
ترامب يقول إن تفاصيل جديدة متعلقة بغزة ستُعلن خلال الساعات القادمة، وتقارير تفيد بأن مسؤولاً أمريكياً "سيُدير" القطاع
Getty Images
قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، إنه سيتم الإعلان عن تفاصيل المحادثات المتعلقة بقطاع غزة خلال الساعات الـ24 المقبلة، دون أن يقدم مزيداً من المعلومات.
وبحسب وكالة رويترز، فإن واشنطن وإسرائيل ناقشتا فعلياً السيناريو الذي يُعرف بـ"اليوم التالي" للحرب، وتضمّن تشكيل حكومة انتقالية يقودها مسؤول أمريكي تشرف على إدارة غزة حتى استقرار الأوضاع ونزع السلاح، على أن تتكوّن لاحقاً سلطة فلسطينية دائمة.
وتشير المصادر إلى أن هذه الإدارة لن تشمل حماس ولا السلطة الفلسطينية، بل ستعتمد على تكنوقراط فلسطينيين، ولن يكون لها جدول زمني واضح، إذ ستُحدد مدتها وفقاً للواقع الميداني.
وتقارن التقارير الخطة المقترحة بما جرى في العراق عام 2003 بعد الغزو الأمريكي، حين شكلت واشنطن سلطة مؤقتة لإدارة البلاد، وبحسب رويترز فإن دولاً أخرى ستُدعى للمشاركة في هذه الإدارة، دون تحديد من هي أو ما طبيعة مشاركتها.
حتى الآن، لم يصدر أي تعليق رسمي من رئيس الوزراء، الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أو من السلطة الفلسطينية على هذه المقترحات.
في موازاة ذلك، أثارت تصريحات للرئيس ترامب حول عدد الرهائن الإسرائيليين الأحياء في غزة موجة استياء لدى عائلاتهم، إذ قال إن 21 من أصل 59 ما زالوا على قيد الحياة، بينما تؤكد العائلات، نقلاً عن مصادر رسمية، أن العدد هو 24.
وطالبت العائلات الحكومة الإسرائيلية بتوضيح رسمي، متهمة إياها بإخفاء معلومات، وجددت الدعوة إلى وقف الحرب حتى الإفراج عن جميع الرهائن.
وفي هذا السياق، شكّك رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء بمصير ثلاثة من الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، عقب تقارير متضاربة بشأنهم.
وقال نتنياهو في مقطع فيديو نشره مكتبه على تلغرام: "نعلم بشكل مؤكد أن 21 رهينة على قيد الحياة، ولا جدال في ذلك، وهناك ثلاثةٌ آخرون لا نعرف للأسف ما إذا كانوا على قيد الحياة".
وأضاف "لذا المؤكد هو أن 21 (أحياء) ولكننا لن نتخلى عن أي أحد، لا الثلاثة المتبقين ولا كل الآخرين".
وفي وقت سابق، أكدت القناة 12 الإسرائيلية أن منسق شؤون الأسرى والمفقودين غال هيرش، أوضح أن 59 رهينة ما زالوا محتجزين، بينهم 24 أحياء و35 قُتلوا وتم التعرف على هوياتهم، مشيراً إلى أن 54 منهم إسرائيليون، و5 من جنسيات أجنبية.
وبحسب آخر إحصائية نشرها الجيش الإسرائيلي، فإنه من أصل 251 شخصاً احتجزتهم حركة حماس خلال هجومها غير المسبوق على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، لا يزال 58 رهينة محتجزين في قطاع غزة بينهم 34 فارقوا الحياة.
ويضاف إلى هؤلاء جندي إسرائيلي قُتل في حرب العام 2014 بين إسرائيل وحماس وتحتجز الحركة جثته إلى اليوم.
في غضون ذلك، عبّر مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان فولكر تورك عن قلقه من خطط إسرائيل لتوسيع هجومها على غزة، محذراً من أن هذه الخطط قد تؤدي إلى خلق ظروف تهدد "استمرارية وجود الفلسطينيين كمجموعة" داخل القطاع.
وأشار تورك إلى أن نقل السكان قسراً إلى مناطق جنوب القطاع، إلى جانب تهديدات بترحيلهم خارج غزة، يثير مخاوف من نوايا مبيتة تتعارض مع القانون الدولي.
وكان الجيش الإسرائيلي قد استدعى عشرات الآلاف من جنود الاحتياط استعداداً لعملية برية موسعة تشمل "السيطرة الكاملة" على غزة، وفق ما نقلته مصادر إسرائيلية.
Getty Images
من جانبه، أعلن وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن غزة "ستُدمر بالكامل"، وأن سكانها سيُجبرون على المغادرة نحو دولة ثالثة، بعد نقلهم إلى الجنوب.
وردّاً على ذلك، شدد تورك على أن توسيع الهجوم لن يحقق الأهداف المعلنة، بل سيؤدي إلى مزيد من القتل والدمار والتهجير الجماعي.
كما أعرب عن قلقه من أن السكان حُرموا من مقومات الحياة الأساسية، مؤكداً أن أي استخدام للتجويع كوسيلة حرب يُعد جريمة حرب بموجب القانون الدولي.
من جهتها، أعربت ست دول أوروبية، من بينها إسبانيا وأيرلندا والنرويج، عن رفضها القاطع لأي تغييرات ديموغرافية أو جغرافية في قطاع غزة، مؤكدة أن هذه التوجهات تُعد خرقاً للقانون الدولي وتمثل تصعيداً عسكرياً يُقوّض فرص الحل السياسي.
