زيادة التغذية نحو 10 ساعات كهرباء ويقلّص كلفة الإنتاج إلى النصف تقريباً. هذه الفرصة تأتي بسبب رفع العقوبات عن سوريا، إذ سبق للبنان أن أبرم اتفاقيات مع الأردن ومصر لكنه اصطدم بالعقوبات. يومها كان التمويل من البنك الدولي الذي طلب أن يستحصل لبنان على استثناء من العقوبات الأميركية على سوريا، كون الكهرباء والغاز سيمرّان عبرها إلى لبنان. كانت الولايات المتحدة الأميركية تفرض عقوبات على سوريا بموجب ما سمّي «قانون قيصر» وهذا الأمر منع استخدام هذه الأراضي، سواء لاستجرار الكهرباء أو الغاز، أو حتى العمليات المالية إلى جانب سلّة أخرى من الممنوعات، على أي كان من دون إذن أميركي بالاستثناء. لكن الرئيس الأميركي دونالد ترامب، أعلن في زيارته إلى السعودية أخيراً، رفع العقوبات، ما يمهّد الطريق أمام انطلاق المشروع بشرط أن يتعامل لبنان مع الأمر باعتباره فرصة. وما يعزّز حظوظ هذه الفرصة أن الوضع المالي لمؤسسة كهرباء لبنان صار أفضل بعد التسعير بالدولار ورفع مستويات التسعير على المستهلك، وبالتالي لم تعد هناك ضرورة كبيرة للتمويل من البنك الدولي أو من أي جهة أخرى. لذا، يُعدّ هذا الوقت هو الأنسب للإسراع في استكمال الأعمال الفنية وتوقيع العقود النهائية، لضمان وصول الطاقة المستوردة إلى الشبكة اللبنانية في أسرع وقت ممكن وتخفيف المعاناة اليومية للمواطنين. الخطة المقترحة سابقاً كانت تتوزع إلى قسمين؛ استجرار الكهرباء من الأردن، واستيراد الغاز من مصر. وكان وزير الطاقة السابق وليد فياض قد اتفق مع الأردن وسوريا على توريد 250 ميغاواط من الكهرباء، ما يضيف نحو ساعتين تغذية إضافيتين يومياً للشبكة اللبنانية. وبالنسبة إلى سعر الكيلواط ساعة المستورد من الأردن، فإنه بموجب الاتفاقية الموقَّعة اعتمد هيكل تسعير يربط سعر كل كيلوواط مسحوب من الأردن إلى لبنان، بتقلبات سعر خام برنت العالمي، فإذا انخفض سعر البرميل إلى أقل من 50 دولاراً، يُحدد ثمن الكيلوواط بـ10 سنتات، وعند ارتفاع السعر فوق 50 دولاراً وحتى 80 دولاراً، يرتفع السعر إلى 11.2 سنتاً للكيلوواط. أما إذا تجاوز سعر البرميل 80 دولاراً، فيصبح السعر المعتمد للكيلوواط 16.2. حالياً سعر برميل النفط أقل من 80 دولاراً، ما يعني أن سعر الكيلواط المستورد من الأردن يجب أن يكون 11.2 سنتاً، ما يمثّل وفراً بالنسبة إلى كلفة الإنتاج الحالية في لبنان. كما إن الاعتماد على استيراد الكهرباء من الأردن هو بالتأكيد أقل كلفة مقارنة بمولدات الأحياء التي قد تصل كلفتها إلى نحو 35 سنتاً للكيلوواط ساعة، بحسب آخر التسعيرات التي أصدرتها وزارة الطاقة. دور البنك الدولي في هذه الخطة كان دوراً تمويلياً، بحيث كانت ستتكفل البرامج التمويلية المبدئية من البنك الدولي بقيمة 300 مليون دولار، تُتبع بـ100 مليون إضافية، لتغطية كلفة الاستيراد وصيانة خطوط النقل في لبنان. لكن الوضع اختلف اليوم لناحية أن الدولة عدّلت تسعيرة الكيلواط وعادت لتجبي فواتيرها، ما قد يُسهّل القدرة على الاستيراد من أموالها الخاصة، من دون الحاجة إلى تمويل من البنك الدولي إلا لصيانة الخطوط. أما استيراد الغاز من مصر، فهو يعتمد على الخط العربي الذي يمر بسوريا والأردن وصولاً إلى شمال لبنان، لتمكين تغذية معمل دير عمار بنحو 450 ميغاواط إضافياً، إضافة إلى 450 ميغاواط من معمل دير الزهراني، وهو ما يؤمّن نحو 8 ساعات إضافية من الكهرباء. من الناحية المالية، استيراد الغاز يوفّر في كلفة الإنتاج، إذ قد يصل الوفر إلى نسبة 50% من كلفة إنتاج الطاقة عبر الفيول، وذلك يعتمد على أسعار الغاز والفيول. ففي عام 2021 كانت كلفة الإنتاج عبر الغاز نحو 7 سنتات للكيلواط ساعة، بحسب تصريح سابق للوزير وليد فياض، تُضاف إليها كلفة النقل والتوزيع والهدر بالشبكة. بينما كانت كلفة الإنتاج عبر الفيول تُراوح بين 18 و20 سنتاً للكيلواط ساعة. ماهر سلامة -الاخبار انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store