logo
‏أم نادر.. ومشفى القلبية

‏أم نادر.. ومشفى القلبية

عكاظمنذ 5 ساعات

‏في قلب دمشق، وبين أروقة مستشفى جراحة القلب، التقينا بها لأول مرة ضمن حملة مركز الملك سلمان للإغاثة لإجراء عمليات القلب المفتوح، وهي الحملة التي يسعى من خلالها المركز لإغاثة الشعب السوري. هناك وجدنا تلك المرأة التي كانت تتنقل بروح الفرح وابتسامة الضعفاء بين غرف العمليات والعناية الجراحية، تكنس وتُنظف وتُهيّئ المكان للمرضى والأطباء.
‏أم نادر، امرأة في عقدها الخامس أو ربما السادس، ترتدي ابتسامة لا تكاد تفارق وجهها، وكأنها لا تبتسم، بل تتشقق فرحًا رغم الضعف. ‏وفي إحدى الليالي، رأيناها وقد غفت على كنبة صغيرة في غرفة الاستراحة، مغطاة بشالٍ قديم بدا وكأن قسوة الحياة والسنين تأكل من هذا الشال ومن جسدها النحيل. دفعنا الفضول، أنا وصديقي الدكتور خالد العتيبي؛ لنسألها من تكون وما حكايتها؟ فتحدثت بصوتٍ ضاحك، وقالت لنا ببساطة: «أنا أم نادر».
‏وراء تلك الضحكة النقية مأساة ثقيلة، حيث إن نادر هو ابنها الوحيد، استشهد في قصفٍ طال سوق الخضرة بدمشق عام 2012، وبعد أسبوع فقط، مات زوجها قهرًا وكمداً عليه، ولم تكد تلتقط أنفاسها من وقع الصدمة حتى جاء قصف آخر بعد شهرين دمّر منزلها بالكامل.
‏لم يبقَ لها شيء، لا بيت، لا مأوى، ولا دفء عائلة لتجد في مشفى القلبية -كما تسميه- ملاذًا ومأوى. بدأت تعمل في تنظيف غرف العمليات حتى الساعة العاشرة ليلاً، ثم تأكل مما يتيسر من طعام المستشفى، وتنام في زاوية المكان.. هكذا عاشت لأكثر من عشر سنوات.
‏سألناها عن حزنها، الذي بدا وكأنها طوّعته ليصبح ضحكة، فقالت: "الله أنعم عليَّ بمحبة الناس، وهذا يكفيني. ربّي أخذ ثمرة عيني ولدي؛ لأنه أراد له الجنة ومكانًا أفضل من هذه الحياة، زغردت حين مات، فقد حُرمتُ من الزغاريد يوم زفافه...". ‏
ضحكتها لم تكن سذاجة، ولا هروبًا من الواقع، بل كانت إيمانًا عميقًا بأن ما يأتي من الله خير، وأن القلب الراضي قادر على تجاوز المحن، مهما عظمت.
‏في أم نادر رأينا ما لم تقله الكتب ولا دروس الحياة، ورأينا نموذجًا حيًّا للرضا، وتذكرت بيت شعر يقول: ولربما ابتسمَ الكريمُ من الأذى، وفؤادُهُ من حرّه يتألمُ.
أخبار ذات صلة

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"عناية" تطلق وسام سفراء القيم لتكريم النماذج الملهمة وترسيخ ثقافة العمل المؤسسي القيمي
"عناية" تطلق وسام سفراء القيم لتكريم النماذج الملهمة وترسيخ ثقافة العمل المؤسسي القيمي

صحيفة سبق

timeمنذ 2 ساعات

  • صحيفة سبق

"عناية" تطلق وسام سفراء القيم لتكريم النماذج الملهمة وترسيخ ثقافة العمل المؤسسي القيمي

في إطار سعيها الدؤوب لتعزيز بيئة العمل القيمية وتحفيز التميّز المؤسسي، أطلقت جمعية عناية الصحية جائزة نوعية جديدة بعنوان "وسام سفراء القيم"، تُمنح سنويًا للأفراد والإدارات الذين يجسّدون أرقى صور السلوك المهني والاجتماعي، ويُحدثون أثرًا ملموسًا في خدمة المستفيدين وبناء علاقات شراكة مجتمعية فاعلة. وتهدف الجمعية من خلال هذه المبادرة إلى ترسيخ القيم المؤسسية المعتمدة، بما ينسجم مع تصنيف منظمة اليونسكو للقيم العالمية، حيث تسعى "عناية" إلى تعزيز ثقافة التفاعل الإيجابي بين منسوبيها، وبثّ روح المبادرة والابتكار، ودعم الاحترام المتبادل والتقدير داخل بيئة العمل، بما يسهم في بناء مؤسسة أكثر استدامة وتكاملًا. كما تؤكد الجمعية من خلال هذا الوسام التزامها بمبادئ الشفافية والعدالة في التقييم والتحفيز، وإيمانها بأهمية تكريم النماذج الملهمة التي تعكس قيمها الجوهرية، وتجسّد رسالتها الإنسانية في تقديم الرعاية الصحية باحترافية وروح من الانتماء والعطاء. وفي تعليق له على هذه المبادرة، أوضح الأمين العام لجمعية عناية الصحية، الدكتور سلمان بن عبد الله المطيري، أن: "إطلاق وسام سفراء القيم يأتي امتدادًا لرسالة الجمعية في تكريم النماذج الملهمة، وتعزيز مبدأ القدوة داخل المؤسسة. ونؤمن أن القيم ليست شعارات تُرفع، بل سلوكيات تُمارس وتُقدَّر، والجائزة تهدف إلى إبراز هذه النماذج والاحتفاء بها بما ينعكس إيجابًا على بيئة العمل والمجتمع". ويُمنح الوسام في ملتقى سنوي تنظّمه الجمعية، يشمل تكريمًا علنيًا على منصاتها الإعلامية، إلى جانب توزيع شهادات تقدير رسمية، تقديرًا لجهود المُكرَّمين ومساهماتهم النوعية. ويُعد "وسام سفراء القيم" استمرارًا للمسار الاستراتيجي الذي تنتهجه الجمعية في بناء بيئة عمل جاذبة ومحفّزة، تسهم في رفع الكفاءة والإنتاجية، وتُرسّخ الهوية الأصيلة لعناية القائمة على المبادئ والقيم في خدمة الإنسان والمجتمع.