كما أعلنت إسبانيا أنها ستطرح مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة لوقف ما وصفته بـ"المجزرة" في غزة، وضمان دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع. في حين ندد الاتحاد الأوروبي بتسييس المساعدات، ودعا إلى توزيعها عبر هيئات مستقلة.
ويعاني سكان غزة من أوضاع كارثية، بعد أن تسبب الحصار الكامل المستمر منذ أكثر من شهرين في حرمانهم من الغذاء والماء والدواء، وسط تحذيرات أممية من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى انهيار إنساني كامل.
وبينما تتحدث إسرائيل عن استخدام الحصار للضغط على حماس بهدف الإفراج عن الرهائن، ترى منظمات حقوقية وأطراف دولية أن ما يجري يُعد عقاباً جماعياً وجريمة ضد الإنسانية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عين ليبيا
منذ ساعة واحدة
- عين ليبيا
وسط تهديد إسرائيلي بحرب شاملة.. طهران تلوّح بـ«رد مزلزل» وواشنطن تفاوض في روما
اختتمت أمس الجمعة، الجولة الخامسة من المحادثات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية في العاصمة الإيطالية روما، وسط أجواء وصفها المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، إسماعيل بقائي، بـ'الهادئة والمهنية'. وأكد بقائي عبر حسابه في منصة 'إكس' أن وزير الخارجية العماني، بدر البوسعيدي، طرح خلال الجولة حلولاً وأفكاراً لتجاوز العقبات، وتمت مناقشة خطوطها ومحاورها بشكل معمق. وأضاف أن المواقف المبدئية لإيران وُضحت بوضوح وصراحة، مع الاتفاق على متابعة دراسة المقترحات في العواصم، في حين سيواصل وزير الخارجية العماني العمل على تفاصيلها وتقديمها للجانبين. من جانبه، وصف وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الجولة بأنها من أكثر الجولات المهنية منذ بدء المفاوضات، مشدداً على أن الوفد الإيراني حافظ على موقفه بثبات ووضوح دون تقديم تنازلات. وأشار إلى أن الجانب الأمريكي بدأ يظهر فهماً أدق لمواقف إيران، مما قد يفتح الباب أمام تقدم محتمل. وأشاد عراقجي بدور الوساطة التي يقوم بها وزير الخارجية العماني، مؤكداً أن المقترحات التي قدمها تم بحثها مبدئياً، مع الاتفاق على استكمال دراستها الفنية في العواصم المعنية. وأوضح أن المفاوضات المعقدة ستتواصل، مع توقع أن تحمل الجولات المقبلة فرصاً أكبر للتقدم، مع التزام إيران الكامل بثوابتها ومبادئها. وختم بقائي بالقول إنه سيتم الإعلان لاحقاً عن موعد ومكان الجولة المقبلة من المحادثات، في ظل تفاؤل بحدوث اختراقات مع استمرار الأجواء الإيجابية والمبادرات العُمانية. من جهته، أعلن وزير الخارجية العماني بدر البوسعيدي عبر منصة 'إكس' عن إحراز 'بعض التقدم' في الجولة الخامسة، معرباً عن أمله في أن تشهد الأيام المقبلة مزيداً من الوضوح بشأن القضايا العالقة، بما يمهد الطريق نحو اتفاق مستدام ومشرف يرضي جميع الأطراف. الجيش الإسرائيلي يستعد لحرب شاملة ومتعددة الجبهات تحسبًا لفشل مفاوضات الملف النووي مع إيران أنهت هيئة الأركان العامة للجيش الإسرائيلي، الجمعة، تمرينًا عسكريًا واسع النطاق يهدف إلى محاكاة سيناريو حرب متعددة الجبهات، في حال تعثر المفاوضات الأمريكية مع إيران بشأن الملف النووي. وجاء ذلك بعد تقرير شبكة CNN الذي كشف عن استعدادات إسرائيل المحتملة لشن هجوم على المنشآت النووية الإيرانية. وبحسب بيان صادر عن الجيش، شمل التمرين تدريبات مكثفة على استمرارية العمليات في الجبهة الداخلية، والعمليات الدفاعية، مع الحفاظ على جاهزية المكونات الحيوية للنشاط العسكري. ويأتي هذا ضمن استراتيجية إسرائيل لتعزيز التنسيق بين أذرع الجيش المختلفة في مواجهة أي طارئ. في المقابل، عبر مسؤولون إيرانيون عن شكوكهم تجاه نوايا واشنطن، مؤكدين أن مطالبة الولايات المتحدة بتفكيك برنامج تخصيب اليورانيوم الإيراني بالكامل قد تقوض فرص التوصل إلى اتفاق. وأكد مصدر مقرب من فريق التفاوض الإيراني لوكالة رويترز استمرار المحادثات، على أن يتم تحديد الزمان والمكان من قبل سلطنة عمان. وفي تل أبيب، أوضح المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أن