
أنس بنضريف: هذه نصيحتي للشباب والصحافيين
في عالم الصحافة، تُنسَج الحقائق بخيوط الكلمات، ويُعزف لحن الحياة على أوتار الحروف. في المغرب والمنطقة العربية، يحمل الصحفي قلمه كفارسٍ يحمل سيفه، لكن لا يكاد يستعمله أمام هول القيود، وفي الجانب الآخر من المتوسط، تنبض أوروبا بإيقاع مختلف، حيث تحلق الصحافة كطائر حرّ في سماء الديمقراطية، محصّنة بقوانين تحمي أجنحتها وتمنحها أفقًا بلا حدود، لكن تتكسر أخلاقياتها أمام غلبة فلسفتها الغربية في مواجهة الآخر.
أنس بنضريف، صحفي ومدرب إعلامي، أحد حرّاس الكلمة الحرة، يرى أن الصحافة والعمل الصحفي وإن كانت حلبة للأصوات المختلفة في المغرب وكلب حراسة أو السلطة الرابعة، فإنه للأسف هذا الدور يختفي إلى حد ما في المغرب، بحكم الريع والتحكم في منابع الاشهار.
وفيما يلي أجرينا حوار مع أنس بنضريف، الصحفي والمدرب المعتمد للأكاديمية الألمانية DW، وFrance Médias Monde في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا. ومدرب رئيسي لدورة "مكافحة المعلومات المضللة" لمركز إذاعة هولندا للتدريب RNTC. ومدرب في اليونسكو، حول موضوع الذكاء الاصطناعي والانتخابات. ومستشار للأمن الرقمي لمنظمة "مراسلون بلا حدود"...
أنس حاصل على درجة الماجستير في التواصل من جامعة تيلبورغ في هولندا... وحاصل على الإجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة سيدي محمد بن عبد الله في فاس، المغرب.
كيف كانت بداياتك في المجال الصحفي؟ وما الذي دفعك لاختيار هذه المهنة؟
بدايتي في العمل الصحفي كانت بالصدفة.. من قبل كنت منخرطا في تجارب مع بعض المنظمات الحقوقية، كمنظمة العفو الدولية ومنظمة أكشن إيد، وبحكم أنني أسكن قرب إذاعة هولندا تقدمت بطلبات من أجل الالتحاق بالعمل بها أكثر من ثلاث مرات، وقوبلت بالرفض.. ومرة الإذاعة بحاجة إلى من يشتغل بقسم الأخبار التي كانت تبث على مدار الساعة، ومنحوني فرصة العمل بهذه الإذاعة، من مدير التحرير الأستاذ محمد عبد الرحمان، وهو سوداني، لطيف.. وبعد ثلاثة أيام فقط طلعت على الاخبار مباشرة، ولم تكن لنا إمكانيات بشرية للقيام بالمهام التقنية، ومباشرة بعد مدة قصيرة بدأت أتفاعل مع الإدارة بإبداء ملاحظات تقنية على الإخراج بعدما كانت أجتهد كثيرا في التكوين الذاتي على هذا المستوى.. وأعجبوا بي.. وهكذا انطلقت مسيرتي..
هل يمكنك مشاركتنا تجربة أو موقف لا يُنسى أثناء تغطياتك الصحفية؟
أبرز التجارب كانت في زامبيا.. جعلتني أقف عندها كثيرا.. كانت حينها الانتخابات، وكنت في منطقة نائية في لوساكا وكنت شاهدا على مشهد ويتعلق الامر بصف طويل من الناس في قرية نائية ينتظرون دورهم من أجل اختيار الحكومة التي ستدير البلاد.. وهذا هو الفرق الذي لامسته بين الدول التي كانت تحت الاستعمار الفرنسي وتلك التي كانت تحت الاستعمار الانجليزي، إذ بالرغم من الفقر والظروف الصعبة، كانت الشعوب على الأقل لا تتعرض لإملاءات من الاستعمار لاختيار الأنظمة والحكومات، ولا يمكن التنبؤ بالرئيس القادم.
