
هل تتأثر الدول العربية بحرب التعريفات الأميركية؟
محاولة الرئيس دونالد ترمب "استعادة ثراء أميركا" لم تنجُ منها دولة تقريباً حول العالم، واقتصادات المنطقة العربية أثقل كاهلها في "يوم الحرية" بتعريفات جمركية على صادراتها إلى الولايات المتحدة تراوح قيمتها ما بين 10 و41 في المئة.
وأعفى ترمب النفط والغاز ومشتقاتهما من الرسوم الجديدة، وبعيداً من الوقود الأزرق والأحفوري لا تبدو الدول العربية مرتبطة كثيراً بأسواق الولايات المتحدة في مجال التصدير، مما يخلق تساؤلاً حول الهدف من ضم المنطقة إلى الحرب التجارية الأميركية، وما تداعيات ذلك على العرب سلباً أو إيجاباً؟
بحسب مجلة "واشنطن إكزامينر" ربما يستخدم الرئيس الأميركي تعريفاته للضغط على الدول العربية من أجل قبول خططه لتهجير سكان غزة، ونقلت المجلة عن مستشار ترمب للأمن القومي مايك والتز في فبراير (شباط) الماضي أن ترمب يعتبر الرسوم الجمركية أداة رئيسة لسياستنا الخارجية"، ولكن خبراء اقتصاديين يرون أن قيمة ونوعية هذه التعريفات تضعف هذا الاحتمال أو في الأقل تجعل تأثيره محدوداً.
وغالبية الدول العربية فرض ترمب على صادرتها إلى السوق الأميركية تعريفات بنسبة واحدة بلغت 10 في المئة، وهذا يشمل دول مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى مصر والسودان واليمن ولبنان وجيبوتي والمغرب، فيما تحملت سوريا أكبر نسبة من الرسوم "الترمبية" بلغت 41 في المئة، ثم تلاها العراق 39 في المئة، وبعده ليبيا 31 في المئة والجزائر 30 في المئة وتونس 28 في المئة والأردن 20 في المئة.
وتشير أرقام البيت الأبيض إلى أن جميع الدول العربية التي فرض ترمب عليها رسوماً بنسبة 10 في المئة تفرض أصلاً تعريفات مشابهة على الواردات الأميركية، أما سوريا فهي تفرض جمارك بنسبة 81 في المئة على صادرات الولايات المتحدة، والعراق تصل رسومه على أميركا إلى 78 في المئة وليبيا 61 في المئة والجزائر 59 في المئة وتونس 55 في المئة والأردن 40 في المئة.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فرص ضمنية
ويرى الخبير الاقتصادي المصري وائل نحاس أن الولايات المتحدة بدأت عبر الرسوم الجديدة بالعمل على تعزيز اقتصادها الحقيقي بعدما اعتمدت والعالم بصورة عامة، لأعوام طويلة على "اقتصادات المؤشرات" التي لا تعكس الواقع المعيشي للناس، لافتاً إلى أن هذا التوجه قد ينقذ أميركا من ركود دنا منها مرات عدة بعد الأزمة المالية العالمية عام 2008.
ويقول نحاس في حديث إلى "اندبندنت عربية" إن الصادرات العربية بصورة عامة تشكل اثنين إلى ثلاثة في المئة من إجمالي الواردات الأميركية وهنا نتوقف عند نقطة رئيسة هي أن ترمب لم يستهدف سوى البضائع، فتجنب قطاع الخدمات وأعفى الطاقة من الرسوم الجديدة، بالتالي لم يأتِ على مصالح حلفائه في المنطقة العربية.
وبالنسبة إلى مصر تحديداً، يعتقد النحاس بأن رسوم ترمب لم تضر بها كثيراً، فنصف الصادرات المصرية إلى السوق الأميركية هي من المنسوجات المعفاة من التعرفة وفق ترتيبات "كويز"، وهو تشريع للكونغرس يسمح للمنتجات المصرية بدخول أسواق الولايات المتحدة من دون جمارك أو حصص محددة شرط أن تتضمن مكوناً إسرائيلياً بنسبة 10.5 في المئة (خفضت من 11.7 في المئة عام 2007).
ويمضي النحاس في قراءته للرسوم الجديدة على مصر بالقول إنها تشكل فرصة حقيقية من الجيد استثمارها، إذ إن الدول التي تواجه تعريفات أميركية مرتفعة قد تبحث عن أسواق برسوم أقل لإنتاج وتصدير سلعها إلى الولايات المتحدة، وهنا تكون مصر قبلة مفضلة بالنسبة إلى عدد منها مثل الصين، خصوصاً أن الانطلاق من الأسواق المصرية يعني عدم المرور بباب المندب وتجنب كل المشكلات والضبابية التي تعانيهما حركة الملاحة البحرية في البحر الأحمر حالياً ولأجل لا يمكن تحديده.