التمرين الذي حمل اسم 'باراك تامير' يهدف إلى تحسين سرعة وكفاءة الاستجابة الميدانية في ظل سيناريوهات حرب متعددة المسارح، وتعزيز جاهزية الجيش لمواجهة أي تطورات أمنية خطيرة. السفير الأمريكي لدى تل أبيب يعلق على استعدادات إسرائيل لضرب إيران علق السفير الأمريكي لدى إسرائيل، مايك هاكابي، في مقابلة مع شبكة 'سي إن إن'، على التقارير التي تشير إلى استعدادات إسرائيلية محتملة لضرب منشآت نووية إيرانية، بالتزامن مع استمرار المفاوضات بين واشنطن وطهران بشأن الملف النووي. وأكد هاكابي أن إسرائيل تمتلك 'الحق في الدفاع عن نفسها'، مشيراً إلى دعم أمريكي محتمل لخطة تل أبيب في حال توافرت الظروف الملائمة، وقال: 'لا أستطيع أن أتخيل أن تعترض الولايات المتحدة على قيام دولة ذات سيادة بالدفاع عن نفسها ضد ما تعتبره تهديداً مشروعا لحياتها'. وأوضح السفير الأمريكي أن واشنطن على علم بالتحركات الإسرائيلية العسكرية المحتملة، لكنه أشار إلى أن إسرائيل لم تتخذ قراراً نهائياً بعد، مشدداً على إدراك تل أبيب لوجود تهديد وجودي من إيران. وحذر هاكابي من أن إيران تسعى لامتلاك قدرات نووية لأغراض تسلح وليس للطاقة، معتبراً أن من ينكر هذا التهديد 'يعيش في عزلة'. وأضاف: 'إسرائيل هي المقبّلات، ونحن الوجبة الرئيسية'. فيما يتعلق بإمكانية السماح لإيران بتخصيب اليورانيوم في أي اتفاق مستقبلي، جدد السفير الأمريكي دعمه لمواقف الرئيس دونالد ترامب السابقة، مؤكداً رفض أي تخصيب أو مفاعلات أو أجهزة طرد مركزي تؤدي إلى التسلح، قائلاً: 'هذه كلمات الرئيس، وليست كلماتي، وقد وجدتُ أن الرئيس ترامب عادةً ما يعني ما يقوله ويقول ما يعنيه'. يذكر أن أولى جولات التفاوض حول البرنامج النووي الإيراني بدأت في 12 أبريل الماضي في مسقط، تلتها جولة ثانية في روما، ثم جولة ثالثة في مسقط، وصولاً إلى الجولة الخامسة في روما امس، وكانت الجولة الرابعة من المفاوضات انتهت في 11 مايو الجاري في العاصمة العمانية مسقط، حيث عبرت كل من إيران والولايات المتحدة عن تفاؤلهما بعد تلك الجولة. الحرس الثوري الإيراني يتوعد برد 'يفوق التوقعات' في ذكرى تحرير خرمشهر ويجدد تعهده بـ'تحرير القدس' في بيان شديد اللهجة بمناسبة الذكرى السنوية لتحرير مدينة خرمشهر خلال الحرب العراقية-الإيرانية، أكد الحرس الثوري الإيراني السبت استعداده للرد 'الحاسم والمفاجئ' على أي عمل عدائي ضد إيران، مشددًا على جاهزية قواته لشنّ رد 'يفوق توقعات العدو' ويقلب المعادلات الاستراتيجية في المنطقة. وقال البيان، الذي نقلته وكالة 'تسنيم' الإيرانية، إن 'الحرس الثوري يضع يده على الزناد، مستعدًا لردٍّ قاطع ومُندمٍ على أي عدوان، وذلك بدعم من القيادة والشعب، وبجهوزية متصاعدة يوماً بعد يوم'. وأضاف: 'الرد سيكون مزلزلاً، وسيفاجئ كل من يحاول تهديد أمن البلاد أو مصالحها'. وحيّا البيان الذكرى الثالثة والأربعين لتحرير مدينة خرمشهر، واصفًا إياها بأنها 'نقطة تحول مفصلية في تاريخ المقاومة الإيرانية'، مؤكدًا أن الانتصار الذي تحقق عام 1982 لم يكن عسكريًا فحسب، بل كان 'تجسيدًا لإرادة الشعب المؤمن في مواجهة آلة الحرب البعثية وحلفائها الدوليين'، في إشارة إلى الدعم الذي تلقاه النظام العراقي حينها من قوى غربية وعربية. وأشار الحرس الثوري إلى أن 'تسمية عملية التحرير بـ'بيت المقدس' لم تكن عبثية، بل جاءت لأن القادة الشهداء رأوا فيها بوابة لتحرير القدس'، مشددًا على أن 'شباب محور المقاومة، الممتد من إيران إلى لبنان وفلسطين واليمن والعراق، لن يتراجع عن هذا الحلم، وسيواصل النضال حتى زوال الاحتلال الإسرائيلي'. ودعا البيان إلى الاستفادة من 'دروس الدفاع المقدس'، مؤكدًا أن 'إيران أثبتت قدرتها على تحويل المستحيل إلى ممكن، ليس فقط عسكريًا، بل أيضًا في المجالات الاقتصادية والثقافية والأمنية'. البيان خُتم بتأكيد استعداد الحرس الثوري التام 'لإحباط أي اعتداء وردعه قبل أن يتحول إلى تهديد فعلي، وذلك بما يعزز مكانة إيران ودورها في قيادة محور المقاومة في وجه المشاريع الغربية والإسرائيلية في المنطقة'.