كيف ترى دور الصحفي في نقل صورة متوازنة عن المغرب إلى العالم؟
ليس دور الصحفي نقل صورة متوازنة عن الأحداث، بقدر ما أن دوره هو نقل الصورة والواقع، أعتقد أننا كلنا متحيزون. التحيز في الاعلام تحيز ذاتي له علاقة بالأيديولوجيات التي يتبناها كل شخص. المطلوب من الصحفي أن يكون مهنيا أكثر. أنا شخصيا لا أومن بالحياد في الصحافة. بل على الصحفي أن يتمثل الحد الأدنى من الأخلاقيات في نقل الحقيقة وليس التشهير.. بعض المرات ليس ما ينقله الصحفي هو المهم بل الشيء الذي امتنع الصحفي عن نقله. ليس دور الصحفي أن ينقل صورة متوازنة عن المغرب أو العالم العربي أو الأحداث عموما، فهذا دور البروباغندا، ولاأقصد هنا البروباغندا في معناها القدحي طبعا..
كيف تُقيِّم المشهد الإعلامي في المغرب؟ وهل ترى أن الإعلام يؤدي دوره كما يجب؟
أدوار الاعلام نعرفها جميعا. الاخبار والعمل الصحفي وإن كانت حلبة للأصوات المختلفة في المغرب وكلب حراسة أو السلطة الرابعة، فإنه للأسف هذا الدور يختفي إلى حد ما في المغرب، بحكم الريع والتحكم في منابع الاشهار. للأسف الممارسة الصحافية الجيدة في المغرب تحارب وصوتها غير مسموع، بحكم أن الصحافة المسموعة والمنتشرة أكثر هي صحافة التشهير، وهذا الأمر يتجسد حتى على مستوى نسب المتابعة والمشاهدة والقراءة. حتى دب الخلاف بين من يقول إن الصحافة هي التي تنقل التفاهة ومن يقول إن التفاهة موجود في المجتمع أصلا ولذلك فالصحافي يتكفل فقط بنقلها.
ما الذي يميز الممارسة الصحفية بالمغرب والمنطقة العربية عن أوروبا؟
لا يوجد ما يميز الصحافي بأوربا عن غيره بالدول العربية، ولاسيما المغرب، الذي يميزهما عن بعضهما هو الإمكانيات. حتى الصحافة الغربية أثبتت من خلال تغطياتها لأحداث غزة أنها تضرب بالأخلاقيات المهنية عرض الحائط وتقوم بنقل صورة أحادية الجانب، أو صورة تحريضية على ما يجري. والصحافة الأوربية التي كنا ننتظر منها أن تعطينا نموذجا في الاخلاقيات سقطت في أزمة أخلاقية. إذن الفرق في الإمكانيات فقط. حتى أن الاعلام الخاص بأوروبا ليس بنفس الإمكانيات التي لدى اعلام العمومي.
هل تعتقد أن المشاهد العربي يُدرك طبيعة العمل الصحفي وما يواجهه الصحفيون من صعوبات؟
أعتقد أن المشاهد العربي، ومنه المغربي، يدرك التحديات بل هو جزء من الردة الأخلاقية الواقعة وجزء من المشكل والحل، فهو يدرك طبيعة العمل الصحفي والصعوبات التي يواجهها الصحفي، ولكن في نفس الوقت لا يثق في الصحافيين والإعلاميين، بالنظر إلى الصورة التي تطبع ماضي الاعلام الذي هو تلميع صورة الحكومات والمسؤولين العموميين
باعتبارك أحد الصحافيين المغاربة الذين يشتغلون بمؤسسات إعلامية بأوروبا، ما الأشياء أو المواضيع التي تحظى بالأولوية عندك في التغطية الإعلامية؟
بحكم تجربة العمل الصحفي التي قضيتها بأروبا، لاحظت أن الاهتمام أكثر ينصب على قضايا ومواضيع ذات الصلة بالهجرة والاندماج، وهذا فيه نوع من الاستشراق الصحفي. غرف التحرير الذين اشتغلت معهم، طالما تحدثوا معي من أجل إعداد تحقيقات أو تقارير حول مثل هذه القضايا.. لكن أنا شخصيا، ومنذ أربع سنوات تقريبا أشتغل أكثر على تقديم استشارات وتداريب في هذا المجال، ومؤخرا هذه المواضيع التي تتعلق بالاندماج والهجرة والحجات أصبحت قضايا متجاوزة بأوروبا ولم تعد لها أي قيمة مضافة.