تأثير غير مباشر
بعيداً من قطاع الطاقة لا تنطوي الصادرات العربية إلى أميركا على سلع استراتيجية وإنما هي في غالبيتها منتجات غذائية ونسيجية وصناعات تقليدية. وبرأي الرئيس التنفيذي لشركة "أوراكل" للاستشارات المالية والاستثمارية محمد علي ياسين، لا تتمتع الدول العربية بفائض تعاملات تجارية مع الولايات المتحدة إذا ما استثنينا صادرات الطاقة، لذا ستتأثر هذه الدول في الغالب بتداعيات التعريفات الأميركية على الاقتصاد العالمي، أي إن رسوم ترمب التي من المرجح أن تقود إلى تباطئ النمو في العالم ودول مثل الصين والاتحاد الأوروبي قد تحمل تداعيات على المنطقة في قطاعات مختلفة من بينها الطاقة، حيث تصدر دول عربية عدة منتجاتها من النفط والغاز إلى الصين وأوروبا، وركود هذه المناطق يعني تراجع الطلب، بالتالي انخفاض أسعار هذه السلع الاستراتيجية.
ووفق ياسين أيضاً ثمة تداعيات نفسية وغير اقتصادية على الدول العربية بسبب رسوم ترمب، أولها حال اللايقين التي ستعيشها أسواق الأسهم والسندات في المنطقة إلى حين اتضاح الصورة ومعرفة التأثير الحقيقي لتلك الرسوم، خصوصاً أن 25 - 35 في المئة من المستثمرين داخل هذه الأسواق هم من الأجانب الذين سيفضلون التروي في نشاطهم.
وعلى رغم هذا يؤكد الخبير الاقتصادي أن الشركات الأكبر في سوقي السعودية والإمارات من ناحية القيمة السوقية لا تشكل التجارة مع أميركا سوى نسبة صغيرة من نشاطها، مما يقتضي عدم تأثر أرباحها السنوية كثيراً بعد تعريفات ترمب، وإذا ما حدث ذلك فعلاً فستكون هذه الشركات وغيرها من الأسهم المستقرة المدرجة في أسواق المنطقة بمثابة فرصة جيدة للراغبين في الاستثمار على المديين المتوسط والطويل.
والأثر الآخر يتخلص في مصير منظمة التجارة العالمية، فـ"يوم الحرية" الأميركي كتب "شهادة وفاة المنظمة" على حد تعبير ياسين، ومن الآن فصاعداً ستلجأ الدول إلى عقد اتفاقات ثنائية والتفاوض في ما بينها لضمان مصالحها، مما قد ينطوي على بعض الإيجابية إذا خططت الدول العربية استراتيجياً لعلاقاتها مع المناطق التي تحرص على التعامل التجاري معها.
ويلفت ياسين إلى حرب عملات محتملة بعد الرسوم الجمركية الأميركية الجديدة، إذ إن البنوك المركزية، بخاصة في الدول ذات الاقتصادات القوية، تعتمد على نوع من التوازن في حركة العملات لحماية الاقتصاد العالمي من تبدلات كبيرة تضر به، وبعد تعريفات ترمب يمكن أن تلجأ بعض الدول إلى إجراءات تؤثر في قيمة عملتها المحلية للتخفيف من تأثير التعريفات، مما يؤدي إلى اختلال سوق العملات عالمياً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ ساعة واحدة
- Independent عربية
ترمب يوقع أوامر تنفيذية لتعزيز الطاقة النووية الأميركية
وقع الرئيس الأميركي دونالد ترمب أمس الجمعة، أربعة أوامر تنفيذية تهدف، بحسب مستشاره، إلى إطلاق "نهضة" الطاقة النووية المدنية في الولايات المتحدة، مع طموح بزيادة إنتاج الطاقة النووية أربع مرات خلال السنوات الـ25 المقبلة. ويريد الرئيس الأميركي الذي وعد بإجراءات "سريعة للغاية وآمنة للغاية"، ألا تتجاوز مدة دراسة طلب بناء مفاعل نووي جديد 18 شهرا، ويعتزم إصلاح هيئة التنظيم النووي، مع تعزيز استخراج اليورانيوم وتخصيبه. وصرح ترمب للصحافيين في المكتب البيضوي: "الآن هو وقت الطاقة النووية"، فيما قال وزير الداخلية دوغ بورغوم إن التحدي هو "إنتاج ما يكفي من الكهرباء للفوز في مبارزة الذكاء الاصطناعي مع الصين". وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض طلب عدم الكشف عن هويته للصحافيين: "نريد أن نكون قادرين على اختبار ونشر المفاعلات النووية" بحلول يناير (كانون الثاني) 2029. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وتظل الولايات المتحدة أول قوة نووية مدنية في العالم، إذ تمتلك 94 مفاعلاً نووياً عاملاً، لكن متوسط أعمار هذه المفاعلات ازداد حتى بلغ 42 سنة. ومع تزايد الاحتياجات على صعيد الكهرباء، والتي يحركها خصوصاً تنامي الذكاء الاصطناعي، ورغبة بعض البلدان في الاستغناء عن الكربون في اقتصاداتها، يزداد الاهتمام بالطاقة النووية في جميع أنحاء العالم. والعام 2022، أعلنت فرنسا التي تبقى صاحبة أعلى معدل طاقة نووية للفرد بواقع 57 مفاعلا، برنامجا جديدا يضم ستة إلى 14 مفاعلا. ومن المتوقع أن يبدأ تشغيل أول هذه المفاعلات العام 2038. وتظل روسيا المصدر الرئيسي لمحطات الطاقة، إذ لديها 26 مفاعلا قيد الإنشاء، بينها ستة مفاعلات على أراضيها.

منذ 5 ساعات
عزلة أعمق ومخاوف من "الانتقام".. سلطة بورتسودان تحت الضغط الأمريكي
والإجراءات الأمريكية المرتقبة ضد قوات سلطة بورتسودان ، ستشمل قيوداً على الصادرات وخطوط الائتمان، ما يؤكد إصرار واشنطن على تعطيل تدفق الأسلحة إلى قوات عبد الفتاح البرهان، وتحميل قادة الميليشيات الموالين له المسؤولية عن الارتفاع الكبير والمقلق في عدد الضحايا المدنيين. وتنسجم الاتهامات الأمريكية الجديدة لحكومة بورتسودان ، مع عشرات التقارير الحقوقية الدولية التي اتهمت صراحة قوات عبد الفتاح البرهان بارتكاب انتهاكات مروّعة شملت هجمات مميتة على المدنيين، بما في ذلك الغارات الجوية ضد البنية التحتية المحمية، مثل: المدارس والأسواق والمستشفيات، إضافة إلى عمليات الإعدام الميداني، وحرق الجثث. وستؤدي العقوبات الجديدة على سلطة بورتسودان ، بحسب خبراء، إلى حظر جميع الممتلكات والمصالح التي تعود لمن وردت أسماؤهم في القرار، في الولايات المتحدة ، كما ستُمنع حيازة أو سيطرة أي أشخاص أمريكيين على تلك الممتلكات. وستُحظر أيضاً أي كيانات مملوكة للأشخاص المعاقَبين بشكل مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى حظر جميع المعاملات التي يقوم بها أمريكيون داخل الولايات المتحدة ، وتتصل مع أي مصالح للمعاقَبين. وسيترتّب على انتهاك العقوبات الأمريكية فرض عقوبات على الأمريكيين والأجانب المتعاملين مع المعاقَبين. عزلة ونبذ تُقلّل بعض المصادر من "الأثر الملموس" للعقوبات على سلطة بورتسودان ، وقواتها، خاصة أنه سبق أن فُرضت عقوبات مباشرة على البرهان نفسه، وآخرها كان في يناير، فور عودة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، عندما اتهمته إدارته باختيار الحرب على المفاوضات لإنهاء النزاع. لكن مراقبين يؤكدون أن العقوبات الجديدة تعني استهدافاً مستمراً من قبل واشنطن لحكومة بورتسودان ، وتُكرّسها ك "سلطة أمر واقع" وتنزع عنها أي شرعية "محتملة"، والأهم أنها تؤكد استمرار القطيعة التي بدأت بعد أسابيع قليلة من بدء الصراع، إذ توافقت إدارتا جو بايدن وترامب المتعاقبتين على تحميل قوات عبد الفتاح البرهان "الجزء الأكبر" من أسباب اندلاع الحرب. وكان عبد الفتاح البرهان حاول إعادة "وصل" العلاقة مع ترامب، مبادراً لتهنئته بفوزه في ولاية ثانية، لاستعادة ما كان من