
التحصين الإخباري.. سلاح الجيل لصد التضليل (1)
د. يوسف الشامسي **
تخيَّل لبرهة: هل تستطيع أن تمضي يومك دون تفحص هاتفك؟ لا أخبار عاجلة، لا تحديثات، لا منشورات... مُجرد صمت! قد يبدو ذلك في غاية الصعوبة، أليس كذلك؟ نحن جيلٌ يسبح في فيضان من الأخبار والتغريدات والقصص، حتى بات الفاصل بين الواقع والافتراضي خيطًا ضبابيًا يصعب تبيانه.
لم تعد الأخبار تُستقى من الصحف الرصينة، بل تحولت إلى تيارٍ مُتدفقٍ من الرسائل العابرة: من نكتةٍ في مجموعة "العائلة" بالواتساب إلى تحذيرٍ صحي في "شارع" عبر سنابشات، ومن تحليلٍ سياسي على منصة "إكس" إلى إشاعةٍ فيروسية الانتشار عبر "إنستجرام". وصار كل صديق في "فيسبوك" خبيرًا نفسيًا، وكل تغريدة مصدرًا للتحليلات الاقتصادية، وكل قصة على منصات الإعلام الاجتماعي حكمةٌ مُباركة أو عبرة تستوجب المشاركة. والأعجب أن وصفةً عشوائيةً لعلاج الصداع قد تتفوق على نصائح طبيبك، ورأيَ "المُؤَثر" في التيك توك يغدو مرجعًا لفهم الصراعات الدولية، وكأنما استحال العالم إلى سوق مزاداتٍ تتدافع فيه الأصوات، وتختلط فيه الحقائق بالأوهام، حتى بات التمييز بينهما ضربًا من التحدي.
لم يكن الأمر بهذا التداخل في السابق؛ إذ كانت الأخبار تمر عبر "مُرشحاتٍ" مهنية: محررون، ومراجعون، وخبراء يتحققون من المعلومة قبل بثها. أما اليوم فمصادر المعلومات ووسائط الإعلام التقليدية فقدت الكثيرَ من سلطتها وموثوقيتها إلى حد ما، ولهذا أسباب كثيرة تستدعي مراجعة شاملة للقواعد المهنية لمؤسسات الإعلام ودور المتحدث الرسمي "الخجول" والغائب عن المشهد. وبالتالي تشكلت بيئة جيدة لانتشار الأخبار (الصحيحة والزائفة على حد سواء) من قبل الأفراد (مشاهير، نشطاء، إلخ من ألقاب تجر ثقة الألوف والملايين)؛ إذ أصبح المستخدم نفسُه اليوم مُنشئًا للرسالة وله التحكم التام في نقل المعلومة ومشاركتها وبثها "مباشرا" عبر هذه الوسائط بغض النظر عن مصداقيته والتزامه بأمانة الرسالة وقيمتها الخبرية ومدى إلمامه بالقوانين وأخلاقيات النشر. المشكلة أنَّ هذه الحرية جاءت بثمنٍ باهظ: فوضى معلوماتية تخفت فيها المصداقية، وتتصاعد فيها الشائعات كالنار في الهشيم. فلم يعد الخطر يكمُن في غياب المعلومة، بل في فائضها السام الذي يُغرق العقل، ويحرفُ بوصلة النقد الواعي للمشهد.
الأمر لا يقتصر على الأكاذيب العابرة؛ ففي عصرنا الرقمي، أصبحت الشائعات سلاحًا استراتيجيًا في الحروب النفسية. دراساتٌ عديدة تؤكد أن الأكاذيب تصل أسرع بست مرات من الحقائق لكل 100 ألف شخص! لماذا؟ لأنَّ العواطف تغلب المنطق، فالإثارة والغضب ينتشران كالفيروسات، بينما تتحرك الحقائق ببطء السلاحف. انظر حولك: الأخبار المزيفة أثناء الحروب، والاتهامات المتبادلة بين الشعوب الشقيقة، وخطابات التخوين اليوم التي تفتت المجتمعات العربية وتقسم بعضها البعض، كلها منتجاتٌ سامة لمصانع الإعلام غير المسؤول؛ بل وعلى نطاق أوسع باتت الكثير من الحكومات تؤمن بفعالية "تسونامي" الأخبار المُزيَّفة (المُفبرَكة) كسلاح تدميري لتحطيم وعي الأفراد ونفسياتهم لا يقل أثرًا عن سائر الأسلحة العسكرية، وكأننا في حربٍ باردةٍ جديدة؛ لكنها هذه المرة تدور في عقولنا قبل ساحات القتال، كل ذلك ينذر بخطرٍ مُحدق يطال أمن الفرد الفكري والإعلامي إذا هو لم يحسن التحصين "الإخباري" السليم.