ما نوع القضايا المغربية والعربية التي تلقى صدى واسعًا لدى الجمهور الأوربي من خلال تقاريرك؟
المواضيع التي تحظى بالمتابعة والاهتمام لا تختلف عن تلك التي تروج بالمغرب.. صحف التفاهة هي التي تحصل على المراتب الأولى.. صحافة التفاهة والاثارة هي الأكثر شهرة، حتى " ذا صانداي تايمز" المعروفة بمواضيعها المثيرة تبيع أكثر من الغارديان التي تأسست عام 1821 بأربع أو خمس مرات، ما يعني أن الاثارة أكثر شهرة وانتشارا.. المواضيع التي تتناول قضايا المغاربة تتعلق باليمين المتطرف والعدمي والمواضيع التي تتناول السردية المعادية بهولندا
ما الذي يُميز تقاريرك عن المغرب، وكيف تعمل على إضافة لمستك الخاصة؟
الصحفي لما يشتغل بمؤسسة صحفية لا يكون له هامش واسع، أي مؤسسة صحفية تملك خطا تحريريا معينا الذي يفرض على الصحفي الذي يعمل ضمنها أن ءينضبط له. لذلك، مهمة الصحفي ليس ان يتبنى الخط التحريري بل أن ينضبط له، لأنه أحيانا لا يجد الصحفي فرص عمل أخرى للاشتغال تتلاءم مع قناعاته الفكرية، فالمطلوب من الصحفي على الاقل أن لا يقسط في التشهير والكذب.
أما فيما يخص لمستي في تغطية المواضيع، تتمثل هو التحكم في الكاميرا والصورة بشكل جيد، وأن أختار مواضيع جيدة.. أذكر أنه من المواضيع التي تميزت فيها مؤخرا، تسليط الضوء على المسلمين الذين صوتوا لليمين المتطرف، كما تناولت العديد من الأفلام الوثائقية الطويلة التي فيها عمق الأفكار.
ما هي أهم المهارات التي يجب أن يتقنها الصحفي ليكون ناجحًا في عمله الميداني؟
لابد للصحافي أن يخرج من قوقعته ومكتبه وينزل إلى الناس والاستماع الى قصصهم. الصحفي الحقيقي هو الذي يملك هذه الخاصية ويلتقط القصص ويطور نفسه، بالإضافة إلى امتلاك أي ملكة من خلال التداريب للتعامل مع الاخبار المضللة مثل استخدام البيانات والصور والفيديوهات وغيرها في عمله الصحفي، والحفاظ على القيم والأخلاق المهنية والالتزام بها وعدم السقوط في الكذب والتضليل
ما هي النصائح التي تقدمها للشباب الراغبين في دخول المجال الإعلامي؟
للأسف أصبحت الصحافة مهنة من لا مهنة له. لذلك أنبه الشباب إلى أن مستقبل العمل الصحفي بمعناه التقليدي أصبح غامضا ومهنة غير محمية، حتى المؤثر أصبح عائداته أفضل من الصحفي بكثير، والمؤسسات الإعلامية يجب أن تغير مناهجها وتنظر في التحديات وتأخذها بعين الاعتبار
ما هي أهم إنجازاتك التي تعتز بها خلال مسيرتك المهنية؟
الصحفي لا يجب أن يكون لديه هاجس الإنجاز. الصحفي يؤدي وظيفة وعمل ورسالة ويتقاضى عليها اجرا مثله مثل الممرض والطبيب والأستاذ. المهم هو أن تؤدي مهمته باقتدار
بالنظر إلى التجربة المهمة التي راكمتها في الممارسة الصحفية.. هل تفكر في مشاريع إعلامية خاصة بك؟
لا أفكر في أي مشاريع إعلامية ولا أنصح الشباب بالإقدام عليها لأنها تشكل انتحارا، لذلك من أراد أن يضمن مستقبله المهني بشكل جيد لا انصحه بولوج مهنة الصحافة، اللهم إذا كان مقتنعا بأنه سيؤدي دورا مهما وكبيرا من خلالها، خصوصا في الدول العربية التي لا تملك خيارات كثيرة على هذا المستوى
انا ابتعدت عن المحتوى وأصبحت اشتغل أكثر على الاستشارات والتداريب، لأنها تمنحك فرصة العمل في الظل وإنجاز برامج إعلامية على مستوى الشرق الأوسط وشمال افريقيا. لكن مؤخرا أصبحت اشتغل على misinformation and fact checking، وهذه ستكون مهمة في السنوات المقبلة بسبب انتشار الأخبار المصللة والكاذبة كثيرا، التي ساهمت في خلقها مواقع التواصل الاجتماعي في السنوات الأخيرة
كيف ترى مستقبل الإعلام في المغرب والعالم العربي خلال العقد المقبل، في ظل المعطيات السياسية والحقوقية الحالية؟
مستقبل الاعلام بالعالم العربية له علاقة كبيرة بمستوى الديمقراطية التي تتشبع بها كل دولة. إذا ظل الحال على ما هو عليه أعتقد أن الصحافةـ مع استثناءات، ستزداد مخاطرها.