الوسط
منذ 3 ساعات
- الوسط
هل ستصبح الجزائر "محجاً" للمسيحيين الكاثوليك في العالم؟
Getty Images البابا لاون الرابع عشر يرغب في زيارة مسقط رأس القديس أوغسطين في الجزائر وجه البابا لاون الرابع عشر رسالة "خاصة" إلى الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، عبر له فيها عن "رغبته الصادقة" في زيارة الجزائر، وذلك بعد توليه منصب الحبر الأعظم في الفاتيكان مباشرة. ووفق بيان لوزارة الخارجية الجزائرية، فقد نقل الرسالة سفير الجزائر لدى الكرسي الرسولي، رشيد بلادهان، الذي حضر القداس لتهنئة البابا الجديد، بمناسبة انتخابه لمنصب "بابا الكنيسة الكاثوليكية، ورئيس دولة الفاتيكان". فما السر وراء هذه الرغبة البابوية، وما العلاقة "الخاصة" بين رأس الكنيسة الكاثوليكية والجزائر؟ في الواقع، أشارت رسالة البابا بوضوح إلى دوافع رغبته في زيارة الجزائر، وإلى علاقته الشخصية بها؛ حيث ذكر في حديثه مع السفير الجزائري أنه يرغب في رؤية مسقط رأس القديس أوغسطين، أبرز أعلام الفكر المسيحي، وأعظم الآباء اللاتين في الكنيسة الكاثوليكية، بعد بولس الرسول. وعرّف الحبر الأعظم نفسه، في خطاب تنصيبه، بأنه "ابن القديس أوغسطين"، قائلاً إنه يفتخر باتباع فكره ومنهجه في الدين والحياة. ولا شك في أن هذه الرابطة الروحية، دفعته إلى التعبير عن رغبته في زيارة الأرض التي أنجبت معلمه في الفكر وقدوته في العقيدة. وبعد انتخابه، أجرى البابا لاون الرابع عشر زيارة مفاجئة لرهبنة القديس أوغسطينوس في روما، وهي جماعة في الكنيسة الكاثوليكة لها فروع عبر العالم، كان رئيساً لها في الفترة من 2001 إلى 2013 حين كان يُعرف بالكاردينال روبرت فرنسيس بريفوست. ودخل الكاردينال بريفوست دير الرهبنة الأوغسطينية في عام 1977، والتزم طريقتها في التعبد وأسلوبها في العمل طوال حياته. ونال شهادة الدكتوراه في القانون الكنسي في روما عام 1987 بأطروحة عنوانها: "دور الرئيس المحلي لرهبانية القديس أوغسطينوس". لقد أصبح لاون الرابع عشر أول بابا ينتمي إلى الرهبنة الأوغسطينية، ويظهر تأثره بالقديس أوغسطين في شعار الدرع الذي اختاره لنفسه وهو على رأس الكنيسة الكاثوليكية. ففي نصف الدرع السفلي نرى كتاباً مُغلقاً فوقه قلب يخترقه سهم، وهذا شعار مستوحى من مقولات القديس أوغسطين. ويرمز الشعار إلى أعتناق القديس أوغسطينوس للمسيحية بعد رحلة طويلة وبحث عميق. ووصف حينها لقاءه "بكلمة الله" في هذه الصورة، بقوله "لقد جرحت قلبي بكلمتك". ويحمل درع البابوية أيضاً عبارة أوغسطينية باللاتينية، تقول: "في الواحد نصير واحداً". ويشرح البابا معناها، في مقابلة مع "أخبار الفاتيكان"، بقوله: "إن الوحدة والتشارك من صميم الهبة الخاصة التي تميز رهبنة القديس أوغسطينوس، وهما أيضاً محور تفكيري وأسلوب عملي. ثم إنني كأوغسطيني، أعتبر تعزيز الوحدة والتشارك أمراً جوهرياً". ومن الواضح أن فلسفة القديس أوغسطينوس وأفكاره في الدين والحياة، سيكون لها تأثير وبصمة في منهج الكنيسة الكاثوليكية وتوجهها، بقيادة البابا لاون الرابع عشر. ولا شك في أن زيارة مسقط رأس أحد أعظم مفكري المسيحية في العالم ستكون مصدر إلهام لتوجه الفاتيكان الجديد. من هو القديس أوغسطين (354 م -430 م)؟ Getty Images كنيسة القديس أوغسطين في عنابة شرقي الجزائر، وأسفلها آثار كنيسة السلام التي ترأسها في حياته يوصف القديس أوغسطينوس بأنه أعظم المفكرين والفلاسفة في التراث المسيحي كله، وواحد من أعمدة الثقافة والأدب في القرون الوسطى الغربية، وهو دون شك أغزر معاصريه تأليفاً، وأعمقهم تفكيراً، وأوسعهم علماً، وأقواهم تأثيراً. وحتى اليوم، يحتار مؤلفو سير الأعلام والدارسون للتراث المسيحي الغربي في الكم الهائل من الكتب والرسائل التي كتبها القديس أوغسطينوس؛ فقد تجاوز المعروف منها 230 كتاباً. والكثير من كتبه ورسائله تُرجِم إلى مختلف اللغات العصرية، لكن بعضها لا يزال حبيس المكتبات في النسخة اللاتينية الأصلية. كان القديس أوغسطين عالماً متمكناً في مختلف العلوم والفنون، ومجادلاً قوياً حاداً في رأيه. وقد خصص عدداً كبيراً من كتاباته للمناظرة والرد على الأفكار والعقائد التي يختلف معها. وألف أيضاً في البلاغة والأدب والموسيقى والأخلاق والفلسفة والقانون والحقوق. ومن أشهر أعماله وأوسعها انتشاراً كتاب "اعترافات"، الذي يقع في 13 جزءاً، يروي فيه تجاربه في الحياة ورحلته الطويلة بحثاً عن الحقيقة والإيمان الصحيح، انتهاء باعتناقه المسيحية، ويعد عمله هذا أول سيرة ذاتية كتبت في تاريخ الثقافة الغربية كلها. ويصفه هنري تشادويك، أستاذ علم اللاهوت بجامعة كامبريدج، في كتابه أوغسطينوس، بأنه "أول رجل حديث" في