هنا يبرز سؤالٌ جوهري: كيف نحصن أنفسنا "إخباريًا" من هذا الطوفان؟
الجواب يختزله المنهج القرآني المتجدد الصالح لكل عصر: "فتبينوا"؛ هذه الكلمة الذهبية هي جوهر "التحصين الإخباري" الذي نحتاجه اليوم. فقبل أن ننقل خبرًا، أو نصدق رسالة، أو نشارك منشورًا، علينا أن نتوقف لوهلة ونسأل: من يقف خلف هذه المعلومة؟ وما هدفه؟ وما السياق الذي قُدمت فيه؟ وكيف يمكن التحقق منها؟ ولإجابة هذه التساؤلات لا بُد من فهم قواعد اللعبة الصحفية والعوامل الخارجية وتأثيرها على طرق مُعالجتها للأحداث، بحيث لم يعد التركيز في تحليل مضمون الرسالة الإخبارية كافيا، وهذه المهارة لن تتولد في ليلة، ولكن تستدعي توسيع قاعدة مناهج التعليم لغرس مزيد من الوعي حول بيئة الصحافة وعمليات إنتاج الأخبار وطرق النقد الإخباري، هذه الأسئلة البسيطة قد تكون الفارق بين أن نكون ضحايا للخداع أو أُمناء على الحقيقة. لكن للأسف، مدارسنا لا تعلمنا كيف ننتقد الخبر؛ بل كيف نحفظه! مناهج التعليم ما زالت تعامل المعلومة كمسلمةٍ مقدسة، لا كموضوعٍ للنقاش والتمحيص، وكأننا نُعد جيلًا ليُملأ رأسه بالبيانات، لا ليعلم كيف يفككها.
في المقابل، بدأت بعض الدول تدرك حجم الكارثة، فبرزت العديد من التجارب العالمية لتعزيز التحصين الإخباري لطلبة المدارس وطلبة التعليم العالي، فعلى سبيل المثال تدمج فنلندا اليوم مفاهيم "التربية الإعلامية" في مناهجها الوطنية منذ المرحلة الابتدائية لتعزيز التفكير النقدي، وفي الولايات المتحدة الأمريكية أنشأت جامعة ستوني بروكس في عام 2011 معهدًا غير ربحي لـ"التربية الإخبارية"، واستحدثت مقررًا إلزاميا لطلاب الجامعة يعنى بالتقييم النقدي للأخبار، فيما تدعم دول الاتحاد الأوروبي مبادرات مثل مراكز "إنترنت أكثر أمانًا" لتوعية الطلاب بمخاطر التضليل وفق فئاتهم العمرية، وتُلزم اليابان طلبتها بدراسة منهج "الأخلاق المعلوماتية" لتعزيز الاستهلاك الواعي للإعلام، كما تُضمن سنغافورة التربية الإعلامية في منهج التربية الأخلاقية لجميع الصفوف لتعليمهم تفكيك الأخبار المزيفة. كل هذه التجارب تهدف لخلق جيل أقل عرضة للتزييف، وأكثر قدرةً على مواجهة فيضان المعلومات. لكن لماذا تظل مثل هذه التجارب حكرًا على بعض الدول بينما في عالمنا العربي - حيث تتصاعد خطابات الكراهية، وتنتشر نظريات المؤامرة كالفطريات في الظلام - نجد مناهجنا تتجاهل تمامًا تعليم النقد الإخباري؟
أعتقد أننا بحاجة لثورة تعليمية تعيد صياغة عقلية الجيل الجديد: مناهج تُدرس الطفل كيف يميز بين الخبر المدعوم بمصادرَ موثوقةٍ والإشاعة الملفقة، كيف يُحلل الصورة قبل مشاركتها، كيف يكتشف التناقضات في الروايات. كما نحتاج إعلامًا جريئًا يعيد بناء جسر الثقة مع الجمهور، عبر الشفافية والاعتراف بالأخطاء، بدلًا من الاختباء وراء البيانات الجافة أو الانحياز السافر.