كما أن جنس التحقيق اضمحل باستثناء بعض المقالات هنا وهناك. حتى لو اشتغل عليه الصحفي بشكل جيد لا يكون له أثر على الأرض. الصحفي يقوم أحيانا بعمل جيد قد يسقط به حكومات في الدول الديمقراطية لكن في المغرب أو الدول العربية لا يحرك أي شيء ولا يؤثر كثيرا
مستوى الإعلام في المنطقة العربية سيظل رهين بالتنمية والديمقراطية والتي لا تزال غائية للأسف.
شارك المقال

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


لكم
٠٢-٠٥-٢٠٢٥
- لكم
اليونيسكو: المغرب يواجه ضعف تأهيل القيادات التعليمية.. فقط 10% من تلاميذ الابتدائي يشرف عليهم مدراء مع دراسات عليا
أفادت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بأن المعايير والإجراءات المتبعة في اختيار مديري المؤسسات التعليمية، إلى جانب الانحيازات الاجتماعية والمهنية، تؤثر بشكل كبير في طبيعة من يتولى هذه المناصب القيادية، وفي مردودهم التربوي وعلاقاتهم بالمجتمع المدرسي، وبالتالي في النتائج التعليمية للمتعلمين. في التقرير الذي يحمل عنوان 'القيادة في التعليم' ، يظهر المغرب كمثال على دولة ذات معدلات منخفضة من حيث التأهيل الأكاديمي للمديرين بالمقارنة مع عدد من الدول الأخرى. ففي الدراسة التي أجرتها اليونسكو استنادا إلى معطيات دراسة الاتجاهات في الرياضيات والعلوم (TIMSS) لعام 2019، تبيّن أن أقل من 10 بالمائة فقط من تلاميذ الصف الرابع في المغرب يدير مدارسهم مدير حاصل على شهادة دراسات عليا في القيادة التربوية، وهي نسبة تعد من بين الأدنى على الصعيد العالمي، جنبا إلى جنب مع دول مثل مصر والسعودية والبوسنة والهرسك وفرنسا. وأكد تقرير اليونسكو أن البلدان التي استثمرت في إعداد جيد ومهني للمديرين، مثل الولايات المتحدة، شهدت تحسنا ملموسا في النتائج التعليمية وانخفاضا في معدل دوران المديرين، كما حدث في ولاية كنتاكي الأمريكية حيث انخفض معدل دوران المديرين بنسبة 70 بالمائة بين عامي 2005 و2010. ويقصد بالدوران الوظيفي معدل تغير الموظفين في المؤسسة خلال فترة زمنية محددة، أي عدد الموظفين الذين يغادرون مناصبهم سواء بالاستقالة أو الإقالة أو التقاعد أو غيره ويُستبدلون بآخرين. أظهرت دراسة الاتجاهات في الرياضيات والعلوم أن 68 بالمائة من تلاميذ الصف الرابع و71 بالمائة من تلاميذ الصف الثامن يدرسون في مدارس يديرها مدير حاصل على رخصة أو شهادة قيادة مدرسية رسمية. فعلى سبيل المثال، بلغت نسبة التلاميذ الذين يدير مدارسهم مدير حاصل على هذه الشهادة في الصف الرابع 10 بالمائة في كرواتيا و26 بالمائة في صربيا، بينما وصلت إلى 79 بالمائة في الجبل الأسود، و90 بالمائة في شمال مقدونيا، و92 بالمائة في أرمينيا وجورجيا، و94 بالمائة في سلوفاكيا، و97 بالمائة في هنغاريا. في السياق المغربي، يواجه النظام التربوي تحديا إضافيا يتمثل في الفجوة بين المركزية والتفويض، إذ رغم اعتماد المغرب لإصلاح لامركزي سنة 2011، منح بموجبه الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين صلاحيات واسعة في مجالات الموارد والبنيات التحتية وتكييف المحتوى، إلا أن غياب الكفاءات والموارد الكافية جعل هذا الإصلاح محدود