التاريخ. وتتميز كتاباته وأفكاره "بعمق غير مسبوق"، وكان له تأثير كبير في الطريقة التي ينظر بها الغرب إلى "طبيعة الإنسان" وإلى معنى كلمة "الرب". وفي كتابه "مدينة الله"، ينافح القديس أوغسطين عن عقديته بإيمان راسخ، ويتألف الكتاب من 22 جزءاً ينفي فيها مزاعم الوثنيين بأن المسيحية كانت سبباً في خراب روما. ويتحدث بتحليل عميق عن ثنائيات "الخير والشر"، و"حرية الاختيار والقدر الرباني"، و"الحياة الدنيا والآخرة". ولد القديس أوغسطين في يوم 13 نوفمبر/ تشرين الثاني عام 354 م في تاغاست (سوق أهراس)، الواقعة في بلاد الجزائر اليوم. وكان والده باتريكوس وثنيا، ويُروى أنه اعتنق المسيحية قبل وفاته بفترة قصيرة. أما والدته مونيكا فكانت مسيحية ورعة، ويُطلق عليها لقب القديسة أيضاً. حرصت والدته على تلقينه تعاليم المسيحية ومبادئها منذ صغره، لكنه نفر من الأساطير "الساذجة" التي كانت تُروى على لسان المبشرين والبطاركة، عن الدين وتعاليمه. وانجذب إلى علم الفلك والأدب و المسرح، ثم مال إلى المانوية واتبعها، قبل أن يهاجمها ويعود إلى المسيحية. ويُروى عن مونيكا أنها حزنت حزناً شديداً لما رأت من ابنها في شبابه من "انحراف" عن تعاليم الدين وانغماس في حياة "اللهو والمجون"؛ فكانت تبكي باستمرار لمدة عشرين سنة، إلى أن عاد ابنها إلى المسيحية. ومن أجل هذا، أطلِق على القديس أوغسطين لقب "ابن الدموع". تلقى القديس أوغسطين تعليمه الأول في مسقط رأسه تاغاست (سوق أهراس) شرقي الجزائر، التي كانت عبر التاريخ ملتقى للحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية. ثم التحق بأكاديمية ماداوروس (مداوروش) على بعد 50 كيلومتر، من بلدته. ومدينة مداوروش اليوم دائرة إدارية، تابعة لولاية سوق أهرس، التي تبعد عن الجزائر العاصمة بنحو 590 كيلومتر، شرقاً. وتعد أكاديمية مداوروش أول جامعة في تاريخ أفريقيا، فيها تعلم القديس أوغسطين على يد أستاذه ماكسيميليان المداوروشي، وهو عالم لغوي من مؤسسي قواعد اللغة اللاتينية، أخذ عنه فن البلاغة والخطابة، وأصبح فيما بعد صديقاً له، على الرغم من اختلافهما في العقيدة. ويذكر القديس أوغسطين في كتاباته أعلام بلاده ونوابغها، من بينهم الفيلسوف والعالم اللغوي أبوليوس المداوروشي (124 م-170 م)، الذي كان أستاذاً للبلاغة اللاتينية واليونانية في روما؛ لكنه يُعرف خاصة بروايته ذائعة الصيت "التحولات" أو "الحمار الذهبي". وتعد رواية أبوليوس "الحمار الذهبي" أول رواية معروفة في التاريخ، تحدث فيها عن مغامرات شاب تحول، بمفعول السحر، إلى حمار. ويرى فيها الدارسون للآداب القديمة بعض الجوانب من حياة الكاتب الشخصية؛ لأن الاهتمام بالسحر والاشتغال به كان رائجا في عصره. زيتونة القديس أوغسطين James Patterson Terrae Transmarinae زيتونة القديس أوغسطين في سوق أهراس، شرقي الجزائر، عمرها 2900 سنة في مدينة سوق أهراس اليوم، تقف زيتونة شهيرة على إحدى تلال البلدة القديمة، شاهدة على عراقة المنطقة الضاربة في أعماق التاريخ، وعلى حياة أحد نوابغها الذين أضاءوا بفكرهم طريق الحضارة الإنسانية، فسارت على أنوارهم أجيال وأمم قروناً وقروناً من بعدهم. وغير بعيد عن الزيتونة، يقع ضريح سيدي مسعود، الولي الصالح المتوفى في عام 1770م. وقد أنشأت السلطات الفرنسية، بعد احتلالها للجزائر في عام 1830، خلفهما بيتاً كانت تستخدمه جيوشها الغازية لتخزين البارود، قبل أن يتحول البناء اليوم إلى متحف للقديس أوغسطين. ولقد ساد الاعتقاد طويلاً بأن هذه الزيتونة غرسها القديس أوغسطين بنفسه؛ فقد ذكرها في العديد من كتاباته، وربما كان بيته قريبا منها، فكان يجلس تحت ظلها ليستريح أو يتأمل، أو يكتب رسائله؛ لكنّ الدراسات والاختبارات العلمية الحديثة أثبتت أنها أقدم من ذلك بقرون. فوفق ما جاء في دراسة أمريكية نشرت عام 1953، قد يصل عمر تلك الشجرة إلى 3 آلاف سنة، بعد أن أثبت مختبر علم تسنين الشجر للبروفيسور دوغلاس، في توسكان بولاية أريزونا، أن زيتونة القديس أوغسطين، عمرها في الواقع 2900 سنة على الأقل. وتذهب الأساطير الشعبية أبعد من ذلك في التاريخ، إذ يعتقد رواتها أن من هذه الزيتونة، الورقة التي حملتها الحمامة إلى النبي نوح، لتخبره بانحسار المياه عن الأرض في حادثة الطوفان، كما يقصها الإنجيل. وجاء في سفر التكوين: "فأرسل الحمامة من الفلك، فأتت إليه الحمامة عند المساء. وإذا ورقة زيتون خضراء في فمها. فعلم نوح أن المياه قد قلّت عن الأرض"، الأمر الذي جعل الحمامة وغصن الزيتون رمزاً للسلام والمحبة في كل العالم. ولا يذكر القرآن هذه القصة كما جاءت في الإنجيل، لكنه جعل "البركة" في الشجرة وزيتونها وزيتها في العديد من الآيات. وجاء