لا غرو أن وسائل التواصل الاجتماعي أتاحت مساحة كبيرة لتعددية الأصوات، ونجحت إلى حد كبير في تمكين الجماهير من تجاوز "حراس البوابة" أو الرقباء حسب التعبير الإعلامي الذين ينتقون ما يصلح ولا يصلح للنشر؛ بيد أن ذلك- رغم ما يحمله من ديمقرَطَةٍ للمعلومة- سيفاقم إشكالية الموثوقية على حساب الشعبية بلا شك، لذا يظل تحصين الفرد وتوعيته بآلية نقد الأخبار والتحقق منها ضرورة ملحة لجيل الألفية الثالثة، وذلك لن يتأتى إلّا عن طريق عملية عاجلة لزراعة منهج تعليمي إلزامي لجميع طلاب المدارس الثانوية أو التعليم العالي على أقل تقدير يعنى بالتحصين الإخباري و"التربية الإعلامية" وحقنه بآليات النقد والتحقق التي تم حجرها في أروقة أقسام الإعلام بجامعاتنا.
** أكاديمي بقسم الاتصال الجماهيري في جامعة التقنية والعلوم التطبيقية
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جريدة الرؤية
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- جريدة الرؤية
"اجتماع سري للغاية" مرتقب لانتخاب بابا الفاتيكان.. من يحق له التصويت؟
الفاتيكان- رويترز أعلن الفاتيكان اليوم الاثنين وفاة البابا فرنسيس، أول بابا من أمريكا اللاتينية يرأس الكنيسة الكاثوليكية، لينقضي عهد اتسم في الكثير من الأحيان بالانقسام والتوتر في سبيل سعيه لإصلاح المؤسسة العريقة. وتوفي البابا فرنسيس عن 88 عاما، وعانى من أزمة صحية خطيرة إثر إصابته بالتهاب رئوي مزدوج هذ العام لكن وفاته مثلت صدمة بعد أن تجول في ساحة القديس بطرس في سيارة بابوية مفتوحة لتحية الحشود المبتهجة في عيد القيامة أمس الأحد. وقال الكاردينال كيفن فاريل عبر قناة الفاتيكان التلفزيونية "أيها الإخوة والأخوات الأعزاء، ببالغ الحزن والأسى، أُعلن وفاة قداسة البابا فرنسيس". وأضاف "عند الساعة 7:35 من صباح اليوم، عاد أسقف روما فرنسيس إلى بيت الأب". ولم يفصح الفاتيكان بعد عن سبب وفاة البابا فرنسيس. وتتكهن وسائل الإعلام الإيطالية بأنه ربما يكون عانى من سكتة دماغية أو نزيف دماغي. وسيرأس فاريل طقسا دينيا في الساعة الثامنة مساء (1800 بتوقيت جرينتش) اليوم عندما يوضع جثمان البابا فرنسيس في نعش. وذكر متحدث بأن نعش بابا الفاتيكان ربما يُنقل إلى كاتدرائية القديس بطرس صباح الأربعاء على أقرب تقدير لإتاحة الفرصة للحشود من أجل تقديم واجب العزاء. ولم يتحدد موعد الجنازة بعد. وانهالت التعازي في وفاة البابا فرنسيس من أنحاء العالم، وأشاد العديد من القادة بتواضعه. وأعلنت بلده الأرجنتين الحداد سبعة أيام، وكذلك فعلت جارتها البرازيل. وقال خورخي جارسيا كويرفا أسقف بوينس أيرس "رحل عنا بابا الفقراء، بابا المهمشين". وشغل البابا فرنسيس منصب أسقف بوينس أيرس من قبل. وظهر البابا فرنسيس أمس الأحد علنا لأول مرة منذ خروجه من المستشفى في 23 مارس آذار بعد مكوثه به 38 يوما بسبب الالتهاب الرئوي، ولوح للمارة في بعض المناسبات وحيا طفلا تم إحضاره إلى جانبه. وكرر البابا دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة في رسالة بمناسبة عيد القيامة تلاها أحد مساعديه بصوت عال بينما كان البابا ينظر من الشرفة الرئيسية في كاتدرائية القديس بطرس. وفي الفاتيكان، عبر سياح وأتباع للكنيسة جاءوا للاحتفال بعيد القيامة عن صدمتهم وحزنهم. وقالت إيمانويلا تيناري من روما "هذا شيء يصدمك بشدة". وأضافت" "كان بابا يعمل على جعل الكثير من الناس أقرب للكنيسة. لم يكن في موضع تقدير من الجميع، لكنه كان بالتأكيد في موضع تقدير لدى عامة الناس". اجتماعات أخيرة وطلب الأطباء من البابا الراحة لشهرين عندما غادر المستشفى الشهر الماضي، لكنه ظهر في عدد من المناسبات والتقى بتشارلز ملك بريطانيا هذا الشهر، وعقد اجتماعا