علاقات وتعاون في ولايته الأولى، بيد أن الرئيس الأمريكي صدم قائد قوات بورتسودان بعقوبات مباشرة، ليؤكد في الحزمة الثانية من العقوبات على إخراجه تماماً من مستقبل المشهد السياسي للبلاد. تصعيد مع واشنطن فور صدور قرار الحزمة الجديدة من العقوبات، سارعت سلطة بورتسودان ، عبر وزير الثقاقة والإعلام، خالد الإعيسر، إلى "رفض" التصريحات والاتهامات الأمريكية واعتبار أنها "تتسم بالابتزاز السياسي وتزييف الحقائق"، وفق قوله. ويمثّل تعليق سلطة بورتسودان على العقوبات الأمريكية تصعيداً كبيراً، كما يعبّر عن "يأسها" من استعادة العلاقة مع واشنطن ، والأهم أن الإعيسر فسّر الخطوة الأمريكية بأنها رد على تعيين رئيس وزراء جديد للحكومة، وهو ما يؤيده مراقبون باعتبار أن "بروتسودان" فقدت أي شرعية محتملة، وأن أي خطوة تجميلية مقبلة ستكون عبثية. مخاوف في المقابل، فإن العقوبات الأمريكية الجديدة على قوات بورتسودان تثير مخاوف حقوقيين ومنظمات إغاثة، من خطوات انتقامية قد تتخذها سلطات الأمر الواقع في البلاد، مثل فرض المزيد من القيود على عمليات الإغاثة. وفي الآونة الأخيرة، صعّدت سلطة بورتسودان من قيودها على عمليات الإغاثة، مستهدفة النشطاء في العمل التطوّعي، كما كشفت تقارير صحفية عن استيلاء مسؤولين كبار في سلطة الأمر الواقع في السودان على مساعدات عربية ودولية وصلت الخرطوم ، وبيعها في الولايات الأخرى بأسعار مضاعفة. ويعتقد مراقبون أن الاكتفاء بالعقوبات الاقتصادية قد يدفع سلطة بورتسودان إلى مزيد من الفساد، كما أنها أظهرت "عدم اكتراث" تجاه عقوبات سابقة، عبر تصعيد الانتهاكات ضد المدنيين في أماكن مختلفة من البلاد.

منذ 5 ساعات
"رئيس إلى الأبد".. ترامب يثير الجدل بفيديو ساخر
وسابقاً، عبّر ترامب مراراً عن رغبته في البقاء في البيت الأبيض لولاية ثالثة، لكن فيديو نشره مؤخراً أظهر أحلاماً أبعد من ذلك بكثير. وفي الفيديو "الطريف" الذي نشره عبر منصته "تروث سوشيال" ظهر رسم ممنتج يظهر اسم الرئيس الأمريكي على غلاف مجلة "تايم" وكتب فيه "ترامب 2024" وهو شعار حملته الانتخابية الأخيرة.. واستمر إلى "ترامب إلى الأبد". وفكرة السعي لولاية ثالثة في البيت الأبيض، ظلت حائرة بشكل متباعد في تصريحات ترامب الذي قال مرة إنه يسعى لإيجاد "طرق دستورية" لتجاوز التعديل الثاني والعشرين من الدستور الذي يحظر على أي رئيس أمريكي أكثر من ولايتين. وفي مقابلة سابقة مع شبكة "إن بي سي" زعم ترامب أن "الكثير من الأمريكيين" يريدون منه الترشح لولاية ثالثة، لكنه استدرك أنه يركز الآن على ولايته الثانية "الحالية". لكن ترامب ظل يعيد طرح فكرة الولاية الثالثة، وقال مرة "أنا لا أمزح" فارضاً جدية كبيرة على الفكرة التي قال إن التفكير فيها "مبكر جداً". وفي أبريل الماضي، أثار الشكوك مجدداً حول جديته في البحث عن مخرَج يقوده إلى الولاية الثالثة، عندما طرح متجره الإلكتروني الخاص ملابس تحمل شعار "ترامب 2028″، وهو عام الانتخابات الرئاسية المقبلة. ويتطلب تعديل دستور الولايات المتحدة للسماح بولاية رئاسية ثالثة أغلبية الثلثين في كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ. كما يتطلب التعديل تصديق 38 ولاية أمريكية على الأقل من أصل 50 ولاية، وهو احتمال ضئيل آخر. ورغم انخفاض شعبية الرئيس البالغ من العمر 78 عاماً، في استطلاعات الرأي الأخيرة، فإنه ذهب مؤخراً نحو أحلام "أبدية".