في سورة النور" يُوقَد من شجرةٍ مباركةٍ زيتونةٍ لا شرقيةٍ ولا غربية، يكادُ زيتها يضيء ولو لم تمسسه نار، نورٌ على نور، يهدي الله لنوره من يشاء". أسقف هيبون (عنابة) Getty Images أبوليوس المداوروشي (124م-170م) صاحب "الحمار الذهبي"، أول رواية معروفة في التاريخ سافر أوغسطين إلى روما مدرساً للبيان، ثم انتقل إلى ميلان، والتحقت به والدته. وهناك تغيرت أراؤه من المانوية، فعارضها واعتنق المسيحية. وبعد وفاة والدته ثم ابنه، عاد إلى بلاده. وفي تاغاست (سوق أهراس) اختار الاعتكاف والخلوة، من أجل التفكير والتأمل. كان عمر أوغسطين 36 عاما عندما عُين كاهناً على غير رغبته، ثم أسقفاً لمدينة هيبون (عنابة) الساحلية شرقي الجزائر، في عام 395 م. وقد بقي في منصبه حتى وفاته في عام 430 م أثناء حصار الوندال للمدينة. ولا تزال آثار كنيسة السلام، التي كان يرأسها، ماثلة للعيان. وفي عام 2013، أعادت السلطات الجزائرية ترميم كنيسة القديس أوغسطين التي بنيت في عام 1900، قريباً من آثار كنيسته الأصلية تكريماً له، وإحياءً لذكراه ومآثره، وفيها تمثاله الممدد في خزانة زجاجية، تحتوي أيضاً على عظام من أطرفه. وقد دافع أسقف هيبون (عنابة) عن المسيحية والكنيسة الرسمية التي تتبناها الدولة. ولذلك اصطدم مع الطوائف المنشقة عنها مثل الدوناتية، التي انتشرت وقتها في شمال أفريقيا. ودخل مع دعاتها ومع الوثيين والمانويين وغيرهم، في سجالات لا تنتهي ومناظرات حادة في هيبون (عنابة) وقرطاج (في تونس اليوم). وكان القديس أوغسطين يتميز عن خصومه ويتفوق عليهم بثقافته الواسعة، وأدلته القوية، وقدراته البلاغية الاستثنائية. واستطاع بفكره المستنير، وكتاباته الغزيرة أن يتبوأ مكانة القديسين في الكنيسة الكاثوليكية، ومرتبة العباقرة في الحضارة الغربية. الجسر الحضاري عاش القديس أوغسطين، من حيث الزمان، في نهاية القرن الرابع وبداية القرن الخامس الميلاديين. فمكنته تجربته من استيعاب خلاصة ما أنتجه العلماء والمفكرون في القرن المنتهي، وساهم بدوره في صناعة وتطوير المفاهيم والفكر في القرن الجديد. وكان يمثل أيضاً رابطة مكانية بين الشمال والجنوب. فهو أفريقي في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط، وينتمي في الوقت نفسه إلى الحضارة الرومانية في الشمال من البحر. لكن عبقريته الأصيلة جعلت هذه الرابطة مبنية على المساواة والتكافؤ. موسم الحج إلى القديس أوغسطين إن رغبة البابا لاون الرابع عشر في زيارة الجزائر، تحمل كل المعاني التي عاش من أجلها في حياته الخاصة أو في رهبانية الأوغسطينيين التي كان يرأسها. وقد عبّر عن ذلك صراحة عندما أعلن اتباعه منهج القديس أوغسطين في الفكر والعقيدة. وسيجد البابا في سوق أهراس (تاغاست) شجرة زيتونة عمرها أكثر من 3 آلاف سنة، كان يستظل تحتها القديس أوغسطين وأمه القديسة مونيكا. وهي الزيتونة التي رافقته في تأملاته وصلواته، فذكرها في كتبه ورسائله. إنه الحج إلى منابع المسيحية الأولى بالنسبة لكل المؤمنين. وفي عنابة (هيبون) آثار كنيسة السلام، التي قادها الأسقف أوغسطين، ومنها خاض سجالاته الفكرية ومعاركه الفقهية، وبين أسوارها ألقى مواعظه على المؤمنين والأتباع، وفي جوفها اختلى بنفسه للتأمل والمناجاة، أو للكتابة والتأليف. Getty Images أثار مدينة ماداوروس، شرقي الجزائر، التي تعلم القديس أوغسطين في أكاديميتها الشهيرة إنها رحلة الفكر أيضاً إلى ملتقى الحضارات الرومانية والنوميدية والبيزنطية والإسلامية على أرض أفريقيا، في الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. وفيها يقتفي الباحث آثار العبقري الذين أرسى قواعد الفكر المسيحي الحديث، فهو شمس الجنوب التي أشرقت على الشمال. ويقول الأستاذ تشادويك في كتابه "فجر الكنيسة" إن "القديس أوغسطين تفوّق على معاصريه بعمق فكره وسعة عقله، لكنه كان أيضاً متقدماً في الفكر على من جاءوا بعده بقرون عديدة. وكان تأثيره واضحاً في الكاثوليكية والأرثوذوكسية على حد سواء". وعلى الرغم من أنه لا يمكن الحديث عن أي حقوق أو مكانة للمرأة في القرنين الرابع والخامس الميلاديين، إلا أن القديس أوغسطين يقول في شرحه لسفر التكوين، إن "خلق الإنسان ذكراً وأنثى كان على أساس اختلاف الجسد فقط. فالتمايز بين الذكر والأنثى ليس تمايزاً في الطبيعة أو الروح أو العقل أو القيمة". وإنما هو اختلاف في النوع لا غير. وهذا مفهوم سبق إليه القديس أوغسطين قروناً من المفكرين والفلاسفة، وصاغه في عصر اتفقت فيه العقول البشرية على أن المرأة مجرد تابع للرجل ومتاع له. ولا تزال الكثير من العقول والمجتمعات إلى اليوم عاجزة عن استيعاب هذا المفهوم الأوغسطيني والإقرار به في حياتها.