قصيرا أمس مع نائب الرئيس الأمريكي جيه. دي فانس في الفاتيكان. وتوالت ردود فعل قادة آخرين في العالم على وفاة البابا مشيدين بجهوده في إصلاح الكنيسة على مستوى العالم، كما قدموا التعازي إلى 1.4 مليار كاثوليكي في مختلف البلدان. وقال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب "ارقد في سلام أيها البابا فرنسيس! فليباركه الرب وجميع من أحبوه". وكان البابا فرنسيس انتقد ترامب ولا سيما من أجل موقفه المتشدد بشأن الهجرة. نعت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني البابا قائلة "إنه رجل عظيم وراعٍٍ عظيم". وكان رئيس الأرجنتين خافيير ميلي اشتبك مع بابا الفاتيكان من قبل ووصفه ذات مرة بأنه ممثل الشيطان على الأرض. لكنه غير لهجته بعدما تولى رئاسة الأرجنتين في 2023 ونعاه اليوم. وكتب ميلي على منصة إكس "كانت معرفته بحسن أخلاقه وحكمته شرفا حقيقيا لي على الرغم من الخلافات التي تبدو طفيفة اليوم". وقال الكرملين إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أشاد بالبابا فرنسيس بوصفه رجلا استثنائيا. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إنه كان يعرف كيفية تعزيز الوحدة ومنح الأمل. اجتماع سري ويُعقد عادة اجتماع سري لانتخاب بابا جديد للفاتيكان بعد فترة تتراوح بين 15 و20 يوما من وفاة شاغل المنصب. ويحق لنحو 135 من الكرادلة المشاركة في هذا الاقتراع السري للغاية، والذي قد يمتد لأيام. ولا يوجد مرشح بارز في الوقت الحالي لخلافة البابا فرنسيس. وانتُخب خورخي ماريو برجوليو بابا للفاتيكان في 13 مارس 2013؛ الأمر الذي أثار دهشة الكثير من المهتمين بشأن الكنيسة الذين كانوا ينظرون إلى رجل الدين الأرجنتيني المعروف بمراعاته للفقراء على أنه دخيل. وسعى البابا فرنسيس إلى إضفاء البساطة على دوره الكبير ولم يستفد قط بشقق مزخرفة في القصر الرسولي كان يستخدمها أسلافه قائلا إنه يُفضل العيش في بيئة اجتماعية حفاظًا على "صحته النفسية". وبادر بإجراء تغييرات داخل الفاتيكان مؤكدًا على ضرورة الشفافية والمساءلة والإصلاح المالي وعيّن المزيد من النساء في مناصب قيادية في الفاتيكان. ورغم ذلك، كان يُنظر إليه أيضًا على أنه قائد من دون خطة وغالبًا ما كان يفاجئ مسؤولي الفاتيكان بتعليقاته المرتجلة. وواجه صعوبة في السيطرة على أزمة الكنيسة المتعلقة بقيام رجال دين باعتداءات جنسية وورث كنيسة تمزقها الصراعات الداخلية وسط بيروقراطية الفاتيكان، وانتُخب بتفويض واضح لاستعادة النظام. لكن مع مرور الوقت في منصبه، واجه انتقادات لاذعة من المحافظين الذين اتهموه بتدمير التقاليد التي يعتزون بها. كما أثار استياء التقدميين الذين شعروا أنه كان ينبغي أن يبذل مزيدًا من الجهود لتغيير شكل الكنيسة القائمة منذ 2000 عام. وفي حين كان يعاني بسبب المعارضة الداخلية، أصبح البابا فرنسيس نجمًا عالميًا يجتذب حشودًا غفيرة في رحلاته الخارجية العديدة مُروِّجًا بلا كلل للحوار بين الأديان والسلام ومناصرًا للمُهمَّشين مثل المهاجرين. وفي مشهد فريد من نوعه في العصر الحديث، ارتدى رجلان اللون الأبيض في الفاتيكان معظم فترة تولي البابا فرنسيس منصبه، بعدما اختار سلفه بنديكت البقاء في الكرسي الرسولي عقب استقالته المفاجئة في عام 2013. وتوفي بنديكت، الذي كان نصيرًا بشدة للنهج المحافظ، في ديسمبر 2022. وعَيّن البابا فرنسيس قرابة 80 بالمئة من الكرادلة الناخبين الذين سيختارون البابا القادم؛ مما زاد من احتمالية استمرار خليفته في سياساته التقدمية رغم المعارضة الشديدة من المحافظين. وأعلن الفاتيكان تأجيل الاحتفال الذي كان من المقرر إقامته يوم الأحد المقبل بمناسبة تنصيب كارلو أكوتيس أول قديس كاثوليكي من جيل الألفية.