الأثر. ويؤكد التقرير أن استمرار تحكم الوزارة المركزية في اتخاذ القرار يضعف من قدرة المسؤولين الجهويين على ممارسة أدوار قيادية فعالة في المنظومة. وفي الجانب المرتبط بالقيادة التربوية غير الرسمية، يشير التقرير إلى أن المدرسين في المغرب يضطلعون بأدوار قيادية من خلال مجتمعات التعلم المهني التي تنشأ بمبادرات ذاتية، حيث أظهرت دراسة أن ثلاثة أرباع أساتذة اللغة الإنجليزية في التعليم الثانوي يشاركون في هذه المجتمعات، ويتولون أدوارا مثل إجراء البحوث وتقاسم المعرفة وبناء روح جماعية. كما أشار التقرير إلى أن جائحة كوفيد-19 كشفت عن أهمية الكفايات الرقمية في أوساط الكوادر التعليمية المغربية، حيث شهدت نسبة التلاميذ في مدارس يعتبرها مديروها مجهزة بأساتذة يمتلكون هذه الكفايات زيادة من 41 بالمائة عام 2018 إلى 82 بالمائة عام 2022، مما يعكس تحسنا ملموسا في مهارات الكادر التعليمي الرقمي، مع بقاء التحدي في ضمان الانتقال من التوافر إلى الاستخدام الفعّال والمستدام داخل الفصول الدراسية.


المغرب الآن
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- المغرب الآن
تسليم بودريقة من ألمانيا إلى المغرب: لحظة عدالة أم بداية لفصل سياسي وقضائي شائك؟
ماذا يعني قرار وزارة العدل الألمانية بالموافقة على تسليم محمد بودريقة للمغرب؟ وهل هي نهاية المطاف أم بداية لسلسلة من الإشكالات القانونية والسياسية؟ في تطور قضائي بارز، وافقت وزارة العدل الألمانية ، اليوم الخميس، على تسليم البرلماني والرئيس السابق لنادي الرجاء البيضاوي، محمد بودريقة، إلى السلطات المغربية ، بعد أشهر من احتجازه في أحد سجون مدينة هامبورغ. يأتي هذا القرار بعد أن رفضت المحكمة الدستورية الألمانية، في 4 أبريل الجاري، الطعن الذي تقدم به بودريقة ضد قرار تسليمه ، ما اعتبر بمثابة الضوء الأخضر النهائي لإتمام العملية. لكن يبقى السؤال مفتوحاً: هل التسليم المرتقب سيؤسس لمرحلة جديدة من التعاون القضائي بين الرباط وبرلين؟ أم أن خلفيات الملف تتجاوز البُعد القانوني لتطال أبعاداً سياسية واقتصادية قد تُلقي بظلالها على مسار العدالة؟ بين القانون والسياسة: هل يواجه بودريقة محاكمة عادلة أم تصفية حسابات؟ محمد بودريقة، الذي اعتُقل في ألمانيا في يوليوز الماضي ، بناءً على مذكرة اعتقال دولية أصدرتها السلطات المغربية، يُشتبه في تورطه في قضايا إصدار شيكات بدون رصيد، والنصب، والاحتيال . لكن بقدر ما تبدو التهم واضحة من الناحية الشكلية، فإن مكانة بودريقة السياسية والاجتماعية وعلاقاته داخل المشهد الرياضي والنيابي المغربي تطرح أكثر من علامة استفهام: هل تُحرك خلف هذا الملف دوافع سياسية مرتبطة بصراعات النفوذ داخل مؤسسات رياضية واقتصادية كبرى؟ لماذا اختار بودريقة ألمانيا كوجهة، وهو يعلم مستوى التزامها بالإجراءات القضائية المتشددة والمعايير الصارمة للتسليم؟ هل سيكون القضاء المغربي قادراً على توفير كل ضمانات المحاكمة العادلة في ظل هذه الخلفيات المتداخلة؟ القضاء الألماني والشرعية الدولية: أي إشارات تبعثها برلين من خلال هذا القرار؟ حسب ما أورده موقع DW الألماني ، فإن النيابة العامة الفيدرالية الألمانية صرحت عقب قرار المحكمة الدستورية بأن ما تبقى هو تنفيذ قرار التسليم فعلياً ، مشيرة إلى أن الملف أغلق من الجانب الألماني قانونياً. هذا يدفعنا إلى طرح سؤال محوري: هل يُمثل هذا التسليم تحوّلاً في موقف برلين من التعاون القضائي مع الرباط، خصوصاً في ظل ملفات حقوق الإنسان والضمانات القضائية التي تراقبها المؤسسات الأوروبية بدقة؟ وماذا عن السوابق الأخرى التي رفضت فيها محاكم أوروبية تسليم مواطنين مغاربة أو أجانب للمغرب، بذريعة مخاوف تتعلق بالمعاملة وظروف الاعتقال؟ الأبعاد السياسية والبرلمانية: كيف ستتعامل المؤسسة التشريعية المغربية مع الوضع؟ محمد بودريقة لا يُعد فقط شخصية رياضية، بل هو أيضاً نائب برلماني حالي ، مما يطرح تساؤلات دستورية وقانونية حول الحصانة البرلمانية ومدى تأثيرها على المسار القضائي . هل سيفتح هذا الملف نقاشاً حول حدود الحصانة البرلمانية ووجاهة استخدامها في قضايا ذات طابع مالي أو جنائي؟ هل كان البرلمان المغربي على علم بحيثيات القضية وتطوراتها؟ وهل سيتخذ موقفاً رسمياً بشأن وضعية أحد أعضائه؟ في العمق: من هو محمد بودريقة؟ ولماذا كل هذا الاهتمام الإعلامي والسياسي بقضيته؟ لم يكن بودريقة مجرد رئيس نادٍ رياضي، بل شكّل جزءاً من منظومة شبكات المال والرياضة والسياسة التي تمتد من الدار البيضاء إلى الرباط، ومن الملاعب إلى قاعات البرلمان. كان اسمه حاضراً في عدة ملفات متداولة داخل كواليس الرياضة الوطنية، وحتى في نقاشات تتعلق بتمويلات وأدوار بعض المنتخبين في مدن كبرى. ولذلك، فالسؤال الأخير الذي يفرض نفسه بقوة: هل تسليم بودريقة سيُفتح الباب لتصفية أوسع لملفات شائكة تطال أسماء وازنة داخل المشهد السياسي والرياضي؟ أم أن الملف سيُغلق ضمن تسوية محدودة تنتهي بمحاكمة شكلية؟ خلاصة تحليلية: بين قرار التسليم، والتحقيق في المغرب، يقف ملف محمد بودريقة عند تقاطع حساس بين القضاء والسياسة. ما يُنتظر اليوم ليس فقط كيفية تسليمه، بل مدى شفافية محاكمته، وجدية مؤسسات الدولة في التعامل مع ملف يرسم حدود الثقة في دولة القانون . فهل نحن أمام نقطة تحول، أم حلقة جديدة في مسلسل الإفلات من العقاب والتوظيف السياسي للعدالة؟


برلمان
٢٥-٠٤-٢٠٢٥
- برلمان
ألمانيا تدين الأحكام المشددة التي صدرت مؤخرا بحق شخصيات معارضة في تونس
الخط : A- A+ إستمع للمقال أدانت ألمانيا، يومه الخميس، أحكام السجن المشددة التي صدرت مؤخرا بحق شخصيات معارضة في تونس بتهمة 'التآمر ضد أمن الدولة'، معتبرة أن المحاكمة غير 'عادلة'. وحسب ما نشره موقع 'DW عربية'، فقد قالت متحدثة باسم وزارة الخارجية الألمانية في بيان 'لقد تلقينا بقلق أحكام السجن الثقيلة التي صدرت في 19 أبريل 2025 في تونس'. وأضافت الوزارة في البيان، 'في نظرنا، الطريقة التي تمت بها المحاكمة لا تحترم حقوق المتهمين في محاكمة عادلة ومستقلة'، معربة عن أسفها 'لاستبعاد المراقبين الدوليين، بما في ذلك السفارة الألمانية في تونس في اليوم الأخير من المحاكمة'. وأصدرت محكمة تونسية السبت أحكاما تصل إلى السجن 66 عاما في محاكمة غير مسبوقة، في حق أربعين شخصية معارضة من سياسيين وزراء سابقين ومحامين ورجال أعمال.