«يونيسف»: غزة تواجه جفافاً من صُنع الإنسان وانهياراً لشبكات المياه
«يونيسف»: غزة تواجه جفافاً من صُنع الإنسان وانهياراً لشبكات المياه

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

«يونيسف»: غزة تواجه جفافاً من صُنع الإنسان وانهياراً لشبكات المياه

قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف)، اليوم (الجمعة)، إن غزة تواجه جفافاً من صنع الإنسان في الوقت الذي تنهار فيه شبكات المياه. وقال جيمس إلدر المتحدث باسم «اليونيسف» للصحافيين في جنيف: «سيبدأ الأطفال بالموت عطشاً... 40 في المائة فقط من مرافق إنتاج مياه الشرب لا تزال تعمل». وأضاف أن المستويات حالياً «أقل بكثير من معايير الطوارئ فيما يتعلق بمياه الشرب لسكان غزة»، وفق وكالة «رويترز» للأنباء. وذكرت «يونيسف» أيضاً أن هناك زيادة 50 في المائة في عدد الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين ستة أشهر وخمس سنوات والذين دخلوا المستشفيات لتلقي العلاج من سوء التغذية بين أبريل (نيسان) ومايو (أيار) في غزة، وأن نصف مليون شخص يعانون من الجوع. وأضافت أن منظومة توزيع المساعدات المدعومة من الولايات المتحدة، والتي تديرها «مؤسسة غزة الإنسانية»، تجعل «الوضع العصيب أسوأ». وقالت السلطات الصحية في غزة إن ما لا يقل عن 25 شخصاً قُتلوا، اليوم (الجمعة)، في حين كانوا ينتظرون شاحنات المساعدات أو يسعون للحصول عليها، بنيران إسرائيلية جنوب محور نتساريم وسط قطاع غزة. وقال إلدر الذي زار غزة مؤخراً، إنه استمع للعديد من الشهادات عن نساء وأطفال أصيبوا أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات غذائية، من بينهم طفل صغير أصيب بقذيفة دبابة وتُوفي لاحقاً متأثراً بجراحه. وأوضح أن عدم وضوح موعد تشغيل هذه المواقع التي يقع بعضها في مناطق قتال، يتسبب في وقائع تسفر عن خسائر بشرية كبيرة. وأضاف: «هناك حالات نُشرت فيها معلومات تفيد بأن أحد المواقع مفتوح، ثم نُشر على وسائل التواصل الاجتماعي أنه مغلق، ولكن هذه المعلومات نُشرت عندما انقطع الإنترنت في غزة ولم يتمكن الناس من الاطلاع عليها». ويوم الأربعاء، قالت «مؤسسة غزة الإنسانية» في بيان إنها وزعت ثلاثة ملايين وجبة في ثلاثة من مواقعها الإغاثية دون وقوع حوادث.

«الأونروا»: مليونا شخص يتعرضون للتجويع في غزة... و«آلية المساعدات» الجديدة فخ للموت
«الأونروا»: مليونا شخص يتعرضون للتجويع في غزة... و«آلية المساعدات» الجديدة فخ للموت

الشرق الأوسط

timeمنذ 3 ساعات

  • الشرق الأوسط

«الأونروا»: مليونا شخص يتعرضون للتجويع في غزة... و«آلية المساعدات» الجديدة فخ للموت

أكد المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا)، فيليب لازاريني، السبت، أن مليوني شخص يتعرضون للتجويع في قطاع غزة، واصفاً آلية المساعدات التي أقيمت مؤخراً بأنها «فخ للموت». وقال لازاريني في كلمة أمام اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الإسلامي في إسطنبول إن الغذاء يُستخدم سلاحاً في غزة، مضيفاً أنه «يتم تجريد الفلسطينيين من إنسانيتهم دون أي عواقب... وهذا يُمثل ذروة 20 شهراً من الرعب والتقاعس والإفلات من العقاب». وتابع: «نشهد في جميع أنحاء الأراضي الفلسطينية المحتلة تنفيذ مشروع طويل الأمد لتقويض قابلية الدولة الفلسطينية للحياة، وفصل الفلسطينيين عن فلسطين». وشدد لازاريني على أن الوضع المالي لـ«الأونروا» «حرج للغاية»، مضيفاً أنه إذا لم يتوفر تمويل إضافي فسيضطر قريباً لاتخاذ قرارات غير مسبوقة تؤثر على عمليات الوكالة في جميع أنحاء المنطقة. ويتم توزيع مساعدات إنسانية عبر «مؤسسة غزة الإنسانية»، المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل، في مراكز محدودة للتوزيع. وأفادت وزارة الصحة في غزة بمقتل 202 شخص و1037مصاباً وصلوا إلى مستشفيات القطاع في آخر 48 ساعة جرّاء القصف الإسرائيلي. كما أعلنت وزارة الصحة في غزة عن ارتفاع عدد قتلى الحرب الإسرائيلية على القطاع إلى 55908 منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store