الشبيبة
٢١-٠٤-٢٠٢٥
- الشبيبة
وفاة بابا الفاتيكان البابا فرنسيس
الفاتيكان - وكالات أعلن الفاتيكان اليوم الاثنين، وفاة البابا فرنسيس عن عمر ناهز الـ88 عاما، وذلك بعد معاناة من مشاكل صحية. وكتب الفاتيكان في منشور على منصة "إكس": "توفي البابا فرانسيس يوم الاثنين الموافق 21 أبريل 2025، عن عمر يناهز 88 عاما، في مقر إقامته في دار القديسة مارتا بالفاتيكان". وجاء في البيان الصادر عن الفاتيكان إنه في الساعة 9:45 صباحا، أعلن الكاردينال كيفن فاريل، رئيس الخزانة الرسولية، وفاة البابا فرنسيس من كازا سانتا مارتا بهذه الكلمات: "أعزائي الإخوة والأخوات، ببالغ الحزن يجب أن أعلن وفاة قداسة البابا فرنسيس. في الساعة 7:35 من صباح اليوم، عاد أسقف روما فرنسيس إلى بيت الآب. لقد كرس حياته كلها لخدمة الرب وكنيسته. علّمنا أن نعيش قيم الإنجيل بإخلاص وشجاعة ومحبة عالمية، خاصة لصالح أفقر الفقراء وأكثر المهمشين. بامتنان لا حدّ له لمثاله كتلميذ حقيقي للرب يسوع، نوصي روح البابا فرنسيس بمحبة الله الواحد الثالوث الرحيمة اللامتناهية". يذكر أنه تم نقل البابا إلى مستشفى أغوستينو جيميلي الجامعي يوم الجمعة 14 فبراير 2025، بعد معاناته من نوبة التهاب شعبي استمرت عدة أيام. تدهورت الحالة الصحية للبابا فرنسيس تدريجيا، وشخص الأطباء إصابته بالتهاب رئوي ثنائي الجانب يوم الثلاثاء 18 فبراير. بعد 38 يوما في المستشفى، عاد البابا إلى مقر إقامته في الفاتيكان بكازا سانتا مارتا لمواصلة تعافيه. ووفقاً لرئيس الأساقفة دييغو رافيلي، سيد المراسم الرسولية، فقد طلب البابا فرنسيس تبسيط مراسم الجنازة والتركيز على "التعبير عن إيمان الكنيسة بجسد المسيح القائم من الموت". وقال رئيس الأساقفة رافيلي إن "الطقس المجدد يسعى إلى التأكيد أكثر على أن جنازة الحبر الروماني هي جنازة راع وتلميذ للمسيح وليس لشخصية قوية من هذا العالم".