الوسط
منذ 3 ساعات
- الوسط
الفوضى تتفشى في غزة بينما ينتظر السكان اليائسون وصول الطعام
EPA تسببت كمية الغذاء المحدودة التي وصلت إلى غزة بعد رفع الحصار الإسرائيلي جزئياً، في انتشار الفوضى، مع استمرار انتشار الجوع بين سكان القطاع. فقد اكتظت المخابز التي توزع الطعام بالحشود، وأُجبرت على الإغلاق يوم الخميس. وفي الليل هاجم لصوص مسلحون قافلة مساعدات، ما أدى إلى تبادل إطلاق النار مع مسؤولي أمن حماس، الذين استهدفتهم غارة لطائرة إسرائيلية مُسيرة، بحسب شهود عيان. وتؤكد الحادثة التي وقعت في وسط غزة، ورواها شهود عيان وصحفيون محليون ومسؤولون من حماس لبي بي سي، على تدهور الوضع الأمني في غزة، حيث انهارت حكومة حماس وعمّت الفوضى. ووقعت الحادثة أثناء توجه قافلة مكونة من 20 شاحنة تحمل الدقيق من معبر كرم أبو سالم إلى مستودع تابع لبرنامج الغذاء العالمي في مدينة دير البلح، ودخلت القطاع بتنسيق من برنامج الغذاء العالمي. ورافق القافلة ستة عناصر من أمن حماس عندما تعرضت لكمين نصبه خمسة مسلحين مجهولين، أطلقوا النار على إطارات الشاحنة وحاولوا الاستيلاء على حمولتها. وقال شهود عيان لبي بي سي نيوز إن فريق التأمين التابع لحماس اشتبك مع المهاجمين في تبادل إطلاق نار قصير. وبعد وقت قصير من بدء الاشتباك، استهدفت طائرات إسرائيلية مُسيرة فريق حماس بأربعة صواريخ، ما أدى إلى مقتل ستة ضباط وإصابة آخرين. EPA وأصدرت حماس بياناً أدانت فيه الهجوم ووصفته بأنه "مجزرة مروعة"، متهمة إسرائيل باستهداف الأفراد المكلفين بحماية المساعدات الإنسانية عمداً. بينما رد الجيش الإسرائيلي ببيان قال فيه إن إحدى طائراته حددت هوية "عدد من المسلحين، من بينهم إرهابيون من حماس"، بالقرب من شاحنات مساعدات إنسانية في وسط غزة "وضربت المسلحين بعد التعرف عليهم". وأضاف الجيش الإسرائيلي أنه سيبذل "كل الجهود الممكنة لضمان عدم وصول المساعدات الإنسانية إلى أيدي المنظمات الإرهابية". وسمحت إسرائيل بمرور كمية صغيرة من الغذاء إلى غزة هذا الأسبوع؛ حيث عبرت نحو 130 شاحنة محملة بالمساعدات إلى داخل القطاع في الأيام الثلاثة الماضية، بعد أن رفع الجيش الإسرائيلي جزئياً الحصار المستمر منذ 11 أسبوعاً. وتقول الأمم المتحدة إن غزة تحتاج إلى ما بين 500 إلى 600 شاحنة من الإمدادات يومياً. وحذرت وكالات دولية، منها الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي، مراراً وتكراراً من أن انعدام الأمن المتزايد يعوق توصيل الإمدادات الغذائية والطبية التي يحتاجها السكان بشدة، ومعظمهم من النازحين داخل غزة. وتقول إسرائيل إن الحصار يهدف إلى الضغط على حماس لإطلاق سراح الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة، كما اتهمت حماس أيضاً بسرقة الإمدادات، وهو ما نفته الحركة. وأكد برنامج الأغذية العالمي نهب 15 شاحنة مساعدات تابعة له مساء الخميس، قائلاً إن "الجوع واليأس والقلق حول إمكان وصول المساعدات الغذائية يساهم في تفاقم انعدام الأمن". ودعت المنظمة الدولية إسرائيل إلى المساعدة في ضمان المرور الآمن للإمدادات. وكتب فيليب لازاريني، رئيس وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، على منصة إكس، أنه لا ينبغي أن "يتفاجأ" أحد "أو يشعر بالصدمة" من نهب المساعدات؛ لأن "أهل غزة يعانون الجوع والحرمان من الأساسيات مثل المياه والأدوية لأكثر من 11 أسبوعاً". وقبل دخول قافلة المساعدات يوم الخميس، تجمع فلسطينيون غاضبون وجائعون خارج المخابز في غزة، في محاولة يائسة للحصول على الخبز، لكن سرعان ما تحول الوضع إلى حالة من الفوضى، ما اضطر السلطات إلى وقف التوزيع. كما اضطرت معظم المخابز لتعليق عملياتها، مشيرة إلى انعدام الأمن. وأعرب العديد من السكان في مختلف أنحاء غزة عن شعورهم بالإحباط المتزايد، بسبب طريقة توزيع المساعدات، وانتقدوا برنامج الأغذية العالمي الذي يشرف على تسليم الأغذية. وطالب البعض بتوزيع الدقيق مباشرة على