وهج الخليج
١٦-٠٤-٢٠٢٥
- وهج الخليج
"ترويع نفسي وجسدي" للطبيب حسام أبو صفية في سجون الاحتلال
وهج الخليج ـ وكالات يقول الطبيب حسام أبو صفية الأسير في سجون الاحتلال الإسرائيلي، إنه يتعرّض لـ'ترويع جسدي ونفسي' في 'ظروف غير إنسانية'، وفق رواية محاميته لوكالة الأنباء الفرنسية متحدثة عن 'رحلة عذاب' مدير مستشفى كمال عدوان في غزة. وأصبح أبو صفية البالغ من العمر 52 عاما معروفا على نطاق واسع منذ بدء العدوان الإسرائيلي في محيط المستشفى الواقع في بيت لاهيا في شمال قطاع غزة، إذ كان يظهر على مواقع التواصل الاجتماعي متحدثا عن معاناة المرضى والجرحى والنازحين داخل المستشفى ورافضا الإنذارات الإسرائيلية المتكررة بإخلائه. في 27 ديسمبر، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي المستشفى وأجبرت نزلاءه على إخلائه واعتقلت العشرات من العاملين في القطاع الطبي داخله، ومن بينهم أبو صفية. تقول المحامية غيد قاسم التي زارت أبو صفية في سجن عوفر في الضفة الغربية المحتلة في 19 مارس، إنه 'يعاني كثيرا في الأسر ومُنهك بشدة نتيجة للتعذيب والتنكيل وتعرضه لضغوطات وإهانات ليعترف بأفعال لم يرتكبها'. على مدى أسبوعين، احتجزت قوات الاحتلال الإسرائيلي أبو صفية في معسكر 'سديه تيمان' الذي تحوّل بعد الحرب إلى مركز اعتقال للفلسطينيين من قطاع غزة، ومن ثم نقلته إلى سجن 'عوفر' قرب رام الله في الضفة الغربية. ومن هناك بدأت كما تقول قاسم، 'رحلة العذاب'. وتتابع أن فترة التحقيق كانت 'قاسية جدا وتخللها شتى أنواع الضرب والتنكيل والتعذيب'، مشيرة الى أنه 'خضع لأربعة تحقيقات في هذا المعسكر، كل واحد منها استمرّ سبع الى ثماني ساعات'. ومن هناك نُقل إلى سجن عوفر حيث أمضى 25 يوما في زنزانة لم تتعد مساحتها المترين، كما تقول، وخضع إلى تحقيقات، 'امتدّ أحدها إلى 13 يوما'. وتفيد قاسم أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي أبلغت محامي أبو صفية أنه صُنّف كـ'مقاتل غير شرعي' لـ'فترة غير محددة'. كذلك، أبلغت النيابة العامة الإسرائيلية طاقم محاميه بأن ملفه 'سرّي ورفضت تسليمه لهم'. ـ حملة دولية ولم تتلق الوكالة الفرنسية ردّا من جيش الاحتلال الإسرائيلي عن ظروف اعتقال الطبيب حسام أبو صفية حتى الآن. في يناير، طالبت منظمة العفو الدولية غير الحكومية بالإفراج عن أبو صفية مؤكدة أنها 'جمعت شهادات عن الواقع المروع داخل السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية، حيث يواجه المعتقلون الفلسطينيون، بمن فيهم العاملون في مجال الصحة، التعذيب المنهجي وغيره من ضروب سوء المعاملة'. وعبرت المنظمة في الرسالة عن 'قلقها البالغ' على حياته. وضمن حملة دولية عبر مواقع التواصل، طالبت شخصيات ومنظمات دولية وأممية وعاملون بمجال الصحة بالإفراج عنه، من خلال التفاعل مع وسمي #الحرية للدكتور حسام أبو صفية و#إنهاء الإبادة الجماعية بغزة'. ومن أبرز هؤلاء المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الذي طالب في منشور عبر منصة 'إكس' بالإفراج الفوري عنه. وتقول قاسم إن حالة موكلها الصحية تدهورت كثيرا. فهو 'يعاني من مشاكل في ضغط الدم، وعدم انتظام في دقات القلب، ومشاكل في العين وضعف في النظر'، مشيرة الى أنه خسر 'أكثر من 20 كيلوغراما خلال شهرين، وكُسرت أربعة أضلاع في قفصه الصدري خلال فترة التحقيق ولم يحصل على العلاج'. إلا أن قاسم تؤكد أن أبو صفية يتمسّك برباطة جأشه، رغم كل شيء، مع أنه لا يعرف شيئا عن مسألة الإفراج عنه التي تبقى، وفق قولها، 'مبهمة وضبابية'. وقالت إنه 'يتساءل عن حقيقة الجرم الذي ارتكبه لكي يخضع للاعتقال القاسي والسَّجن بظروف لا إنسانية'. مقالات ذات صلة