السكان بمعدل كيس واحد لكل أسرة، بدلاً من توزيعه على المخابز لإنتاج الخبز وتوزيعه على السكان. ويقول السكان المحليون إن توزيع الدقيق سوف يسمح للأسر بالخبز في المنازل أو في الخيام، ما سيكون "أكثر أماناً من الانتظار في مراكز المساعدات المزدحمة." EPA إمدادات محملة على منصات خشبية أثناء تحمليها على شاحنات انتظارات لإدخالها إلى القطاع كما تحدث فلسطينيون على الأرض عن انهيار الخدمات الأساسية وتفاقم الأزمة الإنسانية، التي يواجهها من يعيشون وسط القتال أو أُجبروا على ترك منازلهم، في ظل استمرار الجيش الإسرائيلي في تصعيد عملياته العسكرية ضد حماس. ومن داخل أحد مخيمات النازحين في المواصي جنوبي قطاع غزة، قال عبد الفتاح حسين لبي بي سي، عبر تطبيق واتساب، إن الوضع "يزداد سوءاً" بسبب عدد الموجودين في المنطقة. وأضاف، وهو أب لطفلين، أنه "لا توجد مساحة" في المواصي، كما أن الجيش الإسرائيلي أمر سكان المنطقة بمغادرة منازلهم التوجه إلى مكان آمن. وأكد أنه "لا يوجد كهرباء ولا طعام ولا مياه شرب كافية ولا أدوية متاحة"، والغارات الجوية المتكررة، خاصة أثناء الليل، تفاقم المعاناة". ووصف حسين شاحنات المساعدات القادمة بأنها "قطرة في بحر احتياجات سكان غزة." وكان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، قد أعلن في وقت سابق من هذا الأسبوع أنه سيُسمح أخيراً بدخول بعض الإمدادات "الأساسية" فقط من الاحتياجات إلى القطاع. وحذرت المنظمات الإنسانية من أن كمية الغذاء التي دخلت غزة في الأيام الأخيرة لا تقترب حتى من الكمية المطلوبة لإطعام نحو مليوني فلسطيني يعيشون هناك، في حين قالت الأمم المتحدة إن نحو 500 شاحنة كانت تدخل القطاع في المتوسط يومياً قبل الحرب. وحذرت منظمات إنسانية من مجاعة "تهدد قطاع غزة على نطاق واسع." وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن 400 شاحنة حصلت على الموافقة لدخول غزة هذا الأسبوع، لكن الإمدادات التي دخلت جُمِعت من 115 شاحنة فقط، مضيفاً أنه لم يصل شيء "إلى الشمال المحاصر" حتى الآن. ورغم وصول بعض الطحين/الدقيق وأغذية الأطفال والإمدادات الطبية إلى غزة، وبدء بعض المخابز في الجنوب العمل مرة أخرى، قال غوتيريش إن ذلك يعادل "ملعقة صغيرة من المساعدات بينما هناك حاجة إلى طوفان من المساعدات". وأضاف أن "هناك إمدادات محملة على 160 ألف منصة متنقلة، تكفي لملء نحو 9 آلاف شاحنة، مازالت في الانتظار". وقالت رضا، وهي قابلة تعمل على توليد الحوامل من خلال جمعية مشروع الأمل الخيرية في دير البلح، إن النساء يأتين إليها في حالة إغماء، ويلجأن إلى طلب مساعدتها بسبب عدم تناول أي طعام حتى وجبة الإفطار. وأضافت أن الكثير من النساء يحصلن على وجبة واحدة فقط في اليوم، ويعشن على البسكويت عالي الطاقة الذي تقدمه لهم الجمعية الخيرية. وتضيف القابلة: "بسبب سوء التغذية، دائماً ما تشكو النساء من عدم حصول أطفالهن على ما يكفي من المكملات الغذائية من الرضاعة، ولا يتوقفوا عن البكاء. إنهم يحتاجون دائماً إلى الرضاعة الطبيعية، لكن الصدور خالية من اللبن". أما صبا ناهض النجار، فهي مراهقة تعيش في خان يونس، حيث أمر الجيش الإسرائيلي بإخلاء جماعي للمنطقة في وقت سابق من هذا الأسبوع، تمهيداً لعملية عسكرية "غير مسبوقة" هناك، بحسبه. وقالت صبا إن عائلتها بقيت في منزلها المدمر جزئياً، مضيفة "صدر أمر إخلاء لمنطقتنا، لكننا لم نغادر لأننا لا نجد مكاناً آخر نذهب إليه". وتابعت: "لا يوجد عدد كبير من المواطنين في المنطقة. النازحون ينامون في الشارع ولا يوجد طعام. الظروف متدهورة وصعبة للغاية". وقالت المراهقة الفلسطينية في رسالة عبر تطبيق واتساب، وهي تكاد تكون الطريقة الوحيدة للتحدث إلى الناس في غزة لأن الجيش الإسرائيلي يمنع الصحفيين من دخولها، إن "القصف مستمر بطريقة وحشية". وأكدت أنه لم يتبق لها ولأسرتها سوى القليل، مضيفة: "ليس لدينا طعام، ولا دقيق، ولا أي ضروريات أساسية للحياة".